المجموع : 120
ظهر الوجود من العدمْ
ظهر الوجود من العدمْ / وبدا الحدوث من القدمْ
وتفصلت أسماء من / بالوجه أجمل والقدم
وانهدَّ ما بنت العقو / ل من المعاني وانهدم
وتبدل الشخص الذي / قد كان من لحم ودم
وقد استحال جميعه / نوراً فأوقع في الندم
وتداخل المخدوم في / وصف المحاسن والخدم
وتقاصر القصر المشي / د وبار بئرٌ وارتدم
إني أنا المعني القديمُ
إني أنا المعني القديمُ / إني أنا النبأ العظيمُ
وأنا هو السر الخفي / وأنا الصراط المستقمُ
والحق بي هو عالم / وبنفسه فهو العليم
والذات لا معنى لها / تلك الوجود هي القديم
فإذا عرفت فإنما / معنى لمعنى مستديم
هو نزلة أخرى له / قمنا بها وهو المقيم
ولقد رآه بها الذي / هو فضله فينا العميم
يا جوهراً لا جوهر / لكنه وصف كريم
قامت به أعارضه / وبطيبه جاء النسيم
حرنا فقلنا هكذا / والذات غيث يا فهيم
غيب الغيوب تنزهت / عما القلوب به تهيم
إنّا إليك نشير لا ال / موجود نحن بل العديم
والحق ليس عبارةً / منّا له وهو النديم
يدني ويقصي من يشا / وهو العذاب هو النعيم
معناه نحن وإنما / معناه يدركه الشميم
وهو الكوائن كلها / والكهف أيضا والرقيم
الله أكبر لا سوا / ه فإنه العقد النظيم
والسلك وهو وراء كل / ل الكل غفار حليم
وأنا السقيم وقد رتى / عجز ولا يشفى السقيم
والكون مثلي هكذا / لكن رضيع أو فطيم
عدم يحيط به الوجود وإنما
عدم يحيط به الوجود وإنما / عرف الوجود إذا الوجود تكلما
وهو الوجود وكلنا عدم بنا / هو قد أحاط وقد أشار فأفهما
صور بقرطاس تُقَصُّ فإنها / معدومة ولها الوجود توهَّما
أعنى بذلك أنها مقصوصة / في داخل القرطاس قصاً محكما
قرطاسها الموجود لا هي وحده / وهو المحيط بها وعنها أبهما
وله الظهور بها بوصف إحاطة / فانظر وليس لنا الظهور لتعلما
وجميع هذا كله في لمحة / يبدو ويخفى منةً وتكرُّما
والأمر أمر الله يعني شأنه / هو كل يوم فيه لن يتصرما
والخلق خلق الله أيضاً كلهم / عدم إذا حققت أرضٌ أو سما
وإذا مشيت مع العقول ووهمها / كنت المؤخَّر والمحقُّ مقدَّما
إذ ما سوى مولاك جاءك باطل / في النص فانٍ هالكٌ كم ذا العمى
فالمبطلون هم الذين تعلقوا / بسوى الإله الحق من جهل نما
والعارفون هم الذين قد اهتدوا / فاتبعْ طريقَهمو وخذْها سُلَّما
واسلك بها في الشرع شرع محمد / تجد الذي وجدوا وتصبح مسلما
صلى عليه الله ما ذهب الدجى / وأتى الصباح وما الهزار ترنّما
العفو أليق لا جرمْ
العفو أليق لا جرمْ / خلف الوعيد من الكرمْ
إن الكمال هو الذي / حبل الوجود به انبرمْ
وعليه نكسب لا علي / نا كاسب هو ما انخرم
لولا النصوص أتت بأخ / بار الوعيد المحترم
قلنا لكم ما الكل إل / لا النور يلمع في الحرم
والنار نورٌ أصلها / والكل حق ما انصرم
والواو حين تحركت / قلبت لأمر لم يُرَم
ألفاً هي الذاتُ انجلتْ / ذات العماد وقل إِرَم
والمنتهى منه إلي / ه فلا شباب ولا هرم
والغير ينفخ في الرما / د ونحن ننفخ في ضرم
وكلامنا سمن وقو / ل الغير أجمعه ورم
ارفع يديك إلى السماء تضرعاً
ارفع يديك إلى السماء تضرعاً / لله في كل الأمور لتغنما
أو ما ترى البلسان مد يديه قد / رفع الكفوف البيض منه إلى السما
ظهر الوجود من العدمْ
ظهر الوجود من العدمْ / وبدا الحدوث من القِدَمْ
وأتت تباشير الذي / خلق الورى لحماً ودم
والكل فان ما له / رأس يقوم ولا قدم
هو ثابت ما شم را / ئحة الوجود ولا ندم
ظن الوجود لنفسه / فبنى عليه فانهدم
إن الوجود الواحد ال
إن الوجود الواحد ال / موصوف فينا بالقدمْ
هو ظاهر بصفاته / لي من شبابيك العدمْ
عدم العوالم كلها / في الأصل مبنى ما انهدم
لا تنظرن لها وقل / ما في الوجود لها قدم
وانظر إلى صرف الوجو / د فقط بلا لحم ودم
فهو المنزه عن سوا / ه ولا يحيق بك الندم
واعلم بأنك قد أمر / ت بما أمرت وما انصدم
بِقُلِ انظروا يا قوم ما / ذا في السموات احتدم
ومن الموالي كن ولا / تكن المهان من الخدم
ولنفسك اعرف واعترف / بالحق واترك من كدم
أهل المحبة في السرور الدائمِ
أهل المحبة في السرور الدائمِ / لا يحزنون ولا بلوم اللائمِ
هم هكذا في هذه الدنيا كما / هم هكذا في يوم يقظة نائم
لهم الملاح مظاهر الغيب الذي / هو ظاهرٌ بجمال وجه دائم
يتنعمون به هنا وهناك لا / يخفى عليهم بالمليح القائم
أرواحهم كالشمس في أفق السما / وجسومهم شفافة كغمائم
هم أهل كشف يفرحون بربهم / في كل صورة أهيفٍ متلائم
لهم الجمال محققٌ بمحاسنٍ / تبدو الملاح بها كزهر كمائم
ولغيرهم معنى الجلال مظاهر ال / شهوات تعشقها نفوس بهائم
في هذه الدنيا بذاك تنعموا / وكذاك في الأخرى كطير حائم
نفس لهم لا روح تعلمهم بمن / هو نافخ فيهم لنيل غنائم
لا يعرفون الحظ غير بطونهم / وفروجهم شوقاً بكل ملائم
ولذاك قال الله فيها كل ما / هم يشتهون يحثهم بعزائم
أهل الحجاب لهم نعيم جسومهم / وعذابهم إن قابلوا بجرائم
ونعيم أهل الكشف رؤية طلعة ال / محبوب بالوجه الجميل الدائم
هو حظهم في النشأتين من الذي / عشقوه بالقلب الطهور الصائم
إذ لا نعيم سوى نعيم شهوده / يوم اللقا بلطائف وكرائم
هو ظاهر لعيونهم وقلوبهم / بمباسم لُعْسٍ ولين قوائم
من كل وضاح الجبين كأنه / بدر التمام محوَّطٌ بتمائم
يختال كالغصن الرطيب بقامة / لقلوبهم فيها غناء حمائم
كالبرق يلمع عن وجود حقيقة / نفحاتها فاحت بطيب نسائم
هو صبغة العدم الذي هو كلنا
هو صبغة العدم الذي هو كلنا / طوراً وطوراً نحن صبغته افهموا
فإذا رأيناه لنا هو صابغ / هو باطن ولنا الظهور المبهمُ
وإذا صبغناه يكون ولم نكن / فتحققوا يا قوم هذا واعلموا
هو واحد وهو الوجود وغيره / عدم كثير ليس يحصى مظلم
أجهلت قدرك أيها الإنسانُ
أجهلت قدرك أيها الإنسانُ / أنت الجميع وبعضك الأكوانُ
والنور والظلمات أنت حقيقةٌ / وسوى كمالك كله نقصانُ
يكفيك أن الحق سمعَك قد غدا / ويداً ورجلاً فيك وهو عيانُ
والكون أجمعه لأجلك خادم / يسعى وأنت المالك السلطان
فإذا انتبهت لبست ثوب سعادة / وإذا غفلت فثوبك الخسران
ولطيفك الجنات أنت منعم / فيها غداً وكثيفك النيران
إنزع ثيابك عنك وابق بغيرها / تعرف مقامك أيها الإنسان
أنا كعبةٌ كلُّ المعاني
أنا كعبةٌ كلُّ المعاني / حجت إليَّ بلا تواني
وكذا الكمالات التي / أبدا سواي لها يعاني
كم طاف بي علْمٌ وجا / ء مقبِّلاً حجر اللسان
وأتى إلى عرفات قل / بي واقفاً يبغي بياني
يا واحداً ما في العيا / ن له ولا في الغيب ثاني
أنا جفنك المكسور يا / عيني ومنك الجبر داني
ولذا يكون الحسن في / هذا وفي حور الجنان
قم للمدام أخا الغرا / م وطف بنا في كل حان
واكرع حُمَيّا القدس من / صُوَرِ البرية في قناني
واشرب معي بيد المدي / ر فحبَّذا أيدي الحسان
وادخل كنيسة ديرها / واعكف على بنت الدنان
متجردا عن كل ما / يلهيك عن هاتيك فاني
واسكر بها مع كل شم / ماسٍ يميل كغصن بان
واسمع مثانيك التي / تتلى على صوت المثاني
ودع الجهول يظن من / ك ظنونه في كل آن
واعلم بأنك لست ته / دي من تحب مدى الزمان
أفتُسمِعُ الصم الذي / ن بعيشهم هم في افتتان
أم أنت تَهدي العميَ عن / ذل الضلالة والهوان
أتريد ترشد عصبة / لشجاعهم قلب الجبان
خذ ما صفا لك بينهم / واترك لهم كدر الأواني
وانزل إليهم لا تُكَلْ / لفهم إلى أعلى المكان
ولربما انقلبوا فلا / تنكر لهم قلب العيان
أنا في الملاح على اليقينِ
أنا في الملاح على اليقينِ / ومحبة المحبوب ديني
فتنكبوا يا زائغي / ن عن الصراط المتبين
نار المحبة عندكم / والنور عندي في كميني
وأنا الذي في بحر قد / س الذات أسبحُ كل حين
وعيونكم وقلوبكم / يسبحن في ماء وطين
متمتع أنا في الجما / ل بحضرة الحق المبين
ونفوسكم مفتونة / بزخارف الماء المهين
ماذا دهاكم يا كلا / ب النبح من ليث العرين
حتى كفرتم بالملي / ح ككفر إبليس اللعين
لو لم يكن في الحسن ما / فيه من السر الخزين
ما الله أعمى عنه أع / يُنَكم بأسلوب متين
وأضلكم عن وجهه ال / باقي بمعدوم مهين
ورمى بكم للطمس في / بطن الطبائع كالجنين
أو يستوى الإلهام بالأ / ملاك معْ نُطْقِ القرين
لكمُ الوساوس في الصدو / ر من السطور بلا معين
ولنا علوم الحق بال / تحقيق عن حق اليقين
ومحبة الوجه الملي / ح لدي في حصن حصين
وخواطري رأت الهدى / في حب وضاح الجبين
عيني به في جنة / تزهو بحور منه عين
والقلب يظفر كل وق / ت منه بالعقد الثمين
وجمالُ دِحْيَةَ قد حكا / هُ ظهورُ جبريل الأمين
لا في الحنين له أنا / كلا ولا أنا في الأنين
بل في التواصل واللقا / وموارد الماء المعين
لا قيد لي في مطلق ال / حسن المفرِّح للحزين
أبداً ولا بنواظرٍ / ألهو ولا قلب رهين
ومحبتي نورٌ بلا / نار ولا شيء مشين
وهي التي أنا عابد / ربي بها طول السنين
خلصتها مني ومن / غيري بتشديد ولين
وبها عرفت تجليا / ت الله بالنور المبين
وغدا بها ألقى المنى / وأكون من أهل اليمين
خذها إليك لها هدى وبيانُ
خذها إليك لها هدى وبيانُ / منا نصيحة من له عرفانُ
مغرىً بحب المذعنين يسوقهم / للغيب منه تحقق وعيانُ
وبها يد التوحيد قد مدت لمن / حفظ العهود وعنده الإذعانُ
إني بحبك يا محمد مغرمٌ / أنت البديري بالكمال مصان
وعليك من نسج الهداية حلةٌ / وطرازها التوفيق والإيقان
فابشر بكل سعادة وعناية / وحماية ومن الإله تصان
أنت الحقيق بأن يقال لك انتبه / من رقدة الغفلات يا إنسان
أعنى بذلك رقدة الدين التي / من كان راقدها هو اليقظان
عند العوام وعند من هو غافل / والذكر منه بها هو النسيان
علم اليقين فإن ذلك بعده / عين اليقين به الأحبة دانوا
من بعده حق اليقين ولليقي / ن حقيقة لظهورها لمعان
هي وحدة باسم الوجود تحققت / وهي الوجود الحق والوجدان
تنحل فيها المشكلات جميعها / والسنة الغراء والقرآن
وكلام أهل الله في طبقاتهم / وبها يكون من الشكوك أمان
إن الوجود لمن تحقق واحد / ليس الزيادة فيه والنقصان
ذات منزهة عن التركيب لا / شيء يشابهها له الحدثان
وصفاتها في نفسها هي عينها / وكذاك أسماء لتلك حسان
والعقل يدرك أن ذلك غيرها / وهي المراتب ما لها نكران
لا عينها لا غيرها فافطن هنا / ليزول عنك الظن والحسبان
وهي اعتبارات كثيرات وما / هي غير ذات الحق جل الشان
والحس والمحسوس قد قاما بها / والعقل والمعقول يا إخوان
والكل خلق الله أي تصويره / مثل المعاني تدرك الأذهان
فانظر إلى هذا الوجود مجرداً / عنه تقاديراً هي الأكوان
ومنزهاً لجماله عن كل ما / يحوي المكان وتجمع الأزمان
فالكل موجودون منه به له / لولاه كان وجودهم ما كانوا
والكل معدومون فيه وإنما / هو وحده المتفضل المنان
وهو الذي هو عين ما هو لم يزل / ما غيَّرته بخلقها الأعيان
وكذاك لم تتغير الأعيان من / عدم بها لكن لها لوذان
تبدو به وهو الذي يبدو بها / كلٌّ لكلٍّ نسبة وقران
وهما جميعاً ظاهران فتارةً / خلقٌ يقال وتارةً رحمان
حق على العرش العظيم قد استوى / وبه محلٌّ قائم ومكان
سبحانه من أن يحل بغيره / أو في مكان أوله إمكان
هو أول هو آخر هو ظاهر / هو باطن هو واحد ديان
والكائنات جميعها معدومة / في نوره ولها به إبطان
وهو الوجود الحق جل جلاله / والإنس قد قاموا به والجان
في الملك والملكوت عز وجل عن / معنى الشريك وما هي الأوثان
فالجأ إليه وكن به متمسكاً / وليستَوِ الإسرار والإعلان
واطرح قيودك في حماه ولذ به / وليكثر التفويض والتكلان
وبه فقم واقعد به واركع به / واسجد إليه به لك استيقان
واترك مرادك في قديم مراده / يَمضي الفساد ويذهب الطغيان
واترك به دعوى الوجود له وكن / فيه بلا كون يزول الران
واجعل فناءك في هواه هو البقا / إن الفنا هو للبقا ميدان
واعكف على سنن النبي محاذراً / بدعَ الزمان يسوقها الشيطان
فالسنة الغراء منهاج التقى / تُمحى به الآثام والعصيان
واكفف عن الناس الظنون وسوءها / واحذر ففي هذا لك الحرمان
واترك على العاصين سترَ إلههم / واعلم بأنك كيف دِنتَ تدان
واكتم سريرتك التي هي قد صفت / لك عن سواك يزينك الكتمان
وأقم على نصحي وكن متحققاً / بمقالتي فمقالتي الفرقان
وأدر لسانك بالصلاة على الذي / غيث الهدى أبداً به هتّان
ولآله ولصحبه من بعده / فليكثر التسليم والرضوان
وانهض بحب الصالحين وذكرهم / فيما تروم فتذهب الأحزان
ولك الحوائج تنقضي بسهولة / وإليك يأتي العفو والغفران
وبما أتى عبد الغنيِّ فخذ ولا / تتبع عداه فإنهم عميان
من مات يعلم أنك الحق المبينْ
من مات يعلم أنك الحق المبينْ / وأنا الذي قد متُّ فيك على اليقينْ
وفنيت حتى في وجودك بان لي / كيف التمسُّك منك بالحبل المتينْ
يا نور نور الكائنات جميعها / نور على نور هو النور المبينْ
أنا ظلمة ظهرت بنور محمد / ومحمد نور بنورك مستبينْ
والنور بالظلمات يظهر عادة / وكذلك الظلمات من نور تَبينْ
نحن التقادير التي قدرتها / في نور نورك يا مهيمن يا معينْ
فالطف بنا وامنن علينا بالذي / نرجوه منك ولا تدعْنا حائرينْ
وتولَّ حفظ قلوبنا وجسومنا / مما يعيب من الأمور وما يشينْ
وأعن وثبتنا عن سنن الهدى / دنياً وآخرةً كما ترضى ودينْ
بحبيبك الهادي إليك محمد / خير الورى وأجلهم طه الأمينْ
وبآله وبصحبه وبحزبه / وبمن غدوا أنصاره والتابعينْ
أبدا عليه كذا عليهم كلهم / أزكى الصلاة مع السلام بكل حينْ
ما لاح وجه الفجر في شعر الدجى / والشمس مشطت السواد عن الجبينْ
مالي لقد أصبحت من نيل المنى
مالي لقد أصبحت من نيل المنى / لا أنت أنت أرى ولا أني أنا
وأرى البلاد ولا بلاد وأهلها / لا أهلها وأرى الدُّنا هي لا الدُّنا
وجيمع ما قد كان زال ولم يزل / والكل وهماً صار لي كي يفتنا
وبدا الذي قد كان عني خافياً / متصوراً بالكل لي متعينا
من غير ما صور تغيره ولا / هو بالظهور بها يكون مكوّنا
ما قيدته عن مدى إطلاقه / إذ لا وجود لها سواه مبينا
وهي الكثيرة وهو فيها واحد / فرد وإن صبغته لي فتلونا
لم يشتغل عن بعضها بالبعض بل / في كل شيء لم يزل متمكنا
وشئونه هي وهي فانية به / وهو الذي هو ليس يدركه الفنا
حقٌّ ونحنُ وما نشاهدُ باطلٌ / فتن العقولَ بخلقِه والأعينا
فاحذر تظن بأن شيئاً غيره / معه يكون هناك في الغد أو هنا
إن الفناء طهارة الإنسانِ
إن الفناء طهارة الإنسانِ / لصلاة معرفة البعيد الداني
فصلاةُ معرفةِ الإله بغير ما / طهرِ الفناءِ عديمةُ الأركان
والكفر فيها ظاهر بكلامه / وبفعله وإزالة الإيمان
إن الفناء طهارة مفروضة / لصلاةِ معرفةٍ على الإنسان
وهي الفناء المحض بالتطهير عن / خبث الجسوم كثائف الحيوان
وعن النفوس لطائف الكون التي / حدثت فقل حدث من الحدثان
وطهارة الأخباث والأحداث لا / تجزي بغير الماء ذي السيلان
والماء ماء الغيب ينزل من سما / غيب الإله على فؤاد عاني
لا بد ذاك يكون ماءً مطلقاً / عما يخالطه من الأكوان
حتى به حدث يزول وإن يكن / ماء تراه مقيداً بمعاني
فهو المقيد وهو ليس برافع / حدثاً كما قالته أهل الشان
لكنهم في رفعه خبثاً لهم / قولان والرفع اقتضاءُ بيان
والماء ذاك المطلق الصرف الذي / هو بالوجود يراد في القرآن
تحقيق كل حقيقة بالحق إذ / هو لا سواه وكل شيء فاني
إياك تشهد غيره ودع العَنا
إياك تشهد غيره ودع العَنا / لا أنت في هذا الوجود ولا أنا
هذا الوجود هو الحقيقيُّ الذي / نبدو به وبه نعود إلى الفنا
وإذا به عدنا نعود كلم نكن / وإذا بدونا فهو باد دوننا
والباطل الشان الذي هو باطل / والحق حق إن تباعد أو دنا
إن الذي هو عالم بك جاهل / يا من تحجب بالسوى وتبينا
لونان كالحرباء لون خلائق / ظهرت ولون حقائق هن المنى
يا ابن الحوادث لا تظن فلا تكن / أنت القديم وإن بدا بك واعتنى
هو عنك ممتاز هنا بوجوده / وبك امتياز عنه في عدم هنا
هيهات هيهات الوجود يكون لل / عدم المقدر أو بعكس كالأنا
إن الحلول من الجهول توهُّمٌ / في قول أهل الله يجعل ديدنا
ما إن سمعت ولست أسمع عاقلاً / أبداً يظن الحق يسكن ممكنا
وإنِ النصوص أتت به فلأنها / جاءت على عقد النبي تيقُّنا
إن الوجود على الحقيقة واحد / في كل شيء قد بدا وتعينا
والشيء تقدير له فانٍ كما / قد جاء فاكشف عنه إن تك مؤمنا
والحق قيوم لمن هو باطل / وهو السوى بالوهم قام فأفتنا
يا من به تتكوَّن الأكوانُ
يا من به تتكوَّن الأكوانُ / وبأمره تتلون الألوانُ
هي هذه هي هذه هي هذه / كل العوالم تلك والإنسان
هي كعبة الغيب المقدس طائف / أبداً بها ما يظهر الحدثان
ويمينها الحجرُ السعيد لبيعة / قد مدَّ حيثُ شهودها الإيمان
والروح طائفة وجسمي طائف / هذا لهذا في الوجود قران
حتى إذا كشف القناع وأشرقت / تلك الحقيقة والعيان عيان
وهناك يبرا القلب من داء الجفا / وبوصلنا يتبدل الهجران
حاولتُ في المرآة أنظرُ مَن أنا
حاولتُ في المرآة أنظرُ مَن أنا / فرأيتُ شخصاً أنكرتْهُ عيوني
مستبشعَ الشدقينِ مندلقَ اللحَى / غلب البياضُ على السواد الجون
يعلو القذى أجفانَه ولعابَه / مع ماء منخره وماء جفون
لا ثغر في فمه وعن أسنانه / متعوِّضٌ بالدردر المسنون
عيناه غائرتان في أصداغه / وجبينه في صفرة وكمون
فسألته من أنت قال أنا الذي / هو أنت بُدِّلَ عقله بجنون
ذهبت شبيبته ورونق وجهه / والضعف لازمه وفرط الهون
عبد ولكن ربُّهُ بَرٌّ به / وعطاؤه كحياً عليه هتون
ما إن له عمل سوى توحيده / وسوى الرجاء لكافه والنون
يمشي ويعثر في معالم ذنبه / مشيَ المكبلِ في قيود ديون
ألف التجلي من صفات إلهه / وظهوره يرمي به لبطون
نودي عليه ولات حينَ البيعِ مَنْ / يَشري له عبداً بدون الدون
فتضاحكت منه الرجال وأعرضوا / عنه وقالوا العبد عبد مجون
جم العيوب وما له غير الفنا / ستراً يلوذ بسره المكنون
فأجبته قف وانتظر فلربما / جبر المسعِّرُ صفقةَ المغبون
ليس الوجود كما يقال اثنانِ
ليس الوجود كما يقال اثنانِ / حق وخلق إذ هما شيئانِ
هذا المقال عليه قبح عقيدة / عند المحقق ظاهر البطلان
ولد الإله بها النصارى قولهم / والكذب جاء بذاك في القرآن
والله لم يولد فواعجباً لمن / قالوا الوجود بعقلهم قسمان
قالوا وجود حادث هذا وفي / غيب الغيوب وجودُ حق ثاني
ياليت شعري ذا وجودٌ حادثٌ / من أين جاء لهذه الأعيان
من ربها والرب لم يولد ولم / يخرج وجود منه للأكوان
أو جاء من عدم وليس يجيء من / عدم وجود إذ هما ضدان
والضد ليس يجيء منه ضده / أبداً وما الضدان يجتمعان
بل إنما هذا وجود واحد / وبنا يلوح وكل شيء فاني