المجموع : 106
إنَّ العيونَ إِذا نطقتُ تخاوصتْ
إنَّ العيونَ إِذا نطقتُ تخاوصتْ / نحوي يروقُهُمُ المقالُ الناصِعُ
إنّي إِذا انثالَ البيانُ على فمي / ما إن أمَلُّ ولا يمَلُّ السامعُ
ومواقفٍ دُحْضِ العَثار وقفتُها / بين الخصومِ وللعظام قَعاقِعُ
يُثنى عليِّ من العَلاء خناصِرٌ / ويُمَدُّ نحوي للسَّناءِ أصابِعُ
لا غايتي تُبْغَى ولا في حَلبتي / جارٍ ولا في قوسِ فضلِيَ نازعُ
سامٍ على صَهَواتِ مجدي والعِدى / متأخِّرٌ أو مُلجَمٌ أو شافِعُ
أهَبُ الفَدامةَ للمبرِّز قاصداً / حيثُ الذلاقةُ والفِناءُ الواسِعُ
لفظٌ كما كبَّ النسيمُ رياضَهُ / سَحَراً لمضطرمِ الصرائرِ قاصعُ
هلّا تبيَّنَتِ الأعادي أنّما / نطقي لشِقْشِقةِ المنازعِ وازعُ
نفحاتُ ريحي للموادِع طلقةٌ / ولمن يحزِّبني عليه زعازعُ
رَمِضُ التنكُّر إن تبزَّلَ حادثٌ / أبدي على رغمِ العِدى وأراجعُ
بعزائمٍ نقَّبْنَ في خِططِ العُلى / فبلغتُها حيث المحلُّ الشاسعُ
ما لي أطأطِئ منكِبَيَّ وشرُّ ما / تَعنُو له غُلْبُ الرِقاب مطامعُ
وإِذا طفحتُ على الفلا بركائبي / فشهودُهنَّ على العَلاء مقانعُ
وإِذا طرحتُ على جنابكَ أنْسُعي / فجناكَ معسولٌ وبشرُكَ رائِعُ
وجهٌ يصوبُ البِشْرُ من صفحاته / يشقَى برؤيتِه النهارُ الماتِعُ
جذلانُ إنْ نفرتْ جواحِمُ غارةٍ / فيهن أمهدةُ البقاءِ جَعاجِعُ
ترمي بأسجلةِ البَنانِ على القَنَا / هذا ولو أنَّ الزمانَ منازعُ
وتردُّ صدرَ السيفِ وهو مورَّدٌ / وله على ثغرِ العدوِّ مراتعُ
لم تكْسُ أطرافَ النهار قساطلاً / طُرُقُ المهالكِ عندَهنَّ مهائِعُ
إلّا وأنتَ على سَراةِ طِمِرَّةٍ / كالسِّيْدِ وقعُ جِرائِها متتابِعُ
جرداءُ خَّوارُ العِنَانِ كأنَّها / سيلٌ به صَدْمُ الرِّعانِ بلاقِعُ
ويزيفُ نحو القِرنِ خَطْرُ مَصاعبٍ / تُطوَى لهن على الأوامِ مشارعُ
غزِلاً يدرِّسُكَ التصابي صارمٌ / سَحُّ المقاطعِ لا حمامٌ ساجعُ
حيرانُ نطفة خِّدهِ فكأنهُ / ماءٌ يُذَمُّ على قِراهُ وقائعُ
وجرتْ على عذبِ الغصون فعطَّرتْ / فيها على رَمْلي زَرودَ أجارعُ
وتمعَّجَتْ فوقَ الخمائلِ طلقةً / تُجلَى عليها للرياضِ وشائعُ
واسترقصتْ لممَ الأراكِ فخوطُه / من تحتِها مترنحٌ أوراكعُ
وتأزَّرَ الأرطى لذاتِ جدائِدٍ / ساغتْ له في زامتين مكارعُ
ساحتْ على روضٍ سَقاهُ رُضابَه / لُعْسُ الغوادي الغُرْزِ وهي هوامع
وتوسَّدتُ جُرثومَ حبلٍ فارتدتْ / بالظلِّ وهو مقلِّصٌ متدافعُ
فهناك تسمُكُ فوق سالفةِ الثَّرَى / نقعاً وصبحُ الليل عارٍ ساطعُ
وإِذا العِدى ذاموا فِعالَك فيهمُ / أثنتْ عليك كواسرٌ وخوامُعُ
ملَّتْ عرانينُ القُنِيِّ رُعافَها / وشكا أناملكَ الحسامُ القاطعُ
وإِذا الخطوبُ تسترتْ أجفانُها / سودُ الصحائفِ فالرقابُ خواضِعُ
بادهتُها بالرأي يَنْطُفُ حَّدهُ / عَلَقاً ورأيُك للنوائب قاشعُ
إِني أمُتُّ حزامةً من مِقولي / يُلقَى عليها للجمال براقِعُ
ووراءها عَزَماتُ يقظانِ السُّرَى / والبيضُ تُطوى والأمون المانعُ
وسجيَّةٌ مَيْثَاءُ يُعزَلُ عندَها / من بعدِ صولتها الشُّجاعُ الدارعُ
وأرى زماني قد أرقَّ طلاوةً / ستجمُّها عوداً وفضلُكَ شائعُ
يا من خلائقُهُ لطائفْ
يا من خلائقُهُ لطائفْ / وبباله إلا لطائفْ
هل رغبةٌ لك عندَنا / في الطوطماج مع القطائفْ
ما للظِباء غَداةَ سائفة النَّقَا
ما للظِباء غَداةَ سائفة النَّقَا / حَمَّلْنَنَا في الحُبِّ غيرَ مُطَاقِ
سنحتْ فأوثقتِ القلوبَ عيونُها / إن العيونَ حبائِلُ العُشَّاقِ
وبعثنَ في قلبِ الخَلِيِّ من الهَوى / حُرَقَ الغَرامِ ولوعةَ الأشواقِ
وأعدنَ في رقِّ الهوى قلبي الذي / قد كان مُنَّ عليه بالإِعتاقِ
نكسٌ من الداءِ القديمِ أجَدَّ بِي / يأساً وكنتُ طمِعتُ في الإفراقِ
من أين أطمعُ في السلامة بعدَ ما / أيسَ الطبيبُ وقال هل من راقي
أم كيف آنسُ بالصِحَاب وقد رأتْ / عينايَ منهم قلَّةَ الإشفَاقِ
ما كنت أحسَبُ أن حظِّيَ منهمُ / ضجرُ الملولِ وخُدعةُ المُذَّاقِ
أغرقت في نزعي فأخفقَ مطلبي / وحُرِمتُ والحِرمانُ في الإغراقِ
إنَّ الأُلى نازعتُهمْ كأسَ الهوى / فصحَوا على عَجَلٍ وسُكريَ باقي
قالوا وفي رأسي بقيّةُ نَشْوَةٍ / ماذا دهاك فقلت جورُ الساقي
ياقلبُ ما لكَ والهَوى من بعدِ ما
ياقلبُ ما لكَ والهَوى من بعدِ ما / طاب السُلوُّ وأقصرَ العُشَّاقُ
أَوَ ما بَدا لك في الإِفاقة والأُلى / نازعتَهمْ كأسَ الغرام أفاقوا
مرِضَ النسيمُ وصحَّ والداءُ الذي / أشكوهُ لا يُرجى له إِفراقُ
وهَدا خفوقُ البرق والقلبُ الذي / تُطوى عليه جوانحي خفَّاقُ
يغدو طلاعَ جوانحي حُرَقُ الأَسى / وتروحُ مِلْءَ فؤاديَ الأشواقُ
وأنا الفِداءُ لمن تصرَّمَ حبلُه / عنّي ولم تتصرّمِ الأعلاقُ
قلبي أسيرٌ عنده ويسرُّنِي / أسرُ الهَوى ويسوؤني الإطلاقُ
أصفيتُه ودِّي وأصفاني القِلَى / إنّ المودةَ والقِلَى أرزاقُ
يا حبَّذا نجدٌ وأعراقُ الثَّرى / لَدْنٌ وأنفاسُ النسيمِ رِقَاقُ
فهواؤهُ خَصِرُ النسيمِ وتُرْبُهُ / حالي الأديم وماؤهُ رَقْرَاقُ
وبساكنيهِ إنِ استقَرَّ بنا النَّوى / تُشْفَى النفوسُ وتُمْسَكُ الأرمَاقُ
والحيُّ بالجَرْعَاءِ بين بُيوتِهمْ / أُسدٌ وعِينُ جآذرٍ وعِتَاقُ
والبِيضُ أمثالَ الخدودِ صقيلةٌ / والسُّمْرُ أشباهَ القُدودِ رِشَاقُ
والجُودُ والإقدامُ في فِتيانهمْ / والبُخْلُ في الفتياتِ والإشفاقُ
والرميُ في الأحداقِ دَأْبُ رُمَاتِهمْ / والرامياتُ سِهامُها الأحداقُ
وحديقةٍ للزعفران تأرَّجَتْ
وحديقةٍ للزعفران تأرَّجَتْ / وتبرَّجَتْ في نسجِ وَشْيٍ مُونِقِ
شَكتِ الحيالَ فألقحَتْهَا نُطْفَةٌ / من صَوْبِ غاديةِ الغَمام الفُرَّقِ
حتَّى إِذا ما حانَ وقتُ وِلادِهَا / فتقَ الصَّبَا منها الذي لم يُفْتَقِ
عذراءُ حُبْلَى قمَّطتْ أولادَها / صُفْراً وحُمْراً في الحرير الأزرقِ
وكأنما اقتتلوا فأصفرُ خائِفٌ / بحذاءٍ قانٍ في الدِّماء مُغَرَّقِ
لم أنسَهُ والقوسُ في يدِهِ
لم أنسَهُ والقوسُ في يدِهِ / يرمي غَزالاً مثلَهُ فَرِقَا
والركضُ يفتحُ فوقَ وجنتِهِ / ورْداً ويملأُ وردَهُ عَرَقَا
ورمَى بسهمَيْ مقلةٍ ويَدٍ / نحرَ الغزالِ وقلبَ من عَشِقَا
باللّهِ ما أدري وقد نَفَذا / أأصابَ عمداً أو كما اتَّفقَا
هذا الزمانُ يَزُفُّ أبكارَ العُلَى
هذا الزمانُ يَزُفُّ أبكارَ العُلَى / ويغُضُّ طرفاً بالرجاء موكَّلا
يرنو إليكَ بطرفِ جانٍ آملٍ / نسيانَ ذنبٍ من جرائمِه خَلا
ولئِنْ أساءَ صنيعَهُ فيما مضَى / فليحسِنَنَّ صنيعَهُ مستقبلا
هذي المُنَى رحبُ الذِراعِ غليلُها / بعد التَّوَقُّد قد غَدا متبللا
فليُحْيينَّ معالِماً مطموسةً / وَلْيُسْقِينَّ جنابَ مجدٍ أمحلا
لمعتْ تباشيرُ العَلاء وأعرضتْ / سُحُبٌ من العِزِّ الجديد لتَهْطِلا
ولقد رأيتُ الدهرَ في أفعالهِ / مستعجلاً وتخالُه متمهِّلا
ليس امرؤٌ تَخِذَ الغريمَ سلاحَهُ / إذْ شاجَرتْهُ الحادثاتُ بأعْزَلا
يزَعُ الخطوبَ ببأسهِ وعُرامه / فرْداً وقد قادتْ إليه جَحْفَلا
لم تلقكَ الأعداءُ تشكو حادثاً / حتى رأوا رُكناً لِيذبُلَ زُلزلا
وإِذا الكرامُ رأوكَ كنتَ أَمَدَّهُمْ / في مجدهم شأواً وأبهرَ مجتلى
وإِذا همُ حمِيَ الوطيسُ عليهِمُ / في مُشْكلٍ دَعَوُا الْأجلَّ الأفضلا
وإِذا الخطوبُ تضايقتْ أرجاؤها / أوسعتَها رأيا وقولاً فيصَلا
لم تُعْضِل الأحداثُ إلا طبَّقَتْ / منهنَّ عزمتُك المُبِرَّةُ مفصِلا
أشكو إليك الحادثاتِ فإنَّها / صَّبتْ على نحري الطِوالَ الذُّبَّلا
قد كنت تدرؤُها وتدفعُ كيدَهَا / عني إِذا اخترطت عليَّ المُنْصُلا
فالآن ترجِعُ عن دمي إن أشرَعتْ / نحوي سِنانَ الحادثاتِ مُرَمَّلا
ولقد غدوتُ وللضِجاجِ إقامةٌ / عندي كظلِّ الطير حين تَنَقَّلا
تغشى سهامُ النائباتِ مقاتلي / زُرقاً ويتَّبِعُ الأخيرُ الأوَّلا
من كل غائرة المشَقِّ تخالُها / شِدقاً تثاءبَ أو ملاحِظَ أنجلا
ولقد تمضمضُ بي الخطوبُ فلم تجدْ / لي في مَساغِ لَهاتِها مُسْتَسْهَلا
أقصَرْنَ عن متمرّنٍ متعوِّدٍ / للخطب أن ألقَى عليه كلكلا
ثَبْتُ الجَنانِ فإنْ تلسَّنَ بارِقٌ / بذراكَ مادَ بشجوهِ متململا
وتحوز نارُ الشوقِ في أحشائِه / فيرى بياضَ اليومِ ليلاً أليَلا
فالآنَ أقلعتِ النوائبُ وارعوتْ / وتركتُ حدَّ حُسامِها متفلِّلا
ولبستُ سربالَ التماثُلِ بعدما / ساء الظُّنونُ وصرتُ نِضواً مُثْقَلا
وتداركتني بعد يأسٍ نعمةٌ / اللّهُ مَنَّ بلطفه متفضِّلا
فلعلَّ شملَ الوصلِ يُجمعُ بعدَما / أصبحتُ في بُرْدِ النَّوى متفتّلا
وتبوخُ نارٌ في الأضالع أوقدتْ / ويجفُّ شجوٌ في الفؤاد توغَّلا
عِشْ ما تألَّقَ في الدُّجُنَّةِ كوكبٌ / ثرَّ الندَى سمحَ اليدينِ مؤثَّلا
تُردي عدوَّاً كاشِحاً وتُبِيدُهُ / وتُنيلُ معتفياً وتكشِفُ مُعْضِلا
في راحتيكَ الرِزقُ والأجَلُ
في راحتيكَ الرِزقُ والأجَلُ / وبعزمتيكَ الأمنُ والوَجَلُ
ولك الكتائب وهي مُشعَلَةٌ / والبيضُ في الهامات تشتعلُ
والرأيُ يمضي حيثُ لا أسَلٌ / يمضي لِطيَّتهِ ولا بَطَلُ
والمكرُماتُ يضِلُّ إنْ حُصِرتْ / في عدِّها التفصيلُ والجُمَلُ
ويدٌ تَهُدُّ المالَ راحَتُها / أبداً ويعمُرُ ظهرَها القُبَلُ
ومجالسٌ يُكْنَى الكلامُ بها / لِيناً وتُغْضِي دونَها المُقَلُ
بكَ دانتِ الدنيا لصاحبِها / وانقادَ منها السهلُ والجبلُ
مادتْ غُصونُ العيشِ مُثْقَلةً / حَمْلاً وغصنُ الدِين مُعتدلُ
وأعادتِ الأيامُ بهجَتَها / فالملك غَضُّ العود مقتبلُ
ولعَ العُداةُ بهم فذادَهُمُ / يَقظانُ في استعجاله مَهَلُ
كالسيلِ لولا أنه دُفَعٌ / والليلِ لولا أنهُ ظُلَلُ
وذَعرتَ ريبَ الدهرِ منتقِماً / من كيدِه فصِعابهُ ذُلُلُ
لو دبَّ رأيُك في كعوبِ قَناً / ما مسَّها طنبٌ ولا خَطَلُ
أو كان ضوؤُكَ للغزالةِ لمْ / يحجُبْ ضياءَ جبينها الطَفَلُ
في كلِّ مكرمةٍ وإن عظُمَتْ / بجميلِ فعلكَ يُضربُ المثلُ
سُسْتَ الأنام برأي مشتمِلٍ / بالحزمِ لا سأمٌ ولا مَلَلُ
ترعَى إِذا غفلوا وتسهرُ إنْ / ناموا وتَحلم كلَّما جَهِلُوا
أنت الذي لولا مَداهُ عفتْ / طرقُ الهُدى واستبهمَ السُّبُلُ
في كل شعبٍ من رويَّتِه / شُعَبٌ ومن آرائِه شُعَلُ
تمضي الأمورُ على إرادتِه / فتكادُ قبلَ الفِعل تنفعلُ
يرتدُّ عنه جَفنُ حاسدِهِ / وكأنهُ بالنارِ مكتحِلُ
وجهٌ كيومِ الصحوِ مبتسمٌ / ويدٌ كلَيلِ الدّجْنِ تنهملُ
متخرِّقٌ في العُرْف منبسطٌ / متأزِّرٌ بالمجدِ مشتمِلُ
لا الهولُ يملأُ ناظريهِ ولا / يجتابُ فُرضةَ سمعِه عَذَلُ
ما شئتَ من وعدٍ يساوِقُه / نُجْحٌ وقولٌ تِلوُهُ عملُ
مُسِحتْ على الأنواءِ راحَتُهُ / فانساقَ منها العارضُ الهَطِلُ
وتبرَّجَتْ للمجدِ همَّتُهُ / فانصاعَ منها الجبنُ والبُخُلُ
هو عِلّةُ المعروفِ لو صدقوا / أنّ الأمورَ لكونها عِلَلُ
إنْ ضَنَّ غيثٌ أو جنَى قمرٌ / فيمينُه وجبينُه البَدَلُ
تغدُو بنو الدنْيَا وليس لهمْ / من طولِ ما أغناهمُ أمَلُ
أغناهُ عن سعيٍ وعن طَلَبٍ / جَدٌّ حثيثٌ خطوُهُ عَجِلُ
وكفاهُ جهدَ الرأي يَشْغَلُهُ / عفوُ البديهةِ ما بها شُغُلُ
فالرأيُ مثلَ القول مبتدَهٌ / والقولُ مثلَ الطعنِ مرتَجَلُ
من دوحةِ العلياء حيثُ نَبَا / عن صفحتيها القادِحُ العَمِلُ
صمَّاءُ ما في عودِها خَوَرٌ / عيطاءُ ما في عِطْفِها مَيَلُ
زمَّ الممالكَ أوّليّتَه / حتى أقامَ قناتَها الدوَلُ
الساكتينَ وما بهم حَصَرٌ / والقائلينَ وما لهم خَطَلُ
فَعلوا وما قالوا وأينَ هُمُ / من معشرٍ قالوا وما فعلوا
إنْ أطرقُوا هِيبُوا وإنْ نطقُوا / قالوا الجميل وإن وَلُوا عَدَلوا
وإِذا الخطوبُ رسَتْ كلاكِلُهَا / وتشابهَ الأَعجازُ والقُلَلُ
وتبادرتْها البُزْلُ وانعكستْ / فيها على أصحابِها الحِيَلُ
سبقتْ بديهتُه رويَّتَهُ / كالبرقِ لا ريثٌ ولا كَسلُ
يهوى اللَّحاقَ بشأوِه نفَرٌ / عن شأوِهِ غَفلوا وما عَقِلُوا
ألِفُوا الهُوينَا فاستطارَ بهِ / متمهِّلٌ بالبرقِ منتعِلُ
لوْ أنَّ شُرْبَ الماءِ منقصةٌ / لم يُصْبِهِ نهلٌ ولا عَلَلُ
فإليكَ مجدَ الدينِ مُعلِمَةً / بالشكرِ أقطعُها وتتَّصِلُ
فالمدحُ مختارٌ ومنتخَبٌ / والشكرُ معتامٌ ومنتخَلُ
واسلمْ على الأيام تأمُرُها / أبداً بما تهوَى وتمتثلُ
أيامكَ الأعيادُ ناصعةٌ / غُرٌّ وبالُكَ ناعِمٌ جَذِلُ
حسَدَ الفتَى لما تقاعسَ دونَهُ
حسَدَ الفتَى لما تقاعسَ دونَهُ / وأبَى له قِصَرُ الزمانِ منالَهُ
قد قلتُ لمَّا سَلَّ فيه لسانَهُ / سَفَهاً وعارضَ بالمصونِ مُذالَهُ
مهلاً فقد أُوتيتَ بسطةَ جاههِ / وأجلَّ منه فما عشرتَ خِصالَهُ
هل عِبتَ إِن أنصفَت إِلّا أنه / طلبَ العَلاءَ وجدَّ فيه فنالَهُ
هلّا ذكرتَ له كرائمَ خِيمهِ / ونشرتَ عنه فعالَهُ ومقالَهُ
حذفَ الزمانُ فضولَ عيشٍ شاغلٍ / عنهُ وخلَّدَ مجدَهُ وفَعالَهُ
فأبانَ عنه بُخلَهُ ونَوالَهُ / وأشاع فيه هَدْيَهُ وضلالَهُ
ما الدهرُ إِلّا عاطلٌ من بعدِه / ضاحي المُحَيَّا مذ أزاحَ ظِلالَهُ
ولعلَّهُ يوماً يُحِسُّ بقبْحِه / من بعدِه فيُعيدُ فيه جَمالَهُ
أو حالَ ما بيني وبينَ مطالبي
أو حالَ ما بيني وبينَ مطالبي / خطبٌ فذلك حائلٌ متحوِّلُ
لا تأمُلُنَّ بني الزمان فطالما / أكدَى وخابَ الآمِلُ المتأمِّلُ
كان المروءةُ والفتوَّةُ والنَّدى / وابنُ الكمالِ الفاضلُ المتفضِّلُ
فاليوم قد نُسخَتْ وأقبلَ بعدَهُ / خَلَفٌ فمثلي عاطِلٌ متعَطِّلُ
وجفتنيَ الدنيا وسوف تَبُرُّنِي / إِن عادَ ذاك المقبِلُ المتقَبِّلُ
عتَبُوا على فضلي وذمُّوا حِكمتي
عتَبُوا على فضلي وذمُّوا حِكمتي / واستوحشوا من نقصِهم وكمالي
إِنى وكيدَهُمُ وما نَبحُوا بهِ / كالطَوْدِ يحقرُ نطحةَ الأوعالِ
وإِذا الفتَى عرفَ الرشادَ لنفسِهِ / هانتْ عليهِ ملامةُ الجُهَّالِ
بذلوا الوفاءَ وكان آخرُ عهدِهمْ
بذلوا الوفاءَ وكان آخرُ عهدِهمْ / غَدْراً وأخلفَ ما رآهُ الباذِلُ
ما كان أنضرَ عهدَنا لو صحَّ ما / ألوى المطولُ بهِ وضنَّ الباخِلُ
فتبِعتُهُمْ أنا والرفيقُ ومقلةٌ / تَذري النجيعَ وأريحيٌّ بازلُ
حتَّى تكشَّفت الدُّجَى عن واضحٍ / كالبَيض أسلمهُ النَعامُ الجافِلُ
ولحقتُ آثارَ الحمول ودونَها / غيرانُ سطوتُهُ القضاءُ النازلُ
ونظرْنَ من خَللِ السُّجوفِ بأعيُنٍ / أهدابُهنَّ وقد نُصبنَ حَبائِلُ
ما كنتُ أعلمُ قبل أن عرضتْ لنا / أنّ العيونَ قواتلٌ ومقاتِلُ
واستوقفتْ عجلَى الركاب فمُقلةٌ / للركبِ شاخصةٌ وقلبٌ ذاهِلُ
يشكون أنَّك قد نسختَ فِعَالَهمْ
يشكون أنَّك قد نسختَ فِعَالَهمْ / حتَّى تُنوسِيَ ما تقدَّمَ منهمُ
وشرعتَ في دينِ المكارم ما عَموا / عن بعضِه وفهِمتَ ما لم يفهمُوا
فتكَ الرشيدُ بهم فخلَّد ذكرَهُمْ / ومحوتَهُ محواً فَهُمْ لك ألوَمُ
فارفِقْ بهم واستَبْقِ بعضَ ثنائِهمْ / كرماً فقد دانُوا بأنك أكرمُ
أأُضامُ في دارٍ وأقعدُ راضِياً
أأُضامُ في دارٍ وأقعدُ راضِياً / إني لنفسي إنْ فعلتُ لأظلمُ
إِلّا أكنْ شاكي السلاحِ فإنَّني / بالعزم والرأي الحصيف مُسَوَّمُ
نفسي مُشَيَّعةٌ وقلبي باسلٌ / ويدي مُؤَيّدةٌ وعقدي مُحكَمُ
قُلْ للأُلَى نجحُوا وراموا خُطَّةً / عسراءَ أعيا أنْ تُصَادَ الأنجمُ
إِلّا تكفّوا عن عِنادي أجْنِهَا / شعواءَ ينعَرُ من جوانِبها الدَمُ
جاريتُ ركبانَ الصِّبا
جاريتُ ركبانَ الصِّبا / حيناً وقطَّعْتُ الزِّمامَا
واليومَ أُبدعَ بي فلا / خَلْفاً أمرُّ ولا أماما
وهجرتُ إِخوانَ البطَا / لةِ والندامَى والمُدَامَا
أُذري على الخدِّينِ دم / عاً من فراقِهمُ سِجاما
ويسوؤُني أن لا أُلا / مَ وكنتُ أكرهُ أن أُلامَا
وتركتُ وصلَ الغانيا / تِ فلا لِمامَ ولا كلاما
وسئمتهنَّ وكنتُ أخ / شَى قبلُ منهنَّ السآما
وصحِبتُ بعد المُرْدِ وال / فتيانِ مشيخةً كِراما
فاليوم أقصرَ باطلي / وجلوتُ عن عينِي الظلاما
كم ليلةٍ بِتنا وَجَدّي عينُهُ
كم ليلةٍ بِتنا وَجَدّي عينُهُ / يقظى وأجفانُ الخُطوبِ نيامُ
غابَ الرقيبُ وأمكنتْنَا خلوةٌ / فاللَّثْمُ شفعٌ والعِنَاقُ لِزامُ
ثنتِ اللثام على وميضِ مباسمٍ / بَرقَتْ وهل يُخفِي الوميضَ لِثامُ
فلثمْتُ فاها من وراءِ لثامِها / والريقُ خمرٌ واللثامُ فِدامُ
وشكوتُ ما صنعتْ بعيني عينُها / ومن العيونِ مقاتلٌ وسِهامُ
وأسمتُ طرفي في رِياض جمالِها / والحسنُ روضٌ والعيونُ سَوامُ
وجنيتُ رمَّانَ النهودِ وإنَّها / لِمَنِ اجتناها صِحَّةٌ وسَقَامُ
ثمَّ افترقنا والدموعُ سواكِبٌ / والصبحُ طَلْقٌ وجههُ بسَّامُ
بِتنا وظلمةُ ليلِنا بلقائِها / صبحٌ وبِنَّا والصَّبَاحُ ظلامُ
أما العلومُ فقد ظَفِرْتُ ببغْيتي
أما العلومُ فقد ظَفِرْتُ ببغْيتي / منها فما أحتاجُ أنْ أتعلَّمَا
وعرفت أسرارَ الخليقةِ كلَّها / عِلماً أنارَ ليَ البهيمَ المُظلما
وورثتُ هُرْمُسَ سِرَّ حكمتِه الذي / ما زال ظنّاً في الغيوب مرجَّما
وملكتُ مفتاحَ الكُنوزِ بفطنةٍ / كشَفتْ ليَ السرَّ الخفيَّ المُبْهَما
لولا التَّقِيَّةُ كنتُ أُظهِرُ معجزاً / من حكمتي يشفي القلوبَ من العَمى
أهوى التكرُّمَ والتظاهرَ بالذي / عُلِّمْتُه والعقلُ يَنْهَى عنهما
وأُريدُ لا ألقى غبيَّاً موسراً / في العالمينَ ولا لبيباً مُعدِما
والناسُ إما جاهلٌ أو ظالمٌ / فمتى أُطيقُ تكرُّماً وتكلُّما
من تابَ عن شُربِ المُدا
من تابَ عن شُربِ المُدا / مِ وعن مقارفةِ الحرامِ
وسَمَتْ به النفسُ العزو / فُ عن التَّوَرُّطِ في الأَثامِ
فاستحي أنْ تلقاهُ مُن / تجعاً لإهداءِ المُدامِ
وابني أَحقُّ بما طلب / تَ لديَّ من بَلَلِ الأوامِ
فاستسقهِ فلديهِ ما / يُغنيكَ عن سَقْي الغَمامِ
واسرقْ من الأيامِ حظ / ظَكَ من حَلالٍ أو حرامِ
فالدهرُ ليس ينامُ عن / كَ وأنتَ عنهُ في منَامِ
نظري إِلى لمع الوميضِ حنينُ
نظري إِلى لمع الوميضِ حنينُ / وتنفُّسِي لصَبا الأصيلِ أنينُ
ما كنتُ أعلمُ قبلَ نازلةِ الحِمَى / أنَّ الحبائلَ والسهامَ عيونُ
ركزوا بأبوابِ القبَابِ رماحَهمْ / ووراءَهُنَّ أهِلَّةٌ وغصونُ
آسادُ ملحمةٍ وأُدْمُ صريمةٍ / تحت الأكِلَّةِ فالكناسُ عرينُ
ومضَوا يَشيمونَ الوميضَ وقد هَفَا / بخفوقِه خَضلُ الربابِ هتونُ
إِلّا يكنْ نَعَبَ الغرابُ ببينهمْ / أُصُلاً فقد نَعَبَتْ سحائبُ جُونُ
باتوا ونجوى البين بينَ رِحالهمْ / فوضَى ومُستَرَقُ الحديثِ شجونُ
وتحمَّلوا سَحَراً وحشوُ حُدوجِهمْ / صُوَرُ الجَآذرِ والظِباءُ العِينُ
ووراءَ أصدافِ الحُدوجِ يهزُّهَا / هُوجُ الركائبِ لؤلؤٌ مكنونُ
إِنّ الأُلى أقوتْ ربوعُهمُ لهم / بين الأضالعِ منزلٌ مسكونُ
نُشِرَتْ ربوعُهمُ بعَودِ قَطينها / ونشورُ ربعٍ أن يعودَ قطينُ
وَمَليحةٍ بكرتْ عليَّ مُليحةً / سَحَراً وقد صبغَ الخدودَ جفونُ
قالت عهِدتُكَ لا تُراعُ لحادثٍ / وحصاةُ قلبكَ لا تكادُ تلينُ
فاليومَ مالك مستكيناً يمتري / مخزونَ دمعكَ قلبُكَ المحزونُ
تبغي سُلُوِّي وهو أعوزُ مطلبٍ / وطِلابُ ما لا يُستطاعُ جنونُ
فأجبتُها كُفِّي الملامَ وأقصري / كلٌّ بما كسبتْ يداهُ رهينُ
لم يُبقِ عندي للتجلُّدِ موضعاً / بينٌ بتفريقِ الجميعِ قمينُ
ولقد أثرتُ العيسَ ما لظهورها / مما أضرَّ بها السِّفارُ بطونُ
مشَقَ السهوبُ لحومَهُنَّ وعرَّقَتْ / أشلاءَهُنَّ فكلُّ حرفٍ نونُ
يرسُفْنَ في قيدِ الكَلالِ كأنما / حركاتُهنَّ وقد جَهِدنَ سكونُ
ولقد تَرى والريحُ راسفةٌ إِذا / قِيستْ إليها والوميض حَرُونُ
وكأنّها والليلُ وَحْفٌ فاحمٌ / عوجُ المدارى والظلامُ قرونُ
يرمي بهنَّ نياطَ كلِّ تنوفةٍ / همٌّ وهمٌّ في الضلوعِ كمينُ
هممٌ تعاورُها الهمومُ وعزمةٌ / عذراءُ شيَّبَها الخطوبُ العونُ
وإِذا طغَى بحرُ الزِماع فما لهُ / إِلّا القِلاصَ اليعملاتِ سَفِينُ
وإِذا نبا الوطنُ العسوفُ بأهلهِ / فظهورُهنَّ لمن حملنَ حُصونُ
يَخبِطنَ أحشاءَ الدياجي أو يُرَى / للصبحِ خدٌّ واضحٌ وجبينُ
ولقد سلبتُ مِراحَهنَّ إِلى حمَى / ملكٍ له ربُّ السماءِ مُعينُ
مسعودٍ الميمونِ طائرهُ الذي / جَدُّ المُنيخ ببابِه ميمونُ
ملكِ الملوك ابنِ السلاطين الألى / ملكوا رقابَ العالمينَ ودَينُوا
ركزوا ببرقةَ والصعيدِ رماحَهمْ / والهندُ مربطُ خيلِهم والصينُ
ملكوا الأعنَّةَ والأسنَّةَ والظُبَى / والخيلُ تنزو في الوغى وتلينُ
فكأنَّها تحتَ الفوارس والظُبَى / تحتَ العجاجِ بوارقٌ ودجونُ
مجدٌ تُوُورِثَ كابراً عن كابرٍ / والدهرُ مقتَبلٌ وآدمُ طِينُ
فالعزُّ أقعسُ والجنابُ ممنَّعٌ / والمجدُ أتلعُ والفِناءُ حصينُ
شُغِفتْ بدعوَتِهِ المنابرُ يافعاً / وصبا إِليهِ المُلكُ وهو جنينُ
شَرِقُ البنانِ بجوده غَدِقُ الندَى / كلتا يديهِ للعُفَاةِ يمينُ
للملكِ مأوى في ظِلالِ لوائهِ / يأوي إِليه النصرُ والتمكينُ
طرِبُ الشمائل حين تنآدُ القنا / ثمِلاً ويَشْرَقُ بالدماء وتينُ
ينجابُ عنه النقعُ وهو كأنَّهُ / قَمرٌ له سعدُ السُّعودِ قرينُ
والمشرفيّةُ في العجاج لوامعٌ / والأعوجيةُ في الصفوفِ صُفونُ
وعليه نشرُ مظلةٍ مكنونةٍ / بالدرِّ والياقوتِ وهو ثمينُ
سوداءُ حمراءُ الحِفاف كأنَّها / زهرُ الشقائقِ في الرياض تبينُ
رُفعتُ تردُّ الشمسَ عن شمسٍ لها / نورٌ إِذا اعتكرَ الظلامُ مبينُ
شمسان يكتنفانها من فوقِها / شمسٌ وآخرُ تحتها مدجونُ
فبنورِ تلك أضاءتِ الدنيا إِذا / ضاءتْ به الدنيا وعزَّ الدينُ
فلكٌ يدورُ على ذؤابةِ تاجهِ / ويكون أنَّى دار حيثُ يكونُ
تمشي الملوكُ الصِيدُ تحت ركابِه / ويُظِلُّه بجناحِه جِبرينُ
والجردُ مثقلةُ الرِقابِ يؤُودُها / حَمْلُ النُّضارِ بكدِّها ويرينُ
سبقتْ حوافرُها النواظرَ فاستوى / سبقٌ إِلى غاياتِها وشفونُ
لولا ترامي الغايتينِ لأقسمَ ال / راؤونَ أنَّ حَراكَها تسكينُ
قد كادَ يُشبهها البُروقُ لَوَ اَنَّها / لم يعتلقْها أعينٌ وظنونُ
من كل جيَّاشِ العِنان إِذا جَرى / يومَ الرِّهانِ فسبقُه مضمونُ
إِن يفرعِ الطودَ الأشمَّ فأجدلٌ / أو يركبِ البحرَ الخِضَمَّ فنونُ
بأخيهِ شدَّ اللّهُ أزرَ جلالهِ / ووزيرُه من أهلِه هارونُ
قِدحانِ قد نَبَتِ الحوادثُ عنهما / فالعودُ صُلْبٌ والغِرارُ سنينُ
جُمعا على رغم العدَى وتسانَدا / فكلاهما صَدقُ القناةِ متينُ
سبق المجلِّي والمصلِّي دونه / ووراءهُ كلُّ البريةِ دونُ
يا أيها الملِكُ الذي بجلالِه / قُضِيَ القضاءُ وكُوِّنَ التكوينُ
مرضاتُهُ تُحْيِي ويُرْدِي سُخْطُه / فهما حياةٌ للورى ومَنُونُ
عاثت ذؤالةُ في القطيع ومَا له / راعٍ وأضحى اللصُّ وهو أمينُ
وتنازعَ الملكَ الشَّعاعَ عِصابةٌ / لم يُدْرَ أيهُّمُ به المفتونُ
وتناهبوا ما لم يكنْ من قبلُ ذو ال / قرنين يملِكُه ولا قارونُ
فبكلِ أرضٍ رايةٌ وعصابةٌ / جُمعتْ وحربٌ لا تُطاقُ زبونُ
جرِّدْ عزيمتَك المتينةَ إنّها / فتنٌ ركَدنَ سهولهُنَّ حُزونُ
فبغاثُها مستنسِرٌ وشرارُهَا / نارٌ تُشَبُّ ودودُهَا تِنِّينُ
وكأنما الدينا وقد شُحِنتْ بها / بحرٌ تَكَفَّأَ فُلكُهُ المشحونُ
وارم الصفوفَ بمثلهنَّ وشُنَّها / شعواءَ يُنسَى عندَها صِفِّينُ
واشدُدْ يديكَ بحبلِ عمِّكَ إِنَّهُ / مولاكَ فهو بما تحبُّ ضمينُ
واطلَعْ عليه برايةٍ منصورةٍ / إِقبالُه بطلوعِها مقرونُ
أبَني الملوكِ الصيدِ إنَّ وراءكمْ / خطباً إِذا دبَّرْتُموهُ يهونُ
من قبل ذا خانَ الأمين شقيقه / فأُديل منه لبغيه المأمونُ
غلب العبيدُ على مقرِّ سريرِكم / والعبدُ خَوَّارُ القناةِ مهينُ
هي جولةُ الضْحَّاكِ عمَّ بلاؤُها / كلَّ الأنامِ فأين أفْرِيدُونُ
فانهضْ لها بالعزم تكنفُه الظُبَى / والسابغيّةُ نسجُها موضونُ
واعصِفْ عليهم بالقواضبِ عصفةً / تذرُ الرِقابَ الغُلْبَ وهي درينُ
كايلْهُمُ بالصاعِ صاعاً واجزِهمْ / بِتراتِهم إنّ التِراتِ ديونُ
إِنَّ الهَوى والرأيَ مالا نحوكمْ / بركائبي وهوى الرجالِ فنونُ
أبغي نهاياتِ العُلى وسجيتي / تأبى التوسُّطَ فالتوسطُ هونُ
فاسلمْ لأدركَ فيك ما أمَّلْتُهُ / ظنَّاً وظنُّ الألمعيِّ يقينُ
ومشمِّرِ الأصداغِ يُهدي ريقَهُ
ومشمِّرِ الأصداغِ يُهدي ريقَهُ / من خمرِهِ سُكراً إِلى أجفانِهِ
نَمَّتْ سلاسلُ صُدغهِ بعِذارِه / حَسداً فعذَّبَهُ بقطعِ لسانهِ