القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 210
ما في التوقف من سَلامِ
ما في التوقف من سَلامِ / فإلى الأمام إِلى الأمامِ
إن التوقف سبة / تزري بأنسال الكِرام
تصل العروبة في الحَيا / ة إِلى السَعادة باعتزام
إنّا لفي عصر به / يودى التوقف بالأنام
إنا لفي عصر به / يقصي القعود عن المرام
إنا بعصر أَهله / يتيقظون من المنام
عصر به الإنسان طا / ر محلقاً فوق الغمام
عصر التدرع بالمعا / رف للدفاع عن الذمام
يا شعب لا تنكص عَن ال / عقبات من دون اقتحام
في النكص من حذرالردى / ذام يعيبك أَي ذام
أما الرجال فنجحها / في فعلها لا في الكَلام
وإذا الخطوب تَتابَعَت / فهي السهام عَلى السهام
وإذا الشعوب تخاصمَت / فالحق في حد الحسام
إن اليراع إذا ونى / فالسيف أَحفظ للذمام
الحر لا يَخشى إذا / قال الحَقيقة من ملام
إِنَّ العروبة نفسها / عَن عز بيضتها تحامي
وَلَقَد بدأنا نَبتَني / وَاللَه يكفل بالتمام
أَهل العراق سَيحصلو / ن عَلى السَعادة بالوئام
وَالعلمِ إن العلم بر / ء للنفوس من السقام
يا منهلاً لم أَستَطع / ورداً إليه من الزحام
يا علم إن لم تروني / يا علم مت من الأوام
يا علم أَنتَ الشمس قد / بزغت تضيء بلا لثام
مزق كبرق خاطف / يا علم أَحشاء الظلام
أَشجي فؤادي موقف / جمع الزَئير إلى البغام
حتام تخفي وَجهها / عنا المَليحة في اللثام
جاء الرَبيع فزهره / ريان من ماء الغمام
زهر أَراه باسماً / فوق الأباطح والأكام
الشعب باستقلاله / جذل وَلا جذل المدام
سَيُضيف مجداً حادِثاً / منه إِلى مجد قدام
وَلَقَد أَراق دماءه / يَرجو الحَياة من الحمام
ما ذم قط حياتَه
ما ذم قط حياتَه / في الأَرض من هو ذو يسار
إن النهار مطية / وَالليل من بعد النهار
أَما المقلّ فإنه / يطوي الضلوع على سعار
لا يأمن الماشي بلي / لٍ للظلام من العثار
الشعب مستند إلى / جُرُفٍ من الآمال هاري
إن الغناء يثير في ال
إن الغناء يثير في ال / إنسان مبهمة الخواطرْ
والشعر يشبهه فَفي ال / فنَّين تسلية الضمائر
الشعر في بغداد ليس برائج
الشعر في بغداد ليس برائج / يا ضيعة الشعراء في بغداد
الشعر ينهض بالشعوب إلى العلى / فيما يولده من استعداد
الشعر فن كالسياسة بارع / قبضت أزمته يد القواد
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري / يبديك حزني تارة وَسروري
يا شعر أَنت بكاي يوم كآبتي / وَتبسمي يا شعر يوم حبوري
يا شعر أنت ممثل قلبي الَّذي / هو في الحَياة محركي ومديري
أَنا أَنت يا شعري وأَنت أَنا فمن / يقرأك يقرأ سيرتي وشعوري
ما أَنت إلّا صيحة أرسلتها / في اللَيل عند تكاثف الديجور
قد كنت حيناً في خفائك خافياً / حتى ظهرت فكان فيك ظهوري
يا شعر أنت إذا وصفتك موجزاً / شكوى الكظيم ونفثة المصدور
مالي أراك على الإجادة في الَّذي / توحيه منسياً من الجمهور
هَل أَنتَ في بلد أضاعك أهله / أَم أَنت بالإقبال غير جدير
أَحمامة غنت بجانب دجلة / لم يبق مستمع إليك فطيري
يا شعر إني سوف أدثر في الثرى / ميتاً وأَنت تعيش بعد دثوري
ولسوف تقرأك العيون مجلة / وتلذك الأسماع بعد عصور
يجد الغراب على صموت عاذراً / أَما الهزار فَلَيسَ بالمعذور
في الصبح زار العَندليب شقيقه / أفديكما من زائر ومزور
يا عندليب الروض ألقِ من الربى / بعضَ القصيد كشاعر مشهور
غرد هنالك ثم غرد ههنا / من أَجل ناس أَنصتوا وطيور
يا شعر أَسمعنا قَلي
يا شعر أَسمعنا قَلي / لاً من أَناشيد المعالي
يا شعر أَنت من القدي / م أَجل أَصناف المقال
تكسو المَعاني منك أَل / فاظاً كأَمثال اللآلي
صوِّر لنا يا شعر ما / تهوى الحياة من الخيال
قل ما تَراه اليوم حق / قاً في الشئون ولا تبال
شعري شعوري فهو إن / حققت منزعه مثالي
الشعر حين أَقوله / ضرب من السحر الحلال
الشعر لست أقوله
الشعر لست أقوله / إلا كما أَنا أشعرُ
ما إن أقلد من مضت / قبلي عليه الأعصر
والشعر قائله بتق / ليدِ الطَبيعة أجدر
إن الطبيعة مورد / للشاربين ومصدر
يجد المواضيع الكبي / رة عندها المتفكر
والشعر ليس سوى الَّذي / هو للشعور مصور
والشعر بالمعنى المطا / بق للحقيقة يكبر
ولقد يثير عواطفاً / من سامعيه ويسحر
والشعر مرآة بها / صور الطبيعة تظهر
لَيسَ القَريض بطوله / بل قد يفوق الأقصر
وَلَقَد يطيل قصيده / فيجيد أشعث أغبر
وإذا البراعة ووزنت / يتقدم المتأخر
وإذا شرعت بنظمه / للذهن فيه أحصر
فإذا نظمت البيت من / هُ أعيده وأكرر
وإذا رأَيت اللفظ لَي / سَ كَما أروم أُغَيِّر
وأظلُّ أصقله إلى / أن تَستَقيم الأشطر
ويروع عيني حسنه / ويبين فيه الجوهر
أحسن بشعر عن شعو / ر النفس جاء يعبر
يَرعاهُ شعبٌ يستقل / لُ وأُمَّة تتحرر
ما للأَديب بقطره / في الشرق قدرٌ يُذكر
أما الشقاء فحظه / منه الأتمُّ الأوفر
ولقد يصادف عزة / من بعدما هو يقبر
من بعد ما في قبره / أوصاله تتبعثر
ماذا من التَكريم ير / جو ميتٌ لا يشعر
سيهذب المستقبل الإنسانا
سيهذب المستقبل الإنسانا / حتى يَكون أبرَّ مِمّا كانا
حتى يبدل من خصومته رضىً / ومن القساوة رأفةً وحنانا
حتى يوالي غيره في أَرضه / حتى يرى كل الورى إخوانا
حتى يَكون الناس أَجمعهم يداً / تجنى الثناء وتزرع الإحسانا
حتى يكون البعض مسعد بعضهم / وَجميعهم لجميعهم أَعوانا
حتى يشيع العلم بعد نزوره / بين الوَرى فينور الأذهانا
حتى تعز الأرض بعد هوانها / وَتنال بعد خرابها عمرانا
حتى يسود الأمن في أَكنافها / حتى يعم فيسعد السكانا
حتى يكون العدل حارسها الَّذي / يحمى بفضل رجاله الأوطانا
وحكومة البلدان جمهورية / ما إن تطيع لمفردٍ سلطانا
فهناك يتخذ السلام بطبعه / بين الأنام عن الحروب مكانا
وهناك تشتهر العدالة بينهم / وتعم حتى تشمل الحيوانا
وهناك تبتسم المنى في أَوجه / صعب عليها أن ترى حرمانا
تعساً لثائرة الحروب فإنها / تردي النفوس وتتلف الأبدانا
وتؤيم النسوان من أَزواجها / في ساعة وتيتم الولدانا
باتَ الرجاء وحبله فإذا به
باتَ الرجاء وحبله فإذا به / عند الصباح بحبله مشنوق
لَهفي على شعب كبير ماجد / حرموه حكم الذات وهو حقيق
الغرب مستند إلى التدبيرِ
الغرب مستند إلى التدبيرِ / والشرق معتمد على التقديرِ
الغرب حر للقيود مقطع / والشرق من عاداته كأسير
الغرب قد أَخذ اللباب لنفسه / والشرق لاه أَهله بقشور
غرض السياسة مجحف أما الَّذي / تبديه من سبب فللتبرير
في هذه الدُنيا غني واحد / يَحظى ببغيته وألف فقير
ما كانَ أفق العدل يبقى مظلماً / لَو كانَ مطلعَ أَنجمٍ وبدور
القوم بالأمس اختبرت كبيرهم / فإذا كبير القوم غير كبير
ماذا تؤمل من رؤوس ما قنت / في القحف غير جهالة وغرور
أَما القصور فإنها ليست لمن / فيها من السكان غير قبور
يا نفس عيشي بعد يومك بالمنى / حبل المنى يا نفس غير قصير
إنا إذا ما كنتَ عنّا سائلاً / أسراء موعودون بالتَحرير
لَهفي هناك على رقاب أَصبحت / ملوية بالذل تحت النير
حظروا علي لغير ذنب جئته / في موطني ما لَيسَ بالمَحظور
وَلَقَد مللت من الحياة ووحدة / أشقى بها في بيتي المهجور
قد صرت أحتقر الحياة لأنها / أَسباب آلامي وأصل شروري
الدهر أخرني ليوم فادح / ماذا أراد الدهر من تأخيري
إن الصديق من الرجال هُوَ الَّذي / إن غبت يحفظ غيبتي كحضوري
ذمَّ السياسةَ أنها أبدت لنا / قمراً على الآفاق غير منير
إني لأخشى أن تهبَّ فجاءة / ريحٌ فتقلع عند ذاك جذوري
لَهي المساعي بعد أن
لَهي المساعي بعد أن / تلقى العناية تثمرُ
الشعب لا يَرضى علي / ه أَن يكون مسيطرُ
يا أَيُّها الذئب الخَبيثُ
يا أَيُّها الذئب الخَبيثُ / حتامَ في غنمي تعيث
أتلفت ما أَبقى أب / فكأَنَّما أَنتَ الوَريث
تأَتي القطيع معجلاً / عند الظَلام ولا تريث
كم أستَغيث لدرء شر / ركَ بالكلاب فلا تغيث
ما إن أفاد نباحهن / نَ عليك والعدو الحَثيث
في الحي لا يجري سوى / ما أَنتَ فاعله حديث
يا ذئب حبل رجاوتي / في أن تسالمنا رثيث
لَيسَ الحَياة سوى سعاده
لَيسَ الحَياة سوى سعاده / ترجو الورى فيها الزياده
وَالسعي في تحسينها / للمؤمنين من العباده
ما الانتحار لمستطي / عٍ أَن يعيش سوى بلاده
إثم نصيب المرء من / هُ عكس منزلة الشهاده
ما إن يحاوله امرؤ / ذو مسكة وله إراده
إن التراب لمن ينا / م بحفرة بئس الوساده
لا يَنبَغي أن تنتهي / بالموت في الدنيا الزهاده
هَل للذي يحيا عَلى / حوبائه هذي السياده
ما إن تطوح في الحَيا / ة بنفسها حتى الجراده
المزهقون نفوسهم / لا يقدرون على الإعاده
ليسَ الفرار من التكا / فح للحياة من الجلاده
أبثين إن أدنى العدو حمامي
أبثين إن أدنى العدو حمامي / بمسدس يوريه أَو بحسامِ
فتجلدي عند الرزية واحسبي / أني اجتمعت إليك في ألاحلام
والصبر أَجمل إن ألمت نكبة / بكريمة ينمونها لكرام
أبثين إن أودى جميلك خابطاً / بدم له اهريق فوق رغام
فتدرعي للخطب صبراً وامسحي / من أَدمع فوق الخدود سجام
أَنا لست أول هالك في قومه / يَرجو تقدمهم مع الأقوام
ما زالَ مذ أخذ اليراع بكفه / يَسعى لينقذهم من الأوهام
أَنا لست وحدي إن هلكت بميت / كَم من كرام في التراب نيام
عشنا زَماناً في بلهنية الرضى / متمتعين بألفة ووئام
فإذا هلكت وكل شيء هالك / فإليك أهدي يا بثين سلامي
لا تجزعي يا بثن إني واثق / بيراعتي وعواقب الأيام
يا أمة الشرق انشطي وأفيقي
يا أمة الشرق انشطي وأفيقي / من طول نوم في الغداة عَميقِ
يا شرق أَهلك والجهالة ضلة / لا يهتدون لمنهج مطروق
يا شرق إن الناس ليس يضرهم / شيءٌ كمثل سياسة التفريق
يا شرق إن الغرب بعد هجوعه / دهراً أَفاق وأنت غير مفيق
يا شرق أَنتَ على العقول مضيق / والغرب مبقيها بلا تضييق
الغرب سباق وأَنت مقصر / يا شرق نحو مدى يرام سحيق
وَالفضل أَجمعه لمن هو سابق / والخزيُ كلُّ الخزي للمسبوق
طاروا بأَجنحة الصناعة فاِمتَطوا / ظهر الرياح مكان ظهر النوق
لا يخدعنْك تزلفٌ يدلي به / يا شرق إن الغرب غير صديق
وَطَني العراق ورب لَيل ساكت / ما كنت تسمع فيه غير شهيقي
قد طالَ حتى خلت أن نجومه / مربوطة في جوفه بعروقي
تبدي الهمومُ نواجذاً مسنونة / فأكاد من فزعي أغص بريقي
جمع الدجى شخصين تحت ردائه / من عاشق صبٍّ ومن معشوق
غربت في سيري إليه وشرقوا / شتان بين طريقهم وطريقي
إني يئست من الضياء فَلا أَرى / إلا بجانب مصر بعض بريق
العلم يا بلداً نشأت بأَرضه / ضاعت لديك حقوقه وحقوقي
يا نفس قد سبوك حين نصحتهم / هذا جزاء الصادقين فذوقي
حجر رموه يطلبون برميه / كسراً لقلب كالزجاج رقيق
قلب يطيق عظيم كل رزية / لكنه للذل غير مطيق
للبطل ألسنةٌ تقول طليقة / والحق ليس لسانه بطليق
كم أزبدوا حنقاً عليَّ وزمجروا / وعلا ضجيجهمُ إلى العيّوق
كَم قد أَشاعوا عَن لساني بينهم / نبأً يسوء الشعب غير وثيق
قالوا اطردوا الزنديق من أوطانكم / ماذا يخاف القوم من زنديق
قالوا اقتلوه إنما هو مارق / ماذا يضر المؤمنين مروقي
أَنا لست زنديقاً ولا أَنا مارق / حتى يحل لظفركم تمزيقي
أَتعود بعد تصرم ونفادِ
أَتعود بعد تصرم ونفادِ / أيام بغدادٍ إلى بغدادِ
أَيام بغداد الَّتي في مرها / كانَت عوادى الدهر غير عوادي
اذ ليس بغداد كما تلفى ولا / حكام بغدادٍ ذوي اِستبداد
كانَت محطاً للعلوم وأهلها / وَقرارةً للمجد والأمجاد
اليَوم هاتيك العلوم جميعها / مدفونة بمقابر الأجداد
قد عاشَ دهراً في نعيم أَهلها / فإذا النَعيم وأَهلها لنفاد
أَيام مدَّ الأمن وارفَ ظله / فيها فكانَت جنة المرتاد
أَيام بغداد تضيء جميلة / فَتَلوح مثل الكوكب الوقاد
أيعاد ما فد مر من عُمرانها / أم ذلك العمران غير معاد
لا ترجع الرغبات نحو عِراصها / أو ترجعَ الأرواح للأجساد
فتقوم فيها بالسداد حكومة / وتزول عنها دولة الأوغاد
جاسوا المنازل مفسدين وأوقدوا / نارَ الإساءَة أيما إيقاد
إني أظنك لا ترى بمكانها / من بعد بضع سنين غير رماد
فهناك أَهل يجهلون حقوقهم / وَحكومة تعتو ودهر عادي
هم أَيدوا الحكام في تدميرها / فكأَنهم لَو يخجلون أَعادي
لجأت إليهم حين عزَّ نصيرها / ولقد يجاء إلى ذوي الأحقاد
قضت الفظاظة في طبائع أهلها / أن لا يكون فؤَادُهم كفؤادي
قد زال عن بغداد كل حلاوة / لكن كذاك لها قديم ودادي
فلها مع الجَنفَ الذي ألقى بها / ودٌّ بقلبي نال من أجلادي
بغداد تطلب ذِلتي وأُعزها / فانظر لبعد البون في الأضداد
وتريد موتي إذا أريد حياتها / شتان بين مرادها ومرادي
أَمدينةَ الإسلام يا دار السلا / م لمن أقام وكعبة القصاد
أني بكيتك بالدموع لأنها / مما تخفف حرقة الأكباد
ونظمت مرثية تخذت لها ذرى ال / مستنصرية موضع الإنشاد
إذ نهر دجلة أنت تجري ههنا / دهراً فتخرق جانبي بغداد
أَرأيت بغداداً كذا فيما مضى / بلداً عليهِ الذل حولك باد
بلد بهِ قدم التعسف راسخ / والجور فيهِ ثابت الأوتاد
بلد بهِ سوق الجهالة نافق / والعلم فيهِ متاعه لكساد
بلد تمسك أهلها من جهلهم / بعرى الضلال فما لهم من هاد
وانقاد للظلم الصريح ولم يكن / فيما مضى للظلم بالمنقاد
وقد استغاث بهم فلم يتحننوا / فكأن قلب القوم بعض جماد
وأراد بعض أولى الدراية منهم / نيل الرشاد ولات حين رشاد
ليس النجاة لأمة من أَسرها / مِمّا يتم بهمة الأفراد
يا نهر دجلة أن من حقي البكا / حتى أموت على ضياع بلادي
يا نهر دجلة أن عيني ماؤها / نزرٌ فليس يبيح نار فؤادي
يا نهر دجلة فاجر أنت مكانه / واسق المعاهد من ربي ووهاد
يا نهر دجلة أنت تقنى قوةً / إذ كنت منحدراً من الأطواد
يا نهر دجلة إنني لمؤمل / أن لا تضن عليَّ بالإسعاد
يا نهر دجلة أين بغداد التي / كانت لأهل الفضل أكبر ناد
لم حولك الأرض الوسيعة أقفرت / والماء منك هناك غير ثماد
يا نهر دجلة ما لبغداد غدت / بلداً لكل شناعة وفساد
لهفي على بغداد كيف تأخرت / في العلم بعد تقدم متمادي
لبس النهار بها على رغم المنى / بعد الليالي البيض لون سواد
وقد التقت فيها الجهالة والردى / فكأَنَّما كانا على ميعاد
نظرت إلى الأحرار من أَبنائها / نظر المريض بأوجه العوَّاد
كانت لعمري قبلُ مدرسة لمن / يبغي العلوم كثيرة الروّاد
كانت ملاذاً للطريد ومرجعاً / للمستفيد ومورداً للصادي
فد ان يا بغداد أن تبكي على / موت الذين لهم عليك أيادي
قد آن إذ نزلوا بأفنية الردى / أن تلبسي بغداد ثوب حداد
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ / وَبِطولِها خَدَعَتني الأعوامُ
إن ابتساماتي انتهت أَسبابها / فإذا بكيت فما عليّ ملام
لا الجو صاف في العراق كعهده / منا وَلا زهر الربى بسام
لا بد لي من رحلة عن موطني / إذ لا يطيب على الهوان مقام
يا أَرض أَوطاني الَّتي أَحببتها / مني عليك تحيَّة وَسلام
قلت الحياة أخوَّة وصداقة / وإذا الحياة عداوة وخصام
قل لي مَتى الإنسان يفرخ روعه / وَالقلب يهدأ والعيون تنام
ارحل إذا ما اسطعت عَن متوطن / ما إِن به غير العظام عظام
كل الرجال يطأطئون رؤوسهم / إلا الهمام وأين أَين همام
لا دارنا بعد الأحبة في اللوى
لا دارنا بعد الأحبة في اللوى / دار ولا جيراننا جيرانُ
الدمع يشهد أن بالأوطان لي / شغفاً به لا تعلم الأوطان
أوَ هل يعود إلى العرو
أوَ هل يعود إلى العرو / بة ذلك المجد الأثيلُ
مجد تُجَرُّ له على / مجد تقدمه الذيول
مجد بدا كالنجم يل / مع ثم أَخفاه الأفول
مجد تزول الراسيا / ت وذكره ما إِن يزول
مجد له في أَبطن ال / تاريخ قد كتبت فصول
مجد بناه اللَه ضخ / ماً ثم أَيده الرسول
إذ كانَ في بغداد عم / رانٌ وكان له شمول
وَمعاهد لم يَبقَ من / آثارها إلا طلول
غابَت أَشعة نجمها / ولكل طالعة أُفول
بغداد بعد القائمي / نَ بعزها أَمٌّ ثكول
الشعب بعد اللَه يا / دستورُ أَنت به كفيل
تَمشي به الآمال وَال / آمال مركبها ذلول
إن الحَياة إذا انتفت / آمالها عبءٌ ثَقيل
وإذا أَرادَت أُمَّةٌ / رشداً فَما شيءٌ يحول
أَصل العروبة قد رسا
أَصل العروبة قد رسا / كالطود في البلد الحرامِ
والفرع منها في العرا / ق ومصر يسمو والشآم
الناس مولعة بمن / للناس يعمل بالتزام
تعنو لأرواح جسا / م لا لأجساد جسام
وَرجاؤُها أن الحقو / ق تصان من كل اهتضام
وإذا الحكومة ما وفت / تَبقى الجروحُ بلا التئام
الحمد لِلَّه الَّذي / سبغ السعادة بالتمام
الدهر بدل ما لدي / هِ من عبوس بابتسام
بغداد منذ تأَسَّسَت / عُرفت بعاصمة السلام
عاشَ النصارى واليهو / د ومسلموها في وئام
في وحدة عربية / ليست تهدد بانفصام
أُمَم قد التأمت جرو / ح في جوانحها دوامي
وَلَقَد تعاهدنا على / حفظ المودة والذمام
تبني سعادتها الشعو / ب على اتحاد وانضمام
لا خير في شعب يعي / شُ من التعاسة في انقسام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025