المجموع : 142
أنا من جوارِكَ في أعزّ مكان
أنا من جوارِكَ في أعزّ مكان / ومن اصطناعِكَ في مُنىً وأمانِ
ومن افتقادِكَ في رياضِ مكارمِ / حيّيْنَني بغرائبِ الإحسانِ
ومن التفاتِك في حراسةِ جانبٍ / ليستْ لأُسْدِ الغابِ في خُفّانِ
وعليّ من نظراتِ جاهكَ لأْمةٌ / أبداً تَقيني أسهمَ الحدَثانِ
ولديّ من حُسْن الولاءِ عقيدةٌ / مشفوعةٌ بعقيدةِ الإيمانِ
وحللتُ دارَك في جوارِك آهلاً / فعلمتُ أنّ الدارَ بالجيرانِ
وأقمتُ حيث المجدُ نائي المُرتَقى / وجَنى المكارمِ بالمواهبِ دانِ
ووجدتُ بحرَ نَداك سهلَ المُسْتَقى / فغنيْتُ مرتوياً عن الأشطانِ
فليعلمِ السَمْدانُ إذ فارقتُه / أني لديكَ بذروةِ السُمْدانِ
وهل المعاقلُ غيرُ عزٍّ حُزْتُه / بكَ لا بتشْييدٍ ولا بُنيانِ
يا مُلتقى سُبُلِ الوفودِ كما التقَتْ / في البحرِ أوديةُ الحَيا الهتّان
ومطالعَ الضُلاّالِ في غسَقِ الدُجى / نهجَ الطريقِ بألسُنِ النيرانِ
في الأرض منكَ ومن أبيكَ وإن مضى / سعدانُ ما ناواهما السُعْدانِ
ملكٌ تقدّمهُ بلالٌ أولاً / فسَما وياسرٌ السعيدُ الثاني
الأوحدُ الغدِّ الذي لم يختلفْ / في فضلِه ونَدى يديْهِ اثنانِ
والموسِعُ الأضيافَ أصنافَ القِرى / ملءَ الجِفانِ الفيحِ والأجفانِ
جودٌ عميمٌ ما ادّعى أوصافهُ الت / هتانَ إلا جاءَ بالبُهتانِ
بطلاقةٍ كتبت بصفحةِ وجهه / وضحَ الصباحِ لمن له عينانِ
والبشر والبُشْرى شقيقا نسبةٍ / قُرئَ الكتابُ بها من العُنوانِ
لعقدتُ آمالَ الذُرى بك همّةً / أُسِرَ الطليقُ بها وفكّ العاني
وعمرْتَ بالزوارِ مُقْفرةَ الفَلا / متسرّعاً من عامر البُلدانِ
وبنيتَ في عدْنٍ مفاخرَ طاولَتْ / قحطانُ فيها الصيدُ من عدنانِ
وتبجّستْ كفّاكَ فهي سحائبٌ / تهْمي بماءِ الجودِ كلَّ أوانِ
فلئنْ عمَمتَ القاصدينَ أياديا / ما للمديحِ بشكرهنّ يدانِ
فلقد خصَصْتَ النازلينَ بأنعُم / أغنيتَهُم عن أربُع ومغاني
وأنا المخيِّمُ في ذُراك وقد رأى ال / أقوامُ عندكَ موضعي ومكاني
فاشفَعْ وما تنفكّ تفعل مثلَها / رحُبَ المكان لديكَ بالإمكانِ
فوراءَ آمالي عيونٌ إن تغِبْ / عنهن أنساني فما أنساني
شخّصتَ ما أولى نداكَ وإن تفض / كرماً عليّ به فما أولاني
وقد اقتضاني الوجدُ تجديدي بهم / عهداً يخفّفُ من جَوى أشجاني
وجَوادُ أشواقي إليهمْ جامحٌ / فامدِدْ له الإحسانَ فضلَ عِنانِ
فإذا وصلتُ ولم يُسعهم نائلي / لم يُرضِهم مني الذي أرضاني
فاجْعَلْ حقائبَ عِيسِ وفدي تكتَفي / بثنائها عن ألسُنِ الرُكْبانِ
فلسان شكري لا يقومُ ببعضِ ما / أوليتَ لو وافى بكلِّ لسانِ
خرّقْ بها سجادةً
خرّقْ بها سجادةً / كيف اشتهيت وموّه
من ذا يصدّقُ شاهِداً / هو كاذبٌ في وجهِهْ
حسنٌ مَلاوي عُودِه
حسنٌ مَلاوي عُودِه / مهما تناولُه مَساوي
كأنّهُ إن جسّهُ / من بعدِ تحريرِ المَلاوي
كلبٌ يُجاذبُ كفُّهُ / أُنشوطةً والكلبُ عاوِ
يا حسنَ وجه البحر حين بدا
يا حسنَ وجه البحر حين بدا / والسحبُ تهطِلُ فوقه هَطْلا
فكأنه درعٌ وقد ملأت / أيدي الرماةِ عيونَهُ نَبْلا
أصبحتُ أعذرُ عاشقاً في حبّه
أصبحتُ أعذرُ عاشقاً في حبّه / ولكم عشِقْتُ فما عدِمْتُ عَذولا
لقّبتُ تنزيلاً غرامي في الهوى / أرأيت حبّاً قبلَه تنزيلا
لو لم أكن فيما فعلتُ محمّداً / ما كان من أحببتُه جبريلا
رشأ لو أن الليث حاولَ صيده / لرأيتَه في راحتَيْه قتيلا
وأنا الذي ترك الفؤاد وراءهُ / بالصالحيّة إذ أراد رَحيلا
أرسلتَ لي سطرين قد جَمعا
أرسلتَ لي سطرين قد جَمعا / حُمقاً يحرّم عندك البُقْيا
وكسَوْتني خِلَعَ المحال على / أني كسوتُك مَلبسَ العُليا
فعدِمْتُها من رقعةٍ وردَتْ / ولو أنها هي رقعةُ الدُنيا
قدَرُ الأثيرِ على الأثيرِ عليُّ
قدَرُ الأثيرِ على الأثيرِ عليُّ / فهو السماء وجوده الوسميُّ
يُزْهى به سرجٌ إذا حضر الوغى / ويضيءُ في يوم العطاءِ نديُّ
دع عنك عمروَ البأس أو كعبَ النّدى / لا يستوي المسموعِ والمرثيّ
لله منزلُهُ الفسيحُ كصدْره / فثَراهُ بالجودِ العَميمِ ثريُّ
ولربّ ساداتٍ به لو أنصفوا / قدراً لقيلَ العالمُ العُلويُّ
فوجوهُهمْ دريّةٌ يهدى بها / باغي النوالِ ولفظُهُمْ دُريُّ
دارٌ بها ما تَشتَهيهِ نفوسُنا / شِبَعٌ كما شاءَ السّماحُ وريُّ
يا حسنَ مائدةٍ تُميد بثِقْلِها / ذكرُ الخلودِ لما حوَتْ مَنسيُّ
لو ملّك اللهُ المسيحَ مِثالَها / لأطاعه الإنسيُّ والجِنيُّ
هي مَيْدةٌ كثُرَت صنوفُ طعامِها / فاحتلّها القيسيُّ واليَمنيُّ
ولقد حضرتُ بها ورُمْتُ صفاتِها / عجِلاً فساعدَ خاطرٌ ورويُّ
وظننتُ عبدَ الله يسمحُ فكرُه / فيها بشيءٍ فاعتراهُ العِيُّ
عجزٌ ثَناهُ عن الجوابِ فعذرُه / خافٍ وعُذْري في الهِجاءِ جَليُّ
ويقولُ عندي من فلانٍ شاغلٌ / هذا مُسيلمةٌ وذاكَ عليُّ
وتراهُ يعبثُ بالخليلِ وإنّهُ / لا شكّ من فضلِ الخليلِ خليُّ
يروي كتابَ العينِ لكنْ نونُه / محذوفةٌ فاسلَمه فهو خفيُّ
ويخوضُ في بحرِ العروضِ ورِجْلُه / لم تبْتَلِلْ بالماءِ فهو نبيُّ
طالَ الطّويلُ نهاهُ وامتدّتْ له / دون المديدِ الحُجْبُ فهو قصيُّ
وطوى البسيطَ العجزَ عنه ونقّلت / رُتَبُ الخفيفِ عليه فهو أبيُّ
وإذا نحا نحواً نحاهُ تخلُّفٌ / عنه وحاشى ذهنَهُ حوشيُّ
واسمُ الأديبِ إذا نظرتَ مصَحَّفُ / فابحثْ فمعناهُ الخفيُّ دَنيُّ
قالوا فتى الروميّ يقصُرُ دونَه / قلتُ اللّكانةُ أصلُها روميّ
قل للأثيرِ النّدبِ أية آيةٍ / ظهرَتْ لديهِ شاعرٌ أمّيُّ
ويقولُ قولي حجةٌ وكلامُه / لولا امتداحُك كلّهُ مَخْطيُّ
وجوابه يا عمرو يعني نفسَهُ / فيما يقولُ وإنّني لسَريُّ
هذي قضيّةُ حالِه فتلطّفوا / في العُذْرِ عنه الآن فهو صبيُّ
وعلِقْتُه متعلِّقاً
وعلِقْتُه متعلِّقاً / بالخطّ معتَكِفاً عليْهِ
حملَ الدواةَ ولا دَوا / ءَ لعاشقٍ يُرجى لَدَيْهِ
فدماءُ حبّاتِ القلو / بِ تلوحُ صِبْغاً في يدَيْهِ
ما لي إذا أبصرتُه / شُغْلٌ سوى نظَري إليهِ
والحبُّ يُخرسُني على / أنني ألكّعُ سيبوَيْهِ
كم قلتُ قبل لقائه / أشكو إليه مُقلتَيْهِ
شق الصباحُ غلالةَ الظَلْماءِ
شق الصباحُ غلالةَ الظَلْماءِ / وانحلّ عِقْدُ كواكبِ الجوزاءِ
وتكلّلت تيجانُ أزهارِ الرُبى / بغرائب من لؤلؤ الأنداءِ
وجرى النسيمُ فجرّ فضلَ ردائه / متحرّشاً بمساقطِ الأنواءِ
وعَلا الحَمامُ على منابرِ أيكةٍ / يُبْدي فصحةَ ألسُنِ الخُطَباءِ
ودَعا وقد رقّ الهواءُ منمّق ال / سربالِ طابتْ زهرةُ الصهْباءِ
لو لم يكن ملكُ الطيورِ لما انثَني / بالتاجِ يَمشي مشيةَ الخُيَلاءِ
فاشربتْ معتّقةَ الطِلا صِرْفاً على / رقْصِ الغُصونِ ورنّةِ المكّاءِ
تسعى بها خَودٌ كأنّ جبينَها / بدرٌ تشعْشَع في دُجى الظَلْماءِ
من كفِّ وطفاءِ الجفونِ كأنّما / تسعى بنارٍ أُضْرِمَتْ في الماءِ
في سحرِ مقلتِها وخمرةِ ريقِها / شركُ العقولِ وآفةُ الأعضاءِ
يا قاتلَ الله العيونَ فإنها / دائي الذي حُمِّلْتُه ودوائي
يا هذه مَهلاً فلولا أنّني / لا أنثني عن ذمّةٍ ووَفاءِ
لبلغتُ ما أرجو بجدِّ مهنّدٍ / ذرِبٍ وعاملِ صِعْدةٍ سمراءِ
وطرَقْتُ دارَكِ باللوى في معشرٍ / أخذوا شجاعَتَهُم عن الآباءِ
وأبَحْتُ يا أسماءُ معسولَ اللّمى / لهم وورْدَ الوجنةِ الحَمراءِ
لكن ركْبتُ الى السِّلوِّ ولم أقُلْ / أعزِزْ عليّ بفرقةِ الخُلَطاءِ
وأهابَ بي للصبْرِ قسْراً أنني / أبصرتُ مُقتبِلَ الشبابِ ورائي
وسمعتُ من جودِ النفيسِ منادياً / يدعو إليه معشرَ الفُقَراءِ
فشددتُ رحْلَ أنائقٍ لا تشتكي / تعباً على الإدلاجِ والإسراءِ
قد أُغمدتْ أسيافُ ماءٍ في الحَشى / مصقولةٌ تَفْري كِلى البَيْداءِ
فتهلّلت لما حططتُ ببابِه / رَحْلي أسرّةُ أوجهِ السّرّاءِ
وبلوتُ بين يمينِه وجبينِه / أخلاقَ غاديةٍ وبدرِ سماءِ
وأبانَ نشرُ حديثِه وجنانِه / أنفاسَ زهرِ الروضةِ الغنّاءِ
ملأتْ فصاحَتُه وبهجةُ وجهه / أذُنَ المُصيخِ له وعينَ الرائي
كاسٌ من الفِعل الجميلِ وإنّهُ / قمِنٌ به عارٍ من العوراءِ
شرس ولكن فيه لين خلائق / كالدهر جامع شدة ورخاء
متوسّعُ المعروفِ فيّاضُ النّدى / كالغيثِ في عَودٍ وفي إبداء
يزدادُ في الزمن البهيمِ بهاؤه / كالبدرِ جُنحَ الليلةِ الليلاءِ
كشّافُ غمّاءِ الخطوبِ برأيهِ / إنّ السعيدَ مُسدّدُ الآراءِ
نشوانُ من خمرَيْنِ خمرِ مكارمٍ / لا ينثَني عنها وخمرِ حَياءِ
يا بنَ الكرامِ نداءُ مسرورٍ بما / أوتيتَ من متمنّعِ العَلْياءِ
اهنأ بعيدٍ قد حكاكَ فضيلةً / لا بل تجِلُّ إذاً عن النُظَراءِ
لو يستطيعُ إذاً لعُظْمِك عندَه / نُطْقاً أتى في زُمرةِ الشُعَراءِ
ولطيفةِ الألفاظِ لكنْ قلبُها
ولطيفةِ الألفاظِ لكنْ قلبُها / لم أشكُ فيه لوعةً إلا عَتا
كمُلَتْ محاسنُها فودّ البدرُ لو / يحظى ببعضِ صفاتِها أن يُنْعَتا
قد قلتُ لما أعرضتْ وتعرّضَتْ / مؤيْساً يا مُطعماً قلْ لي متى
قالتْ أنا الظبيُ الغريرُ وإنما / ولّى وأوجَسَ نبْأةً فتلفّتا
يا قولةً فتنتْ بها في خاطرٍ / من خاطرٍ تركَ الفؤادَ مُفَتتا
لولا ظُبىً تنسلُّ من لحَظاتِه
لولا ظُبىً تنسلُّ من لحَظاتِه / لجنيتُ ورداً لاحَ في وجَناتِه
ظبيٌ تحمّل خصره من ردْفِه / خطَراً إذا ما اختالَ في خُطُواتِه
أجني العيونَ جليَّ نورِ جبينهِ / وجنى بمنعِ جنيِّ نورِ لِثاتِه
قلبي فيسرةُ ليثِ طرْفٍ فاترٍ / لا يتّقي الهجَماتِ من أجَماتِه
يا أهلَ رامةَ ما ريمكُمُ عَدا / في فتْكةٍ بالأسْدِ عن عاداتِه
أقطعْتُهُ قلبي فقطّعه أسًى / فعلامَ يُتلِفُ ذاتَه بأداتِه
ومعرّضٍ للسومِ فيهِ سفاهةً / حرُّ الكلومِ ألذّ من كلِماتِه
كاتمتُه وجدي فعبّر ناظري / عن سرّ ما ألقاهُ من عبَراتِه
ولكَمْ نَهى عنّي النُهى فعصيتُه / ورِضيْتُ بيعَ النفسِ في مَرْضاتِه
ولقد عدِمْتُ العيشَ لما هالَني / بدرٌ حُدوجُ العيسِ من هالاتِه
فليَ الغرام وللإمامِ المُرتَجى / مجدٌ عقودُ الحمدِ في لبّاتِه
يقظٌ أضاءَ بقلبِه نورُ الهُدى / فكأنّه النبراسُ في مِشكاتِه
ومحبِّر الألفاظِ يكسو طُرْسَهُ / وشياً صفاتُ الروضِ دون صفاتِه
ربضَ ابنُ حُجْرٍ حَجْرةً عن شأوِه / واغتالَ غَيْلاناً مدى غاياتِه
أبداً روّيتُه بديهتُهُ فما / يلقاكَ لولا حِلمُه بأناتِه
وموطّأ الأكنافِ قد نسجَ التُقى / ثوباً فأفرَغَهُ على جَنَباتِه
يا حافظاً يُطْوى صباحُ علومِه / ما مدّ ليلُ الجهلِ من ظُلُماتِه
ولئن عدا من عادةٍ محمودةٍ / من أخذِنا للقوتِ في أوقاتِه
واغتالَ بالجدْبِ الغلالَ وخالَنا / إن غلّ نَلبسُهُ على علاّتِه
فمليكُه المرهوب يُعدِمه ندىً / فيعودُ حيّ العَود بعدَ مماتِه
لا غرْوَ إن صلُحَ الزمانُ بصالحٍ / أفعالُه غُرَرٌ على جَبهاتِه
ملكٌ لو انّ اللهَ قدّم عصرَهُ / لأتى به القرآنُ في آياتِه
كالغيثِ في إروائه ورَوائِه / والليثِ في وثَباتِه وثَباته
ذو راحةٍ وكفتْ ندىً وكفتْ ردًى / فقضَتْ بهُلْكِ عِداتِه وعُداتِه
زهرتْ نجومُ السعدِ عن آرائه / وسطَتْ جيوشُ النصرِ عن راياتِه
فرعٌ فالمُجتَلى المُجتَنى / من حُسنِه يحظى ومن ثَمَراتِه
ألِفَتْ خزائنُ مالِه من جُودِه / ما تألفُ الأعداءُ من فَتَكاتِه
يا ماجداً يطوى بشارقِ عدلِه / ما مدّ ليلُ الجهلِ من ظُلُماتِه
إنّا حمِدْنا الدهرَ منكَ ولم نكُنْ / لنذُمّ دهراً أنت من حسَناتِه
اهنأ بعيدٍ أنت معنى لفظِه / فيكَ اكتَسى مُستَحْسَناتِ صِفاتِه
فإذا سمعتَ بقائلٍ سمعَ الحَيا / بنوالِه نبِّهْهُ عن غَفَلاتِه
أترى سحابَ الجودِ أقْشَعَ مانعاً / هيهاتَ ليس المَنْعُ من آلاتِه
أبَتِ المكارمُ أن يضنّ بمشْربٍ / أن غرّقَ الثَقَلينِ بحرُ هِباتِه
ما أنجحَ الآمالَ عند مظفّرٍ / ظفِرَتْ لديه بشافعٍ من ذاتِه
فاسْلَمْ لتفريقِ النوالِ مضاعِفاً / فينا وجمعِ الحمدِ بعد شَتاتِه
الله يعلم أنني ما خلتُه
الله يعلم أنني ما خلتُه / يصبو الى الهجرانِ حين وصَلْتُهُ
لا ذَنبَ لي إلا هواهُ لأنني / لما دعاني للغرامِ أجبتُهُ
أحبابَنا أنفقتُ عُمري عندَكُم / ومتى أعوَّضُ بعضَ ما أنفقْتُه
ولمن أسيرُ الى سواكُم في الهوى / والقلبُ في عرَصاتِكُم خلّفتُه
أأرومُ بعدَكُم محبّاً صادقاً / هيهاتَ ضاقَ العمرُ عما رمتُهُ
وحياتِه قسَماً أعظِّم ذكرَهُ / وهو العليمُ بصِدْقِ ما قد قلتُهُ
إن لامَني لا لُمْتُه أو كادَني / لا كِدْتُه أو خانني لا خنتُه
ولأصبِرَنّ على تغيّرِ حالِه / صبرَ الكرامِ وإن تزايَدَ عَنتُه
حتى يُليّنَ لي قساوةَ قلبِه / ويُتمّ لي بالصّبرِ ما أمّلتُه
حملَ الخضابَ على المَشيبِ لكيْ
حملَ الخضابَ على المَشيبِ لكيْ / يُصْبي الحسانَ بديعُ حِلْيَتِه
ما كان أسعدَهُ غداةَ يُرى / وضميرُه كضميرِ لِحْيتِه
مُنعَ الشتاءُ من الوصو
مُنعَ الشتاءُ من الوصو / لِ مع الرسولِ الى دِياري
فأعادَني وعلى اخْتِيا / ري جاءَ من غيرِ اخْتِياري
ولرُبّما وقعَ الحما / رُ وكان منْ غرَضِ المَكاري
سارتْ مطيُّهُمُ بهم تمْطو
سارتْ مطيُّهُمُ بهم تمْطو / وتحمّلوا للبينِ واشتطّوا
ومحتْ رسومَهُمُ نوًى قذفَتْ / خطواتُها للشوقِ ما خطّوا
فيهنّ نافرةٌ تلفُّتها / صدٌ وفارطُ قُربِها شحْطُ
وسنانةُ الأجفانِ قد خُرِطَتْ / منها ظُبيَّ بقلوبِنا تسْطو
ومُحادثُ الأحداثِ عاجَلَهُ / في عُنفُوانِ شبابِه الوَخْطُ
قدحَ الغرامُ زِنادَ صبوتِه / فكأنما زفراتُه سقْطُ
ولوى الى مصرٍ أخادِعُهُ / أرَجُ نماهُ ذلك الخَطُّ
في حيثُ راحةُ مُصطَفى ديَمٍ / ينجابُ عن عرَصاتِها القحْطُ
ولآلِ سيفٍ ضيفُ مكرمةٍ / متشرِّطٌ في حيثُ لا شرْطُ
المُنتَضونَ مهنّداتِ سُطاً / من شأنِها الإقساطُ والقِسْطُ
للهِ سيفُ المُلْكِ من ملِكٍ / يُثْني عليه الخطُّ والخِطُّ
جذلانُ لا في مِعطَسٍ صلَفٌ / منهُ ولا في حاجبٍ مطُّ
طُويتْ خلائقُهُ على شِيَمٍ / ما إن سمِعْتُ بمثلِها قطُّ
ومضَتْ به العلياءُ في شِيمٍ / من دونِهنّ النجمُ منحَطُّ
إن حازَها في شرْجِه فلقَدْ / مُنِعَتْ بلوغَ أقلّها المطُّ
ما زالَ يخدَعُ قلبهُ حتى هَفا
ما زالَ يخدَعُ قلبهُ حتى هَفا / برقٌ يهزُّ الجوَّ منه مُرعَفا
أعشى عيونَ الشهبِ حتى لم يدَعْ / طرْفاً لها إلا قَضى أن يُطْرَفا
وألاحَ منها يستطيرُ كشاربٍ / نشوانَ رشّ على الحديقِة قَرْقَفا
وكأنّما وافى الظلامَ بعزلِه / فتلاً عليهِ من الصَباحِ ملطَّفا
حتى إذا سطعَ الضياءُ وأشبهَتْ / في لُجّةٍ حَبَاً طَفا ثم انْطَفا
خجِلتْ خدودُ الزهرِ عنهُ بروضةٍ / غيداءَ قلّدها نداهُ وشنّفا
أجْرى النسيمُ لجانِبَيْ مَيدانِها / طرَفاً وجرّ على رُباها مُطْرَفا
وأغرَّ كفّ الوصلِ كفَّ جِماحِه / من بعدِ ما هجرَ المتيّم ما كفى
كلّفتُ بدرَ التمِّ مثلَ جَمالِه / وظلمتُه فلذا تبدّى أكْلَفا
أنا والمُدامُ بكفّهِ وجُونِه / ما شئتَ سمِّ من الثلاثةِ مُدنَفا
أضحى يحِنّ ويرجَحِنُّ وإنّ منْ / أحْلى الحُلى متعطّفاً معطَفا
ما كنت أسْلو والخيانةُ شأنُهُ / فيكونُ ذلك حين فاءَ الى الوَفا
هل كان ذاك العيشُ إلا بارقاً / وهي الشرارةُ ما خَفا حتى اخْتفى
زمنٌ لقيتُ سميَّ يوسُفَ دونَهُ / ورأيتُ حين مدحتُ يوسُفَ يوسُفا
ملكٌ ببيْضِ ظُباته وهِباتِه / إنْ صالَ أو إن سالَ عفّى أو عَفا
يغْدو به شملُ العِداةِ مفَرَّقاً / ويروحُ شملُ المأثُراتِ مؤلَّفا
متنوعُ النَسَماتِ يسْري ريحُهُ / يوماً نسيمُ صباً ويوماً حَرْجَفا
خلْقٌ تراهُ في المهنّدِ جوهراً / طوراً وطوراً في الحقيقةِ زُخْرُفا
ومصرّفُ الرمحِ الطويلِ سنانُه / فتخالُه قلماً هناكَ محرِّفا
حيثُ العَجاجةُ فوق لامعةِ الظُبى / تَثْني على الإصباحِ ليلاً مُسْدَفا
فتُريك طرفَ الجوّ منها أكحلاً / ومن الطوالِ السّمْهريّةِ أوْطَفا
تشكو الجفاءَ من السيوفِ غُمودُها / ما سار بالخيلِ العِتاقِ فأوجَفا
وأناملٌ وكفَتْ ندىً وكفتْ ردًى / للهِ سيرتُها كفاةٍ وكّفا
ما حاتمٌ أن بتّ تذكرُ طيّئاً / أو حاجبٌ إن رُحْتَ تذكُرُ خَندَفا
جاءتْك كالأوراقِ باتتْ في الندى / خُضْراً أو الأوراقِ باتَتْ هُتّفا
من كلّ قافيةٍ تحطّ قباعَها / فيرُدُّ وجهَ قَفاً وقائلَهُ قَفا
حُفّتْ بألسِنةِ الرواةِ وإنّها / يا بنَ الكرامِ لَتسْقيَلَّ الأحْنَفا
كانت يدٌ لك عندَ عب
كانت يدٌ لك عندَ عب / دٍ أنت وحدَك سيّدُهْ
فقطعتَها ويعُزُّ عنْ / دي قولُهُم قُطِعَتْ يدُهْ
والشمسُ في وقتِ الأصي
والشمسُ في وقتِ الأصي / لِ بَهارةٌ لُفت بورْدِ
ولربّ خِرْقٍ جُبْتُهُ بأضامرٍ
ولربّ خِرْقٍ جُبْتُهُ بأضامرٍ / لُحُقِ الأياطِلِ قادَها الإقدامُ
خُوصٌ كأمثالِ السِهامِ مخافةً / فإذا سَما خطْبٌ فهنّ سنامُ
في فتيةٍ بيضِ الوجوهِ حديثُهُمْ / والليلُ داجٍ صبوةٌ وغَرامُ
عبثَ الكَرى برؤوسِهم فأحالَها / فكأنهم سَكْرى وليس مُدامُ
ألشَيْمِ برقٍ أم شميمِ عَرارِ
ألشَيْمِ برقٍ أم شميمِ عَرارِ / أوْرى بجانحَتَيْهِ زنْدُ أُوارِ
أم هزّ مِعطَفَهُ الغرامَ فمزّقَتْ / أيدي الصّبابةِ عنه ثوبَ وَقارِ
أم باكرتْهُ يدُ الهَوى بمُدامةٍ / صِرْفٍ فباتَ لها صريعَ خُمارِ
وعليلُ نفحةِ روضةٍ مطلولةٍ / باحتْ بما ضمّتْ من الأسرارِ
ما استَنْشَقَتْ منها المعاطفُ بلّةً / إلا انثَنَتْ في القلبِ جُذوةَ نارِ
حيثُ الغصونُ تميسُ في كُثبانِها / طرَباً لسجعِ ملاحنِ الأطيارِ
عبثتْ بها أيدي الصَّبا فتمايلتْ / فكأنّما شرِبَتْ بكأسِ عُقارِ
وتكلّلتْ تيجانُ أزهارِ الرُبى / بفرائدٍ من لؤلؤِ الأمطارِ
فالجوّ في مِسكيّةِ الغيمِ انبرى / والأرضُ في موشيّةِ الأزهارِ
والغانياتُ تميسُ في أرجائها / مختالةً ميسَ القَنا الخَطّارِ
من كلِّ سافكةٍ بسيفِ فُتورِها / عمداً وما لِقَتيلها من ثارِ
كالبدرِ في بُعدِ المنالِ وفي السّنا / والريمِ في كحَلٍ وفرطِ نِفارِ
ومهفهفٍ عبثَ الصّبا بقوامِه / عبثَ الصَّبا بمعاطِفِ الأشجارِ
وسنانَ ما حالَتْ قِداحُ جمالِه / إلا ثَنى قلبي من الأعشارِ
عاطيتُهُ راحاً الى الشمسِ انتمَتْ / بزُجاجةٍ تُنْمى لضوءِ نَهارِ
والليلُ من جَوزائه وهلالِه / يختالُ بين قِلادةٍ وسِوارِ