المجموع : 210
ذهب الشباب وكل شيء طيب
ذهب الشباب وكل شيء طيب / وأتى المشيب وكل شيء متعب
ذهب الشباب وما تريث غاربا / في ليلي الداجي غروب الكوكب
ذهب الشباب ولم يودعني اجل / ذهب الشباب وليته لم يذهب
اجمل به لما استقل مغادرا / اياي من لذاته في موكب
ولقد تحلب دمع عيني بعده / ما خير دمع ليس بالمتحلب
واتى المشيب ولم اكن لما اتى / متبوء رأسي له بمرحب
الدهر قطب يوم شابت لمتي / وجهاً له قد كان غير مقطب
يوم الحياة من المشيب عصبصب / ولعل يوم الموت غير عصبصب
اني لاطلب في حياتي راحة / ويعز الا في المنية مطلبي
ويكاد نسر الموت وهو محلق / ينقض مندفعا علي بمخلب
انا لا اود ركوب نعش سابق / هيهات ان النعش اخشن مركب
يا عين انك بالدموع غنية / ما تصنعين بها اذا لم تسكن
كان الهوى في مهد قلبي خافيا / فشدوت اوقظه بلحن مطرب
وذكرت اذ انا قد نبت بجنبه / نبت الحمام بكالئ معشوشب
حتى اذا اشتعل المشيب رأيته / يلقى رمادا فوق رأسي الاشيب
عقلي يؤنبني على شططي به / اما ضميري فهو غير مؤنبي
بعد الشباب اليك مالي حاجة / يا شمس احلامي الجميلة فاغربي
لم يبق غير الشعر لي من صاحب / يرعى العهود وليس بالمتقلب
ابكي به افراح عهد ذاهب / في عهدي الباقي الذي لم يذهب
الشعر مبدئي الذي استصفيته / والشعر ديني في الحياة ومذهبي
والشعر مصباح ازيل بضوئه / ما في ليالي محنتي من غيهب
وانا لم اعاشر في حياتي كلها / ناساً مشاربهم تخالف مشربي
يا حق اني في جميع مواقفي / متحزب لك لو يفيد تحزبي
انا في خضم ثائر عجّاج
انا في خضم ثائر عجّاج / والليل مسود الجوانب داج
ليل وزوبعة وبحر زاخر / تعلوه امواج فهل انا ناج
اني التفت فلا ارى شيئا سوى / بحر به الامواج كالابراج
اني وان كنت الجريئى فؤاده / لا خاف شرّة هذه الامواج
ادلجت فيه وهو يرغو هائجا / فذممت بعد توغلي ادلاجي
واذا ركبت البحر فانظر اولا / ان لا يكون البحر بالمهتاج
كيف النجاة وقد تحطم زورقي / من صخرة نتأت مع الاثباج
وسبحت حتى كل مني ساعدي / ادعو الاله واتقي واناجي
انا عندما ارسلت فيه زورقي / ما كان هذا السبح في منهاجي
وكأنما انا نملة في زاخر / وكأنه من زئبق رجراج
لو كنت ادري ما الاقيه به / لرجعت قبل توغلي ادراجي
واذا نجوت فسوف اقطع كل ما / بيني وبين البحر من اوشاج
اما باهداب الحياة تعلق / فلانني لم اقض منها حاجي
جثمانه هذا فاين المنطق
جثمانه هذا فاين المنطق / وغلافه هذا فاين المخفق
اين ابتسامته التي كانت على / شفتيه ان لاقيته تتألق
بل اين نظرته التي كانت لما / يبدي المخاطب من خواطر تسبق
اين استقلت تلكم الكلم التي / كانت كانوار الربيع تفتق
اين العقاب مهدهداً في جوه / ترنو العيون اليه وهو محلق
السيف ذاك السيف الا انه / صدئ الحديدة ما عليه رونق
ما بال ذاك القلب بين ضلوعه / بعد الحماسة ساكنا لا يخفق
ما خطب روض الشعر اصبح دوحه / بين البواسق اجرداً لا يورق
ماذا ببلبل ايكه وهو الذي / ملأ الفضاء شهاقه لا يشهق
جاؤا بجبران وما جاؤا به / جسد له من غير روح ترفق
صدق النعيّ فان جبراناً قضى / وتهدم الباني واودى المشفق
قد هزّ مغربها النعيّ بليله / فاهتز عند الصبح منه المشرق
الموت يصدق في جميع حديثه / اما الحياة فقلما هي تصدق
لهفي على حرية في اهلها / بالرغم من حرس السلامة تخنق
ليل وزوبعة وبحر ثائر / ماذا سيفعل في العباب الزورق
ولعله في الصبح يلفى سالما / ولعله قبل السلامة يغرق
جاؤا برمته يحف بنعشها / جمهورهم من كل صنف رزدق
وامام ذاك النعش يمشي جحفل / ووراء ذاك النعش يمشي فيلق
والشعب في تلك المواكب كلها / باك على ادب ذوي او مطرق
كانت مدامعهم تبث شجونهم / فكأنما تلك المدامع تنطق
لا فرد الا والدموع بعينه / رجراجة فكأنما هي زئبق
سمدت قرى لبنان عند نعيه / الا دموعا قد جرت تتدفق
الدهر فرق شمل جمع ناهض / والدهر يجمع تارة ويفرق
يا فاكرا في القبر يسبر غوره / الغور مما انت تحسب اعمق
جبران كان بخالدات قصيده / لا بالثياب قشيبة يتأنق
حر اذا ما الجأته حاجة / لا يطلب الزلفى ولا يتملق
ولقد يقود إلى صلاح امة / فرد باخلاق زكت متخلق
أمصور الارواح بعد جسومها / صور اذا ما اسطعت روحك تزهق
في القبر ليلك سرمد لا ينقضي / والشمس فوقك كل يوم تشرق
ان كان روح المرء تبقى بعده / فالجسم هين كونه يتمزق
سر في سبيل المجد ميتاً مثلما / قد سرت حيا ثم انت موفق
يا من تجرد آخراً من حسه / ما ان يضيرك ان قبرك ضيق
لا اذكر الادب الذي يتمته / الا اكد له بدمعي اشرق
لا حي الا وهو يوما هالك / ولعلنا بالسابقين سنلحق
بقيت لنا الغبراء نمشي فوقها / ولك الوسيع من السماء الازرق
سر في طريقك للسماء فعندها / شمس تغيب والف شمس تشرق
لا تأخذنك عند سيرك رهبة / ما في طريق الخلد شيء موبق
أنا لا أرى أن المنا
أنا لا أرى أن المنا / فق مستحق لاحترامي
فاذا اتى منه السلا / م فلا سلام على السلام
ان الألى قرعوا الحقي
ان الألى قرعوا الحقي / قة للتعرف بالحصاة
بعد التقصي اجمعوا / ان لا سعادة في الحياة
قد كنت اعبدها وحم حمامها
قد كنت اعبدها وحم حمامها / فطفقت اعبد في الدماغ خيالها
ما ان وقفت حيال قبر ضمها / الا خشعت كما خشعت حيالها
ان الغريب يعز فكرك فكره
ان الغريب يعز فكرك فكره / ادنى اليك من القريب الزاري
ما ان رأيت قرابة تدنى الفتى / منغيره كقرابة الافكار
تحت الغصون جداول
تحت الغصون جداول / وعلى الغصون عنادل
والايك في ثوب من / الاوراق غض رافل
والبان من هز النسيم / لعطفه متمايل
والكرم قد مدّت له / حول الاراك حبائل
والروض ريان سقا / ه المستهل الوابل
والزهر ينظر باسماً / والعندليب يغازل
وعلى الازاهير الفرا / ش يطوف ثم يزايل
والاقحوان كأنه / للثم ثغر راتل
والنرجس الوسنان عن / غمز البلابل غافل
والورد للصيداح بعد / الوعد منه يماطل
ولا لفها الورقاء في / فنن البشام تساجل
وقنابر الروض الاريض / صواعد ونوازل
ولكل عصفور من / الانغام ما هو باذل
هل ما تقول الطير في / الاغرود وحي نازل
وكأنما القدّاح من / ايدي الحسان انامل
وكأنما جيد البنفسج / من نعاس مائل
وكأنما النسرين للشحرور / خل واصل
وكأنما للعرس انوار / الشقيق مشاعل
وكأنما الصفصاف سيف / قد جلاه الصاقل
وكأنما اللبلاب ملتفاً / عليه حمائل
وكأنما الامواج فو / ق الرافدين سلاسل
وكأنما في العدوتين / الباسقات هياكل
في كل ارض روضة / وازاهر وخمائل
حسن الربيع وورده / في كل عين ماثل
حيّ الربيع فانه / فصل الحياة الفاصل
طابت كما نهوى عشيات / به واصائل
وترى الاشعة فيهما / فتقول تبر سائل
انعم بدنيا كلها / حتى تعيش وسائل
والبحر اما كان رهوا / لم يخفه الواغل
لهفي يطول على شبابك
لهفي يطول على شبابك / وعلى نزاهة كل ما بك
العين شكرى والفؤا / د يذوب حزنا في مصابك
ما لي اراك بيوم عيدك / غير مبتسم كدابك
قد ابت لكن كيف ابت / وما نصيبك من ايابك
ما كانت الآمال هذا / في ايابك من غيابك
اني سأعرف ما هنا / ك من الحقيقة في جوابك
واذا تلح على السكو / ت فلا الح على عتابك
لهفي عليك مجندلا / والارض توطأ بالسنابك
قد كنت نسراً طائرا / تلقي المخافة في اصطخابك
فركبتها طيارة / والنار تلهب في ركابك
وخرقت جلباب السحا / ب فمن هوى بك من سحابك
يا دهر لا ينجو امرؤ / قد طار يبعد من حرابك
يا موت حتى الطير ليست / مفلتات من ذئابك
يا جو كيف اجزت ان / تصل المنون الى عقابك
بل كيف لم تحرص غدا / ة جرى يخر على شهابك
عتبي على الاقدار كيف خططن / هذا في كتابك
ما كان رأي الموت حين رمى / شبابك في اضطرابك
انت الشهيد وعل اهلك / يدفنونك في ثيابك
اما الدماء فانها / لهي البقايا من خضابك
يا ارض انا تاركو / ه تحت ردم في رحابك
هو ليس غير وديعة / للشعب طراً في ترابك
يا ايها الطود الممنع / لا سلام على هضابك
يا يوم اني لا ارى / فيك الا عزوة من ضبابك
يا شمس ما اوجست فاخترت / التواري في حجابك
يا بحر كم اغرقت من / فلك مغذ في عبابك
يا دهر ان الموت كا / ن اسد سهم في جعابك
يا علم انك لست تد / ري ما قشورك من لبابك
يا سيف ان الحيف مثل الطيف / ينظر من ذبابك
يا ايها الامل البعيد / لقد فرغنا من طلابك
كم انت يا دنيا يحو / م الظامؤن على سابك
يا رب ابواب الرجا / ء علي سدت غير بابك
في الفن معنى حسنه لا يعرف
في الفن معنى حسنه لا يعرف / حتى يمثل ما بمثل يوسف
جاء العراق يزوره فبه احتفت / ابناؤه وسبيلهم ان يحتفوا
حيته عاصمة الرشيد فشيبها / وشبابها للعبقرية تهتف
هبت تصفق عند رؤيتها له / حتى اذا قلت انتهت تستأنف
طربت على تمثيله وترنحت / فكأنما قد اسكرتها قرقف
لولا جمال حواره وجلاله / كانت حياة الفن شيئا يسخف
يبكي العيون بما يقول ممثلا / ويعود في رفق لهن يجفف
يجد الذي يرنو الى تمثيله / ان الحياة تعاد ثم تكيف
وهناك تشترك النفوس بحسها / وهناك اشتات القلوب تألف
الفن حر لا يلين لقاهر / والفن لا يعنو ولا يتزلف
انا اكبر الفنان يمشي مطلقا / من كل قيدلا كمن هو يرسف
ما اجمل النجم الذي في ليلتي / يرنو الي من السماء ويشرف
اكبر بيوسف ثم اكبر انه / في فنه ببراعة يتصرف
قد انجبته مصر فناناً ومن / قد انجبته مصر فهو مطرف
مصر وما مصر سوى ام على / من قد غذتهم من بنيها تعطف
قد كنت اسمع انها سكن له / فيكاد بي شوقي اليها يقذف
يصف الحياة مصوراً الوانها / فتراه يذكي نارها ويخفف
ويريك مختلف الوقائع مثلما / حدثت فجائعها وليس يحرف
تبقى العيون اليه شاخصة فما / هي عنه زائغة ولا هي تطرف
يمشي على سنن الطبيعة راشداً / لا الفن يسبقه ولا هو يجنف
مالي اذا شاهدت في تمثيله / صور الفجيعة للدموع اكفكف
ذرفت على تلك المشاهد مقلتي / عبراً وعهدي انها لا تذرف
ما كنت آذن بالبكاء لأعيني / حتى شجاني حين جد الموقف
كم مشهد للبؤس من جرائه / يبكي الحكيم ويضك المتفلسف
واذا الرواية مثلت فنجاحها / شيء على اسلوبها يتوقف
كالشعر معناه يتم بلفظه / فكأنه خود عليها مطرف
اللفظ والمعنى جناحا طائر / غرد يطوف بروضه ويرفرف
في المسرح المشهود اسمع رنة / فاخال ان الريح هبت تعصف
تشكو صبابتها ويشكو بثه / هيفاء فاتنة العيون واهيف
شر المصائب ما يجيء مفاجئا / كالسيل يطغى في الصباح فيجرف
طب بالحياة ومالها من ظاهر / يلهيك منه عن الخفى الزخرف
واترك حقيقتها فرب حقيقية / يدمى فؤادك فهمها ويخوف
اما الغرام فأنني في كبرتي / شوقا الى ايامه اتشوف
ووددت لو اني اعود الى الصبا / ولكل احلامي به استأنف
اذ كنت اقرأ بينات ربيعه / سوراً ووجه الارض دوني مصحف
واسير من جناته في روضه / غناء اجني ما اشاء واقطف
والمورقات مفتحات زهرها / والطير فوق المورقات ترفرف
ولربما ابعدت في دلج الهوى / والليل ساج والكواكب ترعف
والنفس دامية تعاني جرحها / وتبث شكواها لمن لا ينصف
الحب كان مسددا عند السرى / لخطاى آتي حيث شاء واصدف
واليوم لا ادري أاقوى قائما / وحدي باعباء الهوى ام اضعف
وكأن في الشيخ الرقاد طريدة / وكأن فيه الهم جيش يزحف
يا ايها الفنان فنك جامع / حكما وفنك خالد لا يتلف
ان كان غيرك غارفا من جدوك / ضحل فانك من خضم تغرف
تأتي الذي تأتي به متطبعاً / اما سواك فانه يتكلف
الفن انت امامه ووليه / والفن انت اميره المتصرف
والفن للروح العصي مروض / والفن للطبع الغليظ ملطف
تتثقف الاخلاق راشدة به / وبغيره الاخلاق لا تتثقف
صحبتك اقدر فرقة قد مثلةا / ولعبرة المتجمهرين استوكفوا
واخص احمد فهو علام بما / في الفن من سبل فلا يتعسف
قد احسنت فردوس في ادوارها / فكأنها القمر الذي لا يخسف
وامينة ابكت عيون شهودها / وامينة هي بالعواطف اعرف
يا حبذا المختار فهو ممثل / حلو الحديث يقول ما يستظرف
ولعل فتوحا له في دوره / ما يستفز النفس ساعة يكلف
حسن الى علوية ومنسة / وسرينة واولئكم قد احصفوا
اني لاذكر بالتجلة قاسما / فهو الاديب وبالرجاحة يوصف
اما الفؤاد فحدثوا عن قدرة / فياضة فيه وطبع يلطف
لا تنس توفيقا فتوفيق له / في ظل موقفه لسان مرهف
وبثينة اما مضت في شدوها / انحى يشايع ما تقول المعزف
يا يوسف السمح الذي ما ان تفي / بجميله كلماتنا والاحرف
لا يكتفي منك العراق بزورة / فيود لها ثنيتها تستأنف
متمنياً وعد الكريم بمثلها / اما الكريم فانه لا يخلف
واذا الزمان لنا تبسم وجهه / فالشمل بعد شتاته يتألف
أبدى يمثل يوسف واعادا
أبدى يمثل يوسف واعادا / فاجاد ثم اجاد ثم اجادا
بغداد حيت منه عند قدومه / ضيفاً كريما حل في بغدادا
انا نحيي بعد كل عشية / من وجه يوسف كوكبا وقادا
تلقى إذا أنعمت في تمثيله / في كل حادثة هدى ورشادا
ولقد يردك عن غرورك مشهد / يبكي العيون ويحرق الاكبادا
ولقد يريك من الخيال حقيقة / اوحى اليه بها النبوغ وجادا
اقدر به من فاتح في فنه / القى اليه الفاتحون قيادا
ما كان للتمثيل بيت باذخ / فبنى له بيتا وكان عمادا
هم الذي يجد الكفاية عنده / هو ان يقود وليس ان ينقادا
الفن في تمثيله متوثب / يطوى ليسبق غيره الابعادا
واذا الاتي طغى وعبّ عبابه / غمر الشطوط وحطم الاسدادا
احبب اليّ بمسرح هو عالم / جم الحوادث يجمع الاضدادا
اما الشهود فوحدة في حسهم / فكأنهم يتعاورون فؤادا
ويريك عاقبة الضلالة والهدى / ويصور الانذال والامجادا
زره تجد صور الحياة جلية / فتود حين تزول لو تتمادى
تر نعمة موفورة وبجنبها / تبصر شقاء دائما وجهادا
وترى اناسا يستمر ولاؤها / وترى اناسا بينها تتعادى
دنيا تطوف ذئابها بخرافها / وتعيث في تلك الخراف فسادا
يا من تجرد من عواطف قلبه / اني اعيذك ان تكون جمادا
الفن يصلح كل من هو فاسد / حتى الذي ظن الفساد سدادا
الفن في قصص يمثل اهلها / يحيي الرميم ويبعث الاجدادا
الفن للاخلاق خير مهندس / يبتي الولاء ويهدم الاحقادا
السلم كل مراده في نفسه / والسلم احرى ان يكون مرادا
ليس الذين الى العقول ركونهم / كالمؤثرين الى الهوى اخلادا
ان الفضيلة في جميع شؤونها / بيضاء تأبى بالبياض سوادا
يا ايها الآباء هذا معهد / يهدى ففيه هذبوا الاولادا
وممثلين يضارعون عنادلا / وممثلات تشبه الاورادا
الفيتهم متكافئين براعة / ورأيتهم في فنهم اندادا
في الفن سحر لا يمل جماله / واليه يرجع من اراد بعادا
ولقد يطير بمن له هو شاهد / فكأنما هو راكب منطادا
اما الدموع فقد خرجن من الكوى / وهي العيون جماعة وفرادى
ووقفن في وجل يصخن بمشهد / فيه الذبيح يحاور الجلادا
ابقيت يوسف في العراق لاهله / ذكرى تزيد المعجبين ودادا
وغرست تنمى في قلوب شبابه / حباً سيبقى مورقا ورادا
احمل الى مصر تحية اختها / بغداد ان سألتك عن بغدادا
أسرفت يا إبليس في الوسواس
أسرفت يا إبليس في الوسواس / فأعوذ منك برب هذا الناس
أغويتني من بعد ما استدرجتني / مستحوذاً حتى على أنفاسي
حسنت في عيني الشرور فجئتها / وضممت ارجاساً الى ارجاس
ونفذت في اعماق نفسي فاتحا / حتى ملكت منافذ الاحساس
فتعاورتني للشكوك وساوس / سود وعافت مجلسي جلاسي
افرغت قلبي من رضى يقينه / وملأت بالشك المبرح راسي
من بعدما جرعتني مر الأسى / اترعت بالمصل المخدر كاسي
ابليس ما اشركتني في صفقة / الا قضيت على بالافلاس
ابليس انت ولي كل ذوي الهوى / ابليس انك في الولاية قاس
لم يبق مما كان لي قبلا سوى / ثوب كخائبة المنى ادراس
تلقي العداوة موغرا بين الورى / فتثير اجناسا على اجناس
ولو اعتقدت بهم شعورا في الردى / لتبعتهم تغوى الى الارماس
تذكي الحروب وانت فيها سالم / مما يضرّ بانفس الاحلاس
اتعست اقواما لتسعد غيرهم / والشر كل الشر في الاتعاس
كوخ حقير ثم قصر شاهقٍ / ومآتم في جناب الاعراس
لا تستريح وانت عنهم في غنى / حتى توسوس في صدور الناس
مالي سوى دمع يفيض ندامة / ما سوف اكتبه على القرطاس
قالوا امتدح فخر البرية أحمدا
قالوا امتدح فخر البرية أحمدا / بقصيدة تشدو برفعة شانه
فأجبتهم ماذا أقول بمدح من / اثنى عليه الله في فرقانه
كالشمس قد حفت بنور ساطع / ليس السواد هناك من الوانه
اكبر باصلاح اقام مناره / يهدي به والجهل في طغيانه
وبنى به رب العباد لحزبه / دينا سيظهره على اديانه
ما اسطاعت الاحداث مهما حاولت / نقضاً لركن قام من اركانه
حسب العروبة انها ارتفعت به / شأنا وعزّ الحق بعد هوانه
وتوسع الملك الذي اسطاعوا له / فتحا مبينا زاد في عمرانه
ليت العروبة حافظت في سيرها / بعد الظهور به على سلطانه
ليت الشعوب تظافرت ما بينها / لتعيد مجداً زال في ريعانه
انا لست للملأ الشتيت مكلما / ما ليس حين يهمّ في امكانه
المؤمنون وان تناءوا اخوة / والمرء محتاج الى اخوانه
ليس الحياة سوى جهاد دائم / لا تنكص الابطال عن ميدانه
ولرب امر ليس يعرف ماله / من قيمة الا لدى فقدانه
اما الكتاب فقاطع برهانه / من صدق لهجته وحسن بيانه
قد لاح وجه الحق في توحيده / عند انغماس الشرك في بطلانه
ولو انني اعملت فكري حقبة / ما زدت برهانا على برهانه
من ذا اناحتي اقوم بمدحه / بل اين شعري من علو مكانه
كم قد رددت الشعر عنه قائلا / هذا مجال لست من فرسانه
شعري كطفل قد مشى متعثراً / يهدي اليه الورد في اردانه
الشعر في معناه سر جلاله / لا في قواقيه ولا اوزانه
اما معاني ما اقول فانها / دون الذي ارمى الى احسانه
اني لمعترف بعجزي وهولي / عذر يضيق الصدر عن كتمانه
واذا امرؤ ظن الكمال لنفسه / فالظن برهان على نقصانه
يا موطنا قد ذبت فيه غراما
يا موطنا قد ذبت فيه غراما / أهدي إليك تحية وسلاما
لولاك لم اك في الوجود ولم اشم / بلج الصباح واسمع الانغاما
افديك من وطن نشأت بارضه / ومرحت فيه يافعا وغلاما
ما كنت الا روضة مطلولة / تحوي الورود وتفتق الاكماما
غازلت منها في الغدو بنفسجا / وشممت منها في الاصيل خزاما
وسعدت العب فوق ارضك ناشئا / وشقيت شيخا لا يطيق قياما
لك قد غضبت وفي رضاك حملت ان / تنتابني نوب الزمان جساما
وسمعت من ناس شرير طبعهم / كلماً على نفسي وقعن سهاما
لي فيك يا وطني الذي قد ملني / حب يواري في الرماد ضراما
اما المنى فقد انتهت ومضاتها / الا بصيصا لا يزيل ظلاما
من ثقفته الحادثات ملمة / يلقى الخطوب بصدره بساما
كبر الألى من طيب اعراق لهم / كانوا اذا لؤم السفيه كراما
انا للافاعي غير مكترث وان / تركت بنفسي نابها آلاما
بالذل لا ارضى وان سلمت به / روحي وارضى بالحمام زؤاما
حي الذين اذا الهوان اصابهم / تخذوا الاباء من الهوان عصاما
يا حامل الصمصام لا يحمى به / حقا لماذا تحمل الصمصاما
ما في المساواة التي نشدو بها / ان الوهاد تطاول الآكاما
يا قومنا لا نفع في أحلامكم / فخذوا الحقائق وانبذوا الاحلاما
اخشى عليكم في الحياة تدهورا / فيه الرؤوس تقبل الاقداما
جهل الذين على قديم عولوا / ان الزمان يغير الاحكاما
واشد خلق الله جهلا امة / نقضت فظنت نقضها ابراما
ولربما اطرى افاعيلا له / كانت اذا استقرأتها آثاما
لا يستطيع بناء مجد صادق / من لا يكون لكاذب هداما
هل يخرق العادات فيما جاءه / الا جريئي لا يخاف ملاما
أاذا نجحت حمدت نفسك مطريا / واذا فشلت تعاتب الاياما
ان الحياة وغى وقد ينبو بها / سيف الشجاع ولا يكون كهاما
ولرب حرب تختفي ابطالها / تحت الستار ولا تثير قتاما
ذم التعصب في الجدال فانه / سقم يجر وراءه اسقاما
ما انت الا ذرة منسية / في بقعة من عالم يترامى
كون تحركه نواميس له / كانت له منذ القديم لزاما
تشكو به الايام مثلك اسرها / فمن السخافة لومك الاياما
فيه الشموس كثيرة فمن الذي / في البدء اضرم نارها اضراما
من يحسب الاوهام منه حقائقا / يجد الحقائق كلها اوهاما
او كان من داء به يصدى فقد / يرد الخضم ولا يبل اواما
لا ينكر الحق المبين سوى امرئ / يعمى وشر منه من يتعامى
ولقد يكون الفوز حلفا للألى / غمدوا السيوف وجردوا الاقلاما
كم ريشة في كف اروع بددت / جيشا تدجج بالحديد لهاما
ظن ابن آوى انه اسد الشرى / حتى اذا لقي الهزبر تحامى
لا تسخرن فلابن آوى عذره / ان لا يكون القسور الضرغاما
ولقد جعلت لي الطبيعة قدوة / وتخذت منها في الحياة اماما
ما ان اروم وان رجتني رغبة / ما ليس يمكن ان يكون مراما
السيل اما عب مندفعاً فلا / يدع الوهاد ويغمر الآكاما
ولقد اقول الشعر منفعلا به / ولقد انبه بالقريض نياما
بسمت بنات الشعر حين شببن لي / فقطمتهن فما اردن فطاما
اسفي على الادب الذي يبغون ان / يكسوه من عصر خلا اهداما
اخذت تنغص راحتي ضوضاؤهم / من غير ان يلقى الجدال نظاما
فوددت لو ان الذين تجادلوا / جعلوا الوفاق على الصواب ختاما
انا لا احب سوى مكان هادئ / اما الزحام فلا اريد زحاما
من بعد ما انتظرت حقابا
من بعد ما انتظرت حقابا / ثارت فمزقت الحجابا
عربية عرفت اخيراً / كيف تنبذ ما ارابا
كان الحجاب يسومها / خسفاً ويرهقها عذابا
وسيطلب التاريخ من / ناس لها ظلموا حسابا
سألت لها حرية / منهم فما لقيت جوابا
حتى اذا ما استيأست / خرقت بايديها النقابا
فرأت امام سفورها / للمجد افنية رحابا
ذهبت كزوبعة لها / صخب فاحمدت الذهابا
احسنت يا ابنة يعرب / صنعاً واتبعت الصوابا
فلقد كفاك غضاضة / ذاك الشقاء بما اصابا
ليس الجمود سوى خنو / ع قد يجر لك التبابا
ان الحياة لتبتغي / في عصرنا هذا انقلابا
ظهرت تباشير له / تبني المنى منها قبابا
خوضي الى المجد الاثيل / مع الألى خاضوا الصعابا
وتنكبي الوهد الذي / يخفيك واطلبي الهضابا
اما العباب فانه / ان حال فاقتحمي العبابا
الحق حقك فانشديه / في محاولة طلابا
واذا ابوا فخذيه / منهم في مكافحة غلابا
لا تعبئي ابدا بغر / بان يواصلن النعابا
وذرى من الدين القشو / ر جميعها وخذي اللبابا
لا خير في ناس اذا / افحمتهم ولوا غضابا
عزوا الحجاب الى الكتا / ب فليتهم قرأوا الكتابا
ان التعصب مانع / ان تبصر العين الصوابا
ما عاش شعب نصفه / قد شل من داء اصابا
ما كان خدرك غير سجن / مظلم يولي اكتئابا
اني لارجو ان ارى / التوقير في الفتيان دابا
والوم من مردوا فلم / يبغوا عن السفه اجتنابا
كم من خراف حين ادجى / ليلها انقلبت ذئابا
لما رأت لحما طريا / ابرزت ظفراً ونابا
ولرب فاتنة العيو / ب لحاظها تحكي الحرابا
وترى خصائل شعرها / فتخالها تبراً مذابا
زفت الى وحش فسلت / في حيازته اكتئابا
واجاعها شحاً ولم / يحسب لجوعتها حسابا
هل ظن ان المرهق / الغرثان يلتهم الترابا
ولقد إلى منها الأسى / فتفجرت تبكي المصابا
ان الأسى اما إلى / ليفجر الصم الصلابا
وتعاتب الاقدار لو / يسمعن من احد عتابا
ذم الجهالة انها / ما اورثت الا خرابا
يا ماء اهلي اين انت / فانني اشكوا اللهابا
يا قبر ليلى انت تحوي / فيك زنبقة كعابا
حيتك واكفة الحيا / تهمي فتنسكب انسكابا
كم مثلها من نسوة / يرجون في الصبر الثوابا
يلوين من جور الرجا / ل وقد تبرمن الرقابا
مالي رجاء في الشيو / خ وانما ارجو الشبابا
من كل وثاب اذا / اغريته اقتحم الصعابا
الناس في الآراء يختلفون / بعدا واقترابا
بسم المنى لاقلهم / خطأ واكثرهم صوابا
اني ارحب بالالى / بلد لرشيد بهن طابا
اوليننا النعم الرغا / ب وما توخين الثوابا
بل خدمة الوطن العزيز / بهن عن بعد اهابا
نعم سأشكرها ومن / لا يشكر النعم الرغابا
وكذاك تشكر كل ار / ض عضها الجدب السحابا
يا نور هذا الحفل قد / بلغت بطولتك النصابا
لا تحسبي للمرجفين / ومن روى عنهم حسابا
يا مصر فيك الشعر مات اميره
يا مصر فيك الشعر مات اميره / وانقض يصرخ تاجه وسريره
في الصدر منه لاعج صعب على / غير الدموع ذريفة تصويره
لا يستخف بما يعالج من اسىً / الا الذي قد مات منه ضميره
يا مصر حزنك سوف يبقى لادغا / حتى يجيئ اليك منك نظيره
قد كنت يا شوقي لمصر كوكبا / يهدي بنيها للسلامة نوره
واذا تباطأ عن طلاب حقوقه / شعب فانك انت كنت تثيره
واذا تكبل لم يعز عليك في / وقت بمالك من يد تحريره
مالي اراك قد انطفأت لغير ما / سبب بليل مطبق ديجوره
واذا اراد الله امراً لم يكن / في وسع عبد عاجز تأخيره
والمرء حين يروم نقض قضائه / لا عقله كاف ولا تدبيره
للناس من شعر تركت جمال / تشدو به من بعدك الاجيال
سيقام تمثال لشخصك رائع / فيكون شعراً ذلك التمثال
بالامس كنت لعارفيك حقيقة / ملموسة واليوم انت خيال
ولانت مبق في زوالك عندهم / لك ذكريات ما لهن زوال
لو كانت الاوقات ذات ضمائر / لبكى الغدو عليك والآصال
بقيت من الاداب او شال لنا / فوددت ان لا تذهب الاوشال
ان الحياة لمشكلات كلها / اما المنون فوحده الحلال
بعد المنية وهي غير بعيدة / لا مشكل يبقى ولا اشكال
لا ويل للميت الذي انفسحت له / من كل قلب روضة محلال
الويل كل الويل للحي الذي / في نفسه قد ماتت الآمال
كثر الألى قد انبوك دفينا / والباكيات عليك والباكونا
ما كنت تسمع يوم دفنك في الثرى / الا نشيجا خانقا وانينا
اكبر بيومك انه يوم به / قد فجر الحزن العميق عيونا
يا راحلين لغير عود اننا / لا نستطيع فراقكم فخذونا
يا واردي حوض المنية قبلنا / ما اعذب الحوض الذي تردونا
سيروا خفافا ان اردتم اوقفوا / انا على آثاركم آتونا
يا بيت آمالي انهدمت وانما / قد كنت آمل ان تكون رصينا
ما كنت اعرف قدر شعرك قبلما / وفرت في تجديده التحسينا
لك في روايات نظمت فصولها / درجات فضل هن عليّونا
قد كنت تقتحم الصعاب مغامرا / حينا وتجنح للسلامة حينا
في قلب مصر وبالجزيرة ياس / كادت به تتقطع الانفاس
اهوى من الشعراء رأس شامخ / والراس فيه الفكر والاحساس
لا ويل في موت بعضو قد طحا / بل انه في ان يموت الراس
في كل شبر قد توارى فاضل / يا ويح مصر كلها ارماس
ركب الامير يجد صهوة نعشه / ودنا الرحيل ورنت الاجراس
ومشى يشيع نعشه متلهفا / من كل حزب امة اجناس
في موكب ضخم قد اشتركت معاً / فيه الملائك خشعاً والناس
وضعوا امير الشعر في ديماسه / فحنا عليه يضمه الديماس
لهفي عليه موسداً في حفرة / معزولة ما ان لها حرّاس
وعلى الذكاء فقد خبت نيرانه / اما الرماد فانه اكداس
الزهر اكبر مصرع الصيداح / فبكت عليه شقائق واقاح
في الروض للاحزان اصبح مشهداً / ما كان قبلا منه للافراح
كم اصغت الازهار فيه للحنه / في ليلة بيضاء ذات وشاح
طافت بكرمته الجميلة برهة / شعراء عن وجد بهم ملحاح
كانت علاقتهم به في ظلها / كعلاقة الاجساد بالارواح
اطلعت صبحاً من قريضك مسفراً / والصبح اعرفه من الاوضاح
قد كنت اول شاعر بثّ الهدى / للناس فيما جاء من الواح
اما يراعك فهو معزوّله / ما تم للآداب من اصلاح
يا كوكبا قد كان يمحو نوره / صدأ الدجى احسن به من ماح
لقد انطفأت وما هنالك موجب / الا نفاد الزيت في المصباح
من كل زهر قد جمعت قليلا / وجعلت منه لقبره اكليلا
اجملته في باقة خلابة / من بعد ما فصلته تفصيلا
فتظن ابيضا اشعة كوكب / وتخال احمرها دما مطلولا
كنا سيوفا للقراع ثلاثة / نحمي فكنت الثالث المفلولا
يا نفس اورى من اساك ذبالة / فاخاف ليلك ان يكون طويلا
حملوه من قصر له فخم الا / ملحودة ما اعظم المحمولا
ولقد شجت خلف الضعائن نسوة / يملأن اجواز الفضاء عويلا
يا دافن السيف المذّرب انني / لأراك عما جئته مسؤولا
ماذا ليوم الروع عنه اعتضته / لما غمدت الصارم المصقولا
لا والذي اعطى القليل شجاعة / ما كنت خوارا ولا اجفيلا
ما الروض بعد البلبل المترنم / للناظرين اليه بالمتبسم
فكأنما نسرينه وشقيقه / وخزامه وعراره في مأتم
ان الحياة وغى وليس بظافر / في خوضها غير الكمى المعلم
اني لقد طاشت سهامي كلها / فرميت قوسي من يدى واسهمي
الموت ينظرني ويبسم كاشرا / عن نابه كالمارد المتهكم
واذا نظرت الى القبور وجدتها / كفلول جيش في العراء مخيم
راسل ذويها لو اجابوا سائلا / واجعل مدادك يا يراعي من دمى
سلهم أهم في سلوة من عيشهم / ام انهم في ضجرة المتبرم
اسعد بارواح نجون من الردى / فطلعن في عرض السماء كانجم
علمت نواميس الحياة جميعها / اما الحياة فانها لم تعلم
قد سرت بين نواظر ودموع / تجتاز ينبوعا الى ينبوع
كانت احايين الفراق شديدة / واشد منها ساعة التوديع
والشعب خلف النعش يمشي صامتا / في رعشة تنتابه وخشوع
فيد على عين له ذرافةذ / ويد على قلب له مصدوع
اما الكلام فكان همسا كله / لا شيء فيهم منه بالمسموع
من كان منهم قد تأخر خطوه / سبقته ادمعه الى التشييع
سيظل قلبي في الجوانح مزعجي / حتى تسيل مع الركاب دموعي
رجع الألى قد شيعوه كلهم / الا دموع الثاكل المفجوع
لم ادر ساعة لي نعاه نعيه / ماذا اصاب القلب تحت ضلوعي
القلب يأمر يا عيوني بالبكى / من بعد كل عشية فاطيعي
ابكي بليل حف بالظلمات / مستعبراً والليل للعبرات
ابكي اذا استذكرت شعرك مجهشا / بعد الهدوء ووقفة الحركات
ابكي حياتك آسفا لذهابها / قبلي وابكي من بقاء حياتي
قد سار قبلك حافظ فتبعته / وبقيت وحدي اليوم للنكبات
يا صاحبي قفا قليلا انني / عما قريب فانظراني آت
ان مت تحزن في العراق احبتي / حينا وتفرح في العراق عداتي
واود لو راموا انتقادي ميتا / ان لا يكون من العداة قضاتي
لم يبق من جيل تقضى عهده / الا بقايا اعظم نخرات
يا قبر شوقي انني من ادمعي / مهد اليك قصائداً عطرات
من ذا يسد على الرياض انيقة / عند الصباح منافذ النسمات
خرت لعزة شعرك الشعراء / فكأنهم ارض وانت سماء
ما كنت الا كوكبا متوقدا / قد خر منحدراً له ضوضاء
كنا نرى ما كان ضوءك فاعلا / فلننتظر ماتفعل الظلماء
من بعد در كنت تنظم عقده / برزت تريد لتلمع الحصباء
لفظ جميل فيه معنى رائع / هو في المعاني وحده العذراء
اليوم باق للقريض بحوضه / ماء واخشى ان يجف الماء
ولقد خفيت على ظهورك مدة / عن اعيني ومن الظهور خفاء
جلل مصابك انه اهتزت له / اعلام مصر وماجت الدأماء
عجلت في الترحال يا شوقي وقد / بقيت هنالك لم تقل اشياء
قالوا سينغ عبقري مثله / قلنا بلى لو انجب الآباء
نقدت قريضي ثلة
نقدت قريضي ثلة / لا تعرف الأدب اللبابا
فرفعت مذودتي أذب / ب بها عن الأدب الذبابا
في النفس منك جميع ما احسسته
في النفس منك جميع ما احسسته / من سيء سمج ومن اعلاق
فاذا ذهبت فكل شيء ذاهب / واذا بقيت فكل شيء باق
أكبر بفيصل من مليك حازم
أكبر بفيصل من مليك حازم / وبنجله فخر الإمارة غازي
والجيش في تنكيله بعصابة / قد افسدت والقائد الممتاز
ووزارة الحزم الرشيدة ابرزت / اثر الكفاءة ايما ابراز
ضمت غداة تعلقت في نهجها / بالمجد احرازا الى احراز
فاعزها الشعب الكريم وانها / لجديرة كالصبح بالاعزاز
من فتية راضوا الصعاب بحكمة / سلت سخيمة كل قلب ناز
وكأنهم زهر النجوم مضيئة / ما في الفضاء الرحب من اجواز
اما العصاة فكالعصافير التي / قد اجفلت عند انقضاض البازي
وهي التي قد مثلت في الليل بالشهداء / بعد القتل والاجهاز
الجيش طاردها وبدد شملها / والخيل دامية من المهماز
قل يا بني آثور لا تتمردوا / فاللَه للمتمردين مجاز
فبدا لهم ان القرار على اللظى / متعذر فاووا لكل نشاز
لما رأوا ان لاعصام من الردى / القوا سلاح الثائر الحفاز
خانوا العراق ببغيهم وهو الذي / قد سد ما في القوم من اعواز
راموا باسلحة لهم افزازه / من حدث الدخلاء بالافزاز
أبغي العصاة بدافع من نفسهم / ام كان ذاك البغي بالايعاز
بل انهم قوم مشوا من طيشهم / يسعون خلف ممخرق لماز
قد غرهم من قال من سفه به / ثوروا فسيف الجيش غير جراز
ولعلهم قد آمنوا من بعد ما / جحدوا بما للسيف من اعجاز
من كان لا يعنو لاحسان عنا / من خوفه للصارم الهزاز
واليوم لا خوف عليهم بعد ما / طلبوا الامان على يد الجلواز
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه / متمسك بالعيش من اذنابه
أيطيب عيش الروح بعد عيائه / ويطيب عيش الجسم بعد خرابه