القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 302
ما دَفْعُ أمري بعدَما أوليتني
ما دَفْعُ أمري بعدَما أوليتني / بِرَّ الشقيق إلى حُنُوِّ الوالدِ
ولقيتَني فلقيتني متهلِّلاً / كالغيث بشَّر بالمعاش الراغِد
إن المطالَ ولستَ من أصحابه / كَدَرُ الصّنيعةِ والفَعالِ الماجِدِ
ورأيتُه خُلُقاً لكلِّ محاولٍ / من نفسه إيقاظَ جُودٍ راقدِ
لا بل لكل مُزاول من نفسه / إحْياءَ ميْتٍ من طِباعٍ هامدِ
ولك المعاذةُ والسلامةُ منهما / بمَحاتِدٍ لك هن خير مَحَاتدِ
حاشاك من خلُقِ المجاهِد لؤْمَهُ / واللؤْمُ شَرُّ مُجاهَدٍ لمجاهِدِ
يُمْسِي ويُصبح في رياضَةِ نفسه / لتطيبَ عن رِفْدٍ وليس برافدِ
لأبي المهنَّد في الموا
لأبي المهنَّد في الموا / طن كلِّها صفةُ المهنَّدْ
لألاؤه وَمَضاؤه / وغناؤه في كل مشهدْ
وله حلاوة قَدِّه / والحلم منه حين يُغْمَدْ
فإذا تجرد للشِّيا / ح فإنه سيف مجرَّدْ
فمتى رأى زللاً أقا / لَ وإن رأى خللاً تغمَّدْ
ويُعدُّ ظلماً أن يَعُد / دَ المخطئين كمن تعمَّدْ
يعطي بلا وعْدٍ ويخ / لف في الوعيد إذا توعَّدْ
فإذا تمرَّدَ حائنٌ / صدق الوعيد وما تمرَّدْ
ويخافه القوم البُرا / ء وما أخاف وما تهدَّدْ
لكنه لبس المها / بة فالفرائصُ منه تُرْعَدْ
وإذا ارتأى فكمن رأى / وإذا سها فكمن تفقَّدْ
وإذا تفقَّد أمرَه / فهو الشهاب إذا تَوَقَّدْ
أكثرتُ من معروفه / إذ لم يقل رجل تَزوَّدْ
وهَمَمْتُ أنْ أَغْنى بذا / ك فقال عُدْ فالعود أحمدْ
وسألتُه نصري على / زمني فأنجد ثم أنجدْ
وكأنني بي قائل / زرتُ الحيا فحبا وأمجدْ
هذا لعمرك سُؤدد / لكنه أيضاً مؤكَّدْ
يا ابن المقيم بآمد / بأبي أبوك ومن تأمَّدْ
جدَّدْتَ مجداً لم يزل / يُبنَى على مجد يؤبَّدْ
وكَفَاك من مجدٍ إذا اج / تمع المؤبَّد والمجدَّدْ
إني إخالك تسْتَقِلُّ من الجَدا
إني إخالك تسْتَقِلُّ من الجَدا / ميسورَة فتكِيعُ حين تُكادُ
لا تحقِرنَّ من الصِّلات قليلةً / تكفي فجودك بالسَّداد سدادُ
لا سيما والعذر في تقليلها / أنَّ امتنانك مُبْدَأٌ ومُعادُ
تاللّه ما خسَّتْ خسيسةُ رافد / أفنت كرائمَ مالِه الأرفادُ
إن الذي يعطِي خسيسة ماله / إذ لا كريمةَ عنده لجَوادُ
لا تنس أن اللّه قد وَعَدَ الندى / أن لا تخون وليَّهُ الأمداد
من لم يزل والبرُّ أكبر همِّهِ / وصلت سواعدَ أمره أعضادُ
والحر من أضحى وقرَّةُ عينه / في المال ينقُص والعلا تزدادُ
ولقد رأى كلَّ الرياح معاشر / في الوفْر يُهْدَمُ والثناءُ يشادُ
والخلدُ أن تُلْفَى تجودُ وتعتلي / والموت أن تلْفى وأنت جمادُ
فمتى بذلتَ فللبقاء تَنَفُّسٌ / ومتى كنزت فللبقاءِ نفادُ
يبقى الفتى بعد الممات بفعله / أبداً ويَدْثُرُ يَذْبُلٌ ونَضَادُ
فاشْدُدْ بنيتك الجميلةِ قبضةً / فَلَيُنْجَزَنَّ وعيشِك الميعادُ
واعلم بأن اللّه في ملكوته / لم يخل منه لمحسن مرصادُ
من كان خاب فلم يَخِبْ متحقِّقٌ / بالعرف زرَّاعٌ له حصَّادُ
لو لم يكن في العرف إلا أنه / جُنْدٌ يقاتل عنك بل أجنادُ
خلَّفتُ أهلي في ذراك وإنه / للاجئين لمَلْجأ ومَصَادُ
أضحوا بمنزلة الضياع وإنما / أهلُ الفتى لرئيسه أولادُ
وقد اقتضوا أرزاقهم وتردَّدوا / حتى لَشقَّ عليهِمُ التردادُ
فتعذَّرتْ طلباتُهم وَتَنَهْنَهُوا / مثل الحوائم ذادها الذُّوَّادُ
فأهِبْ بشاردهم إليك وأرْوِهِمْ / من جَمَّةٍ يُروَى بها الورَّادُ
واحمل غُثاءهُم كحملك كَلَّهُمْ / فلذاك عدَّك وحدَك العُدّادُ
ولذاك قيل منوِّلٌ ومهنئٌ / نعماه حين يُنكِّدُ الأنكادُ
اللَّه في أهلي فإنك جارُهُمْ / لا تَضْرِبَنَّ عليهمُ الأسدادُ
إكفِ الضعافَ اللائي أنت ثمالُهُمْ / مُؤَنَ العناء فإنهنّ شِدادُ
لا تجشِمَنْ أهلي إليك وفادةً / لِيَفِدْ عليهمْ برُّك الوَفّادُ
واَنفِ السَّوادَ عن البياض فإنه / ما في بياض يد الكريم سوادُ
يُسْدِي السحابُ إلى البعيد يُغِيثُه / فَيطَلُّ منه وادعاً ويُجادُ
ولأنت أولى أن يجود لمجْدِبٍ / عفواً ولم تُشدَد له أقتادُ
ها قد أثَرْتُ عليك وحْشيَّ العلا / فاصطد فإنك للعلا صيّادُ
نبَّهْتُ للكَرمِ الغريب ولم يكُنْ / بك قبل تَنْبِيهيك عنه رُقادُ
بل أنت أوْلى أن تكون منبِّهي / بمذاهب لك كلُّهن رشادُ
فابدأ مكارِمَكَ التي عوَّدتها / وابدأ فإنك بادئٌ عوّادُ
عَلِّمْ غرائبك الرجالَ فطالما / عَلَّمْتَ كيف تُمجَّد الأمجادُ
لا يكبُرَنَّ عليك في جَنْبِ العُلا / ما قد سألتُك فالعلا أطْوادُ
ولقد أحمِّلُك الثقيلَ لأنني / خبِرٌ بأنك حامل معتادُ
ولكي ترى ثقتي بطَوْلك أو يرى / كيف احتمالك معشرٌ أوغادُ
ولتشهدن بأنني بك واثق / ولتشهدن بفضلك الأشهادُ
يا من يعادي الأصدقاءُ علاءه / أبداً ويَشْنأ مجدَه الوُدَّادُ
حسداً لمن يمسي ويصبح حاملاً / كَتداهُ ما لا تحمل الأكتادُ
ممَّنْ يَبُزُّ الناسَ منْفوسَ العلا / وعليه من منفوسها أبرادُ
صبٌّ بحب المكرمات مُتيَّمٌ / ما تيمته فَرْتَنى وسعادُ
يغدو صحيحاً ما غدا وعطاؤه / متيسِّرٌ وثناؤه منقادُ
فإذا اشتكى عللَ النوال نوالُه / أعداه ذاك فعاده العُوّادُ
وغدا مريض النفس وهو صحيحها / حتى يثوب الوَفْر والمرتادُ
وبدت عليه من الحياء غَضاضةٌ / أو يرجعَ المرتاد وهو مُفادُ
للّه طوْلك يا محمد إنه / لَيثور منه الشكْرُ والأحقادُ
تعطي الجزيل فتسترقُّ رقابنا / فتلين ثَمَّ وتغلُظُ الأكبادُ
لا تعدم الطَّوْل الذي انفردت به / كفاك وازدوجت له الأفرادُ
يا من تفرقت العلا في غيره / واستجمعت فيه العلا الأضدادُ
وإذا غدا حسَّاده وعُداته / ظُلِم العُداة وأنُصف الحسادُ
من ذا يعادي الغيث أم من ذا يُرَى / إلا من الحساد حين يُسادُ
يجد المذاهب مادحوك ولم يزل / لمُريغ مدحك مذهب ومَرَادُ
حتى إذا ما قال فيك كأنه / قُطعَتْ به الأشباهُ والأندادُ
لَؤُمَ الرجالُ فزهَّدوا ذا رغبة / وكرمت حتى استرغب الزهادُ
لو أصبح السادات مثلك سؤدداً / وَفت العِداتُ وأخلف الإيعادُ
خذها فإنك في الرجال وإنها / من صفو ما يتنقَّدُ النقادُ
ولئن غدوت كما دُعيتَ محمداً / إني لما أوليتَ لَلْحمَّادُ
ولئن قصدتك ما قصدتُك خابطاً / بالظن بل رادتك لي رُوِّادُ
عَمَّتْ أيُورَ النائكي
عَمَّتْ أيُورَ النائكي / نَ بِنَيْلها وبرفْدِها
شفعت إليهم في عُمْي / رَة فانتهوْا عن جَلْدِها
أغْنتهُمُ عن ذاك لا / ذاقوا مرارة فقدها
إلا على ما لستَ تملك بذْله
إلا على ما لستَ تملك بذْله / من صدْق بأس أو براعة جودِ
أدعو على الشُّعراء أخبثَ دعوة
أدعو على الشُّعراء أخبثَ دعوة / إذْ مجَّدُوك وغيرُك الأمجادُ
قل لي بأية حيلة أعملْتَها / هتفوا بأنك لا حُفِظْتَ جوادُ
فَلَتِلْكَ أحسنُ من نوالك موقعاً / والعِلم أفضلُ ما أراه يُفادُ
لقد استفاض لك الثناءُ بحيلةٍ / صعْبُ الأمورِ بمثلها ينقادُ
لو أنَّها عندي غدوتُ مخلَّداً / ما خُلِّدتْ أمُّ الهضاب نَضَادُ
حتى كأنِّي في صرارك درهمٌ / أو في مَزاودك الحريزة زادُ
بل ما عهدتُك وارتيادُك بالغٌ / بك حيلةً يرتادها المرتادُ
أنَّى وأنتَ مضلَّلٌ لا تهتدي / رُشداً ولا يَهْديكَه إرشادُ
ما كان مِثْلُكَ يهتدي لمحالة / حاشاك ذاك وأنْ تكون تُكادُ
لكنَّ جدْبَ الناس طال فأصبحوا / يُرضيهمُ الإبراقُ والإرعادُ
نحلَتْكَ حَمْدَ الحامديك مَواعدٌ / كُذُبٌ تجودُ بها وأنت جمادُ
بل ليس في الأفقين منك سحابةٌ / للوعْدِ مِبراقٌ ولا مرْعادُ
ولأنت أحْسَمُ للمطامع والمنى / من ذاك حين يَشيمُك الروَّادُ
أنت الذي آلى بكلِّ أليَّةٍ / ألا يُبَلَّ بريقه ميعادُ
بل أنت أجدر حين تُسْأَل أن تُرى / ومكان وعدك سائلاً إيعادُ
ما أنت والمعروف أو مفتاحُه / ذهبتْ بذَينك دونك الأجوادُ
لكن إخال معاشراً خيَّبتهُمْ / نصبوا الحبائل للأُسى فأجادوا
أثنوا عليك ليستميحك غيرُهُمْ / فيخيبَ خيبتَهم وتلك أرادوا
أعيى عليهم صيدُ مالك فاغتدوا / يتعلَّلون بأُسْوةٍ تُصطادُ
ولهم أُسىً متقدماتٌ جمَّةٌ / لكن أحبَّ القوْم أن يزدادوا
أُثني عليك بمثل ريحك ميِّتاً / في غبِّ يوم تزفُّك الأعوادُ
ولما صداك إذا نُبِشْتَ لثالثٍ / من مُلْحَدٍ وضجيعُك الإلحادُ
يوماً بأنتن منك حيّاً تُجتَدى / لا زال نتنُك دائباً يزدادُ
وغدت بجودك شبهةٌ خدَّاعةٌ / قامتْ ببخلك بعدها الأشهادُ
أرويتُ بالإصدار عنك حوائمي / لما أطال غليلَها الإيرادُ
وسلوتُ ذكراك التي من مثلها / تَجْوى القلوبُ وتقْرحُ الأكبادُ
آنستُ صدراً طالما أوحشْتَه / لا زال يُؤنس رحْلَك العُوَّادُ
وكأنَّ ذاك الذكْر أسودُ يعْتري / منه سويداء الفؤاد سَوادُ
بل إنما اتصلتْ بذكرك خَطْرَتي / أيامَ صدري ليس فيه فؤادُ
فاذهب كما ذهب السَّقَامُ إلى التي / ما بعدها للذاهبين معادُ
لا تَبْعدنَّ من الذي تُكْنَى به / وهو الذي تفسيرُه الإبعادُ
شاورتَ فيَّ وفي ثوابي خالياً / رأياً لعمرك لا يليه سدادُ
فأراك حرماني وقال قوارصٌ / تأتيك أنت لمثلها معتادُ
خَيَّبْتَني ثقةً بلؤمك إنه / لمن استعد لشاتمٍ لَعتادُ
عن مثله نكص الهجاء مقهقِراً / ونَبَتْ سيوفُ الشتم وهي حِدادُ
لا أنَّ لؤمَك جُنَّة لكنه / نَجَسٌ يعاف ورودَه الورَّادُ
كم ذاد عنك من الهجاء غريبةً / لا يستطيع ذِيادها الذُّوَّادُ
فاشكره إن خلَّاك تشكر منعماً / سُدٌّ أمامك منه بل أسدادُ
لو رُمْتَ صالحةً لغالك دونها / سجنٌ وقيدٌ منه بل أَقيادُ
لا زال ذاك السجن منك مظنةً / وتضاعفتْ فيه لك الأصفادُ
لؤْمٌ أبى لك شكْرَ ما أولاكَهُ / والشرُّ منه لنفْسِه أمْدادُ
وأما وذاك اللؤم لؤْماً إنه / لؤمٌ سبقتَ به الزمان تِلادُ
لئن اجتوتك له شتائم أصبحتْ / من شتمها إياه وهي تعادُ
لَتُلاقِينَّ شتائمي ناريَّةً / لا يجتويك حريقُها الوقَّادُ
فكذاك نار الهُون تَرْأم أهلها / حتى كأنَّهُمُ لها أولادُ
فاهرُبْ وأينَ بهاربٍ من طالبٍ / في كلِّ مُطَّلعٍ له مرصادُ
خذها إليك من الملابس ملبساً / تشقى به الأرواحُ والأجسادُ
ضَنْكاً إذا زُرَّتْ عليك زُرُورُه / ضاق الخناق فلم يَسَعْكَ بلادُ
ولئنْ شقيت بلُبْسِ بردٍ مثلها / فلطالما شقِيَتْ بك الأبرادُ
ولتخْزَيَنَّ بها إذا ما أنشدتْ / أضعافَ ما يُزْهَى بها الإنشادُ
لا تفرحنَّ بحسنها وجمالها / فليرحمنك فيهما الحسَّادُ
ولأرمينَّك بعدها بقصائد / فيها لكل رَميَّةٍ إقصادُ
لو خَيَّسَتْ فرعونَ ذلَّ لوقعها / فرعونُ ذو الأوتاد والأوتادُ
عُتْباك منها أن غضبْتَ مقالتي / ستُزادُ يا ابن مدبّرٍ وتُزادُ
من كل سائرةٍ بذمِّك يَرْتمي / بِركابها الأغْوار والأنجادُ
شنعاء تُضْرم فيك نار شناعةٍ / تبقى نوائرُها وأنت رمادُ
تحْبوك بدْأتُها بذكْرٍ نابِهٍ / عُقباه إخْمالٌ هو الإخْمادُ
ولَقلَّ ما يُجْدِي على متبجِّحٍ / ذكْرٌ يُماتُ بنَشْرِه فيُبادُ
ما ينفع الحطبَ المحَرَّقَ في الصِّلا / ضوءٌ جريرتُه عليه فسادُ
لِمَ لا أجرَّبُ في الضرائب مرة
لِمَ لا أجرَّبُ في الضرائب مرة / يا للرجال وإنني لَمُهندُ
بل قد حكى التجريبُ أني صارم / ذَكَرٌ فلِمْ أُلْقَى ولا أُتقلَّدُ
لم لا أُحلَّى حليةً أنا أهلُها / فيُزان بي بَطَلٌ ويُكْفَى مشهدُ
إن الحُلَى عند الحسام وديعةٌ / ليست تضيع لديه لكن توجدُ
عرِّج أبا موسى عَليَّ فإنني / فيمن تليه ومن يليك مردَّدُ
أنا من علمتَ مكانه وابنُ الذي / ما زال فيكم يُستعان فيُحْمَدُ
لا تبتروا عندي وعند أبي يداً / بيضاء ما جُحدَتْ وليست تجحدُ
إن الأياديَ لا تُجَدُّ لديكُمُ / لكنْ تُدرَّعُ عندكم وتُعضَّدُ
أولوا وليكُم حديثاً مثله / يصل القديم وتُسْتَتمُّ به اليدُ
يثمرْ لكم حَمدين حمداً منكُم / لهما وحمداً منهما لا ينفدُ
لا بل دعونا وانظروا لصنيعكم / فينا فلم يك مثله يُستفسَدُ
أرعوا زروعكمُ عيونَ تَعهُّدٍ / منكم فمثلُ زروعكم تُتَعَهَّدُ
لا تُبرئوا داءَ الحسود بجفْوةٍ / مسَّتْ أخاً لَكُمُ عليكمْ يُحسَدُ
ما بال عزمك حين تنظُر نظرةً / في باب مصلحتي يُحَلُّ ويُعقَدُ
ما هذه الوقفات فيما تَرْتَئي / ولك البصيرةُ والزِّماعُ الأرْشَد
فَكِّرْ لَقيتَ الرشْدَ فيَّ فلم يزل / لك رأيُ صدقٍ في الأمور مسدَّدُ
أأجور عن رَشَدي وشيْبي شامل / وقد اهتديتُ له ورأسي أسودُ
أني وكيف تُضلُّني شمسُ الضحى / قصدي ويهديني الظلامُ الأربدُ
أنا من عرفتَ وفاؤه وصفاؤه / وولاءه إياكَ مذ هو أمردُ
فاسعدْ بفضل أمانتي وكفايتي / ونصيحتي مع أنَّني بك أسعدُ
إن لا أكن في كلِّ ذلك أوحَداً / فَرْداً فإني في المودة أوحدُ
هبني امرءاً ليستْ له بك حرمةٌ / تُرْعَى أما لي زَلَّةٌ تُتَغَمَّدُ
رجلٌ يُناك عياله
رجلٌ يُناك عياله / جَهْراً ويحضُرُ كالمُشاهِدْ
وينالُ أجْرةَ نَيْكِهِمْ / من بعد ذلك كالمساعدْ
تبَّاً له من حاضرٍ / ولنسوةٍ معه فواسِدْ
فإذا تمثَّل في الضمير رأيتُه
فإذا تمثَّل في الضمير رأيتُه / وعليه أفنان الشباب تميدُ
لا تَبعَدنَّ قصائدٌ ذهبتْ سُدَى
لا تَبعَدنَّ قصائدٌ ذهبتْ سُدَى / جَارتْ بها الهفواتُ عن سَنَنِ الهُدى
مِدَحٌ كأردية الرياض جعلتُها / بالجهل أرديَةً لشرّ من ارتدى
يا ابن المدبّر بالأيور فإنها / أقصى مدى لك حين يُبْتَدَرُ المدى
لا تبخلنَّ على امرىء خيَّبْتَهُ / بجواب مسألةٍ كبُخلك بالجَدا
قل لي بأية حيلةٍ أعملتها / هتفوا بأنك ماجدٌ غَمْرُ الندى
لقد استفاض لك الثناءُ بحيلةٍ / لو أنها عندي نجوتُ من الردى
أُثني عليك بمثل ريحك ميِّتاً / وقد انصدعْتَ وأنت منبوش الصَّدى
ولَمَا صداك يسيل منه صديدُهُ / يوماً بأنتَن منك حيّاً تُجتَدى
أسلمتَ نَفسَكَ للهجاء ولو غدا / أو راح يملك فديةً منك افتدى
قد كنتُ لا آلوك صوْغاً للحلى / فالآن لا آلوك شحذاً للمدَى
شاورتَ في مِدَحي وفي حرمانها / رأياً لعمر أبيك ضلَّ وما اهتدى
فلأبكِينَّ لك الصديقَ بعَوْلة / ولأضحكنَّ بك العدوَّ إلى العِدا
بعوارم لا ذنب لي في نسجها / إذ كان ما أسْدَتْ يداك لها سَدَى
ألحمتُها بالقول إذ أسْدَيْتَهَا / بالفعل ما جار الهجاء ولا اعتدى
فدعِ الملامة للهجاء فإنه / إن كان جار أو اعتدى فبك اقتدى
أسدى إليَّ أبو الحسين يدا
أسدى إليَّ أبو الحسين يدا / أرجو الثوابَ بها لديه غدا
وكذاك عاداتُ الكريم إذا / أسدى يداً حُسبتْ عليه يدا
فيرى إجازة ما يُسام ولا / يلقى مُطالبُهُ به نَكدا
إن كان يَحْسُدُ نفسَه أحدٌ / فَلأزْعُمَنَّكَ ذلك الأحدا
يومٌ يُثار به ندى غده / لا زال دأَبُكَ هكذا أبدا
يا من يُساجل نفسَه حسداً / أحسنْتَ حين حسدْتَها الحسدا
يا ربِّ آنِسْهُ فأحسبُهُ / مستوحشاً ممَّا قد انفردا
أصف الحبيبَ ولا أقول كأنه
أصف الحبيبَ ولا أقول كأنه / كلّا لقد أمسى من الأفرادِ
إني لأستحْيي محاسن وجهِه / ألّا أنزِّهَهُ عن الأندادِ
الحزنُ منحلٌّ ومنعَقِدُ
الحزنُ منحلٌّ ومنعَقِدُ / لاثنين ذا باكٍ وذا كَمِدُ
فَمُقَيِّضٌ تشقى الجفون به / ومُفَتِّتٌ تشقى به الكبدُ
ليت الذين لَحوا على شغفي / بمعذِّبي يجدون ما أجدُ
لو يعلم الأعداء أين تُحِلّني
لو يعلم الأعداء أين تُحِلّني / لَعَدَوَا بأظفارٍ عَلَيَّ حدادِ
أو تُبْغض الدنيا كبُغضكَ عشْرَتي / أصبحتَ معدوداً من الزهَّادِ
ولو اطَّلعتَ على هوايَ جعلتني / بمَحَلِّ رُوح من صميم فؤادِ
يا ابن الزَّنيم ويا ابن ألْفَيْ والدِ
يا ابن الزَّنيم ويا ابن ألْفَيْ والدِ / يا ابن الطريق لصادر ولواردِ
ما فيك موضع لسْعة لبعوضةٍ / إلا وفيه نطْفَةٌ من واحدِ
يرتاح للنَّيْلوْفر القلب الذي
يرتاح للنَّيْلوْفر القلب الذي / لا يستفيق من الغرام وَجَهْدِهِ
والورد أصبح في الروائح عبدَه / والنرجس النِّيليُّ خادمُ عبدِهِ
يا حسنه في بركةٍ قد أصبحتْ / محشوَّة مسكاً يُشاب بندِّهِ
وكأنه فيها وقد لحظ الصِّبا / ورمى المنام بِبعْده وبصدِّهِ
مهجورُ حبٍّ ظل يرفع رأسه / كالمستجير بربّه من صدِّهِ
وكأنه إذ غاب عند مسائه / في الماء وانحجبت نضارة قدِّهِ
صبٌّ يهدِّده الحبيب بهجره / ظلماً فعرَّق نفسه من وجدِهِ
لو كان مثلك في زمان محَّمدٍ
لو كان مثلك في زمان محَّمدٍ / ما جاء في القرآن برّ الوالدِ
لا بِدْعَ إن ضحك القتيرُ
لا بِدْعَ إن ضحك القتيرُ / فبكى لضحكته الكبيرُ
عاصَى العزاءُ عن الشبا / ب فطاوعَ الدمعُ الغزيرُ
كيف العزاءُ عن الشبا / بِ وغضنُهُ الغصنُ النضيرُ
كيف العزاءُ عن الشبا / ب وعيشهُ العيشُ الغريرُ
بان الشبابُ وكان لي / نِعْمَ المجاور والعشيرُ
بان الشبابُ فلا يَدٌ / نحوي ولا عينٌ تشيرُ
ولقد أسرتُ به القلو / بَ فقلبيَ اليوم الأسيرُ
سَقياً لأيامٍ مضتْ / وطويلُها عندي قصيرُ
أيامَ لي بين الكوا / عب روضةٌ فيها غديرُ
أصبَى وأصبي الغانيا / ت وأُستزارُ وأستزيرُ
بيضُ الوجوهِ عقائلاً / لم يُصْبِهنّ سواي زيرُ
أبْشارهنَّ وما ادَّرَعْ / نَ من الحرير معاً حريرُ
وجمالهنّ وما لَبِسْ / نَ من الحبير معاً حَبيرُ
ونسيمهنّ وما مَسَسْ / نَ من العبيرِ معاً عبيرُ
من كلّ ناعمةِ الشبا / ب كأنها الخُوطُ الهصيرُ
مهتزةُ الأعلى يجا / ذبُ خصرَها ردفٌ وثيرُ
غيداءُ في سنّ الغلا / مِ وَنَبْتُ شاربِهِ شَكيرُ
من ثغرها الدرُّ النظي / مُ ولفظُها الدرُّ النثيرُ
تُزهَى فإن هي دُوعبَتْ / ضحكتْ كما ضحك الصبيرُ
ومَجالسٍ لي لغوُها / عزفٌ يجاوبهُ زَميرُ
جَمَعَ الشبابَ ولَهْونا / فيه الخورْنقُ والسَّديرُ
مبْدَى المناذرةِ الذي / فيه الفواكهُ لا البريرُ
كم جنةٍ فيه وكم / نهرٍ لجِريته خَريرُ
من كلّ دانية الجَنَى / للطير فيها قَرْقَريرُ
يَشتقُّها طامِي الجما / م على جوانبه الغميرُ
يُضحي إذا جرتِ الصَّبا / وكأن ضاحِيَهُ حصيرُ
ها إنّ ذاك لَمنزلٌ / من كلّ صالحةٍ عَميرُ
شجرٌ ونخلٌ لا يُطي / ر غراب أيْكهما مُطيرُ
ومتى نشاءُ بدت لنا / أم الفَرير أو الفريرُ
لهفي لعيشتنا هنا / لك والقذى عنها طَحيرُ
إذ نحن أترابُ النعي / م ودَرُّ دنيانا دريرُ
كلُّ لكلٍ في الشبا / ب وفي مَناعمه سَجيرُ
تشدو لنا رَيَّا البنا / ن على معاصمها الحبيرُ
قد أُدميتْ لَبَّاتها / مِسْكاً كما يُدمَى العَتيرُ
وشرابنا وَرْدِيَّةٌ / لكؤوسها شررٌ يطيرُ
هَدَرتْ فلما استفحلتْ / في دَنِّها سكن الهديرُ
حمراءُ في يد أحمر ال / وجنات مَلْثمُهُ مَهيرُ
متأمّلٌ لا يجتوَى / منه القَبيل ولا الدبيرُ
واهاً لقولي للمُدي / ر وقد سقانيها المديرُ
أعصير خمرك هذه / من ماء خدك أم عصيرُ
سُقِيَ الشبابُ وإن عفا / آثارَ معهدهِ القتيرُ
ما كان إلا المُلك أوْ / دى تاجهُ وهَوى السريرُ
رحل المَطيُّ لنيةٍ / زوراءَ مَطلبها شَطيرُ
فكأنَّ في الأحشاء ني / راناً يضرِّمهنَّ كيرُ
هوِّن عليك فإنها / خِلعٌ أعارَكها مُعيرُ
والدهر يَقْسم مرةً / نَفْلاً وآونة يُغيرُ
وأبو الفوارس أحمدٌ / لمن استجار به مجيرُ
أضحى ظهيراً للذي / أضحى وليس له ظهيرُ
فاجعل خِفارته ذَرا / ك فإنه نِعْم الخفيرُ
شهدتْ مآثرُهُ بذا / ك ووجهه ذاك الطريرُ
يا ابن المسمَّى باسم من / جرتِ الرياحُ به تطيرُ
والطيرُ أظْلالٌ علي / هِ لها هديلٌ أو صفيرُ
أعني سليمانَ الذي / في رَمسهِ قمرٌ وشِيرُ
سيفُ الملوك إذا تجا / وب من ذوي الفتن النعيرُ
للَّهِ ماذا ضَمَّهُ / من شيخك الجدثُ الحفيرُ
لكنَّ من أنت ابنُهُ / ما مات أو مَيْتٌ نشيرُ
للَّهِ خالك ذو المكا / رم إنهُ بك للخبيرُ
لو لم يقلّدك الأمو / رَ لما استمرّ لها مَريرُ
نثَل الجفيرَ فكنت أهْ / زَعَ ما تَضمَّنه الجفيرُ
فرمى بك الغرضَ البعي / د مُسدِّدٌ لا يستشيرُ
أقسمت بالهدْي النحي / ر ومن له الهدْيُ النحيرُ
إن كان حاباك القضا / ءُ بما حباك به الوزيرُ
كلّا ولا كان الهوى / هو عند ذاك بك المشيرُ
لكنْ رأى فيك الوزي / رُ كما رأى فيه الأميرُ
فصغَى إليك برأيه / والحاسدون لهم زفيرُ
ألقى خلافتَهُ إلي / ك وقَدْرُها القدرُ الخطيرُ
عِلماً بفضلك في الرجا / لِ وفضلك الفضل الشهيرُ
فطفقتَ تسلك فجَّهُ / وتسير فيه كما يسيرُ
لا تُخطِئُ الرأي المُوَفْ / فَق حين تُسدي أو تُنيرُ
فهناك وافق في اختيا / رِك مستخاراً مستخيرُ
ولَما حُبيتَ برتبةٍ / إلا وأنت بها جديرُ
فافخرْ على أن الجلي / ل من الأمور لكم حقيرُ
عينُ الأمير هي الوزي / ر وأنت ناظرها البصيرُ
طابقتَ أحكامَ الوزي / ر تُبيرُ قوماً أو تُميرُ
وعملتَ ما عمل المشا / رك في البضاعة لا الأجيرُ
فالليل منذ خَلَفْتَهُ / ليلٌ قصيرٌ مستنيرُ
لا الخوفُ فيه ولا السها / دُ ولا الظلامُ المستحيرُ
تُرك القطا فيه فنا / م بحيث ليس له مثيرُ
يا أحمدَ الخيرِ المُؤَمْ / مَل حين تُخشى العَنْقفيرُ
هذا مقام المستجي / ر وأنت أكرمُ من يُجيرُ
أأقول فيكم ما أقو / ل فلا يكون له حَويرُ
ما لي حُرمتُ وقد سألْ / تكمُ وإني لَلْفقيرُ
ومدائحي تترى يجو / دُ بها لسانيَ والضميرُ
إذ لم أنلْ من فضلكم / مقدارَ ما يزنُ النَّقيرُ
ولَطالما اسْتغنَى الفقي / رُ بكم وما انجبر الكسيرُ
انظر إليَّ أبا الفوا / رِسِ يَسْهل الأمر العسيرُ
بين العِبادِ وربِّهمْ / في قَسم زرقِهمِ سَفيرُ
ووزيرنا ذاك السفي / ر فَمن سواه نستميرُ
في ظلهِ الكلأُ المَري / عُ خلالَه الماء النميرُ
فامْنُنْ عليَّ بجانبٍ / منه فقد حميَ الهجيرُ
واعجل بعُرفِك ما استطع / تَ فأفضل العرف البَكيرُ
أو قل لعبدك كيف يص / نع إنه لك مستشيرُ
أين المَميل عن الوزي / ر أو الرحيل أو المسيرُ
هل للمحرَّبِ غيره / في كل نائبةٍ مَصيرُ
من وجهُهُ الوجهُ الجمي / لُ وشخصهُ الشخصُ الجهيرُ
من مَنُّهُ المنُّ القلي / لُ وفضله الفضل الكثيرُ
من جودُه الجودُ الشهي / رُ وبذله البذلُ الستيرُ
من قولُهُ وفَعَالُهُ / سَمَرانِ ما سمر السّميرُ
من لا نَصير لمالِهِ / ولجاره أبداً نصيرُ
من نَيْلُ غايته يَشُقْ / قُ ونيلُ نائله يسيرُ
من كل أمرٍ حين يُذ / كَرُ أمرُهُ أمرٌ صغيرُ
إلّا أبا الصقر الذي / أضحى وطالبُهُ حسيرُ
رجع المماطلُهُ الجرا / ءَ وحظُّهُ النفسُ البَهيرُ
ملكٌ غدتْ أفعالُهُ / والعرفُ فيها والنكيرُ
يوماه يومُ ندى ويو / مُ ردىً عبوس قَمْطَريرُ
في ذا وذاك كليهما / خيرٌ وشرٌّ مستطيرُ
فوليُّهُ لِوليّهِ / أبداً بنافلةٍ بشيرُ
وعدوُّهُ لعدوهِ / أبداً بنازلةٍ نذيرُ
كافي ملوكٍ لا يفن / نَدُ ما يُجيل وما يديرُ
ركدت على أقطابه / أرحاء ملك تستديرُ
لو كان في أولى الزما / ن لظل مَزدكُ لا يُحيرُ
وغدا أنوشروانَ مُف / تقراً إليه وأردشيرُ
تَجِف القلوبُ إذا غدتْ / أقلامُهُ ولها صريرُ
ضخمُ الدّسيعةِ والفعا / لِ نبيهُ مملكةٍ ذَكيرُ
جُمعتْ له أشياءُ لم / يخلَق له فيها نظيرُ
فيه الوسامةُ والندى / والحلمُ والرأي الزَّبيرُ
فإذا بدا في موكبٍ / فكأنهُ القمر المنيرُ
وإذا احتبَى في مجلسٍ / فكأنما أرسى ثبيرُ
وإذا تهلّل بالندى / فكأنه الغيثُ المطيرُ
وإذا رَمى بمكيدةٍ / فكأنهُ القدرُ المُبيرُ
تتحرك الأشياء غِبْ / بَ سكونِه ولها نفيرُ
لروّيةٍ منه نتي / جتها نَقيذ أو عَقيرُ
أضحى يحلُّ بحيث يل / قَى المستميحَ المستجيرُ
لا يستعير له المَما / دحَ مِن سواهُ مُستعيرُ
بل يستثير له المما / دحُ من ثراه المستثيرُ
لولاه أصبحتِ الركا / ئب لا يئطّ لها صفيرُ
يا آل بلبلٍ الكرا / م بيمنكمُ صلح العذيرُ
لولاكُمُ غدتِ الرعي / يةُ كلُّها والمُخّ ريرُ
فَابقوا لنا في غبطةٍ / ما أوْغلتْ في الأرضِ عيرُ
وغدا الأُلى عادوكُمُ / ومقامُ أرجلهم شفيرُ
لا زالتِ الدنيا لهم / مهوىً قَرارتُهُ السعيرُ
أعيى على طلّابِكُم / أن تُدرك الخيلَ الحميرُ
تتبسّمون إذا اللئا / مُ تبسروا ولهم هَريرُ
وتَبسّلون إذا السبا / عُ تنمَّرتْ ولها زئيرُ
ردّدتُ فيكم ناظريْ / يَ فكُلكم كرمٌ وخيرُ
شَرفتْ أوائلكم وأش / به أوّلاً فيكم أخيرُ
وحُرمتُ منكم والإلَ / هُ على مَرَدِّكُمُ قديرُ
لا تَتركوا الطِّرفَ الجوا / دَ خليعَ مضيعةٍ يَعير
خُذْها إليك أبا الفوا / رسِ حليةً بك تستنيرُ
ما ضَرها أن لا يعي / شَ لها الفرزدقُ أو جريرُ
واسلمْ على حدث الزما / ن وأنت بالحُسنى أثيرُ
حتى يصدِّقَ من كَنا / ك فوارسٌ لهمُ كريرُ
يا بانيَ الدَّرجِ الذي أولَى به
يا بانيَ الدَّرجِ الذي أولَى به / لو كان يعقل هَدْمُها من دارِهِ
لا تبنينَّ بنيةً قوَّادةً / تُزْني بناتِ أبي البنات بجارِهِ
لم يَبنها إلا امرؤ متعصّبٌ / للكَشْخ يعجبه ارتفاع شَنارِهِ
يا بانيَ الدرج الوثيق بناؤُها / بالصخر ينقله على أشفارِهِ
شكراً لما هتَّكن من حُرماتِهِ / لا بل لما كثَّرن من أصهارِهِ
كم غافلٍ في سُوقه قنَّعتَهُ / في عُونه خِزياً وفي أبكارِهِ
لو غار هدَّمها بفيهِ وأنفهِ / طلباً لها حتى المماتِ بثارِهِ
لكنهُ رجلٌ يبرِّجُ عِرْسَهُ / وبناتِه ليزدْنَ في أنصارِهِ
يا ضارب المَثَلِ المزخرفِ مُطْرياً
يا ضارب المَثَلِ المزخرفِ مُطْرياً / للحقد لم تَقْدح بزَنْدٍ وارِي
أصبحتَ خصم الحق تهدم ما بنى / والحقُّ محتجٌّ وأنت تُمارِي
أطريت غثَّك لا سمينك ضلَّةً / واخترت من خُلقَيْكَ غيرَ خيارِ
شبَّهتَ نفسك والأُلى يولونها / آلاءهم بالأرض والعُمَّارِ
ورأيتَ حفظك ما أتوا من صالحٍ / أو سيِّئٍ كرماً وعتق نِجارِ
وزعمتَ فيك طبيعةً أرضيةً / يا سابق التقرير بالإقرارِ
ولقد صدقتَ وما كذبتَ فإنهُ / لا يُدفَع المعروف بالإنكارِ
لكن هاتيك الطبيعةَ في الفتى / مما تُلِط عليه بالأستارِ
ولَصمتُهُ عن ذكرها أولى به / من عدِّها في الفخر عند فخارِ
فينا وفيك طبيعةٌ أرضيةٌ / تهوي بنا أبداً لِشرِّ قرارِ
هبطت بآدمَ قبلنا وبزوجهِ / من جنّة الفردوس أفضل دارِ
فتعوَّضا الدنيا الدنيّة كاسمها / من تلكمُ الجنَّاتِ والأنهارِ
بئستْ لَعمرُ الله تلك طبيعةً / حَرمتْ أبانا قرب أكرم جارِ
واستأسرتْ ضعفَى بنيه بعدهُ / فهُمُ لها أسرى بغير إسارِ
لكنها مأسورةٌ مقسورةٌ / مقهورة السلطان في الأحرارِ
فجسومهم من أجلها تهوي بهم / ونفوسهم تسمو سموّ النارِ
لولا منازعةُ الجسوم نفوسَهم / نفذوا بسَوْرتها من الأقطارِ
أو قصّروا فتناولوا بأكفهم / قمرَ السماء وكلّ نجم ساري
عَرفوا لروح الله فيهم فضلَ ما / قد أثَّرتْ من صالح الآثارِ
فتنزَّهوا وتعظّموا وتكرموا / عن لؤم طبع الطين والأحجارِ
نزعوا إلى النَّجد الذي منه أتت / أرواحهم وسموا عن الأغوارِ
هذا عبيد الله منهم واحد / لكنه هو واحد المِضمارِ
ملك له هِممٌ تُنيف على العلا / ويدٌ تطول مواقع الأقدارِ
وإذا عطا للمجدِ نال بكفه / ما لا ينال الناس بالأبصارِ
ولقد رأيت معاشراً جمحتْ بهم / تلك الطبيعة نحو كل تَبارِ
تهوي نفوسُهُم هُوِيَّ جسومهم / سِفلاً لكل دناءةٍ وصَغارِ
تبعوا الهوى فهوى بهم وكذا الهوى / منه الهُوِيُّ بأهله فحَذارِ
لا ترضَ بالمثل الذي مثَّلْتَهُ / مثلاً ففيه مقالةٌ للزاري
وانظر بعين العقل لا عينِ الهوى / فالحق للعين الجليَّة عاري
الأرضُ في أفعالها مضطرةٌ / والحيُّ فيه تصرّفُ المختارِ
فمتى جريتَ على طباعك مثلَها / فكأن طِرْفك بعدُ من فخّارِ
أخرجت من باب المشيئة مثل ما / خرجتْ فأنت على الطبيعة جاري
أنَّى تكون كذا وأنت مُخَيَّرٌ / مُتَصرف في النقض والإمرارِ
أين اصطراف الحيّ في أنحائه / وحَويلُهُ فيما سوى المقدارِ
أين اختيار مخيَّرٍ حسناته / إن كنت لست تقول بالإجبارِ
شهد اتفاقُ الناس طرّاً في الهوى / وتفاوتُ الأبرار والفجارِ
أن الجميع على طباعٍ واحد / وبما يرونَ تفاضلُ الأطوارِ
فمتى رأيت حميدهم وذميمهم / فبفضل إيثار على إيثارِ
قاد الهوى الفجارَ فانقادوا له / وأبتْ عليه مقادةُ الأبرارِ
لولا صروف الاختيار لأعْنَقوا / لهوىً كما اتسقت جمال قِطارِ
ورأيتَهم مثل النجوم فإنها / متتابعاتٌ كلها لمدارِ
مُتيمِّمات سَمْتَ وجهٍ واحد / ولها مطالع جمَّةٌ ومَجاري
فانسَ الحُقود فإنها منسيةٌ / إلا لدى اللؤماء والأشرارِ
واعصِ الطباع إذا اطَّباك لحفظها / واختر عليه تَكُنْ من الأخيارِ
ما زال طبع الأرض يقهر لؤمَهُ / مَنْ فيه رُوح الواحد القهارِ
لا تنسَ روحَ الله فيك وأنها / جُعِلت لتصلِح منك كلَّ عُوارِ
إن الحُقُود إذا تذكرها الفتى / تحيا حياة الجمر بالمِسعارِ
ولعلها إن لا تضرَّ عدوهُ / وهو المسلِّف عاجل الإضرارِ
تَصْلَى جوانحُ صدره من حقده / بلهيب جمرٍ ثاقبٍ وأُوارِ
فلصدرِهِ من ذاك شرُّ بِطانة / ولقلبه من ذاك شر سُعارِ
ذاك الذي نقد المكيدة نفسه / نقداً وكاد عدوه بِضمارِ
ما نال منه منالَه من نفسه / وِترُ الأُلى وَتَروه بالأوتارِ
ردّت يداه كَيْدَه في نحرهِ / وكذا تكون مَكايد الأغمارِ
وكفى الحقود مهانةً وغضاضةً / أن لست تلقاه عدوّ جهارِ
لكنه يمشي الضَّراء بحقده / ليلاً ويَلبد تحت كل نهارِ
يلقى أعاديه بصفحة ذلةٍ / سِلمَ اللسان مُحارب الإضمارِ
لكن أهل الطّوْل من متجاوِزٍ / ومُعاقبٍ جهراً بغير تواري
طرحوا الضغائن إذ رأوا لنفوسهم / خطراً ينيف بها على الأخطارِ
فانظر بعين الرأي لا عينِ الهوى / فالحق للعين الجليّة عاري
النفسُ خيرك إنها علوية / والجسم شرُّك ليس فيه تماري
فانقدْ لخيرك لا لشرك واتبِعْ / أولاهما بالقادرِ الغفّارِ
كن مثل نفسك في السموّ إلى العلى / لا مثل طينة جسمِك الغدّارِ
فالنفس تسمو نحو علو مليكها / والجسم نحو السفلِ هاوٍ هاري
فأعِنْ أحقَّهما بعونك واقتسِر / طبع السِّفال بطبعك السَّوَّارِ
إياك واستضعافَ حقٍّ إنه / في كل حينٍ حاضرُ الأنصارِ
والحق والشُّبَهُ التي بإزائه / كالشمس جاوَرها هلالُ سِرارِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025