المجموع : 210
ما في التوقف من سَلامِ
ما في التوقف من سَلامِ / فإلى الأمام إِلى الأمامِ
إن التوقف سبة / تزري بأنسال الكِرام
تصل العروبة في الحَيا / ة إِلى السَعادة باعتزام
إنّا لفي عصر به / يودى التوقف بالأنام
إنا لفي عصر به / يقصي القعود عن المرام
إنا بعصر أَهله / يتيقظون من المنام
عصر به الإنسان طا / ر محلقاً فوق الغمام
عصر التدرع بالمعا / رف للدفاع عن الذمام
يا شعب لا تنكص عَن ال / عقبات من دون اقتحام
في النكص من حذرالردى / ذام يعيبك أَي ذام
أما الرجال فنجحها / في فعلها لا في الكَلام
وإذا الخطوب تَتابَعَت / فهي السهام عَلى السهام
وإذا الشعوب تخاصمَت / فالحق في حد الحسام
إن اليراع إذا ونى / فالسيف أَحفظ للذمام
الحر لا يَخشى إذا / قال الحَقيقة من ملام
إِنَّ العروبة نفسها / عَن عز بيضتها تحامي
وَلَقَد بدأنا نَبتَني / وَاللَه يكفل بالتمام
أَهل العراق سَيحصلو / ن عَلى السَعادة بالوئام
وَالعلمِ إن العلم بر / ء للنفوس من السقام
يا منهلاً لم أَستَطع / ورداً إليه من الزحام
يا علم إن لم تروني / يا علم مت من الأوام
يا علم أَنتَ الشمس قد / بزغت تضيء بلا لثام
مزق كبرق خاطف / يا علم أَحشاء الظلام
أَشجي فؤادي موقف / جمع الزَئير إلى البغام
حتام تخفي وَجهها / عنا المَليحة في اللثام
جاء الرَبيع فزهره / ريان من ماء الغمام
زهر أَراه باسماً / فوق الأباطح والأكام
الشعب باستقلاله / جذل وَلا جذل المدام
سَيُضيف مجداً حادِثاً / منه إِلى مجد قدام
وَلَقَد أَراق دماءه / يَرجو الحَياة من الحمام
ما ذم قط حياتَه
ما ذم قط حياتَه / في الأَرض من هو ذو يسار
إن النهار مطية / وَالليل من بعد النهار
أَما المقلّ فإنه / يطوي الضلوع على سعار
لا يأمن الماشي بلي / لٍ للظلام من العثار
الشعب مستند إلى / جُرُفٍ من الآمال هاري
إن الغناء يثير في ال
إن الغناء يثير في ال / إنسان مبهمة الخواطرْ
والشعر يشبهه فَفي ال / فنَّين تسلية الضمائر
الشعر في بغداد ليس برائج
الشعر في بغداد ليس برائج / يا ضيعة الشعراء في بغداد
الشعر ينهض بالشعوب إلى العلى / فيما يولده من استعداد
الشعر فن كالسياسة بارع / قبضت أزمته يد القواد
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري / يبديك حزني تارة وَسروري
يا شعر أَنت بكاي يوم كآبتي / وَتبسمي يا شعر يوم حبوري
يا شعر أنت ممثل قلبي الَّذي / هو في الحَياة محركي ومديري
أَنا أَنت يا شعري وأَنت أَنا فمن / يقرأك يقرأ سيرتي وشعوري
ما أَنت إلّا صيحة أرسلتها / في اللَيل عند تكاثف الديجور
قد كنت حيناً في خفائك خافياً / حتى ظهرت فكان فيك ظهوري
يا شعر أنت إذا وصفتك موجزاً / شكوى الكظيم ونفثة المصدور
مالي أراك على الإجادة في الَّذي / توحيه منسياً من الجمهور
هَل أَنتَ في بلد أضاعك أهله / أَم أَنت بالإقبال غير جدير
أَحمامة غنت بجانب دجلة / لم يبق مستمع إليك فطيري
يا شعر إني سوف أدثر في الثرى / ميتاً وأَنت تعيش بعد دثوري
ولسوف تقرأك العيون مجلة / وتلذك الأسماع بعد عصور
يجد الغراب على صموت عاذراً / أَما الهزار فَلَيسَ بالمعذور
في الصبح زار العَندليب شقيقه / أفديكما من زائر ومزور
يا عندليب الروض ألقِ من الربى / بعضَ القصيد كشاعر مشهور
غرد هنالك ثم غرد ههنا / من أَجل ناس أَنصتوا وطيور
يا شعر أَسمعنا قَلي
يا شعر أَسمعنا قَلي / لاً من أَناشيد المعالي
يا شعر أَنت من القدي / م أَجل أَصناف المقال
تكسو المَعاني منك أَل / فاظاً كأَمثال اللآلي
صوِّر لنا يا شعر ما / تهوى الحياة من الخيال
قل ما تَراه اليوم حق / قاً في الشئون ولا تبال
شعري شعوري فهو إن / حققت منزعه مثالي
الشعر حين أَقوله / ضرب من السحر الحلال
الشعر لست أقوله
الشعر لست أقوله / إلا كما أَنا أشعرُ
ما إن أقلد من مضت / قبلي عليه الأعصر
والشعر قائله بتق / ليدِ الطَبيعة أجدر
إن الطبيعة مورد / للشاربين ومصدر
يجد المواضيع الكبي / رة عندها المتفكر
والشعر ليس سوى الَّذي / هو للشعور مصور
والشعر بالمعنى المطا / بق للحقيقة يكبر
ولقد يثير عواطفاً / من سامعيه ويسحر
والشعر مرآة بها / صور الطبيعة تظهر
لَيسَ القَريض بطوله / بل قد يفوق الأقصر
وَلَقَد يطيل قصيده / فيجيد أشعث أغبر
وإذا البراعة ووزنت / يتقدم المتأخر
وإذا شرعت بنظمه / للذهن فيه أحصر
فإذا نظمت البيت من / هُ أعيده وأكرر
وإذا رأَيت اللفظ لَي / سَ كَما أروم أُغَيِّر
وأظلُّ أصقله إلى / أن تَستَقيم الأشطر
ويروع عيني حسنه / ويبين فيه الجوهر
أحسن بشعر عن شعو / ر النفس جاء يعبر
يَرعاهُ شعبٌ يستقل / لُ وأُمَّة تتحرر
ما للأَديب بقطره / في الشرق قدرٌ يُذكر
أما الشقاء فحظه / منه الأتمُّ الأوفر
ولقد يصادف عزة / من بعدما هو يقبر
من بعد ما في قبره / أوصاله تتبعثر
ماذا من التَكريم ير / جو ميتٌ لا يشعر
سيهذب المستقبل الإنسانا
سيهذب المستقبل الإنسانا / حتى يَكون أبرَّ مِمّا كانا
حتى يبدل من خصومته رضىً / ومن القساوة رأفةً وحنانا
حتى يوالي غيره في أَرضه / حتى يرى كل الورى إخوانا
حتى يَكون الناس أَجمعهم يداً / تجنى الثناء وتزرع الإحسانا
حتى يكون البعض مسعد بعضهم / وَجميعهم لجميعهم أَعوانا
حتى يشيع العلم بعد نزوره / بين الوَرى فينور الأذهانا
حتى تعز الأرض بعد هوانها / وَتنال بعد خرابها عمرانا
حتى يسود الأمن في أَكنافها / حتى يعم فيسعد السكانا
حتى يكون العدل حارسها الَّذي / يحمى بفضل رجاله الأوطانا
وحكومة البلدان جمهورية / ما إن تطيع لمفردٍ سلطانا
فهناك يتخذ السلام بطبعه / بين الأنام عن الحروب مكانا
وهناك تشتهر العدالة بينهم / وتعم حتى تشمل الحيوانا
وهناك تبتسم المنى في أَوجه / صعب عليها أن ترى حرمانا
تعساً لثائرة الحروب فإنها / تردي النفوس وتتلف الأبدانا
وتؤيم النسوان من أَزواجها / في ساعة وتيتم الولدانا
باتَ الرجاء وحبله فإذا به
باتَ الرجاء وحبله فإذا به / عند الصباح بحبله مشنوق
لَهفي على شعب كبير ماجد / حرموه حكم الذات وهو حقيق
الغرب مستند إلى التدبيرِ
الغرب مستند إلى التدبيرِ / والشرق معتمد على التقديرِ
الغرب حر للقيود مقطع / والشرق من عاداته كأسير
الغرب قد أَخذ اللباب لنفسه / والشرق لاه أَهله بقشور
غرض السياسة مجحف أما الَّذي / تبديه من سبب فللتبرير
في هذه الدُنيا غني واحد / يَحظى ببغيته وألف فقير
ما كانَ أفق العدل يبقى مظلماً / لَو كانَ مطلعَ أَنجمٍ وبدور
القوم بالأمس اختبرت كبيرهم / فإذا كبير القوم غير كبير
ماذا تؤمل من رؤوس ما قنت / في القحف غير جهالة وغرور
أَما القصور فإنها ليست لمن / فيها من السكان غير قبور
يا نفس عيشي بعد يومك بالمنى / حبل المنى يا نفس غير قصير
إنا إذا ما كنتَ عنّا سائلاً / أسراء موعودون بالتَحرير
لَهفي هناك على رقاب أَصبحت / ملوية بالذل تحت النير
حظروا علي لغير ذنب جئته / في موطني ما لَيسَ بالمَحظور
وَلَقَد مللت من الحياة ووحدة / أشقى بها في بيتي المهجور
قد صرت أحتقر الحياة لأنها / أَسباب آلامي وأصل شروري
الدهر أخرني ليوم فادح / ماذا أراد الدهر من تأخيري
إن الصديق من الرجال هُوَ الَّذي / إن غبت يحفظ غيبتي كحضوري
ذمَّ السياسةَ أنها أبدت لنا / قمراً على الآفاق غير منير
إني لأخشى أن تهبَّ فجاءة / ريحٌ فتقلع عند ذاك جذوري
لَهي المساعي بعد أن
لَهي المساعي بعد أن / تلقى العناية تثمرُ
الشعب لا يَرضى علي / ه أَن يكون مسيطرُ
يا أَيُّها الذئب الخَبيثُ
يا أَيُّها الذئب الخَبيثُ / حتامَ في غنمي تعيث
أتلفت ما أَبقى أب / فكأَنَّما أَنتَ الوَريث
تأَتي القطيع معجلاً / عند الظَلام ولا تريث
كم أستَغيث لدرء شر / ركَ بالكلاب فلا تغيث
ما إن أفاد نباحهن / نَ عليك والعدو الحَثيث
في الحي لا يجري سوى / ما أَنتَ فاعله حديث
يا ذئب حبل رجاوتي / في أن تسالمنا رثيث
لَيسَ الحَياة سوى سعاده
لَيسَ الحَياة سوى سعاده / ترجو الورى فيها الزياده
وَالسعي في تحسينها / للمؤمنين من العباده
ما الانتحار لمستطي / عٍ أَن يعيش سوى بلاده
إثم نصيب المرء من / هُ عكس منزلة الشهاده
ما إن يحاوله امرؤ / ذو مسكة وله إراده
إن التراب لمن ينا / م بحفرة بئس الوساده
لا يَنبَغي أن تنتهي / بالموت في الدنيا الزهاده
هَل للذي يحيا عَلى / حوبائه هذي السياده
ما إن تطوح في الحَيا / ة بنفسها حتى الجراده
المزهقون نفوسهم / لا يقدرون على الإعاده
ليسَ الفرار من التكا / فح للحياة من الجلاده
أبثين إن أدنى العدو حمامي
أبثين إن أدنى العدو حمامي / بمسدس يوريه أَو بحسامِ
فتجلدي عند الرزية واحسبي / أني اجتمعت إليك في ألاحلام
والصبر أَجمل إن ألمت نكبة / بكريمة ينمونها لكرام
أبثين إن أودى جميلك خابطاً / بدم له اهريق فوق رغام
فتدرعي للخطب صبراً وامسحي / من أَدمع فوق الخدود سجام
أَنا لست أول هالك في قومه / يَرجو تقدمهم مع الأقوام
ما زالَ مذ أخذ اليراع بكفه / يَسعى لينقذهم من الأوهام
أَنا لست وحدي إن هلكت بميت / كَم من كرام في التراب نيام
عشنا زَماناً في بلهنية الرضى / متمتعين بألفة ووئام
فإذا هلكت وكل شيء هالك / فإليك أهدي يا بثين سلامي
لا تجزعي يا بثن إني واثق / بيراعتي وعواقب الأيام
يا أمة الشرق انشطي وأفيقي
يا أمة الشرق انشطي وأفيقي / من طول نوم في الغداة عَميقِ
يا شرق أَهلك والجهالة ضلة / لا يهتدون لمنهج مطروق
يا شرق إن الناس ليس يضرهم / شيءٌ كمثل سياسة التفريق
يا شرق إن الغرب بعد هجوعه / دهراً أَفاق وأنت غير مفيق
يا شرق أَنتَ على العقول مضيق / والغرب مبقيها بلا تضييق
الغرب سباق وأَنت مقصر / يا شرق نحو مدى يرام سحيق
وَالفضل أَجمعه لمن هو سابق / والخزيُ كلُّ الخزي للمسبوق
طاروا بأَجنحة الصناعة فاِمتَطوا / ظهر الرياح مكان ظهر النوق
لا يخدعنْك تزلفٌ يدلي به / يا شرق إن الغرب غير صديق
وَطَني العراق ورب لَيل ساكت / ما كنت تسمع فيه غير شهيقي
قد طالَ حتى خلت أن نجومه / مربوطة في جوفه بعروقي
تبدي الهمومُ نواجذاً مسنونة / فأكاد من فزعي أغص بريقي
جمع الدجى شخصين تحت ردائه / من عاشق صبٍّ ومن معشوق
غربت في سيري إليه وشرقوا / شتان بين طريقهم وطريقي
إني يئست من الضياء فَلا أَرى / إلا بجانب مصر بعض بريق
العلم يا بلداً نشأت بأَرضه / ضاعت لديك حقوقه وحقوقي
يا نفس قد سبوك حين نصحتهم / هذا جزاء الصادقين فذوقي
حجر رموه يطلبون برميه / كسراً لقلب كالزجاج رقيق
قلب يطيق عظيم كل رزية / لكنه للذل غير مطيق
للبطل ألسنةٌ تقول طليقة / والحق ليس لسانه بطليق
كم أزبدوا حنقاً عليَّ وزمجروا / وعلا ضجيجهمُ إلى العيّوق
كَم قد أَشاعوا عَن لساني بينهم / نبأً يسوء الشعب غير وثيق
قالوا اطردوا الزنديق من أوطانكم / ماذا يخاف القوم من زنديق
قالوا اقتلوه إنما هو مارق / ماذا يضر المؤمنين مروقي
أَنا لست زنديقاً ولا أَنا مارق / حتى يحل لظفركم تمزيقي
أَتعود بعد تصرم ونفادِ
أَتعود بعد تصرم ونفادِ / أيام بغدادٍ إلى بغدادِ
أَيام بغداد الَّتي في مرها / كانَت عوادى الدهر غير عوادي
اذ ليس بغداد كما تلفى ولا / حكام بغدادٍ ذوي اِستبداد
كانَت محطاً للعلوم وأهلها / وَقرارةً للمجد والأمجاد
اليَوم هاتيك العلوم جميعها / مدفونة بمقابر الأجداد
قد عاشَ دهراً في نعيم أَهلها / فإذا النَعيم وأَهلها لنفاد
أَيام مدَّ الأمن وارفَ ظله / فيها فكانَت جنة المرتاد
أَيام بغداد تضيء جميلة / فَتَلوح مثل الكوكب الوقاد
أيعاد ما فد مر من عُمرانها / أم ذلك العمران غير معاد
لا ترجع الرغبات نحو عِراصها / أو ترجعَ الأرواح للأجساد
فتقوم فيها بالسداد حكومة / وتزول عنها دولة الأوغاد
جاسوا المنازل مفسدين وأوقدوا / نارَ الإساءَة أيما إيقاد
إني أظنك لا ترى بمكانها / من بعد بضع سنين غير رماد
فهناك أَهل يجهلون حقوقهم / وَحكومة تعتو ودهر عادي
هم أَيدوا الحكام في تدميرها / فكأَنهم لَو يخجلون أَعادي
لجأت إليهم حين عزَّ نصيرها / ولقد يجاء إلى ذوي الأحقاد
قضت الفظاظة في طبائع أهلها / أن لا يكون فؤَادُهم كفؤادي
قد زال عن بغداد كل حلاوة / لكن كذاك لها قديم ودادي
فلها مع الجَنفَ الذي ألقى بها / ودٌّ بقلبي نال من أجلادي
بغداد تطلب ذِلتي وأُعزها / فانظر لبعد البون في الأضداد
وتريد موتي إذا أريد حياتها / شتان بين مرادها ومرادي
أَمدينةَ الإسلام يا دار السلا / م لمن أقام وكعبة القصاد
أني بكيتك بالدموع لأنها / مما تخفف حرقة الأكباد
ونظمت مرثية تخذت لها ذرى ال / مستنصرية موضع الإنشاد
إذ نهر دجلة أنت تجري ههنا / دهراً فتخرق جانبي بغداد
أَرأيت بغداداً كذا فيما مضى / بلداً عليهِ الذل حولك باد
بلد بهِ قدم التعسف راسخ / والجور فيهِ ثابت الأوتاد
بلد بهِ سوق الجهالة نافق / والعلم فيهِ متاعه لكساد
بلد تمسك أهلها من جهلهم / بعرى الضلال فما لهم من هاد
وانقاد للظلم الصريح ولم يكن / فيما مضى للظلم بالمنقاد
وقد استغاث بهم فلم يتحننوا / فكأن قلب القوم بعض جماد
وأراد بعض أولى الدراية منهم / نيل الرشاد ولات حين رشاد
ليس النجاة لأمة من أَسرها / مِمّا يتم بهمة الأفراد
يا نهر دجلة أن من حقي البكا / حتى أموت على ضياع بلادي
يا نهر دجلة أن عيني ماؤها / نزرٌ فليس يبيح نار فؤادي
يا نهر دجلة فاجر أنت مكانه / واسق المعاهد من ربي ووهاد
يا نهر دجلة أنت تقنى قوةً / إذ كنت منحدراً من الأطواد
يا نهر دجلة إنني لمؤمل / أن لا تضن عليَّ بالإسعاد
يا نهر دجلة أين بغداد التي / كانت لأهل الفضل أكبر ناد
لم حولك الأرض الوسيعة أقفرت / والماء منك هناك غير ثماد
يا نهر دجلة ما لبغداد غدت / بلداً لكل شناعة وفساد
لهفي على بغداد كيف تأخرت / في العلم بعد تقدم متمادي
لبس النهار بها على رغم المنى / بعد الليالي البيض لون سواد
وقد التقت فيها الجهالة والردى / فكأَنَّما كانا على ميعاد
نظرت إلى الأحرار من أَبنائها / نظر المريض بأوجه العوَّاد
كانت لعمري قبلُ مدرسة لمن / يبغي العلوم كثيرة الروّاد
كانت ملاذاً للطريد ومرجعاً / للمستفيد ومورداً للصادي
فد ان يا بغداد أن تبكي على / موت الذين لهم عليك أيادي
قد آن إذ نزلوا بأفنية الردى / أن تلبسي بغداد ثوب حداد
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ / وَبِطولِها خَدَعَتني الأعوامُ
إن ابتساماتي انتهت أَسبابها / فإذا بكيت فما عليّ ملام
لا الجو صاف في العراق كعهده / منا وَلا زهر الربى بسام
لا بد لي من رحلة عن موطني / إذ لا يطيب على الهوان مقام
يا أَرض أَوطاني الَّتي أَحببتها / مني عليك تحيَّة وَسلام
قلت الحياة أخوَّة وصداقة / وإذا الحياة عداوة وخصام
قل لي مَتى الإنسان يفرخ روعه / وَالقلب يهدأ والعيون تنام
ارحل إذا ما اسطعت عَن متوطن / ما إِن به غير العظام عظام
كل الرجال يطأطئون رؤوسهم / إلا الهمام وأين أَين همام
لا دارنا بعد الأحبة في اللوى
لا دارنا بعد الأحبة في اللوى / دار ولا جيراننا جيرانُ
الدمع يشهد أن بالأوطان لي / شغفاً به لا تعلم الأوطان
أوَ هل يعود إلى العرو
أوَ هل يعود إلى العرو / بة ذلك المجد الأثيلُ
مجد تُجَرُّ له على / مجد تقدمه الذيول
مجد بدا كالنجم يل / مع ثم أَخفاه الأفول
مجد تزول الراسيا / ت وذكره ما إِن يزول
مجد له في أَبطن ال / تاريخ قد كتبت فصول
مجد بناه اللَه ضخ / ماً ثم أَيده الرسول
إذ كانَ في بغداد عم / رانٌ وكان له شمول
وَمعاهد لم يَبقَ من / آثارها إلا طلول
غابَت أَشعة نجمها / ولكل طالعة أُفول
بغداد بعد القائمي / نَ بعزها أَمٌّ ثكول
الشعب بعد اللَه يا / دستورُ أَنت به كفيل
تَمشي به الآمال وَال / آمال مركبها ذلول
إن الحَياة إذا انتفت / آمالها عبءٌ ثَقيل
وإذا أَرادَت أُمَّةٌ / رشداً فَما شيءٌ يحول
أَصل العروبة قد رسا
أَصل العروبة قد رسا / كالطود في البلد الحرامِ
والفرع منها في العرا / ق ومصر يسمو والشآم
الناس مولعة بمن / للناس يعمل بالتزام
تعنو لأرواح جسا / م لا لأجساد جسام
وَرجاؤُها أن الحقو / ق تصان من كل اهتضام
وإذا الحكومة ما وفت / تَبقى الجروحُ بلا التئام
الحمد لِلَّه الَّذي / سبغ السعادة بالتمام
الدهر بدل ما لدي / هِ من عبوس بابتسام
بغداد منذ تأَسَّسَت / عُرفت بعاصمة السلام
عاشَ النصارى واليهو / د ومسلموها في وئام
في وحدة عربية / ليست تهدد بانفصام
أُمَم قد التأمت جرو / ح في جوانحها دوامي
وَلَقَد تعاهدنا على / حفظ المودة والذمام
تبني سعادتها الشعو / ب على اتحاد وانضمام
لا خير في شعب يعي / شُ من التعاسة في انقسام