المجموع : 179
قل للرّجاءِ إليكَ قَد
قل للرّجاءِ إليكَ قَد / أتْعبتني بَعْدَ الكِرَامِ
قد عمّ داءُ البُخلِ حَتْ / تَى شاعَ في كلِّ الأَنامِ
فَأَكُفُّهُم بالبُخل مُقْ / فَلَةٌ على سُحتِ الحُطَامِ
فإِلامَ ترتادُ المَحُو / لَ وتَرتَجي رِيَّ الجَهامِ
يا أخي الشّاكِي لِما أش / كُوهُ والحَاملَ هَمّي
ونسيبَ الوُدِّ لا نِسْ / بَةَ آباءٍ وعَمِّ
ظَلَمَتْنِي دولةُ العَدْ / لِ فَمَنْ يكشِفُ ظُلمِي
ومتَى يُحْكَمُ لي بالْ / عَدلِ والحاكِمُ خَصْمِي
لا تُطلِعَنَّ لسانَ شَكْوى بَائِحٍ
لا تُطلِعَنَّ لسانَ شَكْوى بَائِحٍ / ضَجَراً على سِرِّ الفؤاد الكاتِمِ
واُعلَمْ بأنَّ جَمِيعَ ما فيه بنُو الدْ / دُنيا يزولُ زوالَ حُلمِ النّائِمِ
مَن ملَّ فاهجُرهُ فَقَدْ
مَن ملَّ فاهجُرهُ فَقَدْ / أبدَى لكَ اليأسَ المُبينا
أعيا شماسُ أخِي التَّلَوْ / وُنِ والمَلالِ الرَّائِضينا
لن يرجعَ الفَخَّاُر بعْ / دَ تَلاَفِهِ بالكسرِ طينا
لا تَخضَعَنْ رَغَباً ولا رَهَباً فَمَا الْ
لا تَخضَعَنْ رَغَباً ولا رَهَباً فَمَا الْ / مَرْجُوُّ والمَخْشِيُّ إلاّ اللهُ
ما قَد قضاهُ اللهُ مالَكَ من يَدٍ / بِدِفاعِهِ وسِواهُ لا تخشاهُ
لو كانَ صدَّ مغاضِباً ومُعَاتِبَا
لو كانَ صدَّ مغاضِباً ومُعَاتِبَا / أعتبتُه ووضعتُ خَدّيَ تَائِبَا
لكِنْ رأى تلكَ النَّضارَةَ قد ذَوَتْ / لَمَّا غَدا ماءُ الشَّبيبةِ نَاضِبَا
وتعاقُبُ الأيّامِ أعقَب لِمَّتي / من حالِكٍ جَثْلٍ شَكِيراً شَائِبَا
ورأى النُّهى بعد الغَوايةِ صَاحبي / فثَنى العِنَانَ يُريغُ غَيري صَاحِبَا
وأبيهِ ما ظَلَم المشيبُ وإِنَّهُ / أمَلي فقلتُ عَساه عنِّيَ راغِبَا
أنا كالدُّجَى لما انتهَى نَشَرَتْ لَهُ / أيدي الصّباحِ من الضّياءِ ذوائِبَا
خمسونَ من عُمري مضتْ لم أَتَّعِظْ / فيها كأنِي كُنتُ عنها غَائِبَا
لم أنْتَفعْ بتجَارِبِي فيها عَلى / أنّي لقيتُ من الزّمانِ عَجائِبَا
وأتَتْ عليَّ بمصرَ عَشْرٌ بعدَها / كانت عِظَاتٍ كلُّها وتَجارِبَا
شاهدتُ من لَعِبِ الزمانِ بأهلِهِ / وتَقلُّبِ الدُّنيا الرّقُوبِ عَجائِبَا
ما لي رأيتُ الثَّلجَ عمَّمَ شيبُهُ
ما لي رأيتُ الثَّلجَ عمَّمَ شيبُهُ / قُلَلَ الرُّبا فزَهت بِحُسن نَبَاتِها
رَاق العيونَ وشَيبُ فودِيَ رَاعَها / حتّى كأَنَّ الشَّيبَ وخْزُ قَذَاتِها
لِدَتِي وإخوانُ الشَبابِ مضَوْا
لِدَتِي وإخوانُ الشَبابِ مضَوْا / قَبلي وكَم من بعدهم أبْقَى
كُنّا كأفْراسِ الرّهانِ جَرَوْا / في غَايةٍ فتقدَّمُوا سَبْقَا
وهُمُ إذا بلغُوا المدَى وقَفُوا / حتى تَضُمَّ الحلْبَةُ الخَلْقَا
ثَلُجَ النَّباتُ فراقَ لونُ مشيبِهِ
ثَلُجَ النَّباتُ فراقَ لونُ مشيبِهِ / فعلامَ لونُ الشَّيبِ ليس يروقُ
ما ذَاكَ إلاّ أنَّ ذَا داعٍ إلى / طِيبِ السُّرورِ وذاك عنهُ يَعُوقُ
وإذا أخُو الشَّيبِ استَجاب للذَّةٍ / ومسرَّةٍ فسرورُهُ مسروقُ
لم تترُكِ السبعونَ في إقبالِها
لم تترُكِ السبعونَ في إقبالِها / مِنّي سوى مالاَ عليه مُعوَّلُ
حَتّى إذا ما عامُها عنّي انقضَى / ووطِئتُ فِي العامِ الذي يُستقبَلُ
حَطَمتْ قوَايَ وأوهَنتُ من نَهضتي / وكَذا بمَنْ طلبَ السّلامَةَ تَفعلُ
كَم قد شهِدْتُ من الحُروبِ فلَيتني / في بعضِها مِن قبلِ نَكسِي أُقتلُ
والقتلُ أحسنُ بالفَتى من قبلِ أن / يَبلَى ويُفْنِيَهُ الزَّمانُ وأجملُ
وأبيكَ ما أحجمتُ عن خَوضِ الرَّدى / في الحَربِ يَشهدُ لِي بذاك المُنْصُلُ
وإذا قضاءُ اللّهِ أخّرني إلى / أجَلِي المؤقَّتِ لِي فماذا أَعْملُ
وضحَ الصباحُ لناظِرِ المتأمِّلِ
وضحَ الصباحُ لناظِرِ المتأمِّلِ / فإِلامَ تُوضِعُ في الطريقِ المَجْهِل
أوَ ما نَهتكَ السِّنُّ عن مَرَحِ الصِّبا / والخوضِ في غيِّ الزَّمانِ الأوَّلِ
نَزِّهْ بياضَ الشّيبِ عن دَنَسِ الهوَى / فقدِ ارتدَيْتَ الدُّرَّ غير مُفَصَّلِ
واعفِ العذولَ عن المَلامِ فلومُه / غيرُ الملمِّ بسمعِ من لم يَجهلِ
نَضَا صِبغُ الشَّبابِ فلستُ أدري / لِصبغٍ حالَ أم تغيرِ حَالِ
وما ابيضَّ الغرابُ الجَونُ إلاّ / لينْعَبَ بانتقالٍ وارتحالِ
إن ضعُفَتْ عن حملِ ثِقلِي رجْلِي / ورَابَني عِثارُها في السَّهلِ
أمشي كما يمشي الوَجِي في الوَحْلِ / مَشْيَ الأسيرِ مُثقَلاً بالكَبْلِ
فللعَصَا عِنديَ عُذْرُ المُبلِي / إن عَجزتْ أوْ ضعُفت عن حَمْلي
قالت وأحزَنَها بياضُ مفَارقي
قالت وأحزَنَها بياضُ مفَارقي / ماذَا فقلتُ تريكةُ الأيّامِ
فَبَكَتْ وقالَت هل لهَا من وَارِدٍ / أو رائدٍ يوماً فقلتُ حِمَامِي
انظر إلى لَعِبِ الزَّمانِ بأهلِهِ
انظر إلى لَعِبِ الزَّمانِ بأهلِهِ / فكأنَّهم وكأنَّهُ أحلامُ
قد كانَ كَفِّي مألفاً لمهنَّدٍ / تُعرَى القلوبُ له وتُفرى الهَامُ
ولأسْمرٍ لدْنِ الكعوبِ وِجارُهُ / حيثُ استَمَرَّ الفكرُ والأوهامُ
تَتَزايلُ الأبطالُ عَنّي مثلَما / نَفَرت من الأَسدِ الهَصُورِ نَعامُ
فرَجَعتُ أحملُ بعد سبعينَ العصَا / فاعْجبْ لما تأتِي بهِ الأيَّامُ
وإذا الحِمامُ أبى مُعاجلَةَ الفتى / فحياتُهُ لا تُكْذَبنَّ حِمامُ
من مُبْلغٌ عني فلا
من مُبْلغٌ عني فلا / نَ الدّين والأنباءُ تَنْمي
أنّي هجرتُك لا كظنْ / نِكَ طائعاً لكنْ برَغمِي
أوهَتْ خطوبُ الدهرِ من / هِمَمِي وفلَّتْ حدَّ عَزمي
ورَمَتْنِيَ الأيَّامُ عن / قوسي فأردتني بسَهمِي
وغدَا الذين بهم أُسَلْ / لِي الهمَّ حين يُلِمُّ هَمِّي
حَمَّلتُ ثِقْليَ بعد ما شِبْتُ العَصا
حَمَّلتُ ثِقْليَ بعد ما شِبْتُ العَصا / فَتَحَمَّلَتْهُ تَحمُّلَ المُتَكَارِهِ
ومَشَت به مَشي الحَسيرِ بِوقْرِه / لاَ يَستقِلُّ مقيَّداً بِعثارِهِ
ما آدَها ثِقْلِي ولكن ثِقلُ ما / أبقَى الشّبابُ عَليَّ من أوزَارِهِ
ورجايَ معقودٌ بمن أعطَى أخَا السْ / سَبعينَ عُهدةَ عِتقهِ من نَارِهِ
احْذَرْ من الدّنيَا ولاَ
احْذَرْ من الدّنيَا ولاَ / تَغْتَرَّ بالعُمرِ القَصيْرِ
وانظُرْ إلى آثَارِ مَنْ / صَرَعَتْهُ مِنَّا بالغُرُورِ
عَمَرُوا وشادوا ما ترا / هُ مِنَ المنازِلِ والقصورِ
وتحوّلُوا من بعد سُكْ / نَاها إلى سَكْنَ القبورِ
لا تَغْتَبِط بسرورِ دُنْ
لا تَغْتَبِط بسرورِ دُنْ / يَا ما يدومُ بها سُرُورُ
وكذاكَ لا تَجْزَع لِحَا / دِثَةٍ تَضِيقُ بها الصُّدورُ
فجميعُ ما فيهِ الأَنَا / مُ أَلَيْسَ آخِرَهُ القبورُ
دنيايَ ناشِزَةٌ فإن فارَقتُهَا
دنيايَ ناشِزَةٌ فإن فارَقتُهَا / طوعاً وإلا فارقَتْنِي كارِهَا
إنّا لَنُنْكِرُ سوءَ عاقبةِ الورَى / فيها ونَهْوَاها على إِنكارها
كلٌّ بها كَلِفٌ ومن يزهدْ يكُنْ / في زُهْدِهِ متكلِّفاً مُتَكارها
أَذْكَرتُ نَفْسي مَصْرَع الآباءِ مِنْ / قَبْلي فَمَا أَصْغَتْ إلى إِذْكَارِهَا
وعجِبْتُ منها كَيفَ لم يَجْرِ الذِي / خُلِقَتْ لهُ يَوْماً عَلى أَفْكَارِهَا
والمَوتُ إن لم يأتِ في إِمْسائها / وافَى معَ الإِصْباح في إِبْكَارِهَا
وأمَامَها السَّفَرُ البَعيدُ وقَطْعُهُ / بِالبِرِّ لا بِقُرومِها وبِكَارِها
والدَّهرُ يَطْرقُ بالخطوبِ وما لَنَا / بعَوانِها أَيْدٌ ولا أَبْكارِها
والتُرْبُ أوكارُ الأنامِ وكُلُّنَا / كالطَّيرِ رائحةً إلى أَوْكارِها
يا نفسُ أينَ جميلُ صَبْ
يا نفسُ أينَ جميلُ صَبْ / رِكِ حينَ تَطرقُكِ الخُطوبُ
أين احتمالُكِ ما تَكا / دُ الرّاسياتُ لَه تَذوبُ
وثَباتُ جَأشِكِ حين تَض / طَرِبُ الجَوانحُ والقُلوبُ
ماذا دَهاكِ إلى مَتى / هذا التَأسُّفُ والنَّحيبُ
كيف استَزَلَّكِ بَعد صِدْ / قِ يَقينِكِ الأملُ الكَذوبُ
أرَجَوتِ أن سَيَرُدُّ مَن / غال الرّدى دَمعٌ سَكوبُ
أم خِلتِ أنّ نوائبَ الدْ / دُنيا لغيرِكِ لا تَنوبُ
هيهاتَ كُلُّ الخِلقِِ مِن / نكباتِها لهُمُ نَصيبُ
وبكُلِّ قَلبٍ من حَوا / دِثِها وأسهُمِها نُدوبُ
من ذا الذي يَبقى على / مَرِّ الزَّمان له حَبيبُ
لكنْ يُسلِّي النَّفسَ أنْ / نَ لَحاقَنا بهمُ قَريبُ
وإليهمُ مِن بَعدِ غَيْ / بَتِهمْ وإن طالتْ نَئُوبُ
يا دهرُ كم هَذا التَّفَرْ
يا دهرُ كم هَذا التَّفَرْ / رُقُ والتَّغَرُّبُ والشَّتاتُ
أبداً على سيرٍ كأنْ / نِي الشّمسُ لَيس لها ثَباتُ
متقلقلُ العَزَماتِ كال / مطلوبِ أفرقَهُ البَياتُ
ناءٍ عن الأهلينَ وال / أَوطانِ والأترابُ ماتُوا
ولَبِئْسَ عيشُ المرءِ فا / رقَهُ الأحِبّةُ واللِّدَاتُ
فإِلامَ أَشقى بالبَقا / ءِ وكَمْ تُعذّبُني الحياةُ
أصبحتُ لا أشكو الخطوبَ وإنَّما
أصبحتُ لا أشكو الخطوبَ وإنَّما / أشكو زماناً لم يَدع لي مُشتكى
أفني أخِلاّئي وأهلَ مَودَّتي / وأبادَ إخوانَ الصّفاءِ وأهلَكا
عاشوا براحَتِهِم ومِتُّ لِفقدهم / فعليَّ يَبكي لا عَلَيهم مَن بَكى
وبقيتُ بعدَهُمُ كأنِّي حائِرٌ / بمَفازَةٍ لم يلقَ فيها مَسْلَكا