المجموع : 67
علم الإباء وأحكم الشعراء
علم الإباء وأحكم الشعراء / هذا عزاء الوامقين عزائي
أطلعتهم في كل أرض أنجما / من وحيك المتفنن الوضاء
واليوم ليس لهم سواك ملاذهم / مهما لجأت للوعة وبكاء
منك استمد العارفون يقينهم / فلديك ملجؤهم وخير عزاء
يا من رأى مثلي المنية صورة / للعيش لا تجزع من الأرزاء
ولو أن موت الأم أفدح نكبة / ويصل فيه تفلسف الحكماء
أمم العروبة كلها محزونة / لأساك يا من خصها بوفاء
وبنى لها شم الخوالد شعره / بمعالم الإرشاد والإيحاء
فيم البكاء وفي المنية رحمة / حين الظلام مفوّق بضياء
أنى نظرت ترى المناحة حولها ال / أعراس والأحباب في الأعداء
ولئن شقيت من الجحود فإنني / آثرت أن أحيا مع الشهداء
فتلق بطش الدهر غير مروع / فالدهر معتنق لكل غباء
واجرع كما جرعت فرط جحوده / واصبر فحسبك غاية العلياء
من كان مثلك في سماء نوغه / يسمو على الأعصار والأنواء
ويرى الخلود المعنويّ كفاءه / ويحقر التخليد في الأعضاء
يا سلم خير أن نراك مزعزعا
يا سلم خير أن نراك مزعزعا / من أن نرى للحرب سوقا بيننا
يا جاعل النيران جنات لنا / ومطهر الإنسان حتى آمنا
لا تلقنا يأسا وصبرا ربما / علمتنا وصقلتنا فخلقتنا
إن كنت ترجونا الفداء فكن لنا / بعض الفدى فنرى السعادة والغنى
يا نفحة الأرباب حين تجاوبوا / والفن فابتدعوا سناك فهيمنا
إن تبق حارسنا رفعت نفوسنا / وإلى الحضيض نزل إما فتنا
ولئن تمادى الأشقياء بغبننا / فكن الملاذ ولا تسوغ غبننا
إن نحن ضعنا ضعت أنت وإن تصن / آمالنا صانتك كنزا يقتنى
ويجيء يوم للحياة مقدّس / فتكون معبود الحياة المعلنا
لولاك كانت مثل أشباح الردى / بجهنّم لا مثل أطياف المنى
فأجب دعاء للبرية شاملا / من قد أساء لنا ومن قد أحسنا
لا أرتضيه لكم ولا أرضاكمو
لا أرتضيه لكم ولا أرضاكمو / فحياة الاستقلال ما أحياكمو
هو خطوة عرجاء مهما حبّذت / فدعوا المحبذ أن يكون سواكمو
إن القيود وإن تفك ثقيلة / فلتطرحوها طرح من عاداكمو
ودعوا الرصاص ينام عاما واحدا / حتى يجلجل بعد ذاك نداكمو
بعض السكون هو التاهب للوغى / فتنظروها فهي سوف تراكمو
لا تحسبوا الضليل أصبح هاديا / لو يستطيع لهدكم ورثاكمو
لكنه احترف الدعارة فاغتدى / من تبصرون كأنما أغناكمو
لا غنم للأوطان حين عداتكم / ساداتكم وإذا الفتات غذاكمو
أهل الحضارة من قديم أنتمو / فمن الدعي ليستبيح علاكمو
أيقال إنكمو محط حماية / لهوانكم فمن الذي أدناكمو
حاشا وربي أنكم ساداتهم / لو ينصفون رجالكم ونساكمو
لا بد في الغد من قيام جموعكم / لحسابهم إن يومكم أنساكمو
سرق الغشوم بلادكم وإذا به / صار الوصي عليكم لأذاكموا
أو أنتمو من يستنيم لمكره / حاشا وبين جموعكم شهداكمو
يا شعر من ترجو تحسب أنه
يا شعر من ترجو تحسب أنه / أولى بحبك أو بعيد باهر
ولدت أزاهير الربيع بعيده / فتضمّخت منه بنفح عاطر
ومشى الجمال مواكبا بحقوله / علويّة مثل المسيح الطاهر
جاءت عقود سنينه بتراثها / للعارفين به عقود جواهر
أنسيته يا شعر حاشا أن ترى / في الجاحدين لماهد ولماهر
ضحى وضحى باسما أو صابرا / حتى مشى للصلب أكرم صابر
هيهات تنسى كيف تنسى مبدعا / نجواه كالإيمان ملء خواطر
من ساح في دنيا الفنون ولم يزل / السائح القهار غير مفاخر
من أبدع القصص العجيبة مثلما / خلقت بإبداع الإله القادر
من سلسل الأنشاء سمفونية / أخاذة وملاحما للساحر
من أرجع التاريخ بين دروسه / عبرا وأوقفه مكان الحاضر
من علم الآداب إنسانية / شعت بإشراق الصباح لثائر
من لقّن الإيثار دينا للورى / كأخيه واستبقا استباق الغافر
من فلسف الشعر الذي غنى به / فشدت جداوله كبحر زاخر
من ظل يحسب جده ومزاحه / كالآيتين لمؤمن ولكافر
عبد المسيح العبقريّ وحسبه / في العبقرية خلق شهم نادر
أنا التففنا حول أمجاد له / مثل التفاف السفن حول منائر
أو كالتفاف النحل لما أولعت / بالشهد حول معاسل لأزاهر
جئنا نعيّد شاكرين وربما / يدري جلال العيد غير الشاكر
والشمس قد يشكو نفوذ شعاعها / عان ويصغرها حليف صغائر
الأربعون ونيف من عمره / مثلت بهذا العيد مثل بشائر
توحي الجديد لنا وقبلا طالما / أوحت ولم تبرح كفلك دائر
من فاته إبداعها قد فاته / إشعاعها النفاذ خلف ستائر
أرثي له أضعاف ما يرثي لنا / ولئن تمادى في رقاعة ساخر
فالحق لا تخفيه ضلة ساخر / كالله لا تنفيه غضبة فاجر
الصيف أين هو الحبيب فما أرى
الصيف أين هو الحبيب فما أرى / وهجا ينمّ عليه أو أحلاما
الجو تخنقه الدموع لوحشة / والشمس أرهقا الغمام خصاما
من صدّه عنا ونحن رعيّة / ولم أستبدّ بنا وكان إماما
أيجيء موعده بسخر جائر / ويكون مولده الأغر ظلاما
لمن الأزاهير الحسان تبرّجت / والنحل والحشرات إذ تتسامى
ولمن تعطّرت الطيوف وهوّمت / وتجاوبت بنفوسنا أنغاما
أمشرّد عنّا وتلك ربوعه / فعلام بشّرنا الربوع علاما
نهفو إلى الدفء الجميل فلا نرى / إلا الشتاء الساخر اللواما
وكأنما هذي المناظر كلها / وهم وتمثيل طغى وترامى
أنا من يفتّش عن محاسن ناقدي
أنا من يفتّش عن محاسن ناقدي / فأذيعها كمحاسن لجناني
حب الجمال أراه فوق خصومة / وأرى الجمال موزّع الإحسان
وأرى الحقيقة لا تحدّ فما لنا / نهوى التعصب في غرور جان
لم لا نفتش في شعور مخلص / للحق دون تحزّب وهوان
ليست أنانية الحياة جميلة / كلا ولا عجز الضرير الواني
وإذا تأملت الخلاف وجدتهُ / يحوي بذور الحق للإنسان
كوَّنتَ ألباباً وسستَ عقولا
كوَّنتَ ألباباً وسستَ عقولا / فتلقَّ أنت وفاءها المعقولا
ودرست فلسفة (الحياة) وزدتها / شرحا، فحيِّ بيانها المأهولا
في العيش مثل الموت عمرك هكذا / عمرٌ يزيد على التألق طولا
إن أنس لا أنس الوداع وحرقة / في النفس أورثت الجنان ذهولا
فسخطت من غدر (الطبيعة) ناسيا / سنن (الطبيعة) والحياة الأولى
وأنا الذي ناجاك طول حياته / وقد انتقلتَ ولم أزل مشغولا
بالأمس حيرني الفراقُ وهدني / واليوم تلهمني الصوابَ حلولا
فأراك في هذا الوجود أشعة / وعقيدة ومآثرا وميولا
صورٌ تبين لباحثٍ متبصر / وتعاف من خذل الحياة جهولا
صرّوفُ والدنيا حديث ضيافة / قد كنت للبذل العظيم رسولا
منح من الآداب والعلم الذي / ترك الوجود مهذبا مصقولا
دعني أحدث عن خلالك أولا / فالمرء كان بخلقه مكفولا
لا خير في أدب لمن لم يتخذ / من طبعه طبعا ومنه أصولا
وحييتَ أنت بنهج خلقك مؤمنا / وعرفت للقول السديد فعولا
فسكنتَ في برج الجلال مؤهلا / ورقيت إيمانا، وجزت فحولا
خلق ينم عن الأزاهر للنهى / عزما، ولكن لا يصيب ذبولا
يفتر بالإخلاص في إحسانه / فندوم نعشق حسنه المبذولا
جم التواضع في كرامة عالم / تخذ التواضع ستره المقبولا
مبتسم لجليسه في هزة / تسقى الحديث مرنقا معسولا
شم الخلال وديعة وكريمة / مثل الجبال إذا انحدرن سهولا!
مثل الطبيعة في تبسط لطفها / نشرت على بسط المروج غسولا
وحبت مجملة الثمار شهية / عرضا ولم تترك لنا مأمولا
كان المحدث لا يمل إطالة / وعصمت من طبع يعد ملولا
كالنبع جياشا بمتعة عاشق / لحديثه، أو كالبواسق طولا
تحنو على النظار عند تأمل / وتجيب ما بقي السؤال سؤولا
لم ينسك المال الذي أحرزته / بالفضل حقا للورى مجهولا
فوضعت مالك جنب علمك نفحة / للناس في صحف وقين نحولا
وجعلتها مثل الزكاة سخية / تحيي مواتا أو تعيد طلولا
ما كنت في هذي الحياة ممثلا / بل كنت من وضع الفخار فصولا
خمسون عاما بل أجل بذلتها / بذل الكواكب نورها المسؤولا
ما بين معركة وبين سكينة / تركت بشتاتك العدو خجولا
وكسبت بالإخلاص كل مكرم / شيم الرجال عقيدة وميولا
درر من الأخلاق كانت ثروة / كبرى ولم تسب الورى لتحولا!
صروف ما فينا المعزي: كلنا / فقد العزاء ودمعه المطلولا
عشت (المسيح) لنا، وكنا كلنا / رسلا، ودمت على الهدى مجبولا
وشكرتنا قبل الوداع، ولم يكن / شكر الوداع بظننا (اليوبيلا)
هذي صحائفك اليتيمة لم تجد / شرفا تخص بها وكنت بخيلا
عصمتك أحكام العلوم من الهوى / وحبتك من حسب الجنان أثيلا
نقبت في الأجيال عن أسرارها / ونشرتها جيلا لديك فجيلا
لا (آدم) المأثور صدك عن هدى / بحثا، ولا أغني اليقين فتيلا
من كل (مقتطف) تنوع بحثه / وتوحدت أبحاثه تنزيلا
من كل سفر حجة بفنونه / ما فيه فن قد يراك دخيلا
ما كان منطقك الحكيم مسخرا / للوهم مهما سامنا تقتيلا
هيهات يذعن للمظاهر وحدها / ولكم أقام على الدليل دليلا
علم وفلسفة وفن سائغ / حولتها لنعيمنا تحويلا
بعبارة خلابة غلابة / تروي المدارك كوثرا وشمولا
وتبحر يعيا الجريء بجهده / ما فات للبحث الجريء سبيلا
في ذورة الأفلاك أو بطن الثرى / أو عالم الأحلام كان نزيلا
لا شيء يحسبه الحقير وإنما / وجد الوجود بما حواه جليلا
فيرتل الآيات ملء بلاغة / تستأهل الإصغاء والترتيلا
داع إلى أقصى التأمل مثلما / جعل التفاؤل للحياة دليلا
وإذا الحياة كبت فذاك لأنها / فقدت قبيل عثورها التأميلا
عشرات آلاف الصحائف قد شدت / بحجاك واستبقت حجاك زميلا
آراء جبار وحكمة كاهن / وكتاب إعجاز يشع مديلا
نظرت له (الأحقاب) من أسفارها / في حيرة مما وصفن رحيلا
فكأنما (...) كنت مصاحبا / أسفارها فرسمتها تحليلا!
ومفاخر (الآثار) وهي شهيدة / فخرت بعلمك موئلا ومقيلا
ومظاهر (العمران) وهي كثيرة / في (الشرق) لم تعدم لديك خليلا
و (الفكر) وهو لنا قوام حضارة / بجلته حتى استعز نبيلا
لم تلقه عرضا، ولم تأنس به / طمعا، ولم تبذل له تطفيلا
بل كنت ملجأه الحصين ومبعثا / للنور في بلد أسيء طويلا
تغذوه بالذهن البصير مصارحا / للحق لا تتصيد التهليلا
متتبعا نهج الصواب، مجافيا / نهج الغلو، وإن أصبت قليلا
حتى تركت مني (الحقيقة) وحدها / تهدي لرأسك شكرها إكليلا
ما ضر مثلك أن يخص بحبها / لو فات من حب الأنام قبيلا
لكن ظفرت بحبها وبحبنا / وعدمت في القدر الأعز مثيلا
من عهد (إسماعيل) في إجلاله / مسعاك زدت بشبل (إسماعيلا)
وطويت عمرك دون من أو منى / إلا الوفاء لما غرست ظليلا!
يا ابن (الصحافة) ثم شيخ قضاتها / والمحسن التبيين والتدليلا
ومعلما بشبابه ومشيبه / تسمو بسيرته الأيادي الطولى
(لبنان) (كالحدث) الذي ولدت به / هذي الشمائل لا يباهي النيلا
كلا ولا (بردى) ولا (الدنيا) التي / أمتعتها مما منحت جزيلا
إن أنت إلا عالميٌّ: مهده / كل (الوجود) فلم يعش مغلولا
بل كان أهلا للبرية كلها / لا يعرف الإيثار والتفضيلا
إلا الرعاية للفقير المجتبي / جدواه، لا يبقى بها مخذولا
كم أمة هذبتها ووهبتها / محض الشهاد وزدتها تأهيلا
فإذا انتسبت فما انتسبت حقيقة / إلا لفضل لم يكن مجهولا
أما الممالك والعباد فإنهم / عرفوك جَمْعاً فاتحا ورسولا
كل يراك زعيمه وصديقه / ومواطنا وسلاحه المسلولا
وأرى خيالك ما يزال عزيزهم / يأبى عن النهج القويم مميلا
متمثلا في همهم وشؤونهم / فيحل معضلة ويصلح قيلا
وبريق عينيه يشف كعزمه / عن حد ذهن لن يموت قليلا
وجبينه الوقاد مطلع نورهم / وجلالة حفظوا لها التكليلا
أعددت ثورات وقدت كتائبا / للرأي ثم نصرتها موصولا
ما خانك الإقدام يوما والألى / عشقوك إن خان الزمان ذليلا
فبلغت مجدك بالمواهب وحدها / تقتاد شبانا بها وكهولا
أين الذين يتابعونك حاملا / علم الشباب فيزدهي محمولا؟!
ما كنت تغفل جهدنا وحقوقه / بل كنت ترعى حرمة وأصولا
وتشجع البطل الصغير ليعتلي / وتصغر الرجل الحسود مهولا
لك في دمي حق الوفاء فخلني / أحيي كما يرضى الوفاء جميلا
كرّمت لي أدبا كأنك موجدي / أو عشت للأدب الجديد كفيلا
في جم إخلاص وجم صراحة / لا تقبل التغرير والتمثيلا
ولكم تحكم جاهل أو عابث / ومن المصائب أن نطيع كليلا
و (الجهل) في دست الزعامة نكبة / لن تنمحي عذرا ولا تأويلا
تخذ (الصحافة) للمهازل مهنة / فأثار داء في النفوس وبيلا
فمحرما طورا زهور مؤلف / ومحاربا همم الشباب عجولا
ومرتلا آنا مديح نقائص / لولا المدائح لم تكن لتجولا
قد كنت عونا (للنبوغ) وطالما / أردى (النبوغ) الحاسدوه قتيلا
أبكيك في شعري، وفي نثري وفي / فكري، كما أبكي الرياض حيولا
وأكفكف العبرات، لكن شأنها / باق، فدمعي لن يزال همولا
ومن المدامع ظاهر ومحجب / ما كل وجه نائح مبلولا
تجري الدموع الخافيات بخاطري / وبكل إحساسي هوى مبذولا
وتفيض من قلمي فأنظم هكذا / هذا النظيم عواطفا متبولا
وأؤبن (الفضل) الذي لإبائه / لا فاضلا نلقى ولا مفضولا!
والآن هل تكفي شؤون يراعتي؟ / حبس العواطف قد يكون قتولا
هيهات تكفي فالنظيم وحرقتي / يتبادلان مناحة وعويلا
أرثي فأرثي فيك أنفس ما ارتقى / ذهني وأحلامي له تبجيلا
من بهجة (الإنسان) في استعلائه / خلقا وفكرا مسعفا وجميلا
ومن انتهاء (العبقرية) و (الحجى) / لنهاية تستوجب التنزيلا
ومن (التسامح) في الحياة وقلما / عرف (التسامح) في الحياة خليلا
أسفي على هذا الفراق وإن يعد / هذا (النبوغ) مجددا تشكيلا
وأقلب الطرف الحزين فما أرى / إلا الورى والموت والترميلا
يا جنة (الفيوم) كيف، جزيتنا / نارا وحزنا فادحا وثقيلا
قد راح يلتمس الشفاء فخنته / كم كان روضك (...) مليلا
أسفي! أجل أسفي يدوم فلا تطل / عتبا علي فلم تكن لتطيلا
ما فاتني قبل (التفاؤل) هكذا / أو كنت أشعر بالحياة ذليلا
ولقد بدأت إلى (العلى) مستغفرا / ثم انتهيت إلى الشجون عليلا
عبثا أحاول أن أهدّئ لوعتي / هيهات أشفي للدموع غليلا
سخطي على (الدنيا) وأقبح هزلها / سخط يثير تأججا وصليلا
وأنا الذي يا طالما غازلتها / طربا، وكنت لها كذاك وصولا
مرت شرابا بعد حلو مذاقها / وجنت على أشهى الثمار أصيلا
لم أشك قبلك من يقيني هكذا / وكأنما صار (اليقين) مهيلا
وكأنما هذا (الوجود) بأنسه / أمسى بداجية المصاب محيلا!
لم لا أنوح في رثائك حسرة / أرثي لها نفسي وأرثي الجيلا؟!
ما كنت أجزع (للممات) وإن قسا / حتى رحلت فسامني تذليلا
أرثي العصامي العظيم المبتني / مثل (الثبات) لمن يهون ملولا
أرثي الخلود وما الخلود بدائم / في صورة، بل يتبع التعديلا
ما بين إيمان به وبضده / كم نتعب التفسير والتعليلا
أرثي وأبكي والأنام جميعهم / كالنبت يهضمه الزمان أكولا
الفيلسوف كجاهل، وكلاهما / يفني، وما عرف الممات ذهولا
وقليل ثأري أن مثلك فقده / جعل (القضاء) المستعز خجولا!
وعظيم صبري أن وحيك ملهمي / صبرا، وعلمك لم يزل منقولا
سقراط قبلك والمسيح كلاهما / ضحكا من الموت الخؤون مهولا
وضحكت أنت من الأساة معزيا / همما تناجيك المدى وعقولا