المجموع : 69
جَلَداً خَلِيلِي ما لِنَفْسِكَ تَجْزَعُ
جَلَداً خَلِيلِي ما لِنَفْسِكَ تَجْزَعُ / آنَ الرَّحيلُ فأَيْنَ منهُ المَفْزَعُ
عَمَدُوا لِتَقْوِيضِ القِبَابِ فَعِنْدَهَا / أرْبَتْ على صَوْبِ الرَّبَابِ الأَدْمُعُ
لَنْ يَعْدَمُوا رَبَّابَها لِرِكَابِهِم / في حَيْثُ يَسْتَهْوِي السَّرَابُ ويَخْدَعُ
هَيْهَاتَ عافَتْ وِرْدَها وَرْدِيَّةٌ / نُجُبٌ غَدَتْ بِهِمُ تَخُبُّ وتُوضِعُ
إنْ لَمْ يُخَالِطْهَا نَجِيعِيَ أَحْمَراً / كَرَعَتْ بأَزْرَقَ سَيْحُهُ يَتَدَفَّعُ
عَجَبَاً لِشُرْعٍ لا تُدارُ عَلَيْهِمُ / وَهيَ المُدامَةُ بالزُّلالِ تُشَعْشَعُ
لمَّا بَكَيْتُ بَكَى يُسَاعِدُنِي الحَيَا / فَدُمُوعُهُ مِنْ رِقَّةٍ لِيَ تَهْمَعُ
أَشْدُو بِذِكراكُم وأَنْشِجُ لَوعَةً / وكَذا الحَمَامَةُ حينَ تَنْدُبُ تَسْجَعُ
يَا بَرْحَ شَوْقِي لِلذينَ تَحَمَّلُوا / وأَقامَ حُبُّهُم بِقَلْبِي يَرْبَعُ
أَضْحَتْ بَلاقِعَ مِنْهُمُ دَاراتُهُم / فالصَّدرُ إِلا مِنْ شُجونِي بَلْقَعُ
لا أُنْكِر البُرَحَاءَ في عَقِبِ النَّوَى / قَد حَلَّ بالتَّرْحالِ ما يُتَوَقَّعُ
في ذِمَّةِ اللَّهِ الأُلَى أَمُّوا الفَلا / بِالعِيسِ تَخْدِي والصَّوَاهِلُ تَمْزَعُ
وَصَلُوا السُّرى لَيْلاً إلى أنْ عَرَّسُوا / والصّبْحُ في ثَوْبِ الدُّجَى مُتَلَفِّعُ
وَكَأنَّمَا زُهْرُ الكَوَاكِبِ سَحْرَةً / جَشَمَتْ سُرَاهُم فَهي حَسْرَى طُلَّعُ
بانُوا فَبَانَ القَلْبُ لي عَن أَضْلُعِي / يا مَنْ لِقَلْبٍ أَسْلَمَتْهُ الأَضْلُعُ
كانَتْ سَلامَتُه لِوَقْتِ سَلامِهِمْ / صُدِعُوا بِرِحْلَتِهِ فَها هُوَ يصْدَعُ
يَصْلَى الهَواجِر في الظِّلالِ تَحَرُّقَاً / ويَحِنُّ إنْ سَلَت القُلُوبُ وَيَنْزَعُ
لمَّا تَراجَعَتِ الحُداةُ لِسَوْقِهِمْ / رَجَعَ الهَوى أدْرَاجَهُ يَسْتَرْجِعُ
أُخْفِي سُؤالي لَو شُفِيتُ إِجابَةً / مَا لِي وَما لِلْبَيْنِ بي يتَوقَّعُ
أأنا المُرَوّعُ حَيْثُ كنتُ بهَوْلِهِ / أَمْ لي بهِ مَثَلٌ كَذَاكَ يُرَوّعُ
لَمْ أدْرِ ساعَةَ أَزْمَعُوها نِيَّةً / مَحْيَايَ أمْ يَحْيَى الأَميرَ أُوَدِّعُ
مَلِكٌ علَى الأَقْدارِ خِدْمَةُ أَمْرِهِ / فَقَصِيُّ ما يَسْمُو إلَيْهِ طَيِّعُ
هَامَتْ بِهِ السَّبْعُ الشِّدادُ يَحِلُّها / وَتَنَافَسَتْ فيهِ الجِهَاتُ الأَرْبَعُ
بِالْعَالَمِ العُلْوِيِّ في حَضَرٍ وفي / سَفَرٍ يُحَفُّ وذاكَ ما لا يُدْفَعُ
ضَاهَى المَلائِكَ في ضَرائِبِهِ التِي / رَوْضُ الرُّبَى مِنْ عَرْفِها يَتَضَوَّعُ
وقَضَى علَى الأَمْلاكِ أقْعَسُ عِزّهِ / أَلا تَزَالَ لَهُ تَذِلُّ وتَخْضَعُ
خَطَبَ الخِلافَةَ بالقِرَاعِ فَنَالَها / مِنهُ قَريعٌ أنْفُهُ لا يُقْرَعُ
صَرْفُ اللَّيالِي في الْوَرَى مُتَصَرِّفٌ / برِضَاهُ يُنْعِشُ مَنْ أحَبَّ وَيَصْدَعُ
فَأَخُو الرَّشادِ لِعَيْشِهِ مُتَسَوِّغٌ / وأَخو الضَّلالِ لِحَتْفِهِ مُتَجَرِّعُ
هَجَعَتْ رَعاياهُ علَى فُرُشِ المُنَى / أَمْنا وباتَ لِرَعْيِها لا يَهْجَعُ
يَصِلُ ابْتِساماً في الوَغَى بِطَلاقَةٍ / كَرَماً وَوَجْهُ اليَوْمِ أرْبَدُ أسْفَعُ
فَكَأَنَّما النَّقْعُ المُثارُ دجُنَّةٌ / وَكأنَّ غُرَّتَهُ صَباحٌ يَسْطَعُ
لَمْ يَسْلُ عَنْ شَوْقٍ إلَيْهِ مِنْبَرٌ / لَم يَخْلُ مِنْ حِرْصٍ عَلَيْهِ مَوْضِعُ
نَادَى به الغَرْبُ القَصيُّ مُثَوِّباً / فأَجَابَهُ يَطْوِي الفَلاةَ ويَذْرَعُ
ثِقَةً بأنَّ جُنُودَهُ وبُنُودَهُ / يَغْدُو الوُجودُ لَها يُطيعُ وَيَسْمَعُ
حَفِظَ الذي شَرَعَ الإلَهُ حِفَاظَهُ / بالْبِيضِ تُنْضَى والأَسِنَّةُ تُشْرَعُ
مَلأَتْ جَحافِلُهُ مَنَادِيحَ المَلا / وَلَرُبَّما ضاقَ الأَمَدُّ الأوْسَعُ
أَعْشَى العُيونَ بِها الْتِماعُ حَديدِهِمْ / فَتَشابَهَتْ لامَاتُهُمْ إذْ تَلْمَعُ
يَأْبَى عَلَى البَأْسِ اقْتِصاراً والنَّدَى / فَمُفَرّق العَلياء فيهِ مُجَمَّعُ
مُتَبَوِّئٌ للْمَجْدِ أَشْمَخَ ذِرْوَةٍ / ولَهُ بِأَعْلاهَا لِواءٌ يُرْفَعُ
أحْيَا الهُدَى منهُ إمامٌ مُرْتَضىً / وغَزا العِدَى منهُ هُمَامٌ أرْوَعُ
أَتُرَى السَّماءَ دَرَتْ بما هُوَ صانِعٌ / فَلِذاكَ ما دَرَّتْ لَهُ تَتَصَنَّعُ
فَالأَرْضُ حَيْثُ يَحُولُ مِنْ أَطْرَافِها / وَيَحِلُّ إِمَّا مَرْتَعٌ أَوْ مَشْرعُ
ضَايَقْتُ في العُذْرِ العُفاةَ وقُلْتُ قَدْ / يَمَّمْتُمُ بَحْرَ النَّدَى فَاسْتَوْسِعُوا
إِنْ تَقْصدوا لا تُحْجَبوا أو تَقْرُبُوا / لا تبْعدُوا أو تَسْأَلُوا لا تمْنَعُوا
يا للزَّمانِ أَعَلَّنِي بِزَمَانَةٍ / أَصْبَحْتُ بالإخْلادِ فيها أقْنَعُ
لا بُرْءَ مِنْهَا يُسْتَفَادُ بِحيلَةٍ / فإِلى الرِّضَى بالحُكْم فيها المَرْجِعُ
مِنْ أيْنَ لِي صَبْرٌ عَلى مَضَضِ النَّوَى / سُدَّتْ إلَى الصَّبْرِ الطَّرِيقُ المَهْيَعُ
لَوْلا التَّكَرُّهُ أَنْ أُخِلَّ بِطاعَةٍ / لَسَعَيْتُ زَحْفاً أَسْتَقيمُ وأَظْلَعُ
وبِأَنْ وُكِلْتُ إلى الأَميرِ مُحَمَّدٍ / عَذُبَ الأَمَرُّ مِنَ الفِرَاقِ الأَقْطَعُ
نَدْبٌ نَبا عَنهُ الحِجَى نَزَقَ الصِّبا / رُبَّ اكْتِهالٍ مَا عَداهُ تَرَعْرعُ
حَكَمَتْ لَهْ بالْفَضْلِ بَيْنَ لِدَاتِهِ / نَفْسٌ مُهَذَّبَةٌ وَقَلْبٌ أَصْمَعُ
لا بَيْتَ يَعْدِلُ في الطَّهارَةِ بَيْتَهُ / نَصَعَ الصَّباحُ وَمُنْتَهاهُ أَنْصَعُ
ماذَا أَقولُ وأَيْنَ أبْلُغُ مادِحاً / وبِمَدْحِهم غَنَّى البَليغُ المِصْقَعُ
دَعْنِي أَعِدْ فيهِ وأُبْدِئُ جَاهِداً / فَلَعَلَّ فِكْرِي حينَ يُبْدِئُ يُبْدِعُ
إنْ سَالَ طَبْعي في ذراهُمْ سَلْسَلاً / فالعَذْبُ في الأَرْضِ الكَرِيمَةِ يَنْبُعُ
اللَّهُ عَنْ تِلكَ المَناقِبِ دَافِعُ
اللَّهُ عَنْ تِلكَ المَناقِبِ دَافِعُ / ولَها مِن المَحْذورِ واقٍ مانِعُ
لَوْلا اليَقينُ بأَنَّهَا مَعْصُومةٌ / لَتَفَجَّرَتْ بِدَمِ القُلوبِ مَدامِعُ
زَرَّتْ على الصَّبْر النّفُوسُ جُيوبَها / والذُّعْرُ فيها لِلْجَوانِحِ خالِعُ
وتَعَلَّلَتْ بِسُؤالِهَا وجَوَابِهِمْ / الفَضْلُ ناجٍ والتَّداوِي ناجِعُ
أنَّى تَضيرُ شِكايةٌ مِنْ جودِهِ / وَوُجودُهُ لِلخَلْقِ طُرّاً نافِعُ
عَجَباً لِمُخلِصِها إلَى نادِي النَّدَى / والعالَمُ العُلْوِيُّ عَنْهُ يُقارِعُ
آراؤُهُ بِيضٌ تُسَلُّ قَوَاطِعٌ / وَجداؤُه سُمْرٌ تُمَدُّ شَوارِعُ
جَرَّ الشّجونَ الجُونَ عارِضُ سُقْمِهِ / فالدَّهْر من جَرَّاهُ خاشٍ خاشِعُ
هَلا بِنا سَدَك التَّألُّمُ لا بِهِ / إنَّ العَبيدَ عَن المُلوكِ تُدَافِعُ
غاضَ التَّحَدُّث بالضَّنَى وبِحَسْبِنَا / أَنْ غاضَ مِنْ ماءِ العَنَاءِ النابِعُ
حتَّى إِذَا الإبْلالُ صَحَّ تَوَاتُراً / وَصَلَ الحُبُورَ بهِ الدّليلُ القاطِعُ
شُفِيَ الأَميرُ فَكُلُّ قَلْبٍ ساكِنٌ / بَعدَ الخُفوقِ وكُلُّ طَرْفٍ هاجِعُ
وَبدا سَناهُ فَلا عَدُوٌّ آمِنٌ / يَرجو النَّجاةَ ولا وَلِيٌّ جازِعُ
رُوحُ الوَرَى سِرُّ العُلَى مَعْنَى الهُدَى / فَرْدٌ لأَشتاتِ المَكارِمِ جَامِعُ
لِلدِّينِ والدُّنيا بِعِصْمةِ ذاتهِ / إِعْجابُ مَنْ هُوَ في حِماهُ وَادِعُ
يا حُسْنَ مَوْقعِ بُرْئِهِ مِن أُمَّةٍ / لَولاهُ حاق بِهم عَذابٌ واقِعُ
كانُوا مِن الشُّبَهِ المُضِلَّةِ في دُجىً / فَجَلا غَياهِبَها هُداهُ السَّاطِعُ
مَلأَتْ إيالَتُه اللَّيالي حَبْرَةً / وَالحادِثاتُ فَواجِئٌ وفَوَاجِعُ
وحَيَاة يَحْيَى المُرْتَضَى ما شَاقَ فِي / أَثْناءِ شَكْواه الحَمَامُ السَّاجِعُ
كَلا وَلا رَاقَ الرَّبيعُ وزَهْرُهُ / في ناظِرٍ وَهوَ النَّضِيرُ اليانِعُ
وَلَقد تَنَكَّرَ كُلُّ شَيْء دُونَهُ / حتَّى المَغانِي الآهِلاتُ بَلاقِعُ
غَلَبَ التَّوَلُّهُ فالعُقولُ غوارِبٌ / لَمَّا تَحَجَّبَ والكُروبُ طَوالِعُ
وَكأَنَّ بَرْدَ الظِّلِّ قَيْظٌ لافِحٌ / وكأَنَّ عَذْبَ العَيْشِ سُمٌّ ناقِعُ
يَسْوَدُّ مُبْيضُّ الصِّفاحِ الناصِعُ / وَيَضيقُ مُنْفَسِحُ البَراحِ الواسِعُ
وَكأَنَّ ساعاتِ الثَّواءِ لِطولِها / حِجَجٌ رَوائِبُ للنُّفوسِ رَوائِعُ
فالآنَ دانَ بِهِ القَصيُّ من المُنَى / ودَنا منَ المَنِّ القَصِيِّ الشاسِعُ
وتَطَلَّعَتْ لِلكافِرينَ مَصَارِعٌ / وتَمَهَّدَتْ بالمُؤْمِنينَ مَضَاجِعُ
وَبَدَتْ تَزينُ مَشَاهِدٌ ومَحَاضِرٌ / وغَدَتْ تَطيبُ مَصَائِفٌ ومَرَابِعُ
لاقَى السَّلامَةَ فالزّمَانُ مُسالِمٌ / دونَ انْتِقاضٍ والأَمانُ مُشايِعُ
وتَرَشُّفُ النُّعْمَى بهِ مُتَنَاسِقٌ / وتَشَرُّفُ الدّنيا بهِ مُتَتَابِعُ
مَلِكٌ تَقَدَّسَ في المُلوكِ مَقامُهُ / فَخَصَائِصٌ مَلَكِيَّةٌ وطَبَائِعُ
أَضْحَى له شَرَفُ الْكَمَالِ مُسَلَّماً / هَيْهَاتَ ما في العَالَمِينَ مُنازِعُ
في المُونِقَيْنِ رُوائِهِ وثَنَائِهِ / ما تَشْتَهيهِ نَوَاظِرٌ وَمَسَامِعُ
فَرَعَ الكَوَاكِبَ في التَّرَقِّي بَيْتُهُ / للَّهِ بَيْتٌ لِلْكَوَاكِبِ فارِعُ
مِنْ زَاهِراتِ حُلاهُ حِلْمٌ بارِزٌ / أَعْيا مُعاوِيَةً وعِلْمٌ بارِعُ
ماضٍ وقَدْ تَهِنُ الظُّبى في مَأْزقٍ / كَثُرَ الكُماةُ بهِ وقَلَّ مُضارِعُ
يَصِفُ النَّجابَةَ والرَّجَاحَة خُلقُه / ويَظَلُّ في الخَيْراتِ بَعْد يُسارِعُ
مَرْآهُ بِالطَّوْدِ المُنِيفِ مُطَالِعٌ / فَكَأَنَّما فَوْقَ السَّرِيرِ مُتالِعُ
إِنْ تَفْخَرِ الدُّنْيا بهِ وبِمُلْكِهِ / فَمُلوكُها خَوَلٌ لَهُ وَصَنائِعُ
مَوْلايَ عَبْدُكَ في الرِّضَى مُسْتَشْفِعٌ / وبَنَاتُ خاطِرِهِ إليْكَ شَوافِعُ
هُوَ ذا بِبابِكَ ليسَ يَسْأَم قَرْعَه / ولَطالَما وَلَجَ المُلِظُّ القارِعُ
يَرد السّرورُ مُهَنِّئاً وَمُهَنَّأ / عِدّاً يُطيلُ العَبَّ فيهِ الكارِعُ
وَيَوَدُّ لَوْ مُنِحَ الإجادَةَ ناظِماً / لِتَسيرَ عَنْهُ بَدَائِهٌ وبَدائِعُ
إنَّ الضَّراعَةَ لِلْقَبولِ ذَريعَةٌ / والحَقُّ في تَخْلِيدِ أمْرك ضارِعُ
عِندِي نِزاعٌ ليسَ عَنْهُ نُزُوعُ
عِندِي نِزاعٌ ليسَ عَنْهُ نُزُوعُ / لِلْبَدْرِ حَجْبٌ لَيْسَ مِنْهُ طُلوعُ
عَجَباً تَقَضَّى بالخُسوفِ سُطوعُهُ / ولِصِنْوِهِ عَقِبَ الخُسوفِ سُطوعُ
أوَ لَيْسَ عُلْوِيُّ الصِّفاتِ حَقيقَةً / غَيْرَ الْتِفاتٍ راعَ وَهْوَ مَروعُ
سُرْعانَ ما فَجَعَ الزّمانُ بِغَصْبِهِ / وَالدَّهْرُ بالعِلْقِ النَّفيسِ فَجوعُ
وَطَوى مَعَاهِدَ ذِكْرِهِ وعُهُودِهِ / حَتَّى كأَنَّهُ مَا وَفَى الأُسْبُوعُ
يَا لَيْتَهُ لَو دامَ يُمْتِعُنِي بِهِ / أَبَداً شُرُوقٌ لِلضُّحَى ومُتُوعُ
لَهْفِي عَلَيهِ مُوَدّعاً لا يُقْتَضَى / لِذِهابِهِ حَتَّى الحِساب رُجُوعُ
كَمْ دَافَعَ الجَيْشُ العَرَمْرَمُ دُونَهُ / لَوْ أَنَّ شَيْئاً لِلْحِمامِ دَفوعُ
لِلْقَلبِ حَالُ الشَّمْلِ يَوْمَ نَعِيِّهِ / كُلٌّ علَى حُكمِ الرَّدَى مَصْدُوعُ
إنْ تَخْلُ مِنْهُ مَنَازِلٌ وَمَطَالِعٌ / لَمْ تَخْلُ مِنْهُ جَوَانِحٌ وضُلوعُ
بِأَبِي مَحَاسِنَه التِي وُصِلَ الثَّرَى / مِنْها بِما أَنَا دونَهُ مَقْطُوعُ
لَو رُمْتُ أَنْ أَنْساهُ هَاجَ تَذَكُّرِي / بَرْقٌ لَمُوعٌ أَوْ أَغَنُّ سَجوعُ
وَكَفَى شَهِيداً بِالْهَوَادَةِ والهَوَى / أَنَّ المُباحَ مِن الكَرَى مَمْنوعُ
لَن يَبْرَحَ السُّهْدُ المُبَرِّحُ مُقْلَتِي / ما دَامَ يُطْبِقُ مُقْلَتَيهِ هُجُوعُ
فيهِ تَهَاجَرَتِ الحَشَايَا والحَشَا / وتَوَاصَلَ البُرْكَانُ واليَنْبُوعُ
لا فِطْرَ لا أَضْحَى يُؤَنِّسُ قُرْبَهُ / ولَهُ نُزوحٌ مُوحِشٌ وَشُسوعُ
لَمْ أَشْهَدِ الأَعْيادَ مَسْروراً بِها / لَكِنْ مَخافَة أنْ يُقَالَ جَزوعُ
حجِّي لأَجْدَاثٍ أَطَابَ تُرَابَهَا / بِشَذىً كَمَا هَبَّ النَّسِيمُ يَضُوعُ
مِنها أهِلُّ لِما أُفيضُ وإنَّما / لِبْسِي هُناكَ كآبَةٌ وَولُوعُ
والهَدْيُ في تِلكَ المَشَاعِرِ قُدِّسَتْ / قَلْبٌ جُذاذٌ والجِمَارُ دُمُوعُ
هُوَ مَا عَهدْتَ فَلا تَدِنْ بِمَلامَتِي / وَجْدِي بِفَرْطِ صَبَابَتِي مَشْفُوعُ
وَحَدِيثُ سُلْوانِي مَتَى أُسْمِعتَهُ / فَاحْكُمْ عَلَيْهِ بأَنَّهُ مَوْضُوعُ
يَا رَبَّةَ المُقَلِ المِرَاض فُتُورُها
يَا رَبَّةَ المُقَلِ المِرَاض فُتُورُها / أعدَى عَلَيَّ مِنَ الحِمامِ القَاطِعِ
كَمْ لَيلَةٍ لَيْلاءَ لَو أُعطَى المُنَى / فِيهَا تَجَلَّتْ عَن سَنَاكِ السَّاطِعِ
لَوْ كُنْت مُنْصِفَةً لَمَا جَازَيْتِنِي / وأنَا المُطيعُ جَزاء غَيْر الطَّائِعِ
قَلْبِي لَدَيْك وفِي يَديْك فإِن يَضعْ / فَعَلَيْكِ أرْجعُ بالْفُؤَادِ الضّائِعِ
مُهَجٌ تُساقُ إلَى الرَّدَى فَتُشَاق
مُهَجٌ تُساقُ إلَى الرَّدَى فَتُشَاق / مَا لا يُطَاقُ يُكَلَّفُ العُشَّاقُ
للَّهِ منْ فَرَقٍ أَبادَ ذَماءهُمْ / هَجْرٌ أَباحَ دِمَاءَهُمْ وَفِرَاقُ
مَا أَسْأَرَتْ مِنْها المَهَا وَعُيُونُها / سَارَتْ إلَيْهِ تُريقُهُ الأَشْواقُ
أَبَداً لَهُم شَرقٌ بِفَيْضِ دُمُوعِهمْ / وَسَواءٌ الإظلامُ والإشْرَاقُ
تَجْرِي وَلا مَيْدَانَ إِلا صَفْحَةٌ / خَيْلاً ولَكِنْ شُقْرُها السّبَّاقُ
إنْ لاحَ بَرْقٌ أَوْ تَرَنَّمَ أَوْرَقٌ / صَبَتِ الضُّلوع وَصابَتِ الأَحْداقُ
رَقُّوا حَواشِيَ فاسْتَرَقَّهُم الهَوَى / يا رُبَّ حُرٍّ نَالَهُ اسْتِرْقَاقُ
مَلَكَتْهُمُ البِيضُ الحِسَانُ فَلَمْ يَكُنْ / مِنْهُم علَى المُلكِ العنيفِ إِباقُ
وَمِن العَجَائِبِ أخْذُهُنَّ قُلوبَهُم / غَصْباً فَلا يُرْجَى لَها استِحْقَاقُ
وَمِن الزمَانِ وعُنْفِهِ صُوِّرْنَ لا / عَطْفٌ يَجُدْنَ بهِ وَلا إِشْفَاقُ
أَشْبَهْنَهُ في حَلِّ مَا يَعْقُدْنَهُ / غَدْراً فَلا عَهْدٌ وَلا مِيثَاقُ
يَأْبَى التِي مَا جَالَ حيناً حِجْلُها / وَلَها وِشاحٌ جائِلٌ ونِطَاقُ
مِنْ دُونِها حُجُبٌ غلاظٌ دٌونَها / قُضْبٌ صَقِيلاتُ المُتُونِ رِقَاقُ
رَيْحَانَةُ البُسْتَانِ إِلا أَنَّها / مِنْ وَشْي صَنْعَاء لَهَا أوْرَاقُ
يُعْنَى بِها لَوْ أَنَّها تُعْنَى بهِ / عَانٍ لَه بَرحُ الغَرامِ وِثَاقُ
نَذَرَتْ دَمِي قَبلَ اقْتِراحِ عِنَاقِها / فِئَةٌ لَها نَحوَ الأَذَى إِعْنَاقُ
لَم تَدْرِ أَنِّيَ في جوَارِ خَليفَةٍ / بِيَمينِهِ الآجالُ والأرْزاقُ
لا يُشْتَكَى في عَصْرِهِ بِإِضَافَةٍ / وَلَهُ بِمَا يَسَعُ المُنَى إِطْلاقُ
رَسَخَتْ مَنَابُتُهُ الكَرِيمَةُ في النَّدَى / وَتَبَحْبَحَتْ في الذُّرْوَةِ الأَعْراقُ
مَلِكٌ أقامَ صَغَا الدِّيانَةِ والدُّنَى / فَصَغَتْ إلَى سُلْطَانِهِ الآفَاقُ
تَاقَتْ إليْهِ وإنَّهُ لَيَلُمُّهَا / بالصِّدِ مِنْ أَمْلائِهِ تَوَّاقُ
هَذِي المَمَالِكُ والمُلُوك لأَمْرِهِ / تَنْقَادُ طيِّعَةً كَمَا تَنْسَاقُ
سَتُجيبُهُ عَقِبَ المَغَارِبِ شَامُها / وَسَتَقْتَدِي يَمَنٌ بِهِ وعِرَاقُ
مَنْ لِلعَواصِمِ أنْ تَفُوزَ بعِصْمَةٍ / وَبِما يُديرُ تفَتَّحُ الأَغْلاقُ
كَفَلَتْ فَيَالِقُهُ بأنْ تَدَعَ العِدَى / يَوْمَ الهيَاجِ وهَامُها أفْلاقُ
يا آلَ أيوبَ اضْعَنُوا عَنْ مِصْرِهِ / أَوْ أَذْعنُوا فَلَهُ بهَا إحْرَاقُ
لا عَائِقٌ يَثْنِيهِ عَنْهَا مَنْ رَأَى / لَيْثَ العَرِين عَنِ العَرِينِ يُعَاقُ
أَما بَنُو يَعْقُوبَ قَدْ أوْدَى بِهِمْ / مِنْ بَأْسِهِ الإرْهَابُ والإرْهَاقُ
عَدِمُوا الوجُودَ فَوَاجِئاً وفَواجِعاً / وَجَدوا بِها طَعْمَ الحِمَام وَذَاقُوا
رِقُّ المُلوكِ عَلَى عِتَاقِ جيَادِهِ / وَعَلَى جَدَاهُ وَمَنِّهِ الإعْتَاقُ
عَمَّتْ سَعَادَتُهُ الوُجودَ وإنَّمَا / يَشْقَى بِها المُرَّادُ والمُرَّاقُ
أَحْيا مَوَاتَ الأَرْضِ يَحْيَى المُرْتَضَى / حَتَّى احْتَذاهُ الوَابِلُ الغَرَّاقُ
بَدْرُ الهِدَايَةِ بَيْدَ أَنَّ كَمَالَهُ / لاَ يَعْتَريهِ لِلْمحَاقِ لِحَاقُ
فَوْقَ الكَواكِبِ طُنِّبَتْ أبْياتُهُ / فَلَهُ هُناكَ سُرادِقٌ وَرِوَاقُ
إنْ باتَ لِلرَّحْمَانِ يَعْنُو وَجْهُهُ / فإِلَيْهِ ظَلَّتْ تَخْضَعُ الأَعْنَاقُ
في غَيْرِهِ يَقَعُ الخِلافُ ضَرُورَةً / وعَلَيْهِ حَقّاً يَلْتَقِي الأَصْفَاقُ
لِلْحلمِ سُوقٌ في نَفَاقٍ عِنْدهُ / وبِمَا يُخَوِّلُ تَكْسُد الأَعْلاقُ
يُغْضِي وَيُطْرِقُ والكَريمُ جِبِلَّةً / مِنْ شَأْنِهِ الإغْضَاءُ والإطْرَاقُ
لَيْسَ اليَسارُ سِوَى رِضاهُ وَلا الغِنَى / مَنْ فَاتَهُ أزْرَى بهِ الإمْلاقُ
دامَتْ لنَا الأَيَّامُ أَعْيَاداً بهِ / وَلهَاهُ في أجْيادِنا أَطْواقُ
وَالفِطْرُ مِثْلُ النَّحْرِ في أعْدَائِهِ / ممَّا يُسالُ نَجيعُها وَيُراقُ
حَمَّلتِ نَفْسِي مَا تَنُوءُ بهِ كَما
حَمَّلتِ نَفْسِي مَا تَنُوءُ بهِ كَما / مَزَّقتِنِي بالحُبِّ كُلَّ مُمَزَّقِ
فاسْودَّ مِن طولِ التذكُّرِ مُضْمَرِي / وابيَض مِنْ هَوْلِ التَّفرُّقِ مَفْرقي
حَفَّت بِحَضْرَتِكَ الفُتوحُ جُيوشَا
حَفَّت بِحَضْرَتِكَ الفُتوحُ جُيوشَا / تَسْبِي مُلُوكاً أَوْ تَثُلُّ عُرُوشا
وَثَوَتْ مَقِيلاً وَسْطَها وَمُعَرِّساً / أَبَداً لِتَبْرِيَ وفْقَها وَتَرِيشا
أَعْيَتْ عَلَى نَثْرِ الكَلامِ وَنَظْمِهِ / مِمَّا يَجِيشُ بِها الوُجود جُيوشا
فَظُهُورُها فِي كُلِّ عَصْرٍ آيَةً / مَنْقُوشَةً خَفِيَ العِدَاةُ نُقُوشا
فَلَكَم مِخَشٍّ أَو مِحَشٍّ قادَهُ / قَهْراً إِلَيكَ حِمَامُهُ مَخْشُوشا
وَلَكَمْ جِبَالٍ في مَجَالٍ صُيِّرَتْ / كالعِهْنِ تَسْفِيهِ الصَّبَا مَنْفُوشا
أَنْتَ المُؤَيَّدُ في الأَئِمَّةِ عزْمَةً / كالعَضْبِ ماضِيَةً وقَلْباً حُوشا
وَجَدَتْ بِكَ الأَيَّام مَا نَشَدتْ فَما / جَشَّمتَها بَحْثاً وَلا تَفْتِيشا
يا دَعْوَةً نُقِش الهُدى بِمَكَانِها / لا زالَ مَرْصُوصُ البِنَا مَنْقُوشا
ثَبَتَت بِيَحْيَى المُرْتَضَى فِي فَخْرِها / ما لاحَ فِي وَجْهِ الزَّمَانِ خُمُوشا
قَدْ بَصَّرتْ حَتَّى الضَريرَ وأَسمعتْ / حتَى الأَصَمَّ صِماخُهُ الأُطْرُوشا
مَلِكٌ تَبَوَّأَ والكَواكِبُ دُونَهُ / بَيْتاً عَلَى أَفْلاكِها مَعْرُوشا
قَضَتِ السَّعادَةُ أنْ تَصونَ لَهُ المُنَى / بِيد المُنَى مُنْقَادَةً وَتَحُوشا
لاَ تَتَّقِي وَهُو المُبَارَكُ سُنَّةً / سنَةً لَحُوساً لِلنَّبَاتِ مَحُوشا
مَا بَيْنَ آراء تُدارُ ورَايَةٍ / نَلْقَاهُ حِلْفاً لِلْقِراعِ بَهُوشا
أَنْأَى الصوائِفَ لِلفَلاةِ تَقرُّباً / وَرأَى رَغيبَاتِ الكَلُومِ خُدُوشا
بِسُعُودِهِ يُضْحِي البَكِيُّ مُفَوَّهاً / وَبِيُمْنِهِ يُمْسِي النَّضِيُّ مَرِيشا
تَرَكَتْ كَتَائِبُهُ العِمَارَةَ بَلْقَعاً / وَالنَّجْدَ وَهْداً وَالجِبَالَ جَشِيشا
مِنْ كلِّ مَرْهوبِ الشَّكِيمَةِ مُتَّقىً / إِقْدَامُهُ يَلْقَى الكَمِيَّ كَمِيشا
مَتْنُ الجَوادِ النَّهد آثَرُ فُرْشِهِ / لا يُؤْثِرُ الخَوْدَ الكَعَابَ فَرِيشا
جَاءَتْ بِهِ العَليَا علَى حُكْمِ الوَغَى / ضَرْباً لِطَعْنِ كُمَاتِها مَنْهُوشا
فَلَها يَعِيب مَعَاشَهُ وَرِيَاشَه / أَلِفَ الفَلا فَيَرَى الأَنِيس وُحُوشا
وَإِذَا تَعُوجُ علَى امْتِشاش كَفُّهُ / تَخِذَتْ سَبيبَ الأَعْوَجِيِّ مَشُوشا
وَيَخُطُّ بالخَطِّيِّ ما لا تَدَّعِي / مَعهُ اليَراعُ الرَّقْمَ والتَّرْقِيشا
للَّهِ حِمْصُ وَفَوْزُها بِسَعادَةٍ / هَدَتِ الجَزِيرَةَ نَحْوَها وَشَرِيشا
وَالقَصرُ ساعَدَ عِنْدَها مَكْنَاسَةً / ليَفِيضَ غَوْرُ أَمَانِها وَيَجِيشا
أَمَّتْ إِمَامَ العَدْلِ خَالِعَة بِهِ / مَنْ أَعْمَلَ التَّأْرِيثَ وَالتَّحرِيشا
وَإلَيْهِ خَفَّت وَالرَّجَاحَةُ في الهَوى / أَنْ يَجْعَلَ الآوِي لَهُ وَيَطِيشا
دَارُ السَّلامِ دَعَتْ قَرَارَةَ مُلْكِهِ / لا تُونُساً عَرَفَتْ وَلا تَرشِيشا
وَبِحَبْلِهِ اعْتَصَمَتْ علَى حُبّ لَهُ / مُنْحَاشَةً لا تَبْتَغِي تَهْوِيشا
ثِقَةً بِأَنْ تَحيا جَمِيعاً أَمْرُها / فِي وَارِفَاتِ ظِلالِهِ وتَعيشا
أَعْيَا عَلَى الأَعْدَاءِ نَيْلُ نَجَاتِها
أَعْيَا عَلَى الأَعْدَاءِ نَيْلُ نَجَاتِها / أَنَّى وَسَيْفُكَ سَافِكٌ مُهَجَاتِها
لا رَيْبَ في النَّصْرِ العَزِيزِ لِدَعْوَةٍ / آرَاؤُها فِي اليُمْنِ مِنْ رَاياتِها
حُمِّلتَ أنْبَاء الفُتُوحِ فَهَاتِها / لِتَخُطَّها الأَيَّامُ فِي صَفَحَاتِها
أَقْبَلتِ يا نَفْسُ القَبُول بِمَبْدَأ / مِنْها وَوَلَّيْتِ الصبَا غَايَاتِها
مَا إنْ يُحَيَّا المُرْتَضَى رِدْءُ الهُدَى / وَرَدَى العِدَى فَحَيَاتُهُ لِوَفَاتِها
وَفَّتْهُ حَقَّ النُّصْحِ فِي إِسْعَادِهِ / فِئَةٌ يَكُرُّ النَّصرُ فِي كَرَّاتِها
إِنْ أَوْرَقَتْ بِنَدى أَكُفِّهِمُ القَنَا / فَانْظُرْ إلَى الهَامَاتِ مِنْ ثَمَرَاتِها
أَمَّا الكثِيبُ فَمَا يُطَارُ حِمَاهُ
أَمَّا الكثِيبُ فَمَا يُطَارُ حِمَاهُ / مِنْ دُونِهِ تُجْرِي الدِّماءَ دُماهُ
لَوْلا حَيَاءُ الحَيِّ مِنْ أَكْفَائِهِ / لَكَفَاهُ سِحْرُ جُفونِهن عِدَاهُ
مَا بَالُهُ أَنهَى الأَسِنَّةَ وَالظُّبَى / وَعَلَى المَطيِّ ظِبَاؤُهُ وَمَهَاهُ
بِيضُ الأَنامِل قُنِّيتْ بِخِضَابِها / تُغْنِي غناءَ مُخَضَّبَاتِ قَناهُ
وَعُيُونُهُن السَّاجِياتُ قَوَاتِلٌ / ما لَيسَ تَقْتُلُ ماضِيَاتُ ظُبَاهُ
لِبَنِي هِلال فِي القِبَابَ أَهِلَّةٌ / مِنْها استَمَدَّ الصبْحُ فَضْلَ سَنَاهُ
شَحُّوا بهِنَّ وفيهِمُ حَطَّ النَّدَى / قِدْماً رِحالَتَهُ وَخَطَّ بِنَاهُ
يَقْرُونَ مَنْ رُفِعتْ لَهُ نِيرانُهُم / إِلا المُحِبَّ فَما يَرَوْنَ قِراهُ
لا يَنْظُرونَ لَهُ علَى غَيْرِ القِلَى / وَهَوَى فَتَاتِهُم النوارِ طواهُ
قَسَتِ القُلُوب عَليهِ حَتَّى قَلبُها / فإِذا رجَا لُطْفَ الحَبيبِ جَفاهُ
يَا وَيْحَ مَفْؤُودِ الفؤَادِ صَبابَةً / يَلْقَى الرَّدَى في الخَوْدِ لا تَلْقاهُ
خافَ النحولَ علَى نَحَافَةِ جِسمِهِ / فَبَراهُ حَتَّى لا تَكَادُ تَراهُ
سِرْبِي إلَى سِرْبٍ لحَربِي ناهِدٍ / لا هِنْدُهُ سَلْمٌ وَلا سَلْمَاهُ
مِنْ كُلِّ رِيمٍ لا يُرامُ خِباؤُهُ / أَنَّى لِتَبرِيحِ الصَّدَى بِلَمَاهُ
صالَتْ تُحَاوِلُ صَيْدُهُ لَحظَاتُهُ / وَرَمَاهُ مِنْ جَفْنَيِهِ ما أَصْمَاهُ
إنْ رُمْتُ سُلْواناً لَهُ عَجِب الهَوى / مِنِّي وَقَالَ سَلاهُ ما سَلاهُ
يَا أخْتَ مَنْ فَخَرَتْ عَمَائِرُ عامِرٍ / وَسَراتُها بِالقُربِ مِنْ قُرباهُ
لا أَنْتِ زُرْتِ وَلا خَيالُكِ في الكَرَى / حَتَّى لَقَد هَجَر العَمِيدَ كَراهُ
وَاهاً لِقَلبكِ لا يَرِقُّ ورُبَّما / رقَّ الجمَادُ بفَرْطِ ما عنَّاهُ
هَلا تَقَيَّلَتِ الإمَامَ المُرتَضَى / فيمَا استَرَقَّ الخَلْقَ مِنْ رُحْمَاهُ
مَلِكٌ أَجارَ مِن الزَّمَانِ جِوارُهُ / وَكَفَى البَرِيّةَ جَورَهُ وأَذَاهُ
قَعَدَ الهُدَى فأقَامَهُ بِمَضَائِهِ / وَمَضَى النَّدَى فأَعَادَهُ بِلُهاهُ
إنَّ الذِي سَوَّاهُ فَرْداً فِي العُلَى / لَمْ يَرضَ لِلحَقِّ المُبينِ سِواهُ
قَدْ كَانَ أَرْدَاهُ الغُواةُ وَإِنَّما / يَحْيَى بنُ عبدِ الوَاحِدِ اسْتَحْيَاهُ
للَّهِ مِنْهُ خَلِيفَةٌ فِي أرْضِهِ / يَقْفُو الخَلائِقُ هَدْيَهُ وَهُدَاهُ
وَلاهُ أَمْرَ عِبَادِهِ وَبِلادِهِ / لَمَّا ارْتَضَاهُ لِحَمْلِ ما وَلاهُ
واخْتَارَهُ حَكَماً لِبَالِغِ حِكْمَةٍ / بِصُدُورِها بَلَغَ الصَّلاح مَدَاهُ
هَذِي البَسيطَةُ فِي خِفَارَةِ بَأسِهِ / وَنَدَاهُ مِنْ هَذَا الذِي تَخْشَاهُ
لا خِيفَةٌ مَع سَيْفِهِ لا ضِيقَةٌ / مَع سَيْبِهِ وكَفَاكَ مِنْ عَلياهُ
لِلشَّرقِ والغَربِ اسْتِبَاقٌ نَحْوَهُ / كُلّ قُبَيْلَ دُعَائِهِ لَبَّاهُ
وَبِدَارِ سَبْتَةَ والمَرِيَّة مُخْبِر / أنْ سَوفَ تَحْوِي الخافِقَين يَداهُ
اللَّهُ أَيَّدَ أَمْرَهُ بِمُؤَيَّدٍ / قوَّاهُ مَا يُخْفِيهِ مِنْ تَقْواهُ
عُقِدَتْ حُبَاهُ علَى الأَنَاةِ كأَنَّما / ثَهْلانُ ما عُقِدتْ علَيهِ حُباهُ
لَيْثُ الحِفَاظِ تَعَلَّمَتْ إِقْدَامَهُ / أَشْبَالُ أَبْنَاء لَهُ أَشْباهُ
وَحَيا السَّماحِ إِذا السَّحائِبُ لَم تَجُد / يَحْيَى كَفَى استِسْقَاءهَا كَفَّاهُ
فَضْلُ المُلُوكِ سَجَاحَةً وسَمَاحَةً / أَدْنَى فَواضِلُها الغِنَى والجَاهُ
أَهْلاً بِعَصْرٍ زَانَهُ سُلْطَانُهُ / لا حُسْنُهُ خافٍ وَلا حُسْنَاهُ
وَبِعِيدِ فِطْرٍ للفُتوحِ مُعَقِّبٍ / كاليَوْمِ أَعْقَبَ صُبْحَهُ بِضُحاهُ
يَجْلُو الدُّجُونَ بِنُورِهِ فَكَأنَّما / سِيمَا الأَمِير المُرتَضَى سِيماهُ
وَيُطيلُ فِي حُلَلِ الجَمَالِ تَخايُلاً / فَتَخالُهُ حَلاهُ بَعْضَ حُلاهُ
بُشْرَايَ باشَرتُ الغِنَى بِجَنابِهِ / وَظَفِرتُ مِنْ غَرْس المُنَى بِجَنَاهُ
تاللَّهِ مَا أَمْلَقْتُ مِنْ بُؤسِي بِهِ / إِلا وَقَدْ أَثْرَيْتُ مِنْ نُعْمَاهُ
هَذِي الثرَيَّا فِي ارتِقاء مَكانِها / باتَت تُنافِسُنِي حلولَ ثراهُ
ولَطَالَمَا أَذْرَتْنِيَ الآمَالُ عَنْ / صَهواتِها لَمَّا حُمِيتُ ذَراهُ
قَد عَزَّزَ العِيدَينِ عِنْدِيَ ثَالِثٌ / الفِطْرُ والأَضْحَى وَيَوْمُ رِضاهُ
للَّهِ عَهْدٌ لِلرُّصافَةِ سالِفٌ
للَّهِ عَهْدٌ لِلرُّصافَةِ سالِفٌ / يَصِفُ الشَّبيبَةَ وَهيَ فِي رَيْعانِها
أَبْقَى بِقَلبِي لَوْعَةً لَوْ لَمْ يَكُنْ / يَسْقِيهِ مَاءٌ ذَابَ مِنْ نِيرَانِها
يا شَوقَ أَحْداقِي هَفَتْ لِحَدائِقٍ / تُفْضِي جَداوِلُها إِلَى غُدرَانِها
كَالأُمَّهاتِ أَوَتْ إِلَى أَطْفَالِها / فَرَمَت عَلَيْها الرِّزْقَ مِنْ قُمصَانِها
اُنْظُر إِلَى الدَّبَرانِ فَوْقَ المُشْتَرِي
اُنْظُر إِلَى الدَّبَرانِ فَوْقَ المُشْتَرِي / قَدْ ضُمَّ أَعْلاهُ وَفُتِّح أَسْفَلُه
فَكَأَنَّهُ قَدْ هَابَ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى / لَفْحاً فَأَلقَاهُ عَلَيْهِ يُظَلِّلُه
أَمَّا الَّتِي أَهْوَى فَلِي شَطْرُ اسْمِها
أَمَّا الَّتِي أَهْوَى فَلِي شَطْرُ اسْمِها / وَإذَا يُصَحَّفُ لَمْ يَكُنْ إِلا لَها
وتَفُوهُ بِالبِاقي إِذَا قَلَّبْتَه / غَضْبَى فَأَلقَى بِالرِّضَى إِذْلالَها
نَسَبٌ كأنَّ عَلَيهِ مِن شَمسِ الضُّحَى
نَسَبٌ كأنَّ عَلَيهِ مِن شَمسِ الضُّحَى / نُوراً وَمِنْ فَلَقِ الصباحِ عَمودَا
لِمِثَالِ نَعْلِ المُصْطَفَى أُصْفِي الهَوَى
لِمِثَالِ نَعْلِ المُصْطَفَى أُصْفِي الهَوَى / وَأَرَى السُلُوَّ خَطِيئَةً لَنْ تُغْفَرا
وَإِذَا أُصَافِحُهُ وأَمْسَحُ لاثِماً / أَرْكانَهُ فَمُعزِّزاً وَمُوَقِّرا
سِرُّ اعْتِزَازِي في جَهارِ تَذَلُّلِي / لِجَلالِهِ أَثَراً بِقَلْبِي أَثَّرا
إِنْ شَاقَنِي ذَاكَ المِثالُ فَطَالَما / شَاقَ المُحِبَّ الطيْفُ يَطْرُقُ فِي الكَرى
لِي أُسْوَةٌ فِي العاشِقِينَ وَقَصْدِهِمْ / لَثْمَ الطُلولِ لأَهْلِهِنَّ تَذكُّرا
وَبُكائِهِمْ تِلْكَ المَعَاهِدَ ضِلَّةً / تَحْتَ الظَّلامِ عَلَى الغَرامِ تَوَفَّرا
أَفَلا أُمَرِّغُ فيهِ شَيْبِي رَاشِداً / وأُريقُ دَمْعِي وَسْطَه مُسْتَبْصِرا
ثِقَةً بِإِثْرائِي مِنَ الخَيْراتِ فِي / شَغَفِي بِنَعْلَيْ خَيْر منْ وَطِئَ الثَّرى
لَوْ عَنَّ لِي عَوْنٌ مِنَ الِمْقدَارِ
لَوْ عَنَّ لِي عَوْنٌ مِنَ الِمْقدَارِ / لَهَجَرْتُ لِلدَّارِ الكَرِيمَةِ دَارِي
وَحَلَلْتُ أَطْيَبَ طِينَةٍ مِنْ طِيبَة / جَاراً لِمَنْ أَوْصَى بِحِفْظِ الجَارِ
وَرَكَعْتُ فِي صَحْنٍ هُنالِكَ طَاهِراً / وَكَرَعْتُ فِي مَعْنٍ هُنالِكَ جارِي
حَيْثُ اسْتَنَارَ الحَق لِلأَبْصَارِ / لمِّا اسْتَثَارَ حَفائِظَ الأَنْصارِ
لَكِنْ عَلَيَّ لَها أَدَاءُ الفَرْضِ مِنْ / طُولِ النِّزاعِ وَشِدَّةِ التّذْكارِ
يا زَائِرينَ القَبْرَ قَبْرَ مُحَمَّدٍ / بُشْرَى لَكُمْ بِالسَّبْقِ فِي الزُّوَّارِ
أَوْضَعْتُمُ لِنَجاتِكُمُ فَوَضَعْتُم / ما آدَكمْ منْ فَادِحِ الأَوْزَارِ
فُوزُوا بِسَبْقِكُمُ وَفُوهُوا بِالذِي / حَمَّلْتُكُمْ شَوْقاً إِلَى المُخْتَارِ
أَدُّوا السَّلامَ سَلِمْتُمُ وَبِرَدِّهِ / أَرْجُو الإجارَةَ مِنْ وُرُودِ النَّارِ
ثُم اشْفَعُوا لِي فَالشَّفاعَةُ عِنْدَهُ / فِيهَا أُبَوَّأُ رُتبَة الأَبْرَارِ
أَمْرِي عَجِيبٌ في الأُمورِ
أَمْرِي عَجِيبٌ في الأُمورِ / بَينَ التَّوارِي والظُّهورِ
مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ المَغي / بِ وَمُهْمَلٌ عِنْدَ الحُضُورِ
قُلْ لابْنِ شَلبُونٍ مَقالَ تَنَزُّهٍ
قُلْ لابْنِ شَلبُونٍ مَقالَ تَنَزُّهٍ / غَيرِي يُجاريك الهِجَاءَ فَجَارِ
إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنا / فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجَارِ
بُشْرَايَ بَاشَرْتُ الهُدَى وَالنورَا
بُشْرَايَ بَاشَرْتُ الهُدَى وَالنورَا / بِلِقَائِيَ المُسْتَنْصر المَنْصُورَا
فَإذَا أَميرُ المُؤمِنينَ لَقِيتُهُ / لَمْ أَلْقَ إِلا نضْرةً وَسُرُورَا
مَنْ عَاذِرِي مِنْ بَابِلِيٍّ طَرْفُهُ
مَنْ عَاذِرِي مِنْ بَابِلِيٍّ طَرْفُهُ / وَلَعَمْره ما حَلَّ يَوماً بَابِلا
أَعْتَدُّهُ خَوْطاً لِعَيْشِي نَاعِما / فَيَعُودُ خَطِّيّاً لِقَتْلِيَ ذَابِلا
سَقْياً لِعَهْدٍ رُدْتُهُ رَأْدَ الضُّحَى
سَقْياً لِعَهْدٍ رُدْتُهُ رَأْدَ الضُّحَى / وَحَمَامُهُ طَرَباً يُنَاغِي البُلبُلا
شَتَّى مَحاسِنه فَمِن زَهر علَى / نَهْرٍ يَسيلُ كالحُبابِ تَسَلْسُلا
وَكَأَنَّمَا فَاحَ الرَّبِيعُ لِقَطْفِهِ / وَاستَلَّ مِنهُ يَذوذُ عَنهُ مُنصُلا
غَربَت بِهِ شَمس الظَّهِيرَةِ لا تَنِي / إِحْراقَ صَفحَتِهِ لَهِيباً مُشعَلا
حَتَّى كَسَاهُ الدَّوْحُ مِن أَفيائِهِ / بُرْداً تَمَزَّقَ بِالأَصائِلِ هَلْهَلا
وَكَأنَّما لمَع الظِّلالِ بِمَتْنِهِ / قِطَع الدِّماء جمَدْنَ حِينَ تَخَلَّلا