المجموع : 207
في ذي الجفون صوارم الأقدار
في ذي الجفون صوارم الأقدار / راعِى البريةَ يا رعاك الباري
وكفى الحياةُ لنا شواغل فأفتني / ملأ النجوم وعالم الأقمار
ما أنت في هذى الحِلَى إنسيّة / إن أنت إلا الشمس في الأنوار
زهراءُ بالأفق الذي من دونه / وثب النهى وتطاول الأفكار
تتهتك الألباب خلف حجابها / مهما طلعِت فكيف بالأبصار
يا زينة الإصباح والإمساء بل / يا رونق الآصال والأسحار
ماذا تحاول من تنائينا النوى / أنت الدُّنى وأنا الخيال الساري
ألقى الضحى ألقاكِ ثُم من الدجى / سبل إليك خفية الإغوار
ولقد أطارحك الغرام مؤيّدا / بلُغى الوجود المائج الزخار
وإذا أنست بوحدتي فلأنها / سببي إليك وسلّمى ومنارى
إيه زماني في الهوى وزمانها / تالله قد كنت النمير الجاري
متسلسلا بين الصبابة والصبا / مترقرقا بمسارح الأوطار
سمحَ الأزمّة ما تريد تحوّلا / ونريد عمرك أطول الأعمار
حتى إذا سكنت إليك لنا منىً / كانت بظلك في هنىّ جوار
عمد الفراق لطىّ أنسك غاشما / إن الفراق جهم الأقدار
زعم المقطم أنه
زعم المقطم أنه / ينشي وينشر فلسفه
صدق المقطم يا له / من فيلسوف في السفه
مَلَك بأفق الرمل هلّ كريما
مَلَك بأفق الرمل هلّ كريما / يدعو الجماد جماله ليهيما
أبهى من الدنيا وأزين طلعة / وألذ من عَرف الحياة شميما
الريح تحضن بانة من قده / والبحر يرحم درّ فيه يتيما
والشمس تغشى شَعره وكأنما / خلعت عليه نضارها الموهوما
والناس في شغل به وتعجب / لا يذكرون من الهموم قديما
يارملة الثغر استرقى واملكي / من بات من فتن الغرام سليما
تتجمل الدنيا بشمس سمائها / وجمال أفقك بالشموس عموما
بالنعامات اللاهيات بمنتدىً / يبدو أشمّ على المياه فخيما
الحاكيات عليه أندلس الهوى / عربا لنا طورا وحينا روما
الطالعات ولا أقول فراقدا / حذر العيون ولا أقول نجوما
والمائجات من اللطافة لجة / والهافيات من الدلال نسيما
واللافظات عن القيق مرقّقا / والباسمات عن الجمان نظيما
والساحبات من الحرير مطارفا / ودَّ الأصيل فشيبهنّ أديما
من كل مقبلة تخف لها النهى / وثبا ويأخذها الفؤاد صميما
هيفاء تندى بهجة في إثرها / هيفاء تقطر نضرة ونعيما
متجانسات في سياق وفودها / يحكين هذا اللؤلؤ المنظوما
حلو الوعود متى وفاك
حلو الوعود متى وفاك / أتُراك منجزها تراك
من كل لفظ لو أذن / ت لأجله قبلت فاك
يروى الحلاوة عن ثنا / ياك العذاب وعن لمَاك
رخصت به الدنيا فكي / ف إذا أنالته يداك
ظلما أقول جنى الهوى / لم يجن إلا مقلتاك
غدتا منية من رأي / ت ورحت منية من رآك
والنفس تهلك مرّة / والنفس يشفيها الهلاك
من علم الأجفان في / أهدابها مدّ الشباك
وتصيّد الآساد بال / آجام تسلبها الحراك
يا قاسي القلب أتئد / وأقلّ جهدك في جفاك
ماذا انتفاعي فيك بال / رحماء من باكٍ وشاك
نفس قضت في الحب من / أولى برحمتها سواك
مضنى وليس به حراك
مضنى وليس به حراك / لكن يخف إذا رآك
ويميل من طربٍ إذا / ما مِلت يا غصن الأراك
إن الجمال كساك من / ورق المحاسن ماكساك
فنبتّ بين جوانحي / والقلب من دمه سقاك
ليت اعتدالك كان لي / منه نصيب في هواك
يا ليت شعري ما أما / لك عن هواى وما ثناك
ما همتُ في روض الحمى / إلا واسكرني شذاك
والقلب مخفوض الجنا / ح يهيم فيه على جناك
يا قلب أحمد هل سباك
يا قلب أحمد هل سباك / رِيم بسهميه رماك
فخفقت حتى لاقرا / ر وذُبت حتى لا حراك
أنا لا أقول جَنَت يدا / ى ولا أقول جنت يداك
ما لي ولا لك بالقضا / ء يدان فيما قد دهاك
عادتك عادية الهوى / الله حسبك في هواك
ماذا لقيتَ من الغرا / م ومن بشدّته ابتلاك
وإذا القلوب تهالكت / دنت الجسوم من الهلاك
يا قلب قد ذهب الصبا / عني ولم يذهب صباك
أبدا أراك رضى الملا / ح كما عهدتهمو رضاك
حلو الشمائل في الهوى / تُسبى فتَسبى من سَباك
لو همت في بدر السما / ء لما أوى إلا سماك
غصن الأراك وكم أقو / ل مغالطا غصن الأراك
مِل كيف شئت مع الريا / ح ففي طباع الغصن ذاك
فكري جهاتك أضلعي / واديك أحشائي رباك
يا مالكي بجميله / وجماله روحي فداك
لولا نوى ابن محمد / ما راعني إلا جفاك
الله حاطك في مسير / ك ثم حاطك في سراك
مصر وساكن مصر بال / صبر المودع ودّعاك
الخير في بحر حوي / ت وليس في بحر حواك
ما زلت أسكب دمع عيني باكيا
ما زلت أسكب دمع عيني باكيا / خالي وما خالي علىّ بعائد
حتى نظرت إلى الوجود بمقلة / ذهبت غشاوتها وطرف رائد
فرأيت دهرا ناصبا شرك الردى / والكل يدخل في شراك الصائد
يرمى بسهم طالما حاد الورى / عنه وما هو عنهم بالحائد
فهم البلى وبنو البلى خلقوا له / وتوارثوه بائدا عن بائد
ما هيج البسفور مثلك شاعرا
ما هيج البسفور مثلك شاعرا / بين الطبيعة فيه والتاريخ
فجعلت شعرك فيهما ولطالما / قد كنت عبد المدح والتاريخ
شمس النهار وأختها
شمس النهار وأختها / في الأرض منها مستظلة
هذى لدى أفق وذى / من أفق عصمتها مطلة
رام الجهول نزولها / والجهل يركب ألف زَلة
فترفعت عنه ولم / تُنزل عليه سوى المظلة
كن في التواضع كالمدا
كن في التواضع كالمدا / مة حين تُجلى في الكؤوس
مشت اتئادا في الصدو / ر فحكّموها في الرؤوس
هام الفؤاد بشادن
هام الفؤاد بشادن / ألف الدلال على المدى
أبكى فيضحك ثغره / والكِتم يفتحه الندى
لمن المساكن كالمقابر
لمن المساكن كالمقابر / يأوي لها حيّ كغابر
متجنب الدنيا عدو / وللأوائل والأواخر
تقف الطبيعة دونه / تحمى الميامن والمياسر
وتذود عنه بشامخ / منها وآونة بزاخر
وهو المضلَّل كاليعا / فر والمشرد كالعصافر
دنياه دنيا الخاملي / ن ودينه دين الأصاغر
ولغاته لا للمنا / بر قد خلقن ولا المحابر
وعلومه درست وعفّا / ها من الأزمان داثر
أوعَى سخافات الجدو / د وأسقط الحكَم البواهر
الأمر فيه لكاهن / والنهى مرجعه لساحر
وإذا يسام نفيسَه / والنفس أعطى الكل صاغر
فمن الملوك إلى الولا / ة إلى الجباة تراه حائر
هو بينهم ذاك الكسي / ر وكلهم للكل جابر
ومن العجائب ما لوى / ذنبا ولا رفع العقائر
عَير المظالم والمغار / م ضارع للهون صابر
كلب إذا خوّفته / صقر إذا أمّنت كاسر
جبل تقلقله الربى / فيلٌ تطارده الجآذر
بين العباد وبينه / غور من الأحقاد غائر
وقِلاهم في طبعه / كالفأر تلقاه السنانر
لو أقطعوه صوفهم / غرس الخناجر في الحناجر
وسقى من المهجات أك / بادا أحرّ من الهواجر
تلك المعالم والمجا / هل والمحاشد والمحاشر
تلك السواحل والأسا / كل والعيالم والزواخر
تلك الممالك والإيا / لات التي لم يحص حاصر
تلك المصادر لا موا / رد والموارد لا مصادر
الطير فيها مستطي / ر الروع والحيوان عائر
والنجم مضطرب الخطا / والفلك في الظلمات ماخر
مأهولة أحشاؤها / معمورة منها المحاسر
بالوحش في صور الأنا / م عشائرا حازت عشائر
أمم يكاثرها الحصى / عدّا وليس لها بكاثر
لا خلقها الحلو الوسي / م ولا خلائقها نواضر
صفر الغلائل واللوا / حظ والنواجذ والضمائر
حسروا الرؤوس ضئيلة / موشورة فيها الضفائر
ومشوا بأقدام حوا / ف مرهفات كالحوافر
وكأن سوقهم العصىّ / أو القسىّ أو الصنائر
ولقد يشينون الشنو / ف إذا تحلوا والأساور
وهم مغاوير السلا / م وفي الصدام هم المدابر
وترى خراب الود بي / نهم وبين الجن عامر
يستصرخهم إذا / ثاورا على الأَنَس المعاشر
يا قوم هذا موقف / ركن التهور فيها هائر
لا الجن فيه دافع / ين ولا من الأرباب ناصر
كلاّ ولا يغنى الرقا / ه ولا البخور ولا المجامر
واللّكم ليس بنافع / ولو أنه أدمى المناخر
إن الكفاية للمكا / سم واللوابل والموازر
ولقد تصونكم الدرو / ع ولا تخونكم المغافر
فتكثروا مما ذكر / ت فإنه خير الذخائر
وتعلموه وعلموه / صغاركم ضمن الشعائر
هيهات قد نفذ القضا / ء وصرتم في حكم قادر
متلهب الطغوى إذا / أخذ الفريسة لم يغادر
يا ليت شعري من تدو / ر عليه بعدكم الدوائر
الوقت أضيق أن نغا / لط في الحقائق أو نكابر
لم يبق إلا كرمة / للمسلمين بغير ناطر
إن نام عنها الحافظو / ن فان جفن الشر ساهر
من كان يرقب فرصة / فليغنم الفرص الحواضر
لا يمشينّ السلحفا / ء وغيره للمجد طائر
لا يحسبنّ المجد وال / علياء في كذب المظاهر
هذا بألقاب يتي / ه وذا بأنساب يفاخر
وإلى الأجانب تنتهى / نعم الصنائع والمتاجر
وتؤول كل إمارة / لم يرعها في القوم آمر
إن دام هذا فالسلا / م على الَمَحارب والمنائر
وعلى البرور بلا معا / قل والبحور بلا عمائر
تشكو الخصور من الصدور تحاملا
تشكو الخصور من الصدور تحاملا / والذنب محمول على الأرداف
هذى تؤازرها وتلك تهينها / فتضيع بين الرفق والإجحاف
متعاشقان من الزهور تبديا
متعاشقان من الزهور تبديا / ببديع مرأى في الغصون عجيب
يتنسمان الحب بينهما فما / لفمٍ على غصن النبات رطيب
عجِل الردى بهما ولا عجب إذا / ما أوديا بين الهوى والطيب
في زهرتَي ذا العود من
في زهرتَي ذا العود من / أهل الهوى جُمعت صفات
كالعاشقَين تقابلا / لكن على سُرر النبات
متآنسين يلاقيان الح / ب من كل الجهات
هذا على هذا حنا / ولذا إلى هذا التفات
لكن في الفجر الحيا / ة وفي الضحى لهما الممات
قسما لقد عاشا ولما / يأملا أملا ففات
من لي بسوق للحيا / ة يقال فيها خذ وهات
فأبيع عمرا في الهمو / م بساعة في الطيبات
يوم أغر محجل الأنباء
يوم أغر محجل الأنباء / لعلاك تهنئتي به وهنائي
ظمأ البلاد غليك في هذى النوى / ظمأ النبات إلى الغمام النائى
شوّقتها حتى إذا أظمأتها / قام السراب بها مقام الماء
عيدان فيها حين ناجت ربها / قالت له ثَلِّثهما بلقاء
قل للزمان يصبّ من أحداثه
قل للزمان يصبّ من أحداثه / أو لا يصب فما بنا إشفاق
غمرت مصائبه فأُغرقنا بها / والغمر فيه تستوى الأعماق
قالوا فروق الملك دار مخاوف
قالوا فروق الملك دار مخاوف / لا ينقضى لنزيلها وسواس
وكلابهم في مأمن فاعجب لها / أمِن الكلاب بها وخاف الناس
قالوا حبيب أنت تطرى شعره
قالوا حبيب أنت تطرى شعره / من ذا الذي لم يطر شعر حبيب
من كان في ريب فذا ديوانه / راح العقول وكأس كل أديب
أوعى لأحمد والوليد كليهما / شمم المديح ورقة التشبيب
كم فيه من مثَل يسير وحكمة / تبقى على الدنيا بقاء عسيب
يا حافظ الآداب والبطلَ الذي / يرجى ليوم في البلاد عصيب
قل للأولى خصوا اللآلئ بالهوى / مثقوبة أو غير ذات ثقوب
لا تسألوا الأصداف ماذا أُودِعَت / في هذه الأوراق كلُّ عجيب
قالوا فرنسا أنذرت سلطاننا
قالوا فرنسا أنذرت سلطاننا / قطع العلائق والوعيد مهول
وتساءلوا ماذا يكون فعالها / فأجبتهم فاشودة وتزول
لك أن تلوم ولى من الأعذار / إن الهوى قَدَر من الأقدار
ما كنت أُسلم للعيون سلامتي / وأبيح حادثة الغرام وقارى
وطَر تعلَّقه الفؤاد وينقضى / والنفس ماضية مع الأوطار
يا قلب شأنك لا أمدّك في الهوى / أبدا ولا أدعوك للإقصار
أمرى وأمرك في الهوى بيد الهوى / لو أنه بيدى فككت إسارى
جَارِ الشبيبة وأنتفع بجوارها / قبل المشيب فما له من جار
مَثَل الحياة تُحَبُّ في عهد الصبا / مثَل الرياض تحب في آذار
أبدا فروق من البلاد هي المنى / ومناى منها ظبية بسوار
ممنوعة إلا الجمال بأسره / محجوبة إلا عن الأنظار
خطَواتها التقوى فلا مزهوَّة / تمشى الدلال ولا بذات نِفَار
مرت بنا فوق الخليج فأسفرت / عن جَنة وتلفتت عن نار
في نسوة يورِدن من شِئن الردى / نظَرا ولا ينظرن في الإِصدار
عارضتُهن وبين قلبي والهوى / أمر أحاول كتمه وأداري
وسالت ما شغل الملائك بالثرى / فأجبن عيد خليفة المختار
صبحَ الجلوس جلتك أشرف ليلة / وجلوت للدنيا أجل نهار
الملك بينهما بأيمن طالع / والدين بينهما بخير منار
تاب الزمان إليه عن أحداثه / بفتى على أحداثه جبار
عمر الأمانة لا تراه غافلا / عن حرمة أو نائما عن ثار
عش يا أمير المؤمنين لأمة / ترضاك في الإعلان والإسرار
لو كان يجلس في الجوارح مالك / لجلست في الأسماع والأبصار
إن الذي جعل الخلافة هالة / قد زانها بالبدر في الأقمار
ألقى أزِمتها إليك وحازها / لك عن خلائف أربعين كبار
تعطى المشارق كل عام عيدها / بمجمل الأعوام والأعصار
بابر ممدود البناء بنى لها / ركنا قد كانت بغير جدار
ويهز عطفيه الزمان ويزدهى / بأغر فيه محجل الآثار
جالى الجنودَ كأنهم شهب الدجى / ومنيرهم من كل ليث ضار
ولقد ينال حمى الإله ببعضهم / مالا تنال الأرض بالأسوار
أخليفة الرحمن دعوة مهتد / بإمامة في ضوء يلدز سار