يا حامِلينَ أَمانَةَ الأَبناءِ
يا حامِلينَ أَمانَةَ الأَبناءِ / اللَه في مصر وَفي الشهداءِ
فَتَحَت لَكُم صُحُفَ الفَخارِ فَسَطِّرُوا / ما يَذخرُ الآباءُ لِلأَبناءِ
لا تُورِثوا أَعقابَكُم ما ذُقتمُو / في الأَسرِ مِن مِحَنٍ وَمِن لأواءِ
وَالعِزُّ أَفضَلُ ثَروَةٍ يَرِثُونَها / وَلَو انَّهُم في ثَروَةِ الفُقَراءِ
كَم مُكتَسٍ حُلَل الرَفاهةِ فاقِدٍ / عزَّ الطَليق يُعَدُّ في البُؤساءِ
أَلقَت عَلَينا الطَيرُ في أَفنانِها / عِظَةَ البَصيرِ وَحِكمَةَ الحُكَماءِ
رَضِيَت بِرزق الكادِحينَ وَغَرَّدَت / فَرَحاً بِعيشَتِها مَعَ الطُلَقاءِ
يا مُقسِمينَ بِحُبِّ مصرَ وَإِنَّهُ / قَسَمٌ أَحَقّ بَحُرمَةٍ وَوَفاءِ
وَمُحَمَّلينَ وَديعَةً مَسؤولَةً / عِبءُ الوَدائِعِ أَثقَلُ الأَعباءِ
عُرِضَت عَلى السبع الطباقِ فَأَشفَقَت / وَأَبَين مِن ضَعفٍ وَمِن إِعياءِ
رَفَعتكُم الأَجيالُ ما أَعددتُم / بِصَحائِفِ الأَجيالِ مِن أَنباءِ
وَتَطلَّعَت نَحوَ الحَياةِ أَجِنَّةٌ / أَحياةُ يَأسٍ أَم حَياةُ رَجاءِ
وَأَطلَّتِ الشُهَداءُ مِن جَنّاتِها / لِتَرى ثمارَ الغرسِ في الأَحياءِ
فَتَدارَكُوا أَملَ البِلادِ فَقَد مَضَت / بِمُنى البِلادِ ضَراعَةُ الرُؤساءِ
يُستَوزَرونَ وَكُلُّ عُدَّتِهم لَها / أُذُنُ الأَصَمِّ وَمُقلَةُ العَشواءِ
وَإِذا تَضَرَّعَتِ البِلادُ إِليهمُو / فَالصَبرُ كُلُّ نَصيحَةِ النُصَحاءِ
يَصفونَ أَدواءَ البِلادِ وَعِندَهُم / أَنَّ السَكينةَ بَلسَمُ الأَدواءِ
فَكَأَنَّما لَفظُ السَكينَةِ آيَةٌ / ما أُنزِلَت إِلّا عَلى الوُزَراءِ
لا تَقنَطوا إِنَّ القُنوطَ مطيَّةٌ / تقِفُ الشُعوب عَلى بِلىً وَفَناءِ
وَخُذوا بِحَزمٍ في عَدوٍّ دَأبُهُ / بَطشُ القويِّ وَحِيلَةُ الضعفاءِ
رُدُّوا لِأُمتكم حَياةً لَم تَدَع / مِنها عُهودُ الذُلِّ غَيرَ ذَماءِ
قُتِلَ الإِسارُ فَكَم أَماتَ مَواهِباً / وَأَضاعَ مِن فِطَنٍ بِها وَذكاءِ
نالَ الغَبيُّ بِهِ أَعَزَّ مَكانَةٍ / وَطَغَت مَظالِمُهُ عَلى العلماءِ
جَعلَ المَناصِبَ في البِلادِ وراثَةً / لِذَوي الغِنى وَصَنائِعِ العُظَماءِ
حُرِمَ المَعالي مَن يَمتُّ بِعلمه / وَتُنالُ بِالأَنسابِ وَالوُسَطاء
جِدُّوا إِلى نَشرِ المَعارِفِ جهدَكم / تُهدَى البِلادُ بِنورها الوَضّاءِ
جَهلُ المَمالِك عُدَّةٌ لِعَدوِّها / كَاللِص يَحمدُ حالِكَ الظلماءِ
لا تُنسينّكمُ المَناصِبُ ما حَوَت / في طَيِّها مِن شِقوَةٍ وَعَناءِ
سُبُل العُلا ما تسلُكونَ وَإِنَّما / تَأوي الصعابَ مسالكُ العَلياءِ
لَيسَت كَراسيُّ النِيابَةِ رُتبَةً / يَعلو بِها مَن كانَ في الوُضَعاءِ
دارُ النِيابَةِ فُتِّحَت أَبوابُها / ماذا أُعدَّ لَها مِن الآراءِ
إِن شئتُمُ كانَت لِمصرٍ نِعمَةً / أَو شِئتُمُ كانَت سَبيلَ شَقاءِ
إِنّي أُعيذُ رِجالَها وَأُعيذُها / مِن أَن يُشادَ بِناؤُها لِبِناءِ
لَم يُغنِ عَن إِيرانَ مَجلِسُها الَّذي / حَشَدوه إِذ مالوا مَعَ الأَهواءِ
حَسِبتهُمُ إِيرانُ نُخبَةَ شَعبِها / رَأياً فَكانوا نُخبَةَ الأَعداءِ
اللَهُ كافِلُ أَمرِكُم وَمُعزُّكُم / بِنَصيرِ مِصرَ وَسَيدِ الزُعَماءِ
وَلَدتهُ مصرُ فَكانَ أَوفى موثِقاً / وَأَبرَّ مَن وَلَدَت مِن الأَبناءِ
وَبنَت عُلاهُ كَما بَنَت أَهرامها / فَخراً عَلى الدُنيا وَطُول بَقاءِ