القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 71
إيهٍ على تذكارِ ما سَلَفا
إيهٍ على تذكارِ ما سَلَفا / فالدمعُ منك أَقلُّ ما وَكَفا
يا عين أنت جلبتِ ناظرةً / لفؤاديَ الأشواقَ والشَّغَفا
كم قد كَففتُك خائفاً حَذِرا / عن ناظرٍ يَقْوَى إذا ضَعُفا
فعَجِبتُ كيف رَمَيْتِ يومئذٍ / سهما فعادَ لوقِته هدفا
ذاك التبسُّمُ كان غايتَه / هذا البكاء لأجله سَرَفا
أَسرتْك وانصرفَتْ وما وَجَدت / عَزَماتُ قلِبك بعدُ مُنْصَرَفا
واللهِ ربِّ مِنىً وما جَمعتْ / وكفى بذاك لمُقْسِمٍ حَلَفا
إنى إذا ما الوصلُ أَمْكَنني / نَزَّهتُه عن ريبةٍ أَنَفا
وأبيت أَقَنع بالحديثِ ولو / كان الحديثُ إشارةً لكَفَى
وبما يُبَلِّغه الرسولُ ولو / كان النسيمُ رسولَها لشَفَي
وبطيفِها وبأنها علمتْ / أنى أَبيت بحبها كلِفا
وبلفظِ مَبْسِمِها ومَقْصِدُه / أخرى فيُهْجُني وما عَرَفا
وبرَشْفِ ماءِ النيلِ قد وَردَتْ / أولاَه ثم وردتُه طَرَفا
ولوِ استطعتُ منعتُ إذ وَردَتْ / منْ عَبَّ من شَطَّيْه أو رَشَفا
غَيْران من علمي بأنّ به / من سُؤْرِ شهدِ رُضابِها نُطَفا
وأَغارُ من مرِّ النسيم بها / دوني يُباشِر ذلك التَّرفا
مالي وللعُذال لا سَعِدوا / فلقد لقيتُ بعَذْلهم جَنَفا
عَذَلوا وما عَشِقوا ولو عشقوا / قَبِلوا هنالك عُذْرَ من شُغِفا
يا وَيْحهَم لو أبصروا رَشَأً / يهتزُّ من لينِ الصِّبا هَيَفا
بدرٌ على غصنٍ على نَقَوَىْ / رملٍ أَضاءَ وماسَ وارْتَدَفا
يفتر عن نَوْر الأَقاحِ إذا / وافَى نَدىً سَحَرا به فصفا
كالدُّرِّ لكنْ صاغ ناظمُه / بالمسكِ من لَعَسٍ به صَدَفا
وجَنِىُّ وردٍ فوقَ وجْنِته / يَحمرُّ ثم يعود إنْ قُطِفا
لاستبدلوا بمَلامتي حسدي / ورأوا تَعاقُل عاذلي خَرَفا
مَنْ لي بعيشٍ كان لي ومضى / عني ولم أَعتضْ به خَلَفا
حيث الصبابةُ والصِّبا شَرَعٌ / كلٌّ حَلا وصَفا لمن وَصَفا
فكأن عيشي كان بينهما / قبل التفرق روضة أُنُفا
إنْ كانت الإسكندريةُ قد / شَطَّتْ فَأَوْلَتنْي نَوًى قَذَفا
وسكنتُ بالفُسْطاط مُغْترِبا / فلقد كسبتُ بغربتي شرفا
ورَقيتُ من مدح الملوك بها / رُتَبا أَنافتْ في العُلى كَنَفا
وكسبتُ مالا لو يُرَفِّره / جَدْواىَ لم أعرفْ له طرفا
لكنْ ينازِعني إلى وطني / شوقٌ إذا استمهَلتُه عَسَفا
وأَعافُ مِصرَ وعيشُها رَغَد / ويَشوقُني وطني ولو عَجِفَا
أُقْصِي البنفسجَ ثم يُعجبني / أنْ أَنْشَقَ الظَّيّان والطَّرفا
شوقاً إلى ذاك الثَّرَى وإلى / ذاك النسيمِ الرَّطْبِ حين هَفا
وإلى رياضٍ كان يوقِظني / فيها ندى سَحَرٍ إذا كَثُفا
وشَميمِ عَرْفِ الروضِ حينَ بدا / ورَخيمِ لَحْنِ الطير إذ هَتفا
ويهزني مرحُ الشبابِ بها / هزَّ القَضيب اللَّدْن مُنعطِفا
ما بين أترابٍ قدِ اتفقوا / أنْ يجعلوا ساعاتِهم تُحفَا
يُبدون من آدابِهم مُلَحا / جَعلوا لها آذانَهم صُحُفا
لَهْفِى على زمنٍ بها وبهم / لو كان ينفعُ قولُ والَهَفا
فارقتُهم وصَحِبتُ بعدهمُ / حاليْن قَرْعَ السِّنِّ والأَسفا
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ / أَوْهَتْ قُوَى جَلَد المُحبِّ الوامقِ
عَجِل الفراقُ علىَّ فيك ولم أَنَلْ / وَصْلا سوى نَظرٍ كلَمْحَةِ بارقِ
وأبيكِ ما أبقَى الهوى مني سِوَى / كفٍّ تشدُّ على فؤادٍ خافق
رِفْقا بأسْرى مُقْلتيْك فقَلَّما / يبقَى على الهجرانِ صبرُ العاشق
ها قد كتمتُ هواك معْ ما أنه / نار تشَبُّ على فؤادٍ شائق
هَبْنِي قَدَرتُ على لسانٍ صامتٍ / ما حيلتي في دمع عينٍ ناطق
لو كان يَقْطُر لا عتذرتُ بعلٍة / ما حيلتي في ذي غُروبٍ دافق
إنْ لم أَخُضْ لُجَجَ الغرامِ وأمتطىِ / طلبَ الوصالِ بكل أَشْعث رائق
وأكرُّ بين الجَحْفَلَيْن معرِّضا / نفسي هناك لطاعنٍ أو راشِقِ
وأُدافع الموتَ الزؤام بمنكبي / في كل ملتبِس المَسَالكِ مازِق
نَكِرتْ كعوبَ السَّمْهَرِية راحتي / وعَدمتُ آثارَ النِّجادِ بعاتقي
وفَررتُ من خصمي وعاف مُعاشِري / خُلُقي وخُيِّب سائلي أو طارِقي
بِنْتم فما فَرِحتْ بأَوْبَةِ قادمٍ / نفسي ولا حَزِنت لفقدِ مُفارِق
أنا من فراقك بين حزنٍ ثابتٍ / لايستقلُّ وبين صبرٍ آبِق
يا هلْ حَفِظت على ثنيةِ رامةٍ / عهدي الذي أَكَّدته ومَواثِقي
حيث السَّرائرُ والنسيمُ كلاهما / مِثْلان فتنةُ سامعٍ أو ناشِقِ
والروضُ فيما نحن فيه مُؤلِّفٌ / ثغرَ الأَقاحِ إلى خدودِ شَقائق
والطَّلُّ يُحْسَب فوق مُخْضَلِّ الرُّبا / دمعَ الدَّلالِ على عِذارِ مُراهِق
يشدو الحمامُ على الأَراكِ فتَنْبَرى ال / أغصانُ بين تَمايُل وتَعانُق
يا ليتَ شِعْري هل يُعاوِد ما مضَى / أم جَذَّت الأيامُ منه عَلائقي
هبْ ذاك عاوَد كيف لي بزوالِ ما / كتبتْ صروفُ الدهرِ فوق مَفارقي
خَطٌّ غدا يَقَقَ الحروفِ فما له / يسودُّ حين يراه قلبُ الوامِق
ما للزمانِ يَخصُّني بصُروفِه / حتى ركضْنَ إلىَّ ركضَ مُسابِق
ما زال يُنْهِلني الأُجاجَ مكررا / ويُعِلُّ غيري بالزُّلالِ الرائق
وكذا الرياحُ إذا عَصَفْنَ فإنما / تأتِي على نَبْت المكان الشاهق
تغدو القَطا بين الحدائق آمنا / منها ونلعب بالمُنيفِ الباشَق
صبرا عليه فرُبَّ حالِ مُنافرٍ / حالتْ وأَضْحَى وهو أَىُّ مُصادِق
لا تَفْرَحنَّ برُتبةٍ
لا تَفْرَحنَّ برُتبةٍ / أَعْطاكَها في الناسِ جَدُّكْ
وانظرْ مكانَك في المكا / رم بالحقيقةِ فهْو حَدُّك
أنت الفقيرُ مع الغِني / إنْ لم تجد عقلا يُمِدُّك
هَبْك اقتدرتَ على الظوا / هرِ هل قلوبُ الناس جُنْدُك
لا يَغْررُنَّك أنْ تُها / ب ولا يروقُك من يَرُدّك
فمن البليةِ أن تز / لُ فلا يُجيِبك من يَرُدُّك
وإذا بُليتَ بفَقْدِه / فخيارُ ما استعجلتَ فَقْدُك
أَسِفى على زمنِ الشبابِ الزائلِ
أَسِفى على زمنِ الشبابِ الزائلِ / أسفٌ أُديم عليه عَضَّ أناملي
ولَّى فلا طمعٌ بعَطْفَةِ هاجرٍ / منه ولا أَمَلٌ لأَوْبَةِ راحل
هذا على أنّ العَفافَ وهِمَّتي / لم يُظْفِرا حظِّى لديه بطائل
إن كنتُ خنتكمُ المودةَ ساعةً
إن كنتُ خنتكمُ المودةَ ساعةً / أو مِلْتُ بعدكمُ لقول العُذَّل
أو آنسَتْ روحي بشيء راحةً / من منظرٍ أو مَشْرب أو مأكل
فزعمتُ أن النيل عند كماله / أوفى وأغزر من نَوال الأَفْضَل
أو قلتُ إِن الشمس تُدرِك شأوه / في النفع أو في النور أو في المنزل
هيهاتَ جلَّ عن الدلائل فضلُه / قدرا وصار ضرورةً لم يُشْكِل
وصلَ الكتابُ فيا لَه من واصلِ
وصلَ الكتابُ فيا لَه من واصلِ / أَهدى السرور على المدى المُتطاوِل
فلثمتُه من قبِل فكِّ خِتامه / لما تَبدَّى من يمين الحامل
وفَضضتُه عن روضِ خَطٍّ ضِمْنُه / زَهْرانِ من لفظٍ ومعنىً فاضِل
فكأنّ أفواه الحِسان تقسمت / لي منه بين مَعاجر وغَلائل
وكأن مُقْدَمَه زيارةُ خلسةٍ / جاءتْ بديها من حبيبٍ ماطِل
درٌ نفيس القدر جاء هديةً / من ذلك البحرِ البعيد الساحل
فرأيتُ معجزةً يُقصِّر دونَها / هِممُ الورى من كاتب أو قائل
وعجبتُ كيف تَبرعتْ بكماله / في المعجزاتِ يدُ الزمان الباخل
صلى الإلهُ عليك يا بْنَ رسولِهِ
صلى الإلهُ عليك يا بْنَ رسولِهِ / وهَدى لطاعِتك الوَرَى لسبيلِهِ
فبِكَ استقرَّ الحقُّ واتضح الهدى / وأبان للثَّقَلين وجهُ دليلِهِ
يا بنَ الأئمةِ من ذؤابةِ هاشمٍ / شَرَفٌ سَما بفروعه وأصوله
ومبيد مُلْكِ الرومِ بالنصرِ الذي / نَطَقَت به الآياتُ من إنجليه
قد شام منه الشامُ أعظمَ بارِقٍ / يمحو الفِرِنْجَة منه بعضُ سيوله
بادرْ بيومٍ مثلِ بدرٍ إنْ يكن / لأبيك ذاك فإن ذا لسليله
قد حان حَيْنُهمُ وكاد لقربه / منهم يُسمِّعُنا صياحَ عَويله
للهِ جيشٌ مثلُ جيشك مُعْلَم / فالنصرُ يرحل دائبا برحيله
لولا الضجيجُ لكادَ يسمع ناصِتٌ / صوتَ المَلائكِ فيه من تهليله
وأجْرِ الجياد فكلُّ طِرْفٍ سابح / شوقا لهذا النصر جَلّ صهيلُه
وشِمِ السيوفَ إذاً فكلُّ مُهنَّدٍ / لرقابِ أهلِ الكفر فَرْطُ نُحوله
فليَثْبُتِ الإفرنجُ منه لقَسْوَرٍ / بعث الحُتوف إليهمُ من غِيله
ما مالهم وحريمهمُ ودماؤهم / إلا وَديعته بكفِّ وكيله
فالبَرُّ مثلُ البحرِ من فرسانه / والبحر مثل البر من أسطوله
جَمْعٌ يَبيت الطيرُ فوق رماحِه / عُدْما لكثرته مكانَ مَقيله
ضاقتْ به الكرةُ التي هو مِلْؤُها / حتى يكادَ يشقُّها برَعيله
يا أرفعَ الخلفاء قَدْرا يا إما / مَ الحقِّ دعوةُ صادقٍ في قِيله
إن الذي أَهَّلْتَنا لمَديحه / ورفعتَه في المُلْك بعد نزوله
وأَشعْتَ في الثَّقَليْن موقعَ ذكرِه / فجرتْ به الأفواهُ بعدَ خموله
أنت المُرادُ بقَصْدِ كلِّ قصيدةٍ / بُنِيَت على الأفهام في تَبْجيله
كسجودِ أَملاكِ السماءِ لآدمٍ / وسجودُها لله في تأويله
أَولَيته نِعَما تعَاظمَ قَدْرُها / شَرَفا فقابَلَها بفَرْطِ غُلوله
نال الثريا في ذَراكَ فحظُّه / تحتَ الثرى الأقصى طِلابُ فُضوله
وجعلتَه كالشمسِ ما بينَ الورى / وفِعالُه تَقضِي بوَشْكِ أُفوله
فاغترَّ بالرأيِ الذي أَوْدَى به / وأَصارَه لقُيوده وكبوله
ومَطامع الآمالِ تخدع ذا النُّهى / وتُعيد عالمَ عصرِه كجِهوله
فاللهُ ناصرُ من أطاعَك صادقا / ومُبيدُه بالذلِّ عند نُكوله
فلقد عدلتَ فكِدْتَ تأخذُ رغبةً / بالثأرِ من هابيلَ في قابيِله
ووهبتَ حتى إنّ جودَك يغمر ال / دنيا ومن فيها ببعض هُموله
وحَلُمت حتى إنَّ عفوك يسبق ال / جاني إلى الغايات من تأميله
وأَجرتَ من جَورِ الزمانِ فما لَه / صَرْفٌ يخافُ الْحُرُّ من تَنْقيله
غاياتُ مدحِك لا تُنال ونَيْلُها / إفحامُ مُوجزِه وعجزُ مُطيله
كالبحرِ لم تبلغ نهايةُ ذي نُهّى / أبداً إلى مَوزونه ومَكيله
ماذا يقول المادحون وقد بدا / بمديحِك القرآنُ في تنزيله
أنت الذي بَعث الإلهُ لنا به / آباءَه فتَمثَّلوا بمُثوله
حتى لقد ودَّ الحجازُ تشوقا / لو زاره برسُومه وطُلوله
فيرى لوجهك ما رأى من حَقِّهم / فيما مضى بجماله وجميله
ولِيُمْسِك البيتُ الحرامُ وحِجْرُه / ومقامُه وحَطيمُه بذُيوله
ويُبادِرَ الْحَجرُ العظيمُ ومالَه / غيرُ استلامِ يديه أو تقبيله
وتقول مكةُ عند ذاك وطَيْبَةٌ / هذا ابنُ حَيْدرةَ الرِّضاَ وبَتوله
هذا ضياءُ اللهِ والمعنى الذي / تتَفاضلُ العلماءُ في تعليله
هذا ابنُ مَنْ أَدْناهُ منه إلهُه / كالقابِ من قَوْسَيْن في تمثيله
هذا ابن من نطق الذراعُ لجَدِّه / إذْ سَمَّه الكفار في مأكوله
من آمنتْ جِنُّ البلاد به وقد / سمعتْ كلامَ اللهِ في تنزيله
ما زال يَنْقُله الإله مُطهَّرا / عن ظهرِ مثلِ ذَبيحه وخَليله
وتَوارثتْه الأنبياءُ وسادةُ ال / خلفاءِ حتى حانَ وقتُ حُلوله
قَسما بمولِده وغُرَّةِ وجهِه / شَرَفا أَناف لعصِره ولجِيله
هذا مُذِلُّ الشِّرْكِ بالعَزْم الذي / ما فيه غيرُ أسيره وقتيله
أَغنتْ هِباتُك قُطْرَ مِصْر عن الْحَيا / جُودا وأغنى نَيْلُها عن نِيله
مَدَّ الحياءَ على الْحَيا حتى انثَنى / عنها ودام النيلُ في تَطْفيله
ولقد يُريد تَشَبُّها بك في الندى / وأقلُّ جودِ يديك مثلُ جَليله
ونَداك أَدْوم ثم أحلى موقعا / منه فما ينفكُّ عن تخجيله
لو لم يُراعِ له قريبَ جوارِهِ / لرَواه سَيْبُك في عظيم نزوله
جودٌ يَفيض لمن دَنا ولمن نَأى / فالْخَلقُ بين هُموله وشُموله
يا طالبا للدين والدنيا معا / يَبْغيهما بوَجيفه وذَميله
مِصراً فبابُ اللهِ فيها سائلُ ال / أفضالِ قد سعد الوَرى بدخوله
الآمرُ المنصورُ والجبلُ الذي / قامتْ ملوكُ الأرضِ تحتَ سهوله
هو واحدٌ والناسُ طُرّا بعضُه / ما عازَه في الخلق غيرُ عَديله
يا غرَّةَ الحقِّ المُنيرةَ للورى / فدليلُها بادٍ على مدلوله
هذا مقام كنت أَجْهَد دائِبا / في نَيْله وأَجِدُّ في تحصيله
حتى وقفتُ أمامَ دَسْتِك مُنشِدا / ما أنت أعلمُ سامعٍ بمقَولة
فلأَفْخَرَنَّ به لأكِمد حاسدي / حتى يموتَ بغيظه وغَليله
فتَهنَّ هذا العيدَ فهْو مُهَنَّأٌ / فيما لديك بقُربِه ووُصوله
وافَى فأَدركَ منك فخرا عاجلا / ظَفِر الزمانُ به مِنِ اسْماعيله
شَرَّفتَنا وزمانَنا فجميعُنا / مُتميِّز في جنسه وقَبيله
فاسلمْ ودُمْ والْقَ السنين بمُبْتدا / عُمرٍ كطيبِ نَدى يَدَيْك وطوله
لأُرَوِّيَنَّ الدرهَ مَدائحاً
لأُرَوِّيَنَّ الدرهَ مَدائحاً / كالسحرِ إلا أنهن حلالُ
مدحٌ يَعُمُّ الخافقَيْنَ أَقلُّه / وكأنه من راحتيكَ نوالُ
وصل الكتابُ فكدتُ من فرجٍ به
وصل الكتابُ فكدتُ من فرجٍ به / أوهِى يمينَ رسوله تَقْبيلا
فكأنني ظمآن ضَلَّ بقَفْزةٍ / حتى انتهى يأسا أصاب النيلا
وأظنُّ مولاي اقْتَدَى بمقالِ مَنْ / نَظم القريضَ وأَغْرَب التأويلا
لولا طِرادُ الخيلِ لم تك لذةٌ / فَتطارَدِي لي بالوصالِ قليلا
لا زلتَ تتخذ السعادةَ صاحبا / والعزَّ دارا والبقاءَ خليلا
تُثْنِى بما أُثِنى عليك صحائفٌ / تُتْلَى بألسنةِ الورى تَرْتيلا
إنّ الخلافةَ لم تَزُلْ عن أصِلها
إنّ الخلافةَ لم تَزُلْ عن أصِلها / بل أصبحتْ في ملكِ ناظمِ شَمْلِها
صارتْ إلى مَن لو حَواها غيرُه / ما كان مُضطلِعا بأَيسرِ ثِقْلِها
إن الهناءَ لها برُتْبِة وَصْلِهِ / ضعفُ الهَناءِ له برتبِة وَصْلِها
فالمُلْكُ كالفُلْكِ المضيءِ بشمسِه / والشمسُ أنت وضوءُه من فِعْلِها
يا حجةَ الله التي وجبَتْ على / أهلِ الزمانِ بفَرْعِها وبأصلها
إن القلوب تألفت واستسلمتْ / طوعا إليك بعلمِها لا جهلها
والحقُّ أبلجُ والضرورة شاهدٌ / بقضيةٍ تقِضى العقولُ بعَدْلِها
وَرِث ابنُ عمِّ محمدٍ من بعدِهِ / حقَّ الخلافةِ مُنْصِفا في نَقْلِها
وورثتَ أنت عن ابنِ عمك حَقَّها / فجَرى قياسُ خِلافه في شكلها
واللهِ ما اختارتْك إلا بعد ما / وَجدتْك أَوْلَى وارثٍ من نَسْلِها
حتى لوِ اجتمع الخَليقةُ كلها / من شيخِها أو طفلها أو كَهْلها
لم ينهضوا بدقيقةٍ من حمِله / ووجدتْك أَنْهضَ من يقوم بحملها
يا حافظا للدينِ حِفْظَ حِياطةٍ / بسياسةٍ ما شُوهدتْ من قَبْلِها
عدلٌ وإنصافٌ وفَرْطُ صِيانةٍ / ومواهبٌ تُرْوِى الأَنامَ بَهطْلِها
وسدادُ رأىٍ أظهرتْ مرآتُه / لك ما يدِقُّ بما صَفا من صَقْلها
ورجاحةٌ وفصاحةٌ وسماحة / أربتْ على البحر الخِضَمِّ بوَبْلِها
وتواضعٌ للهِ عن شرفٍ سَما / فوق الثريا ضِعْفَ ضعفِ مَحَلِّها
يا ابنَ النبوةِ والخلافةِ والأُلَى / نهضَوا بصعبِ المَكْرُمات وسهلها
الفرضُ طاعتُكم وطاعةُ غيرِكم / تَبَعٌ لها بضرورةٍ من أجلها
إن الصلاة بكم تَصِحُّ وذكرُكم / تتميمُها في فَرْضها أو نَفْلِها
بكم تسعدُ الدنيا ويسعد أهلها / يا خيرَ حيٍّ من سُلالة رُسْلِها
يا عروةَ اللهِ التي لم ينتفع / إلا امرءٌ عَلِقتْ يداه بحبلها
يا بحرَ علمٍ كالبحارِ جميعِها / لك من فنونِ الفضلِ عِدَّةُ رَمْلِها
الله خَصَّك في الكمال برتبةٍ / لم ينفتح لسواك مُغْلَقُ قُفْلِها
أَمنتْ بك الدنيا لأنك حافظٌ / بالحزمِ بين أَدَقِّها وأَجلِّها
قد كان قبلَك نيلُ مصرَ مُقصِّرا / والناسُ في جَزعٍ لوافدِ مَحْلِها
حتى وليتَ فأدركتْها رحمةٌ / يَتتابعُ الغيثُ الغزيرُ بمثلها
وكفَي بذلك في البرية مُعجِزا / يشِفي السَّرائر من شَوائبِ غُلِّها
إن الخلافة ما أَتتْك عريبة / بل أَيِّمٌ أضحتْ تُزَفُّ لبَعْلِها
جاءتْ إلى الأَوْلَى بقَبْضِ زمامها / وظَهيرِ ذِرْوَتها ومَوْطِىءِ رجلها
فاز الملوكُ من السعودِ ببعضها / وأتيتْ بعدهمُ ففزتَ بكُلِّها
فضُروبُ فضلِك لا تُعَدَّ فإنها / كالسُّحْبِ لا تُحصَى فَرائدُ وَبْلِها
منها بدورُ سَمائِك الغرُّ التي / فضحتْ أَكُفُّهمُ السحابَ بهَطْلِها
ساروا إلى العَليا ملوكٌ فانتَهى / جهدُ السوابقِ عند أولِ نُزْلِها
أرضعتَهم دَرَّ الفضائلِ فارْتَوَوا / من بعدِ ما طال الزمانُ بَحفْلِها
سُحْبٌ تجود لنا بعَذْبِ نوالها / غَدَقا وتَلْحَقنا بباردِ ظلِّها
سُسْتُ الأمور سياسةً بلطافةٍ / فإذا جَفا خَطْبٌ رَمتْه لجَزْلِها
فاسْلمْ لضبطِ الدين والدنيا معا / حِصْنا يحيط بشيخِها وبطفلها
فتهنَّ هذا العامَ فهْو مُبِّشر / بسعادةٍ ملأتْ مَسالكَ سُبْلِها
هو وافدٌ وافَى لينصر عِزُّه / نورَ النبوةِ مُعْرِبا عن فضلها
صَلَّى عليها مَنْ أَتمَّ بها الهدى / علما وفكَّ بها النُّهَى من غُلها
بعثتْ إليكَ بطَيفِها تَعْليلا
بعثتْ إليكَ بطَيفِها تَعْليلا / وخِضابُ ليِلك قد أَراد نُصولا
وأتْتك وَهْنا والظلامُ كأنما / عَقَد النجومَ لرأسِه إكليلا
وإذا تأملتَ الكواكبَ خِلْتَها / زهرا تَفتَّح أو عيونا حُولا
أهدتْ لنا من خَدِّها ورُضابها / وردا تُحَيِّينا به وشَمولا
وردا إذا ما اشْتَمَّ زاد غَضاضةً / وإذا شممتَ الورد زاد ذبولا
وجَلتْ لنا بَرَدا يُشَهِّى بَرْدُه / نفسَ الحَصورِ العابدِ التَّقبيلا
بَرَدٌ يُذيب ولا يَذوب وكلما / شرِب المتيمُ منه زاد غَليلا
لم أنْسَها تشكو الفراق بأَدُمعٍ / ما اعْتَدْنَ في الخدِّ الأسيل مَسيلا
فرأيتُ سيفَ الجفنِ ليس بمُغْمَدٍ / من تحتِ أَدْمُعِها ولا مسلولا
إن غاض دمعُكِ فاحذرِي غرقا به / فإذا تَوالَى القَطْرُ عاد سيولا
حُطى النِّقابَ لعلّ سَرْحَ لِحاظِنا / في روضٍ وجهِك يَرتْعَينَ قليلا
لما انتقبتِ حَسبتُ وجهك شُعلةً / خَللَ النقاب وخِلتُه قنديلا
هام الفؤاد بأَنْجُمٍ من حيث ما / بصرتُهن رأيتُهن أُفولا
ينمون حين تَرى الموارد طُفَّحا / والروضَ غَضَّا والنسيمَ عليلا
والأُقحوانةَ ثَمَّ تْلقَى أختَها / كفمٍ يُحاول من فمٍ تقبيلا
كلِف الفؤاد بمن رأيت فكلما / دانيتُه شبرا تَأخَّر ميلا
قَتلتنيَ الأيامُ حين قتلتُها / علما فدُونَك قاتلا مقتولا
يا دارُ ماذا فيك من مُلَحٍ
يا دارُ ماذا فيك من مُلَحٍ / دلتْ على شَرَفٍ من الهِمَم
لكنْ لمن تَنْميك همتُه في الفضلِ / قَدْرٌ جَلَّ عن إرم
كم شاد في العلياءِ من شرفٍ / يزداد تجديدا على القِدَم
فرِواقُه بالحمدِ مرتِفع / وأساسُه بالجود والكرم
للقائدِ المولى الأَجلِّ به / ذِكرُ يوَقِّيه من العَدَم
لا زال طيبُ ثنائِه أبدا / في الدهرِ مفروضا على الأُمم
في ظلِّ شاهِنْشاهَ مرتِفعٌ / عن نائبات الدهر في حَرَم
ينهى ويأمر كلَّ حادثةٍ / فتطيع وهْي له من الخدم
لَهْفِي على الإسكندري
لَهْفِي على الإسكندري / ةٍ كيف يَسْكُنها اللئامُ
بلد عَدِمتُ بها السرو / ر كما بها عُدِم الكرِام
حَسُنتْ وقُبِّح أهلها / فضِياؤُها بهمُ ظلام
قومٌ إذا استيقظتَهم / لمَكارمِ الأخلاقِ ناموا
قوم إذا قعد الكرا / م على بساط العز قاموا
فحلالُهم من شُحِّهم / في كل مسألةٍ حَرام
قوم إذا استطعَمْتَهم / في يومِ عيدِ الفطر صاموا
هذا الخليجُ فمَرْحَبا بزمانِهِ
هذا الخليجُ فمَرْحَبا بزمانِهِ / يا حَبَّذا الآصالُ بين جِنانِهِ
فامرحْ بطَرْفِك كيف شئتَ ترى به / معنى يَفُكُّ القلبَ من أحزانه
تَسْرِى الصَّبا في جانبيه عَليلةً / فيَثور عرفُ المسكِ من ريحانه
وتَهُبّ فوقَ إهابِه فتُعيده / دُرّا يعز الطرفَ عند عِيانه
فكأنّ وسوسةَ الغصونِ أحبَّةٌ / كلٌّ يُبثُّ أخاه من ألحانه
حَنَّت دَواليبُ المياهِ وساعدتْ / شَدَواتِ لحنِ الطيرِ في أغصانه
والشمسُ في أفق الغُروبِ كراحلٍ / متأسِّفٍ بالبين عن أوطانه
ذا منظرٌ لو أنصفوه سَعَى له / كِسْرى أنو شروان من إيوانه
لله أيامي به ومُساعِدِي / من صَحَّ عِقْدُ السحرِ من أجفانه
من خَدِّه وَرْدِى ورَشْفِ رُضابه / خَمْرى ونُقْلى مَصُّ طرْفِ لسانه
يسعى بمِرِّيِّحٍ تَضمَّن قامةً / كالسَّمْهَرى ولحْظُهُ كسِنانه
فأروح في بُرْدِ الشبابِ وأغتدِي / وزمامُ أمرِي في يَدَيْ شيطانه
يا قلبُ ما فَعلتْ بك العينانِ
يا قلبُ ما فَعلتْ بك العينانِ / عَنَّتْ فمَلَّكتِ الغرامَ عِناني
يا معقلَ الحَسراتِ قد كَمُل الضَّنا / كم ذا وألسنة النُّهَى تَنْهاني
كم في حَشاك جِراحةٌ عَبَثتْ بها / حَدَقُ الظِّبا وسَوالفُ الغِزلان
من كل معتدلِ القَوام تَخالُه / مُتهادِيا غُصْنا من الريحان
يعني بمِسْواك الأَراك بمثلِه / ويُقابل الكثبانَ بالكثبان
نَشوان حُمِّل خَصْرُه من رِدْفِه / ما قد تحملَ من هواه جَنانى
يَفْتَرُّ عن شَبِم الرضاب كأنه / دُرٌّ لها صدف منَ المَرْجان
لا تَطْرفُ الألحاظُ عند لقائِه / فكأنها ليست من الحيوان
يا سالما وهَواه بين جَوانحِي / يَجرِي مَجاري الروحِ من جثماني
كم ليلةٍ أَطْلعْتُ فيها فجَرها / ويدي على كبدي منَ الخَفَقان
أخلو بذكرِك ثم يُقلقني ألأسى / فأَعَضُّ من أسفٍ عليك بناني
خذ جانبا يا صاحِ عن لَحظاتِه / حَذَرا فهن حَبائلُ الشيطان
كالسيف يَخْترِم النفوس غرارُه / ورُواهُ يُعجِب ناظرَ الإنسان
لا أستميحُ الوصلَ منك لأنه / لو ناله غيرِي لكنتُ الثاني
لو أن ما أرجوه منك وجدتُه / وأراده غيرِي لكان مكاني
لو جدتَ لي بالوصل ثم بعثتَ لي / منك الخيال مُواصِلا لَكفانِي
زدني قِلىً واهجرْ فذلك بُغْيَتي / من بعدِ كونِى والورى سِيّان
بجلالِ قدرِك تفخر الأزمانُ
بجلالِ قدرِك تفخر الأزمانُ / وأشدُّ مُفتَخِرٍ به رمضانُ
لو كان ينطق قال هَنوني به / لكنْ يُخلُّ به فمٌ ولسان
لولا سيوفُك ما استقرَّ لنا به / صومٌ ولا نُسكٌ ولا قرآن
بركاتُك اشتملتْ عليه فما خَلا / منهن لا شهرٌ ولا إنسان
ما حلَّ حتى حل فضُلك فوقَه / فله بذلك في المعالي شان
يا أيُّها الملكُ الذي تَحيا به / الأزمانُ والأذهان والأبدان
أنتَ الغريبُ الفضلِ معْ ما أنه / لولاك لم يَتعرَّفِ العِرفان
فضلٌ يَجِلُّ عن الدليلِ وهل على / شمسِ الظَّهيرةِ يُطْلَب البرهان
عَظُمَتْ صِفاتُك في السماعِ لغائب / ورُؤِيتَ فاحتقرَ السَّماعَ عيانُ
أبدتْ جمالا في جميل صَنائعٍ / فافترَّ فيها الْحُسنُ والإِحسان
عَمَّت مَواهُبك الأنام كأنما / من جودِ كفِّك يُرْزَق الحيوان
وأمرتَ فامتثلَ الملوكُ كأَنهم / أعضاء مُقْتدِر وأنت جَبان
ونهيتَ فارتاع الزمانُ تَهيُّبا / فكأنك الهيجاء وهْو جنان
وعزمت فالفَلك الأثير كأنما / يتلوك أو بيديك منه عنان
وكأنما سابْقتَه فسَبقْتَه / وجميعُ موجودٍ حَواهُ رِهان
عَزْمٌ أَتمُّ مَدىً وأطولُ مدةٍ / في كل شاسعةٍ نَواها الآنُ
راضتْ سياستُك البلادَ وأهلَها / فكأنها أُمٌّ وهم إخوان
وأَخفْتَ شاسعةَ العِدَا فقبورُهم / أوطانهم وثيابهم أكفان
والخوفُ هاجِرةٌ وسيفُك مَورِدٌ / فَرْدٌ وكلٌّ منهمُ ظمآن
يا مُجْتَدى الكرماءِ حَسْبُك قد طَما / بحرُ النوالِ فهانتِ الغُدران
ها كفُّ شاهِنْشاهَ تَزْخَرُ بالندى / غدِقا وظَنِّى أنه الطوفان
لا تَدَّخِرَّ لغدٍ فإنَّ نواله / أبداً بكلِّ نَفيسةٍ يَهْتان
دِيَمٌ تجود مدى الزمانِ على الورى / طُرّا فلم يُخْصَص بهن مكان
فكأنها في كل أرضٍ شكرُها / ولكلِّ ذي لغةٍ به إدمان
تتكرر الأنفاسُ وهْو أمامها / أبدا فمَجْراها له ميدان
هيهاتَ ليس يَزينُ وصفَك مادحٌ / لكنْ مَدائحُه به تَزْدان
منك استفدْنا ما نقول وإنما / تزداد في أوصافك الأوزان
لك في خفيّاتِ المَعالي خاطرٌ / يقظان مهما نامتِ الأجفان
وبديهةٌ في صائبِ الرأي الذي / يُغنِي إذا أُرْوِى به لُقْمان
للسيفِ والقلمِ افتخارٌ كلما / لَمستْها لك راحةٌ وبَنان
تغدو المنايا والآماني منهما / تجرى فذي نفْسٌ وتلك سِنان
يامن تَنزَّهَ أنْ يُقاسَ بمن مَضَى / أين الأعاجم منك والعربان
مَن أَحْنَفٌ من حاتم من يَعْرُب / من عنتر من قُسُّ من سَحْبان
من أَرْسَطاطاليسُ من إسكندر / من قيصر أم من أنوشِرْوان
هيهاتَ جزءٌ من كمالك عاجزٌ / عنه الخليفةُ إنْسُها والجان
يا دوحةَ الفضلِ التي في ظِلَّها / للخَلْقِ من جَوْرِ الزمانِ أمان
قد طاب أصُلك في المَكارمِ مَغْرِسا / وتَفنَّنتْ لك في العُلى أَفْنان
وروى ثَراك سحابُ كلِّ فضيلةٍ / وعلاهُ روضُ نوالِك الرَّيان
وغَدتْ لك الآمالُ وهْي من الطَّوى / هَزْلَى وراحت عنك وهْي سِمان
تتنافس الآمالُ فيك فما أَتَى / فَرِحٌ وما فارقتَه أَسْيان
كسرورِ شهرِ الصومِ إذ قابلتَه / وتأسُّفٌ وَلَّى به شعبان
فبقيتَ ما بقي الزمان مُهنَّأً / بيديك يَقْوَى الأمنُ والإيمان
شهرُ الصيام بك المُهَنَّا
شهرُ الصيام بك المُهَنَّا / إذ كان يُشبِه منك فَنّا
ما سار حَولا كاملا / إلا ليسرقَ منك معنى
وينالَ منك كما ننا / لُ ويستفيدَ كما استفدنا
فرأَى مَحلَّك من محل / هِلاله أعلا وأَسْنَى
بَهرتْ مَحاسُنك الورى / فأعادتِ الفُصحاءَ لُكنا
فإذا مَدحْناك احتقر / نا ما نقول وإِن أَجَدْنا
والفضلُ أجمعُ بعضُ وص / فِك وهْو غايةُ ما وَجَدْنا
إن الذي صَدَح الحما / مُ به ثناؤُك حين غَنَّى
وأظنُّ ذلك مُوجِبا / طَرَبَ القضيبِ إذا تَثَنَّى
فتَهَنَّ شهرَك واسْتزِدْ / بقدومه سعدا ويُمْنا
فمكانُه من علمِهِ / كمكانك المحروسِ مِنّا
لا يسكن اللفظَ البديعَ حلاوةٌ
لا يسكن اللفظَ البديعَ حلاوةٌ / حتى يكون ثَناك من أركانِهِ
ويظلُّ بيتُ الشعرِ قَفْرا خاليا / ما لم تكن بالمدح من سُكّانه
قدٌّ تُقَدُّ به القلوبُ إذا انْثَنَى
قدٌّ تُقَدُّ به القلوبُ إذا انْثَنَى / يُنْبِيك كيفَ تَأَوَّدُ الأغصانُ
كالصَّعْدةِ السمراء قد أَوْفَى بها / من لحظِ مُقْلِته الضعيفِ سِنان
ما خِلْتُ أن النار في وَجَناتِه / حتى بدا في عارضيه دخان
هذا الفراقُ وهذه الأَظعانُ
هذا الفراقُ وهذه الأَظعانُ / هل غيرَ وقِتك للدموعِ أَوانُ
إيهٍ دموعَك إنما سُنَن الهوى / جسم يذوب ومَدْمَعٌ هَتّان
إنْ لم تفِضْها كالعقيقِ فكلُّ ما / تدعوه من جهد الهوى بُهتْان
إن كنتَ تَدَّخر الدموعَ لبَينِهم / فالآنَ قد وقع الفراقُ وبانوا
قد حلَّ ما قد كنتَ تحذر كونَه / فلقُرْبِ شأنك أنْ تُؤخّر شان
عذرُ المتيَّمِ أن يكون بقلبه / نارٌ وبين جفونه الطوفان
أفصِحْ بما ضَمِنت دموعك من أسى / فعليكَ من أمر الهوى برهان
هذا السَّقامُ على ضميرِك شاهد / عَدْلٌ فماذا ينفع الكتمان
تَتناهبُ الزَّفراتُ قلبَك كلما / غنى على فَنَنِ الغَضا حَنَّان
ويَهيج شوقَك للأحبةِ شكلُها / كُثبٌ تَميس على ذُراها البان
قد كان حَسْبُك أنْ تَكلَّمَ مُقْلةٌ / يومَ التَّرحُّلِ أو يُشير بَنان
لكنْ عَداكَ عن الأحبة مِثلُها / قَدٌّ ولحظٌ ذابلٌ وسِنان
للبيضِ دونَ البيضِ ضربٌ مثلما / للسُمْرِ دونَ السمر عنك طِعان
من كلِّ مُعتِقلِ القَناةِ تَخالُه / أَسدا يلوذ بكفِّه ثعبان
يسطو وقائمُ سيفهِ في كفِّه / فكأن راحتُه له أوطان
للهِ دَرُّكِ يا أُثيلاتِ الحِمى / سَقْيا لعيشك والزمانُ زمان
كم قد نَثَرْنا فيكِ من أَفواهِنا / دُرّا صَفا أصدافُه الآذان
سِرٌّ ولولا شُحُّ أَلْسُنِنا به / رَقَصت به طَرَبا لها كثبان
وفؤادِ مُظلمةٍ قطعتُ نِياطَه / سَعْيا وطَرْفُ جِماحها وَسْنان
لا تُقدم القَدَمان فيه بخطوة / جَرْيا ولا للعينِ فيه عيان
ومُصاحِبي شختُ الغِرارُ مُذَرَّب / للموت في جَنباته هيجان
حتى سموتُ إلى رفيعٍ يبصر ال / إنسانَ في صَفحاته الإنسان
سامٍ يَزَلُّ الذَّرُّ عن جَنباته / ويَكلُّ دونَ سمائه العِقْبان
وبكتْ حذارَ الكاشِحين فخِلتُ ما / في الجيدِ ما جادت به الأجفان
ورشفتُ معسولَ الرضاب كأنما / فُضَّت عليه لَطيمةٌ ودِنان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025