القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 302
ومُدامةٍ أغنَتْ عن المصباحِ
ومُدامةٍ أغنَتْ عن المصباحِ / يلقى المساءَ إناؤُها بِصَبَاحِ
لطفتْ مسالكها وخُصَّ مَحَلُّها / فكأنها انْشَقَّتْ من الأرواحِ
تجلو السرور على الفتى في قلبه / والحسنَ في الكاساتِ والأقداحِ
أَعَليُّ لا أخطأْتَ قصدَ سبيلها / ورُزِقْتَ فيها طاعة النُّصَّاحِ
أَعَليُّ لا فارقْتَ ظلَّ سعادةٍ / أبداً ولا أخطأتَ بابَ فلاحِ
بَكَر الشَّبابُ على الحياة وليتَهُ / بعْدَ البُكُور مُسَاعِفٌ برواحِ
هيهات إلا بالشَّمُول فإنها / نَافي الهُمُوم وجالِبُ الأفراحِ
فامزج غِنَاءَ المحْسِنَاتِ لكأْسِهَا / بغناء عُجْم في الجنَانِ فِصَاحِ
تَهْتزُّ من طَرَبٍ إذا ما هَزَّها / فوقَ الغُصُونِ الخُضْرِ نفْحُ رياحِ
خُذْهَا ولا تخسَرْ لذيذ مَذَاقِهَا / ونسيمها يا طالب الأرْباحِ
بِكْراً تَردُّ على الكبير شبَابَه / فتراه بين صَبَابَةٍ ومرَاحِ
حسناءَ تكْسو من محاسنها الفتى / فتراه أحْمَرَ أزْهَرَ المِصْبَاحِ
مِنْ كَرْمَةٍ تَهَبُ المكارمَ للفتى / فتراهُ بين شجاعةٍ وسَمَاحِ
وتُعِيرُ نَكْهَتَهَا نَدِيمَ أَحِبَّةٍ / فَيُقَبِّلُ التُّفَّاحَ بالتُّفَّاحِ
تاللَّهِ ما أدري لأيَّة عِلَّة / يدعونها في الرَّاحِ باسْم الرَّاحِ
ألريحِها ولروحها تَحْتَ الحشى / أم لارْتِيَاحِ نديمها المرتاحِ
شاهدتُ منها مشْهَداً فرأيتُه / حسناً مليحاً بين سِرْبِ مِلاَحِ
حَسَدَتْ قياناً كالظِّباءِ ونرجساً / غَضّاً على صُوَرٍ هناك صِبَاحِ
فتَغَلَّلَتْ من تِبْرها بِغُلالةٍ / وتوشَّحت مِنْ دُرِّهَا بوشاح
فإذا بها محْسودةٌ معْبودَةٌ / بين الضرائر جمّة المُدّاحِ
عَدَلَ المحَلِّلُ والمحرِّمُ شُرْبَهَا / ولِذِي المقالِ مَذَاهِبٌ في الرَّاحِ
إن حُرِّمَتْ فَبِحقِّهَا من حُرَّةٍ / ما كانَ مثْلُ حريمها بمباحِ
أو حُلِّلَتْ فَبِحقِّهَا من نُشْرَة / تَنْفِي سَقَامَ قلوبنا بِصحاحِ
أَوَ لاَ يحرِّمُها الحليمُ لأنَّها / تدعُ القباح لديه غير قباحِ
أَوَ لاَ يحلِّلها الكريمُ لأنَّها / تَحْذِي الهِدَانَ سجيِّةَ المرتاحِ
دعْ ذا وقلْ في آل شيْخٍ إنَّهم / أقصى مَطامح هِمَّةِ الطمَّاحِ
لا تَعْدِلَنَّ بآل شيخٍ معشراً / فهمُ الشفاءُ لغُلّةِ الملتاحِ
أعْدِدْهُمُ للنائبات فإنَّهُمْ / حَسْبُ المُعِدِّ غداة كلِّ شِيَاحِ
وافتح مغاليق الأمور بأَيْدِهِمْ / أو كيْدِهم فكفاك من مفتاحِ
قوم يَرَوْن النُّصحَ في أموالهم / غِشَّاً فقد سَخِطُوا على النُّصَّاحِ
زُرْهم على ثقةٍ مَزَارَ مُحَصِّلٍ / مالاً فلستَ كَضَارِبٍ بِقداحِ
واعلم بأن سَنِيحَهُمْ لك سانحٌ / أبداً وليس بريحُهُم بِمُتاحِ
فمتى أطرتَ لهم بريح عداوةٍ / فَلَك البَريحُ وأبرحُ الأبراحِ
من معشرٍ قُرِنَ الثَّناءُ لديهُمُ / بالجودِ والملكاتُ بالأسجاحِ
لم يمنعوا الشاكين ريْبَ زمانهم / أُذُناً ولا سمعوا ملامةَ لاحي
يا ليت شعري حين يُمدَح مثلُهُم / ماذا تَرَاه يُراد بالتَمْداحِ
لكنهم كالمسك طاب لعينه / ويزيد حين يُخَاضُ بالمِجْدَاحِ
يُعطُون عفواً كلما أعفيتَهم / ويُلِحُّ نائلهم على الإلحاحِ
وعطاؤُهم فوق العطاء لأنهم / يُعطون كسْب مَناصِلٍ ورماحِ
وكأن من أعطاك كسْبَ سلاحه / أعطاك مهجته بغير سلاحِ
جاءته في تعبٍ وعُسْرة مطلب / وأتتك في دعةٍ به وسراحِ
ولمَا حباك بحظه لجهالةٍ / لكن لفضل مُمَنَّحِ منَّاح
فمتى يُرَوْن من الشِّحاحِ على اللُّهَا / وهُمُ على الأرواح غيرُ شِحَاح
من بأْسهم يقع الردى وبحلمهم / تتماسك الأرواح في الأشباحِ
كالهُنْدوانِيات حدّ مضاربٍ / عند اخْتِبارِهِمُ ولين صِفاحِ
أضحى الورى قَيْضا هُمُ أمْحَاحُه / شتَّانَ بينْ القيْض والأمحاحِ
وبِسَيِّد الأُمراء أُنْجِحَ سعْيُهُمْ / فيما ابتغوا من ذاك أيَّ نجاحِ
للّه أحمدٌ بنُ شَيخٍ إنه / مأوَى الطريدِ وموردُ المُمْتَاحِ
الدهْرُ يُفْسِدُ ما استطاع وأحمدٌ / يتَتَبَّعُ الإفسادَ بالإصلاحِ
ما زال يقدَح في الدُجى بِزِناده / حتى رأى الإِمساءَ كالإصباحِ
أما النَّدى فَنَدَى غَرِير ناشيءٍ / والرأيُ رأي مُحَنَّكٍ جَحْجَاحِ
فكأنَّه للأرْيحيَّة شاربٌ / وكأنه للألْمعِيَّةِ صاحي
ملك له قبل السؤال وبعده / بدء الجوادِ وعودة المِسماحِ
ومن الملوك ذوي المواهب من له / بدءُ الجوادِ وَعَوْدَة المِدْلاحِ
لا تَعْرِضَنَّ لغمرَةٍ من سْيبِه / إن لَمْ تكن بطلاً من السُّبّاحِ
فالْبَرُّ يَهْلِكُ في مضيقِ فنائه / والبحرُ يغرَقُ منه في الضَّحْضَاحِ
أنذرْتُ بل بشَّرْتُ أنَّ مقالتي / ميعادُ جِدٍّ في وعيد مُزَاحِ
ضَمِنٌ إذا حصل الوفاءُ بما وَأَى / عنْه الرجاءُ ثَنَاهُ بالإِرْجَاحِ
ما إنْ يزال مُساجِلاً لسحائب / بعطائه ومُبَارياً لرِياح
غَرَسَ الرجالَ بسيفه واجْتَاحَهُمْ / لا فُلَّ سيفُ الغارِس المجْتاحِ
سيف مليءٌ عُرْفُهُ وَنَكِيرُهُ / بإقامة المُدَّاح والأَنواحِ
يُحْيِي ويُهْلِك في يَدَيْ ذِي قُدْرةٍ / وَسَمَتْهُ بالسَّفَّاح والنَّفَّاحِ
مُدَّاحُ مُعْمِل مَضْرِبَيْه بمُنْشِدٍ / حَفِلٍ وأنْواحُ العِدَا بِمَنَاحِ
فمتى اسْتَكَنُّوا مِنْ نَدَاهُ وبَأسِهِ / فالمسْتَكِنُّ هُنَاكَ في قِرْواحِ
طُوفَانُ معْروفٍ ونُكْرٍ ما نجا / أحدٌ تَعَوَّذَ منهما بِوَجَاحِ
فإذا تَبسَّلَ للعِدا في مَأقِطٍ / أبصرت سطْوَةَ قابض الأرواحِ
وإذا أراك نَدَاهُ يوْماً زُهْدَهُ / أبصرتَ زُهْدَ مُحالِفِ الأمْساحِ
وإذا أشارَ أو ارْتأَى في خُطَّةٍ / أبصرتَ حِكْمَةَ صاحِبِ الأَلواحِ
وإذا أراك مزاحه من جدِّه / أجناك صفوَ ودائع الأجباحِ
لِيَقُلْ عُفَاتُكَ لا جُنَاح عليهمُ / رَفِعَ الجُنَاحُ فلاتَ حينَ جُنَاحِ
أنتَ امرؤٌ للصدقِ فيه مذاهب / سقط الجُنَاح بها عن المُداحِ
ما زالَ مَنْ يُطْرِي سواكَ مُلاَحياً / لَكِنَّ من يُطْرِيكَ غيرُ ملاحي
في مدح غيرك للخطيئَةِ مُثْبِتٌ / لَكِنَّ مَدْحَكَ للخطيئة ماحي
فالباكرون على ثَنائِك إنَّما / بَكَرُوا وما شَعَرُوا على مِسْبَاحِ
كمْ عَارِضٍ رَجُلاً عليَّ مُشَبِّهاً / لأَمِيلَ عنْكَ إليه بالأمْدَاحِ
رُدَّتْ نصِيحَتُهُ عَلَيْهِ فَكَافَحَتْ / أسْرَارَ جبْهَتِهِ أشدَّ كِفَاحِ
وَقَصَبْتُ صَاحبَهُ إليه كأنَّما / قَاوَمْتُهُ فيه مَقَامَ فِضَاحِ
ما قِسْتُ بَيْنَكمَا هنَاكَ ولم أكن / لأقِيسَ بين مُحمَّدٍ وسَجَاحِ
النَّاسُ أدْهَمُ أنْتَ فيه غُرَّةٌ / مرفوعة عن سائر الأوضاح
لا جَفَّ واديكَ المُحَلَّلُ إنه / لَمُنَاخُ أطْلاحٍ على أطلاحِ
إنَّ الذي يُضْحِي وأنت جَناحُهُ / في النَّائباتِ لنَاهِضٌ بِجَنَاحِ
شَامَ ابْتسَامَكَ مُرْتَجُوكَ فإنَّمَا / شَامُوا مَضاحِكَ مُبْرقٍ لَمَّاح
ومَرَى نَوَالَكَ مُعْتَفُوكَ فإنما / حَلُّوا عَزَالي مُغدقٍ نَضَّاحِ
بُؤْساً لِوهْب مَالَهُ
بُؤْساً لِوهْب مَالَهُ / بين الخلِيقَةِ قد فُضِحْ
كثُر الأُلى يهجونه / جِدّاً وَقَلَّ الممتَدِحْ
قد سَيَّرُوهُ بِضَرْطَةٍ / في الخافِقَيْن وما بَرِحْ
حتى كأن لم يجتَرِحْ / ما جاء منْهُ مُجْتَرِحْ
يا وهبُ أُقْسِمُ بالمَقَا / م وبالحطيم إذا مُسِحْ
لو كنتَ مبذُولَ النَّدى / منْ قبلها لم تَفْتَضِحْ
لكنْ رَفَضْتَ العرفَ مُط / طَرحاً وحَظَّكَ تَطَّرِحْ
وربحتَ مَالَكَ ضَلَّةً / والعِرضُ افْضَلُ ما رُبحْ
لو كُنْتَ غَيْثاً صَائباً / لَمْ يُهْجَ رَعْدُكَ بَلْ مُدِحْ
إن كنتَ ضِنّاً بي عَتبْتَ لأنَّني
إن كنتَ ضِنّاً بي عَتبْتَ لأنَّني / أخْلَلْتُ فاقصدْ في العتاب وأسجحِ
لا تُفْسِدَنِّي بالتَّعسُّفِ بعدما / بلَغَ التَّألُّفُ غَايَةَ المُسْتَصْلِحِ
واعلمْ بأنِّي إنْ أسَأتُ جِنَايَةً / وأسأتَ أنْتَ رِعَايَةً لم تَرْجحِ
أرْبِح مُعَامِلَكَ التَّسَاهُلَ غالِياً / عَنْ أنْ تُعَدَّ مُعَامِلاً لَمْ يُرْبِحِ
حتَّى متى يُورِي سِوايَ وأقْتَدِحْ
حتَّى متى يُورِي سِوايَ وأقْتَدِحْ / حتى متى يُعْطى سواي وامْتَدِحْ
حتَّامَ لاشعري أمَامَ المُجْتَنَى / فَأَحَظَّ منْهُ ولا وراءَ المطَّرِحْ
كم أستميح المُقْرِفِينَ وأغْتدِي / صِفرَ الدِّلاءِ كأنَّني لم أسْتَمحْ
تاللّه ما سَمِع الأنامُ بِطَالِبٍ / مثلي ولا رَأَوُا امْرَأً مِثْلِي اطُّرِحْ
كم مُكْثِرٍ طالبتُ فِدْيَةَ عِرْضِه / فأباحني منه الذي لم أَسْتَبِحْ
وإخالُ أنِّي لوْ سَطَوْتُ لَقَالَ لي / لا تَسْلُبِ السَّلَبَ الكريم ولوْ جُرحْ
وَجَوابُهُ إنْ قال ذاك لجهله / بلْ ذُو النَّذالَةِ لا يجُودُ ولوْ ذُبحْ
يتعرَّضُ المتعرِّضُون وأنْتَئي / في ساحة المجد الفسيح وأنْتدِحْ
مُستَبْقِياً ماءَ الحياء لأنَّني / أعْتَدُّ ما يَهْمِي دَماً لِي قدْ سُفِحْ
ومِنَ الوقاحَةِ أنْ تَكْونَ مَعيشَتي / كسبُ القَريضِ وليس لي وَجْهٌ وَقحْ
بَكَتِ الكِرامُ إذا رأتْ مَسُتَنْبِحا / مِثْلِي بأَفْنِيَة اللِّئَام ومَا نُبحْ
يا رَاكباً وهُمَيْنِيَاءُ قُصَارُهُ / ثَقَّلْتَ كَرَّةَ رَابح في مَنْ رَبحْ
تَجْلِي أبَا عبدِ الإِله فَقُلْ له / لا زلتَ تَغْتَبِقُ السرور وتصطبحْ
يا من إذا نُشِرَ الثَّناءُ على امرىءٍ / خُتِمَ الثناءُ بذكره وبهِ فُتِحْ
أنا مَنْ عرفْتَ صفاءَه ووفاءه / وغناءهُ وثناءهُ غيْرَ الوَتِحْ
ومن العجائب أنَّ رزقي مُغْلَقٌ / ونَدَاكَ مِفْتَاحٌ ولمَّا أَفْتَتِحْ
كمْ قدْ هَتَفْتُ وما أريدُ سِوَاكُمُ / بَرحَ الخفاءُ ولو عَدَلْتُمْ ما بَرحْ
يا معشَرَ الإِخْوَانِ طال عقوقُكُمْ / بِأَخٍ لكم غُبِقَ الجفاءَ كما صُبِحْ
أَعْرَيْتُمُوني مِنْ جَدَاكُمُ كُلِّهِ / وَعَرَيْتُمُ من كل عُذْرٍ مُتَّضِحْ
أيَخِيبُ تَأمِيلِكُمُ وَقَرينُهُ / شَفَقِي عليكم والقوَارعُ تَنْتَطِحْ
عَرِّجْ أبا عبدِ الإله ورُبَّمَا / كَفَّ الجَوَادُ عن الجِمَاحِ وما كُمحْ
إنْ كنتَ قد أزْمعْتَ نفْعِي مُحْسِناً / فَأَرِحْ بِسُرعَتِهِ وَليَّكَ واسْتَرحْ
واسْدُدْ به خَلَلي ولمَّا أَنْهَتِكْ / وَأَزِحْ به عِلَلي ولمَّا أفْتَضِحْ
ماذا أردتَ وقدْ وَقفْتَ بحاجتي / وَقَفاتِ مَفْدوحٍ وظهرُكَ ما فُدِحْ
أَأَهَشُّ من رَجُلٍ برأْيِكَ يقتدي / أأخَفُّ من رَجُلٍ بكَفِّكَ يتَّشِحْ
هَلّا كتْبتَ بحاجتي مُتَفَضِّلاً / مُتَطوِّلاً لتزيد في فَرَح الفرحْ
وَجَعَلْتَهَا تَبَعَ الكِتَاب مُنازِلاً / في ذاكَ صاحِبَكَ السَّمِيعَ إذا نَصحْ
بمَوَدَّتِيكَ وحُرمتي بِكَ أنَّها / سَبَقَتْ قَرَابَتَها بِوَجْهٍ ما قُبحْ
امْنَحْ أبا العبَّاسِ فيَّ نصيحةً / تُجْدِي عَلَيَّ فإنه لك مُنْتَصحْ
عَرِّفْهُ أنِّي للصنيعَةِ مَوْضِعٌ / حَمْدَاً وشكراً لا يَبِيدُ ولا يَمِحْ
ودَليلُ شُكْرِي طولُ صَبْري إنَّه / في طُولِ شعري فيه عِلْمي لو مُسِحْ
كم قد صَبَرتُ ونَالَ غيري نَيْلَهُ / وفَسَحْتُ في عذْرٍ وإن لم يَنْفَسِحْ
لاَ أجْتَدِيهِ ولا أريهِ زَهَادَةً / فِيمَا لَدَيْهِ ولا أكُفُّ ولا أُلحْ
وتَرَى الصَّبُورَ هو الشَّكُورَ ولا ترى / إلا الجَزُوعَ هو الكَفُورَ إذا مُنِحْ
فَأَرِحْ بفضلِكَ إنَّ بَحْرَكَ لم يَغِضْ / واظْفَرْ بمَدْحِي إنَّ بحري ما نُزحْ
واجْعَلْ لكفِّكَ شِرْكَةً مَعَ كَفِّهِ / في نفْعِ ذِي وُدٍّ بزَنْدِكَ يَقْتَدِحْ
أو لا فَجُدْ لي بالكلامِ فإنَّهُ / رِبْحٌ بلا خُسرٍ هنالك فَارْتَبِحْ
أو لا فَعَرِّفْني الحقيقة إنَّهَا / نِعْمَ الدَّوَاءِ لِقُرْحَةِ القلبِ القَرِحْ
واكْتُبْ إليَّ كأنَّ شِعْرَكَ تُحْفَةٌ / قدْ كُوفِئَتْ أَوْ أَنَّه ذَنْبٌ صُفِحْ
أصْبَحْتُمَا مُتَعَاوِنَيْنِ على التُّقَى / وعَلَى العُلا والدَّهْرُ فوقي مُجْتَنِحْ
لم تَسْمَعا بعْدَ الصِّياح شَكِيَّتي / وسمعتُما شكْوى سِوَايَ ولم يَصِحْ
وقَد اقْترحتُ عليكما أن تُحْسِنَا / بي وَادِعاً فَتَغاضيا لِلْمُقتَرِحْ
فقد اجْتَرَحْتُ خلاَفَ مَا أَوْمَأتُمَا / لِيَ نَحْوَهُ فَتَجافَيَا للمُجْتَرِحْ
لا تَأَثَمَا فِي مَنْح شعْري مَهْرهُ / يا صَالِحان فإنَّهُ فَرْجٌ نُكِحْ
خَلّ الزمانَ إذا تَقَاعَسَ أوْ نَجَحْ
خَلّ الزمانَ إذا تَقَاعَسَ أوْ نَجَحْ / واشْكُ الهمومَ إلى المُدامةِ والقدَحْ
واحفظْ فؤادَك إنْ شَربتَ ثلاثةً / واحْذَرْ عليهِ أنْ يطِيرَ من الفرحْ
هذا دواءٌ للهُمُومِ مُجَرَّبٌ / فاسْمَعْ نصيحَةَ حازِمٍ لك قدْ نَصَحْ
ودع الزمانَ فكَمْ نصيحٍ حازمٍ / قد رام إصلاحَ الزمان فما صَلَحْ
شَهِدَتْ لَنَا كَبِدٌ تَرِقُّ كما
شَهِدَتْ لَنَا كَبِدٌ تَرِقُّ كما / شَهِدتْ بذاكَ لطافَةُ الكَشحِ
لا بل عَلَيَّ وليس لي
لا بل عَلَيَّ وليس لي / ما بانَ منِّي فانْفَرَدْ
أو ليس ما عدَّتْهُ لي / أيدي الحساب من العَدَدْ
مُتَخَوَّناً مُتَنَقَّصاً / منِّي مزيداً في الأبَدْ
أو ما أرى ولدي قُوىً / منِّي بنقْضي تُسْتَجَدْ
جُعِلَتْ وكانت كلُّها / حَبْلاً حِبَالاتٍ بَدَدْ
كم من سُرورٍ لي بِمَوْ / لُودٍ أُؤمِّلُهُ لِغَدْ
وبأن يَهُدَّنيَ الزما / نُ رأيت مُنَّتَهُ تُشَدْ
ومن العجائب أن أُسَر / رَ بما يُشَدُّ بأَنْ أَهَدْ
دع ذا فَخَلْفَك أربعو / ن ضحى طويلاتُ المُددْ
تلْتجُّ فيها نفخةٌ / للصور تَنخب ذا الجلدْ
شنعاءُ في الآذان تُق / لق كلَّ روحٍ في جسدْ
يا راكضاً في لهوه / مهلاً فقد جُزْتَ الأمَدْ
في الأربعينات الثلا / ث مَواعظ لذوي العُقَدْ
كم أربعين وأربعي / ن وأربعون تقول قدْ
في كلهنَّ مواعظٌ / تدعو الغَوِيَّ إلى الرشدْ
فَقَدٍ بتوبةٍ مخلصٍ / للواحد الأحد الصَمَدْ
أبداً عليه هزيمةٌ
أبداً عليه هزيمةٌ / في الحرب مُبْدأة مُعادَهْ
سلْني فإنِّي عالمٌ / بأموره عدْلُ الشهادَهْ
ولَّى قَفَاه عبيدَهُ / واعتاد ذاك فصار عادَهْ
فلذاك صار مُولّياً / أبداً ولوْ لاقى جرادَه
لا سِيَّما من كان يو
لا سِيَّما من كان يو / قن أنه إن مات عائدْ
خوفاً وإشفاقاً وإر / صادُ الحتوفِ له رَواصدْ
إن قال إن النفس وا / حدةٌ فإنَّ الموتَ واحدْ
لم يخجل الورد المورّد لونه
لم يخجل الورد المورّد لونه / إلا وناحِلُه الفضيلةَ عاندُ
فصْلُ القضية أن هذا قائد / زهرَ الرياض وأن هذا طاردُ
شتَّان بين اثنين هذا مُوعدٌ / بتسلب الدنيا وهذا واعدُ
وإذا احْتَفَظْتَ به فأمتَعُ صاحبٍ / بحياته لو أن حيَّاً خالدُ
للنرجس الفضلُ المبينُ وإن أبى / آبٍ وحاد عن الطريقة حائدُ
من فضله عند الحِجَاج بأنه / زهر ونَوْر وهو نبت واحدُ
يحكي مصابيحَ السماء وتارةً / يحكي مصابيح الوجوه تَراصَدُ
يَنْهي النديم عن القبيح بلحظِه / وعلى المدامة والسماع مُساعدُ
اطلُب بعفوك في الملاح سمَيَّهُ / أبداً فإنك لا محالة واجدُ
والورد لو فتشت فردٌ في اسمه / ما في الملاح له سميٌّ واحدُ
هذي النجوم هي التي ربَّتهما / بِحَيَا السحاب كما يُربي الوالدُ
فتأمل الإِثنين مَنْ أدناهُما / شَبَهاً بوالده فذاك الماجدُ
أين العيون من الخدود نفاسةً / ورياسةً لولا القياسُ الفاسد
والحالُ من سعدٍ يساعدنا
والحالُ من سعدٍ يساعدنا / طوراً ونحْسٍ مُعْقَبٍ نكدُهْ
يومٌ يبكِّينا وآونةً / يومٌ يبكِّينا عليه غَدُهْ
نبكي على زمن ومنْ زمنٍ / فبكاؤنا موصولةٌ مُدَدُهْ
ونرى مكارِهَنا مخلَّدةً / والعمرُ يذهب فانياً عَدَدُهْ
أفلا سبيل إلى تَبَحْبُحِنا / في سرمدٍ لا ينقضي أبَدُهْ
سَكْرى شبابٍ لا يعاقبه / هرمٌ وعيشٌ دائم رغَدُهْ
لا خير في عيشٍ تَخَوَّنُنا / أوقاتُهُ وتَغولنا مُدَدُهْ
يُعطَى الفتى الأيامَ يُنفقها / وقصاصُها أن يقترى جَلدُهْ
من أقرض الأوقاتَ أتلفَها / وقضى جميعَ قُرُوضِها جسَدُهْ
حتى يُغَيَّبَ في مُطَمْطَمَةٍ / لا أهلُه فيها ولا ولَدُهْ
وأجَلُّ ذلك أن تُرِكتُ سُدىً / من قاصم وأقرَّني بلَدُهْ
ملك إذا اسودّتْ لديَّ يدٌ / من غيره ابيضَّت لديَّ يدُهْ
مهما عَدِمْنا من سَدىً وندىً / عندَ الملوك فعندَه نَجِدُهْ
خلَتِ الإساءةُ من إرادته / ويريد إحساناً ويعتمدُهْ
ما انفكَّ يرفعُني وينفعُني / حتى أضرَّ بحاسدي حسدُهْ
قالتْ فضائلُهُ لآملهِ / نِعْم الفتى للدّهر تَعْتَقِدُهْ
خِلَعٌ عليك جمالُها وجلالُها
خِلَعٌ عليك جمالُها وجلالُها / أيامُها للناس كالأعيادِ
قسماً لقد رضيْتك أعينُ معشر / من وامقين وشانئين أعادي
أقبلتَ في جيشٍ يُظلُّك ليْلُه / وإليكَ منكَ لكل عيْنٍ هادي
متدرِّعاً خِلعاً أنسْتَ بِلُبْسِها / أنْس المعَوَّد لُبْسَها المعتادِ
طُرفاً علت شرفاً تليداً لم تزل / مُتعهِّداً من مثلها بتِلادِ
خَلَعَ الإله عليك يوم لبستها / هَدْيَ الشَّكور وبهجة المُزدادِ
وكساك من خِلَعِ القلوبِ محبّةٍ / كمحبةِ الآباءِ للأولادِ
فظللت في خلع تفاوتَ نَجْرُها / خافٍ تلاحظه العقول وبادِ
عُمِّرْتَ تنهض في مَراقٍ عَفْوُها / عفوُ الحُدور وأنت في إصعادِ
تغدو وأنت جوىً لأكباد العِدا / وقلوبهم وندىً على أكبادِ
وإخال أن عِداك قد عَطَفَتْهُم / كفَّاك بالإرفاد فالإِرفادِ
ولقد أردت جزاءهم بفعالهم / فعلمت أن العُرف بالمرصاد
يا من أرى حسادَه استحقاقه / للحظّ فاستدعى هوى الحسّادِ
حُسنٌ وإحسان إذا ما عُويِنا / ردّا عليك ولاء كل معادي
من ذا يعادي البدر أمسى منعِماً / نُعمَى عَفُوٍّ للذِّنوب جوادِ
كم من يدٍ بيضاء قد أوليتَها / تَثني إليك عنان كل وداد
شكر الإِلهُ صنائعاً أسديتَها / سُلِكتْ مع الأرواح في الأجسادِ
وعفا نُبوُّك عن وَلِّيك إنه / أحدوثةٌ في جانبيْ بغدادِ
ومن الزيادة في البلية أنني / أصبحت في البلوى من الأفرادِ
أرني سواي من الذين صنعتهم / رَجُلاً نسخَت صلاحه بفسادِ
إني أعوذ بيُمن جدَّك أن أُرى / بعد الدنوِّ رهينةَ الإِبعادِ
فيحق لي في كل ما
فيحق لي في كل ما / لاقيتَني أن أُرفدا
لي من جبينك بدر سَعْ / دٍ طالع لن يُفقدا
فمتى نظرتُ إلى سنا / هُ فحُقَّ لي أن أسعدا
فعلام أُمنَع واجبي / وعلام أُمْطَلُ سرمدا
ولمَا لعبدِك واجب / لكن لكونك سيدا
لو كنتَ تخْلد خلد لؤْ
لو كنتَ تخْلد خلد لؤْ / مِك كنت كاسمك خالدا
أو لوْ علوتَ عُلُوَّ قَرْ / نك كنت شيخاً ماجدا
أُثني عليك ولستُ مث / لك للصنيعة جاحدا
إني وجدتُ الشتم في / ك مُواتياً ومساعدا
لو لم تكن عوني عَلَيْ / ك لقيتُ جُهْداً جاهدا
فلأَهجونَّك شاكراً / نعمى المعونة حامدا
أهجوتني وحسبتني / يا ابن الخبيثة راقدا
أحسنت ظنك بالأما / ني الكاذبات مَواعدا
فلأْتركنك بعد ظن / نِك لا تصدِّق واعدا
ولأحدُوَنَّ بك القوا / فيَ والكلام الشاردا
يا ابن اللئام بني اللئا / م بني اللئام فصاعدا
هلّا تذَكَّرتَ المصا / در إذ تَقحَّمُ واردا
لا تحملنَّ هموم أيامٍ على
لا تحملنَّ هموم أيامٍ على / يومٍ لعلَّك أن تقصِّر عن غدِه
ذَكَرَ الحبيبَ فقام فردا
ذَكَرَ الحبيبَ فقام فردا / وجفا الكرى شَغَفاً ووجدا
ذِكَراً تصيب لِوَقْعِهِن / نَ على غليل القلب بَرْدا
واستنهضَ البدنَ الكلي / ل فزاده نَهَكاً وكدّا
لم يضْطَجِعْ إلا لِيَعْ / فِر في تراب الأرض خدَّا
يا حسنه يدعو الحبي / بَ إذا رُواق الليل مُدَّا
يا سيدي إني رضي / تك سيداً فَلْأُرْضَ عبدا
ياسيدي : أنت الذي / يممت دون الحور قصدا
ولقد أَحَبَّك معشر / لِتثِيبهم مُلْكاً وخُلدا
ضدان قد جُمِعا كأنهما
ضدان قد جُمِعا كأنهما / دمعي يسيح ولوعتي تقِدُ
يا ناقد الدنيا وأنتَ أخٌ / للحسن لا ما أنت مُنْتقِدُ
يا من أُرِقَّ وحُلَّ جوهرُه / فانحلَّ حتى كاد ينعقدُ
إذ لم تزدك ولايةٌ في سؤددٍ
إذ لم تزدك ولايةٌ في سؤددٍ / كلّا ولا الأخرى محتْ لك سؤددا
أنت ابن جُؤْذُرٍ الذي فَرَع العلا / حتى لخَالتْهُ الفَراقدُ فرقدا
لا يستطيعك بالتَنَقُّصِ حادثٌ / وأبَى لك التكميلُ أن تتزيَّدا
فكأنني بك قد نجوتَ محمداً / في النائبات كما دُعيت محمدا
فطلعْتَ كالسيف الحسام مجرداً / للحق أو مثل الهلال مجددا
شهد النهارُ وكشفُه غُمَمَ الدجى / أن الزمان مُبَيِّضٌ ما سوّدا
سَيُريكَ وجهاً منه أبيض مشرقاً / عُقْبى بما لقَّاك أسْوَد أربَدا
ولذي الوزارة والإمارة صاعدٍ / رأيٌ أبَى أن لا يكون مُسدّدا
وأبو العلاء يراك نصْلاً قاطعاً / يأبى عظيمُ غَنَائه أن يغمَدا
وهو المثقِّفُ فاصطبر لِثقافِهِ / ولحَدِّ مِبْرَدِهِ لكي تحظى غدا
سيراك بالعين التي قد عُوّدَتْ / أن لا ترى إلا الرشاد الأرشدا
وإذا أقامك لم يزد في غَمْزِهِ / إياك ملتمساً لأن تتأوَّدا
حاشا الموفَّقَ في جميع أموره / أن يُصْلحَ الأشياء كيما تفْسدا
بل ما رأى عِوَجاً فظلَّ يقيمُه / لكنْ بلاكَ أبو العلاء فأَحمدا
ولربما امتَحَنَ الوليُّ وليَّهُ / ليرى له جَلَداً يغيظ الحُسَّدا
رب ليلٍ كأنه الدهر طولاً / قد تناهَى فليس فيه مزيدُ
ذي نجوم كأنهن نجوم ال / شَيْبِ ليست تزول لكن تزيدُ
وهو الشهيد عليَّ أني لم أقلْ
وهو الشهيد عليَّ أني لم أقلْ / بعض الذي قد أبدأوا وأعادوا
وَهَبِ السُّعاةَ أتوْا بحقٍّ واضحٍ / أين الكرامُ أَبُدِّلُوا أم بادوا
أين الذي قد عَوَّدُوا من عفوهم / عن من يَزِلُّ حلومُهُمْ واعتادوا
عَفْوُ الملوك عن الهُجاةِ مدائح / مدحوا نفوسَهُمُ بها فأجادوا
مدحوا نفوسهُم بحلمٍ راجحٍ / لولا عوائدُ مثلِه ما سادوا
ولقد أبوا إلا العقابَ فقادَهُمْ / نحو التَّطوُّلِ خِيمُهم فانقادوا
وهبوا لجانيها الذنوبَ وأقسموا / أن لو يعود إلى الذنوب لعادوا
ولما رَضُوا بالعفو عن ذي زَلَّةٍ / حتى أنالوا كَفَّهُ وأفادوا
منُّوا عليه وشَيَّدوا من ذكره / وبمثلها رفعوا البيوتَ وشادوا
ولئن هم منُّوا عليه لقد شَفَوْا / منه النفوس بمنِّهم وأقادوا
قطعوا لسان سَفاهِهِ فاستوثقوا / منه وأما عن أذاه فحادوا
فإذا همُ قد عاقبوه وقد عفوا / عنه لقد فعلوا الجميل وزادوا
هيهات فُتَّ الحاسدين فأذعنوا
هيهات فُتَّ الحاسدين فأذعنوا / لك بالمكارم والفَعال الأمجدِ
يتحاسدُ القومُ الذين تقاربتْ / طبقاتُهُم وتواءموا في السؤددِ
فإذا أبَرَّ مُبِرُّهُمْ وبدا لهم / تَبرْيزُه في فضله لم يُحسَدِ
من ذا تراه وإن تَوَقَّلَ في العلا / يسمو بهمَّتِه مَحَلَّ الفرقدِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025