الحسنُ حيثُ المقلةُ الكحلاء
الحسنُ حيثُ المقلةُ الكحلاء / والقدّ حيثُ القامة الهيفاء
والحب حيث يلوم فيه معشر / فيز يدمنه الوجد والبرجاء
ما للمحبّ لظى الغرام وإنَّما / أودى به الهجران والعدواء
أيروم وصل الغانيات وقد عذت / من دونهنّ مفازة يهماء
أم يبتغي طيب اللقاء وقد نأت / بحبيبه الشدنيّة الوجناء
ظعنت مودّعة فصبر طاعن / يوم النوى ومدامع أنواء
وظللت أسألُ بعدها دمنا غدا / قلبي بها المأهول وهي خلاء
وأطيل تسآل الديار وقلّما / يجدي سؤال الربع وهو قواء
فلأنزعنّ عن البكاء بدمنة / درست فما يدني المراد بكاء
فالعيش أن تهفو بقلبك قينة / وتغوك لبّك قهوة صهباء
أو أن يهج هواك ظبي أغيد / غنج اللحاظ وظبية غيداء
أنى انثنت فالغصن يخجل دونها / فكأنّها اليزنيّة السمراء
وكأنّما الليل النهار إذا بدت / من نورها تتبلّج الظلماء
في روضة حاك الربيع برودَها / فتقت بها نوارها الأنواء
وغديرها يحكي اللجين صفاؤهُ / فكأنّما البلور فيه الماء
وكأن نور الشمس في جنباته / شبكُ النضار تهزّها الأهواء
وكأنّ كلّ أراكة من دوحه / قدّ عليه غلالة خضراء
وترنّمُ الأطيار من ألحانها / فيه دواء للغرام وداء
والعزّ أطرافُ الأسنة والقنا / يوم الوغى وعجاجة شهباء
والبيض والبيض القواض أنجم / عند الكريهة والقتام سماء
ومقانب وكتائب ومفاضة / ومطهّم وطمّرة جرداء
وقراع كل كتيبة بكتيبة / فتبين روح أو تسيل دماء
والفخر والشرف الرفيع فضائل / تقنى فتكسبُ عندها العلياء
والمجد حيث العزّ فيه موطّد / والجود حيث الموصل الحدباء
فبها ابن عبد الله أحمد منعم / يل طما مناقت به البيداء
الواهب البدر العظام كأنما ال / أفلاك والدنيا لديه غثاء
إن جئته لم تلق إلا نعمة / عمم الورى منها حيا وحياء
يعطي وليس الوجه منه مقطّبا / أبدا ولا أنفاسه الصعداء
سبق الألى للمكرمات وإنما / منه استفاد السؤدد الكرماء
شرفت بك الدول التي شيّدتها / وتفاخرت تيها بك الأمراء
فالأرض تحسدها السماء لمجدكم / فتودّ لو كانت هيَ الغبراء
في كل وقتٍ منحة وعطيّة / ليست تطاق بها لك الأعباء
نطقت بسؤددك المكارم والعلا / إذا أفحمت في وصفك الفصحاء
فطن إذا ما المشكلات تعرّضت / عرضت لها العزمات والأراء
فذكاؤهُ إن عنّ أمر معضل / يلغى لدى ظلم الأمور ذكاء
فيذود عن نفسٍ لديه أبيّةٍ / يأبى الدنيّة نورها الوضاء
والسيف يعرف منه ما هو صانع / والرمح والأبطال والهيجاء
ضرّاب هامات العدى مستأصل ال / أرواح ترجف خوفهُ الأعضاء
تجرى الدماء على يديه من العدى / أبدا كما تجري بها النعماء
فالحرب يفني آخذي أمواله / فيزيد ما قد نقّص الإعطاء
يغني ويغني من يديه كأنما / جمع بها السراء والضراء
يا من به ركن الحنيفة ثابت / وله به مر كالزمان بقاء
البيت يهوى أن يراك تزورهُ / فرحاً بكم والركن والبطحاء
والخمر عادت مذ هجرت كؤوسها / مربّدةً فكأنّها سوداء
كيف الهناء ولم يلق بك منزل / في الأرض لكنّ السماء بناء
ولو أن أحجار البناء كواكبُ / لم ترضكم ولو أنها الجوزاء
لكن أهنيّ الدار منك بمالكٍ / شرفت به بشرى وساد هناء
خذها فللشعراء يعجزُ تنظمها / حقّا ويفحم دونها الخطباء
فكأنها لمعات وشيء أبهجت / وكأنما فكرى لها صنعاء
فلو أنّ عقد نظامها متقدّم / نطقت بحسن صفاتها الأنباء
واستجل بكرا لو بذلت لمهرها / مصرا لقلّ لها المهور هداءُ
أنّى تنوشدَ نظمها في مجلس / فيخال فيه مندل وكباء
لا يستطيع ذوو الفضائل مثلها / أبدا ولو جمعت لها الشعراء
فاسلم فما في الناس من يلوى به / أمل ولا يلغى لديه رجاء
إلّاك يا ملكا تهدّل جوده / للخلق حتى عمّت النعراء