القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 88
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله / عن ظهرها كرماً به فأجابا
عن إذن خالقها دعتْه لنفسها / فلذاك لبى طائعاً وأنابا
قد ألبسته من الترابِ لغيرة / قامت بها حباً له جلبابا
مما تحب مقامه في بطنها / ألقتْ عليه جنادلاً وترابا
حتى يقيم بها إلى اليوم الذي / يُدعى ليحضر موقفاً وحسابا
فيفوز بالخير الأعم ويعتلى / نحو الكثيب ليبصر الأحبابا
إني لأجهل ذات من علمي بها
إني لأجهل ذات من علمي بها / عين الجهالةِ فالعليم الجاهلُ
فإذا طلبتُ بحارَ معرفتي بها / جاءتْ بحارٌ ما لهن سواحلُ
ما يشغلُ الألبابَ إلا ذاتها / فقلبنا في الذات شغلُ شاغل
ما نالها من نالها إلا بها / وبما لها فهي المنال النائل
ما قلت قولاً في الوجود محققاً / إلا وأنت هو المقول القائل
فانظر بعيني ما تراه فإنه / عيني على التحقيق وهو الحاصل
لا تفصلوا بيني وبين أحبتي / إن المحب هو الحبيبُ الفاصل
إني مررت بغادة في روضة / ترعى الخزامى لم يرعها حابل
تصطاد لا تُصطاد فهي فريدةٌ / في شانها فصفاتُها تتقابل
لو أنها ظهرت بنعت مقامها / حازتْ أعاليها لذاك أسافلُ
العلم مني بالإله فريضتُه / فأنا الفريضة والحبيبُ نوافلُ
وبذا أتى وحي الإله لسمعنا / في نطقه وهو الصَّدوق القائلُ
ما مرّ بي يومٌ أراه بناظري / يمضي بنا إلا ويأتي الآجل
ما قسم الدور الذي لا قسمة / في ذاته إلا الحجاب الحائلُ
فيقال ليلٌ قد أتاه نهاره / ليزيله وهو المزيل الزائل
فإذا ظهرت لمستوى نعتي له / لم تبد أعلامٌ هناك فواصل
فرأيتُ أمراً واحداً لا تمتري / فيه العقولُ وخيره لك شامل
فلمثل هذا يعمل الشخص الذي / هو في الحقيقة بالشريعة عامل
وهو الذي فاق الوجودَ تظرُّفاً / وتصرُّفا وهو الشخيصُ الكامل
صغرته في اللفظ تعظيماً له / وهو المكبر والغنيّ العائل
فهو المجيبُ إذا سألت جلاله / وإذا أجبت نداه فهو السائل
فالأمر بين تردّ وتحيرّ / وتماثلٍ وتقابلٍ متداخل
سفرت عن الشمسِ المنيرة إذ علت / فوق العماءِ فحار فيها الداخلُ
لله نورٌ كالسراجِ يمدّه / وهن التقابل بالنزاهة يأفل
مثلٌ أتاك ولم تكن تدري به / والضاربُ الأمثال ليس يماثل
لا يقبل الإنسانُ علمَ وجودِه / إلا به فهو العليُّ السافل
ولما در في فضل معن مدخل / وأبان سحبان الفصاحة باقلُ
نفسُ الثناء أسماؤه وهي التي / ظهرتْ بنا ولنا عليه دلائل
لو لم يكن ما كان ثم بعكسه / قالت بما قلناه فيه أوائل
لولا منازلُنا لقلتُ معرِّفاً / لك يا منازلُ في الفؤادِ منازل
إن النجومَ إذا بدت أنوارها / هي في السماء لمن يسير مشاعل
يسري لنور ضيائها أهلُ السُّرى / أهلُ المعارجِ في العلوم أفاضل
وضعت يدي للمهتدين وزينة / للناظرين فسوقة وأقاول
إني أحامي عن وجود حقيقتي / بحقيقةٍ عنها اللسان يناضلُ
لا يعرفُ الحق المبين لأهله / إلا الإمام اليثربيّ العادل
لا تعذلوا من هام فيه محبة / قد أفلح الراضي وخابَ العاذلُ
والمحصناتُ المؤمنات أعفة / لا ترمهنّ فإنهنّ غوافل
يا مصغياً لنصيحتي لا تغفلن / وأعمل بها فالخاسر المتغافل
واحذر نداءَ الحقِّ يومَ ورودكم / عند السؤالِ بعلمه يا غافل
المنزلُ المعمورُ إن أخليته / عن ساكنيه هو المحلُّ الآهلُ
لا يعرف القدرَ الذي قد قلته / في نظمنا إلا اللبيبُ العاقل
القولُ قولُ الشرعِ لا تعدِل به / زُهر النُّهي عند الحقيقةِ ذابلُ
تجري على حكم الوجودِ قيودُه / فهو المحبُّ المستهامُ الناحل
لا تأملْ إلا من ينفذ حكمه / قد خاب من غير المهيمن يامل
من كان موصوفاً بكل حقيقةٍ / كونيةٍ هو للمعارفِ قابل
لا تنفرد بالعقلِ دون شريعةٍ / روضِ النهى عند الشريعة ما حل
واعكف على علم الحقيقةِ / كلٌّ إلى علمِ الحقيقة آثل
لا يقبلُ الإلقاء إلا عاقلٌ / فإذا تخلّى عنه ما هو عاقل
بيني وبين أحبتي سمر القنى / عند الحمى وتنائف ومجاهل
للحقِّ في الأكوانِ حدٌ يعلم
للحقِّ في الأكوانِ حدٌ يعلم / وهو الذي يدريه من لا يعلمُ
خلقته أفكار لنا بقلوبنا / أين الإله متن الحدوثِ الأقدم
وتنوّعَ التفصيلُ فيه لعزة / لعقولنا والأمر ما لا يفهم
لو أنهم سكتوا وقالوا لم نجد / حدّاً به يقضى عليه ويحكم
غير استناد وجودنا لوجودِه / جاؤوا بما عنه الوجودُ يترجمُ
لا تعتقد غير الذي تتلوه في / النص الذي نطق الكتابُ المحكم
وعليه فاعتمدوا وقولوا مثل ما / قد قاله عن نفسه واستلزموا
واعبد إله الشرع لا تعبد إله / العقل وانقادوا إليه وسلِّموا
فالناسُ مختلفون في معبودهم / فمنزه معبودهم ومجسِّم
وبذا أتت أقواله عن نفسه / فتراه ما يبنى يعود فيهدم
والحقُّ حقٌ والتناقضُ حاصلٌ / في نفسه وهو السبيل الأقوم
قد قاله الخراز مصرحاً / واحتج بالآي التي لا تكتم
فالق الإله بكل عقد لا تقف / مع واحدٍ فيفوت عنك فتندمُ
كيف السبيلُ لنيلِ ما قلنا وقد / مجته ألبابٌ وصموا ما عموا
لم يستند أحد إلى عدم وما / عرف الوجودَ وحكمه مستلزم
ماذا يروم العهدَ لم يظفر به / فهو الغني به الفقيرُ المعدم
فهو القوي إذا قضى
فهو القوي إذا قضى / وهو القوي إذا منحْ
فالحمدُ لله الذي / بهما على قلبي فتح
إني رأيتُ الحقَّ وال / ميزان في يده رجح
فسألته ما يبتغي / فأجاب ما يدري فصح
قولُ الخلائق كلهم / إن الكريم له المنح
ما زلت أعبده له / والمؤمنين ومن صلح
من ليس يعبده كذا / بين الخلائق يفتضح
وإذا فهمت مقالتي / زند المشاهد ينقدح
فترى الذي قد قلته / من نور زندك قد وضح
فاقدح زنادَ وجوده / فالكشف فيه لمن قدح
إني نصحتكم وقد / أدَّى الأمانة من نصح
إنّ الإله له تجلٍّ في الصور
إنّ الإله له تجلٍّ في الصور / عند الشهود لمن تحقق بالنظر
بتحوُّلٍ وتبدُّلٍ يَقضي به / عينُ الشهود لنا وينفيه النظر
الفكر فيه محرَّم في شرعنا / فاحذره والزم إنْ تقدمتَ النظر
من ينتظر نفحاته من يصيب / هذا ضمنت لمن يلازمه النظر
إني مع الرحمنِ إن حققت ما / جئنا به عند التحقيق في نظر
أين العزيز ومن له في نفسه / صفةُ الغنى ممن يذل ويفتقر
إني العَماءُ ولا عَماءَ لذاتي
إني العَماءُ ولا عَماءَ لذاتي / وأنا الذي أتى ولست بآتي
إن كان من نبغيه عين وجودِنا / فلمن أنا أو من يكون الآتي
ما في الوجودِ سوى الوجودِ وإن / عينٌ ترى في النفي والإثباتِ
ما تبصر الأشياء إلا عينها / فبها تراها وهي عينُ الذاتِ
عينُ الجهولِ هو العليم وإنَّ ذا / علمٌ قريبٌعند كلِّ موات
عين التولُّدِ النكاح محقَّقٌ / فالأمر بين أبوَّةٍ وبَناتِ
والأمر كالأعدادِ ينشء عينها / الواحد المعقولُ في الآيات
تعطيه ألقاباً ويعطيها به / أكوانها بشهادة الاثبات
هو واحد ما لم يحدّ بسيره / فإذا يسافر فهو في الأموات
لولا التنقُّل لم نكن ندري به / ألقاب أعداد وعين ثبات
هو عينها لا غيرها فتكثّرت / بوجودهِ فيها وذكر سمات
البنتُ يغشاها ابوها وهي قد / ولدته ذا من أعجبِ الآياتِ
سند الوجودِ معنعنٌ ما فيه من / خرمٍ ولا قطع ولا آفاتِ
لولا قبولي ما رأيت وجودي
لولا قبولي ما رأيت وجودي / وبه مننت عليّ حال شهودي
إياي فانظر في معالم حكمتي / يدري بهل من كان أصل وجودي
وبها تميز من كتابي كونه / ولما قضى في علمه بمزيدِ
وهو الغنيُّ ولستُ أعرف ذاته / إلا به وتجلُّ عن تحديدي
لما علمنا جودَه بوجودِه / بالافتراق خرجتُ عن توحيدي
الله يعلم أنني ما كنته / أو كأنني إلا بخدِّ جدودي
جرَّدت عن أسمائه وصفاته / ووجودِه ووجوهه بحدودي
لولا اعترافي بالذي هو نشأتي / ما قلتُ بالتليثِ والتفريد
سبحان من هو نائبٌ في خاتمه
سبحان من هو نائبٌ في خاتمه / عنهم وهم نوابه في خلقهْ
فالفِعل مشتركٌ بظاهرِ خلقه / حِسّاً وإيماناً بموجبِ حقِّه
فالحسُّ يشهد أنه من خلقه / والكشفُ يسهد أنه من حقه
وكلاهما عدلٌ وصدقُ مرتضى / فيما يقول بحالِه وبنطقهْ
جاء الكتابُ به فأيد قولنا / وهوالدليل لنا عليه لصدقِهْ
الله يخلقنا ويخلقُ فعلنا / والأمر مستورٌ بما في حقه
الأمر بالتدبير يجري حكمه / ويقولُ ذو الأوفاق ذاك بوقفه
الاتفاق بجهلنا بحصولِ ما / في علمه سبحانه في خلقه
إن الوجودَ وجودَ ربك لا تقل
إن الوجودَ وجودَ ربك لا تقل / فيما تراه من الوجودِ برمتهْ
خلقاً فذاك الخلقُ في أعيانها / واقسمه فالعلم الصحيح بقسمتهْ
هبت عليك إذا قسمتَ وجودَه / قسماً صحيحاً نفحته من قسمته
أنا لا فضل أمّة خرجتْ لنا / من أجل شخصٍ إنني من أمَّته
لما تقسمتِ المراتبُ كلها / أبدى لك التحقيقُ صحةَ قسمته
سلخ النهار لعينِ كلِّ محققٍ / سلخاً يشعشعُ نورَه من ظلمته
أبداه للأبصار بعد حجابه / والليلُ مستورٌ بخالصِ حكمته
من ضمه أعطاه كلَّ مكتم / من علمه كشفاً له في ضمته
ظن اللعينُ قصدَّقوا ما ظنه / فيهم فقابله الرحيم برحمته
إلا القليلُ فإنهم عضموا بما / شكروا لما أولاهمُ من نعمته
فلذاك زادهم الإله أيادياً / واختص من كفرِ النعيم بنقمته
فإذا وفي العبد المطيع بعهده / لله قامَ له الإله بحرمته
لولا الكذوب لما علمت محققاً / شرف الذي خص الإله بعصمته
كالأنبياءِ ومن جرى مجراهمُ / من وارثٍ أمنوا بها من فصمته
يغتم من يدري الذي قد قلته / لمقالتي ونجاته في غمتهْ
وبهمّ بي فيردّه تنينه / عني فيرجع همه عن همته
الكون كور عمامة عمَّتْ به / رأسَ الوجودِ ونحن داخلَ عمته
فانظر تر ما نحن فيه فإنه / علم يعزُّ فحصلّوه لبهمته
نهمٌ يحصله ويعلمُ أنه / مع أنه قد حازه في نهمته
لا يرتوي ظمئانٌ فاهُ فاغرٌ / ريانُ لا يشكو الجواد لحشمته
إن الوجودَ لمن تحقق علمُه / ذوقٌ ترى أشياخه في علمته
صحَّ المزاجُ فصحَّ منه قبولهم / علماً بقدر إمامه وبقيمته
كبِّر إلهك فالإله كبير
كبِّر إلهك فالإله كبير / والخلق إن حقرته فكبيرُ
ولذاك جاء بوزن أفعل فاعتبر / في لفظ أكبر فالمقامُ خطير
لا تحقرنَّ الخلقَ إن مقامه الت / عظيم والتعزيز والتوقيرُ
فهو الدليل على مكوّن ذاته / فله التصوُّر ما له التصوير
فإذا ذكرت الله وحِّد ذاته / فمقامها التوحيد ولها التكثير
ولتكثير النسب التي ثبتت له / فهو الوحيد وإنه لكثير
فهو المريد وجودنا من عينه / وإذا أراد وجودنا فقدير
وهو المكلم والمناجي عبدَه / بالطورِ في النيران وهو النور
وهو السميعُ هو البصيرُ بخلقه / وهو العليم بما علمتَ خبير
إني رأيت قصيدتي ديباجةً / فيها نُضارٌ رقمُها وحرير
أوّلتها أسماءه ونعوته / فلها على كلِّ الوجوهِ ظهورِ
ذكرى إلهي ليس عن نسيانِ
ذكرى إلهي ليس عن نسيانِ / لكن عبادة مُنعمٍ محسانٍ
إني على نفسي مننتُ بذكره / وكذاك فعلُ مُحقق إنسان
إن الرجالَ لهم شبابُ زمانة / كالشمسِ في حملٍ وفي نيسان
الله قوّاهم على تكليفه / إياهمُ في دولة الميزان
بعناية النبي الكريمِ المصطفى / خيرِ الخلائقِ من بني عدنان
لما سمعتُ به سلكت سبيله / وكفرتُ بالطاغوتِ والطُّغيان
عقداً وإيماناً فإنَّ وجودَه / في عينها بشهادةِ الإحسان
وبذا قضى أن لا تكون عبادةُ / الإله في مُحكم القرآنِ
فورثته قولاً وعلماً والذي / كلفت من عمل ومن إيمان
حفظَ المهيمنُ دينه بقواعدَ / خمسٍ لما فيه من السُّلطان
لما تعدَّى حفظه أعيانَها
لما تعدَّى حفظه أعيانَها / حفظاً إلهياً إلى الجيرانِ
فبنيت إسلامي عليها محكماً / أركانه فيحل من بنياني
الله كرَّمنا بدولة أحمد / كرماً يعم شرائعَ الإحسانِ
شهدتْ بذلك نيتي وطويتي / وإن امترى في ذلك الثَّقَلان
لما سرى سرّ الوجودِ بجودِه / في عالم الأرواح والأبدان
شهدتْ حقائقه بأنَّ وجودَه / قد عمنا في الحكم والأعيان
لما التفت بناظري لم أطلع / إلا إليه فإنه بعياني
لو كان ثَم سواه كنت مُقسماً / بين الإله وعالمِ الأكوان
فانظر لما تحوي عليه قصيدتي / من كل علم قام عن برهان
لو أن رسطاليس أو أفلاطناً / في عصرنا لأقرَّ بالحرمان
من عدَّل الميزان يعرف قولنا / ويقرُّ بالنقصانِ والخسران
لا تُخسِرُوا الميزانَ إنَّ عقولكم / دون الذي أعنيه في الرجحان
اقرأ كتاب الله فاتحةَ الهدى / فجميع ما يحويه في العنوان
إنَّ الإله الحقّ أعلم كونها / عين الصلاة وإنها قسمان
لما قرأتُ كتابه في خلوةٍ / معصومة من خاطرِ الشيطانِ
عاينتُ فيه مَعالماً بدلائل / لا يَمتري في صدقها اثنان
لوأنّ عبدَ الفكر يشهدُ قوانا / لم ينتطح في سرِّنا عَنزان
لكنهم لما تعبد فكرُهم / ألبابَهم بعدوا عن الفُرقان
إن تتق الله الذي يجعل لك / الفرقان بين الحقِّ والبُهتان
لو وفقوا ما لفقوا أقوالَ من / لعبوا بهم كتلاعبِ الوِلدان
والكلُّ في التحقيقِِ أمرٌ واحدٌ / في أصله بالنص والبرهان
نطقتْ بذلك ألسنٌ معلومة / بإصابةِ التحقيق في التبيان
لو أنهم شهدوا الذي أشهدته / ما قام في ألبابهم حكمان
لعبتْ بهم أهواؤهم فهمُ لها / عند اللبيبِ كسائرِ الحيوان
إنَّ النجاةَ لمن يقلِّد ربّه / فيما أتاه به وهم صنفان
صنفٌ يراه شهودُ عينٍ دائماً / أو في حجابٍ عنه وهو الثاني
لولا شهودي ما عرفت وجودي
لولا شهودي ما عرفت وجودي / فامنن عليّ فأنتَ شهيدي
وعلامتي اني وجودَكم / من حيث ما هو بغيرِ مزيد
ودليل ما قد قلته من جهلنا / من ذاتكم أني جهلت وجودي
قل للذي اعتبر الوجودَ مِثالاً
قل للذي اعتبر الوجودَ مِثالاً / هل نال منه العرفون مَنالا
لا و الذي خضع الوجودُ لعزِّه / ما زادهم إلا عمىّ وضلالا
فإذا عجزتَ عن المنال علمتَه / بالعجز ليس بما اعتبرتَ مثالا
قد حاز من جعل المثالَ دليلَه / للعلمِ بالله العظيمِ خبالا
فيراه تاجاً في الرؤوس مكللاً / ويراه في رجلِ الرجالِ نعالا
ورأيته عند اللجينِ مخلصاً / للناظرين وفي النضار ذُبالا
لا تقطعن بما ترى من صورة / فالشمسُ وقتاً قد تكون هلالا
ما سمى البدرُ المنير هلاله / إلا كبرته إهلالا
حلاك تعظيمُ التشهُّد ذاته / من خلقِه سبحانه وتعالى
وتحوزُ منه مكانةً علويةً / بعلومها ومراتباً وكمالا
دارت رحى الألباب في طلبِ الذي / ما زال في أرحى العقول ثفالا
فيرى مطيهمُ لذاك من الوجى / تشكو عياءً عنده وكَلالا
في مهمه قطع السُّرى أنياطها
في مهمه قطع السُّرى أنياطها / قطعاً وزادهم العِيان مضلالا
فإذا ظفرت به فلست بظافرٍ / وتقول فيما تدعيه محالا
من يدَّعي علمَ الصفاتِ فإنه / لا يعرفُ الإدبار والإقبالا
من يدَّعي التصريف في أحكامه / قد ظنَّ ظَناً أنَّ فيه مُحالا
هيهاتِ كيفَ ومن يكيف ذاته / فهو الذي يغتالُ اين اغتالا
لما رأيتُ وجودَه من خلقه / نوراً وأنصبه الكيانُ ظِلالا
أيقنت أن الأمر فيه تحيُّر / عند اللبيبِ يهيج البَلبَالا
ويقول أهل الكشف فيه بأنه / تفصيله لا يقبلُ الإجمالا
ولذاك أنزلهم وهم في ملكه / دون الملوك أئمة أقيالا
يدعون في لحن الشريعةِ والهدى / بالوارثين الكل الرسالا
فهمُ بأرجاءِ الوجودِ مذانب / وجعافر قد أرسلوا إرسالا
ولو أنهم في كلِّ علمٍ جامعٍ / قد جرروا عجباً به أذيالا
الله كرَّمهم بعلمِ وجودِه / وسقاهمُ كاسَ العلومِ زُلالا
من كان تكملُ ذاتُه بسواها
من كان تكملُ ذاتُه بسواها / فهو الذي بالمحدثاتِ يضاهى
الحقُّ أعظمُ أن يكون كمثلِ ما / قد قال بعض الناسِ فيه فضاهى
أكوانُه بصفاته وتباهى / في ذاك إعجاباً بها وتناهى
من يقبلِ الأإيار كان سواها / وهي التي ثبتْ لمن سوَّاها
عند المنازعِ للمحققِ والذي / ما زال ينكر كونها أشباها
فانظر إلى هذي العقول من الذي / قد كان أثبتها فما أعماها
الكبرياءُ رداءُ من سجدت له
الكبرياءُ رداءُ من سجدت له / كلُّ الجباه وسخَّر الأقيالا
أنت الردآء وعلمكم بمن ارتدى / علمٌ لذا لا يقبلُ الإشكالا
وصفُ النفوسِ جزاؤها وهذا أتى / نصُّ الكتابِ ففصَّلوا الإجمالا
ولتتخذ إنْ كنتَ تعقل قولنا / وصف الإله لما يرون مَجالا
إن البيانَ لذي عمى في نفسه / ما زاده إلاّ عمى وضلالا
لو يدري ذو السمعِ السليمِ مقالتي / ونصيحتي عن حكمها ما زالا
وبدتْ له كالشمسِ تشرق بالضحى / ورأى عليه نورها يتلالا
ما يصدق الكنز الذي يجدونه / العارفون يرون ذاك مُحالا
ختم الإله على قلوبِ عبادِه / إنْ لا يكونوا كِبراً ضَلالا
وإن أظهروا إضلالهم وتكبروا / فالعالمون يرون ذاك خَيالا
فلذاك يظهر ذله في موقف / ويذله ربُّ الورى إذلالا
كالذر ينشرُه الإله بموقفٍ / ليذوقَ فيه خزيه ونكالا
لما تكبّر بدرُه في ذاته / لحق الصَّغارُ به فعاد هلالا
لا بل أزال الحقُّ عنه ضياءَه / مَحقاً فكان المحْقُ فيه وَبالا
لو يشهدون كما شهدت مقامه / رفعوا له أصواتهم إهلالا
وأفادهم ما قد رأوه شهادة / وتربة في قلبه ونوالا
لا يشهد البدرَ المنير هلالا / إلا عيونٌ أبصرَته كمالا
لما بدا للعينِ خلفَ حجابه / كنت الحجابَ له فكنت حجالا
ورأى الذي عاينته من حكمة / في ستره عمن يريد فشالا
لنراه حتى لا نشك بأنه / هو عينه فأتى الحجاب زوالا
فعلمتُ أنَّ الأمر لا ينفك عن / ستر عليه وكان ذاك ظِلالا
العرشُ ظلُّ الله في ملكوته / وبذا أتت أرساله أرسالا
تاه الذين تحيَّروا في ذاته / عجباً بذاك وجرّروا الأذيالا
وتقدَّسوا لما تقدس عندهم / وأنالهم تقديسهم إجلالا
ما عظم الأقوام غير نفوسهم / في عينه سبحانه وتعالى
لما علمت بأنني متحيِّر / فينا وفيه ما رددت مقالا
وعلمتُ أن العجزَ غايةٌ علمنا / بوجودِه سبحانه وتعالى
فموحد ومشرك ومعطِّل / ومشبِّه ومنزِّه يتغالى
حتى يكذبَ ما يقولُ بنفسه / عن نفسِه ويردَّه إضلالا
قد كنتُ أحسب أنَّ في أفكارنا / عين النجاةِ لمن أراد وصالا
حتى قرأتُ كتابه وحديثه / عن نفسه في ضربه الأمثالا
فعلمت أن الحقَّ في الإيمان لا / في العقل بل عاينت ذاك عقالا
في آية الشورى تحارُ عقولُنا / وتواصل الأسحار والآصالا
إن كنتَ مشغوفاً برؤية ذاته / فاقطع إليه سباسباً ورمالا
حتى تراه وما تراه بعينه / إن التنزبه يباعد الأشكالا
مثل الذي جاء الكتابُ بنصه / في رميه بتلاوتي الأنفالا
إن اللبيبَ يحاز في تكييف من / هو مثله وينازلُ الأبطالا
لله بيتٌ بالحجاز محرَّمٌ / لا يدخل الإنسانُ فيه حلالا
ما إن رأيتُ له إذا حققته / حقاً يقيناً في البيوتِ مثالا
قد أذنَ الرحمن فيه بحجه / فاتوه رُكباناً به ورجالا
بيت رفيع بالمكانةِ سابقٌ / أضحى له البيتُ الضراحُ سَفالا
هو للدخول وذا يُطاف بذاته / كالعرشِ أصبحَ قدره يتعالى
والقلبُ أشرف منه في ملكوته / ملك الوجود وحازَه أفضالا
لولا اتساعُ القلبِ ما وسع الذي / ضاقَ السما عنه فأصبح آلا
بالقيعة المثلى من أرضِ وجودِنا / ولذا كنى عنه بلا وبلالا
لا شيءَ يشبهه لذاك وجدته / في الفقدِ منصوباً لكم تمثالا
وفاكم الرحمن فيه حسابكم / قولاً وعقداً منةً وفعالا
لا يلتفتُ من قال فيه إنه / يفري الكلى ويقطع الأوصالا
بالحفظ كان وجودُه لمكانه / ولذاك يحمل عنكم الأثقالا
لولا وجودي ما عرفت وجوده / ولذاك كنتُ لكونه مغتالا
من بحثه كان اغتيالي كننه / فالبحثُ لي وله علوٌّ حالا
أمسيت فيه لكونه ذا عزة / دون الأنام مخادعاً محتالا
لما رأيت الأمر يعظم قدرُه / ورأيته يزهو بنا مختالا
حصلت أسبابُ الخداع بذلة / وتمسكن فيه فزدت دلالا
إذلاله إذلاله لوجودِنا / فلذاك لم تظفر به إذلالا
لولا وجودُ صفاتِه في غيره / مشهودةٌ ببراعةِ ما نالا
إن الإله يغار أن يُلقى به / فبكفركم قال الذي قد قالا
لما تأهل بالذي ما زلته / أصبحت للأمر العظيم عيالا
وأتى الحديثُ بثرة وبنظمه / فشربتُ ماء كالحياةِ زُلالا
الله أعظم أنْ يحيط بوصفه / خلقٌ ولو بلغ السماءَ ونالا
ما ناله أهلُ الوجودِ بأسرهم / من نعته سبحانه وتعالى
العجز يكفيهم وقد بلغوا المنى / والجاهل المغرور مَن يتغالى
لا تغل في دينِ الشريعةِ إنه / قد جاء فيه نهيه وتوالى
من خطابُ النهى في أسماعنا / حتى رأينا نورَه يتلالا
لا تغلُ في دينِ الحقيقةِ والنقل / في الله ما قال الإله تعالى
فهو اعتقادُ المؤمنين فلا تزد / إذ بلغوا في ذلك الآمالا
الصومُ لله العظيمِ بشرعه
الصومُ لله العظيمِ بشرعه / وإذا أضيف إليَّ كان مُحالا
الصومُ لله الكريمِ وليس لي / لكن إذا ما صمته وتعالى
عن صومنا فيكون ذاك الصوم لي / نقصاً وفي حقِّ الإله كمالا
إنّ الصيامَ له العلوُّ جلالة / صام النهارُ إذا النهار تعالى
وعلوّ قدر العبد فيه خضوعُه / حتى يكون من الخضوع سَفالا
والفِطر لي بالكسر وهو حقيقتي / فإذا فتحت جعلته المحلالا
الأمر في الثقلِ الحقير كمثل ما / هو في العظيم فدبّر الأثقالا
لا ترض بالأعلى إذا لم ترتقي / فيه من الأدنى وكن جوّالا
نال المدبر رتبةً علوية / عند الإله بحمله الأثقالا
من كان بدراً كاملاً في ذاته / علماً يصيِّره المحاقُ هِلالا
عند المحقق في المحاق كماله / في ذاته فكماله ما زالا
الشمسُ تظهر حكمها في عنصر / ظلماته من نورها تتلالا
من بعد ا ألقت عليه سماؤها / ماءً له سرُّ الحياةِ زُلالا
شغف السهاد بمقلتي ومزاري
شغف السهاد بمقلتي ومزاري / فعلى الدموع معوَّلي ومشاري
قال ابنُ ثابت الذي فخرتْ به
قال ابنُ ثابت الذي فخرتْ به / فقرُالكلامِ ونشأةُ الأشعار
شغف السهادُ بمقلتي ومزاري / فعلى الدموعِ معوَّلي ومشاري
فلذا جعلتُ رويه الراء التي / هي من حروف الردِّ والتكرار
فأقولُ مبتدئاً لطاعة أحمد / في مدح قومٍ سادةٍ أخيار
إني امرؤ من جملة الأنصار / فإذا مدحتهمُ مدحتُ نجاري
لسيوفهم قام الهدى وعلتْ بهم / أنواره في رأس كلِّ منارِ
فاموا بنصر الهاشميّ محمدٍ / ألمصطفى المختارِ من مختار
صحبوا النبيّ بنيةٍ وعزائم / فازوا بهنَّ حميدة الآثار
باعوا نفوسهمُ لنصرةِ دينه / ولذاك ما صحبوه بالإيثار
لهمُ كنى المختار بالنفس الذي / يأتيه من يمن مع الأقدار
سعد سليل عبادة فخرت به / يومَ السقيفةِ جملةُ الأنصار
لله آسادٌ لكلِّ كريهةٍ / نزلتْ بدينِ الله والأبرار
عزوا بدين الله في إعزازهم / دين الهدى بالعسكر الجرّار
فيهم علا يوم القيامةِ مشهدي / وبهم يرى عند الورود فخاري
لو أنني صغتُ الكلامَ قلائداً / في مدحهم ما كنت بالمكثار
كرش النبي وعيبة لرسوله / لحقت به أعداؤه بتبار
رُهبان ليلٍ يقرأونَ كلامه / آساد غابٍ في الوغَى بنهار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025