المجموع : 179
حيّا رُبوعَكِ من رُبىً ومنازِلِ
حيّا رُبوعَكِ من رُبىً ومنازِلِ / ساري الغَمامِ بكلِّ هامٍ هامِلِ
وسَقَتْكِ يا دارَ الهَوى بعد النَّوى / وطَفاءُ تَسفَحُ بالهَتونِ الهاطلِ
حتّى تُروِّضَ كلَّ ماحٍ ماحِلٍ / عافٍ وتُرويَ كلَّ ذاوٍ ذابِلِ
أبكيكَ أم أبْكي زماني فيكَ أمْ / أهليكَ أم شَرخَ الشبابِ الرّاحِلِ
ما قدرُ دَمعيَ أن يقسِّمَه الأسى / والوجدُ بين أحبّةٍ ومنازِلِ
أنفقتُهُ سَرَفاً وها أنا ماثِلٌ / في ماحلٍ أبكي بِجَفنٍ ماحِلِ
وإذا فَزعتُ إلى العَزاءِ دعوتُ مَن / لا يَستجيبُ ورُمتُ نُصرةَ خاذِلِ
أين الظِّباءُ عهدتُهُنَّ كوانِساً / بِك في ظلالِ السَّمهرِيِّ الذَّابِلِ
النّافراتُ من الأنيسِ تكرُّماً / والآنساتُ بكلِّ ليثٍ باسِلِ
من كلِّ مكروهِ اللّقاءِ مُنازِلٍ / رحبِ الفِناءِ لطارقٍ أو نازلِ
متمنِّعٍ صعبٍ على أعدائه / سهلِ المَقادَة للخليلِ الواصِلِ
عزّوا على الدّنيا وخالفَ فِعلُهُم / أفعالَها فبغَتْهُمُ بغَوائِلِ
حتّى إذا اغتالَتْهُمُ بخطوبِها / ورمتهُمُ بحوادثٍ وزَلازِلِ
دَرَسَتْ منازِلُهم وأوْحَشُ مِنهُمُ / مأنوسُ أنديةٍ وعزُّ مَحافِلِ
واهاً لهم من عالِمٍ ومَعالِمٍ / ومُمَنَّعاتِ عَقائلٍ ومَعاقِلِ
كانوا شَجىً في صدرِ كل مُعانِدٍ / وقذىً يجول بعينِ كلِّ مُحاوِلِ
غَوثاً لملهوفٍ وملجأَ لاجِئٍ / وجوارَ رَبّ جَرائرٍ وطَوائِلِ
ذهبوا ذهابَ الأمسِ ما من مُخبرٍ / عَنهُم وزالوا كالظِّلالِ الزّائِلِ
وبقيتُ بعدهُمُ حليفَ كآبةٍ / مستورَةٍ بتجمُّلٍ وتَحامُلِ
سعدُوا براحَتِهم وها أنا بعدَهُم / في شَقوةٍ تُضني وهمٍّ داخِلِ
فاعجب لشَقوةِ مُتعَبٍ بمُقامِهِ / من بعد أسرتِه وراحةِ راحِلِ
دَع ذا فأنتَ على الحوادِث مَروةٌ / تَلقى الرّزايا عالماً كالجاهلِ
واصبِر فما فيما أصابَكَ وصمَةٌ / كلُّ الوَرى غرضٌ لسَهمِ النَّابِلِ
نفسي الفِداءُ لظالمٍ مُتَعتّبٍ
نفسي الفِداءُ لظالمٍ مُتَعتّبٍ / مُتباعِدٍ بالهجر وَهوَ قريبُ
فقَمَرٌ عليهِ من ذوائبِهِ دُجًى / يهتزُّ منهُ على القَضيبِ كثيبُ
يمشي وقد فعل الصبا بقوامه / فعل الصبا بالغصن وهو رطيب
في وجهِهِ ماءُ الملاحةِ حائِرٌ / فقلوبُنا الظَّمأَى عليه تلوبُ
لِلِحاظِهِ في القلبِ وَقعُ سهامِهِ / لكنَّ تلكَ تطيشُ وَهيَ تُصيبُ
أشتاقُهُ وهو السَّوادُ بناظري / مَن لي بحُسنِ الصَّبر حينَ يغيبُ
أَحبَبتُ فيه اللائِمينَ لأَنَّهُ / يحلو بسمعي ذكرُهُ ويَطيبُ
ومنحتُهُ كلَّ الهوى دونَ الورى / طُرّاً ومالي من هواهُ نصيبُ
ومنَ العجائبِ فعلُهُ بي في الهوى / ما تفعلُ الأعداءُ وهو حبيبُ
إن جارَ إذ حَكَّمتُهُ في مُهجَتي / فالعَدلُ في حُكمِ الغرامِ غريبُ
والصَّبُّ يَستَحلِي مراراتِ الهوى / فيه ويعذبُ عنده التّعذيبُ
يا ظالماً أبداً يُرَوِّ
يا ظالماً أبداً يُرَوِّ / عُني بإعراضٍ وعَتبِ
كَم ذا الصُّدودُ أما تخا / فُ الله في ظُلم المُحِبِّ
أترى هواكَ وحفظَ عهد / كَ حيثُ لم تحفظهُ ذنبي
حَسبي الّذي ألقاهُ مِن / لومِ اللّوائم فِيكَ حسبي
أَجرَى الحَيَا ماءً
أَجرَى الحَيَا ماءً / وأنبَتَ فيه لي آساً ووَردَا
مُتَحَرِّمٌ أبداً إذا / استعطفته بالعَتبِ صَدَّا
وأَرَى ضلالي في هواهُ / هُدًى وغَيِّي فيهِ رُشدَا
متباهِياً بالحُسن ما / أَنصفتُهُ إلاّ تَعَدَّا
لو كانَ يُنصِفُ لم يكن / بغرائبِ الحُسنِ استَبَدَّا
أن يُوَحَّدَ أو يُوَدَّا /
لو سرتَ في عرض البسيطة طالباً
لو سرتَ في عرض البسيطة طالباً / رجلاً خبيراً بالحروب مجرّبا
عانى الحروب مجاهراً ومخاتلاً / طفلاً إلى ان عاد همّاً أشيبا
قتل الأسود ونازل الأبطال في ال / هيجاء واقتاد الكميّ المحربا
لم تلقَ مثلي من يكاد يريه حس / ن الرأي ما قد كان عنه مغيّبا
وأرى مسير الألف تطلب وترها / ضمن الغرائر فرية وتكذّبا
سمعت صروف الدهر قول العاتب
سمعت صروف الدهر قول العاتب / وتجنبت حرب المليك الحارب
وتجافت الأيام عن مطلوبه / وما رده أكرم به من طالب
هو من عرفن فلو عصاه نهاره / لرماه نقع جيوشه بغياهب
وإذا سطا أضحت قلوب عداته / تلوى كمخراق بكفي لاعب
من ذا ينادي الناصر الملك الذي / في كفه بحرا ردى ومواهب
وإذا سرى خلت البسيطة لجّة / أمواجها بيض وبيضٌ قواضب
ملك القلوب محبة ومهابة / فاقتادها طوعا بهيبة غاضب
أنستني الأيام أيام الصبا
أنستني الأيام أيام الصبا / وذهلت عن طيب الزمان الذاهب
وتنكرت حالي فكل مآربي / فيما مضى ما هن لي بمآرب
أمهذب الذين استمع من عاتب
أمهذب الذين استمع من عاتب / لولا ودادك لم يفه بعتاب
أتطيع في الدهر وهو كما ترى / يقضي علي بفرقة الأحباب
أمللتني وجعلت سكرك حجة / ونهضت أم لم تستحل شرابي
قسما لئن لم تأتني متنصلاً / متبرعا بالعذر والإعتاب
لأحرمنّ الخندريس وأغتدي / متنمسا بالماء والمحراب
وتبوء معتمداً بإثم تنسكي / وبعابه أعظم به من عاب
وصاحب صاحبته
وصاحب صاحبته / ستين حولا ما رأيته
حتى إذا عاينته / عاينت منه ما أبيته
والهجر فيه راحة / من كل مصحوب قليته
أحبابنا كيف اللقاء ودونكم
أحبابنا كيف اللقاء ودونكم / عرض المهامه والفيافي الفيح
أبكيتم عيني دما لفراقكم / فكأنما إنسانها مجروح
وكأن قلبي حين يخطر ذكركم / لهب الضرام تعاورته الريح
قل للذي خضب المشيب جهالة
قل للذي خضب المشيب جهالة / دع عنك ذا فلكل صبغ ماحي
أو ماترى صبغ الليالي كلما / جددته يمحوه ضوء صباح
لما بلغت من الحياة إلى مدى
لما بلغت من الحياة إلى مدى / قد كنت أهواه تمنيت الردى
لم يبق طول العمر مني منة / ألقى بها صرف الزمان إذا اعتدى
ضعفت قواي وخانني الثقتان من / بصري وسمعي حين شارفت المدى
فإذا نهضت حسبت أني حامل / جبلا وأمشي إن مشيت مقيدا
حبسوك والطير النواطق إنما
حبسوك والطير النواطق إنما / حبست لميزتها على الأنداد
وتهيبوك وأنت موضع سجنهم / وكذا السيوف تهاب في الأغماد
ما الحبس دار مهانة لذوي العلى / لكنها كالغيل للآساد
وصل الكتاب أن الفداء لفكرة
وصل الكتاب أن الفداء لفكرة / نظمت نفيس الدر فيه أسطرا
وفضضته عن جونة فتأرجت / نفحاته مسكا وفاحت عنبرا
وأعدت فيه تأملي متحيرا / كيف استحال اللفظ فيه جوهرا
يا دار غيرك البلى وتحكمت
يا دار غيرك البلى وتحكمت / فيك الخطوب ومحت الآثارا
أصبحت تعرفك القلوب توهما / ويصد عنك الأعين الإنكارا
لم يبق منك الدهر رسما مائلا / ينبي بأن هناك كانت دار
لهفي على الزمن القصير قطعته / بك إن أيام السرور قصار
لم يبق منه سوى جوى متسعر / في القلب يذكي ناره التذكار
لا تحقرن من الضعيف عداوة
لا تحقرن من الضعيف عداوة / فالنار يحرق جمرها وشرارها
واحذر مداجاة العدو وكيده / إن العداوة ليس تخبو نارها
قل للملوك تزحزحوا عن ذروة ال
قل للملوك تزحزحوا عن ذروة ال / علياء للملك الهمام الناصر
يعطي الألوف ويلتقيها باسما / طلق المحيا في القنا المتشاجر
انظر منازل آل منقذ إنها
انظر منازل آل منقذ إنها / عظة اللبيب وعبرة للناظر
كانوا بها في نعمة محروسة / بمكارم وذوابل وبواتر
ما رامها ملك ولا ذو قدرة / إلا انثنى عنها بقلب طائر
متلهفا ما اسطاعها ومن الذي / يلج العرين على الهزير الخادر
فأصابها قدر فأهلك من بها / وأعاد شامخها كرسم دائر
فإذا ذكرتهم عرتني حسرة / تمري سحائب دمعي المتبادر
لا جاد ربعك من ديار أقفرت
لا جاد ربعك من ديار أقفرت / من أهلها صوب الغمام الماطر
لم يبق منك الدهر إلا حسرة / للذاكرين وعبرة للناظر
يا حسن أول ذلك الدهر الذي / قد كان فيك وقيح هذا الآخر
صبرا لأيام تنا
صبرا لأيام تنا / هت في معاندتي وعضي
فالدهر كالميزان ما / ينفك من رفع ومن خفض
هذا مع الأفلاك مر / تفع وذا بحضيض أرض
وإلى الفناء جميع من / خفضته أو رفعته يفضي