المجموع : 142
حفظَ اليتيمةَ كلُّ مَنْ
حفظَ اليتيمةَ كلُّ مَنْ / في شرقها والمَغربِ
فشدَوْتُ من عجبٍ بها / كم لليتيمةِ من أبِ
أهلاً ببيتِ خميلةٍ
أهلاً ببيتِ خميلةٍ / شكرَتْ صنيعَ ابنِ السّحابِ
أبدَتْ بَهاراً كالعيو / نِ على شَقيقٍ كالشباب
وتأودتْ أعطافُها / فزرَتْ بأعطافِ الكَعابِ
حتى إذا لعِبَ النّسيمُ / ببَردِها النّضْرِ الإهابِ
نثرَتْ عقودَ حُليِّها / نثْرَ العقودِ عن الرقابِ
وسرى لنا عن مِسكِها / مِسكٌ أتى من كلّ بابِ
خُذْها كلونِ التِّبْرِ ذائب
خُذْها كلونِ التِّبْرِ ذائب / حَمراءَ بيضاءَ الذّوائبْ
عذراءَ شائبةً وما اعْ / تلقَتْ بها أيدي النّوائبْ
كالنارِ إلا أنها / إذ تصطَلي نار الحُباحِبْ
حُجِبَتْ بفرطِ الضوءِ عنْ / أبصارِنا والضوءُ حاجِبْ
واستوطَنَتْ بشُعاعها / بيتاً ولا بيتَ العناكِبْ
حتى إذا انتشر الحَبا / بُ بها لينتظمَ الحَبائبْ
طافَتْ بها الآرامُ في ال / كاساتِ حاليةَ التّرائبْ
في كفِّ كاعِبَ من تور / دِها كما في خدِّ كاعِبْ
جُليَتْ على شمسِ النها / رِ فنقّطتْها بالكواكِبْ
لكنها جلتِ الغَيا / هِبَ والكواكبَ في الغياهب
أوَ ما تراها قد رمَتْ / عن صدرِه بِصدارِ راهِبْ
فالبدرُ والمرّيخُ يت / بَعهُ بسيفِ النورِ ضارب
كالفارسِ الرِّعْديدِ قد / جرّ القناةَ ومرّ هارب
وتطايرتْ في الجوّ شُهْ / بانٌ لها نبْلٌ صوائبْ
حتى كأن منَ المشا / رق عسكراً تغزو المَغارب
وهي الكتائبُ جُهِّزَتْ / من منطِق ابن أبي الكتائب
وكأنما طلعَتْ تُبا / هي ما لديهِ من المناقِب
لولاهُ لم نحكمْ بأنّ / عُطارداً في شكلِ كاتِب
نظمَ الحسابَ بأنمُلٍ / نثرَتْه بَرْقاً عن سَحائب
واستخدم الأعلام لل / أقلامِ والصّمْصامِ غالِب
فيمينُه تسْطو بقا / ضٍ لا يُقاسُ إليه قاضِبْ
أيْمٌ بقطّةِ نابِهٍ / قُطّتْ عن المُلكِ النّوائبْ
يُصْبيكَ موشيُّ القرا / منه وموشيُّ المساحِب
ببلاغةٍ لا ترتضي / بالصّاحبِ المنعوتِ صاحبْ
يقتادُ في سهلِ الكلا / مِ أزمّةَ الحُكم المصاعِبْ
في أسطُرٍ لو أنّها / خيلٌ لكانت كالجنائبْ
حملَتْ مفضّضةُ المكا / بحِ سُفعَ مُذهبةِ المراكب
يا مَنْ به بعدَ المها / لِك قد وقعْتُ على المطالب
لك ناظرٌ باللُطْفِ فيّ / فلا أُضيفَ إليه حاجب
أدنيتَني حتى حلَلْ / تُ الجنبَ منك وكنتُ جانب
ورأيتَني وأنا الغري / بُ لديك من إحدى الغرائب
ومن العجائب أن أرا / كَ وليس أنطِقُ بالعجائب
وثناكَ قد نطقَتْ به ال / أحقابُ من قبلِ الحقائب
شكري سواك تطوّعٌ / فإذا أرادك فهو واجِب
أُثْني عليكَ ثناءَ مؤْ / تنَق تفتّح إثْر ساكب
فأتى بأزهارِ الرُبى / حُفّتْ بأمواءِ المذانِب
من كلِّ قافيةٍ ترو / قُ مطالِعاً وتَروعُ طالِب
فتري المناصبَ تحت خَفْ / ضِ العجزِ عن شرفِ المناصب
وأنا المُقاربُ إن بعُدْ / تَ وليس من باب المقارب
إن المودّة من حُضور ال / قلبِ حيثُ الجسمُ غائبْ
فاسْرُرْ أغربَ عزّةٍ / طلعَتْ بحيٍّ غير غارِب
فنَداك ممنوحُ الحَيا / ومداكَ ممنوعُ الجوانِب
حاشا مكارمكَ الهتونُ سحابُها
حاشا مكارمكَ الهتونُ سحابُها / أن أنثني قد سُدّ دوني بابُها
إن يجمُدِ الجاري فكم من صخرةٍ / بيديْك سالتْ للعفاةِ شِعابُها
أشكو ولو أشكو الذي أنا رهنُه / كلّت يدي عنه وضاقَ كتابُها
فادْمَعْ خُطوبَ الدهرِ عمّن نفسُه / قد أولِعَتْ في ضيمِها أنيابُها
هي رُقعةٌ رُفعَتْ إليك وخاطري / متيقّنٌ أنّ النوالَ جوابُها
وأبيك إنّ الحُرّ يمنعُه
وأبيك إنّ الحُرّ يمنعُه / من أنْ يذلَّ شريفُ منصبِه
وأخوكَ لو أيقظْتَه لِنَدى / أيقَظْتَ منه غير مُنتبِه
فاجْعَلْ وسيلتَك الإله تُفِدْ / فاللهُ أنجحُ ما طلبْتَ به
قالوا احتجبْتَ ولا عجَبْ
قالوا احتجبْتَ ولا عجَبْ / مَنْ طاولَ النّجْمَ احتجَبْ
سحبَ الوشاةُ ذيولَهُم / وجرَرْتَ أذيالَ السُحُبْ
أملٌ تنفّسَ طولُه / فكأنّه ليلُ المحِب
لا يوحشنّكَ إن عُجِرْ / تَ فرُبّ محبوسٍ مُحَبْ
فالسهمُ لو لم ينجُ منْ / شرَكِ الحنيّة لم يُصِبْ
والرُمْحُ أقربُ ما يكو / نُ من السّدادِ إذا اضطربْ
متعتّبٌ من غيرِ ما سببِ
متعتّبٌ من غيرِ ما سببِ / راضٍ به مسٌّ من الغضبِ
أشْمتّ بي من لا خلاقَ له / وقدحْتَ بين الجلدِ والعصَبِ
فاحبسْ لساني عن معايبِهمْ / لا تولعنّ النارَ بالحطَبِ
أرسلتَني والريحُ في طلَقٍ / لكنها خابَتْ ولم أخِبِ
ومتيّمٍ بالآبنوسِ وجسمُه
ومتيّمٍ بالآبنوسِ وجسمُه / عاجٌ ومن إذهابِه حُرُقاتُهُ
كتمَتْ دياجي الشَّعْرِ منه بدرَها / فوشَتْ به للعينِ عيّوقاتُهُ
عرضَتْ لمُعتَرضِ الصّباحِ الأبلجِ
عرضَتْ لمُعتَرضِ الصّباحِ الأبلجِ / حوراءُ في طرفِ الظلامِ الأدعجِ
فتمزّقَت شيّة الدُجى عن غُرّتَيْ / شمسَيْنِ في أفُقٍ وكِلّةِ هودجِ
ووراء أستارِ الحُمولِ لواحظٌ / غازَلْنَ معتدِلَ الوشيجِ الأعوج
من كل مبتَسِمِ السنانِ إذا جرى / دمعُ النجيعِ من الكميّ الأهوجِ
ومروّعٍ وطِئَ الحُقودَ بشفْرَتَي / متوسِّعٍ في ضيق ذاك المنهجِ
قارعْتُه وعلِمْتُ أني ناكحٌ / طَمعاً متى ألقَحْتُه لم يَنتُجِ
ولرُبّ بابٍ مرتَجٍ حاولتُه / بلطافةٍ ففتحتُه للمرتجي
ومولّعٍ بالصّدِّ هزّتْ عِطفَه / خُدَعُ الهوى فأمال جيدَ معوّجِ
وإذا الفتى تبعَ الصّبابةَ والصِّبا / وجدَ المنيّة سهلة المتولَّجِ
لا تنكِرَنّ عليّ عاديةَ الأسى / فالحبُّ كأسٌ خمرُها لم يُمزَجِ
ولئن أرادَتْني الخُطوبُ بمرّها / فالريحُ تزلَقُ عن ثنايا منعِجِ
أو رحْتُ في سمَلِ الثياب فإنني / كالعَضْبِ يَفري وهو رثُّ المنسِجِ
ولقد صحبْتُ الليلَ قلّصَ بُردَه / لعُبابِ بحرِ صباحه المتموّجِ
وكأن منتثرَ النجومِ لآلئٌ / نُظمَتْ على صرْحِ من الفيروزَجِ
وسهرْتُ أرقُبُ من سُهيلٍ خافقاً / متفرِّداً فكأنه قلبُ الشّجي
واستعبرَتْ مُقلُ الغَمام فأضحكتْ / منها ثغورَ مفوّفٍ ومدبّجِ
وفضضْتُ عن مدحِ السديدِ خِتامَها / فغَنيتُ عن زهرِ الرُبى المتأرّجِ
ودعوْتُ يا هبةَ الإلهِ فقال لي / لفظُ النّجاحِ الْهَجْ بذلك تنهجِ
هو كعبةُ الإفضالِ إلا أنها / بعُدَتْ ومن لم يسَطِعْ لم يحْجُجِ
ولقد شداني العزمُ سرْ تلقَ المُنى / فشدا له الإمكانُ دونك تمرُجِ
للهِ منه أغرُّ مزّقَ سعيُه / سدفَ العوارضِ عن أغرّ متوّجِ
دمثُ الجنابِ تمجُّ تُربةُ أرضهِ / عَرْفاً متى يلقَ الحمامةَ تهزُجِ
يقظانُ يذهبُ بين طرفَي نائلٍ / متفخّرٌ في سُؤددٍ متبرّجِ
طلْقُ الجبين أريجُ أقطارِ الثّنا / حُلوُ السجيّة مُستنيرُ المنهَجِ
متنوّعُ الأوصافِ شابَ وقارَه / طرَبٌ فجاءَ بخالصِ المتمزّج
حُرُّ الفصاحةِ لو يُساجِلُ يعرُباً / لأبان فيه لُكْنةَ المتلجْلجِ
راسي حَصاة الحِلْمِ حيثُ تحللَتْ / عُقدُ الحُبا وارتاحَ كلُّ مدجّجِ
نشرَ المكارمَ واعتلى فكأنما / طُويَتْ له العلياءُ طيّ المدْرَجِ
متقمّصٌ بالزُهدِ لو بُذِلَتْ له الد / نْيا وقيلَ ادخُلْ بها لم يخرُجِ
ومُصيبُ سهمِ الظّنّ يُشرقُ رأيُه / في حيثُ نورُ الشمسِ لم يتوهّجِ
يَهديه في سُدَفِ الأمورِ قريحةٌ / تمشي على وضَحِ الصّباحِ الأبلجِ
فلأيّ خَطْبٍ ضيّقٍ أومى بها / يوماً على عجلٍ ولم يتفرّجِ
سبقَ الأكارمَ للمكارمِ فانثنى / يعدو على الغادي بحظِّ المُدلِجِ
ومصرِّفُ الأحكامِ لم يعلَقْ بها / طيشُ الضّجورِ ولا اختلالُ المُحرَجِ
هذا هو البيتُ العتيقُ فمن يُردْ / وِرْدَ التنسّكِ والتقى فليحجُجِ
فليَهْنِهِ العيدُ الذي هو عبدُه / وبعبدِه بالحُسنِ والحُسْنى حَجي
يَقضي فربُّ التاجِ تحت قضائه / بالعدل مُنقادٌ لذات الدُمْلُجِ
لا زالَ كالبدرِ المنيرِ منقّلاً / من أبرُجٍ مسعودةٍ في أبرُجِ
حمِدَ السُرى من كُنتَ وجه صباحِه
حمِدَ السُرى من كُنتَ وجه صباحِه / من بعدِ ذمِّ غُدوّه ورواحِه
ورأى النجاحَ مؤمِّلٌ ألحقْتَهُ / من حُسنِ رأيك فيه ظلّ جناحِه
واقتادَ شاردَ حظّه ذو همّةٍ / راضَتْ بقصدِ ذَراك صعبَ جِماحِه
وأما وعزمِك وهو أنهضُ فاتِكٍ / لقد انْبَرى والصّفْحُ تِلْوَ صِفاحِه
وبديعِ مدحِك وهو أنفَقُ متجرٍ / لقدِ اغْتدى والعزّ من أرباحه
فالدّهرُ بين فِرندِه وفريدِه / متقلّدٌ بنِجادِه ووشاحِه
بأسٌ تورّد في خدودِ شقيقهِ / وندًى تبسّم عن ثُغورِ أقاحه
وشمائلٌ للمُلْكِ حيثُ شُمولها / لا زال يكرَعُ راحَها من راحِه
والكاملُ المسعود من سعدٍ لها / بدرٌ جَلا الإمساءَ عن إصباحه
بمناقبٍ سمَتْ النجومُ لنبْلِها / فاستخدمَتْها في رؤوس رِماحه
ومواهبٍ عانى السّحابُ معينَها / فاستغرَقَتْهُ في بحورِ سماحه
وكتائبٍ خطبَ الزمانُ خطوبها / فرمَتْ جوارحَه بفتْكِ جراحِه
وأغرّ مشحوذِ الغِرارِ تألُّقاً / وتألُّفاً في سِلْمِه وكِفاحه
ممنوعِ أطرافِ الفِناءِ مصونِه / ممنوع أوساطِ العطاءِ مُباحِه
وفتى النوالِ لسائلٍ غطريفَه / كهل الحجى لمسائلٍ جَحْجاحه
فلمُبْهَمٍ ما رقّ من إيضاحِه / ولأدْهَمٍ ما راقَ من أوضاحه
هذا وكم من مأزِقِ في مأزقٍ / ناجاهُ بالإفسادِ في إصلاحه
واعتز منهُ بعارضِ إعراضه / عنه جنى سحّ النَّكالِ بِساحه
فرَماه بالسّهْمِ المُعلّى سهمُه / في قدْحِه نارَ الوغى وقِداحِه
وأعاد عودَ الدّين لدْناً بعدما / عبثَتْ بعِطفَيهِ سَمومُ رِياحه
وأرى عيونَ المُلكِ صورةَ سَورةٍ / نقلتْ مآتمه الى أفراحِه
بابٌ أبو الفتح استجاشَ لفتحِه / بشجاعةٍ فأبانَ عن مفتاحِه
ملكان بل ملَكانِ بل فلَكان في اس / تِغلاقِ مُلكِ الأرضِ واستِفتاحه
مَسحا البلادَ بعدْلِ سيرٍ ودِّ لو / عادَ المسيحُ فعاد في أمْساحه
وتقدّما بالجيشِ يُلهِبُ عزمُه / نيرانِها تُذكى بماءِ سِلاحه
كالعارضِ اضطرَمَت لواقحُ برقِه / في مستهلِّ الويلِ من نضّاحِه
كم أنشرَا مستَرْهناً بضريحِه / واستَنزَلا مستَعصِماً بصِراحه
بالمنشآتِ تَسيرُ فوق عِبابه / والمُقرَباتِ تسيلُ بين بِطاحه
من كلِّ طائرةٍ تشفُّ فتغتدي / في اليمّ ظاميةً بعبِّ قَراحه
غِربانُ بل عِقبانُ نصرٍ فوقَها / خفقَتْ قوادمُ من جَناح نَجاحه
أو كُلّ ملتهِبِ الإهابِ تخالهُ / نَشوانُ خَمرةُ لونِه لمِراحه
وكأنه والنّقعُ عنه سافِرٌ / داجي دُخانٍ شقّ عن مصباحه
يا آل شاورَ أنتمُ دون الورى / للمُلكِ كالأرواحِ في أشباحه
والمُلكُ لولا غيثكُم أو غوثكم / لم يعترِفْ بدمائه وفساحه
فيكم سَرى الإخصابُ في أجدابِه / وبكم سَطا الأفراحُ في أتراحه
والى معاليكُم إشارةُ خُرْسِه / والى أياديكُم ثناء فِصاحه
والمِسْكُ فيه طِيبُه لكنه / يحتاجُ عوناً من يديْ جرّاحه
أربيعةُ الحالي مقلِّدَ هضبِه / ونسيمَه العالي شَذا أرواحه
لم لا يكون الشكْرُ عندك مُنتِجاً / ويداكَ قد قاما بأمرِ لقاحه
فأصِخْ لتسمعَ منه كلَّ محبَّرٍ / يَلقى حُبوراً منك في استِملاحِه
سيّاحِه سبّاحِه وضّاحه / سحّاحه سجّاحِه فوّاحه
كالأثْرِ مسُّ صِفاحه والروح بي / ن رياحِه والدّرِّ فوق نِصاحه
ممن رَماه إليك سعدُ جدوده / فاستقبلِ الإقبالَ في استنجاحه
ورآكَ في ذا الدّهرِ معنى جِدّه / وسواك معنى هولِه ومِزاحه
فاسْلَمْ وسلِّمْه لتبلُغَ غاية ال / مَنثورِ والمنظومِ من أمداحه
شخص مُعاويُّ المِعِيْ
شخص مُعاويُّ المِعِيْ / يُهدي لها طَرفاه زَرْدا
يحكي العصا إن راح يب / تلعُ العصا لا بل أشدّا
وتظنه بلعا لشد / دة بلعه لو كان سعدا
إن بلّغتك العيسُ نَجْدا
إن بلّغتك العيسُ نَجْدا / فازدَد بها كلفاً ووجْدا
واحلل عزالي أدمعِ / تستضحك الزهر المندّا
حتى إذا فوّقْتَ منْ / هُ بمسقَطِ الأنداءِ بُرْدا
وجرى النسيمُ مُلاعباً / فاهتزّ خوطَ البانِ قدّا
واشتاقَ ثغرُ الأقحوا / نِ من الشقيقِ الغضِّ خدّا
واستنشرتْ دُرَرُ الشؤو / نِ فنظّمتْ برباهُ عِقْدا
وجرى السّحابُ على رسو / مِ عن الديار تعيد ردا
فاحملْ لها طيبَ السلا / مِ رُبوعِها خمراً وشهدا
يا حاديَ الأظعانِ رِفْ / قاً فالقلوبُ لديكَ تُحدى
في مُنحنى الأحداجِ بد / رٌ قد أعاد البدرَ عَبْدا
وبطرفِه مرضٌ به / أعدى القلوبَ وما تعدّى
وافترّ عن مترشف / ترك الصدى حظي وصدّا
يا قاتلي بيدِ الظَما / هلاّ أبَحْتَ لذاك وِرْدا
أنا من علمتَ فلا تخَفْ / يقضي على العلاتِ عهْدا
مهّدْتَ عُذري في الهوى / وتخِذْتَ ظهرَ العيسِ مَهْدا
ومددْتَ جيبَ الليلِ عن / صدرِ الصَباحِ بهنّ قَدّا
حتى إذا الشفقُ استطا / رَ بفحمةِ الظلماءِ وقْدا
كبنفْسجٍ شقّ النسيْ / مُ بمُلتقى طرفَيْه وَرْدا
أجرَيْتَ ذكرى أحمدٍ / فملأتها مدْحاً وحَمْدا
وخطرْتَ في فرْدِ المدا / ئح باسمِه فغدوتَ فرْدا
حبْرٌ رأى حِبرَ الثنا / ء عليه أحسنَ ما تردّى
سبْطُ الأناملِ غارسٌ / منا أثَيْتَ النبْتَ جَعْدا
وعلى عُلاهُ قدِ انطوَتْ / أبداً رُواقُ العزّ مَدّا
ذو راحةٍ كالغيثِ بلْ / أجدى بلا ضررٍ وأنْدى
وقريحُهُ أروى وأوْ / رى من جبينِ الشمسِ زَنْدا
وأجرى الى شأوِ العُلا / هِمَماً تفوتُ الوهْمَ شدّا
وأعادَ فيها ما كسا / هُ بُرودَ أمداحٍ وأبدى
ورأى التُقى والدينَ من / عُدَدِ العواقبِ فاستعدّا
جمُّ العوارِفِ والمعا / رِفِ كيف جادلَنا أجدّا
متجنّبُ الإيعادِ حِلْ / ماً سابقٌ بالبذْلِ وعْدا
لو كان غيثاً لم يكُنْ / يُبدي إذا ما سحّ رَعْدا
يَلقى المُنيخُ ببابه / عيشاً كما يهواهُ رغْدا
سفِهَ الزّمانُ فلم يزَل / حتى كَسا عِطفَيْه رُشدا
للشّرعِ منه مشرِّعٌ / يُدعى لديهِ البحرُ ثَمْدا
صفّى موارِدهُ وسلْ / سلَ ماءه علماً ومدّا
وروى فأروى غُلّةَ الظ / مآنِ حيثُ هدى وأهدى
يا حافظَ الدينِ المُضيْ / عَ المالِ معرفةً ورِفْدا
لا زال فضلُك عاقداً / في نحرِ عيدِ النحرِ عَقْدا
وعليَّ نظمُ قصائدٍ / ينثُرْنَ شمْلَ عداك قَصْدا
عقدتْ عليكَ لواءَها / فحُباهُم تنحلّ حِقْدا
عُبِدَتْ وأفرطَ حُسنُها / فأعادَ حُرَّ الشِّعرِ عَبْدا
هيهاتَ لا تَصْدى أزا / هِرُها وأنت لها تصدّى
لو أنها سمحَتْ بطيفٍ عائدِ
لو أنها سمحَتْ بطيفٍ عائدِ / نصبَ الرُقادُ لها جِبالةَ صائدِ
لكنها حجَبَتْهُ فاحتجبَ الكرى / عن شاهدٍ وافى بدمعِ شاهدِ
يا ليتَهُ متعاهِدٌ ذا صبوةٍ / لم يُبقِ منه الحبُّ غيرَ مَعاهَدِ
عدِم السُلوّ وما أراهُ بواجدٍ / سبباً يبلّغُهُ لقلب واجِدِ
ومريضةُ الأجفانِ إلا أنها / أعدَتْ شكايتُها فؤادَ العائدِ
أهدى إليّ البينُ وصلَ وداعِها / فمنحتُه ذمّاً بألسُنِ حامدِ
ما زِلْتُ أخدعُها على علاّتِه / حتى قرنْتُ حمائلاً بقلائدِ
ولقد ظمِئْتُ وما ظفِرْتُ ببلّةٍ / من ذاكَ العذْبِ الشنيبِ الباردِ
كان الفراقُ هو التلاقي فانظُروا / ضدّيْنِ قد جُمِعا بحالٍ واحدِ
ونديِّ أُنْس وشّحَتْ أعطافَه / دُرَرُ الكؤوسِ فهزّ معطَفَ ناهِدِ
عاطيتُ فيه الشمسَ تحت نُجومِها / بدراً تبلّجَ في قضيبٍ مائدِ
وظفرْتُ من ذهبِ المُدامِ بسائلٍ / يحتلّ من ماءِ الكؤوسِ بجامِدِ
في ظلِّ أيامِ السُرورِ كنايةً / عن ظلِّ أيام الأجلِّ الماجدِ
عمرو الحُروبِ لديه غيرُ معمِّرٍ / بل خالدُ المعروفِ ليس بخالدِ
شيمٌ تقسّمتِ المكارمَ فاغتدتْ / فرحَ الوليّ ورُغْمَ أنفِ الحاسدِ
غصبَ الكواكبَ وصفُها فلمجدِه / في صولةِ المرّيخِ ظرفُ عُطاردِ
ذو العَضْبِ والعذْبِ اللذَيْن تكفّلا / قطعَ الوريدِ ووصْلَ ريِّ الوارد
من معشرٍ عقَدوا المعاقِدَ للوغى / وتكفّلوا فيها بحدِّ مَعاقِدِ
ركبوا الجيادَ الجُرْدَ واعتقلوا القنا / فكأنّهمْ أُسْدٌ سطَتْ بأساوِدِ
أغنَتْهُمُ الأرماحُ حملَ مَخاصرٍ / وكفتْهُمُ الأدراعُ لبس مجاسِدِ
ظفَروا لأن أبا المظفّرِ صائلٌ / فيهم بأطولِ ساعدٍ ومُساعدِ
وذكيةُ النفَحات زادَك نشرُها / أرَجاً على طولِ المدى المُتباعِدِ
من قاصدٍ لك والمنازلُ غُربةٌ / بقصائدٍ ملقنّةٍ بقصائدِ
وارَتْكَ من ثغرٍ يسرّكَ أهلُه / عبَروا رُبوعَ جوامعٍ ومَساجدِ
أجريتَ ماء العدْلِ فيهمْ سَلْسَلاً / وأبحْتَهُم منهُ أجلّ موارِدِ
وكسوتَهُم حُللَ الحُنوّ عليهمُ / فغدوتَ أشفقَ فيهمُ من والدِ
منهم بحمدِك والثناءِ جميعهمْ / متوافقون على لسانٍ واحدِ
هذا مَقامُ أبيكَ فاسْمُ بمجدِه
هذا مَقامُ أبيكَ فاسْمُ بمجدِه / فالشّهمُ يروي عن أبيه وجدِّهِ
ما إن ركبْتَ مقلِّداً بحُسامِه / حتى مشَيْتَ موشِّحاً في بُردِه
ولقد أشَمْتَ الثغر منك مهنّداً / خِلناهُ ذاك العَضْبَ رُدَّ لغِمْدِه
فكأنّ عدلَك أُقحوانةُ ثغرِه / وكأن بأسكَ جُلّنارة خدّه
فاعْقُدْ عليه البدرَ تاجاً وانتظِمْ / زهرَ الكواكب لؤلؤاً في عِقدِه
واسحَبْ بعسكرك السحابَ فبيضَهُ / من برقِه وصهيلَه من رعدِه
من كلِّ مشحوذِ الظُبى كلسانه / أو كل ممتدّ اللواءِ كقدّه
يهدَونَ منكَ بضوءِ بدرٍ أقسمَتْ / أن لا تفارقَهُ كواكبُ سعدِه
جيشٌ تولى النصرُ حملَ لوائه / واستوثَقَ الإقبالَ مُحكمُ عقدِه
حتى إذا صرفَ الصُروفَ وردّها / فجرَتْ بطاعةِ صِرفِه في ردّه
وأفاضَ بين مسائلٍ أو سائلٍ / عذْباً بحارَ الأرضِ نُطفةُ ثَمْدِه
فاستطْعمَ العُلماءَ من أوصافِه / ما لم يبِنْ صبرُ الزمان بشهدِه
حتى لقد رجعوا هناك ورجّعوا / قُلْ كلُّ خيرٍ عندنا من عِندِه
من ندِّه ولو انّهُ متصوّر / من عنبرِ المَلكوتِ أو من ندِّه
متزيّنٌ من نفسه بمحاسِنٍ / هي في الحُسامِ العضْبِ ماءُ فِرنْدِه
ليس الزمانُ لديهِ سُنْدُسُ آسِه / وتذهّبَتْ أعلامُه من وردِه
كفى أميرَ المؤمنينَ مناقِباً / أنّ المعظَّم واحدٌ من جُندِه
هو واحدٌ بالعين إلا أنه / يُربي على الآلافِ ساعة عدِّه
لبسَتْ به الإسكندريةُ لأمَةً / ردّتْ على داودَ مُحكمَ سردِه
فحمى مسارحَها وكانتْ قبلَه / كالغيلِ فارقَهُ مقدَّمُ أُسْدِه
لا تبكِ للإسكندَرِ الماضي فذا ال / إسكندرُ الماضي أتى من بعدِه
يُغنيكَ عن أعراقِه أخلاقُه / كالعضْبِ يُشبه حدَّهُ في حدِّه
شرفاً لدهرٍ قد أتى بك مالكاً / ودّ الزمانُ الحرُّ رتبةَ عبدِه
أصبحتَ تاجاً يستنيرُ برأسه / وغدوْتَ حُلياً تستبينُ بزَندِه
وخلُصْتَ كالذهبِ الخلاصَ ولم يزَلْ / أبداً يَزيدُ بسَبْكِه في نقْدِه
مرضُ الأسودِ الاجتمامُ ورعدةُ الصم / صامِ تُطربُ قدّهُ في قدِّه
والروضُ أفوحُ بالنسيم وطالما / نفحَتْ بطيبِ العودِ لفحةُ وتْدِه
فلكَ الهناءُ وللعُلا بسلامةٍ / لا ينتهي فهْي الهناءُ لحدّه
وإليكَ من حوكِ البديعِ قصيدةً / صمِتَتْ ولكنْ ترجمَتْ عن قصدِه
جاءَتْكَ كالترَفِ الشمائلُ واعِداً / بوصالِه متحفِّزاً من صدّه
دأبَ البديعُ بها فسلسلَ لفظُها / راحاً تؤمّنُ شارباً من حدِّه
فاسلَمْ فذكرُك عارضٌ متعرِّضٌ / ينهلُّ في غورِ المديحِ ونجدِه
ماسَتْ فقيل هي القضيبُ الأملَدُ
ماسَتْ فقيل هي القضيبُ الأملَدُ / ورنَتْ فقيلَ هي الغزالُ الأغيَدُ
ورأتْ بديعَ جمالِها فتبسّمتْ / عن لؤلؤ بمثالِه تتقلّدُ
بيضاءُ روضُ الحُسْنِ منها أخضرٌ / ومدامِعي حُمر وعيشيَ أسوَدُ
فعلَتْ سيوفُ الحُسنِ في أجفانِها / ما يفعلُ الصَمصامُ وهْو مجرّدُ
ومؤنّبٌ فيها كأنّ فؤادَهُ / مما أطالَ هو المشوقُ المُكمَدُ
كاتمتُه أصلَ الصبابةِ جاحداً / وعلى المحبِّ دلائلٌ لا تُجحَدُ
يا هذه إن كنتُ دونَكِ ثانياً / طرْفي ففي قلبي المقيمُ المُقعَدُ
دافعتُ في صدرِ الظنونِ ولم يكنْ / بسوى الثُريّا يُسترابُ الفرقدُ
هل عندَ ليلِ الشعرِ أني نائمٌ / ولصَبوَتي طرفٌ عليه مسهَّدُ
يا ضيفَ طيفٍ ما هَداهُ لمَضجَعي / إلا لهيبٌ في الحشى يتوقّدُ
واللهِ لولا أنني بكَ طامعٌ / ما كنتُ كلَفي بحبّك أرقُدُ
هذي النجومُ وأنت من إخوانها / بجميع ما نصّبته لك تشهد
كم فيكَ عن بلقيسَ من نبأ فهلْ / قلبي سليمانٌ وطرْفي الهدهد
لا تنفِ همّي بالعُقارِ فإنها / أبداً يُثارُ بشُربِها ما يوجَدُ
لي روضةٌ من خاطري ومُدامةٌ / وُرْقُ القوافي بينهنّ تغرِّدُ
وكفاك في فخرِ الأئمةِ أحمدٌ / إنْ قُلْتَ يا فخرَ الأئمةِ أحمدُ
حبْرٌ لنا في راحتيهِ سَحابةٌ / ذابَ اللُجينُ بها وسالَ العسجَدُ
متنوّعُ الأوصافِ من أفكاره / نارٌ مضرّمةٌ وبحرٌ مُزبِدُ
هو واحدُ العَليا وواحدُها الذي / ألقابُه وصفاتُه تتعدَّدُ
فَقْرٌ يُلينُ المشكلاتِ فيستوي / في العِلمِ نِظّارٌ بها ومقلِّدُ
وروايةٌ صحّتْ وسحّتْ فارتوى / من جانبيْها مرسَلٌ أو مسنَدُ
الحمدُ في الطرفين منها واضحٌ / أوَ ليسَ فيها أحمدٌ ومحمّدُ
وفصاحةٌ دعْ عنك ذكرَك من مضى / إنّ المبرِّدَ عندَها لمُبرَّدُ
وإصابةٌ في الرأي تشهدُ أنّهُ / سهمٌ لشاكلةِ الرميّ مسدَّدُ
هذي أحاديثُ الكمال ولم تزَلْ / لجلالِه تُعزى وعنهُ تُسنَدُ
متملِّكٌ في الفُرسِ هضبةَ نِسبةٍ / ما بينَها إلا العُلا والسؤْدَدُ
يا ماجداً قذَفَتْ بحارُ صفاتِه / دُرّاً بلبّاتِ القريضِ تنضَّدُ
لبسَتْ بك الأعوامُ ثوبَ فضائلٍ / خلقَ الزمانُ وذكرُها يُتجدَّدُ
فاهنأ به حولاً يعيدُك يمنه / حولاً تُشدُّ به العُلا وتشيَّدُ
وسمعتَ أنّ القمحَ خُصَّ بقِسمةٍ / ضيزى وتلك قضيةٌ لا تُحمَدُ
لا يستوي الطرَفانِ قومٌ غُيَّبٌ / عند الدروسِ بها وقومٌ شُهّدُ
فارجِعْ الى فضلِ الحُكومةِ بينَنا / هذي الدفاتِرُ والمحابرُ تشهَدُ
شقّ الكمالُ عليه جيبَ سوادِه
شقّ الكمالُ عليه جيبَ سوادِه / وأفاضَ طرْفَ المجدِ ماءُ فؤادِهِ
وتيقّنَتْ رُتبَ المفاخرِ أنها / خفضت وقد رفعوه في أعوادِه
وانهلّ دمعُ الغيثِ بعد مُصابِه / أسفاً عليه وكان من حُسّادِه
واعتاضتِ الأطيارُ من تعريدِها / نوحاً يُبين الحزنَ في تَردادِه
ويدُ الدجى منذ استقلّ سريرَه / نفضَتْ على الإصباحِ صِبغَ حِدادِه
خلعَ الشبابَ وما انقضتْ أيامُه / وأبى لباسَ الغصن من أبرادِه
وأظنّهُ هزّ السماحَ بعطفِه / كرَماً فقسّمَهُ على عُوّادِه
بدرٌ تغشّاهُ الكُسوفُ وطالما / ضاءَتْ سيادتُه بأفْقِ سوادِه
ومهنّدٌ ما كُنتُ أحسَبُ قبلها / أنّ التُرابَ يكونُ من أغمادِه
صالَتْ عليه يدُ الزمانِ ولم يزَلْ / بنَوالِه يحنو على أولادِه
وتحكمتْ فيه المنونُ وطالما / حكمتْ ببيضِ ظُباهُ في أضدادِه
بالأمس كنت أقولُ أُنشدُ مدحَه / وأرجّع النَغَماتِ في إنشادِه
فبأي لفظٍ أستطيعُ رثاءَهُ / إن لم أمُتْ فخرِسْتُ عن إيرادِه
أما الزمانُ فقد تعطّلَ جيدُه / قُلْ من فرائدِه ومن إفرادِه
كم صارمٍ ملقًى بعاتقِ صارمٍ / بصُعودِه أو دافعٌ بصِعادِه
كم صارم ملقى بعاتق صارمٍ / أنخشى عليه ونجده ونجاده
هيهاتَ أن يَثْني المنيّةَ مانعٌ / بصعوده أو دافع بصعاده
شدّتْ فخلِّ الدهرَ عن شُدّادِه / وعدَتْ فخلِّ قبيلةً عن عادِه
سفرٌ جميعُ الناسِ ممتحَنٌ به / ويفوزُ فيه من التُقى من زاده
عجباً لمغرورٍ بدارِ سفاهةٍ / عما يبلّغُه لدارِ رشادِه
أيرى البقاءَ وقد رأى ما كان منْ / آبائه الماضينَ أو أجدادِه
هذا أبو عبد الإلهِ مخلَّدٌ / إنْ كان خُلِّدَ سيّدٌ لسَدادِه
ولقد يموتُ المرءُ قبل مماتِه / ولقد يعودُ المرءُ قبل مَعادِه
ذهبَ الذي كنا نقولُ لضيفِه / روحٌ نفوسُ الخلقِ من أجسادِه
ما أحسنَ الذكرَ الجميلَ فإنه / روحٌ نفوسُ الخلقِ من أجسادِه
ذهب الذي كنّا نقولُ لمنْ رَوى / خبرَ الأفاضلِ نُصَّ عن إسنادِه
من للمُسائلِ في المسائل بعدَه / عُرْفاً ومعرفةً بقدْرِ مُرادِه
لولا رجاءٌ في رجاءٍ ما اعتلى / للشّرْعِ ضوءُ عَمودِ وعِمادِه
حملَتْ به أمُّ السيادةِ ماجداً / رسمةُ الرئاسةِ فيهِ من ميلادِه
ومهذّبِ الألفاظِ يُنسي دهرَهُ / سحبانَ وائلِه وقَسَّ إيادِه
كذبَ الذي يرمي الزمانَ بأنّه / نزْرُ الفضائلِ وهو من أمجادِه
يا من يعلّمنا العزاءَ بعلمِه / خُذْ بالعزاءِ وأَعفِ من تَرْدادِه
واعْلَمْ بأن محمّداً لم يطْوِه / موتٌ وأنت نشرْتَ من إحمادِه
صلّى الإله على صَداهُ فإنّه / من سِرِّ صفوتِه ومنْ عُبّادِه
وسقى ثراهُ من الغمائمِ صيِّبٌ / ضحِكُ المعاهِدِ من بُكاءِ عِهادِه
أرحِ المطيّةَ برهةً يا حادي
أرحِ المطيّةَ برهةً يا حادي / قد كلَّ هاديها من الإسآدِ
هذا اللوى وبه شفاءُ صبابَتي / لو أنه أجرى على المُعتادِ
يا مُسقطَ العلمينِ هل من مُخبرٍ / عن مستقرّي زينب وسعادِ
حلّتْ مطاياهم بملتفِّ الغضى / فكأنّما شبّوهُ في الأكبادِ
قلبي من الشُعراءِ أصبحَ هائماً / من حبّهم في كل مسرحِ وادِ
ولقد عذلْتَ فما عدلْتَ عن الهوى / ورأيتَ غيّي فيه عينَ رشادي
وجعلتَ للعُذّالِ عزَّ تمنّعي / عنهمْ وللأحبابِ ذُلَّ قِيادي
علّ النوى يُدْنيكَ من ذي لوعةٍ / أضحى سقيمَ حشىً صحيحَ وِدادِ
بل عل طفَكَ إن يمنَّ بزورَةٍ / فأبثّهُ ما قد أجنّ فؤادي
إمّا أقمتُ فإن حبّك لم يزَلْ / حظّي وإن أرحلْ فذكرُك زادي
ومن العجائب أنني من مدمعي / أصبحتُ في بحرٍ وقلبي صادِ
وأما ولمعُ البيضِ ماءً سلسلاً / ما بين أغصانِ القَنا المُنآدِ
لأكلفنّ العيسَ طيّ مهامهٍ / تُردي كواهلَها به والهادي
فأروحُ والسيرُ المُجدُّ مُسامِري / منهنّ والأكوارُ لينُ مِهادي
لك يا جمالَ الملكِ هزّتْ معطَفي / ريحانُ ريحِ ندًى وريحُ ودادِ
فشقَقْتُ أثوابَ الدُجى عن مهمهٍ / عافى المسالكَ ما به من هادِ
بعرَنْدَسٍ كالطودِ خَلْقاً لم يزلْ / وقفاً على الإتهامِ والإنجادِ
أطربْتَها وهْناً بذكركَ فانبرتْ / كالجأبِ أُنسّ بنائه المرتادِ
قالت وما قالت ولا شكتِ السُرى / حسبي وحسبُك ذكرُه من حادِ
حتى إذا جنّ الظلامُ وبحْتَ في / أسدافِه كالكوكبِ الوقّادِ
مادَتْ بناظرنا إليك وإنما / مادتْ بناظرنا الى مُمتادِ
فرأيتُ ليثَ الغابِ منك شهامةً / وحَيا السحاب ندًى وبدرَ النّادي
ونطقْتَ بالليثِ البديعِ فلم يدعْ / فضلاً يبينُ به خطيبُ إيادِ
ولطالَما أنطقتَ في هام العِدى / يومَ الكريهةِ ألسُنَ الأغمادِ
فافخَرْ بعزِّ فضائلٍ أحرزْتَها / إرثاً عن الآباءِ والأجدادِ
الله جمّع فيك أشتاتَ العُلا / ومن العجيبِ تجمّعُ الأضدادِ
فتكبرُ العلماءُ فيك جلالةً / شبّهتُه بتواضعِ الزُهّادِ
وحِجاكَ يهنو للندى ولربّما / قربُوا به طوْداً من الأطوادِ
أشكو إليك دعيّ شعري ماله / حظّي من الإصدارِ والإيراد
لولاك مزّقتِ الأهاجي عِرضَهُ / مني بألسنةِ لديّ حِدادِ
لا يغرُرَنْكَ تجاوُزي عن فعلِه / فلقد أثارَ كمائنَ الأحقادِ
أأحبِّرُ المدْحَ البديعَ وينثَني / هو بالحُبورِ يُفيضُ بيضَ أيادِ
أبدى شمائلَ جفوةٍ وبِعادِ
أبدى شمائلَ جفوةٍ وبِعادِ / خِلٌّ عهدْناهُ أخا إسعادِ
وأطاعَ سُلطانَ الهوى ولطالما / أعيا نُهاهُ مكائدَ الحُسّادِ
وازورّ منه جانبٌ وتقلّصتْ / تلك الظلالُ وجفّ ذاك الوادي
وتكدرتْ تلك المناهلُ بعدما / صفتِ المياهُ بها على الإيراد
عفّى رسومَ مودةٍ قد شادها / قِدْماً برأي نُهًى وفرطِ سَدادِ
وا رحمتاه لواثقٍ بودادكم / خجِلٍ أضلّ مناهجَ الإرشادِ
ظنّ الزمانُ بمخلصٍ في ودّه / سمْجاً فضنّ وجاءَ بالمُعتادِ
عجباً لذاك البشْرِ عادَ تجهّماً / ومن المُحالِ نتائجُ الأضدادِ
أهملتُ حفظُكمُ مَعيني قانعاً / بتحمّلٍ بين العشيرةِ بادِ
فجبهتموني بالقبيح مِلالةً / هذا جزاءُ المُكثرِ المتمادي
ليستْ بأوّلِ وقفةٍ مذمومةٍ / خابتْ لديها صفقةُ الأمجادِ
ما كنتُ أولَ من تكلّفَ عِشرةً / تَسْبي برونقها نُهى المرْتادِ
دعوى التصابي في الأنامِ كثيرةً / لكنّ صدقَ الودّ في آحادِ
ما كنتُ بالزَيْف الرديّ وإنما / قلّتْ فديتُك خِبرةُ النُقّادِ
لا تُكرِهَنّ على المودةِ إنها / ليستْ تجودُ لعاشقٍ بقيادِ
هي شيمةٌ منه احتوتْ متغرِّباً / وصبَتْ لمؤثرِ هجرةٍ وبِعادِ
بدرٌ تجلّى للكُسوفِ وطالما / جلّى دياجي كلِّ خطب عادِ
وسراجُ هَدْيٍ كنتُ آنسُ قربَه / فخَبا سناهُ بعدما إيقادِ
شِمْتُ اعتزامُك بارقاً ومهنّداً / ذُخْراً ليومِ جَدا ويومِ جِلادِ
فانهلّ ذاك وما ظفِرْتُ ببَلّةٍ / منه لأشهرَ ذا عليّ أعادي
قلبي جَنى يا غادرين فما لكمْ / عذبتُمُ جَفْني بطول سُهادِ
أتنوحُ ورقاءُ الحَمام وإلفُها / يشدو بفرع أراكِها المُنآدِ
يبكي وما يطوي الضلوعَ على جوى / حُرَقٍ تلظّى في صميمِ فؤادي
وألوذُ بالصبرِ الجميلِ ولم أفُزْ / من عذْبِ خالصِ ودِّكُم بِبرَادِ
لا قرّ طرفي بالوصالِ ولا دَنا / بدُنوّ داركُمُ إليّ مُرادي
إن صنتُ دمعَ العينِ بعد عظيم ما / لاقيتُ من فَجْعي بأهلِ وِدادي
ومزنرٍ أضحى يقول ثلاثةً
ومزنرٍ أضحى يقول ثلاثةً / وأقول من وجهين لا بل واحدُ
حتى إذا علِقَتْ بنا يدُ مُنكرٍ / كانت لنا فيما يقولُ مقاصدُ
هذي مناظرةٌ نتيجةُ فقهِها / منّي ومنه راكعٌ أو ساجدُ
أستغفر الله العظيمَ فإنّني / بالزورِ معترفٌ وقلبي جاحدُ
سفَحَتْ عيونُ الغيثِ أدمعَ قطرِه
سفَحَتْ عيونُ الغيثِ أدمعَ قطرِه / فالروضُ يضحكُ عن مباسمِ زهرِه
وسرى النسيمُ بقهوةٍ حيّى بها / دوحاً لوَتْ عِطفَيْهِ راحةُ سُكْرِه
وجرى بمؤتَنِقِ الحدائق فائضاً / فأثارَ طامسَ عَرفِها عن ذكرِه
وانشقّ جيبُ الأفْقِ عن متألقٍ / ينجابُ تقطيبُ الظلامِ ببِشْرِه
وكأنه ظن النجومَ كواعباً / فرمى لها بملاءةٍ من فجرِه
وكأنّ ذا الرعَثات يندُبُ إثْرَها / شجواً أثارَ البينَ سالفُ ذكرِه
ودعا بحيّ على الصَبوحِ مؤمّر / حتمٌ على الظُرَفاءِ طاعةُ أمرِه
تزهى فضولُ التاج مفرِقَ رأسه / ويهزُّ رقمَ الوجهِ مرهَفُ خصرِه
غنى فهزّ قَوامَ قسيسِ الدُجى / طرباً فشق صدارها عن صدرِه
وارتاعَ من ماءِ الصباح فشمّرَتْ / أذيالُ حُلّتِه لفائضِ بحْرِه
فاقذفْ شياطينَ الهمومِ بأنجُمٍ / تثْني الخليعَ الى السرورِ بأسرِه
بزجاجةٍ حيّاك منها قيصَرٌ / وكأنما هو في جوانبِ قَصرِه
ما ألبستْهُ الراحُ ثوباً مُذْهَباً / إلا وقلّدهُ الحَبابُ بدُرِّه
يسقيكَها رشأ كأنّ مذاقَها / من ريقِه وحبَبَها من ثغرِه
وسنانُ ضاع اللُبُّ في لحَظاتِه / ضيعانُ طبُّ وصالِه في هجرِه
أرسلتُ لحظي رائداً فأضلّهُ / ليلٌ يمدُّ بغدرِه وبعُذْرِه
أعشى الدليلَ دجى الدلالِ فسائلوا / فلك الأزِرّةِ عن مطالعِ بدرِه
يا فارسَ الإسلامِ حين ترحّلَتْ / فرسانُه وتخاذلَتْ عن نصرِه
والصارمُ الذَكَرُ الذي أفضَتْ به / من خلفِ ستر النقْعِ عُذرةُ بِكره
تختالُ في بُردَى كمال طُرِّزا / في حالتَيْه بنفْعِه وبضُرِّه
بأسٌ يؤجج حُمرَهُ من مائه / وندًى يُعجَّجُ ماؤه من جَمرِه
أنشرْتَ من آبائكَ الصيدِ / ذكَراً لسانَ الدهرِ ناشرَ نَشْرِه
كَرموا وزدتَ عليهُمُ فكأنهمْ / شهرُ الصيامِ وأنتَ ليلةُ قدْرِه
فليَهْنِكَ الشهرُ الأصمُّ وإنه / لسميعُ ما نظّمتُه في شكرِه