المجموع : 142
وأغنّ قد جعلَ الكنائسَ منزلا
وأغنّ قد جعلَ الكنائسَ منزلا / ومثالُه تَخِذَ الكِناسَ قرارا
متنصرٌ حتى الجمالُ بوجهه / فلذاك شدّ عِذارهُ زُنّارا
ومسامرٍ تُسْليكَ عن سِنةِ الكرى
ومسامرٍ تُسْليكَ عن سِنةِ الكرى / ألفاظُه فالليلُ منه نهارُ
تَثْني المسامع عن سَماع حديثِه / صُمّاً فتسمَعُ ذلك الأبصارُ
ويهزُّ أغصانَ القدودِ كأنّهُ / كأسٌ عليها للمُدامِ تُدارُ
إن أشكلتْ يوماً عليكَ قضيةٌ / فاسألْهُ تحْظَ فعندَهُ الأخبارُ
لا شيءَ أنصفُ منه تُظهِرُ سرّهُ / أبداً وتخفى عندَه الأسرارُ
وأغنَّ تسكُرُه فتورُ جفونِه
وأغنَّ تسكُرُه فتورُ جفونِه / فكأنّما هي قد سقتْهُ عُقارا
كالبدرِ وجهاً والقضيبِ تثنّياً / والدعصِ رَدْفاً والغزالِ نِفارا
أوردتُ إنساني بصفحةِ خدِّه / ماءً فأضرمَ في الجوانحِ نارا
شِعْري كمجدك من يرُمْهُ مقصِّرُ
شِعْري كمجدك من يرُمْهُ مقصِّرُ / وبحارُ فكري مثلُ جودك تزخَرُ
لما أعارتْهُ صفاتُك بعضَها / باهتْ بجوهرِك النفيسِ الأعصرُ
وإذا رجِعْتَ الى حقيقةِ / يوماً فمن عَلياكَ ذاكَ الجوهرُ
هل أنت إلا دوحةٌ أغصانُها / شيءٌ عقيمٌ ذا وهذا مُثمِرُ
فخراً لراحتكَ الكريمةِ إنّها / نال المُقِلُّ نوالَها والمُكْثِرُ
كالغيثِ فوق البرّ ثَرّانٌ هَمى / منه ووسْطَ البحرِ دُرٌّ أزهرُ
ما ضاع دِينٌ أنت حافظُ شرعِه / كلا ولا أخنتْ عليه الأدْهُرُ
أشكو إليك جمودَ جاريّ الذي / ألفيتَه بالضدِّ مما يُذْكَرُ
إن عادَ من أحجارها فارجعْ له / موسى ترى أنهارَهُ تتفجّرُ
أو صار من بعضِ الحديدِ فكنْ له / داودَ يُنْهى في يدَيهِ ويُؤمَرُ
إني على سفرٍ وإن أرحلْ فلي / قلبٌ مَشوقٌ عنك لا يتأخّرُ
أرجو نوالَك لا نوًى لك غادرٌ / بأساً فنالَ الفوزَ فيما يُضْمِرُ
واسلم فمثلُك من تُنيلُ بَنانَهُ / بِدَراً مُحجِّيها ومثلي يَشكُرُ
قلْ في الزمانِ فإنّهُ
قلْ في الزمانِ فإنّهُ / هرِمٌ ونكِّب عن زُهَيْرِ
واجعلْ مقالَك كلّهُ / شراً فليس زمانَ خَيْرِ
قد طالَ سيري في البلا / دِ فلمْ عصاي بغير سيرِ
حتى كأن اللهَ لمْ / يَخلُقْ لشغْلِ البالِ غَيري
يا ليتني كنتُ اعتزل / تُ برأسِ صومعةٍ بدَيْرِ
وافيتَ منفرداً عن الأنظارِ
وافيتَ منفرداً عن الأنظارِ / فملأت بشراً أعينَ النُظّارِ
وحدَوْتَ للإسكندريةِ عارضاً / أنشأتَه في مصرَ للأمصارِ
وتنقلتُ بكَ للمحامدِ همّةٌ / رأتِ التنقّلَ شيمةَ الأقمارِ
فكفيتَ يا عزَّ الكُفاةِ عوارضاً / حكمتْ بشيبِ عوارضٍ وعِذارِ
عبسَ الزمانُ ولو قصدتُك تائباً / قامتْ الى الأسفارِ بالأسفارِ
لكنني كالروضِ من عاداتِه / أنْ تنتحيهِ ركائبُ الأمطارِ
فأتيتُ نحوكَ للسؤالِ موفَّقاً / فظفِرْتُ في الأوطانِ بالأوطانِ
وإليكَ أشكو جارياً حاولته / فوجدتُه قد مرّ عني جاري
وابعثْ إليه خيولَ جاهِك علّها / تَثْنيه بالإطلاقِ بين أسارِ
سافِرْ إذا حاولتَ قَدْرا
سافِرْ إذا حاولتَ قَدْرا / سارَ الهلالُ فصارَ بَدرا
والماءُ يكسِبُ ما جرى / طيباً ويخْبُثُ ما استقرا
وبنقلة الدُرَرِ النفي / سةِ بُدِّلتْ بالبحرِ نَحْرا
وَصْلاً إن امتلأتْ يدا / كَ فإن هُما خلَتا فهجْرا
فالبدرُ أنفقَ نورَه / لما بَدا ثمّ استَسَرّا
زِدْ رفعةً إن قيلَ أتْرَ / بَ وانخفِضْ إن قيلَ أثْرى
فالغصنُ يدنو ما اكْتَسى / ثمَراً وينأى ما تعرّى
حركاتِ عيسِك إن أردتَ / مِهادَ عيشِك أن تقرّا
فالمهدُ أسكنُ للصغيرِ / بحيثُ جاءَ به ومرّا
إما تَرَيني شاحبَ ال / وَجَناتِ قد أُلبِسْتُ طِمْرا
فوقائعُ الأيامِ تُخْ / رِجُ أهلَها شُعْثاً وغُبْرا
والصارمُ المطروُ لي / سَ بجفنِه يزدادُ أثْرا
مدّتْ إليّ الأربعو / نَ يداً وقد قهقَرْتُ عَشْرا
واستحدَثَتْ في لِمّتي / نُقَطاً فهلا كُنّ حِبْرا
وكفاك أني إن نظرْ / تُ لها أرَتْني النجمَ ظُهْرا
لا قلتُ أُفٍّ فإنّها / شررٌ بأفِّ تعودُ جَمْرا
كان الشبابُ الغضُّ لي / لاً فاستنارَ الشّيْبُ فجْرا
ولو انّني الغصنُ الرطي / بُ زُهِيْتُ حين حملْتُ زَهْرا
لكنْ مكاسِرُ نَبعَتي / تأبى على النكَباتِ كَسْرا
مرت عليّ النائبا / تُ تذوقُني فوجدْتُ مُرّا
فلئن تقلّب بي الزما / نُ كما اشتهى بَطْناً وظَهْرا
فيما قتلتُ صروفَهُ / وقتلتُهُ جَلْداً وخُبْرا
غاضَ الوفاءُ وفاضَ ما / ءُ العُذْرِ أنهاراً وغُدرا
وتطابقَ الأقوامُ في / أقوالهم سرّاً وجَهْرا
فانظر بعينكَ هل ترى / عُرْفاً وليس تراهُ نُكْرا
خَلْقٌ جرى من آدمٍ / في نسلِه وهلمّ جَرّا
فاعتَبْ أخاكَ على الذي / يَجْنِيه أو أوسِعْهُ جَرّا
ومُروّعي بالبحرِ يح / سَبُ أنّني أرتاعُ بَحْرا
أضحى يُطاردُ عزْمَتي / بملامةٍ كرّاً وفَرّا
وبواديَيْ عدن وسق / على السُرى لقتالِ مِصْرا
كم ذا يُريدُ يُبيدُه / طيّاً وليس يُبيدُ نَشْرا
البحر والصحراء والن / يل المعرج والمقرّا
أو ما دَرى أني بتس / هيلِ المصاعبِ منهُ أدرى
أعددتُ نظرةَ ياسرٍ / نحوي وسوفَ يعودُ يسرّا
من صرّفَ الأقدارَ في / آرائهِ كسْراً وجَبْرا
واستخدم الأيامَ في / أحكامِه نهياً وأمْرا
وانتاشَني في نظرةٍ / أُولى سيشفَعُها بأخْرى
وجرى الى شأوِ السما / حِ مع الرياحِ فكان أجرى
فالسُحْبُ ترشَحُ إذ جرتْ / في إثْرِه بالجهدِ قطْرا
والرعدُ يرجِعُ جاهداً / أنفاسِه تَعَباً وبهْرا
والبرقُ طارَ فؤادُه / خوفاً لِما يلْقى وذُعْرا
غُرْسُ الصنائعِ في الرقا / بِ فأنبتَتْ حمَداً وشُكرا
ورأى الأياديّ اعتلتْ / شُرُفاتِها شرَفاً وفَخْرا
يقظانَ إنْ نبّهَتْه / عُمَراً أو استنجَدْتَ عُمْرا
ووزيرَ مملكةٍ غدا / وَزَراً لها وسِواهُ وِزْرا
راشَتْ يداهُ قدحَها / من بعدِ ما قد كان يُبْرَى
فلرُبّ طُرّةِ معْركٍ / سوداءَ قد أعدتْهُ طُرّا
مدّتْ من النقْعِ المثا / رِ به رواقاً مُشْمَخِرّا
حتى كأنّ الشمسَ فيه / غادةٌ تحتلُّ حَذْرا
أسرى الى أبطالها / فأبادَهُمْ قتلاً وأسْرا
فكأنّهم كانوا بغا / ثَ الطير لما انقضّ صَقْرا
بكتائب كتبَ الإل / هُ أمامَها فتحاً ونَصْرا
من كلِّ مُتّشحٍ على / بحرِ الدلاصِ الزُعْفِ نَهرا
ومعرّضٍ من فوقِ ها / دي الطّرف مُسْودّاً مُمِرّا
ومطاولِ الأنواعِ يُقْ / دِمُ صائباً كالصلِّ شَرّا
جرّوا الذوائبَ والذوا / بِلَ خلفَهم بيضاً وسُمْرا
فالسيفُ يُقرعُ بينَهُم / بشقيقِه والضيفُ يُقْرى
يا راوياً عن ياسرٍ / خِبْراً ولم يعرفْهُ خُبْرا
اقرأ بغُرّةِ وجهِه / صُحْفَ المُنى إن كنتَ تَقْرا
والثِمْ بَنانَ يمينِه / وقلِ السلامُ عليك بَحْرا
وغلِطْتَ في تَشبيهِها / بالبحرِ فاللهمّ غُفْرا
أو ليس نِلْتَ بذي غنًى / جمّاً ونلتَ بذاك فَقْرا
وكما يُفيدُ بنانُه / غَمْراً يُعيدُ البحرَ غَمْرا
اللهُ أكبرُ عندَ ه / ذي آية في الجودِ كُبرى
هذي شرابٌ وهي تج / عَلُ فيه مثلَ البحرِ دُرّا
وتُنيلُه الشِعْرى على / بصَرٍ به ليكونَ شِعْرا
أوَ ما تراهُ يُجيدُ في / أمداحِه نظماً ونَثْرا
من كلِّ بِكْرٍ ما ارتَضَيْ / تَ لها سوى عَلياهُ صِهْرا
ألبستَها الحِبَرَ التي / أدعى لها ما عشتَ حَبْرا
وعصَرتَها خَمْراً تدو / رُ كؤوسُها شُكْراً وسُكْرا
أرضى فما أحلى وأغْ / ضَبُ في عِداهُ فما أمَرّا
وأنا الذي بالبَذْلِ ينْ / فُثُ قائلاً شمساً وسِحْرا
بنوافذٍ ترنو الرّما / حُ لها بطرفِ الحِقْدِ شَرا
تحكي عزائمهُ التي / فكّتْ رِقابَ الخَطْبِ قَسْرا
لا زالَ ينظُرُ عودَها / بنداهُ لدنَ المَتْنِ نَضْرا
أحقُّ بقاعِ الأرضِ بالرَفْضِ بلدةٌ
أحقُّ بقاعِ الأرضِ بالرَفْضِ بلدةٌ / خبَطْتَ بها الظَلْماءَ وسْطَ نهارِ
يكلفُني فيها ابنُ ياقوتَ مدْحَهُ / ويأمُرُني أن أهجو ابنَ سِوارِ
بكَرَتْ لنصحِكَ يا أبا بكرِ
بكَرَتْ لنصحِكَ يا أبا بكرِ / غربيّةٌ من مَشْرِقِ الفكْرِ
قطعتْ إليكَ البَرَّ حاملةً / فيها فُنونَ عجائبِ البَحرِ
من صاحب لك لو بصُرْتَ به / لعجبْتَ من حَبْرٍ ومن خُبْرِ
لو حلّقَتْ يوماً قوادمُه / لم يرضَ عند سواك من وكْرِ
وإذا الأديبُ أقامَ في بلدٍ / فحديثُه إن لم يَسِرْ يَسْرِ
وافاكَ ذئبٌ إن غفوتَ له / حاشاكَ ضاعَتْ ثلّةُ الشِعرِ
أعيى زُهيراً كم ينازعُهُ / لمَنِ الديارُ بقُنّةِ الحُجْرِ
وثنى قِفا نبْكِ التي اشتهرتْ / تَمكو فرائصُها من الذُعْرِ
لولا فَحاماتي لفازَ بها / فأقامَ نسبتَهُ الى حُجْرِ
وا ضَيْعَتا للنَظْمِ يملكُه / دعْوى ووا أسفا على النشْرِ
حبّرتُ ما حبّرتُ من مِدَحٍ / فاحتازَها بصوارِمِ الحَبْرِ
وكسوتُها زيداً فجرّدَهُ / منها وأفرَغَها على عَمْرِو
ولقد سمحْتُ وما أسِفْتُ لها / لو كان في إيرادِها يَدْري
ظفرَ اللئيمُ بها فمزّقَها / بالجهلِ بين النابِ والظُفْرِ
كم غارةٍ في مصرَ جاءَ بها / وسمعْتَ بالغاراتِ في القَفْرِ
لو أنّها بالسيفِ مُشعلةٌ / أطفأتَها بالعسكرِ المَجْرِ
أضحى بها الكعكيُّ منتَهِباً / بالقسْرِ حليةَ صاحبِ القَصْرِ
ومحاسنٍ لو أُنصِفَتْ كُتبَتْ / بيدِ الدُجى في صفحةِ الفجْرِ
رقّتْ وراقتْ فهْي جامعةٌ / بين الغديرِ وروْنَقِ الزهرِ
تترشفُ الأسماءَ خمرتُها / فتزيدُ في الألبابِ بالسُكْرِ
فاحْرُسْ نباتَ حِجاكَ إنّ لهُ / خَيلاً تدبُّ إليهِ كالسِحْرِ
واعجَبْ لبغّاءٍ قريحته / تزْني بكل منيعةٍ بِكْرِ
يَخْرا بفيهِ وذاكَ مطّردٌ / إذ كان مقتاتاً من الدُبْرِ
فعلٌ يريكَ إذا ذكرتَ له / سلْحَ الحُبارى خيفةَ الصَقْرِ
خُذْها إليكَ عُقيبَ أوّلِه / تَسْري إليكَ على يدِ النِسْرِ
تَسْرى على يدِ منْ محاسنُه / كادتْ تكونُ يتيمةَ العصْرِ
قد كان شعرُكَ صالحاً
قد كان شعرُكَ صالحاً / إذ كنتَ تُسْنِدُه
والآن غيّرهُ الزما / نُ وتلكَ علّةُ غيري
ما دامَ في الوجو / دِ فلستَ تخشى فقدَ خَيْرِ
سيرُدُّ منك الدهرُ يو / ماً وهو أشعرُ من زُهَيْرِ
قصرٌ بمَدْرَجِه النسيمُ تحدثْت
قصرٌ بمَدْرَجِه النسيمُ تحدثْت / فيه بسرِّ رياضِها المستورِ
خفضَ الخورنقَ والسديرَ سموُّهُ / وثنى قصورَ الروم ذاتَ قُصورِ
لاثَ الغمامُ عِمامةٌ مِسكيةٌ / فأقامَ في أرضٍ من الكافورِ
غرّى البديعُ به فجانسَ وصفَهُ / فافترّ عن نَوْرٍ يروقُ ونورِ
فالدوحُ يسحَبُ حُلّةً من سُنْدسٍ / تُزْهى بلؤلؤِ طلِّها المنثور
والنخْلُ كالغِيدِ الكواعبِ قُرِّطَتْ / بسبائكِ المنظومِ والمنثورِ
والرّمْلُ في حبَكِ النسيمِ كأنّما / أبدى غصونَ سوالفِ المَذْعورِ
والبحرُ يُرْعِدُ مَتْنَه فكأنّه / درعٌ يسرُّ بمِعطَفَيْ مَقْرورِ
وكأنّنا والقصرُ يجمعُ شملَنا / في الأفْقِ بين كواكبٍ وبُدورِ
وكذاكَ دهرُ بني خليفٍ لم يزَلْ / يَثْني المعاطفَ في حَبيرِ حُبورِ
ماذا أقولُ وقد حُبيتُ بفطنةٍ
ماذا أقولُ وقد حُبيتُ بفطنةٍ / يُبدي لها صلفُ العلوم خشوعَهُ
في صاحب قد غرني مرئيُّهُ / فطرحتُ عنّي جاهلاً مسمُوعَهُ
أنا لا أزالُ إذا جَنى مرزوقَهُ / فإذا أتى وقت الجنى ممنوعَهُ
نشَر الودادَ على اللسانِ وقلبُهُ / طاوٍ على غيرِ الودادِ ضلوعَهُ
هذا وقد جعلَ السَقامُ جوارحي / رسْماً أطالَ بعَرْصَتَيْهِ ربوعَهُ
ما زارني يوماً يطيلُ أنينَهُ / أسفاً عليّ ولا يُسيلُ دموعَهُ
فغفرتُ ذاكَ وقلتُ ربّتَ ذاهبٍ / صابرتُهُ حتى رُزِقْتُ رجوعَهُ
وقنعتُ منه بزورةٍ مُزْوَرّةٍ / قد سدّ عنها شوقه ينبوعَه
كتبَ التكلُّفَ لي على جبَهاتِها / زِدْ في النِزاعِ فقد أرادُ نزوعَهُ
وجعلتُ أرقُبُه لوقتِ مجيئه / مثل الهلالِ إذا رقَبْتَ طُلوعَه
فازورّ من تلك الزيارةِ جانبٌ / أبدى تطبعُهُ بها مطبوعَهُ
وأثارَ نقْعَ جفائه لكنّهُ / لم يجْفُني حتى استنابَ نُقوعَهُ
مهلاً فإن المُهْلَ أعذبُ مَشْرَباً / من سلسبيلِكَ أصلَهُ وفروعَهُ
فاقطعْهُ عني واقتطعْها خِطّةً / شادت بها أيدي البعادِ ربوعَهُ
أنا لا أحبُّ الخلَّ يدنو ساعةً / مني ويبعُدُ بعدَها أسبوعَهُ
كاد الكمالُ يعودُ ربعاً بلقعا
كاد الكمالُ يعودُ ربعاً بلقعا / حتى رفعتَ منارَهُ فترفّعا
ما كنت إلا البدرَ حجّبَ ضوءَهُ / سِتْرُ الغَمام ومن قريبٍ أقْشعا
شكراً لدهرٍ زاد عنك صروفَهُ / فثَناكَ محروسَ المحلِّ مرفّعا
يغدو من العارِ المدنّسِ عارياً / ويروحُ بالمجدِ الأثيلِ ملفّعا
أوضحتَ من سُبُلِ المكارمِ ما عَفا / وشددتَ من أركانِها ما ضُعْضِعا
وبنيتَ وجهَ العلمِ أبيضَ ناصعاً / وتركتَ وجهَ الجهلِ أسودَ أسْفَعا
ونزعتَ ثوبَ توعّكٍ لا ينثَني / ولبسْتَ خلعةَ صحةٍ لن تُخْلَعا
من بعدِ أن قال الحواسدُ إنها / نُزِعَتْ وظنّوا أنها لن تُرْجَعا
فكأنما كانتْ وقد عادت له / شمساً وكان لها هنالك يُشَعا
إن خفّ دوحٌ للمكارمِ أو ذَوى / فالآنَ أورقَ إذ شُفيتَ وأيْنَعا
عش للموالي والمعادي دائماً / تَهمي يداكَ ندىً وُسماً مُنقَعا
والى الذي والى نعيماً سرُّهُ / وغدا الى الأعداءِ بؤساً أوجَعا
الله أكرمُ أن يضيّعَ ما جدا / لولاه أبصرت الكمالَ مُضيّعا
إن جادَ للعافي أجادَ وإن سعى / في ضيقِ طُرْقٍ للسماحةِ أوسعا
عن نَشْرِه فاحَ النسيمُ معطّراً / وبشكرِه غنّى الحمامُ مرَجّعا
من مُبلغُ الأعداءَ عني أنني / بمديحِه نلتُ المحلَّ الأرفَعا
ولبستُ من حَلْيِ المفاخِرِ فائقاً / وسلكتُ من طُرْقِ المحامدِ مِهْيَعا
وأمِنْتُ من جورِ الزمان بمعْقِلٍ / ما قال حُظُّ لعاثرٍ إلا لَعا
يجري الزمانُ بما تشاءُ صروفُه / فيُبينُ من أردى ويرعى من رَعى
يا أحمدُ بنَ محمدٍ دعْوى امرئ / سقّيتَه ماءَ الندى فترعرعا
شتّتَ شملَ المالِ أيَّ تشتُّتٍ / لما رأيتَ الفضلَ منك تجمّعا
وأبحتَهُ لما علمتَ بأنه / بِدْعُ على شرعِ الندى لن يُمنَعا
حلّتْ مناقِبُك الحسانُ عُقودَها / من لَبّةِ العلياءِ جيداً أتْلَعا
لا تعدَمُ الأيامُ منكَ ولا الورى / يا بنَ الأكارمِ بارعاً متبرّعا
كم معركٍ للقولِ غادرَ جمعَهُ / إذ شامَ فضلَك صارماً متصدِّعا
وأسيرِ عُسْرٍ يُسْرَكَ بارقاً / فسقاهُ هاطلُ دَيْمةٍ تُقْلِعا
وغليلِ ظامٍ للعلومِ أباحَهُ / من علمِه الوضّاحِ بحراً مترَعا
إن طال بالغَ في المعالي وانتهى / أو قال أعجزَ في الكلامِ وأبدَعا
أما مدائحهُ عليّ فإنّها / فرضٌ إذا كان المديحُ تطوّعا
عادت إليه فلاحقتْه سعادةٌ / باتتْ تُقِضُّ من الحسودِ الأضلُعا
أنا في الكريهةِ كالشهابِ الساطعِ
أنا في الكريهةِ كالشهابِ الساطعِ / من صفحةٍ تبدو وحدٍّ قاطعِ
فكأنّما استمليتُ تلكَ وهذه / من وصفِ كفِّ بلالِ بنِ مُدافعِ
يا أسعدَ السعداءِ دع
يا أسعدَ السعداءِ دع / وةُ مَن بجاهِكَ يُعرَفُ
عبداك صرفُ الدهْرِ في / حليهِما متصرِّفُ
هذا وما لهما لأج / لِكَ دونَ مِصْرٍ مَصْرِفُ
أنا خائفٌ مترقّبٌ / فيها وذاكَ مثقَّفُ
فكأنني موسَى بها / وكأن موسى يوسُفُ
وعد الزيارة ثم أخلَفْ
وعد الزيارة ثم أخلَفْ / ما ضرّهُ لو كان يُنصِفْ
وسَطا عليّ وظنّ أنّ / الدمعَ من عينيهِ يذْرِفْ
واللهِ لولا حرمةٌ / لطرحتُ أسبابَ التكلّفْ
وسلَلْتُ من غِمْدِ الهِجا / ءِ على وَريدِ المدحِ مُرهَفْ
أترومُ خِلاً في الودادِ صَدوقا
أترومُ خِلاً في الودادِ صَدوقا / حاولتَ أمراً لو علمتَ سحيقا
لا تخدعنّ فربّما تبعَ الفَتى / ظنّاً يضِلُّ وجانَبَ التّحْقيقا
ولقد يروعُكَ ما يروقَكَ بهجةً / كالسيفِ راعَ سُطًى وراقَ بَريقا
ولربّما شامَ الصدى صواعقاً / تسطو عليه فخالَهُنّ بُروقا
وتشابُهُ الأضدادِ يوهِمُ ناظراً / ولو استبانَهُمُ أرْوهُ فُروقا
وبنو الزمان وإن صَفوا لكَ ظاهراً / يوماً طوو لكَ باطناً ممذُوقا
دوحٌ يمرُّ لك الجنا أثمارَهُ / ولقد تمرُّ به الرياحُ وريقا
فاعلق بأطراف الودادِ فإنه / منْ دافعَ الأمواجَ ماتَ غريقا
وإذا انتهى الإخلاصُ أوجبَ ضدَّهُ / أنّ التجمُّعَ ينتجُ التفريقا
واصبِرْ لتقليبِ الزمانِ فربّما / أحمَدْتَ عندَ الحَلْبةِ التعْريفا
وإذا صديقُكَ لم يكنْ لك مُنصِفاً / فاجعلْ نكاحَ ودادِه التطْليقا
ومن البليّةِ أنّ قلبَكَ موثَقٌ / بإخاءِ ذي قلبٍ أقامَ طَليقا
يَثْني فؤاداً من ودادِكَ مُخْفِفا / ويَشيمُ سيفَ قُوىً عليك خَفوقا
هبّت على روضِ الصفاءِ سمومَه / فذوَتْ نضارتُهُ وكان أنيقا
وغدا شُجاعَ سُطىً فقلت مخادعاً / رفقاً عليّ فقد لقيتَ فَروقا
فاستنْهَضَتْهُ يدُ الصؤولِ وما دَرى / أني وجدتُ الى النجاةِ طَريقا
أسفاً عليه كيفَ مدّ بنانَهُ / وهو الأريبُ يحاولُ العيّوقا
هلا تجنّبَ مسْلَكاً لو حلّهُ / صرفُ الزمانِ لحلّ منه مَضيقا
متَقابلُ الطرَفينِ فرعاً في النّدى / نُضْراً وأصلاً في الكِرامِ عَريقا
خبثْت به ريحُ المكائدِ فانتحَتْ / من جانبَيْهِ في الروايةِ نِيقا
حتى متى أزداد في إنصافِه / برّاً لهُ ويزيدُ فيّ عَقوقا
وأبيحُهُ مني صفاءَ مودّةٍ / فيُبيحُني من ودِّه ترْنيقا
عتباً أبا العباسِ شمْتُ حُسامَهُ / عَضْباً رقيقَ الشفْرَتين ذَليقا
أنبيتني عن مَنْ عَميمُ نوالِه / يستغرقُ المحرومُ والمرْزوقا
وعلى خيانتك الوفاءَ لأنّني / ما زلتُ في حبلِ الهوى مَوثوقا
لا فَلّ سهمُ منكَ أرهفَ حدَّهُ / صرفُ الزمانِ فرامَ فيّ مُروقا
ما زالَ يمنحُنا مُدامَ قريضِه / حتّى حسِبْناهُ لهُ راووقا
وهو الرحيقُ وإنّني لَمُصَحِّفٌ / لو قلتُ تحقيقاً لقلت حَريقا
يا برقُ سُقْ حَيا السّحابِ الأبرَقا
يا برقُ سُقْ حَيا السّحابِ الأبرَقا / فلقَدْ حكَيْتَ فؤادَ صبٍّ شيّقا
وإذا عبَرْتَ فحيِّ دارَ أحبّتي / وقُلْ السلامُ عليكِ أينَ المُلتَقى
واستوْدع الأرواحَ كلَّ عشيّةٍ / نفَسَ الرياضِ مغرِّباً ومُشرِّقا
تركوا بهمْ عيني سَفوحاً دمعُها / شوقاً وجَفْني بالفِراقِ مؤرِّقا
لا دمعُها يرْقا على تِذْكارِهمْ / يَهْمي فيَحْمي جفنَها أن يُطْبِقا
قُلْ كيفَ يلتذُ الرُقادُ متيّمٌ / الوجدُ قلّبَ منه قلباً مُحْرَقا
طُويَتْ جوامحُهُ على جمرِ الغَضى / لمّا تعشقُ مُقلتي ظبي النّقا
قد حكّمَتْ في قلبِه من لحظِها / بالسحْرِ سيفاً حدُّهُ لا يُتّقى
يُثْني أعنّةَ صبرِه أما انثَنَتْ / أعطافُها كالخوط أمْلدَ مورِقا
ويَشوقُه ظَلْمُ الثّنايا مُشبِهاً / راحاً جرَتْ ما بينَ دُرٍّ مُنْتَقى
أبتِ الوصالَ فقُلتُ هلاّ في الكَرى / فحمَتْ جُفوني طيفَها أن يُطْرِقا
طيبُ النّعيمُ الوصلُ بعدَ قطيعةٍ / والهجرُ بعد الوصلِ من أوفى الشّقا
والحبّ تألفُه النفوسُ وحتفُها / فيه وإن لم تلقَ منه الأوفَقا
مثلُ الفراشةِ والسِراجُ يروقُها / نوراً ويدعوها إليه لتُحرَقا
والحسنُ للعشّاقِ مثلُ السيفِ يق / تُلُ منْ يكابرُهُ ويُعجِبُ رونَقا
لكنّه يفنى وأحسنُ منه ما / تحلو القوافي إذ لهُ طولُ البَقا
كنظام مدحِ الحافظِ الحَبْرِ الذي / راقَ المسامعَ والعيونَ منَمقا
حبْرٌ حكتْ أمداحُهُ الحِبَرَ التي / فيها أرَتْ صَنعاء صُنعاً مونقا
علاّمةُ العُلماءِ بحرٌ زاخرٌ / عِلْماً وجوداً للبريّة مُغرِقا
ومهذبُ الطبعِ الذكيّ ففهْمِهُ / نور يفيدُ المشكلات تألّقا
فضحتْ أناملَهُ الغمائمَ هطّلاً / لما انبرَتْ قبل السؤال تدفّقا
أضحى له المجدُ المُنيف مجمَّعا / في حفظِه بذلُ النوالِ مفرِّقا
في كل فضلٍ قد غَدا متقدّماً / وأبى تناهي فضلِه أن يُلحَقا
وحمَتْ مكارمُه المذمةَ عِرضَهُ / فغدا نقيّ العِرْض سامي المرتَقى
في الفضل أحمدُ أحمدُ الأزكى لقد / حاز المَدى سَبْقاً فأعيا السُبَّقا
أعطى اتقاءً للإله فكانَ مَنْ / قد قال فيه اللهُ أعطى واتّقى
إهنأ بخيرِ قرينة ميمونة / قد سُرْبِلَتْ بردَ المَفاخِرِ والتُقى
كان الزمانُ لها بفضلِكَ واعداً / فوقى وأعطاكَ المرادَ الأوفَقا
شمسٌ حواها الغربُ قبلَك مغرِباً / جعل الإلهُ لها محلّكَ مُشرِقا
سعدٌ قرانُكُما بأيمنِ طائرٍ / لا شَوْبَ من نكَدٍ عليه يُتّقى
لكَ بالرفاه والبنين تفاؤلاً / طاب الهَناء وقد جَلا متذوّقا
وإليكَ من نظمِ اللسان قصائداً / جاءت وقد حازَتْ مديحاً مُنْتَقى
شعرٌ كأنّ الدُرَّ فيه منظّمٌ / والسحرَ والروضَ البديعَ المونَقا
حاز المحاسنَ كلهنّ مَصْعدا / ومصوَّباً ومُجمّعاً ومُفَرّقا
خذْها فقدْ شرُفَتْ معانيها التي / أخذتْ من اللفظِ البديعِ الريّقا
فأتَتْكَ تنشرُ للبديعِ غرائباً / أمنَتْ بحُسْنِ نظامها أن تُسْرقا
واسحَبْ ذيولَ الفخرِ لابسَ وشيِهِ / حُلَلاً جديداً نسجُها أن يَخلَقا
وصلَ اهتمامُك بي فخبّرني
وصلَ اهتمامُك بي فخبّرني / بصحيحٍ ما حدّثتُ عن هِمَمِكْ
وعلمتُ أني صرْتُ منتَظماً / في سِلْكِ مَنْ أعليْتُ خدَمِكْ
فعلِقْتُ منكَ بحبلِ معرفةٍ / عقَدَ النُهى منها عُرى ذِمَمِكْ
فإذا أراكَ الشكرُ روضَتَهُ / فاذكرْ لها ما سحّ من دِيَمِكْ
جاء الرسولُ بما بعثت به / من جودِك الأوفى ومن كرمِكْ
وافي بمعتصميه فوَفى / ليقينَ مُستندٍ الى عِصَمِكْ
فكأن مستندٌ أوده درق / قرنت لتمنع يومَ مُقْتَحمِكْ
والخشكنانك كالأسنّة قد / ثُنِيتْ بطَعْنِكَ يومَ منْهزَمَكْ
وكأنما الحلواء قد عُقِدَتْ / من ذلكَ الموصوفِ من شِيَمِكْ
فاحت كنشْرِكَ في يدَيْ كلِمي / وحَلَتْ كخلقك في يدَيْ كلمكْ
ودعاءُ عبدِك وهو غايةُ ما / في وُسْعِ منْ جازاكَ عن نِعَمكْ
يا ربِّ سلِّمْ لي أبا حسن / ما هزّ ريحَك مِعْطَفي سلَمِكْ
يا سيداً لا زلتَ دا
يا سيداً لا زلتَ دا / مَ بقاؤه مملوكَهُ
للناس شرع في الهدا / يا قد أردتُ سلوكه
أحببت أن أكسوكَ من / بُرْدِ الثَناءِ مَحوكَهُ
والشعرُ سوقَتُه تخا / فُ كما علمتُ مُلوكهُ
فلئن تأخّر دُرّه / فلقد بعثت سلوكه