القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 67
علم الإباء وأحكم الشعراء
علم الإباء وأحكم الشعراء / هذا عزاء الوامقين عزائي
أطلعتهم في كل أرض أنجما / من وحيك المتفنن الوضاء
واليوم ليس لهم سواك ملاذهم / مهما لجأت للوعة وبكاء
منك استمد العارفون يقينهم / فلديك ملجؤهم وخير عزاء
يا من رأى مثلي المنية صورة / للعيش لا تجزع من الأرزاء
ولو أن موت الأم أفدح نكبة / ويصل فيه تفلسف الحكماء
أمم العروبة كلها محزونة / لأساك يا من خصها بوفاء
وبنى لها شم الخوالد شعره / بمعالم الإرشاد والإيحاء
فيم البكاء وفي المنية رحمة / حين الظلام مفوّق بضياء
أنى نظرت ترى المناحة حولها ال / أعراس والأحباب في الأعداء
ولئن شقيت من الجحود فإنني / آثرت أن أحيا مع الشهداء
فتلق بطش الدهر غير مروع / فالدهر معتنق لكل غباء
واجرع كما جرعت فرط جحوده / واصبر فحسبك غاية العلياء
من كان مثلك في سماء نوغه / يسمو على الأعصار والأنواء
ويرى الخلود المعنويّ كفاءه / ويحقر التخليد في الأعضاء
يا سلم خير أن نراك مزعزعا
يا سلم خير أن نراك مزعزعا / من أن نرى للحرب سوقا بيننا
يا جاعل النيران جنات لنا / ومطهر الإنسان حتى آمنا
لا تلقنا يأسا وصبرا ربما / علمتنا وصقلتنا فخلقتنا
إن كنت ترجونا الفداء فكن لنا / بعض الفدى فنرى السعادة والغنى
يا نفحة الأرباب حين تجاوبوا / والفن فابتدعوا سناك فهيمنا
إن تبق حارسنا رفعت نفوسنا / وإلى الحضيض نزل إما فتنا
ولئن تمادى الأشقياء بغبننا / فكن الملاذ ولا تسوغ غبننا
إن نحن ضعنا ضعت أنت وإن تصن / آمالنا صانتك كنزا يقتنى
ويجيء يوم للحياة مقدّس / فتكون معبود الحياة المعلنا
لولاك كانت مثل أشباح الردى / بجهنّم لا مثل أطياف المنى
فأجب دعاء للبرية شاملا / من قد أساء لنا ومن قد أحسنا
لا أرتضيه لكم ولا أرضاكمو
لا أرتضيه لكم ولا أرضاكمو / فحياة الاستقلال ما أحياكمو
هو خطوة عرجاء مهما حبّذت / فدعوا المحبذ أن يكون سواكمو
إن القيود وإن تفك ثقيلة / فلتطرحوها طرح من عاداكمو
ودعوا الرصاص ينام عاما واحدا / حتى يجلجل بعد ذاك نداكمو
بعض السكون هو التاهب للوغى / فتنظروها فهي سوف تراكمو
لا تحسبوا الضليل أصبح هاديا / لو يستطيع لهدكم ورثاكمو
لكنه احترف الدعارة فاغتدى / من تبصرون كأنما أغناكمو
لا غنم للأوطان حين عداتكم / ساداتكم وإذا الفتات غذاكمو
أهل الحضارة من قديم أنتمو / فمن الدعي ليستبيح علاكمو
أيقال إنكمو محط حماية / لهوانكم فمن الذي أدناكمو
حاشا وربي أنكم ساداتهم / لو ينصفون رجالكم ونساكمو
لا بد في الغد من قيام جموعكم / لحسابهم إن يومكم أنساكمو
سرق الغشوم بلادكم وإذا به / صار الوصي عليكم لأذاكموا
أو أنتمو من يستنيم لمكره / حاشا وبين جموعكم شهداكمو
يا شعر من ترجو تحسب أنه
يا شعر من ترجو تحسب أنه / أولى بحبك أو بعيد باهر
ولدت أزاهير الربيع بعيده / فتضمّخت منه بنفح عاطر
ومشى الجمال مواكبا بحقوله / علويّة مثل المسيح الطاهر
جاءت عقود سنينه بتراثها / للعارفين به عقود جواهر
أنسيته يا شعر حاشا أن ترى / في الجاحدين لماهد ولماهر
ضحى وضحى باسما أو صابرا / حتى مشى للصلب أكرم صابر
هيهات تنسى كيف تنسى مبدعا / نجواه كالإيمان ملء خواطر
من ساح في دنيا الفنون ولم يزل / السائح القهار غير مفاخر
من أبدع القصص العجيبة مثلما / خلقت بإبداع الإله القادر
من سلسل الأنشاء سمفونية / أخاذة وملاحما للساحر
من أرجع التاريخ بين دروسه / عبرا وأوقفه مكان الحاضر
من علم الآداب إنسانية / شعت بإشراق الصباح لثائر
من لقّن الإيثار دينا للورى / كأخيه واستبقا استباق الغافر
من فلسف الشعر الذي غنى به / فشدت جداوله كبحر زاخر
من ظل يحسب جده ومزاحه / كالآيتين لمؤمن ولكافر
عبد المسيح العبقريّ وحسبه / في العبقرية خلق شهم نادر
أنا التففنا حول أمجاد له / مثل التفاف السفن حول منائر
أو كالتفاف النحل لما أولعت / بالشهد حول معاسل لأزاهر
جئنا نعيّد شاكرين وربما / يدري جلال العيد غير الشاكر
والشمس قد يشكو نفوذ شعاعها / عان ويصغرها حليف صغائر
الأربعون ونيف من عمره / مثلت بهذا العيد مثل بشائر
توحي الجديد لنا وقبلا طالما / أوحت ولم تبرح كفلك دائر
من فاته إبداعها قد فاته / إشعاعها النفاذ خلف ستائر
أرثي له أضعاف ما يرثي لنا / ولئن تمادى في رقاعة ساخر
فالحق لا تخفيه ضلة ساخر / كالله لا تنفيه غضبة فاجر
الصيف أين هو الحبيب فما أرى
الصيف أين هو الحبيب فما أرى / وهجا ينمّ عليه أو أحلاما
الجو تخنقه الدموع لوحشة / والشمس أرهقا الغمام خصاما
من صدّه عنا ونحن رعيّة / ولم أستبدّ بنا وكان إماما
أيجيء موعده بسخر جائر / ويكون مولده الأغر ظلاما
لمن الأزاهير الحسان تبرّجت / والنحل والحشرات إذ تتسامى
ولمن تعطّرت الطيوف وهوّمت / وتجاوبت بنفوسنا أنغاما
أمشرّد عنّا وتلك ربوعه / فعلام بشّرنا الربوع علاما
نهفو إلى الدفء الجميل فلا نرى / إلا الشتاء الساخر اللواما
وكأنما هذي المناظر كلها / وهم وتمثيل طغى وترامى
أنا من يفتّش عن محاسن ناقدي
أنا من يفتّش عن محاسن ناقدي / فأذيعها كمحاسن لجناني
حب الجمال أراه فوق خصومة / وأرى الجمال موزّع الإحسان
وأرى الحقيقة لا تحدّ فما لنا / نهوى التعصب في غرور جان
لم لا نفتش في شعور مخلص / للحق دون تحزّب وهوان
ليست أنانية الحياة جميلة / كلا ولا عجز الضرير الواني
وإذا تأملت الخلاف وجدتهُ / يحوي بذور الحق للإنسان
كوَّنتَ ألباباً وسستَ عقولا
كوَّنتَ ألباباً وسستَ عقولا / فتلقَّ أنت وفاءها المعقولا
ودرست فلسفة (الحياة) وزدتها / شرحا، فحيِّ بيانها المأهولا
في العيش مثل الموت عمرك هكذا / عمرٌ يزيد على التألق طولا
إن أنس لا أنس الوداع وحرقة / في النفس أورثت الجنان ذهولا
فسخطت من غدر (الطبيعة) ناسيا / سنن (الطبيعة) والحياة الأولى
وأنا الذي ناجاك طول حياته / وقد انتقلتَ ولم أزل مشغولا
بالأمس حيرني الفراقُ وهدني / واليوم تلهمني الصوابَ حلولا
فأراك في هذا الوجود أشعة / وعقيدة ومآثرا وميولا
صورٌ تبين لباحثٍ متبصر / وتعاف من خذل الحياة جهولا
صرّوفُ والدنيا حديث ضيافة / قد كنت للبذل العظيم رسولا
منح من الآداب والعلم الذي / ترك الوجود مهذبا مصقولا
دعني أحدث عن خلالك أولا / فالمرء كان بخلقه مكفولا
لا خير في أدب لمن لم يتخذ / من طبعه طبعا ومنه أصولا
وحييتَ أنت بنهج خلقك مؤمنا / وعرفت للقول السديد فعولا
فسكنتَ في برج الجلال مؤهلا / ورقيت إيمانا، وجزت فحولا
خلق ينم عن الأزاهر للنهى / عزما، ولكن لا يصيب ذبولا
يفتر بالإخلاص في إحسانه / فندوم نعشق حسنه المبذولا
جم التواضع في كرامة عالم / تخذ التواضع ستره المقبولا
مبتسم لجليسه في هزة / تسقى الحديث مرنقا معسولا
شم الخلال وديعة وكريمة / مثل الجبال إذا انحدرن سهولا!
مثل الطبيعة في تبسط لطفها / نشرت على بسط المروج غسولا
وحبت مجملة الثمار شهية / عرضا ولم تترك لنا مأمولا
كان المحدث لا يمل إطالة / وعصمت من طبع يعد ملولا
كالنبع جياشا بمتعة عاشق / لحديثه، أو كالبواسق طولا
تحنو على النظار عند تأمل / وتجيب ما بقي السؤال سؤولا
لم ينسك المال الذي أحرزته / بالفضل حقا للورى مجهولا
فوضعت مالك جنب علمك نفحة / للناس في صحف وقين نحولا
وجعلتها مثل الزكاة سخية / تحيي مواتا أو تعيد طلولا
ما كنت في هذي الحياة ممثلا / بل كنت من وضع الفخار فصولا
خمسون عاما بل أجل بذلتها / بذل الكواكب نورها المسؤولا
ما بين معركة وبين سكينة / تركت بشتاتك العدو خجولا
وكسبت بالإخلاص كل مكرم / شيم الرجال عقيدة وميولا
درر من الأخلاق كانت ثروة / كبرى ولم تسب الورى لتحولا!
صروف ما فينا المعزي: كلنا / فقد العزاء ودمعه المطلولا
عشت (المسيح) لنا، وكنا كلنا / رسلا، ودمت على الهدى مجبولا
وشكرتنا قبل الوداع، ولم يكن / شكر الوداع بظننا (اليوبيلا)
هذي صحائفك اليتيمة لم تجد / شرفا تخص بها وكنت بخيلا
عصمتك أحكام العلوم من الهوى / وحبتك من حسب الجنان أثيلا
نقبت في الأجيال عن أسرارها / ونشرتها جيلا لديك فجيلا
لا (آدم) المأثور صدك عن هدى / بحثا، ولا أغني اليقين فتيلا
من كل (مقتطف) تنوع بحثه / وتوحدت أبحاثه تنزيلا
من كل سفر حجة بفنونه / ما فيه فن قد يراك دخيلا
ما كان منطقك الحكيم مسخرا / للوهم مهما سامنا تقتيلا
هيهات يذعن للمظاهر وحدها / ولكم أقام على الدليل دليلا
علم وفلسفة وفن سائغ / حولتها لنعيمنا تحويلا
بعبارة خلابة غلابة / تروي المدارك كوثرا وشمولا
وتبحر يعيا الجريء بجهده / ما فات للبحث الجريء سبيلا
في ذورة الأفلاك أو بطن الثرى / أو عالم الأحلام كان نزيلا
لا شيء يحسبه الحقير وإنما / وجد الوجود بما حواه جليلا
فيرتل الآيات ملء بلاغة / تستأهل الإصغاء والترتيلا
داع إلى أقصى التأمل مثلما / جعل التفاؤل للحياة دليلا
وإذا الحياة كبت فذاك لأنها / فقدت قبيل عثورها التأميلا
عشرات آلاف الصحائف قد شدت / بحجاك واستبقت حجاك زميلا
آراء جبار وحكمة كاهن / وكتاب إعجاز يشع مديلا
نظرت له (الأحقاب) من أسفارها / في حيرة مما وصفن رحيلا
فكأنما (...) كنت مصاحبا / أسفارها فرسمتها تحليلا!
ومفاخر (الآثار) وهي شهيدة / فخرت بعلمك موئلا ومقيلا
ومظاهر (العمران) وهي كثيرة / في (الشرق) لم تعدم لديك خليلا
و (الفكر) وهو لنا قوام حضارة / بجلته حتى استعز نبيلا
لم تلقه عرضا، ولم تأنس به / طمعا، ولم تبذل له تطفيلا
بل كنت ملجأه الحصين ومبعثا / للنور في بلد أسيء طويلا
تغذوه بالذهن البصير مصارحا / للحق لا تتصيد التهليلا
متتبعا نهج الصواب، مجافيا / نهج الغلو، وإن أصبت قليلا
حتى تركت مني (الحقيقة) وحدها / تهدي لرأسك شكرها إكليلا
ما ضر مثلك أن يخص بحبها / لو فات من حب الأنام قبيلا
لكن ظفرت بحبها وبحبنا / وعدمت في القدر الأعز مثيلا
من عهد (إسماعيل) في إجلاله / مسعاك زدت بشبل (إسماعيلا)
وطويت عمرك دون من أو منى / إلا الوفاء لما غرست ظليلا!
يا ابن (الصحافة) ثم شيخ قضاتها / والمحسن التبيين والتدليلا
ومعلما بشبابه ومشيبه / تسمو بسيرته الأيادي الطولى
(لبنان) (كالحدث) الذي ولدت به / هذي الشمائل لا يباهي النيلا
كلا ولا (بردى) ولا (الدنيا) التي / أمتعتها مما منحت جزيلا
إن أنت إلا عالميٌّ: مهده / كل (الوجود) فلم يعش مغلولا
بل كان أهلا للبرية كلها / لا يعرف الإيثار والتفضيلا
إلا الرعاية للفقير المجتبي / جدواه، لا يبقى بها مخذولا
كم أمة هذبتها ووهبتها / محض الشهاد وزدتها تأهيلا
فإذا انتسبت فما انتسبت حقيقة / إلا لفضل لم يكن مجهولا
أما الممالك والعباد فإنهم / عرفوك جَمْعاً فاتحا ورسولا
كل يراك زعيمه وصديقه / ومواطنا وسلاحه المسلولا
وأرى خيالك ما يزال عزيزهم / يأبى عن النهج القويم مميلا
متمثلا في همهم وشؤونهم / فيحل معضلة ويصلح قيلا
وبريق عينيه يشف كعزمه / عن حد ذهن لن يموت قليلا
وجبينه الوقاد مطلع نورهم / وجلالة حفظوا لها التكليلا
أعددت ثورات وقدت كتائبا / للرأي ثم نصرتها موصولا
ما خانك الإقدام يوما والألى / عشقوك إن خان الزمان ذليلا
فبلغت مجدك بالمواهب وحدها / تقتاد شبانا بها وكهولا
أين الذين يتابعونك حاملا / علم الشباب فيزدهي محمولا؟!
ما كنت تغفل جهدنا وحقوقه / بل كنت ترعى حرمة وأصولا
وتشجع البطل الصغير ليعتلي / وتصغر الرجل الحسود مهولا
لك في دمي حق الوفاء فخلني / أحيي كما يرضى الوفاء جميلا
كرّمت لي أدبا كأنك موجدي / أو عشت للأدب الجديد كفيلا
في جم إخلاص وجم صراحة / لا تقبل التغرير والتمثيلا
ولكم تحكم جاهل أو عابث / ومن المصائب أن نطيع كليلا
و (الجهل) في دست الزعامة نكبة / لن تنمحي عذرا ولا تأويلا
تخذ (الصحافة) للمهازل مهنة / فأثار داء في النفوس وبيلا
فمحرما طورا زهور مؤلف / ومحاربا همم الشباب عجولا
ومرتلا آنا مديح نقائص / لولا المدائح لم تكن لتجولا
قد كنت عونا (للنبوغ) وطالما / أردى (النبوغ) الحاسدوه قتيلا
أبكيك في شعري، وفي نثري وفي / فكري، كما أبكي الرياض حيولا
وأكفكف العبرات، لكن شأنها / باق، فدمعي لن يزال همولا
ومن المدامع ظاهر ومحجب / ما كل وجه نائح مبلولا
تجري الدموع الخافيات بخاطري / وبكل إحساسي هوى مبذولا
وتفيض من قلمي فأنظم هكذا / هذا النظيم عواطفا متبولا
وأؤبن (الفضل) الذي لإبائه / لا فاضلا نلقى ولا مفضولا!
والآن هل تكفي شؤون يراعتي؟ / حبس العواطف قد يكون قتولا
هيهات تكفي فالنظيم وحرقتي / يتبادلان مناحة وعويلا
أرثي فأرثي فيك أنفس ما ارتقى / ذهني وأحلامي له تبجيلا
من بهجة (الإنسان) في استعلائه / خلقا وفكرا مسعفا وجميلا
ومن انتهاء (العبقرية) و (الحجى) / لنهاية تستوجب التنزيلا
ومن (التسامح) في الحياة وقلما / عرف (التسامح) في الحياة خليلا
أسفي على هذا الفراق وإن يعد / هذا (النبوغ) مجددا تشكيلا
وأقلب الطرف الحزين فما أرى / إلا الورى والموت والترميلا
يا جنة (الفيوم) كيف، جزيتنا / نارا وحزنا فادحا وثقيلا
قد راح يلتمس الشفاء فخنته / كم كان روضك (...) مليلا
أسفي! أجل أسفي يدوم فلا تطل / عتبا علي فلم تكن لتطيلا
ما فاتني قبل (التفاؤل) هكذا / أو كنت أشعر بالحياة ذليلا
ولقد بدأت إلى (العلى) مستغفرا / ثم انتهيت إلى الشجون عليلا
عبثا أحاول أن أهدّئ لوعتي / هيهات أشفي للدموع غليلا
سخطي على (الدنيا) وأقبح هزلها / سخط يثير تأججا وصليلا
وأنا الذي يا طالما غازلتها / طربا، وكنت لها كذاك وصولا
مرت شرابا بعد حلو مذاقها / وجنت على أشهى الثمار أصيلا
لم أشك قبلك من يقيني هكذا / وكأنما صار (اليقين) مهيلا
وكأنما هذا (الوجود) بأنسه / أمسى بداجية المصاب محيلا!
لم لا أنوح في رثائك حسرة / أرثي لها نفسي وأرثي الجيلا؟!
ما كنت أجزع (للممات) وإن قسا / حتى رحلت فسامني تذليلا
أرثي العصامي العظيم المبتني / مثل (الثبات) لمن يهون ملولا
أرثي الخلود وما الخلود بدائم / في صورة، بل يتبع التعديلا
ما بين إيمان به وبضده / كم نتعب التفسير والتعليلا
أرثي وأبكي والأنام جميعهم / كالنبت يهضمه الزمان أكولا
الفيلسوف كجاهل، وكلاهما / يفني، وما عرف الممات ذهولا
وقليل ثأري أن مثلك فقده / جعل (القضاء) المستعز خجولا!
وعظيم صبري أن وحيك ملهمي / صبرا، وعلمك لم يزل منقولا
سقراط قبلك والمسيح كلاهما / ضحكا من الموت الخؤون مهولا
وضحكت أنت من الأساة معزيا / همما تناجيك المدى وعقولا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025