المجموع : 72
كالغيثِ لكنْ ذاك من أمواهِه
كالغيثِ لكنْ ذاك من أمواهِه / يُروَى الخليفةُ وهْو من أمواله
أَقسمتُ ما للسَّيفِ يومَ جِلادِه / كمَضائه في الحَقِّ يومَ جِداله
وسِجالُه سُحْبُ النَّدى وعَطاؤه / كالوَدْقِ يَخْرُجُ من خِلالِ خِلاله
زَفَّ المنامُ إليّ طَيْفَ خَيالِهِ
زَفَّ المنامُ إليّ طَيْفَ خَيالِهِ / لو أنّ طَيْفاً كان من أبدالِهِ
لو كان مُعْتَنقي لَما طَغِيَ الهوَى / لو كان يَطْغَى لاعْتناقِ مِثاله
بِتْنا نُعَلَّلُ بالوِصالِ منَ امْرئٍ / لم يُبْقِ منّا غيرُ ذِكْرِ وْصاله
في ليلةٍ لحَظَ الزّمانُ نَعيمَنا / فيها بعَيْنِ العارفِ المُتَباله
تَمّتْ محاسنُه فتَمّ صُدودُه / وكذاكَ نَقْصُ البَدْرِ وقْتَ كَماله
قَلّ الهوَى في العينِ منه مثْلما / يَلْقَى الأميرُ نَداهُ باسْتِقْلاله
ماذا يُريدُ الهَجْرُ من مُتَعَرِّضٍ / للدَّهْرِ يَمزُجُ رَنْقَهُ بِزُلاله
صَبٍّ عصَى عُذّالَه حتّى إذا / نسَم الصَّبابةَ صارَ من عُذّاله
ومُهَفْهفٍ حبَس الورَى صَرْفُ الهوَى / ما بينَ عارضِه المُنيرِ وخاله
عاطَيْتُه الصَّهْباءَ أخطُبُ نَوْمَه / والصّحْوُ يَحجُبُ حُسْنَه بِدَلاله
ما زلتُ أَبسطُهُ بها حتّى لقد / فرَّقْتُ بينَ دَلالِه وجَماله
حتّى إذا عبَث السُّباتُ بقَدِّه / عَبثاً يَكونُ الجِدُّ من أمثاله
شَفّعْتُ فيه مُروءتي وسلَبْتُه / نَفْسي وبِعْتُ حَرامَه بحَلاله
ومُماذِقٌ حَسِبَ المِطالَ يَزيدُني / حُبّاً له فوهَبْتُه لِمِطاله
ولَوَ انَّ هذا الدّهْرَ يشكرُ لم يدَعْ / شُكْري وقد عَدَّدْتُ بعْضَ خِصاله
ولَوَ انَّ هذا الجودَ يشكرُ لم يَدَعْ / شكْرَ الأميرِ وقد غدا منْ آله
الوَفْرُ عند نَوالِه والنَّيْلُ عن / د سُؤالِه والمَوْتُ عند صِياله
والخَلْقُ من سُؤاله والجُودُ من / عُذّالِه والدَّهرُ من عُمّاله
تَتجمّعُ الآمالُ من أموالِه / فَتُفَرَّقُ الأموالُ في آماله
وله حُلومٌ لو قُسِمْنَ على الوَرى / ما زاد عاقِلُه على جُهّاله
وخلائِقٌ لو أنّهُنٌ كواكبٌ / أَضحَى السُّها في الضّوءِ مِثْلَ هِلاله
وفُصولُ قَوْلٍ هُنّ أعذَبُ مَسمَعاً / من راحةِ المَشْغولِ عن أشغاله
سَمْحُ البديهةِ ليس يُمسكُ لَفْظَه / فكأنّما ألفاظُه من ماله
وكأنّما عزَماتُه وسُيوفُه / من جِدِّهن خلُقِنْ َمن إقْباله
مُتَبسِّمٌ في الخَطْبِ تَحسَبُ أَنّه / من حُسْنِه مُتلثِّمٌ بنِعاله
لو كان يَدْري الدَّهرُ قيمةَ فِعْلِه / نُسِجَتْ حوادثُه على مِنْواله
يا هُنْدُوانيّاً عتيقُ نِجارِه / أَغْنَى الصَّياقِلَ عن حديثِ صِقاله
أُجري إليك الشِّعْرَ حتّى أَصبحَتْ / منه القِصارُ حوامِداً لِطِواله
وكذاكَ مَن جَرَّ الذُّيولَ إلى العُلا / عَلِقَ الثَّناءُ بصَفْحتَيْ أذْياله
أنا والرَّجاءُ وأنت والكَرَمُ
أنا والرَّجاءُ وأنت والكَرَمُ / ولكَ الفَعالُ كما ليَ الكَلِمُ
خُتِمَ الإجادةُ في المدائحِ بي / وبكَ الأَجاوِدُ في النّدى خُتِموا
حَجّتْكَ آمالُ العبادِ لأَنْ / عَلِمَتْ بأنَّ فِناءكَ الحَرَم
تُوليهمُ مِنناً وتَشْكُرُهُمْ / قَسَماً لقد عَظُمَتْ بك النِّعَم
مِدَحٌ على آثارِها مِنَحٌ / غُرُّ تدومُ كأنّها دِيَم
راجيكَ يَسأَمُ مِن تَتابُعِها / ولديكَ لا ضَجَرٌ ولا سَأَم
أَبداً تُطالِعُ حالَ ذي أَمَلٍ / فَتعودُ حاليةً وَتنْتَظِم
يا طالعاً ومُطالِعاً أَبداً / لم يَبْقَ لا ظُلْمٌ ولا ظُلَم
تَفْديكَ نفْسي وهْي طائعةٌ / ونفوسُ أَقوامٍ وإنْ رَغِموا
من بَحْرِ جُودٍ فَيْضُ أَنمُلِه / للغَيْثِ عَلّمَ كيف يَنْسَجِم
يُخْفي صَنائعَه ليُكْرِمَها / مثْلَ الوجوه تَصونُها اللُّثُم
فتَزيدُ نُوراً كلّما كُتِمتْ / شمسُ الظّهيرة كيفَ تنكَتِم
تَقِصُ الأُسودَ بكلّ ناحلةٍ / في الكفِّ ممّا تُنبِتُ الأجَم
تُبدي ملوكُ الأَرضِ وطاعتَها / فلكلّ ما رَسَمْتَه تَرتَسِم
إن أَصبحَتْ حرباً لهمْ حُرِبوا / أو أَصبَحتْ سِلْماً لهمْ سَلِموا
تُغْني كما تُفْني فَريقتُها / نِعَمٌ طوالَ الدَّهرِ أَو نِقَم
تَجرِي بها يُمنَى يَدَيْ ملِك / في بَطْنها الآمالُ تَزدَحِم
لَمّا غدا الأسيافُ من شَرَفٍ / فيها معَ الأقلام تَخْتَصِم
قَبضَت لذي ولهذه قَبَصت / حتّى تراضَى السّيفُ والقَلَم
ليظلَّ كُلُّ من أنامِلهِ / بمَحلّهِ المَخْصوصِ يَتّسِم
إنّي لَخادمُ كلّ ذي نظَرٍ / شافٍ يُميَّزُ عنْدَهُ الخَدَم
يا أَعدلَ النّاسِ الّذينَ بهمْ / عند الحوادثِ تُكشَفُ الغُمَم
عنْدي فَدتْكَ النَّفْسُ حادثةٌ / الخصمُ فيها أَنت والحَكَم
ما لي أُباعُ كذا مُجازَفَةً / ولكلِّ قومٍ في العُلا قِيَم
أَفبعْدَ تَسْييري لكمْ مِدَحاً / حُدِيَتْ بِهنَّ الأَينُقُ الرُّسُم
مَصقولةً مثْلَ الرّياضِ غَدَتْ / يَبكي الغمامُ لها فتَبْتَسِم
تَرْضَى بأنْ تَغْدو لها طَرِباً / وفؤادُ ناظِمها لكُمْ وَجِم
ويَروحَ مُنْحلاً بسَعْيِكُمُ / أَمْرٌ غدا ليَ وهْو مُنْتَظِم
وتَميلَ عن مِثْلي إلى نَفَرٍ / لا يُذكَرونَ إهانةً لَهُم
فَسَلِ الفضائلَ إن سأَلْتَ بنا / تُخْبِرْكَ كم بَيْني وبَيْنَهُم
وأَعِدْ إلينا نظَرةً لتَرَى / يا صاحِ أَين أنا وأَينَ هُم
زَعَموا بأنّكَ تَعْتَني بِهمُ / هي هِجْرتي إن صَحَّ ما زَعموا
دَعْ أَنفُسَ الأوغادِ ساخِطةً / ما حَمْدُ كُلِّ النّاسِ يُغْتَنَم
شُكْري وشُكْرُهمُ إذا طُلِبا / شَمْلٌ لَعمْرُك ليسَ يَلْتَئِم
أَعرِضْ عنِ الذُّلاّنِ إن عُرِضوا / فَوُجودُهمْ سِيّانِ والعَدَم
لا تَظْلِمِ الإحْسانَ مُصْطَنِعاً / مَنْ أَنتَ تَبْنِيهِ ويَنْهَدِم
لا يَتْبعَنَّ المرءَ ذو رِيَبٍ / عُرِفَتْ فكم من تابعٍ يَصِم
وإنِ ادَّعَى قِدَمَ الوَلاءِ فما / للوغْدِ لا قِدَمٌ ولا قَدَم
في الوُدِّ أَوْلَى باتّهامِكَ مَنْ / في الدِّينِ أَصبحَ وهْو مُتَّهَم
وأَحَقُّ مَنْ عُنيَ المُلوكُ بِهِ / مَنْ سارَ فيما قالَ ذِكْرُهُم
لولا زُهيرٌ والمديحُ لهُ / لم يَدْرِ هذا النّاسُ مَنْ هَرِم
وأَنا الَّذي لم يَسْخُ بي أَحَدٌ / إلاّ غدا ونَديمُهُ النَّدَم
وإذا اهْتَزَزتُ لمَدْحِ ذي كَرَمٍ / فأنا لسانٌ والزَّمانُ فُم
فَلْتَطْلُبَنَّ رِضايَ مِنْ كَرَمٍ / ورِضا العُلا يا ابْنَ الأُلَى كَرُموا
ولْتُبْعِدَنَّ ذوي مُعانَدَتي / بحياةِ حُسْنِ مديحِكَ القَسَم
والحرُّ يُلزِمُهُ تَكرُّمُهُ / ما ليس يَلزَمُهُ فيَلْتَزِم
لا سِيّما واللهُ يَشكُر ما / تَأْتي وأَهْلُ الدِّينِ كُلُّهُم
قلْ قَوْلةً للهِ فاصلةً / والدّاءُ َتحسِمُه فيَنْحَسم
دُمْ للأَفاضلِ ما هَمَتْ دِيَمٌ / واسْلَمْ لَهُمْ ما أَورقَ السَّلَم
واْسَعْد بصَوْمٍ مَرَّ مُفْتَتَحٌ / منْه وأَقبلَ منه مُخْتَتَم
في دولةٍ غَرّاءَ عُرْوَتُها / بِيَدِ السُّعودِ فليس تَنْفَصِم
آدابُنا وزَمانُنا قَصُرَتْ / مِن أَهلِهِ عِنْ أَهلِهِا الهِمَم
فأَعِنْ على حَرْبِ الخُطوبِ فتىً / بكَ يا مُعينَ الدّينِ يَعْتَصِم
فالفَضْلُ يا ابْنَ الفَضْلِ صاحبُهُ / قَمِنٌ بأَنْ تُرعَى لهُ الذِّمَم
يا أَيُّها المَولى الَّذي
يا أَيُّها المَولى الَّذي / يَدُهُ لِسائِلِهِ غَمامَه
وَأَخا شَمائِلَ أَصبَحَت / كَالماءِ يُمزَجُ بِالمُدامَه
في كَفِّهِ قَلَمٌ لَهُ / فاقَ الصَوارِمَ في الصَرامَه
مِن كُلِّ أَبيَضَ قاضِبٍ / كَالبَرقِ يَفلِقُ كُلَّ هامَه
ما المُلكُ إِلّا لِلعُلا / بَيتٌ وَأَنتَ لَهُ دِعامَه
فَوُقيتَ لي صَرفَ الرَدى / وَبَقيتَ ما ناحَت حَمامَه
وَسَمِعتَ كُلَّ بَديعَةٍ / كَالنَورِ تُسلِمُهُ الكِمامَه
مِن كُلِّ قافِيَةٍ تَظَل / لُ كَأَنَّها لِلعِرضِ لامَه
يا مَن إِذا سُئِلَ النَدى / لَم يُصغِ فيهِ إِلى مَلامَه
وَإِذا اِشتَرى بِالمالِ حُس / نَ الذِكرِ لَم يَرَهُ غَرامَه
لَم تَعتَرِضكَ وَقَد قَصَد / تُكَ دونَ حاجاتي سَآمَه
في سَفرَةٍ سَفَرَت لَدَي / كَ عَنِ الغَنيمَةِ وَالسَلامَه
حَتّى قَضَيتُ مَآرِبي / في ظِلِّ أَروَعَ ذي شَهامَه
كُتُبٌ وَأَمثِلَةٌ تُنا / لُ بِها الجَلالَةُ وَالفَخامَه
وَمَقاصِدٌ أُخَرٌ نَهَض / تَ بِهِنَّ مَحمودَ المَقامَه
لَم يَبقَ مِنها كُلِّها / إِلّا العَلامَةُ وَالعِمامَه
وَهُما إِذا ما اِستَجمَعا / أَقصى النِهايَةِ في الكَرامَه
فَاِجمَعهُما كَرَماً فَإِن / لَم يَتَّفِق فَدَعِ العَلامَه
وافى كِتابٌ مِن فَتى كَرَمِ
وافى كِتابٌ مِن فَتى كَرَمِ / فَلَثَمتُ مِنهُ مَجارِيَ القَلَمِ
مُتَطَوِّقاً لِلبِرِّ مِن يَدِهِ / وَمُقَرَّطاً بِالدُرِّ مِن كَلِمِ
شَرَفٌ لِدينِ اللَهِ شَرَّفَني / لا زالَ يولي أَسبَغَ النِعَمِ
وَأَحَلَّني بِعُلُوِّ هِمَّتِهِ / فَوقَ الَّذي تَسمو لَهُ هِمَمي
وَكَذاكَ يولي فَضلَ أَنعُمِهِ / أَعلى المَوالي أَصغَرَ الخَدَمِ
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني / جَهْلي كما قد ساءني ما أعلَمُ
كالصَّعْوِ يَرتَعُ في الرِّياضِ وإنّما / حُبسَ الهَزارُ لأنّه يتَرنَّم
مَنْ لي بعَيْشِ الأغبياء فإنّه / لا عيشَ إلاّ عيشُ مَن لا يَفْهَم
وَرْدُ الخُدودِ ودُونَهُ شَوْكُ القَنا
وَرْدُ الخُدودِ ودُونَهُ شَوْكُ القَنا / فَمنِ المُحَدِّثُ نَفْسَهُ أن يُجْتَنَى
لا تَمدُدِ الأيدي إليه فطالما / شَنُّوا الحُروبَ لأنْ مدَدْنا الأعيُنا
وَرْدٌ تخَيَّر من مَخافةِ نَهْبِه / باللّحظِ في وَرَقِ البَراقعِ مَكْمَنا
يُلْقي الكِمامَ معَ الظّلامِ إذا دَجا / ويَعودُ فيه مع الصَّباح إذا دنا
ولطالَما وُجدَ الخِلافُ وإلْفهُ / دِيناً لعَمْرُك للحسانِ ودَيدَنا
قُلْ للَّتي ظلَمتْ وكانتْ فتنةً / لو أنها عَدلتْ لكانتْ أفْتَنا
لمّا سألتُ الثّغرَ منها لُؤلؤاً / قالتْ أما يَكْفيكَ جَفْنُكَ مَعْدِنا
أيُرادُ صَوْنُكِ بالتَّبرقُعِ ضَلّةً / وأرى السُّفورَ لمثْلِ حُسنِك أصْوَنا
كالشّمسِ يَمْتنعُ اجْتلاؤك وَجْهَها / فإنِ اكتسَتْ برَقيقِ غَيْمٍ أمْكَنا
غدَتِ البخيلةُ في حمىً من بُخْلها / فسلُوا حُماةَ الحيِّ عمَّ تَصُدُّنا
وأَبتْ طُروقَ خيالِها فإلى متى / جَرُّ الرّماحِ من الفوارسِ نَحْوَنا
هل عنْدَ حَيِّ العامريّةِ قُدرةٌ / أنْ يَفْعلوا فوقَ الَّذي فعلَتْ بنا
ما هُمْ بأعظمَ فَتكة لو بارزوا / من طَرْفِ ذاتِ الخالِ إذ برْزتْ لنا
إن كان قَتْلي قَصْدَهمْ فلْيَرفَعوا / كِللَ الظّعائنِ ولْيُخلُّوا بَيْننا
ماذا كفَونا من لقاءِ فَواتنٍ / لولا مُراقَبةُ العيونِ أتَيْننا
يا صاحِ مِلْ بالعيسِ شَطْرَ ديارِهم / فطلُولُها أضحَتْ تُشاطرُنا الضَّنى
عُجْ بالمَطيِّ على المنازل عَوْجةً / فلعلَّها تُشفي جوىً ولعلَّنا
ساعِدْ أخاك إذا دعاكَ لخُطّةٍ / وإذا أردتَ مُساعِداً لكَ فادْعُنا
فالجاهلانِ اثْنانِ من بَيْنِ الورَى / فافْطُنْ أُخَيَّ وإنْ هما لم يَفْطُنا
مَن قالَ ما بالنّاسِ عنّي من غنىً / من جَهْلهِ أو قال بي عنهم غِنى
كم رُعْتُ حيَّكِ ثائراً أو زائراً / لمّا عَناني من غرامي ما عنى
عيشٌ كما شاء الصِّبا قضّيْتُه / أصبو وأُصبي كُلَّ أَحْورَ أَعْيَنا
إنّي لأذكرُ في اللّيالي ليلةً / والإلْفُ فيها زارني مُتوسِّنا
بعثَ الخيالَ وجاءني في إثْره / أَرأيتَ ضَيْفاً قطُّ يتْبعُ ضَيْفَنا
الطَّيفُ يرحَلُ وهْو ينْزِلُ مُقلةً / فيها التوهُّمُ قد أُحيلَ تيقُّنا
فاليومَ أَرضَى زُورَ زَوْرٍ طارق / يَسْري لخَطْبِ نوَى الخليطِ مُهوَّنا
أَفدي خُطاه إذا سَرَى بمكانه / منّي ليُمسيَ للزّيارةِ مُدْمِنا
ما إنْ جفَوْتُ الطَّيفَ إلاّ ليلةً / والحيُّ قد نزلوا بأعلَى المُنْحنى
لمّا ألمَّ وقد شَغَلْتُ بمدحةٍ / لعزيزِ دينِ اللهِ فكْريَ مُوْهِنا
في ليلةٍ حسدَتْ مصابيحُ الدُّجَى / كَلِمي وقد كانتْ بها هيَ أَزْينا
قَلمي بها حتّى الصّباحِ وشَمْعتي / بِتْنا ثلاثتُنا ومَدْحُك شُغْلُنا
حتّى هَزَمْنا للظّلامِ جُنودَهُ / لمّا تَشاهَرْنا عليه الألْسُنا
أَفْناهما قَطّي وأَفنَيْتُ الدُّجَى / سَهَراً فأَصبَحْنا وأَسْعدُهم أَنا
وإلى العزيزِ أَمَلْتُ نِضْوي زائراً / لكنّني اسْتَبْضَعْتُ دُرّاً مُثْمَنا
فغَدا يُنيلُ الرِّفدَ مُوفيَ كيْلِه / من قبلِ شَكْوانا لِما قد مَسَّنا
مَلِكٌ أَغرُّ إذا انْتَدى يومَ النَّدى / أَلْفيتَهُ فرداً مواهبُه ثُنا
خَضِلُ الأناملِ بالحِباء إذا احتَبى / كالطّودِ يَحتضِنُ الغَمامَ المُدجِنا
أَمِنَتْ إساءتَه عِداهُ لأنّهُ / مُذْ كان لم يُحسِنْ سوى أنْ يُحسِنا
لمّا رأى السُّلطانُ خالصَ نُصحِهِ / أَضحى بغُرّةِ وجههِ مُتَيمّنا
فغدا وفي يُمناهُ آيةُ مُلكهِ / يُفْني المُسِرَّ عِنادَه والمُعْلِنا
فمتى تَفرْعنَ في الممالكِ مارِقٌ / أَوْمَى إلى قلمٍ له فتَثَعْبنا
وجلا اليدَ البيضاءَ في كَلماته / فتَلقَّف المُتمرِّدَ المُتفَرْعنا
يا مَن إذا أَرخَى عِنانَ جَوادِه / أَضحى وثانيه النَّجاحُ إذا ثَنى
ويعودُ بالجُرْدِ السَّلاهبِ مُسْهلاً / في أَيِّ أَرضٍ سارَ فيها مُحْزِنا
لمّا أَعَرتَ السّمعَ نَبْأةَ صارخٍ / نفَتِ الكرَى عن ناظرَيْكَ تَحنُّنا
أَتْبعتَ حَجَّتَك الحميدةَ غَزْوةً / فقضَيْتَ أَيضاً فَرْضَها المُتَعيِّنا
وجَررْتَ أَذيالَ الكتائبِ مُوغِلاً / في الأرضِ خلْفَ بني الخَبائثِ مُثْخِنا
حتّى غدَتْ تلك المَجاهلُ منهمُ / وكأنما هُنّ المَناحِرُ مِن مِنى
سَقتِ الصّوارمُ أَرضَهمْ من بعدِ ما / قلّبْنَ أَظهُرَها السَّنابِكُ أَبْطُنا
وأَرْيتَهمْ إعجازَ يومِ حَفيظةٍ / لم يُبقِ صِدْقُ الضَّرْبِ فيه مَطْعَنا
زرَعَ الطِّعانَ فسَنْبلَتْ في ساعةٍ / من هامِهمْ وشُعورِهمْ سُمُرُ القَنا
فغدا هُناكَ ببأْسِ أَحمدَ مُؤمِناً / مَن لم يُعَدَّ بدينِ أَحمدَ مُؤمِنا
هل عُصبةُ الإشراكِ تَعلَمُ أَنّها / ما صادَفَتْ من حَدِّ سيفِكَ مأْمَنا
لكنّما رجَع الجيوشُ وغُودِروا / إذ كان خَطْبُهمُ عليكمْ أَهْوَنا
مثْلَ القنيصِ ازْورَّ عنه فارسٌ / والسَّهمُ فيه جنَى عليه ما جنَى
يَرجو البقاءَ وما بقاءُ مُصَرَّعٍ / تَخِذَ السِّنانُ القلْبَ منه مَسْكَنا
إن تَرجِعوا عنهمْ فلا يَترقَّبوا / إلاّ الفَناءَ مُباكِراً لهمُ الفِنا
والسُّحبُ بعدَ عُبورِهنَّ يَرى الوَرى / في إثْرِها أثَرَ السُّيولِ مُبيَّنا
فَلْيَهنأ الإسلامَ أَنَّ عِمادَه / مُذْ جَدَّ في طَلَقِ المكارمِ ما ونَى
صَلِيَتْ شُواظَ الحربِ أَعداءُ الهُدَى / مُذْ سار في فَلَكِ المعالي مُمْعِنا
وكأنّه الشَّمسُ المنيرةُ طالعَتْ / خِططَ البلادِ من القَصيّ إلى الدُّنا
فأباتَ أرضاً نُورُها مَسكونةً / وأبتْ لأُخرى نارُها أن تَسكُنا
للهِ مَقْدَمُ ماجدٍ أضحَى به / عنّا لنازلةِ النَّوائبِ مَظْعَنا
عَوْدٌ إلينا عادَ أحمدُ كاسْمِه / فغدا بإقبالٍ يُضاعَفُ مُؤْذِنا
كانتْ شَرارةَ فتْنةٍ مَشْبوبةٍ / فلقد تَرامَتْ أشْمُلاً أوْ أيمُنا
قُلْ للَّذين تَشعَّبوا شُعَباً لأنْ / ظَنّوا خِلافَكُم مَراماً هَيِّنا
ما إنْ يُنازِعُ ضَيْغَماً في غِيلِه / إلاّ امْرؤٌ ملَّ الحياةَ وحُيِّنا
ومَنِ ابتنَى وسْطَ العرينِ قبابَهُ / فأحسَّ ريحَ اللَّيثِ قَوَّض ما ابْتَنى
في كلِّ غابٍ غابَ عنه سَليلُه / مَرْعىً ولكنْ لا قَرارَ إذا انْثَنى
سيُريحُ عازِبَ كُلّ أمرٍ سائسٌ / يُرضي الرَّعيّةَ عادلاً أو مُحْسنا
يا مَوئلاً يُولي الأنامَ صنائعاً / أمسَتْ منَ الشُّهُبِ الطَّوالعِ أبْيَنا
ما إنْ دعاكَ لِصيتِه ولمُلْكِهِ / إلاّ أجَبْتَ مُحسِّناً ومُحصِّنا
كُلٌّ إذا استَرعَوْهُ يَسْمَنُ مُهزِلاً / في ذا الزَّمانِ وأنت تَهزِلُ مُسْمِنا
دَسْتُ الوِزارةِ لم يَزَلْ مَنْ حَلَّهُ / ولَئنْ تَجلّى ملءُ عَيْنَيْ مَنْ رَنا
كالبدرِ في ليلٍ ورأيُكَ شمسُه / والبدرُ مُقْتَبسٌ من الشَّمسِ السَّنا
سِيّانِ عندكَ كان رَبْعاً آهِلاً / للحيِّ أو رَسْماً عفا وتَدمَّنا
ما إنْ خذَلْتَ على اختلاف شعارِه / مُتعلِّياً ناداك أو مُتعَثْمِنا
واليومَ أجدَرُ حينَ أصبحَ عُطْلُه / مُتزيِّناً لمّا غدا مُتَزيَّنا
لا زلتَ ثَبْتاً في المواقفِ كُلّما / لَعِبَ الزّمانُ بأهلِه وتَلوَّنا
أما الرجاء فلم يزل متغربا / حتى إذا وافى ذُراك استوطنا
ألقَى إلى ابْنِ أبيه منكَ رِحالَه / فلِذاكَ أنتَ بهِ شديدُ المُعْتنَى
أَنتَ الرَّجاءُ لكلِّ مَن يطأُ الثَّرى / فإليكَ كان أَشار حينَ به اكْتنَى
لك في العُلا هِمَمّ تَزيدُ على مَدَى / زَمَنٍ فعشْتَ لنَشْرِهنَّ الأزْمُنا
وكأنّها والدّهرَ نَهْجٌ ضَيِّقٌ / أَصبحتَ تَسلُكُ فيه جَيْشاً أَرْعَنا
وكتابُ عصرِكَ مُذْ أَتَى أَبناءه / واللهُ ضَمَّنه عُلاكَ وعَنْوَنا
قرأوا إلى ذا اليومِ عُنْواناً له / وقلوبُنا تَتَطلَّعُ المُتضمَّنا
يا ماجداً عَبِقَ الزّمانُ بذِكرهِ / والذِّكرُ في الأيّامِ نعْم المُقْتَنى
يَزْدادُ عندَك حُسْنُ ما نُثْنِي به / كمَزيدِ ما توُليهِ حُسْناً عِنْدَنا
وأَعُدُّ مدْحَ ملوكِ عَصْريَ هُجْنةً / وأَعُدُّ تَرْكَ مديح مثْلِك أَهْجَنا
فبلَغْتَ قاصيةَ المَدى وملكْتَ نا / صيةَ العُلا وحَويْتَ عاصِيةَ المُنى
وبَقِيتَ من غيرِ انْقطاع ماضياً / وبلا تَغَيُّرِ آخِرٍ مُتمكِّنا
قِفْ يا خيالُ وإنْ تَساوَيْنا ضنَىً
قِفْ يا خيالُ وإنْ تَساوَيْنا ضنَىً / أنا منك أولَى بالزّيارة مَوْهِنا
نافستَ طَيفي والمَهامهُ دُونَنا / في أنْ يزورَ العامريّةَ أيُّنا
فسرَيتُ أعتجِرُ الظّلامَ إلى الحِمَى / ولقد عناني من أُميمةَ ما عنَى
وعَقلتُ ناجيتي بفضْلِ زِمامِها / لمّا رأيتُ خيامَهمْ بالمنحنى
وتطلَّعتْ فأضاء غُرّةُ وجهِها / باللّيلِ أيْسرَ مَنْهجي والأيمَنا
لمّا طرقْتُ الحيَّ قالتْ خِيفةً / لا أنتَ إن عَلِمَ الغَيورُ ولا أنا
فدنَوْتُ طَوْعَ مَقالِها مُتخفِّياً / ورأيتُ خطْبَ القومِ عندي أهْوَنا
ومعي وليس معي سِواهُ صاحبٌ / عَضْبٌ أذودُ به الخميسَ الأرْعنا
حتّى رَفعْتُ عن المليحةِ سِجْفَها / يا صحبي فلَوَ انَّ عينَكَ بَيْننا
سَترْتُ مُحيّاها مخافَةَ فِتْنَتي / بنِقابِها عنّي فكانَتْ أفتَنا
وتَجرَّدتْ أطرافُها من زِينةٍ / عَمْداً فكان لها التَجرُّدُ أزْيَنا
وتكاملَتْ حُسْناً فلو قرَنَتْ لنا / بالحُسْنِ إحساناً لكانتْ أحْسَنا
قَسَماً بما زار الحجيجُ وما سعَوا / زُمَراً وما نَحَروا على شَطَّيْ مِنى
ما اعتادَ قلبي ذكْرُ من سكَن الحِمى / إلاّ استطارَ وملَّ صَدْريَ مسكَنا
أمّا الشّبابُ فقد تعاهَدْنا على / ألاّ نَزالَ معاً فكان الأخْوَنا
وتَلَوُّنُ الأيّام علَّم مفرِقي / فِعْلَ الأحبّةِ في الهَوى فتَلوَّنا
يا طالِبَ الثّأْرِ المُنيمِ وسَيْفُه / في الغِمْدِ لا تَحْسَبْ مَرامَك هَيِّنا
أتُراكَ تَملآُ من غرارٍ أجفُناً / حتّى تُفرّغَ من غِرارٍ أجْفُنا
أوَما رأيتَ السَّيفَ وهْو مُسلَّطٌ / ما زال يَحكمُ بالمنايا والمُنى
لمّا ادَّعَى الأقلامُ فَضْلاً عندَه / غَضِبَ الحديدُ فشَقَّ منها الألْسُنا
حتّى إذا زادَتْ بذاك فصاحةُ ال / أقلامِ حارَ النَّصْلُ لمّا أنْ رَنا
وأراد أنْ يُضْحي لساناً كُلُّه / حتّى يُقِرَّ بفَضْلهِ فتلَسَّنا
ولقلّما غَرِيَ الحسودُ بفاضلٍ / مُتَنقِّصاً إلاّ وزيدَ تَمكُّنا
إن كان جاذَبني المُقامَ مَعاشرٌ / فلقد تَخِذْتُ ليَ التَّغرُّبَ مَوْطِنا
ولقد نَزلتُ من الملوكِ بماجدٍ / فَقْرُ الرِّجالِ إليه مِفْتاحُ الغنى
مَلِكٌ إذا ألقَى اللّثامَ لوَفدِه / حُيّوا به حسَناً ورَجَّوا مُحْسِنا
لا يَألَفُ الرّاجونَ غيرَ فِنائهِ / أبداً ففيهِ الظِّلُّ يُشْمَلُ والجَنى
خَضِلُ اليدَيْنِ إذا انتدى ألفيْتَه / كالطَّود يَحتضنُ الغمامَ المُدْجنا
فإذا بدا في لَبّةِ الخيلِ اكْتَسى / وجهُ النّهارِ له نِقاباً أدْكَنا
وإذا تفَرْعنَ من عِداهُ مارِقٌ / أومَى إلى قلمٍ له فتَثَعْبَنا
وجلا اليدَ البيضاءَ في تَوْقيعِه / فتلقَّفَ المُتمرِّدَ المُتفَرْعنا
للهِ دَرُّ بني جَهيرٍ إنّهمْ / جَهَروا بدِينِ المَجْدِ حتّى أُعلِنا
المُرتَقينَ من العلاء مَراقياً / منها السَّماكُ بحيثُ منه أَكُفُّنا
أَعليُّ يا ابْنَ مُحمّدِ بْنَ مُحمّدٍ / نَسَباً منَ الشّمسِ المُنيرة أَبْينا
أَعيا الثُّريّا وهْيَ كَفُّ سمائها / من دَوْحِ مجدِكَ أَن تَناولَ أَغصُنا
وإذا الطّريفُ المجدِ زانَ زمانَه / فعُلاك تالدُه يَزينُ الأزمُنا
لكَ من أَوائلِ وائلٍ جُرثومةٌ / من فَرْعها ثَمرُ المكارمِ يُجْتَنى
تَحْمي الخلافةَ بالوِزارةِ مثْلَما / قد كان يَحْمي العِزَّ قومُك بالقَنا
ومُجيرُ دينِ اللهِ يا ابْنَ أَكارم / ما زال حفْظُ الجارِ منهمْ دَيْدَنا
أَظهرْتَ للمُستَظْهرِ النُّصْحَ الّذي / ما مسَّ عزْمَك دونَ غايتهِ ونَى
وأَبوك قبلَك من أَبيه قبلَه / قد حَلَّ حيث حَللْتَ تَبني ما بنَى
فسقىَ ثَراهُ كجُودِ كفِّكَ يا ابْنَهُ / غيْثٌ ودُمْتَ كذِكْرِه أَبداً لنا
فلأنتَ أَكرمُ مَن تأزَّرَ وارْتَدى / خُلُقاً وأَكملُ مَن تَسمّى واكتنَى
دانٍ من الجاني إذا عافٍ عفا / لكنّه عافٍ إذا الجاني جنَى
طَلْقٌ إذا اكتحلَتْ به عينُ امْرئٍ / برَقتْ أَسرِّةُ وجهِه فتَيمَّنا
ما أرسلَتْ يدُه عِنانَ مُطهّمٍ / إلاّ ويأتيهِ النّجاحُ إذا ثَنَى
للهِ مَقْدَمُه الّذي في يَوْمه / نَذَرَ المَسرَّةَ لا أَجَدَّتْ مَظْعَنا
وطُلوعُه في مَوكبٍ ودَّتْ له / كُلُّ الجَوارحِ لو تَحَوَّلَ أَعيُنا
لمّا بدا والشّوقُ يُدْني مَن نأى / مِن وجههِ والعزُّ يُنْئي مَن دنا
والأرضُ تُلطَمُ من هُنا بسَنابِكٍ / من خَيْلهِ مَرَحاً وتُلثَمُ من هُنا
والتِّبْرُ مِن أَدْنَى دَوامِ نِثارهِ / قد صارَ منه الجَرُّ يُحْسَبُ مَعدِنا
ناط الإمامُ بسَعْيهِ وبرأيِه / أَمراً بقاصيةِ السّعادةِ مُؤْذِنا
وجرَى به فلَكُ الجيادِ فما مضَى / منّا وإن بَعُدَ المدَى حتّى انْثَنى
كالشّمسِ دار على البسيطةِ دَوْرةً / علياءَ فامتلأتْ بهِ الدُّنْيا سَنا
فلْتشكُرَنَّ الدّولتانِ صَنيعةً / إن كان شُكْرُ صنيعِ مثْلكَ مُمْكنا
أَبدأْتَ قُربَهُما بقُرْبيَ فاغْتدَى / سَبَبُ العَلاء به وأَبدَوْا أمْتَنا
ونظَمْتَ شملَهما فدُمتَ ودامَتا / في العِزِّ ما سجَع الحمامُ ولَحَّنا
أمّا الرّجاءُ فلم يَزلْ مُتغرِّباً / حتّى إذا وافَى ذُراك اسْتَوطَنا
ورأيتُ مُبتاعَ المحامدِ راغباً / فجلَبْتُ من دُرِّ القَريضِ المُثْمَنا
فلئنْ أتاك المدْحُ منّيَ رائقاً / فلأنَّ فكْرِيَ من عُلاك تَلقّنا
أمْلَتْ على قلبي بدائعَ وَصْفها / شيَمٌ تُفَصِّحُ في المديح الألْكَنا
والشِّعْرُ يعلَمُ أنّ أحسنَ نَظْمِه / وأجلَّهُ ما قيلَ فيك ودُوّنا
لي حالةٌ عَجُفَتْ فإنْ تُعْنَوْا بها / فجديرةٌ هيَ أنْ تعودَ فَتسْمنَا
ولعلَّ أيّامَ الإقامةِ عندكمْ / آثارُها للنّاسِ تَظْهَرُ عندَنا
فالبدْرُ تحت شُعاعِ طلْعةِ شَمْسه / يَضْنَى إلى ألاّ يبِينَ منَ الضَّنى
ولها إليه على تَجاوُزِ بُرْجِها / في كلِّ يومٍ فَضْلُ نُورٍ يُقْتنَى
فاسلَمْ لنا يا مجدَ دولةِ هاشمٍ / في دولةٍ قَعْساءَ عاليةِ البُنَى
سُرَّتْ بك الدُّنيا وحاش لقَلْبِها / معَ نُورِ وَجْهِك طالعاً أنْ يَحْزَنا
ماذا يُهيَّجُ غُدْوةٌ شَجَني
ماذا يُهيَّجُ غُدْوةٌ شَجَني / من صَوْتِ هاتفةٍ على فَننِ
لم يَبْقَ لي دَمْعٌ فتُجْرِيَه / لم أَنسَ أَحبابي فَتُذْكِرَني
وأنا الفِداءُ لمُقْلتَيْ رشَأٍ / سَلَب الفؤادَ غداةَ ودَّعني
ما ضَمَّني يومَ الرَّحيلِ هَوىً / بلْ كان يُدْنيني لِيُبْعِدَني
تاللهِ لم تَرَ عاشقاً كمَداً / إن كنتَ يومَ البَيْنِ لم تَرَني
والقلبُ يَسْبِقُني وأَتبَعُه / والدَّمْعُ أسرِقُه فيَفْضَحُني
وعلى ركابِهمُ بُدورُ دُجىً / هَيَّجْنَ يومَ تَحمَّلوا حَزَني
بالعيسِ سِرْنَ ولو بكَيْتُ كما / أَمرَ الفراقُ لَسِرْنَ بالسُّفُن
قامَتْ تُودِّعُنا وقد سفَرَتْ / فبدا لنا قَمَرٌ على غُصُن
وجْهٌ إذا هُوَ صَدَّ عن كَلَفٍ / قَرَنَ القَبيحَ بهِ إلى الحَسَن
وعزيزةٌ لدَلالِها نُكَتٌ / تَخْفَى على المُتَأمِّلِ الفَطِن
تَخْشَى سُلوِّي كلّما بَعُدَتْ / فتُقيمُ لي طَيْفاً يُشوِّقُني
وتَغارُ منه إذا أنسْتُ به / فتَهيجُ لي ذِكْراً يُؤَرِّقني
يا صاحبيَّ دعا مَلامَكُما / فسِوى مَلامِكما يُلائمُني
لا تُعْلِماني لا عَدِمْتُكُما / بالدّهرِ إنّ الدّهْرَ عَلَّمني
مارسْتُ أيّامي مُمارسَةً / من لَيّنٍ فيها ومِن خَشِن
وذكرتُ فيها غيرَ واحدةٍ / والنّائباتُ عجيبةُ المِنَن
مَنْ لم يُعرِّفْني الخطابَ ولم / يَكْشِفْهُ لي فالخَطْبُ عَرَّفني
نشَز الجبالُ على مُعانَدتي / ولطالَما كانتْ تأَلَّفُني
وعجيبةٌ يا أصفهانُ إذا / نَظَروا وأنتِ رئيسةُ المُدُن
أنْ تُصْبِحي عَيْنَ البلادِ وما / لي فيكِ إنسانٌ يُلاحظُني
ويُعلِّلُني بصدودهِمْ نَفَرٌ / قد كان وَصْلُهمُ يُعَلِّلُني
ولقد يَهونُ عليَّ هَجْرُهمُ / لو أنّ لي قلباً يُطاوِعُني
دَعْني وذاك فلستُ مُنتهِياً / يا صاحِ إلاّ أنْ يُبَدِّلَنى
دَأْبي ودَأْبُ الدَّهْرِ أَنّيَ مَنْ / قاربْتُه في الوُدِّ باعَدَني
وإذا يَعِزُّ الشَّيْءُ أَطلُبُه / وإذا تركْتُ الشّيْءَ يَطلُبني
ومُصادِقي رَجُلانِ إنْ عُرِفا / من غُرّةِ الإنْصاف والزَّمَن
إمّا صديقٌ لستُ أُنصِفُه / أنا أو صَديقٌ ليس يُنْصِفُني
والدّهرُ أعجِزُ أنْ أُغَيِّرَهُ / وكذاكَ يَعجِزُ أنْ يُغَيِّرَني
يا شامتاً بي حينَ غَيَّر منْ / حالي زَمانٌ مُطْلَقُ الرَّسَن
لا تَقْضِ من أحداثهِ عَجبَاً / طَبْعُ الزّمانِ على العِنادِ بُنِي
ما عِيبَ بي زَمَنٌ تَنَقّصَني / يا حاسدِي بل عِيبَ لي زَمَني
يا خائضاً في الأمرِ وهْو يُحبُّ أن
يا خائضاً في الأمرِ وهْو يُحبُّ أن / تَغدو له عُقْباهُ نَصْبَ العَينِ
اقْرِنْ برأيكَ رأْيَ غيرِك واسْتشرْ / فالحقُّ لا يَخفَى على رَأيَيْن
فالمرءُ مِرآةٌ تُريهِ وجْهَه / ويَرى قَفاهُ بجَمْعِ مرآتَيْن
يا قلبُ تَخلَّ من هُموم وشُجونْ / بادر فُرَصَ الزّمانِ من قَبْلِ يَخونْ
لا تأْسَ فإنَّ حَمْلكَ الهمَّ جُنون / ما قُدّر أن يكونَ لابدَّ يكون
أهواكُمُ وخيالُكمْ يَهْواني
أهواكُمُ وخيالُكمْ يَهْواني / فلقد شَجاهُ فراقُكم وشَجاني
أُضحي أخا سفَرٍ فما ألقاكُمُ / وأبيتُ ذاَ سهَرٍ فما يَلْقاني
ما زلْتُ أحكي في النُّحولِ مِثالَه / حتّى تَناهَى السُّقْمُ بي فَحكاني
فتركْتُ طَيفَكُمُ وقد أفناهُ هِجْ / راني كما هِجرانُكمْ أفناني
ما كان يَدْري ما الحَنينُ مَطيُّنا / حتّى مرَرنَ بأبرَقِ الحَنّان
لمّا أمَلْتُ زمامَ نِضْويَ نَحوَهُ / لأُجيلَ طَرفيَ في رُسومِ مَغان
جَعلَتْ تُناحِلُني الرُّسومُ لَوائحاً / والدّهرُ أبلاها كما أبلاني
ما كان آهِلَها عَشِيّةَ زُرتُها / إلا مَكانُ مَطِيّتي ومكاني
فلو استَمعْتَ إليّ في عَرَصاتِهّا / لعجِبْتَ كيف تَخاطَب الطّلَلان
وسألْتُها أينَ الَّذينَ عَهِدْتُهمْ / ليُجيبَ أو ليُبِينَ بعْضَ بَيان
فثَنى الصَّدى قَوْلي إليَّ بحَرِّها / وبمِثْلِ ما ناجَيْتُه ناجاني
صَدقَ الصّدى أنا والدّيارُ جَهالةً / بالحيِّ مُذْ شَطَّ النَّوى سِيّان
إنّ الذينَ عُهودُهمْ كعُيونِهمْ / عندَ اللّقاء ضعيفةُ الأركان
جَعلوا وما عدَلوا غداةَ تَحكَّموا / دَمْعي الطّليقَ لهمْ وقَلبي العاني
قلبٌ أدار عليهِ طَرْفُكَ كأْسَه / كم جارَ من ساقٍ على نَدْمان
وأنا الفِداءُ لشادنٍ لاحَظْتُه / فسبَى الفؤادَ بناظرٍ فَتّان
قد قلتُ حينَ نظَرتُ فَرْطَ تَعجُّبٍ / وعليه لمّا أن بدا قُرطان
لِمْ نَكَّسوا القُرطينِ لمّا عاقَبوا / في جيدِه والسّاحرُ العَيْنان
بجِوارِ جائرتَيْنِ قد عَلِقا معاً / فهُما بما جنَتاهُ مُرتَهِنان
ما كان أوّلَ سَطوةٍ من ظالمٍ / أخذَ البَريءُ بها فلَجَّ الجاني
والدّهرُ قد يَجْلو عَجائبَ صَرْفِه / حتّى أكونَ مُكذّبِاً لعِياني
ياجَيُّ جئْتُكِ زائراّ وأنا امرؤٌ / ناء عنِ الأوطارِ والأوطان
فقَرَيْتني هَمّاً جُعِلْتُ له قِرًى / إنّ الغريبَ لأُكْلَةُ الأحزان
ضَيفاً إذا اختارَ النُّزولَ بساحتي / كانتْ ملاءُ جِفانِه أجفاني
وإذا سَرَى لم تَهْدِه مَشبوبَةٌ / باللّيلِ إلاّ ما يُجِنُّ جِناني
عافَ السَّديفَ وقد ألمَّ بسُدْفةٍ / فأرادني وأذابَني وغَذاني
وكذا الأكارمُ لو قَرَوْا بلُحومِهمْ / لم يَحْسِبوا مَنناً على الضّيِفان
هل في معاهدِ أصفهانَ وحُسنها / مُتعلَّلٌ لنزيعِ خُوزِسْتان
فَتَق الرّبيعُ بها الكَمائمَ كلَّها / فتَبسّمتْ للنّاسِ عن ألوان
إلاّ فؤادي فالهمومُ تَضُمُّه / عن أن يُطالِعَ منه بِيضَ أمان
أمّا الرّياضُ فقد بدَتْ كمجَالسٍ / مَنْضودةٍ والوُرْقُ فُصْحُ قِيان
والرِّيحُ مثْلُ الرّاحِ بُوكرَ شُرْبُها / والغُصْنُ فيه تَميُّلُ النَّشْوان
وإذا الحَمامُ غدا وراحَ مُكَرِّراً / في الأيك ما يَختارُ من ألحان
فتَرى بنا ما بالغُصونِ إذا شَدَتْ / من شِدّةِ البُرَحاء والأشْجان
تتَشبَّهُ الأغصانُ بالأعطافِ إنْ / غَنّيْنَ والأعطافُ بالأغصان
ما للنّسيمِ ونَى وليس هُبوبُه / في سُحْرةٍ عن أن يَشوقَ بِوان
أعطَى القَنا أيدي الرِّياضِ تَهُزُّها / وكسا الدُّروعَ مَناكبَ الغُدْران
وكأنّه يومَ الهِياجِ مُحَرِّشٌ / يَسعَى لكي يَتصادم الزَّحْفان
وكأنّما بَعثَ البِحارُ إلى الرُبَا / بِيَدِ السَّحابِ وَدائعَ المَرْجان
وحكَى أقاحيها سقيطَ دراهمٍ / وحكَى دنانيراً جنَى الحَوْذان
وشقائقُ النُّعمان تَحكي بَيْنَها / بكمالِ بَهْجتِها خُدودَ حِسان
هيَ للخدودِ النّاعماتِ نَسيبةٌ / شَبَهاً فلِمْ نُسِبَتْ إلى النُّعْمان
وكأنّ كُلَّ شَقيقةٍ مكْحولةٍ / شَرِقَتْ مَحاجِرُها بأحمرَ قان
عَينٌ لإنسانٍ وقد مُلئتْ دَماً / منه فما يَبدو سوى الإنْسان
يَبكى بها شاني الأميرِ مُحمَّدٍ / كَسَداً فتَترُكُه قَريحَ الشّان
والفَضلُ إن يكُ رَوضةً فشَقيقُها / تَحديقُ عَيْنِ الحاسدِ اللَّهفان
لأبي عليٍّ في العلاء ثَنِيّةٌ / لا يَستطيعُ طُلوعَها القَمَران
طلَع الأميرُ مُحمَّدُ بْنُ مُحّمدٍ / شَمْساً لأُفْقِ العَدْلِ والإحْسان
شَرَفٌ لدينِ اللهِ سَمّاهُ الهُدى / وحُلَى الأسامي للرِّجالِ مَعان
لمّا نَمتْه منَ الملوكِ عِصابَةٌ / للدّينِ كانوا أشْرفَ الأعوان
أبناءُ أوّلِ مَعشرٍ لسيوفهم / في الدّهرِ ذَلَّ الكُفْرُ للإيمان
لاثُوا العمائمَ سُؤْدَداً وتَعوَّدوا / بالبِيضِ ضَرْبَ مَعاقدِ التِّيجان
وبِهمْ نَبيُّ اللهِ باهَى عِزّةً / مَن كان مِن عَدْنانَ أو قَحْطان
في يومِ ذي قارٍ غداةَ سُيوفُهمْ / نيرانُ أهْلِ عبادةِ النِّيران
كانتْ كذلك جاهليّةُ مُلكِهمْ / والدَّهرُ إن نظرَ الفتى يَوْمان
وحمَوْا حِمَى الإسلامِ لمّا أنْ بدَتْ / للخُرَّميّةِ ضَربةٌ بجِران
وسعَى أبو دُلَفٍ إلى عَلْياءَ لم / يَدْلِفْ إليها بامْرئٍ قَدَمان
في عُصبةٍ مُضَرِيَّةٍ لكنّهمْ / قد أصحَبوا الأيمانَ كلَّ يَمان
وكتيبةٍ تَطِسُ الحصَى مَلْمومةٍ / تُعْشى إياةَ الشّمسِ بالومَضان
في حيثُ ليس يَهيجُ أطْرابَ الرَّدى / إلا حَنينُ عطائفِ الشِّربان
والخيلُ كالعِقْبانِ تَقْتحمُ الوغَى / فالقْومُ تحتَ قَوادمِ العقْبان
والطّعْنُ يَحْفِر في الكُلَى قُلُباً لها / سُمُرُ القَناَ بَدَلٌ منَ الأشطان
وعلى مُتونِ الخيلِ أحْلاسٌ لها / من كُلُّ مِطْعامِ النَّدى مِطْعان
كُلُّ ابنِ مُنْجِبةٍ بصَدْرِ جَوادِه / في الرَّوْعِ يَغْشَى حَدَّ كُلِ سِنان
ما كان يُرضِعُه لَبانَ حِصانه / لو كان لم يَرضَعْ لِبانَ حَصان
بك يا جمالَ المُلْكِ أضْحَى يَزْدهي / رَأْيُ الوزيرِ ورايةُ السُّلْطان
بأغرَّ يغدو حِلْيةً لزمانِه / وجُدودُه كانوا حُلَى الأزمان
ومُقابَلُ الأطرافِ مُشْتَهِرُ العُلا / والبَيتُ للزُّوَارِ ذو أركان
أمّا العُمومةُ فهْيَ قد فَرعَت به / عَلياءَ يَقْصُرُ دونَها النَّسران
وإذا التفَتَّ إلى الخُؤولة لم تَخَلْ / أحداً يُقارِبُ مَجدَه ويُدانى
عُلْيا بني إسحاقَ فيه إذا انْتَمى / قد سانَدتْ عُلْيا بني شَيْبان
وإذا سألتَ عنِ المكارمِ والعُلا / فلأولٍ من قاسِمَيْهِ وثان
وهما اللّذانِ من سالفَيْ عصرَيهما / رفَعا منارَ المجدِ والدّيوان
فالمجدُ أعشارٌ إذا قَسّمْتَه / والقاسمانِ له هما السَّهْمان
هل كان في الوزراء إلاّ قاسمٌ / ولقد يُزادُ الحَقُّ فَضْلَ بيان
مَن كان خُصَّ بلَثْمِ خَمْسٍ منهمُ / مع ضَربِ خَمسٍ عندَ كُلِّ أذان
أو كالنظامِ وهل جَوادٌ مثْلُه / في الدَّهرِ عمَّ الأرضَ فضْلَ بنان
يُعطي العطايا الباقياتِ وقد مضَى / وعَطاهُ كُلَّ مِن سِواهُ فان
فهما كبيراكَ اللّذانِ كأنّما / كانا بمجدِكَ للورَى يَعِدان
ويكون مثُلك أنت واسطةً إذا / ما كان مثْلَ أولئكَ الطَّرَفان
أمَناطَ آمال تَعُدُّك عُدّةً / للحُرِّ عند طَوارقِ الحَدَثان
وكأنّ نُورَ جَبينِه لعُيونِنا / كَرماً مَخيلةُ عارضٍ هَتّان
نُطْقٌ تظَلُّ الغُرُّ من كَلماتِه / وكأنّها الأقراطُ في الآذان
كَلِفٌ بدُرِّ القولِ مِن مُدَّاحه / يَشْريهِ بالغالي منَ الأثمان
فَضْلاً وإفْضالاً وما جمَع الفَتى / للفَخْرِ مثْلَ العُرْفِ والعِرْفان
وكأنّ أطرافَ اليراعِ تَهزُّها / للخَطْبِ أطرافُ القنا المُتَداني
تتأرَّجُ البَيداءُ من أخبارِهِ / وتضوعُ ساعة مُلْتقَى الرُّكْبان
مِن كُلِّ مَشْبوبِ العزيمة نَحْوَه / مُوفٍ على شَدَنيّةٍ مِذْعان
وَجْناءَ حَرْفٍ ما يزالُ يَمُدُّها / أو يُبدِلَ التّحْريكَ بالإسكان
مُتواضِعٌ للزّائِرينَ ومَجْدُه / مِن رِفعةٍ مُوفٍ على كِيوان
نفَسْي فِداؤك يا مُحمّدٌ من فتىً / راجيه لا يُرمَى بهِ الرَّجَوان
وإذا دَعَوْتُ إلى المُهمِّ أجابنَي / فكَفاهُ لا وانٍ ولا مُتَوان
أولَيتُه وُدّاً وأولاني يَداً / والمجدُ أجمَعُ بَعْضُ ما أَولاني
وأزَرتُه مِدَحي وحاشَ لهِمَّتي / مِنْ أن أُحِلَّ الفضلَ دارَ هَوان
ولئنْ غدَتْ أيّامُ إلْمامي بهِ / مِمّا قَلَلْنَ كقَبسَةِ العَجْلان
فأنا الّذي أُثني على عَلْيائهِ / كثناء حَسّانٍ على غَسّان
إن لم تكُنْ قَدَمي تؤُمُّ فِناءهُ / فلقد جرَى قَلَمي ونابَ لِساني
صَيَّرْتَ خُوزِستانَ حَرْباً قائماً
صَيَّرْتَ خُوزِستانَ حَرْباً قائماً / ونفَيْتَ عنها العَدْلَ والإحْسانا
وتَركْتَ جُملةَ أَهلها وبلادِها / فطلَبْنَ منكَ ومن يدَيْكَ أَمانا
أَبقاَك مَجْدُ المُلْكِ يَحْسَبُ أَنّك / تَكْفي الأمورَ وتَنصَحُ السُّلطانا
ويكونُ مثْلُكَ معْ حقارةِ قَدرِه / سَنتَيْنِ يَرفعُ دَخْلَ خُوزِسْتانا
وتُصيبُ كُلَّ ذخيرةٍ ووديعةٍ / ويَمُرُّ ذلك كلُّه مَجّانا
كَلاّ فَمجْدُ المُلْكِ أبعدُ هِمّةً / وأَتَمُّ تَدبيراً وأَعظَمُ شانا
ليُقطِّعَنَّ قفاكَ سَوْطُ عَذابِه / وتُقاسيَنَّ عقابَه ألوانا
ولتأْخُذَنَّ كما أَخذْتَ سَويّةً / لا إثْمَ في هذا ولا عُدْوانا
ذهَباً وفَرْشاً فاخراً وجواهراً / وسَوابقاً مِلْءَ العُيونِ حِسانا
ترُضي بها السُّلطَانَ والخاتونَ والْ / أُمراءَ والأجنادَ والأعوانا
عَشَراتُ آلافٍ تُقيمُكَ صاغراً / من حَبْسَةٍ ونَقولُ زِنْها الآنا
حتّى تكونَ وأَنت أَحقَرُ كائنٍ / كأبيكَ كلْباً سَفْلةً وَزّانا