المجموع : 71
كم قَدْرُ ما أُخفِي الهون وأَصونُ
كم قَدْرُ ما أُخفِي الهون وأَصونُ / والدمعُ يُعْرِب والسَّقام يُبينُ
قد كنتُ مُعتضِدا بحبل تجَلُّدى / ألقَى به الأهوالَ وهْو مَتين
وإذا الفتى عَبَث الغرامُ بقلبه / فالصبرُ شكٌّ والغرامُ يَقين
يا قلبُ كنت أَدِلُّ منك بعزمةٍ / حتى دَهَتْك سَوالفٌ وعيون
فسَبَتْك لَمْحةُ شادنٍ من بُرْقُعٍ / وتَصرَّفتْ بك في الفنون فنون
ووفيتَ لي لما صَحِبتُك في الوَغَى / فإذا التمسْتُك بالسلوِّ تَخُون
إن الهوى لَهُوَ الهوانُ وإنما اخ / تصروه تَخْفيفا فزال النون
لا تَغبِطنَّ أخا الغرام فلو غَدا / ملكَ الملوك فقلبُه مسكين
يا صاحِ لا يَغْرُرْكَ ظبيٌ كانِسٌ / فالظبي لَيْث والكِناس عَرين
من كلِّ أَهيفَ ينثنِي لقَوامِه / نَعمانُ ثم لرِدْفِه يَبْرِين
كالرمحِ قَدّا غيرَ أنّ سِنانَه / لَحْظٌ له قلبُ الكَمِيِّ طعين
لا تُقْدِمنَّ إذا العيونُ تَعرضتْ / فالسحرْ بين جفونِهن كَمين
هي مصرعُ الألبابِ تخدع ذا النُّهَى / فيروح وهْو رَهينُها المفتون
يا رُبَّ لائمةٍ شَجاها أنني / سَمْحٌ بمالي والزمانُ ضَنين
قالت أضعتَ المالَ هل لك عنه / ما تَعتْاض قلتُ الحمدُ وهْو ثمين
قالت غنيتَ فقلت حسبُك فاعلمي / أن البخيل بما له المغبون
قالت فإن الفقر هُون قلت لم / يَهنِ الكريمُ بل اللئيمُ يهون
قالت فإن المال نِعْمَ معونةُ ال / إنسانِ قلتُ لها الإلهُ مُعين
قالت فإن الوَفْرزيْنٌ قلتُ كس / بُ الحمدِ يَرْفَع أهلَه ويَزين
والمالُ يذهب والثناءُ مُخَلد / يَحيا به الإنسانُ وهْو دَفين
يا هذه ماذا أفاد بملكه / فرعونُ أو بثَرائه قارون
قالت فهل لك من يُعوِّضك الغِنى / قلت الأجلُّ السيدُ المأمون
مَلكٌ لوِ اقتدتِ البحارُ بجودِه / لم يَنْجُ من تيارِهنَّ سَفين
أَبدا يُسابق جودُه أنفاسَه / بالمكرمات فما لهن سكون
غمَر البريةَ نائلاً فكأنه / بجميع أرزاق العباد ضَمين
قاضِي القضاة ومن يُشيد بعد له / هادي الدُّعاةِ ومن إليه يَدين
نَصَح الخلافةَ فهْي شاكرة له / حَزْما تميد الأرضُ وهْو رزين
ساس الأمورَ لها برأيٍ صائبٍ / إنْ كان منه شَراسةٌ أو لِين
لا يخرج التوفيقُ عن عَزماتِه / بل صاحبٌ وأخٌ لها ومُعين
شَكرتْه حتى الطيرُ في أوكارِها / فلها بطِيبِ ثَنائِه تَلْحين
للحربِ والمِحْرابِ منه مَواقفٌ / عَمِرت بها الدنيا وعزَّ الدين
للسيفِ والقلمِ النحيفِ بكَفِّه / فعلٌ يكون به مُنىً ومَنون
نظر الإِمامُ له بعينِ حقيقةٍ / لم تَرْمِها بين الشكوك ظنون
فرآه عينا للزمان بصيرةً / والناسُ هُدْبٌ حولها وجفون
لو ضَلّتِ الثَّقلانِ كان على الهدى / أو خان أهلُ الأرض فهْو أمين
فرَعاه واسْتَرْعاه سائرَ أمرِه / فكَفاه معْ ما كان ما سيكون
إنْ هَمَّ فهْو جَنانُه أو قال فهْ / و لسانُه أو صال فهْو يَمين
وكَفاك من يُثنِي عليه خليفةٌ / أحدُ الرواةِ لمدحِه جِبرين
أصبحتَ سيفا للخلافةِ حاليا / حيث ازدهى بك عاتقٌ وجبين
فافخرْ فأنتَ وزيرُها ومُشيرُها / وأمينُها وظَهيرها الميمون
غَرستْك في النَّعَمِ الغزيرةِ ناشئا / فتفرَّعتْ لك في العَلاء غصون
فجَنَتْ لها منك التجاربُ مُجْتَنىً / كلُّ الأَطايبِ حين تُذْكَر دون
فتَهَنَّ عيدَ الفطرِ والسعدِ الذي / لك فيه فهْو بكَوْنِه مقرون
قد حَثَّه شوقٌ لفضلك مُقِلقٌ / وله إليك صَبابةٌ وحنين
لقد كان هذا العيدُ شخصا ناطِقا / هَنَّى بك الحُضّار حين تبين
فاسلمْ له مُستقبِلا ومُشيِّعا / وقَدْرُك في العَلاء مكين
والآمرُ المنصورُ يُوِليك الذي / يغتاظ منه حسودُك المحزون
لا غَرْوَ أنْ رَحَل الشبابُ وبانا
لا غَرْوَ أنْ رَحَل الشبابُ وبانا / ما كان أولَ من صَحِبتُ فخانا
فكذا عَهِدتُ الدهرَ منذ عرفتُه / والمالَ والإِخوان والْخُلاّنا
ما كنتُ أَحسَبُ ياشباب زيادتي / بالشيبِ تُوجِب بعدَك النقصانا
أحسنتَ مبتدِئاً وسُؤْت مُعقِّبا / ببياض شيبٍ ليتَه ما كانا
قد كنتُ أستجفِي النوائبَ آنفا / والآن أَصعبُها بقربك هانا
ما الشيبُ للإِنسان إلا غايةٌ / فيها يَزُمّ اللهوُ عنه عنانا
كم قد جريتُ مع الصِّبا في حَلْبةٍ / ولزمتُ فيها ذلك الميدانا
حتى سبقتُ السابقين لشَأوِها / وحويت أوطارا وحُزْتُ رِهانا
وقَنَصتُ مُقْتَنِصِى بمثل نبالِه / حتى تَساوى في الهوى قلبانا
غصنٌ على حِقْفٍ فهذا مُخْجِلٌ / يَبْرِينَ حين بدا وذا نَعْمانا
إنْ ماج أسفُله حَقَرْتَ له النَّقا / أو ماس أعلاه حَقَرْتَ البانا
فكأنما هو صَعْدَةٌ مهزوزة / حَملت من الطرف الضعيفِ سِنانا
والحبُّ يأمر والصَّبابةُ بالذي / عنه المروءةُ والتقى تَنْهانا
إلا حديثاً مثلَ ما سَرتِ الصَّبا / سَحَرا تُنبِّه زاهِرا رَياّنا
والطيرُ مُطْرِبةٌ كأنّ حنينَها / سَلَبَ الغَريضَ ومَعْبدَ الألحانا
يا من مضى فاعتضْتُ عن أيامه / أَوْفى نظامِ المدحِ في مولانا
الحافظُ الدينَ الذي غَمَر الورى / عدلا وعَمَّ جميعَهم إحسانا
هو رحمةُ اللهِ التي أحيا بها الْ / ثَقَليْنِ حتى الجودَ والإيمانا
إنْ قالتِ الشعراءُ فيه فأَفْصحتْ / فالله أنزل مدحَه قرآنا
ولئن أطال المادحون فلم يَدَعْ / لهمُ كلامُ اللهِ فيه مكانا
يا حجةَ اللهِ التي أبدتْ لنا / بكمالها الآياتِ والبرهانا
من كان يلتمس الدليلَ فقد بدتْ / حُجَجٌ مَلأَنَ مَسامِعا وعِيانا
أنتَ ابنُ من ركب البُراق إلى العُلا / ليلا يَؤمُّ عيانُها الأعيانا
وأمامه جبريلُ حتى استفتحا / بابَ السماءِ فجاوزاه وبانا
حتى حَوى أقصى مقامٍ ما حَوى / من قبله ملكا ولا إنسانا
ودَنا فكان كقاب قوسَيْ حاجبٍ / في القربِ بل أدنَى هناك قِرانا
يا أهلَ بيتِ الوحيِ أما مدحُكم / معْ فرطِ دُرْبتنا فقد أعيانا
تتنافسُ الفصحاءُ فيه وفضلُكم / أَحْلى وأفصحُ مِقْوَلا ولسانا
سِيما أبو الميمون إنّ صفاتِه / أَعْيَيْنَ قُسَّ وأفحمتْ سَحْبانا
أخلاقُه نبوية عَلَويّة / حُسَنِيّة أعظِمْ بها مِن شانا
حسناتُ منظرِه كمَخْبرِه فقد / ساوتْ مَحاسنُ سِرِّه الإعلانا
يا بْنَ البَتولِ لقد سَما بك منصبٌ / في المجد فاق تُرابُه كَيْوانا
وَدَّ النجومُ على مَعاليها بأنْ / تَضْحَى لأخْفِض رِجْلِه جيرانا
أغليتَ سعرَ الشعرِ بل أَعليتَه / لما بذلتَ لأهله الأثمانا
أَجرتْ لُهاك بفَيْضِها لهَواتِنا / مدحا فكلٌّ قد حَوى طوفانا
وكأنّ جودَك دِيمةٌ ومديحنا / نَشْر ونحن الزَّهْر حين سقانا
من فضل مدحى فيك أنّ مَقالتي / يُذْكِي العقول وتَفْتح الأذهانا
لو لم نَقُلْه لَقام فضلُك ناظما / يكسو القوافي حكمةً وبيانا
يا شمسَ أفلاكِ الجلالِ لقد جَلَتْ / أنوارُك الظلماتِ والأشجانا
وبدتْ كواكبُك المُنيرةُ في العُلى / والبدرُ يملأ ناظِرا وعيانا
ودعوتَه بوَليَّ عهدِك فاغتدَى / قلبُ العدو يُكابد الخَفَقانا
واستسلمتْ صِيدُ الملوكِ وأيقنتْ / إنْ لم تُطِعْه أطاعَت الخِرصانا
واهتزتِ البيضُ الرِّقاق لكفه / شوقا فكادت ترفض الأجفانا
وتَأطَّرتْ سُمْرُ العَوالي واغتدتْ / جُرْدُ المَذاكِي تَجذِب الأرسانا
لا زلتَ أصلا وهْو فرع يستِقي / منك الحياةَ ومنكما سُقْيانا
حتى يعمَّ الأرضَ مُلْككُما فلا / يبقَى عليها موضعٌ ما دانا
ها قد مضى رجبٌ وودّع وجهَك ال / باقي وقد هَنّى به شعبانا
شهرٌ له ولنا الهَناءُ بنظرةٍ / لضياءِ غُرَّتك الذي يَغْشانا
في موقفِ فَخَر الملوكُ بأنها / أبدا تُعَفرِّ عندَه التِّيجانا
فاسلمْ وعِشْ مسقبِلا ومُودِّعا / والدهرُ يطلب من يديك أمانا
أنت الحياةُ وفي يديك مَقرُّها / ونَداك يُحْيِي منهما الحيوانا
لا تَشكوَنَّ إلىّ وَجْدَا بعدها
لا تَشكوَنَّ إلىّ وَجْدَا بعدها / هذا الذي جَرَّتْ عليك يداكا
يا مُذْنِبا أضحتْ لدىّ ذنوبه
يا مُذْنِبا أضحتْ لدىّ ذنوبه / حسنا وإحساني إليه جرائرْ
عَجَبا لأهِلك كيف أهلك بينهم / وأموت لم يشعر بقتلي شاعر
ليلِي كفرْعِك ظلمةً وتَطاوُلا / لاينتهي ولكل ليلٍ آخر
وكأنّ وجهَ الصبح وجهُك صَدَّه / عني رقيُبك فهْو ناءٍ نافر
لي ضَعفُ صبرٍ مثلُ خصرك شَفَّه / هجرٌ كردفك فهْو جافٍ جائر
يا سادةً حازُوا المَنا
يا سادةً حازُوا المَنا / صبْ والمَراتب والمَناقبْ
وتَحصَّنوا بالمكرما / تِ من المَعايب والمَثالب
فاقوا البريةَ مثلما / فاقت على التُّرْبِ الكواكب
لا تحسبوا أني جهل / تُ الحكم في سُنن الجذائب
فلها شروطٌ كلُّ شر / طٍ شائع في الناس دائب
طورا تكون بسكّرٍ / في اللوز تحت الدهن راسب
زهراءُ قد ستر الزجا / ج شعاعها من كل جانب
والطيبُ يُفشِى سِرَّها / بين الأباعد والأقارب
والرتبة الوسطى يٌقَدِّ / مها تَبابعةٌ وحاجب
مثل الخروف وجامة ال / حلواء تأتي في العواقب
ولربما جاءَت بجَدْ / يٍ أو بجنبٍ عنه نائب
وأقلَّ ما تأتي إذا / حضرتْ بعصيانٍ أطايب
إلا جذابتَنا فقد / جاءت مخالفةَ المذاهب
لم نتخذ في وقتها / شيئاً سوى الأُشْنان صاحب
فكُلوا فليس بحازمٍ / من باع موجودا بغائب
فلنا حديث باطن / لم تعلموه من الغرائب
مولاىَ قد وَصَلَ الكتابْ
مولاىَ قد وَصَلَ الكتابْ / كالرَّوض دَبَّجه السَّحابْ
كالعز وافَقه الغنى / والحسن وافقه الشباب
يُنبِي عنِ الودّ الذي / لا يَسْتحيل ولا يُشاب
وحلاوةِ العَتْب الذي / تحكي حلاوته الرضاب
عتبٌ يحث على الذنو / ب لكي يكون له إياب
مَلَك القلوب فما لها / عن سحر موقعه حجاب
وَصَل الكتابُ فكان موقعُ قُرْبِه
وَصَل الكتابُ فكان موقعُ قُرْبِه / مني مواقعَ أَوْجُهِ الأحبابِ
فكأنه أهدى أَجلَّ مآربي / حتى لقاءَك ثم عصرَ شبابي
وقرأتُه وفهمتُ ما فيه فيا / لله ما يَحْوِيهِ من آداب
فجزالةُ العلماءِ في أثنائه / ممزوجةٌ بحلاوةِ الكتّاب
انظرْ فقد أَبْدَى الأَقاحِي مَبْسِما
انظرْ فقد أَبْدَى الأَقاحِي مَبْسِما / يَفترُّ ضَحْكا فوقَ قَدٍّ أَمْلَدِ
كفُصوصِ دُرٍّ لُطِّفَتْ أجرامُه / وتَنظَّمتْ من حولِ شَمْسةِ عَسْجدِ
انظر لقرن الشمس بازغة
انظر لقرن الشمس بازغة / في الشرق تبدو ثم ترتفع
كسبيكة الزّجّاج ذائبة / حمراء ينفخها فتتسع
مُتلوِّنين على شواهدِ حبِّهم
مُتلوِّنين على شواهدِ حبِّهم / فالعينُ تُمطِرهم بذي ألوانِ
ولو أنه ماء لَقالوا دمعُه / ثغرٌ وجفناه به شفتان
عن سيفِ دينِ اللهِ سَلْ أَرْناطا
عن سيفِ دينِ اللهِ سَلْ أَرْناطا / حيث المنيةُ كأسُها يُتعاطَى
والمَشْرَفيةُ قد حكَتْ في جيشه / فِي العَلِّ والنَّهَل القَطا الفُرّاطا
قد شام طيرُ الكفرِ منه مِنْسَرا / أَشْغَى وعاين مِخْلبا عَطّاطا
هو مُلبِسٌ جُثَث العِدا في الحرب مِن / حُلَل النَّجيع مَجاسدا ورِياطا
فجيادهُ تشكو مُزاحمةَ القنا / وتردُّ خِرْصَان الرماح سِياطا
هو فارسُ الإسلام يحفظ بالظُّبا / من دينه الأطرافَ والأوساط
كم قد أنار من الأسنةِ أنجُما / لما أثار من العَجاج غُطاطا
فتخالُه مَلَكا رمى بشهابه / في الرَّوع شيطانَ الحروب فشاطا