المجموع : 106
بعثَتْ إليِّ تلومُنِي في هَجْعَةٍ
بعثَتْ إليِّ تلومُنِي في هَجْعَةٍ / أهدتْ إِليَّ خَيالَها المذعُورا
وتقولُ ما للطَّيفِ أبطأَ بعدَما / كنَّا اشترطنا أنْ يُقيمَ يسِيرا
فأجبْتُها بالعُذْرِ وهو مُبَيَّنٌ / لو كان يُنْصِفُ لائِمٌ معذُورَا
أطبقتُ أجفانِي عليه وسُمْتُه / خوضَ الدُّموعِ فما أطاقَ عُبورَا
لاحظتُه والبدرُ ليلةَ تَمِّهِ
لاحظتُه والبدرُ ليلةَ تَمِّهِ / قد لاح فوقَ قميصِه المزرورِ
فرأيتُ صُدْغيهِ وقد سَالا على / وَجَناتِه مِسْكاً على كافورِ
وكأنَّ خَطَّ عِذارِه في خدِّهِ / سَطْرَا ظلامٍ في صحيفةِ نُورِ
وترى شقائقَها خلالَ رِياضِها
وترى شقائقَها خلالَ رِياضِها / أوفتْ مطارِفُهَا على أزهارِها
وكأنَّها والريحُ يصقلُ خَدَّها / والسُّحْبُ تملؤُها بصَوبِ قَطارِهَا
أقداحُ ياقوتٍ لطافٌ أُتْرِعَتْ / راحاً فباتَ المِسْكُ سُؤرَ قرارِهَا
وكأنَّها وَجَناتُ غيدٍ أحدَقَتْ / بخدُودِها حُمْراً خطوطُ عِذارِها
وسَفرْجَلٍ عُنِيَ المصيفُ بحفظهِ
وسَفرْجَلٍ عُنِيَ المصيفُ بحفظهِ / فكساهُ قبلَ البَرْدِ خَزَّاً أخضرَا
صَوْغٌ من الذهبِ المصَفَّى نَشْرُهُ / مسكٌ إِذا حضرَ النَّدِيَّ تعطَّرَا
يحكِي نهودَ الغانياتِ وتحتَها / سُرَرٌ لهنَّ حُشِينَ مِسْكاً أذْفَرَا
يُزْهَى بملمسِه وطيبِ مذاقهِ / ومَشمِّهِ ويروقُ عينَكَ منظرَا
لجلالِ قدرِكَ تخضعُ الأقدارُ
لجلالِ قدرِكَ تخضعُ الأقدارُ / وبيُمْنِ جَدِّكَ يحكمُ المِقْدارُ
والدهرُ كيف أمرتَهُ لك طَيِّعٌ / واللّهُ حيثُ حللتَهُ لك جارُ
ولك البسيطةُ حيثُ مدَّ غِطاءَهُ / ليلٌ وما كشفَ الغِطاءَ نَهارُ
والفَيْلقُ الجَرّارُ بينَ يديهِ من / سطواتِ بأسِكَ فيلَقٌ جَرَّارُ
ومَهابةٌ ممزوجةٌ بمحبَّةٍ / دانتْ لها الأشرارُ والأخيَارُ
طابتْ بكَ الأيامُ والدُّنيا بما / فيها وطابَ بذكرِكَ الأَخبارُ
هذا هو العصرُ الذي سبقتْ بهِ ال / بُشرَى وجاءَ بذكرهِ الآثارُ
ولَّى ظلامُ الظُّلمِ فيهِ فما لهُ / أثَرٌ وشاعَ بعدلِه الأنوارُ
رقَّتْ حواشيهِ وراقَ رُواؤُهُ / فهجيرُهُ وأصيلُه أسحارُ
عمَّ البريّةَ والبسيطةَ عدلُهُ / فالخَلْقُ شخصٌ والبسيطةُ دارُ
شكراً فقد آتاكَ ما لم يُؤْتِهِ / أحداً سِواكَ الواحدُ القَهَّارُ
ورآكَ إذْ ولَّاكَ أمرَ عِبادهِ / تَدعُ الذي تهوَى لِما يختارُ
تُعطِي وتَمْنَعُ من تشاءُ بإذنِهِ / وبكفِّكَ الأرزاقُ والأعمارُ
ينساقُ نحوَكَ ما تُرِيدُ بعزمةٍ / ما كدَّها الإِيرادُ والإصدَارُ
تتفاوتُ الأقدارُ ما بينَ الوَرى / فإِذا ذُكِرْتَ تساوتِ الأقدَارُ
وإِذا هَمَمْتَ جَرى القضاءُ بما تَرى / فكأنكَ المُتحكِّمُ المختارُ
وأسوتَ جُرْحَ الحادثاتِ وطالما / كنَّا وجُرْحُ الحادثاتِ جُبَارُ
جرَّدْتَ عزمَك للجِهَادِ فقبلَ أنْ / جَرَّدْتَ سيفَك زُلْزِلَ الكُفَّارُ
طَرَقْتهُمُ من حَدِّ بأسِكَ رَوْعةٌ / هُدّتْ لها الأمصارُ والأَعصارُ
وَلَوَ اَنّها رامتْ عِتاقَ الطيرِ لم / تَثْبُت على شَعَفاتِها الأوكارُ
خَيلٌ بأرضِ الرَّقَّتَيْنِ وراءَها / نَقْعٌ كمُرْتكِمِ الغَمامِ مُثَارُ
نشأتْ بأعلى الشامِ من سَرَعانها / سُحُبٌ لها العلقُ المشاعُ قَطارُ
رِيعَ العدوُّ وقد أحسَّ بِقُرْبِها / فالجنبُ نابٍ والرُقَادُ غِرارُ
وغدا الذي كفرَ الجميلَ وجاملَ ال / كُفَّارَ أحسنُ حالتيهِ إِسَارُ
في رأسِ شاهقةِ المرامِ منيعةٍ / والقِدُّ طَوقٌ والحديدُ سِوَارُ
وجنى على عُصَبِ النِفاق كما جَنَى / في الغابرينَ على ثَمُودَ قُدَارُ
وعلى خليجِ الرومِ منكَ مَهابَةٌ / من خوفِها يتطامنُ التيارُ
لا البيدُ بِيْدٌ إذ تَهُمُّ بنهضَةٍ / نحو الخليجِ ولا البِحارُ بِحَارُ
ولقد درى الرومي أن وراءه / خطراً تقاصَرُ دونه الأخطارُ
يومٌ يقوتُ المُرْهَفاتِ وقد غدتْ / غرثَى ويُروي السُمْرَ وهي حِرارُ
وبأرضِ بُرقةَ والصعيدِ روائعٌ / لِلَهيبِها في الخافقَيْنِ شرارُ
وإِذا عَدا فرعونُ فيها واعتَدى / فعصا الكليم لواؤُكَ الخَطَّارُ
عَلَمٌ بهِ نُصِرَ الهُدى فكأنَّهُ / عَلَمُ النبيِّ وحولَهُ الأنصارُ
تتلقّفُ الإفْكَ الذي سُحِرتْ به ال / ألبابُ والأبصارُ والأفكارُ
أيَّدْتَ دينَ الهاشميَّ فلم يضِعْ / لبني الشريعةِ عندَ سيفِك ثارُ
وهتكتَ سِتْرَ الباطنيّةِ بعدَما / لُطَّتْ وراءَ غُيوبِها الأستارُ
ملكوا قِلاعَ الأرضِ واتَّسقَتْ لهمْ / حِيَلٌ يَضِلُّ بمثلِها الأغمارُ
غرَّتهمُ الأقدارُ إذ أملَتْ لهمْ / فتكاملَ الآثامُ والأوزارُ
حكَّمتَ سيفَكَ فيهمُ فصدعْتَهُمْ / صدعَ الزُجاجةِ صَكَّها الأحجارُ
وأخذتَ ثأرَ الدينِ منهمْ بعدَمَا / شاطَ الدماءُ وضاعفَ الأوتارُ
دبُّوا الضَّراءَ مخاتلينَ وأَعْمَلوا / أفكارَهُمْ في الكفرِ وهو سِرَارُ
ففتكتَ جهراً لا طِعانُكَ خِلْسَةٌ / في المارقينَ ولا الضِرابُ ضِمَارُ
لما رأوكَ ولم يَرْوا لنفوسِهمْ / أنْ يُقْدِموا عندَ اللِّقاءِ وحاروا
بعثُوا أَناسِيَّ الحِداق فما انثنتْ / إلا وأشفارُ الجفونِ شِفَارُ
فلتهنأِ الأيامُ أنّك مالكُ ال / دنيا وطوعُ مرادِكَ الأقدارُ
يا مالكَ الدُّنيا الذي بشبيههِ / عقُم الزمانُ وضنَّتِ الأدوارُ
أوليتَنِي النِّعَمَ التي سارتْ بها ال / ركبانُ وامتلأتْ بها الأقطارُ
ورفعتَ ذكري بعد طُولِ خمولهِ / فكأنني عَلَمٌ عليهِ نارُ
لا شرْكةٌ فيما اصطنعتَ ولا يَدٌ / لِسواك فيها ذلَّةٌ وصَغَارُ
وكفيتَني مِنَنَ الرِجالِ ولم يزلْ / مِنَنُ الرجال يعافُها الأحرارُ
فلأُفردنَّك بالمدائحِ إنَّها / دررٌ وهنَّ على عُلاك نِثَارُ
وَلأَشكرنَّ جميلَ ما أوليتَني / شُكراً تسيرُ بذكرهِ الأشعارُ
ولأطلِعَنّك إن بقيتُ على مدى / سِرٍّ تقاصَرُ دونَه الأسرارُ
فَبقِيتَ مرهوبَ الجَنابِ مؤمَّلاً / من شأنِكَ الإغناءُ والإفقارُ
أيامُك الأعيادُ وهي نواضرٌ / زُهْرٌ وعودُكَ في العَلاء نُضَارُ
اِسعَدْ بيومٍ قد أتاكَ مبكِّرا
اِسعَدْ بيومٍ قد أتاكَ مبكِّرا / بصعودِ جَدِّكَ في العَلاءِ مبشِّرَا
واستقبل العامَ الجديدَ مُحَكَّماً / فيما تراهُ لك العُلى ومخيّرا
واستجلِ وجهَ الدهرِ أزهرَ واضحا / والمُلكَ ملتفَّ الحدائقِ أخضرا
ملكٌ أقمتَ قناتَهُ ورفدتَهُ / بالرأي عَضْباً والعديد مجمهرا
أسهرتَ ليلكَ في صَلاحِ أمورِه / وكفيتَ ربَّ سريرهِ أن يَسْهَرا
قد قال حينَ بلاكَ بعدَ عِصابةٍ / من قبلُ كلُّ الصيدِ في جوف الفَرا
ما أسعدَ السلطانَ بالرأي الذي / فيك ارتأى مستكفياً مستوزَرا
حقّاً لقد ولَّى الأمورَ مجرِّبَاً / إنْ همَّ أمضَى أو تدفَّق أغزرا
يتوقَّف القدَرُ المُتاحُ عنِ الذي / لا يشتهي فإِذا أشار به جرَى
ولي الأمورَ فكان أحسنَ منظراً / ممن تقدَّمهُ وأكرمَ مخبَرا
يُنْبِيكَ نورُ جبينهِ عن جُودِه / كالصُّبْحِ دَلَّ على الغزالةِ مسفرا
يا أيُّها المولَى الذي إنعامُه / شملَ البريةَ مُنْجِداً أو مُغْوِرا
هذا ابنُ عبدِك زارَ بابَكَ راجياً / ظَفَراً لديك فهل ترى أن يَظْفَرا
أَنضى اليك الجُرْدَ يجشِمُها الفلا / عَجِلاً وخاضَ البِيدَ يطوِيها السُّرى
هو غرسُ أنْعُمِكَ الجزيلةِ فاسقِهِ / بسِجالِ أنعُمِك الجِسامِ لِيُثْمِرا
وَاصعَد إِلى درجِ العُلَى متمهِّلا / واسلم على غِيَرِ الزمان معمَّرا
قد كان حظِّي في الكتابةِ ناقصاً
قد كان حظِّي في الكتابةِ ناقصاً / أيامَ حظِّي في الشبيبةِ وافرُ
حتَّى إِذا خدمَ اليراعةَ خاطرِي / قعدَ الجُدودُ بها وهن عواثِرُ
هذا ليمتنعَ الكمالُ ويعلمَ ال / جُهَّالُ أَنَّ اللّهَ فَرْدٌ قادِرُ
أمنَ السويَّةِ أن أكونَ معطَّلاً / ويلي الكتابةَ مستميتٌ جائِرُ
أشكو وما لشكيَّتِي من سَامعٍ / وأصيحُ مضطَهداًوما لي ناصرُ
قد كادتِ الأيامُ تنقصُ شَرْطَها / في الفضلِ لولا أنّهنَّ غوادِرُ
كانت تقاتلُنِي وما ليَ ناصرٌ / واليومَ تقتُلنِي وما لي ثائِرُ
فلئِنْ جُنِنْتُ فلا عجيبٌ أَنَّهُ / قد جُنَّ هذا المنجنونُ الدائِرُ
فعَسى معينُ المُلْكِ يطْلعُ سَعْدُهُ / ويعودُ عيشٌ في ذراهُ ناضِرُ
للمجدِ فيه مواعِدٌ مضمونَةٌ / واللّه ناصرُهُ ونِعْمَ الناصِرُ
فضحَتْكَ رائحةُ الذنوبِ بنتنِها
فضحَتْكَ رائحةُ الذنوبِ بنتنِها / فتعطَّرَنْ منهنَّ باستغفارِ
ورقدتَ ليلَكَ آمِناً متمِهّلاً / ونَسِيتَ كيف طَوارِقُ الأسحارِ
يا ابنَ الأُلَى خضعتْ لِمُلْكِهمُ
يا ابنَ الأُلَى خضعتْ لِمُلْكِهمُ / حِقَباً رِقابُ العُرْبِ والفرْسِ
خَلَفَ السحابَ ندى أكُفِّهِمُ / وسناهُمُ أغنُى عن الشمسُ
الطَّاهِريينَ همُ الأُلى شَرعُوا / للناس دينَ الجُودِ والبَأْسِ
وكأنما خَرَزاتُ ملكهِمُ / معصوبةٌ بِشمَامَ أو قُدْسِ
درجُوا وعندَك من تُراثِهمُ / طِيبُ النَّجَارِ وعِزَّةُ النَّفْسِ
إِلّا تكنْ بالتاجِ مُعْتَجِراً / فعُلاكَ أوفَى منه في حَدْسِي
سُلطانُ فضلِكَ فوقَ مُلكِهمُ / فاقْنَعُ به بَدَلاً بلا بَخْسِ
جدَّدْتَ عندِي عهدَ بِرِّكَ بي / وسقيتَ ما أنشأتَ من غَرْسِي
بفرائدٍ حُذٍّ مثقَّفَةٍ / مُلْسِ المُتونِ نوافرٍ شُمْسٍ
متوجعاً لي من شَكاةِ أذىً / هَدَّتْ قُوايَ وأَغمضت جَرسي
قد فلّتِ الأيامُ ظالمةً / نابي وجَدَّتْ بعدُ في نهسي
وتنبَّهَتْ للحظِّ مقترِناً / بفضيلةٍ فرمتْهُ بالوَكْسِ
إنْ آلمَتْ ضِرْسِي فقد عجزَتْ / عن نبعةٍ كَرُمَتْ على الضِّرْسِ
هي بعضُ أقراني وقد عرفتْ / صبري الجميلَ وأنكرتْ مَسِّي
أنتَ اليدُ اليمنَى وإن سَلِم ال / يمنَى فلا أسفٌ على الضرسِ
أمَّا الخطيرُ فجُبَّةٌ وعِمَامَةٌ
أمَّا الخطيرُ فجُبَّةٌ وعِمَامَةٌ / ومنازلٌ مرفوعةُ الآساسِ
وإِذا رجعتَ إِلى الكرامِ فطاعِمٌ / ما بينَ أهلِ المكرُماتِ وكاسي
وله لدَيَّ صنائِعٌ مشكورةٌ / أبداً أصيحُ بذكرِها في الناسِ
لم يرضَ لي ذُلَّ المطامعِ فانثنَى / نحوي يُطارِدُنِي بعزِّ الياسِ
بارتْ عليَّ بضائِعي فكأنَّنِي / مستبضِعٌ طِيباً إِلى كَنَّاسِ
إِيهاً فإني لا أطيعُ مُحَرِّشِي
إِيهاً فإني لا أطيعُ مُحَرِّشِي / والمحْ جوابَك في عِذَارِ ألَلْمُشِ
وانظُرْ إليه ساخطاً أو راضياً / فإنِ استطعتَ القولَ فيه فحَرِّشِ
ريَّانُ من ماء الصِّبا شَرِقٌ بهِ / سكرانُ من خمرِ الملاحةِ منتَشي
لم أنسَ والمَيَدانُ ينهَبُ حسنَهُ / نُظَّارَهُ إذ لاحَ فوق الأبرشِ
في حُلَّتَيْ حُسْنٍ ووشيٍ فاخرٍ / من لم يَغُضَّ الطرفَ دونَهما غُشِي
والريحُ تطرُدُ عن مسيلِ عِذارِه / صُدغيهِ بين مسلسلٍ ومُشَوَّشِ
ركضَ الجوادِ فأيُّ قلبٍ لم يَطِرْ / شَغَفاً وأيَّةُ مقلةٍ لم تُدهَشِ
ورمَى فنازعَه الإصابةَ مقلةٌ / من أقصدتْهُ سهامُها لم يُنْعَشِ
ثم انثنَى جذلانَ يفضحُ وشيَهُ / ديباجُ خَدٍّ بالعِذارِ منقَّشِ
لا تحقِرنَّ الرأيَ وهو موافقٌ
لا تحقِرنَّ الرأيَ وهو موافقٌ / حُكمَ الصوابِ إِذا أتَى من ناقصِ
فالدُّرُ وهو أجلُّ شَيءٍ يُقْتَنَى / ما حَطَّ قيمتَهُ هوانُ الغائصِ
ومتاجرٍ بي في المودَّةِ كلَّما
ومتاجرٍ بي في المودَّةِ كلَّما / حاسبتُه يغلو عليَّ وأرخُصُ
زايدتُ فيهِ فباعنِي لمَّا رأى / شَغَفِي به وهوايَ فيمنْ يَنْقُصُ
ضَيفٌ سَرى والليلُ ينفُض صِبْغَهُ
ضَيفٌ سَرى والليلُ ينفُض صِبْغَهُ / فوق الجَنوبِ بجُنْحِه الفَضْفَاضِ
ضُربتْ بأسنِمَةِ الجبالِ وقد سرتْ / خفَّاقَةَ العذَباتِ بالإيماضِ
ضمَّتْ عليهِ الريحُ فضلَ ردائِه / وبهِ من الشَّفَّانِ ندبُ عِضَاضِ
ضافتْهُ أسرابُ البلابلِ والدُّجَى / لم ترمِ سُودَ قُرونِها ببياضِ
ضربتْ أهاضِيبَ الكَرى أجفانُهُ / والليلُ أغمضَ أيَّما إغماضِ
ضُمِّي حقائِبَهُ إلينا واحضَأي / قلقَ السَّنَا كالحيَّةِ النَضْنَاضِ
ضوءٌ كما صَبَّ الغزالةُ ذوبَها / يُطْفِي تلاحُقَ نورِها الفيَّاضِ
ضاهِي بكيدِكِ كيدَ دهرٍ واعزِمي / عَزَماتِ أروعَ مُبْرِمٍ نَقَّاضِ
ضاقت له فُسَحُ الأمورِ وأُفرجتْ / عنه بعزمِ مروِّضٍ روَّاضِ
ضنَّتْ لِثاتُكِ للثراءِ ولم تَرَيْ / نُخَبَ الثناءِ معوضةَ المعتاضِ
ضَلَّ اِمرؤٌ يغتالُ ذروةَ عُمْرهِ / بشفائِه حَرَضاً من الأحراضِ
ضَرِمُ المطامعِ كيدهُ ومن الشظى / دحْضُ المواطِئ مُكثبُ الأغراضِ
ضَمِنٌ إِذا خبطتْ غريبةُ بأسهِ / بعزائمٍ خُضُعِ الرِقابِ مِراضِ
ضَنْكُ المعارج في مدارجِ كيدِه / يهفو بمنْبَتِّ القُوى مُنهاضِ
ضامت أخِشَّةُ ذُلِّهِ عرنينَهُ / عَوْدٌ على جُلَبِ المهانةِ ماضِ
إِنَّ الأُلَى أرضاكَ قولُهُمُ
إِنَّ الأُلَى أرضاكَ قولُهُمُ / بالأمسِ تحتَ رِضاهُمُ سُخْطُ
لما صفَا ملكُ الجمالِ لهمْ / تاهوا على العُشَّاقِ واشتطُّوا
همّوا ببَيْنٍ فاسْتُطيرَ له / قلبي فكيفَ يكونُ إِن شَطُّوا
ومَليحة الحركاتِ إِنْ رفَلَتْ / في الحيّ شاغبَ عِقدَها القُرطُ
نمَّ المروطُ بجسمِها فبدَا / والشمسُ ليس يكنُّها مِرْطُ
فتحَ الصَّبَا في صحنِ وجنتِها / ورداً يضاعِفُ حسنَهُ اللَّقْطُ
قالتْ وقد ولَّتْ حمولُهمُ / والعِيسُ فوقَ جُفونِها تخطُو
كان الشبابُ الغضُّ يجمعُنا / فمضَى وشتَّتَ شملَنا الوَخْطُ
غدر الأحبةُ والشبابُ مَعَاً / فكأننَّا لم نصطحِبْ قَطُّ
وقد استعنتُ على مشيبيَ بال / مِقْراضِ لمَّا ساءَني المُشْطُ
في القلبِ من حَرِّ الفِراقِ شُوَاظُ
في القلبِ من حَرِّ الفِراقِ شُوَاظُ / والدمعُ قد شَرِقَتْ به الألحاظُ
ولقد حفِظْتُ عهودَكمْ وغدرتُمُ / شتَّانَ غَدْرٌ في الهَوى وحِفَاظُ
لِلهِ أيُّ مواقفٍ رقَّتْ لنا / فيها الرسائلُ والقلوبُ غِلاظُ
ومرَى العِتابُ جفونَنا فتناسبتْ / تلك المدامعُ فيه والألفاظُ
يا دارُ ما للركبِ حين وقفتمُ / ما إن سقاكِ من الدموع لُماظُ
ترك الغرامُ عقولَهمْ مدهوشةً / فظننتهمْ رقدُوا وهم أيقاظُ
عهدي بظلّك والشبابُ يَزينُهُ / أيامَ ربعُك للحِسانِ عُكَاظُ
ودَّعْتُ طِيبَ العيشِ ساعةَ ودَّعَا
ودَّعْتُ طِيبَ العيشِ ساعةَ ودَّعَا / وصممتُ إِذ نادَى الفِراقُ فأسمعَا
إِنّي أرى شملي وشملَ مدامعي / حتماً على الأيامِ أنْ يتصدَّعَا
يا مَنْ جناب الفضلِ أصبحَ مُمْعراً / فغدَا بهِ خَضِلَ المذانبِ مُمْرِعا
ومن استزلَّ المجدَ عن قُذُفاتِه / متوقّلاً في هضبهِ متفرِّعَا
أعديتَني داءَ الفراقِ وحطمتْ / أنفاسُك الصُعَدَاءُ مني أضلعَا
وأسلتَ دمعاً في الجفونِ مُعَلَّقَا / وأطرتَ قلباً في الضلوع مزعزعَا
قد كان مدَّ الدهرُ طرفاً طامحَاً / نحوي ونصَّ إليَّ جِيداً أتلعَا
فتركتَ لي طرفَ النوائبِ خاشعاً / وأريتَنِي خَدَّ الحوادِث أضرعَا
ووردتَ بي من بحرِ فضلِك زاخراً / وسقيتني من كأسِ ودِّكَ مُترَعا
حتَّى إِذا أمّلتُ فيكَ لغُلَّتِي / أن تشتفِي وصرائري أن تُقْطَعا
ولعله أن يرعوي من بعدِ أنْ / لم يُبقِ في قوسِ الإِساءة منزَعَا
ما بعدَ يومِكَ للحزينِ الموجَعِ
ما بعدَ يومِكَ للحزينِ الموجَعِ / غيرُ العويل وأنَّةُ المتفَجِّعِ
يومٌ أُصيبَ الدينُ فيه وعُطِّلَتْ / أحكامُه فكأنَّهُ لم يُشْرَعِ
واشتطَّ أحكامُ الردَى وتطاولتْ / أيدي المَنونِ إِلى السَّنامِ الأرفعِ
أنحَى الكُسوفُ على الهِلالِ المجتلى / وأجرَّ شِقشقة الخطيب المِصْقَعِ
ومضَى الذي كُنَّا نروعُ بذِكرهِ / نُوَبَ الزمانِ فما لهُ من مرجعِ
قادتُ حزامتهُ المَنون كأنَّما / يحدُو بموهونِ القفار موقّعِ
من ذا رأى البدرَ المنيرَ وقد هَوى / في التُربِ والطودَ الرفيعَ وقد نُعِي
من ذا رأى الأسَدَ المُدِلَّ ببأسِه / شِلواً طريحاً بالعراء البلْقَعِ
من ذا رأى الملِكَ المحجَّبَ بارزاً / ملقىً بمنزِلةِ الذليلِ الأضرعِ
من ذا رأى الأنِفَ الحمِيَّ يقودُهُ / كَفُّ المنيةِ بالخشاشِ الأطوعِ
أعزِزْ عليَّ بأن أُسَرِّحَ ناظرِي / في مجمعٍ وسِواكَ صدرُ المجمعِ
أعزِزْ عليَّ بأن يحدِّثَ نفْسَهُ / بالأمن بعدَك كلُّ نابي المضجعِ
أعزز عليَّ بأن يبُزَّكَ حاسِراً / من كان يُحْجِمُ عنكَ بين الدُرَّعِ
ماذا على الأقدارِ لو صفحتْ لنا / يوم اللقاءِ عن الكَمِيِّ الأروعِ
ماذا على رَيْبِ المَنونِ لَوَ اَنّه / قَبِلَ الفِدا فنجودُ عنك بِمقنَعِ
لهفي عليكَ لمستجيرٍ يبتَغِي / وَزَراً لديكَ وما لهُ من مفزعِ
لهفي عليكَ لخائفٍ ومؤَمِّلٍ / ومنازَعٍ في حقِّهِ ومدفَّعِ
لهفي عليكَ لثلَّةٍ غادرتَها / هَمَلاً لذُؤبانِ الفَلا والأضبُعِ
ما كنتُ أحسبُ أنَّ فوقَك حادثاً / تُلْقِي إِلى يدِه مقادةَ طيِّعِ
ما كنت أحسبُ أن تُصَمَّ عن الذي / يدعوكَ للجُلَّى وأنت بمسمعِ
من للمَعالي بَعد يومِكَ اِنها / تبكي عليكَ وقد فُقِدَْت بأربَعِ
مَنْ للعُفاةِ المرملينَ رمَتْ بهمْ / آمالُهم نحوَ الجَنابِ المُمْرِعِ
شَدُّوا الرِحالَ وأعملوا أنضاءَهُمْ / ورمَوْا بها جُدَدَ الطريق المَهْيَعِ
حتَّى إِذا سَمِعُوا بيومِكَ عطَّلُوا / أنضاءَهُمْ من عاقرٍ ومُجعْجَعِ
جمحتْ بكَ الهِممُ التي لا تنثني / عما تُريغُ من الجَنابِ الأمنعِ
ووقفتَ حيثُ السيفُ يُرعِدُ متنُهُ / لم ترتعدْ فَرقَاً ولم تتخَشَّعِ
في موقفٍ بينَ الصوارمِ والقَنَا / دحضٍ ويومٍ لكريهةِ أشنَعِ
وحسرتَ فيه عن ذراعك جاهداً / والبيضُ ترتع في الطُّلَى والأذرُعِ
وكرهتَ مأثورَ الحديثِ فلم تَلُذْ / بالعفوِ مأسوراً ولم تتضَرَّعِ
ضاقتْ بك الدنيا فعِفْتَ جِوارَها / ونزعتَ نحو الخُلدِ أكرمَ منزعِ
يا ضيعةَ الإِسلامِ بعدَكَ إِنَّه / غَرَضٌ لكلِّ مُبَدِّلٍ ومضَيِّعِ
يا طامعاً في أن يقومَ بنصرهِ / أشياعُه زاحمْ بِحَدٍّ أو دعِ
أما عُبيدُ اللّهِ أسلمَهُ الأُلى / ضَمِنوا الدفاعَ لكلِّ خَطْبٍ مضلعِ
خَاضُوا به الغَمَراتِ ثم تخاذلوا / وتقاعسُوا عنه دُوَيْنَ المصرعِ
وتسَرَّعُوا عند اللِّقاءِ وخلَّفْوا / في النَقْعِ ثبتَ الجأشِ لم يتسرَّعِ
ويلُ اُمِّهِ نصراً لَوَ اَنَّ رجالَهُ / زحفوا إِلى الأعداء قيْدَ الإِصْبَعِ
وردوا بهِ حتى إِذا حَمِيَ الوغَى / صدروا وخلَّوْهُ لُقَىً لم يُرفَعِ
من ذا يَذُبُّ عن الشريعةِ بعدَهُ / بلسانِ فصّال وقلبِ سُمَيْدَعِ
من ذا يمد إِلى الأعادي بعدَهُ / باعاً أمقَّ وهمَّةً لم تُقْذَعِ
من ذا يحاولُ غايةً صعُبَتْ على / طُلّابِها وثنيَّةً لم تُطْلَعِ
ويبُزُّ رَبَّ المُلْكِ قُلَّةَ أمنِهِ / حتى ينوءَ بركنِه المتضَعْضِعِ
لم يبقَ من يثنَى عليه بِخِنْصُرٍ / مُذْ غِبْتَ أو يومى إِليه بإِصبُعِ
من أينَ بعدَك من يُخَافُ ويُرْتَجَى / زال الحِذار وسُدَّ بابُ المطمعِ
ما زلتَ تسهرُ في ترصُّدِ غايةٍ / للمجدِ أخطأها عُيونُ الهُجَّعِ
وتُخَلِّفُ الباغينَ شأوَكَ في العُلَى / ما بَينَ حَسْرَى في الغُبارِ وظُلَّعِ
وتكلِّفُ القُبَّ الشوازبَ غايةً / تُهدِي الكلالَ إِلى البُروق اللُّمَّعِ
وتقودُ ذا لجَبٍ كأن زُهَاءَهُ / وطفاء تُحدى بالبليلِ الزعزعِ
يُضحي به غَمَمُ الروابي جلحةً / وتنشُّ منه ذخيرةَ المستنقعِ
وتخوضُ منخرقَ الصفوفِ بذُبَّلٍ / سُمْرٍ تثقفهنُّ عُوجُ الأضلُعِ
فإِذا رقعتَ بها إِهابَ مقنَّعٍ / غادرتَ خَرْقاً مالهُ من مرقَعِ
وكأنما حُجُبُ القلوبِ وقد بدا / منها وِجارُ الأرقم المتطَلِّعِ
ويُضيءُ في سُدَفِ العَجاج بجذوةٍ / قد أُشعِلتْ بيد القُيونِ لتُبَّعِ
من كلِّ دُرِّيِّ الفِرَنْدِ كأنما / حبَّاتُ عِقْدٍ فوقَهُ متقطِّعِ
ترمي به نحو المدَجَّج قاطِعاً / فيمُرُّ فيهِ كأنَّه لم يُقْطَعِ
طُبِعَتْ مضاربُه الرِّقاقُ غوامِضَاً / فكأنها مرهومَةٌ لم تُطْبَعِ
كَلِفٌ بحبَّاتِ القلوب كأنَّما / يبغي الوقوفَ على الضميرِ المودَعِ
وكأنَّما لَزِمَ القضاءُ غِرارَهُ / حتى يَدُلَّ على سَواءِ المقْطَعِ
لا حرمةُ الجُنَنِ الحصينةِ في الوغى / تُرعَى لديكَ ولا ذِمامُ الأدرُعِ
حتى استبدَّ بك الحِمامُ فلم تجدْ / عوناً على سُمر اللِّدانِ الشُرَّعِ
لم تُغْن عنك ضوامِرٌ أعناقُها / عاسلنَ عاليةَ القَنَا المتزعزِعِ
ومقاومٌ غلبُ الرقاب وفتيةٌ / شُوسٌ تجرُّ السَّمهريَّ وتدَّعي
أين الحصونُ الشامخاتُ فِناؤُها / وَزَرُ الذليلِ وعصمَةُ المتمنِّعِ
أين الذخائرُ حُزْتَها لملِمَّةٍ / تُخْشَى بوادِرُها وخطبٍ مُضلِعِ
أين الأُغيلِمَةُ الخِفافُ إِلى الوَغَى / يَغْشَوْنَهُ من حاسرٍ ومقنَّعِ
أين السِماطُ تكرُّ في أطرافهِ / لحظاتُ مصحوبِ الفؤادِ مُشَيَّعِ
أين الحِجابُ إِذا تقَرَّى أهطعتْ / زُوَّارُهُ من ساجدينَ ورُكَّعِ
نصحَ الزمانُ لنا ونادَى مُعْلِناً / بعيُوبهِ لو أنَّ مستمِعَاً يعِي
لطُفَتْ مواعِظُه فلم يَشْعُرْ بها / إِلّا اللبيبُ وعِلْمُه لم ينفَعِ
فيمَ التلوّمُ والرِفاقُ يسوقُهمْ / عجلانُ يُلحِقُ مبطِئاً بالمُسْرِعِ
من ذا يغرُّكَ بالمُقَامِ أذاهبٌ / لا ينثني أم غابرٌ لم يربَعِ
قطعَ الرجاءَ عن البقاء يقينُنَا / أن التفرُّقَ غايةُ المتجمِّعِ
سبق البكاءُ من الوليد لعلمهِ / بالموتِ فهو وحتفُه في موضعِ
ما ذَرَّ قَرْنُ الشمسِ إِلّا آذنتْ / بغروبها لما بدَتْ في المطلعِ
كلٌّ إِلى أمل يصيرُ فَمُقْعَصٌ / بالسيفِ أروحُ من مَهيضٍ موجَعِ
يا قبرُ أُفْرِغَ فيك سَجْلٌ من نَدَىً / فالْبسْ له حُلَلَ الرِّياضِ وأمْرِعِ
يا قبرُ غاضَ البحرُ فيك فلا تدَعْ / للناس حولَكَ غُلَّةً لم تُنْقَعِ
يا قبرُ غاب البدرُ فيك فلا تكنْ / من بعدِه إِلّا مُنيرَ المطلَعِ
لا غروَ إِنْ حُزْتَ المروءةَ والتُقَى / والدينَ والدنيا ولم تتصَدَّعِ
إِنَّ النواظرَ والقلوبَ صغيرةٌ / تحوي الكبيرَ وليس بالمستبدَع
شقَّتْ عليك جيوبَها شهَّاقَةٌ / برعودِها وسقتْك فيضَ الأدمُعِ
وغدتْ عليك من الغَمامِ مُرِشَّهٌ / نضحَتْ فِناءَك بالذَّنوبِ المُتْرَعِ
وصَبَا النسيمُ إِلى ثَراكَ برَوْحِه / وجرَى على مغناكَ غيرَ مُرَوَّعِ
ولقد أقولُ لمن يسدِّدُ سهمَهُ
ولقد أقولُ لمن يسدِّدُ سهمَهُ / نحوي وأطرافُ المَنِيَّةِ شُرَّعُ
والموتُ في لحظاتِ أخزرَ طرفُهُ / دوني وقلبي دونَهُ يتقطَّعُ
باللّهِ فتِّشْ عن فؤاديَ أوّلاً / هل فيه للسَّهمِ المُسَدَّدِ موضِعُ
أهوِنْ بهِ لو لم يكنْ في طَيِّهِ / عهدُ الحبيبِ وسرُّه المستودَعُ
وبنفسيَ الرَشَأُ الذي خاصَرْتُهُ
وبنفسيَ الرَشَأُ الذي خاصَرْتُهُ / وَجْداً وقد كاتمتُه التوديعَا
وسألتُ صبري أن يكلِّفَ مدمعي / ألّا يكونَ لما كتمتُ مذِيعَا
فأبَى المدامعُ أنْ تشفِّعَ سلوةً / وأبى التصَبُّرُ أنْ يكونَ شفيعَا
فأسحْتُ من ماء الجُفونِ وساعدتْ / حتى لقد كِدنا نصيرُ دموعَا