المجموع : 120
إن المحب إذا اختفت أسرارُهُ
إن المحب إذا اختفت أسرارُهُ /
ظهرت على صفحاته أنواره /
ويح المحب إذا دهتهم ناره /
قالوا أتبكي من بقلبك داره / جهل العواذل داره بجميعي
شرف الهوى أنا راهب في ديرِهِ /
وأنا الذي عندي مطالع خيره /
والحب عني حيث جد بسيره /
لم أبكه لكن برؤية غيره / طهرت أجفاني بفيض دموعي
لا حيرة في الحق عند ذوي الهدى
لا حيرة في الحق عند ذوي الهدى / بل عندهم منه الهداية تعرفُ
قوم أزال حجابه عن قلبهم / وبهم يسوَّى بل بهم هو يوصف
لا زال فيهم نور ظلمة كونهم / أين الظلام وشمسه لا تكسف
والعين تلك العين واحدة كما / كانت قديماً عند من هو منصف
والناس حاروا بالعقول لأنهم / راموا التكيف وهو ليس يكيف
فلو احتموا بحماه عن أفكارهم / وبه اهتدوا لا بالعقول لَأُتْحفوا
لكن إذا رام المهين رتبة / للمرء قام بها فمن ذا يحرف
فهو المكيف بالأوامر للحجى / وبحضرة القيوم ذاك مكيف
خفض عدوّي في الهوى ومصادقي
خفض عدوّي في الهوى ومصادقي / محبوبتي ذات الوشاح الخافقِ
أنا لا أميل إلى سواها دائماً / إن شئت خالف في الهوى أو وافق
تُجلى إليَّ متى أردت تفضُّلاً / بمروط أشباح الورى وقراطق
وهي التي كانت وكنت وهكذا / هي هكذا بمغاربٍ ومشارق
أنا ثوبها روحاً وجسماً وهي في / خلعي ولبسي مثل لمحة بارق
بل ما أنا ثوب لها بل تلك لي / ثوب به أختال بين خلائق
بل لست ثوباً لا ولا هي ثوبُ لي / يا سارقاً قطعت يمين السارق
هذا الفضاء بدا فقم متنزّهاً / في النور واخرج من خلال مضايق
واحذر فإن وراء ذلك لا ورى / من راتق لا يستقل وفاتق
واشتقَّ واضرب بالعصا حجراً تَسِلْ / لك أعينٌ منه بماء دافق
فَتَوَضَّ فيه واغتسل وادخل به / للمسجد الأقصى محل رقائق
واسجد هناك لوجه حبك سجدة / من بعدها أخرى سجود الوامق
تلقَ المنى وتكون تحت ستائرٍ / من لطفه أبداً وتحت سرادق
الله يفتح كل باب مغلقِ
الله يفتح كل باب مغلقِ / وهو المقيد للوجود المطلقِ
والفكر في يده كمفتاحٍ لنا / يبدي به عنا الذي فينا بقي
فالجأ إليه وكن به متعلقاً / لا فاز من هو ليس بالمتعلق
قطع الجهول زمانه بتغزلِ
قطع الجهول زمانه بتغزلِ /
إن الجهول عن الجمال بمعزل /
أنا لا أميل إلى كلام العذَّل /
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي / من وصل غانية وطيب عناقِ
إن كنت جئت لدى العدى بنقيصةٍ /
فهي الكمال وذاك عن خصِّيصةٍ /
طلبي لغالية ببذل رخيصةٍ /
وتمايلي طرباً لحل عويصةٍ / في الذهن أبلغ من مدامة ساقي
سم الجهالة زال من ترياقها /
وهو العلوم بمقتضى إشراقها /
حرَّرتها في الطرس باستحقاقها /
وصرير أقلامي على أوراقها / أشهى من الدوكاة والعشاق
فانهض لتحصيل العلوم ووفِّها /
حقاً بأشرف حالة وأعفها /
إني كُفِفْتُ عن السوى بِأَكُفِّها /
وألذ من نقر الفتاة لدفها / نقري لألقي الرملَ عن أوراقي
تعلو على أوج المعالي همتي /
في نيل مقصودي وقرب أحبتي /
وأنا الذي عزمي كسيف مصلت /
يا من يبالغ بالأمالني رتبتي / كم بين منسفل وآخر راقي
أصبحت موصوف العلى منعوتَهُ /
لا أختشي من جانب تفويتَه /
يا قاصراً فينا يحاول صيته /
أأبيت سهرانَ الدجى وتبيتَه / نوماً وتبغي بعد ذاك لحاقي
انهض بربك لا بنفسِكْ
انهض بربك لا بنفسِكْ / تشرف على أبناء جنسِكْ
فالكل أنت وأنت هو / والهو غداً فلكاً لشمسك
فإلى متى تبقى كذا / يا مَيْتُ في ظلمات رمسك
لا يظهر المخفي عن / عينيك إلا بعد طمسك
وحياة قدسك أنت في / أنت المنى وحياة قدسك
فاكشف حجاب سواك عن / أياك وانزع ثوب حدسك
واستقبل النسمات إن / وافتك من نفحات أنسك
وإذا ظهرت وكنت أن / ت بغير أنت لطيب غرسك
فانقل علومك عنك لا / عمن تخاطبه بدرسك
وانظر لعينك وانتظر / وعن السوى والغير أمسك
واقرأ كتابة أحرف / ظهرت على صفحات طرسك
وإذا حصلت على الذي / تحوي فيومك فوق أمسك
إن الوجود حقيقة لا تدركُ
إن الوجود حقيقة لا تدركُ / وقف الموحد دونها والمشركُ
والناس فيها فرقتان فعارف / حاز الكمال وجاهل يستدرك
والعين واحدة ولكن حكمها / يَقَقُ البياض وأسود محولك
فاطرح قيود الكائنات جميعها / واطلق عنانك في السرى مستمسك
وافتح عيونك في حقيقة ما ترى / لا يحجبنَّكَ عثيرٌ أو درمك
كدرُ الزخارف حلَّ ماءك فاختفى / عنك الذي هو عنه عينك تهتك
لكن وجودك قابل وكذا الورى / للصفو فاسلك يا هنا من يسلك
هذا الطريق بدا فأين السالكُ
هذا الطريق بدا فأين السالكُ / ما الناس إلا سالم أو هالكُ
رمت الشريعة أنت مملوك لها / وإذا الحقيقة رمت أنت المالك
والكائنات إذا عرفت تلألأت / وإذا جهلت هي الظلام الحالك
صدق الكتاب لمن به يتمسكُ
صدق الكتاب لمن به يتمسكُ / والبعض منه به يكون المشركُ
وهو المبين على الذي بجميعه / يدري وليس ببعضه يتمسك
هو نازل من حضرة أحدية / فتحققوا فيه ولا تتشككوا
سور وآيات بدت فتركبت / من أحرف هي بالتوحيد أملك
مشتقة من سور كل مدينة / لإحاطة فيها بما يتفكك
ولقد بدت صوراً إذا هي فخمت / بنزولها الثاني لدى من يسلك
بالحق أنزلناه ذلك أولٌ / كل به قد آمنوا واستبركوا
وبه لقد نزل اغتدى هو ثانياً / فتفرقوا فيه وعنه تمحّكوا
وبدالهم صوراً فخصوا بعضَهُ / بالترك منه وبعضه لم يتركوا
وبقيْ عليهم حكمُ موطنهم بما / هو مقتضاه لهم بجهل يملك
ولذلك الدنيا غدت ملعونةً / إلا الذي استثنى وهاج المعرك
وأتاك من آياته ألوانكم / والألسن اللاتي غدت تتحرك
وجميعها صورٌ وتلك كثيرة / وبها اختلافٌ زائدٌ لا يدرك
والله مولانا محيطٌ قد أتى / لك من وراء الكل وجهٌ يهتك
بل ذاك قرآن مجيد جاء في / لوح هو المحفوظ عمن يشرك
يا من تملك بالمحاسن مهجتي
يا من تملك بالمحاسن مهجتي /
وإليه ملت ولا سواه بجملتي /
وأريده لما أقول أحبتي /
خلص الهوى لك واصطفتك مودتي / إني أغار عليك من ملكيكا
عيني بوجهك لا تزال قريرةً /
والقلب يضمر منك فيك سريرةً /
وأنا الذي بك زاد عقلي حيرةً /
فلو استطعت منعت لفظَك غيرةً / أني أراه مقبِّلاً شفتيكا
يا جامعي بكلامه المتشتتِ /
من كل ناحية إليك تلفتي /
أهفو إليك وعنك وجدي ما فتي /
وأراك تخطر في شمائلك التي / هي فتنتي فأغار منك عليكا
نفسي على نفسي الوجود بها نزل
نفسي على نفسي الوجود بها نزل / فَرْضاً وتقديراً ترتب في الأزلْ
فتلبست نفس الوجود بغيرها / وتقيد الإطلاق منها وانعزلْ
وهو الذي هو لم يزل في غيبه / وأنا الذي هو في انعدامٍ لم أزل
وكذاك حكم الكائنات جميعها / فدع العَنا يا من تَرَيَّضَ واعتزل
واعلم بأنك أنت تقدير الذي / هو ناسج لك بالمشيئة ما غزل
والحضرتان له فحضرة ذاته / محض الوجود ووَصفُهُ نظمُ الغزل
وهي الصفات جميعنا آثارها / من جدَّ فهو بها يجدُّ ومن هزل
وإذا تعرض خاطر لك فاسد / فارجع إلى التقدير إن العقل زل
وإذا الوجود الحق أعرض عنك قل / نفسي على نفسي الوجود بها نزل
نور تلفَّف بالظلام مكملُ
نور تلفَّف بالظلام مكملُ / نودى هنا يا أيها المزملُ
قم فيه وهو الليل أي بأموره / طبق الإرادة ما علا والأسفلُ
ذرني ومن فيه خلقت من الورى / فيه وحيداً مستقلاً يفعل
واغلظ عليهم قال أي بنفوسهم / وهو الرؤوف بنا الرحيم المفضل
وهو العزيز عليه ما عَنِتَ السوى / وهو الحريص على الجيمع ليكملوا
بحر وهم أمواجه وهو الذي / بالحق قام كصورة تتخيل
وافهم إشارة قوله قد جاءكم / من عين أنفسكم إليكم مرسل
تجد الذي بالروح عنه وبالحجى / كنّى الإلهُ وما درى من يجهل
وهو الحقيقة والشريعة والهدى / لمن اهتدى وهو الحبيب المقبل
والسنة الغراء فيه طريقنا / ويد الجماعة والكتاب المنزل
طوراً يغيب ونحن نظهر عنه في / هذا الزمان لنا المقام الأفضل
ونغيب نحن به ويظهر تارة / هو قائمٌ عنا بنا يتمثل
ووراء هذا في الغيوب حقيقة / تطوي الحقائق كلها لا تعقل
قد أجملت نور النبيِّ وفصلت / وتظل تجمل للورى وتفصل
وهي الوجود وما سواها هالكٌ / ويقال موجود يلوح ويأفل
نور على نور وللثاني أتى / أو في الصلاة بها يجود الأول
طول المدى ما هب ريح الروح في / روض الجسوم وما تغنّى البلبل
إنا فهمنا عنه أمثالاً لنا
إنا فهمنا عنه أمثالاً لنا / هو ضاربٌ فينا بخلقٍ أكملِ
لم نضرب الأمثالَ نحن له ولم / نعدل عن النهج القويم الأعدلِ
ولهم ضربنا قوله الأمثالَ في / حق الذين تقدموا فتأمَّلِ
لا تضربوا الأمثال لله الذي / قد قال ذلك في الكتاب المنزلِ
فالله يعلم والبرية كلهم / لا يعلمون بمجمل ومفصَّلِ
ومتى رأينا عالماً في صورة / كونية قلنا هو الحق الجلي
رام الظهور بصورة في علمه / وبها توجه للحضيض الأسفل
والكل ذو علم ولو بحقيقة / فيما مضى والآن والمستقبل
والحق عنها قد تنزه قبلها / وهو المنزه بعدها عنها العلي
والحكم فيها قد أتى منه على / ما كان منها في القديم الأول
وهو الذي ما زال عن إطلاقه / وهي التي عن نفيها لم ننزل
لكنها ثبتت به منه له / كشفاً بعلمٍ ليس بالمتحوّل
وتخصُّصاً بإرادة وتقدُّراً / بالقدرة القصوى عن المتأمل
فاشهده منها مطلقاً في نفسه / ومقيداً بخصوصها المتأثِّل
أو شئت فاشهدها به معدومة / لما تزل وهو الشهيد لها الولي
إن الشهادة والولاية كانتا / للحق حتى صارتا بالحق لي
يا للبرية إن قلبي ما ارتوى
يا للبرية إن قلبي ما ارتوى /
ممن معي لا زال يظهر بالقوى /
وأنا الذي أشكو المحبة والجوى /
وأمر ما لاقيتُ من ألم النوى / قرب الحبيب وما إليه وصولُ
يدنو فأحسب أنه أني وما /
هو غير قرب والجهول له العمى /
فاعجب لنور فيه كوني أظلما /
كالعيس في البيداء يقتلها الظما / والماء فوق ظهورها محمولُ
دع من يجادل أو يماطلْ
دع من يجادل أو يماطلْ / واعلم بأن الكلَّ باطلْ
والحق حق واحدٌ / وبه غبار الكون ساطل
يا من يعدده ولا / يدريه خاطٍ أنت خاطل
يا غافلون تنكبوا / عنا فغيث الفتح هاطل
هذا الذي لا تعرفو / ن ولو جريتم في القساطل
وقفوا بأرض عقولكم / إن الذي تدرون عاطل
ما حظكم غير السوى / منه وما فزتم بناطل
الله أكبر هذه / ذكرى لأفئدة العواطل
ظهر الوجود الحق في مرآتنا
ظهر الوجود الحق في مرآتنا / إذ نحن في العدم المقدر لم نزلْ
فوجودنا هو صورة لوجوده / لا أنه ذاك الوجود علا وجلّْ
وكذا ظهرنا نحن في مرآته / مع أننا عدم ومنه على وجل
وهو المقدر بالصفات ذواتنا / وصفاتنا من غير بدء في الأزل
إذ نحن أجمعنا هو العدم الذي / ما شم رائحة الوجود إذا نزل
فظهوره فينا بقول قل انظروا / ماذا الذي هو في السما والأرض هل
وكذاك وهو الله قال بأنه / هو في السما والأرض من يجحده زل
وظهوره فينا بحكم كلامه / في كل شيء هالك إلا الأَجَلّْ
مع أننا نحن العوالم كلها / موجودة فافهم وفصِّل ما انجمل
واحذر تظن تغيراً وتبدُّلاً / في ربنا عما عليه فما انتقل
وكذلك احذر أن تظن بأننا / عما عليه لنا التغير والبدل
فإذا رآنا فهو راء نفسه / لا أننا هو أو بنا حاشاه حَلّْ
وإذا رأيناه فأنفسنا نرى / لا غير فاكشف عن سنا هذا المحل
هذا هو العرفان وهو أجل ما / يأتي به بشر وحققه الأمل
إرث النبيِّ محمد وهو الذي / جاءت به ساداتنا القوم الأول
أقبل ودع عنك الكسلْ
أقبل ودع عنك الكسلْ / وكن الذباب على العسلْ
وإذا طردت فعد إلى / ما كنت تطلبه وسل
واعلم بأنك قاتل / فالنصل في طول الأسل
والحب يخرج مثله / والبزر أشجاراً نسل
ومتى تركت تركت لا / طهر الإناء ولا انغسل
حوتٌ تعاظمَ فالتقمْ
حوتٌ تعاظمَ فالتقمْ / لهبَ التولُّع والسقمْ
لولا أكون مسبحاً / في بطنه كان انتقمْ
حتى إذا تمت كتا / بة لوح صدري والرقم
ألقى بساحل أمره / كلّي وعرَّفني اللَقَم
فلمحت يونسَ حكمةٍ / زالت بها عني النقم
حق بدا في صورة الموهومِ
حق بدا في صورة الموهومِ / لما تسمَّى فيه بالقيومِ
وتتابعت أوصافه وترادفت / أسماؤه في أنفس وجسوم
وتبينت أفعاله فتعاكست / أحكامها في أمره المحكوم
نحن الكواكب في سموات الهدى / نرمي شياطين العدى برجوم
صور شربناها حلاوة كوثر / والجاهلون تعبُّ من زقّوم
قرأوا الوجود وساوساً وزخارفاً / وشكوك أوهامٍ وقبح فهوم
ولقد قرأناه صحائف نُشِّرَت / بالحق بين معارف وعلوم
ظل ظليل للذين به اهتدوا / وعلى الذين جفوه من يحموم
ضاءت سموات القلوب بشمسنا / وعلى الورى كانت طلوع نجوم
والآن نوبته انقضت بظهورنا / وخصوصنا مستجمع لعموم
أزل له ما قبلنا ولنا به / أبد وليس الفرق غير رسوم
نحن الذين يضيء نور علومنا / بين الورى في غيبة المعصوم
الله أكبر ما أعز مقامنا / وأجل وافر حظنا المقسوم
لا تأخذُ الخلاقَ يا قومُ
لا تأخذُ الخلاقَ يا قومُ / في خلقه سنة ولا نومُ
فالروح تأخذها به سنةٌ / والجسم نوم فيه مرغومُ
والله عن روح وعن جسد / قد جلَّ لا يحكيه مفهومُ
ما في سماوات له وهي ال / أرواح قيدومٌ فقيدومُ
وكذاك ما في الأرض وهي له / أعني الجسوم وذاك مرسوم
وهو المميت لأنه أبداً / حي على الأكوان قيوم
فإذا أمات أباننا وإذا / أحيى خفينا وهو معلوم
في آية الكرسيْ لنا عبرٌ / منه كتابٌ جاء مرقوم
حق بحق فيه حقَّقنا / وما سواه فهو موهوم
به شرابي كوثر عذبٌ / وشرْبُ أهل الجهل زقوم