ما بال عينك بعد كشف غطائها
ما بال عينك بعد كشف غطائها / قذف الأسى إنسانها في مائها
هل مدَّها قلبي فأجرته دماً / لما أذابته الهموم بدائها
لعصابة أورى الظما أحشاءها / فقضت ولم يبرد جوى أحشائها
لله طائفة بعرصة كربلا / بفنائها طاف البقا بصفائها
فئة أباة الضيم تدري أنها / ورثت إباء الضيم من آبائها
هاجت بها عزماتها فتزاحمت / بإزائها الأقدار تحت لوائها
فكأنّما أجرته أحكام القضا / وجرت به الأقدار عن إمضائها
وقواعد الإيمان عن إِيمانها / تنبيك أنّ بها قوامَ بنائها
ولَكَم لها في كل علم غامض / عين تولى الله كشفَ غطائها
نظرت إلى الملكوت فاشتاقت لمن / في عالم اللاهوت من نظرائها
خاضت غمار الحتف حتى خضبت / دون ابن فاطمة بفيض دمائها
فكفى بها فخرا لها وكفى به / ذخرا أعدته ليوم جزائها
ولقبض أنفسها تجلى ربها / فاستشهدت والله من شهدائها
فاستبشرت بلقائها نظراؤها / واستبشرت نظراؤها بلقائها
فنفوسها في مقعد الصدق الذي / هو منتهى آمالها ورجائها
وجسومها في الخلد ألا إنها / طبعت بعرصة كربلا لصفائها
فترابها شرفا بها تستفُهُ المر / ضى فتستشفي به من دائها
عقدت على قلبي بحبل ولائها / فجرى لساني لاهجاً بثنائها
أثنى عليه حامداً وبمهجتي / تذكار وقعة كربلا لرثائها
مستسلماً سئم الحياة وشاقه / قرب المنية رغبة للقائها
من بعد ما أعيا القضا وجواري / الأقدار جريا صبره لبلائها
غشيته حيث له تجلى ربَّه / أنوار وجه الله في لئلائها
فقضى وفاضة للتجلي نفسه / ومن التجلي مبتدا إنشائها
وتعطلت أفلاكها والخسف وا / ري بدرها واسود وجه ذكائها
وبوجهه الوضاح جلى نورها / فتبلجت وأمدها بضيائها
والأرض بالزلزال آن زوالها / وبجسمه ثبتت على أرجائها
والعيس إنحلها حنين نسائه / لما سرت أسرى على انضائها
ولئن نسيت فلست أنسى زينباً / ودوام محنتها وطول عنائها
حملت من الأرزاء ما أعيا بالورى / أحمل اليسير النزر من أعبائها
عن كربلا وبلائها سل كربلا / سل كربلا عن كربلا وبلائها
طورا على القتلى تنوح وتارةً / تحنو محافظة على أبنائها
وتطوف حول حمى أباد حماته / صرف الردى وأباح هتك نسائها
من مبلغ عني سرايا هاشم / خبراً يدك الشم من بطحائها
ومهيج الأبطال أعضاد القضا / ومظاهر الأقدار في هيجائها
حسدت جلالة قدرها الدنيا وقد / اغرت بني حرب بهتك خبائها
حسرى وعين الشمس أوضح آية / في صونها بسفورها وخفائها
فمتى توهم أن يراها ناظر / ردته عنها خاسئا بسنائها
سبيت وأعظم ما شجاني غيرة / يا غيرة الإسلام سلب ردائها
ووقوفها في مجلس جلاسه / أهوى بها الشيطان في أهوائها
وعن الصراط المستقيم أضلها / فغدت تخبط في العمى لشقائها
قتلت حسيناً ظامئاً وبرأسه / فخرت مجالس شربها وغنائها
نكتت ثناياه وما برح الثنا / وجميل ذكر الله في أثنائها
وعلى منابر جدّه خطباؤها / جعلته مورد سبها وهجائها