المجموع : 79
نصبو القَنا الطِّعانِ فَخلْتهُ
نصبو القَنا الطِّعانِ فَخلْتهُ / مِنْ فرطِ نقْعهمُ نبات القسطلِ
حتى اذا شَرَعوهُ قُلْتُ كواكبٌ / مُنْقضَّةٌ في جِنْحِ ليلٍ ألْيَلِ
جَلَّ المَقامُ عُلاً وَمقدرةً
جَلَّ المَقامُ عُلاً وَمقدرةً / عن وافِرِ القُرُباتِ والنَّزْرِ
لكنها شِيَمٌ مُطَهَّرَةٌ / بَسَطَتْ فقيرَ الحَيِّ والمُثْري
كالبحرِ يَقْبلُ غيرَ مُفْتقرٍ / بَلَلَ الرَّذاذِ وَوابِلَ القَطْرِ
بِتْ حيث شئت ولا يرُعْكَ المنزلُ
بِتْ حيث شئت ولا يرُعْكَ المنزلُ / أمِنَ المُعرَّس واستطيب المَنْهلُ
يا سارياً لَبِسَ الحِذارَ وراعهُ / جورٌ تَقادمَ فهو حافٍ مُعْجلُ
وضحتْ دياجيرُ الخطوبِ بقانتٍ / تُهْدى بغُرَّتهِ الركابُ الضُلَّلُ
بأغَرَّ وضَّاحِ الجبينِ مُمَجَّدٍ / يخشى اِشارتَه الخميسُ الجحْفل
بالمقْتفي أمرَ الاِله ومنْ بهِ / عمُرَ الطريقُ إِلى النَّجاةِ الأمْثلُ
مُحيي الدَّوارس من شريعة أحمدٍ / ورسومُ سُنَّتِها مُوتٌ عُطَّلُ
حَبْرٌ كميٌّ في الجدالِ وفي الوغى / شَهدَ الحُسامُ بفضلهِ والمِقْوَل
فاذا جَرى لمنُازلٍ وجادلٍ / صُرِعَ الكَميُّ به وحُلَّ المشكل
جوْنٌ مُسِفٌّ تشْرئبُّ بُروقهُ / جَمُّ الرَّواعدِ مُجْلبٌ مُتهلِّلُ
تخشى بوادرهُ العِدى منْ صاعقٍ / ويشيمُ بارقَهُ المُسيفُ المرْمِلُ
سَنَّ السَّكينةَ فوق باسلِ بأسهِ / والحِلْمُ طوْدُ والعزيمةُ مِقصل
يتغايَرانِ على ثناءِ مُمَدَّحٍ / سِيَّانِ خَلْوةُ ليلهِ والمَحْفِلُ
لقِنَتْ مخادعُه الصَّلاةَ لفرط ما / تُزْجى بهنَّ فريضةٌ وتَنَفُّلُ
وعلِمن من كَرِّ التِّلاوةِ كلَّ ما / يجري الشُّذوذُ عليه والمُسْتعمل
بدَلٌ له من فرط تقوى رَبِّهِ / شُرْبٌ يُجنِّبهُ الورودَ ومأكلُ
لا تَطَّبيهِ زَخارفُ ادُّنيا ولا / تمْضي به الأهْواءُ أو تتنقَّلُ
صعبُ العَريكةِ في الاِله فان غدا / لِوَدادَةٍ فهو الدَّميثُ الأسْهَلُ
خِرْقٌ اذا حُبِسَ القَطارُ بأزمة / شقيتْ لديهِ نيبُهُ والعُذَّلُ
واذا استمرَّ المحْلُ يشفعُ شرَّهُ / خَصَرٌ يُرَذُّ له الحَصى والجندل
واستخْمد الشَّفَّانُ كل ضريمةٍ / فاذا تَلَظِّيَ كلِّ جَمْرٍ أفْكلُ
ببعيدةِ الاِصْباحِ حالكةِ الدجى / سهرَ النَّؤومُ بها ونامَ المُفْضلُ
يثنْي مُصارفُها الجوارحَ عندها / حتى تُضلَّ الرَّاحَ فيها الأنْمُلُ
وأطارتِ الهوْجاءُ كلَّ مُطنَّبٍ / فالرَثُّ فانٍ والصَّحيحُ مُرَعبل
واستهْدم الجدْبُ الغوارب والذرى / حيث البَهازِرُ والصِّعابُ البُزَّل
في أزْمَةٍ قُذفٍ كأنّض أخيرَها / منْ بُؤسِها للضَّعْفِ عنهُ أوَّلُ
غَبْراءُ رَيعْانُ الربيعِ كقيْظِها / في المَحْلِ لا مرعىً ولا مُتبقَّلُ
فقديرُ زادِ المُتْرفين على الطَّوى / قِدٌّ تَناهبُه الأكُفُّ وحَنْظَلُ
آوى أميرُ المؤمنينَ مُحمَّدٌ / بددَ الضيوف فكلُّ وعْرٍ مُسْهَل
وقَرى فأشْهبُ كلِّ جَوٍّ هاطلٌ / هامٍ وأغْبر كل أرضٍ مُقْبِلُ
ومُشَرَّدٍ نَبَتِ البلادُ بحَمْلهِ / فيكادُ منْ قبلِ المُعرَّسِ يرْحل
جَمِّ المَحاسبِ لو تَبسَّمَ خِلُّهُ / للقائهِ ظَنَّ التَّبَسُّم يَخْتلُ
أعْدى المَطيَّةَ ذعْرُه وحِذارُه / فأقلُّ سيْريْها الذَّميلُ الزَّلْزلُ
نكرَ الأنيسَ فلو تألَّفَ عِطْفَه / ندْمانُ شِربٍ فرَّ وهو مُحَنبل
شَعِثٌ تميلُ به القُتودُ كأنه السِّعْ / لاةُ يحْدِرُها الكثيبُ الأهْيَلُ
لفظتْهُ أنْديةُ المُلوكِ فلم يُطق / اِظْهار نُصرتهِ المُطاعُ العَبْهلُ
آواهُ حِلمُك خيث حبُوةُ أحنفٍ / محلولةٌ وأخو النَّزاقَةِ يذْبلُ
وعرمرمٍ حجبَ الغَزالةَ نقْعُه / فالصُّبْحُ ليلٌ بالعَجاجَة ألْيلُ
زَجِلٌ كأنَّ الرَّعدَ فيه اِشارةٌ / يخشى الرَّقيب لها مُسِرٌّ مُدْغلُ
جَمٌّ كأنَّ الخرْقَ منْ اِفْراطهِ / داني الكُسورِ له رِتاجٌ مُقْفَلُ
يَقِظٌ كأنَّ رجالَهُ وجيادَهُ / شُهْمٌ تناقَلَها ذِئابٌ عُسَّلُ
هَجَرَتْ سوابقُه المياهَ وشاقَها / ما أنْبعتهُ المُشْرعاتُ الذُبَّلُ
وتنكَّبتْ غُدرانهُ ونِهاءَهُ / لِروىً يمُدُّ به نَساً أو أكْحْلُ
من كُلِّ أغْلبَ لا الأسنَّةَ يختشي / عند اللقاءِ ولا المّنيَّةَ يحْفِلُ
حامي الفؤاد يكادُ منْ زفَراتهِ / تجري حَصينةُ درْعهِ والمُنْصل
دَلفوا لحرْبكَ جاهلينَ سريرةً / يحْمي مَعاقِدَها القديمُ الأولُ
فغلَبْتَهمْ والمُرْهفاتُ مَصونَةٌ / وظُبى القضاءِ من الصوارم أقْتلُ
نَبتِ الديارُ بهم ولو رضْوى نوى / غِشَّ الاِمامِ تحمَّلتهُ الشَّمْألُ
تُزهى الخِلافة منكَ بابن مَناقبٍ / غُرٍّ تُبِرُّ على النُّجومِ وتفضُلُ
طَلعتْ بوادرها فأثرى مُعدِمٌ / واُجيرَ ملْهوفٌ وعَزَّ مُخَذَّلُ
ومكارمٍ لولا شَواغِلُ عَصْرِها / خَجلَ الخِضَمُّ لجودها والهُطَّل
خَفيتْ عن غير اللَّبيبِ وانما / علم الفِرَنْدَ من الحسام الصَّيْقلُ
يا ابْن الحجاجحِ من ذؤابةِ هاشمٍ / لهمُ المَزيَّةُ والمَقامُ الأفْضلُ
المانِعينَ حِمىً ولم يُسْتصرخوا / والباذلين غِنىً واِنْ لم يُسألوا
والخالعي طربَ النُّفوس على القَنا / بالمَجْرِ فهي إِلى المَعاركِ تَعْسلُ
من كلِّ متْبوعِ اللواءِ خِلافُه / مُغوٍ لمنْ لبسَ الخِلافَ مُضلِّل
قومٌ اذا ضاقَ القريضُ بوصفهم / أثْنى بفضلِهُم الكتابُ المُنْزَلُ
شَعفي بمجدك لا ارتيابَ بصدقهِ / ومعي على الدعوى دليلٌ يُعقَلُ
الأمنُ بعد الخوفِ محبوبٌ ألا / أهْوى الذي هو مؤْمنٌ ومُؤمَّلُ
نُصِرَ الاِمامُ محمَّدٌ بعَليِّهِ / وكذاكَ منْ قبلُ النَّبيُ المُرسَل
بالأقْربَيْنِ الصَّدقْينِ مَوَدَّةً / شهد النَّديُّ بنُصْحها والقَسْطل
فمُفرقٌ للمارقينَ مُبَدِّدٌ / ومُعفِّرٌ للمُشْركينَ مُقتِّلُ
ورأيتُ بدْراً بالعراقِ صَريحةً / عاشَ المُحِقُّ بها وماتَ المُبْطلُ
فالزَّينبيُّ بحقِّهِ وبصدْقهِ / للطَّالبيِّ فتى العُلى يَتَقَيَّلُ
غَيرانُ يَمْحَضكَ الودادُ كانه / صَبٌّ يُصافيهِ حَيبٌ مُجْمِلُ
أقْصى مُؤمَّلهِ بَقاؤكَ للِعُلى / فبَقيتُما ما شَدَّ زنْداً أنْمُلُ
أما اذا سَلِمَ الاِمامُ الأعْظمُ
أما اذا سَلِمَ الاِمامُ الأعْظمُ / وسليلهُ دَقَّ الجليلُ المُعْظَمُ
عَزَّ العَزاءُ وهانَ حين بَقِيتُها / فالمجدُ باكٍ طَرْفهُ مُتَبسِّمُ
يُمْهي لنا الحُزْنَ الأليمَ عزاؤهُ / فيكُفُّهُ كوْنُ الخليفةِ يَسْلَمُ
وبقاءُ شمس الصبح حدث سلوةً / فينا اذا بدْرٌ هَوى أو أنْجُمُ
للّهِ ثاوٍ في التُّرابِ وطالما / زُهيَ النَّديُّ به وتاهَ المَقْدَمُ
ومُطَعَّنٌ بشب الحِمامِ وطَالما / رَوِيَ الحُسامُ بكفِّهِ واللَّهْذمُ
ومُمنَّعُ الأقوالِ يحصرُ بعدما / نطق البليغةَ والفصيحُ مُجمجِمُ
كُفَّتْ يداهُ عن النَّدى من بعدما / حسدَ الغمامُ بَنانهُ والخِضْرِمُ
ونَبتْ عزائمهُ وكانَ مَضاؤها / في الخطب يرهبهُ الطَّريرُ المِخذم
وأجَنَّ غَرَّته الثَّرى من بعدما / عادَ الصَّباحَ بها البَهيمُ المُظْلمُ
نُهدي الصَّلاةَ له ويكرُ قدْرُه / ومحلُّهُ منْ أن يُقالَ تَرَحُّمُ
اِنيِّ لنًدَّابٌ أخاً لخليفةٍ / وعن الصميمِ من النِّجار مُترجم
فاذا اختصرت القول تخصميني العلى / واذا أطَلْتُ مقالتي لا تُسْأمُ
يبكيك ضِيفانُ الشتاءِ عَشيَّةً / والعامُ مُغْبرُّ المَطالعِ أقْتَمُ
حيث المَواقدُ من تَعاقب رِهْمةٍ / يقَقٌ ولُوحُ الجوِّ جَوْنٌ أدهم
فهناكَ كان نَداكَ غيرَ مُمَنَّعٍ / يُكفى الخميصُ به ويثْري المُعدم
يبكيكَ مرعوبُ الفؤادِ تخاذلَتْ / عنه الملوكُ فكلُّ حَيٍّ مُسْلمُ
ناداكَ يخْفضُ صوتَه مِن رعبهِ / فعطفْتَ توسِعهُ الحَريمَ وتعْصم
من بعدما يبكيك أروعُ قانِتٌ / مُسترشدٌ باللّهِ بَرٌّ مُنْعِمُ
السَّاهرُ اللَّيلَ البَهيمَ مُحاولاً / حِفْظَ الرَّعيةِ والرعيَّةُ نُوَّمُ
والصَّائمُ اليوم الهَجيرِ تَقَّيةً / رْمضاؤهُ منْ لفْحِهِ يَتَضرَّمُ
وهناك أنكَ مِتَّ تحت لوائهِ / حيث الملائكُ ماثِلاتٌ تَخدِمُ
لَهْفي عليه لا بَوادرُ نَصْرهِ / تحْمي الصَّريخَ ولا المكارم تثجمُ
فثَوى بموحِشةِ الكسور شقاؤها / بسوي نَعيمِ مَعادهِ لا يُنْجِمُ
في زُمْرةٍ قطعوا الأحِبَّة عَنْوةً / وحَدا ببَيْنهمُ القَضاءُ المُبْرمُ
رحلوا على غير الركابِ وعَرَّسوا / مُعرَّسٍ ثاويهِ لا يَتَرمْرَمُ
مُتجاورين كأنهمْ لتَهاجُرٍ / مُتباعدونَ فمُنْجدونَ ومُتْهِمُ
مُنعوا عن الشكوى فلا أبيهُمُ / آبٍ ولا مِنْطيقُهمْ يتكَلَّمُ
أغْضوا على جَوْرِ المَنون وطالما / أغْضى للحْظِهمُ الخميسُ المعْلم
وتوسَّدوا عَمِدَ التُّراب ولم يزل / ملْقى نعالهم الدِّمَقْسُ المُعْلَمُ
ركضتْ حُروبُهُمُ لهم فتمنَّعوا / ومَشى الحِمامُ اليهمُ فاستسلموا
من كلِّ أغْلب لو تصوَّر موْتُهُ / في مَنْسرٍ أرْداهُ منهُ تَقَحُّمُ
ما ينفعُ الأسْوانَ طولُ بُكائهِ / واللّهُ يفْعلُ ما يشاءُ ويحْكمُ
حُمَّ القضاءُ فالكدَّنيِّ مُمَجَّدٌ / عند المماتِ وكالجَبانِ مُصَمِّمُ
يا حامليهِ تكَثَّروا ما اسْطَعْتمُ / فالشِّلْوُ طوْدٌ والفريدُ عرمرمُ
وتوسعوا في الأرض شقَّ ضريحه / ماشئتُمُ فالطَّوْدُ طَوْدٌ أيْهَمُ
لا زالَ رجَّافُ العَشي مُزجراً / جَمَّ الرُّعودِ لهُ ركامٌ مُرْزِمُ
مُتفارطُ التَّسْكابِ كلُّ مُسفَةٍ / منه تُذامِرُ أخْتَها اذْ تُقدِمُ
ثقُلتْ سحائبُه وأجْلبَ صوْبُه / فكأنَّ عُطَّلَهُ عِشارٌ رُزَّمُ
جمعتْ شتاتيهِ الدَّبورُ ولم تزلْ / وُطْفَ السَّواري والغوادي تلئمُ
حتى اذا مَخَضْتهُ عند كَمالهِ / مخْض السِّقاءِ اسْتنَّ لا يَتَلوَّم
يُلْقي على جَدَثِ الأميرِ بِعاعَه / والدمعُ أهْمى لو يُقاسُ وأثْجَم
لا يُحْزنِ اللّهُ الاِمامَ فانهُ / ليجِلُّ عن حَزنِ النفوس ويعظمُ
حاشا خَلائقهِ تُسامُ تَصَبُّراً / والصَّبرُ من تلْقائهِ يُتَعلَّمُ
يقسو على طعنِ الكُماةِ فؤادهُ / ويَرِقُّ للمستضعفينَ ويَرْحَمُ
المُستهلُّ اذا تَجِنُّ شَديدةٌ / والمُسْتقلُّ اذا يَؤددُ المَغْرَمُ
ولقد عجبتُ من المَنيَّةِ اِذ غَدا / منها مُطيعٌ ما أردْتَ ومُجْرِمُ
تعْصيك في اصِّنْعو الشقيق سفاهةً / وتُطيعُ أمْرَكَ والقَنا تتَحطَّمُ
فاذا سلمت فكلُّ بؤس نِعْمةٌ / واذا بقيتَ فكلُّ غُرْمِ مَغْنَمُ
يا ابْن الجحاجح من قريش والاُلى / فضلوا الورى في البأسِ والنَّعماءِ
والمُتْلفينَ المال في بذْلِ النَّدى / اِتلافَهُمْ للسُّمْرِ في الهَجياءِ
مَلكوا ببذْلِ نوالهمْ وببيأسهمْ / مُهَجَ العُفاةُ وأنْفُس الأعْداءِ
وسعْيتَ بعدهم فنلْتَ محلَّةً / أرْبَتْ على الأسلافِ والآباءِ
تأبى مُصانعةَ العدوِّ بَسالةً / اِلا بضرْبِ طَلىً وسَفْكِ دماءِ
ولرُّبَّ يومٍ بالعَراءِ مُنَوَّرٍ / بَدَّلْتَهُ باللَّيلةِ اللَّيْلاءِ
غادرْتَ فيه السَّابقاتِ ظَميئةً / والمَشْرَفيَّةَ فيه غيرَ ظِماءِ
مالي أُنادي منكَ أكرمَ من وعى / حِكَمَ الكلامِ فلا يُرَدُّ نِدائي
وأشيمُ برق الجودِ وهو على الورى / هامي السَّحابِ فلا يُبَلُّ صدائي
بقصائدٍ غرٍّ كأنَّ بُيوتَها / حَصْباءُ دُرٍ أو نجومُ سَماءِ
جُمَعِيَّةٍ لكنها منْ جَوْدةٍ / أرْبتْ على حوْليَّةِ الاِنْشاءِ
حاشاك تزي من طوى أرض العدى / يرجو النَّدى بشَماتةِ الأعْداءِ
أو أنْ تُذمَّ من الحمام لمُهْجمةٍ / فتُميتها بالفقْرِ والَّلأواءِ
أو أمْلأَ الدنيا بحمْدكَ دائماً / فيكونَ حِرْماني جوابَ ثَنائي
واذا نظرْتَ فكلُّ ما تحوي يَدٌ / فانِ وذِكْرٌ صالحٌ لبَقاءِ
للّهِ دَرُّكَ من مُقارنِ هِمَّةٍ
للّهِ دَرُّكَ من مُقارنِ هِمَّةٍ / حَسدْت عَزائمها صدورُ الذبَّلِ
مُتَمطِّرٍ في المجدْ يُفَّرعُ نبْعُه / بمُشمِّرٍ شهْمِ الملامحِ أجْدَلِ
فرعَ الصِّعابَ إِلى المَحامدِ حينما / زَلَّ المَقامُ الدَّحْضُ بالمُتوقِّلِ
نظرتْ مَراتبكَ النجومُ ونورها / فغدتْ تعُدُّ نفوسَها في الجنْدلِ
ودَعا الاِمامُ رجاله حمى العُلى / فأتيتَ توجِفُ في الرَّعيلِ الأولِ
أثْبَتَّها والسيفُ يُرْعدُ حدُّهُ / بأناةِ عاديٍّ وهَبَّةِ مِقْصلِ
وجلوْتَ غيْهَبها وكانت بالضحى / دَهْماءَ دامِسة كليلٍ ألْيَلِ
حتى تبلَّجَ جُنْحُها عنْ قانِتٍ / مُستنجدٍ باللّهِ خير مُؤمَّلِ
فحياكَ نُعْماهُ وزادَك بَسْطةً / والذَّمرُ يُكرمُ من محلِّ المُنصل
ودعاك حين عضدْتَ دينِ محمدٍ / عَضُداً فَبِتَّ مُغامساً لم ينْكُلِ
يلْقى الوغي والجدبَ بأسُك والندى / في الحالتينِ بوابلٍ وبجَحْفَلِ
تحمي وما رفعَ الصَّريخُ عَقيرةً / وتجودُ مُبتدئاً وانْ لم تُسْألِ
وتمُرُّ مَرَّ العاصفاتِ اذا جرَتْ / وعليك من حِلْمِ سكينةُ يَذْبُلِ
واذا الدجي كتمت تدافُع مُسنتٍ / يطفو ويرسبُ في البَهيم الأطْولِ
خَشْيانَ مقْصوبٍ على غَلْوائهِ / جَمِّ المَحاسب في السُّرى والمنزل
يتعسَّف الوعْرَ القَصيَّ مخافةً / ويحيدُ عن سَنن الطريقِ الأمْثل
عَلِمَتْ مَطيَّتهُ محاذرَ نفسهِ / فضُلوعُها ومَسيرها في أفْكَلِ
يبغي النَّدى والأمْنَ لما اخلف ال / رَّعْدانِ من مُتوعدٍ ومُجلْجلِ
جعلَ ابْن عزِّ الدين موئلَ نفسه / فأناخَ منه بالنَّصيرِ المُفْضِلِ
مسترصرخاً بن المُظَفَّرُ جَدُّهُ / شرفُ الورى صدر الوغى والمحفل
نْجلَ النِّظامِ وكانَ بحر بلاغةٍ / ونَدىً لمحْلٍ عارقٍ ولُمشْكِلِ
نَسبْ يطيبُ له النَّسيمُ كأنهُ / نشرُ الرياض مع الصباح المُقْبلِ
لكن أقولُ وحُجَّتي وضَّاحَةٌ / فضلَ الأخيرُ كريمَ مسْعى الأَوّل
فاسلمْ وتاجُ الدين ما رُجيَ الحيا / من حافلٍ والجودُ من مُتَفضِّل
وبهاءُ دينِ اللّهِ اِنَّ لفَضْلهِ / شأناً وعِلْمُ فراستي لم يبطُلِ
وشقيقهُ نَسباً ومجْداً اِنكم / أهلُ البَقاءِ لخائفٍ ولمُرْمِلِ
فعُلى شهاب الدين غيرُ خَفَّيةٍ / وضّاحَةٌ كالصُّبحِ للمُتَأمِّلِ
غيثٌ لا يزالُ مُبارياً / بأسَ الهِزَبْرِ وغادياتِ الحُفَّل
لا تُخْدعنَّ عن الغَنيمةِ انها / جاءتْكَ طوْعاً كالذَّلولِ المُعْجل
تحوي لك الحمدَ الشَّهير بمادحٍ / أْلقتْ عليه الحادثاتُ بكلْكلِ
ناداك في اسْترجاعِ حقٍّ واجبِ / ولو استغاثكَ ظالماً لم تجْهلِ
والناس أعيُنهم اليكَ نَواظْرٌ / لتَحبُّرِ النُّعْمى لديك ومِقْولي
جعلوا ظُنونهمُ يَقيناً صادقاً / كالرَّيِّ يرجى من ورود السلسل
العِزُّ حيث البلْدةُ الزوراءُ
العِزُّ حيث البلْدةُ الزوراءُ / والمجدُ حيث القُبَّةُ البيضاءُ
فخْرٌ تَسامى أنْ يُزانَ بمدحةٍ / فالنُّطْقُ عِيٌّ والصُّمات ثَناءُ
فعَلامَ يعْتسفُ الظَّلام مُشمِّرٌ / أودتْ به الشَّدَنيَّةُ الوجْناءُ
إنَّ الجحاجح من قُريشٍ أدركوا / شَرَفاً تُقِرُّ بفضلهِ الأعْداءُ
فلِهاشمٍ منه السَّوامقُ والذُّرى / ولغيرها الهَضَباتُ والأنْقاء
وأصاب سِرَّ اللّه من أبنائهمْ / دونَ الرجالِ ثلاثةٌ كُرَماءُ
فأُقِرَّ ذاك السِرُّ في مسترشدٍ / باللّه تخْرسُ دونهُ الضَّوْضاءُ
يقْظانُ أبْلجُ ينجلي بجبينهِ / ودليلهِ الإِشْكالُ والظَّلْماءُ
فتوهُّمُ المُتَجادلينَ حَقائِقٌ / منه وليلُ المُدْلجينَ ضِياءُ
غيثٌ وليثٌ يرْعَوي لبَنانهِ / بأسُ العِدى واللَّزْبةُ الغَبْراءُ
فلمُحْفِظيهِ مَتالِفٌ ومَعاطِبٌ / ولمُعْتَفيهِ مكارِمٌ وعَطاءُ
طوْدٌ أشَمُّ وخارقٌ ذو شارَةٍ / حُسَّادهُ الأنْصالُ والحُلَماءُ
فبهِ إذا نَزَقَ الحَليمُ تأيُّدٌ / ولهُ إذا نَبَتِ السِّهامُ مَضاءُ
حَبْرٌ إذا ذلَّ الدَّليلُ بموغِلٍ / شهدتْ بصائبِ قولهِ العُلماءُ
وإذا المَقاولُ ساورتْها نُبْذَةٌ / من لفْظهِ فَفَصيحُها فأفاءُ
خمصانُ يقْلي الزاد غير ممرَّضٍ / ولهُ التَّقيَّةُ مطْعَمٌ وغِذاءُ
نورٌ أضاء الأفْق ساطعُ لمْعِهِ / فعلى الزمانِ وأهْلهِ لأْلاءُ
نَضرَتْ به أيامُنا فكأنَّها / بين العُصورِ خَميلةٌ غَنَّاءُ
يا ساهرَ الظَّلْماءِ يرقبُ صبْحها / كي يستقلَّ به الغَداةَ نَجاءُ
هابَ الظَّلامَ وذاعريه فجرْسهُ / هَمْسٌ ونُطْقُ لسانهِ إيماءُ
نَسَعَ المَطايا والجيادَ مخافَةً / منْ أنْ ينُمَّ تَصاهُلٌ ورُغاءُ
سرْعانَ ما ظنَّ الإكامَ مَناسراً / دلَفَتْ إليه بشَرِّها الفَيْفاءُ
يُغْفي فيحلمُ بالعِدى فهُبوبهُ / فَرَقٌ وجالِبُ رَوْعهِ الإِغْفاءُ
سَعْياً جَريئاً أو فَنَمْ مُتَوَدِّعاً / ففِناءُ بيتكَ والعَراءُ سَواءُ
والأمرُ مزْمومٌ بعَدْلِ خليفَةٍ / تَلِغُ الذئابُ لخوفهِ والشَّاءُ
لفظتْ سياسته السيوفَ فضربُهُ / في الدارعينَ تَبَكُّتٌ وإِباءُ
وتماسكَ المُتَحرِّبونَ فكادَ أنْ / يسْجو بمُنْحَدرِ المَسيلِ الماءُ
وفَشا الحِذارُ به فكلُّ قبيلةٍ / جُهَّالُها من خوْفهِ حُلَماءُ
وجرى اللسانُ من الفقيرِ وطالما / حصِرَ الفَصيحُ وخصْمُه الإثراء
فالمُرْمِلُ الممْلاقُ منْ إِرْهابهِ / والمَلْكُ في حَقِّ المَقالِ سواءُ
الصَّائمُ اليومَ الهجيرَ تأجَّجَتْ / تحت الكُسورِ لوَقْدهِ الرَّمْضاء
والسَّاهرُ الليل الطويل وقد ثوتْ / بالرَّاقدينَ نمارقٌ ومُلاءُ
والقائدُ الخيلَ العِتاقَ يؤمُّها / مُتغطْرفٌ يُزْهى به الخُيَلاءُ
نَسخَ الغُبارُ صباحَها فكأنما / بيضُ الشُّهور حَوالِكٌ دَهْماءُ
أجْرا فتىً ركب الجياد إلى العِدى / قلْباً وأصْبَرُ مَنْ عَلاهُ لِواءُ
وإذا تعرَّضت الخطوبُ وساورت / أمْنَ الرَّعيَّةِ ضخْمةٌ بَزْلاءُ
وتقاعسَ المُتهافتونَ على الرَّدى / حَذرَ الحُتوفِ وصانَعَ الأحياءُ
مَنحَ المنابرَ والضَّوامِر أخْمصاً / تُزْهى بموقعِ وطْئهِ الجَوْزاءُ
وجرى الصيالُ مع المقال فأقْدَمَ / الضَّاري وخاسَ الأخضرُ الدَّأماءُ
فعلى المسامعِ والمطامعِ بالضُّحى / خَيْلٌ تُغيرُ وخُطْبَةٌ رَوْعاءُ
ينجابُ عنه الجيش وهو مُصممٌ / وتَحيدُ عنهُ الشِّدَّةُ الصَّمَّاءُ
بأسٌ وجودٌ في مَضاءِ عزيمةٍ / يُدْني البَعيدَ وعِفَّةٌ وحَياءُ
وأغرُّ مُرُّ العيش من حفظ الورى / يحلو وتَعْذُبُ عندهُ النَّعْماءُ
فصلُ الحكومة لا يُخامر قلبهُ / صَوَرٌ ولا تمضي بهِ الأهْواءُ
يُغنيه حدُّ العزم عن حدِّ الظُّبى / وتُريهِ قبلَ لِحاظِه الآراءُ
ما ضَيْغمٌ شثْنُ البراثنِ عازبٌ / بِالخيس فيه نَغَشْرُمٌ ومَضاءُ
ضارٍ يُعفِّرُ زأرُه أقْرانَه / فبهِ عن الصَّوْل الشَّديد غَناءُ
يتقصَّفُ العاديُّ عند مرورهِ / فَرَقاً وترْجُفُ تحتهُ الصَّحراء
عَرقَ الطَّوى أشْبالَه وتَناذرَ الأظع / انُ فهو مُلَجِّجٌ سَرَّاءُ
لَزِمَ الثَّنِيَّةَ لا يَلوحُ لشخصه / شَبَحٌ ولا يبدو عليه رُواءُ
ثمَّ استمرَّ كراشقٍ قذفتْ به / نحو الرَّميِّ شديدةٌ فَجْواءُ
فثنى الخميسَ المَجْرَ قُرُّ جَنانه / والذِّمرُ تُنْغض عِطفه العروَاء
كُلٌّ يقولُ أنا الصَّريعُ وإنما / صَيْدُ الهِزَبْرِ الأصْيَد الأبَّاءُ
فغدا يجُرُّ إلى العيالِ ونفسهِ / منْ لمْ تَرُعْهُ الفيْلق الشَّهباءُ
بأشدَّ من بأسِ الإِمامِ إذا عَلا / صوتُ الصَّريخ وهاجت الهيْجاءُ
وعرمرمٍ كاليمِّ هيجَ بعاصِفٍ / شرِقتْ بفضل عُبابه البَيْداءُ
نسخ الفلا والصبح ركضُ جياده / فالأرضُ جَوٌّ والصَّباحُ عِشاءُ
طردتْ فوارسهُ وما لاحَ العِدى / حِرْصاً فكلُّ كَتيبةٍ دَفْواءُ
تدنو له عنق القَشاعمِ مثْلما / تحْتفُّ بالمُتَصدِّقِ الفُقراءُ
تجري مُسابقَة السيوفِ فربما / نَسَرتْ وضرْبةُ طائحٍ رَعْلاءُ
والخيلُ تقتحمُ الغُبارَ كأنها / نَبْلُ الجَفيرِ وقد أُجيدَ رِماءُ
تزجي سنابكُها سَحاباً قطْرهُ / منها مَسيحٌ هاطِلٌ ودماءُ
ينقلن كلَّ مُساورٍ ذي هِمَّةٍ / تُجْلى بحدِّ حُسامهِ الغَمَّاءُ
زوْلٌ رياضُ سروره سمر القَنا / عِزّاً وملْعبُ أنْسهِ الجَأواءُ
حَنَّ الكُماة إلى النَّجيعِ ولونهِ / فلذاكَ كلُّ عِصابَةٍ حَمْراءُ
وطما أتِيُّ الحربِ حتى ماؤُهُ / مُهَج الفوارس والرُّؤوسُ غُثاءُ
أجْرى أميرُ المؤمنين جيادَهُ / ظمأى وعادَ بِهِنَّ وهي رِواءُ
فبطاءُ خيلِ الطَّالبينَ سَريعةٌ / وسِراعُ خيلِ الهاربينَ بِطاءُ
رَهَباً لأغْلبَ لا مفرَّ لهاربٍ / منه ولو أنَّ النجومَ وِقاءُ
عَمَّ البَريَّةَ بأسهُ ونَوالُهُ / فكأنه في الحالتين ذُكاءُ
ثُمَّ انجلى ذاكَ العجاجُ عن التي / عَظُمتْ لها الأخْبارُ والأنْباءُ
فغَدا على العاني الأسيرِ من النَّدى / عَفْوٌ وراحَ عن القَتيلِ عَفاءُ
ما ضرَّ أبناء السُّرى حَلكُ الدجى / لهمُ وأنت الأبْلَجُ الوَضَّاءُ
كَلاَّ ولا حُبس القطار فأجْدبت / أرضٌ وأنت الواهِبُ المِعْطاءُ
برَّزْتَ سبْقاً وافترعتَ محِلَّةً / لم يرْقَها منْ قبلكَ الخُلَفاءُ
وجريت حيث السَّابقاتُ عواثِرٌ / وثَبَتَّ حيث الشَّامخاتُ هَواءُ
وتخاذلت قِممُ الملوكِ وقد بدتْ / لِغرارِ سيفكَ عِزَّةٌ قَعساءُ
وستملكُ الدُّنيا تملُّكَ قابضٍ / وتُطيعُكَ الحمراءُ والبيضاءُ
ويجولُ طِرفُك في مشارق شمسها / والغربُ يُنْغِض عِطفه الخُيلاء
ولقد حُبيتَ من الرجال بناصِحٍ / ما في نميرِ ولائهِ أقْذاءُ
هجرَ الكَرى رعْياً لِما ولَّيْتهُ / فجُفونهُ لسُهادهِ مَرْهاءُ
يقظان يقدح زندُ عزمكَ فكرَه / فينرَه المُتَلَهِّبُ الوَرَّاءُ
زُهيت بك الخلفاء ثُمَّ كسوْتهُ / ظِلَّ العُلى فَزَهَتْ به الوزراءُ
لك من قُريشٍ كلُّ أغلب باسلٍ / تخشى سُطاهُ الصَّعْبةُ الشَّقَّاءُ
قومٌ إذا شهدوا الكريهةَ أصبحوا / وهُمُ غُزاةٌ أو هُمُ شُهداءُ
يمشي الثَّناءُ إليهُمُ مُتبرِّعاً / وتحيدُ عن ناديهُمُ الفَحْشاءُ
وإذا تَغَبَّرتِ الفِجاجُ وهتَّكتْ / سُتُرَ البيوتِ الزَّعْزعُ الهوجاء
واسَّاقطتْ غُرُّ العِشارِ أجِنَّةً / للقُرِّ فهي طَوائحٌ ألْقاءُ
وتعَفَّتِ الآناءُ حولَ خِيامِها / للسَّيْل مما سَحَّتِ الأنْواءُ
وخبا وأغْفى ذو الصِّلاء ونابِحٌ / خَصَراً فأعْوَزَ موْقِدٌ وعُواءُ
فرِحالُهُمْ للنَّائمينَ وثيرَةٌ / وجِفانُهمْ للطَّاعِمين مِلاءُ
شُمْتُ البوارق من نداكَ وساقني / أملٌ يحثُّ رَواحِلي ورَجاءُ
وبدتْ لساري الخطِّ شمس ظهيرة / فتَماحَقتْ في عينهِ الأضْواءُ
فانظُر إلى مأثورِ قولٍ قصَّرَتْ / عن شأوهِ في مدحكَ الفُصَحاءُ
هوْلٌ عليه من البسالةِ نَفْضَةٌ / وبه إلى حُبِّ العُلى بُرَحاءُ
ذلَّ الورى عما افْترعتُ وأفحمت / لما نَطَقْت بحمدكَ الشُّعراء
كثُرتْ رواياتُ الرُّواةِ فواعِدٌ
كثُرتْ رواياتُ الرُّواةِ فواعِدٌ / بالخير عنك ومخبرٌ بوَعيدِ
وتقسَّموا شُعباً فملمحُ رخْصةٍ / ومُبالغٌ في الخوفِ والتَّشْديدِ
وتنوَّعتْ قُربُ العِبادِ فراشِدٌ / ومُضَلَّلُ الأعمال غيرُ رشيدِ
وأتيتُ بابك مُفلساً من عُدَّةٍ / لي غير حُسن الظَّنِّ والتوحيدِ
إني لأُفكِر في عُلاكَ فأنثني
إني لأُفكِر في عُلاكَ فأنثني / حيْرانَ لا أدري بماذا أمْدَحُ
إنْ قلتُ ليثٌ كنت أقْتلَ سطوةً / أو قُلت بحر نَدىً فكفُّك أسمح
الخطبُ أكبر في النفوسِ وأعظم
الخطبُ أكبر في النفوسِ وأعظم / من أنْ تُراقَ له الدموعُ أو الدَّمُ
عَزَّ العزاءُ فكلُّ جلْدٍ عاجِزٌ / عما ألمَّ وكلُّ أفْوهَ مُفْحَمُ
سبقَ الغَمامُ بنُدْبةٍ وبعَبْرَةٍ / فبدا لنا منه الرَّعودُ المُثْجِمُ
ولو أنَّ شمس الصبح راقبت العُلى / لتغيَّبتْ فالصُّبحُ داجٍ مُظْلِمُ
وتكوَّرتْ حُزناً لفقدِ خليفةٍ / شَهدَ السِّنانُ ببأسهِ والمِخْذَمُ
ألقانِتُ الأوَّابُ ساهِرُ ليْلهِ / يحمي الرَّعِيَّةَ والرعيَّةُ نُوَّمُ
ألمُقْتفي أمر الإلهِ ومنْ لهُ / شَرفُ المساعي والمَقامُ الأعْظَمُ
زجَلُ المخَادعِ والمعاركِ عندهُ / في حالتيهِ تلاوةٌ وتَغَمْغُمُ
فعلى الحَوادسِ والقَوانس دعوةٌ / ما إنْ تُرَدُّ وصارِمٌ لا يكْهَمُ
ومُعَفِّرُ التِّيجانِ تحتَ لوائِهِ / طوعاً وكَرْهاً إذْ تَدينُ وتُهزمُ
كانت نِعالُ جيادهِ في حرْبهِ / هاماً تُصانُ عن العيونِ وتُكْرمُ
يعصيه ملْثومُ الصَّعيدِ فينْثني / لصعيدِ مأزقِهِ يشَمُّ ويلْثَمُ
فإذا غَزا وقَرى فمنْ أنْصارِه / يهديه عنه مُهَنَّدٌ أو لَهْذَمُ
يمشي الخميسُ به فإنْ لم يستطع / أمْضى قواتِلَه زَنيقٌ مُحْكَمُ
فعلى العدوِّ بصُبحه وبليلهِ / جيشانِ منه صَيْلَمٌ وعرمْرمُ
لو كان خصمُك غر محتومِ الردى / كسفَ الغزالةَ مُسْتثارٌ أقْتَمُ
وتألَّق الجوْنُ الكثيفُ ببارقٍ / يهمي إذا سَحَّ الرِّقابَ ويَسْجُم
تتلو سِباعُ الطَّير كِسْف عجاجه / في السيرِ فهي على الغطارف حُوَّم
وتناقلتْ بالدَّارعينَ كأنها / مُعْطٌ يُحثحثها عنيفٌ صِلْدِمُ
ترْعى شَكيرَ الهامِ وهو مُمَنَّعٌ / وتُبيحُ وِرْدَ الهامِ وهو محرَّمُ
ويَطأنَ غُرَّانَ السَّراةِ كأنها / صوَّانُ رعْنٍ بالسَّنابك يُهْشمُ
وتدافع القاني الصَّبيبُ على الثرى / فكأنَّ سافِحهُ أتِيٌّ مُفْعِمُ
لكنهُ المقدورُ لا مُسْتأخَرٌ / عنه إذا وافى ولا مُتقدَّمُ
يبكي نَداك المُعْتفونَ عَشيَّةً / والعامُ يُخْلفُ نوْؤُهُ والأنجمُ
والبُؤس قد سلب الثَّريَّ بجوره / فغنيُّ معشره مُسيفٌ مُصْرِمُ
حيث المَواقدُ كالمَواردِ لا غَضاً / يُعْلي الضِّرامَ ولا شياعٌ يُجحم
أوسعْتهم كرماً فباتَ شَقيُّهُمْ / في ظلِّ نُعماك النَّضيرةِ يَنْعَمُ
للّهِ ما ضَمَّ الضَّريحُ فإنهُ / طودٌ أشمُّ وذو عُبابٍ خِضْرِمُ
أغضى الجفون ولم يكن عن حادثٍ / يُغْضي ولا عن ناجِمٍ يَتَلَوَّمُ
وثوى وكان يبُثُّ شكْوى سيرهِ / وسُراهُ حافِرُ طِرْفهِ والمَنْسم
لا يَرْكُننَّ إلى الحياةِ مُمَتَّعٌ / فالبُعْدُ دانٍ والمَدى مُتَصرِّمُ
ووراءَ آمالِ الرجالِ مَنِيَّةٌ / يعْدو بفارسها حثيثٌ مِرْجَمُ
فسَقى مقامكَ يابنَ عمِّ مُحمدٍ / وحِماكَ رجَّافُ العَشيَّةِ مُرزِم
مُتَبعِّقٌ كَندى بنانكَ ساكِبٌ / باقٍ كخيرك في الورى لا يُنْجِمُ
واللّهُ يُحسنُ للإمامِ عَزاءهُ / ويُطيبُ مثوى المُستَجَنِّ ويُكرم
ويُحقِّقُ الآمالَ في مُسْتنجدٍ / باللّهِ يحميهِ الإِلهُ ويَعْصِمُ
عجبوا لعلمي كيف أكْتُمهُ
عجبوا لعلمي كيف أكْتُمهُ / والشِّعْرُ عني سائرٌ يسْري
فأجبْتُهمْ لم أخْفِهِ عَبَثاً / لكنْ لمَعْنىً غامِضِ السِّرِّ
أجْمَمْتُ عِلم الدين عن طل / ب الدنيا حِذارَ تضاعُفِ الوِزْرِ
ورأيتُها خُدَعاً مُزَخْرفةً / فطلبتُخت بزخارفِ الشِّعْرِ
لا تَشْمُتنَّ بمن أسا وهَوى
لا تَشْمُتنَّ بمن أسا وهَوى / واسْتكْفِ ربَّكَ سوءَ مُنْقلبهْ
إنَّ الشَّماتَة بغْيُ ذي سَفَهٍ / جَهِلَ القضاءَ ونامَ عنْ نِوبهْ
كم ظالِمٍ أحْببتُ صَرْعَتهُ / فبكيْتُهُ ممَّا تورَّطَ بِهْ
حُثَّ الكريم على النَّدى وتَقاضَه
حُثَّ الكريم على النَّدى وتَقاضَه / بالوعدِ وابْعثْهُ على الإنْجازِ
وَدَعِ الوثوقَ بطبْعِه فلَطالما / نَشِطَ الجَوادُ بشوكةِ المِهْماز
لا تُنْكري شعثي ولو حُسِبَتْ
لا تُنْكري شعثي ولو حُسِبَتْ / تلكَ البُرودُ هَوابيَ الرَّمْسِ
فالحظُّ قد غَطَّى مَطالِعَهُ / بُخْلُ الملوكِ وعِزَّةُ النَّفْسِ
ولقد شكوْتُ الأمس قبل غَدٍ / وأتى غَدٌ فشكرْتُ للأمسِ
عَجِبَ الرِّجالُ لفارِسٍ
عَجِبَ الرِّجالُ لفارِسٍ / ما زالَ مَحْذراً قِراعُهْ
ما خاضَ قسْطَلَ مَعْركٍ / إِلاَّ تَهَيَّبَهُ شُجاعُهْ
أنَّى أقامَ على الخَسيفَةِ / واطْمأنَّ لها طِباعُهْ
وهو الذي ما زالَ يَسْبِ / ق شَدَّ سابقِهِ زَماعُهْ
يا غَبْنَ ساري الذِّكْرِ ذ / ي صِيتٍ تَعَلَّقَهُ رِباعُهْ
أوْطانُهُ لِشَقائِهِ / بالوادِ ضارِيَةٌ سِباعُهْ
فَضْلٌ تَوَحَّدَ ثمَّ أعُْ / جب منْ تَوَحُّدِهِ ضياعُهْ
نيطَتْ حمائلُ سَيفِهِ
نيطَتْ حمائلُ سَيفِهِ / بالفارسِ الشَّهْمِ الزَّمِيعِ
بمُعَفرِ الغُلْبِ الكُما / ة وقاتل المَحْلِ الشَّنيعِ
في سَلْمِهِ وَنَدِيِّهِ / للَحْلِ والخَطْبِ الفَظيعِ
يَمٌّ يَجيشُ عُبابُهُ / وقَعائِدُ الطَّوْدِ الرَّفيعِ
لو حَلَّ قَيْظَ تَنوفَةٍ / عادَتْ عَذاةً منْ رَبيعِ
تاجُ المُلوكِ فتى المَسا / عي الغُرِّ والمَجْدِ البَديعِ
والعِزَّةِ القَعْساءِ عند ال / خوْفِ والصَّدْرِ الوَسِيعِ
يجْلُو الدُّجى والهَمَّ عنْ / عَوَّامِ هَمٍّ أوْ هَزيعِ
بالواضِحِ البَسَّام للْعا / فِينَ والكَفِّ النَّفوعِ
رأيُ الوزيرِ منَ القَنا / الخَطِيِّ أنْفَذُ في الدُّروعِ
وَغِرارُ عَزْمَتِهِ يُبِرُّ / على شَبا السَّيْفِ القَطُوعِ
أقْلامُهُ كَجيادِهِ / في الحُضْرِ والشَّدِّ السَّريعِ
فالطِّرْسُ كالهَيْجاءِ يُعْ / رِبُ عن أسيرٍ أو صَريعِ
نَدُسٌ إذا تُلِيَتْ عُلا / هُ على الرَّكائبِ في النُّسوعِ
وَوَرَدْنَ وَهيَ خَوامِسٌ / أغْنى الثَّناءُ عن الشُّروعِ
ذُو صَبْوَةٍ بهَوَى المَعالي / لا هَوَى الخَوْدِ الشَّمُوعِ
لكنْ يَنامُ العاشِقونَ / وشَأنُهُ هَجْر الهُجوعِ
مَدْحي لَهُ السَّيَّارُ يَط / وِي كُلَّ غامِضَةٍ وَرِيعِ
مَدْحٌ تَوَلَّدَ فَضْلُهُ / بينَ المَوَدَّةِ والصَّنيعِ
لرواةِ شعري من مدائحهِ
لرواةِ شعري من مدائحهِ / في كُلِّ غُدْوةِ جُمعةٍ زَجَلُ
كضجيجِ أصواتِ الحَجيجِ إذا / ذَهَبَ النَّهار وحانَت الأُصُلُ
بمحابِرٍ تَسْقي مَزابِرَها / فسِدامُها منْ مَتْحِها غَلَلُ
فإذا وعَوْا ما صُغْتُ من حِكَمٍ / فَضُلَ الجَهولُ وأذْعَن الفضل
ركبَتْ أموناً ذاتَ أربعةٍ / لا الوَخْد شيمتها ولا الرَّمَلُ
هوْجاءَ تَثْني الغُدْرَ ناضِبَةً / يَبَساً ولا عَلٌّ ولا نَهَلُ
تُهْدي إلى الأسْماعِ ما حَمَلتْ / فتنالُهُ بالحيلَةِ المُقَلُ
تُهدي مديحَ مُهَذَّبٍ نَدُسٍ / الْبَحْرُ في ثَوْبَيْهِ والجَبَلُ
تَخْشى صَوارِمَهُ بلَيْلَتِه / وصَباحِهِ الأعْداءُ والإِبِلُ
فتظلُّ إنْ سُلَّتْ على حَذَرٍ / ألْجَسْرَةُ الوَجْناءُ والبَطَلُ
فَزعَيْنِ أمْنُهما إذا غُمِدَتْ / يوماً وحالَ الجَفْنُ والخِلَلُ
يَمٌّ من المعروفِ ذو لُجَجٍ / لا ناضِبٌ ثَمِدٌ ولا وَشَلُ
لو حَلَّ قَيْظاً عند مُقْفِرَةٍ / لزَها بها الحَوْذانُ والنَّفَلُ
شاكي السِّلاحِ على تَفَضُّلِهِ / يخشى سُطاهُ الجَحْفلُ الزَّجِل
من رأيه ورَويِّ خاطِرِهِ / بيضُ الصَّوارمِ والقَنا الذُّبُلُ
وعليه من تَقْواهُ سابِغَةٌ / حَصْداءُ ما في سَرْدِها خَلَلُ
تنْبو سِهامُ الخطْبِ طائشَةً / عنها إذا ما صَرَّحَ الجَلَلُ
تاجُ الملوكِ فتى النَّوالِ إذا / هَرَّ الشتاءُ وأخْلَفَ السَّبَلُ
خِرْقٌ إذا لَجَّتْ عَواذلُه / بالجودِ لَجَّ الجودُ والنِّحَلُ
يمْرونَ أخْلافَ النَّوالِ لهُ / فكأنَّهُمْ أغْرَوا وما عَذلَوا
لا زالَ شمس عُلاً مُشَرِّقَةً / لا يعْتَري أضْواءَها الطَّفَلُ
يُرَجَّى نَداه في القطوب وجُودُه
يُرَجَّى نَداه في القطوب وجُودُه / وتُخشى عوادي بأسه في التَّبسُّمِ
فما تحبسُ الإِحسان منه حفيظةٌ / ولا البِشْرَ روعاتُ الخميس العرمرم
كذي هيْدَبٍ جَوْنٍ تُخافُ بُروقُهُ / ويُرجى نداهُ ساجياً غير مُرْزِم
يُفاخر أضْواءَ الضُّحى بطَلاقَةٍ / وصوْبَ الحَيا بالنَّائِل المُترذِّمِ
يُزَرُّ قميصاهُ بسلمٍ ومَعْرَكٍ / على خِضْرِمٍ جمِّ العُباب وضيْغَم
فللسَّلْم ما حاكت يدٌ عبْقَريَّةٌ / وللحربِ ما أضحى لداود ينْتمي
وزيرٌ رأى كِبْر الرجال وإِن علوا / سَفاهَةَ رأيٍ أو فسادَ تَوَهُّمِ
وأيْقَنَ أنَّ البَأوَ كُفْرٌ لأنهُ / مُباراةُ جَبَّارِ السَّماءِ المُعظَّمِ
فأضْحى كماءِ المُزن رَقَّ نسيمه / تَحَدُّرهُ منْ فارِعٍ مُتَسَنِّمِ
إذا ما اشمخرَّتْ رتبةٌ بمسَوَّدٍ / غَدا مُخْبِتاً في فِعْلِهِ والتّكلُّمِ
فتُضحي أباة الذُّل والفقر عارقٌ / غِنيِّينَ منه عن شَرابٍ ومطْعَمِ
يُؤانس من وحشيِّهمويُبيحهُمْ / نَداه ويُصغي للعَييِّ المُجمْجِم
كأنهُمُ إخوانُهُ لا لِعلَّةٍ / وضُرٍّ ولكن بين تالٍ وتَوْأمِ
فبوركَ من غمْر السَّجايا كأنهُ / سنى قَمرٍ في حالِك الجُنح مُظلِم
تَخِفُّ عليه الفادِحاتُ كأنما / تَحُلُّ بعادِيِّ القَعائدِ أيْهَمِ
صفوحٌ يموت الغيظُ عند اقتداره / ويطْردُ حَرَّ البأسِ بردُ التّكرُّمِ
ويحْلمُ حتى يُصبح الجُرمُ شافعاً / إلى عفْوهِ في كل جانٍ ومُجرمِ
فلا برِحتْ غرس الخلافة عِزَّةٌ / يوَدُّ شَباها كلُّ أبيضَ مِخْذَم
أبا جعفرٍ حاوي المَعالي قَديمها / وحادِثِها ما بين بأسٍ وأنْعُمِ
فثَمَّ الحِمى الحامي لكل مُشرَّدٍ / وثمَّ النَّدى الهامي على كلِّ مُعْدمِ
للّهِ دَرُّ قَبيلَةٍ
للّهِ دَرُّ قَبيلَةٍ / أصبحْتَ منْ أبْنائها
نَجَلَتْكَ سيِّدَ مَجْدِها / وفَخارِها وسَنائها
وخَلَفْتَها مُتَحَلِّياً / بوَفائِها وإِبائِها
فلقدْ نَعَشْتَ جُدودَها / ورَفَعْتَ منْ عَلْيائها
وفَضَلْتَ مَسْعاها وما / قد شاعَ منْ أنْبائها
بالصَّبْرِ عندَ المُجْلِباتِ / تكُفُّ منْ ضوْضائها
والجودِ عند المُجْدِباتِ / تُعينُ في لأَوائها
والبَأسِ في الحَرْبِ العَوانِ / جَلَوْتَ منْ غَمَّائها
حيثُ السُّيوفُ المُرْهَفاتُ / تَكِلُّ بعد مَضائها
والخيْلُ تَعْثُرُ بالقَنا / المَلْفوظِ مِنْ تَعْدائها
خُزْرُ العيونِ تَعوَّضَتْ / بِدمِ الطُّلى عنْ مائها
فَهُناك سيفك كاشِفٌ / أقْصى دُجى جَأوائها
حَسِرَ الرجالُ عن العُلى / وَوطِئْتَ في شَمَّائها
ونَأتْ مَباغي المَجْدِ / فاسْتَدْنَيْتَ منْ بُعَدائها
وحَفِظْتَ نَفْس مَناقِبٍ / لم يبْقَ غيرُ ذَمائها
غَرْسَ الخِلافَةِ والذي / أمْسَيْتَ منْ آلائها
نَضُرَتْ بِكَ الأيَّامُ بعد / الأزْمِ منْ غَبْرائها
وتَبَلَّجَتْ وَضَّاحَةً / من حُسْنِها وبَهائها
كوضوحِ وجهكَ في عُفاتِكَ / عند قَسْمِ عَطائها
أو في الخُطوبِ إذا دَجَتْ / فكَشَفْتَ عنْ دَهْمائها
فَهَنَتْكَ أيَّامُ الزَّمانِ / بَقيتَ مثلَ بَقائها
لِصيامِها ولِفِطْرِها / ولخَوْفِها ورَجائها
تخْشى الصَّوارمُ بأسَهُ
تخْشى الصَّوارمُ بأسَهُ / ويَهابُ حُجَّتَهُ الخَصيمُ
ويَوَدُّ لُطْفَ خِلالِه / ماءُ الغَمامَةِ والنَّسيمُ
بحْرُ الفَضائلِ والفَواضِلِ / جُودُ لُجَّتِهِ عَميمُ
يحْيا به الفَدْمُ الجَهولُ / ويُوسِرُ المُقْوي العَديمُ
فصِلاتُهُ الوفْرُ الجَزيلُ / وفي بني الجَهْلِ العُلُومُ
فَيُقِرُّ بالتَّفْضيلِ خِرْقُ / الحَيِّ والحَبْرُ الحكيمُ
دَجْنٌ صَدوقُ الشَّيْمِ سَّحَّاحٌ / إذا خَوَتِ النُّجومُ
يَسْقي البِلادَ فنَبْتُهُ الأعْمارُ / لا الثَّعْدُ الرَّهيمُ
يُبْدي حِماهُ ونَصْرَهُ / ولجودِهِ مُخْفٍ كَتومُ
وتخافُ غَرْبَ حُسامِهِ / حُمْس الفوارس والقُرومُ
تَشْقى بهِ الكُومُ العِشارُ / وحَظُّ عافيهِ النَّعيمُ
قاسٍ إذا اشْتَجَرَ الرِّماحُ / وعند نُصْرَتِهِ رَحيمُ
تاجُ المُلوكِ وأحْمَدُ / الخَيْراتِ والماضي العَزومُ
ثَبْتُ المَوَدَّةِ لا القَطوعُ / ولا المَلَولُ ولا السَّؤومُ
في حالِ عُسْرَتِهِ الجَوادُ / وعند غَضْبَتِهِ الحَليمُ
في العَزْمِ عاصفَةُ الهُبوبِ / وفي تأنِّيهِ يَسومُ
تَخْزى شَياطينُ الكُفاةِ / بهِ إذا جُهِلَ الرُّسومُ
فإذا تَطاوَلَ مارِدٌ / فشِهابُ حُجَّتِه رَجومُ
فَحَمى نَقيبَتَهُ المُهيْمنُ / حينَ يُفْطِرُ أَو يَصومُ
وهَناهُ طُولُ بَقائِهِ / ما حانَ صُبْحٌ أو صَريمُ
وَدَّ القَبائلُ كُلُّها / ولِكلِّها فَخْرٌ قَديمُ
حَسَداً على مَجْدِ الوزيرِ / بأنَّ كُلَّهُمُ تَميمُ
تحوي القلوبَ له مكاسرُ لُطْفهِ
تحوي القلوبَ له مكاسرُ لُطْفهِ / ويَهابُ سطوته الخميسُ الجحفلُ
فكأنه في حالتيه منَ الرِّضا / والسُّخط نارُ غَضاً وماءٌ سلْسلُ
غمْرُ الرِّداءِ كأنَّ صوب يمينهِ / والعامُ أغْبرُ عارضٌ مُتهلِّلُ
تحْوي المَزابرُ من مطالب نفسه / ما ليس تحْويهِ الرِّماحُ الذُّبَّلُ
فيفُلُّ صفَّ الجيش سطْرُ بلاغةٍ / ويَدُقُّ مُقْتصدٌ طويلاً يعْسِلُ
تُرْدي الكُماةَ سُطورهُ في طرِسه / فكأنما في كُلِّ حَرْفٍ مُقْتِلُ
سودٌ لرأي العين لكن لونُها / في الدَّارعينَ بكل رَوْعٍ أشْكل
في الساحة البيضاءِ مَشْقٌ رائعٌ / لكنَّه في الهامِ ضَرْبٌ أرْعَلُ
هوْجاءُ عاصفةُ الهُبوب مُحارباً / وإذا احْتبى يومَ السَّلامِ فيذْبُل
إنَّ الوزيرَ الماجدَ ابن مُحمَّدٍ / والدَّهْر يشهد والمناقب تُسْجِل
تاج الملوك مُشار كلِّ فضيلةٍ / وجلالُ الإسلام الجَوادُ المُفْضِل
يبدو الصباحُ الطَّلْق من قسماتِه / والليلُ ممدودُ الغَياهِبِ ألْيَلُ
ويجيش بحرُ خواطري في مدحه / فأُجيدُ إذْ بحر الخواطِر جدول
فحمَى حِماهُ وصان طاهر عِرضه / مما يُدَنِّسُهُ القديم الأولُ