المجموع : 78
خجل الحبيبُ من العتا
خجل الحبيبُ من العتا / بِ فورَّدَ الخدَّ الخَجَلْ
فخشيتُ منه تغضُّباً / فمسحتُ ذلك بالقُبَلْ
مالي وما لعتاب مَن / لو شاء يقتلني قَتَلْ
إقبالُهُنَّ بشارةُ الإقبالِ
إقبالُهُنَّ بشارةُ الإقبالِ / وحضورُهنَّ حضورُ حُسنِ الحالِ
هُنَّ الغواني بالجمال عن الحُلى / فجمالُهنَّ يفوق حَليَ الحالي
إنعامُهنَّ لنا طليعة نعمةٍ / موصولةٍ بمقدّماتِ وصالِ
شُبنَ الملاحةَ بالدلال وأُشرِبَت / بقلوبهن حلاوةُ الإدلالِ
ذُلُّ اليَسير بطرفهنَّ وفوقه / عَقدُ الحواجب فيه تِيهُ الغالي
واذا اهتزَزنَ لنا تهزُّ قلوبَنا / هيفُ الخصور ورُجَّحُ الأكفالِ
يُشفى العليلُ بأُنسهن كمثل ما / تُشفى العِطاشُ ببارد السلسالِ
فالشَّيب أسخطهنَّ من بعد الرضا / والعُدم علَّمهنَّ صفح الحالِ
قد يُستَفاد المالُ بعد نفاده / والشَّيب أعيا حيلةَ المحتالِ
فطمعتُ في نصف الرضا ويئستُ من / نصفٍ لإعدامي وشيب قذالي
قُم يا غلام فسلِّ قلبي بالتي / فيها السلوُّ عن الملول السالي
كيف الصلاح وقد بُليتُ بشادنٍ / في الحسن منفردٍ بغير مثال
لم أُنصِف المعشوقَ إذ شَبَّهتُه / قَدَّ القضيب وصورةَ التمثال
فإذا تلفَّت أو رنا فارغب به / عن جيد مُغزِلةٍ وعين غزال
وطراز طُرَّتِه ونور جبينهِ / يُنسيكَ كلَّ دجىً وكلَّ هلال
وتشعشع الخدَّين من ماء الحيا / كرحيق خمرٍ مُشرَبٍ بزلال
نزه العيون جلاؤهنَّ من الحيا / ولكل قلبٍ في البصيرة خالِ
تَبلى الرياضُ وكلُ روضٍ وافرٍ / وندى البَريديينَ ليس ببال
عزُّ البريديين أحسن منظراً / للناس فيه حدائق الآمال
إقبالُ دولتهم على كلِّ الورى / مُتَتابِعٌ بعوائد الإقبال
قد كادت الأرزاق تُقفَل فانبرت / بركاتُهم بمفاتح الأقفالِ
وهُمُ الثلاثة شَبَّ فيهم رابعٌ / من ذي المعالي وهو جدٌّ عال
أيّامُكم في العالمين كأنَّها / من حسنها مصقولة بصقال
عظمت كفايتُكم وجلّ غَناؤكم / فبكم تسير سوائرُ الأمثالِ
في الأرض ذلك في السماوات العُلى / تُدعَونَ سادةَ سادةِ العُمّالِ
ما قلتُ زوراً إنَّ بَسطَ نوالكم / في الأرض أفضلُ صالح الأعمالِ
مَن شاء فليقتل لذلك نفسَه / أسفاً وربَّ تأسُّفٍ قَتّالِ
فليرغم الحسّادُ إنَّ خدودهم / حُطَّت لمَوطَأكم نِعَالَ نِعَالِ
هلا أتوا بخلائقٍ كخلائق / فيكم مبرزة بكل كمالِ
لم ينقموا إلا التيقظ منكمُ / وتحفُّظ الغَفَلات والإغفالِ
فرأوا مساعيَهم قرارةَ وهدةٍ / ورأوا مساعيَكم سماءَ معالِ
فبمثل ذا عنَد الحسود وإنما / بسَخى القلوبِ تفاوُتُ الأحوالِ
أوَ ما ترى رجلاً يقوم مقامةً / ما إن يقوم بها ألُوفُ رجالِ
هذا أبو عبد الإله يمدُّه / شكرُ الإله بفضله المتوالي
لو ضُمَّت الدنيا إليه بأسرها / لاقتادها من نعله بقِبالِ
ما ذاك في القرطاس نِقساً إنما / هو كشف كربٍ أو حلول وَبالِ
وإذا سمعتَ صرير أقلامٍ له / فزئير أُسدٍ في حمى الأشبالِ
ويبعثر الجيش العرمرم واصفاً / كيداً يصاول صولةَ الأبطالِ
ما أشرف القلم المشرِّفَ أهله / ضخم المَريرة وهو نِضو هُزالِ
يمشي مُكِبّاً والخُطا من مشيه / طُرق الغنى وطوارق الأهوال
ويمجُّ رَعفاً لا يملُّ لسانُهُ / ويفيض بالآمالِ والآجالِ
يا أحمد بن محمدٍ حمداً لمن / جعل الفضائلَ في ذوي الإفضالِ
قال النَّبيُّ يدُ الذي يعطي هي ال / عليا وأنت على الأنام العالي
ويداك قد عَلَتا على أيدي الورى / بجلال قدرك فوق كلِّ جلالِ
ولقد حرستَ مواهبَ اللَه التي / أُوتيتَ بالإحسانِ والإجمالِ
فاللَه بالبركات خصَّك إذ رأى / نعماك قد كَلِفَت بهَدِّ جِبالِ
فمؤمَّل العافين أنت وأنت ذخ / ر الأولياء وكنز بيت المالِ
واللَه يحمل ذاك عنك بأسره / شكراً لأنك حامل الأثقالِ
واللَهُ يؤتي فضلَه ومزيدَه / من شاء غير مُدافَع الأفعالِ
لا زلتَ في نعمٍ تُزاد بشكرها / مدداً من الإعظام والإجلالِ
أرِبَت مودَّتُكم على الأيّامِ
أرِبَت مودَّتُكم على الأيّامِ / فَتَرَ الإخاءُ لفترة الإسلامِ
وإذا أضاع الناسُ ذِمَّةَ دينهم / لم يحفظوا بمودةٍ وذِمامِ
لو أنها دارُ المقام لَعُدِّلَت / لكنها خُلِقت لغير مقامِ
أستودِعُ الرَّحمنَ بَه
أستودِعُ الرَّحمنَ بَه / جَةَ ذل الوجهِ الحَسَنْ
لم أدرِ بعد فراقِهِ / كيف التلذُّذ بالوسَن
يا سالبي ثوبَ السرو / رِ ومُلبسي ثوبَ الحَزَن
خَلَتِ المنازِلُ منكمُ / فخلا من الرُّوحِ البَدَن
سَنَةٌ يُزاد بها الأمير جمالا
سَنَةٌ يُزاد بها الأمير جمالا / إقبالها ينمي لك الإقبالا
سنةٌ وأسبوعٌ وشهرٌ كلُّها / جُدُدٌ تجدِّد أنعماً تتوالى
حَولٌ بحول اللَه يُقضى بالذي / أمَّلته ويزيد حالك حالا
عامٌ يعمُّ لك السرور ولا ترى / في نعمةٍ خللاً ولا إخلالا
يا من أهلَّ له هلالٌ طالعٌ / لازال وجهُك للسعود هلالا
أنت الذي صُنتَ الذي استُرعِيتَه / وجعلتَ مالك للحقوق مُذالا
تُعطي الرغائب إن سكنت كمثل ما / عند الشدائد تركب الأهوالا
حَسبُ الأمير بأن كُلّاً قائلٌ / والكلُّ بَرٌّ في الذي قد قالا
صدق الذي سمَّى الأميرَ محمداً / فهو المحمَّدُ سيرةً وخصالا
هذا أبو حسن الذي إحسانُه / ردَّ الأُجاجَ من الحياة زلالا
هذا ابن يزداد الذي أيامُه / كست البلادَ بشاشةً وجمالا
البصرة الفوزُ العظيم فأمنُها / عمر البقاعَ وثمَّر الأموالا
مَهَّدتَها بالرفق منك وطالما / بالخرق زُلزِل أهلُها زلزالا
فاللَه وفَّاهم بيمنك ما بَغَوا / واللَه بلَّغهم بك الآمالا
فلو استطاعوا وطَّأوك خدودهم / حتى تكون لك الخدودُ نعالا
ويحقُّهم أن يشكروا لمباركٍ / أنساهم الرّوعات والأوجالا
فالحمد للّه الذي كشف الردى / باليُمن منك وجمَّل الأحوالا
أجللتَ نعمةَ ذي الجلال وصُنتَها / فلذاك زادك ذو الجلال جلالا
لم يبق غيرُك في البلاد بأسرها / مَن يعشق الإنعامَ والإفضالا
لو أنَّ مالكَ حسب جودك وُسعُه / أوسعتَ كلَّ العالمين منالا
لو أنَّ كلَّ الخَلق رادَكَ رغبةً / كانوا لجودك صبيةً وعيالا
فإذا الأفاضل في الأفاضل عُدِّدت / كنتَ اليمينَ ومَن سواك شمالا
ففضلتهم عند الخطاب مقالا / وفضلتَهم عند الخطوب فعالا
وإذا المحافل في الصفات تفاضلت / ضربوا بحسن صفاتك الأمثالا
عظمت صفاتُك عند كلِّ معظَّمٍ / فرأوا لك الإعظامَ والإجلالا
فعَلام تأخير الصَّبُوح ويومُها / يومٌ يؤلِّف شكلُه الأشكالا
سبت دعوة ذا الحلال مُوَاتراً / سنةً فما تَركُ الصبوح حلالا
وسُبوغُ سيِّدِنا الأجلِّ مراتباً / مَدَّت على الملك الأجلِّ جلالا
هذا لإقبال الأمير وحظه / لينال منه سقط ما قد نالا
فتتابعت نِعَمُ الأمير سوابغاً / عند الأمير تجرِّر الأذيالا
حتى تكون أبَرَّ مَن وطئ الحصى / وأعمَّهم تبغي بعيشك فالا
حتى يقول الحاسدون بغيظهم / زاد الأميرُ على الأمير كمالا
فمن ادَّعى أن قد رأى لك مُشبِهاً / فقد ادَّعى فيما يقول محالا
فإذا مدحتُك قال لي أهلُ الحجى / قُل كيف شئتَ فقد وجدتَ مقالا
نفسُ المُحِبِّ دَواؤها في دائها
نفسُ المُحِبِّ دَواؤها في دائها / ونعيمُها هو من مكان شقائها
فمتى يكون شفاؤها من سقمها / وسقامُها هو من مكان شفائها
في الحبِّ سحر للعقول لأنه / يغشى النفوسَ بدائها ودوائها
صفو الهوى يغذو نفوس ذوي الهوى / والنفسُ لا تُغذى بغير غذائها
إن الهوى هو في اهتزاز غصونها / طيش الحليم وفي لحاظ ظبائها
أهل الهوى هم كالرياحين التي / يبدو الذبول بها لفرقة مائها
بشعورها وثغورها ونحورها / وخصورها أبليننا ببلائها
بخدودها ونهودها وقدودها / نهوي بأنفسنا إلى أهوائها
أعطافُها أردافُها أطرافها / يسبينَ من قدّامِها وورائها
حورية رضوانُ خازِنُ وصلها / لكن توكّلَ مالِكٌ بجفائها
طُوبى لساكن جنةٍ لو أنشئت / حُورُ الجنانِ له على إنشائها
بيضاء سوداء الفروع فليلُها / ونهارها لظلامها وضيائها
معشوقة عشقت عذاب محبها / حسناً وقتلُ الصب أحسن رائها
ما فارقتها العين إلا واصلت / بالشوق بين سهادها وبكائها
إني أمسُّ جوارحي فأظنُّها / جمراً تأجّج في لظى بُرَحائها
إني لأشفق إن ظفرتُ بقربها / من ضم أحشائي إلى أحشائها
لو أنّني لاثمتُها لأذبتُها / بتوقُّد الأنفاس في صُعدائها
أبصرتُ موتاً في الحياة مُصَوَّراً / في مشهدٍ لفراقها ولقائها
قد همتُ بالرقباء لا من حُبِّهم / وصددتُ عنها ليس من بغضائها
فطفقت أرمقها بكل جوارحي / في بعض إقبالي على رُقبائها
فأرى طعامي في الهوى ذا غُصَّةٍ / في قربها منّي وفي إقصائها
فاصبر لعلّك أن تفوزَ فربما / فازت نفوسٌ بعد طُولِ عنائها
دنيا تُزَيِّن للورى شهواتها / فيما يذلُّ رجالُها لنسائها
حظُّ الرجال من النساء بأن يُرى / أحرارُ سادتها عبيدَ إمائها
ماذا يكون جمالَ نفسٍ حُرَّةٍ / يوماً إذا سُلبت جميلَ عزائها
تاللَهِ لا شرف الشريف بنسبةٍ / إلا بما يُعتَدُّ من آلائها
وكذا القبائل من نزارٍ حظُّها / في الفخر حَسبُ سماحِها وغنائها
أما ربيعةُ لا يضيع ذمامُها / أبداً ولا ينحلُّ عقدُ وفائها
فربيعةُ الفَرَسِ التي تَقري القِرى / وتُعيد عند صباحِها ومسائها
إن زُوحِمت في المكرمات فإنها / ما زُحزِحَت عن بأسِها وسخائها
قدم الرَّبيع فحطَّ في آذارِ
قدم الرَّبيع فحطَّ في آذارِ / بعساكرٍ للزهر والأنوارِ
فتناثرت لقدومها بتفصحٍ / بعد العجومةِ ألسُن الأطيارِ
وكأنَّ إقبالَ الزمان من الشتا / إقبالُ مسحور من الأسحار
ومضى الشتاء بقرِّه فتسربلت / بعد التجمُّد حَيَّةُ الأنهارِ
خلعَ الربيعُ على الرياض وألبَسَت / خِلَع الربيعِ مُشَهَّرَ الأقطارِ
فيها رُفُوضٌ كالعيون تفتَّحت / بعد الغُموض كليلةَ الأبصارِ
وكأنَّما للأُقحوانة مُقلةٌ / حَبّات دُرٍّ طُفنَ بالدِّينارِ
ترنو إلى ساقٍ لها من حالِقٍ / سمحٍ يجود بواكفٍ مدرارِ
ومُدير كأسٍ ديره في خصره / خَصرٌ يحاكي دقَّةَ الزُّنّارِ
وكأنَّ إبريقاً يصبُّ بكأسه / بازٌ يصبُّ دماً من المنقارِ
وتُخال إذ سُكبت لصفو مزاجها / ذوبَ اللجينِ على مُذاب نُضارِ
فانفِ الهمومَ عن الفؤاد بقهوةٍ / عذراء صافيةٍ كلون النارِ
يسقيكها حلو اللِّثام مُقَرَّطٌ / خَدَاه مصبوغٌ كصبغ عُقَار
والعندليب مُغَرِّدٌ بصَفيره / يحكي معاني رنَّة الأوتارِ
وكَرِينَةٌ عَذراءُ يونانيَّةٌ / كالبدر غُرَّتها لذي إقمار
والعودُ يبكي كالحنين بحجرها / وتلفُّ أُذنَيه كفعل صِرارِ
والشاهجان فما ألذَّ بكاءه / يحكي أَغاني ساكن الأشجارِ
عيدُ الأمير على الزمان أميرُ
عيدُ الأمير على الزمان أميرُ / وكذاك تأثيرُ الخطيرِ خَطيرُ
يا زينةَ الأعياد عِش لتزينها / أبداً فعيشك للزمان حَبِيرُ
باليمن والبركات ظَلتَ مُعَيِّداً / وظِلالُ عيدِك غبطةٌ وسرورُ
روضُ المحاسنِ نزهةُ الأبصارِ
روضُ المحاسنِ نزهةُ الأبصارِ / والعيشُ تحت معاقِدِ الأزرارِ
وإذا تَنَزَّه ناظري في روضةٍ / حَنَّ الفؤادُ إلى جَنى الأثمارِ
فلذاك صار اللحظُ في حكم الهوى / مستشهَداً عن غامض الأسرارِ
قد يُستَدَل بظاهرٍ عن باطنٍ / حيث الدُّخان فثَمَّ موقد نارِ
سمجٌ بمثلك صحبة الأشرارِ / وإخاءُ كلِّ مُهَتَّك الأستارِ
فتجنّبِ الأشرارَ تُكفى شرَّهم / واختر لنفسك صحبةَ الأخيارِ
مَن لاذ بالفُجّارِ يُدعى فاجراً / ومُبَرَّراً مَن لاذَ بالأبرارِ
لازال مَدعوراً أبوه وأُمُّه / مَن لا يزال مُحالفَ الدُّعّارِ
ولأهله شَرَطٌ أذاه وعيبُه / مَن أعجَبَته مذاهبُ الشُّطّارِ
بَهرَجتَ نفسَك والعيون بهارجٌ / عكفت عليك وأنت كالدِّينارِ
ما بال ذكرِكَ للمسامع مُكرَهاً / قبحاً ووجهك نزهة الأبصارِ
فبحسن وجهك كن لعرضك صائناً / عمّن يُعَرِّض عرضَه للعارِ
إنَّ القرين هو النظير فإن تكن / حُرّاً فدونك صحبة الأحرار
بفتور طرفِكَ واحوِرارِهْ
بفتور طرفِكَ واحوِرارِهْ / وبنور خدِّك واحمِرارِهْ
وضياء عارِضِكَ الذي / فيه ظلامٌ من عِذارِهْ
وعُقَار ثغرِك إنَّ بي / طَلَباً يطول إلى عُقَارِهْ
وبحسن قَدٍّ راعني / فاق القضيب لدى اخضِرارِهْ
لا تُبلِ قلبي بالفرا / قِ ولا تُعَذِّبه بنارِهْ
أيُقاس قَدُّك يا أبا العبّاسِ
أيُقاس قَدُّك يا أبا العبّاسِ / بقضيب آسٍ ليس ذا بقياسِ
جسمٌ شمائله تضاهي لؤلؤاً / رطباً يقاس إلى قضيب الآسِ
بدرٌ يكاد يذوب من تمريعه / لولا تماسكه وقلبٌ قاسِ
ذكراك أسلمني إلى الوسواسِ / يا سيدي وهواك شيّبَ راسي
وحديثك الحَسَنُ المُقَطّع إنه / أهدى إليَّ تقطُّعَ الأنفاسِ
ماذا يضرُّك لو رثيتَ لعاشقٍ / متحيِّرٍ بين الرَّجا والياس
مولاي عبدك صار مذ فارقته / ممّا به أحدوثةً للناسِ
لو مات كان الموتُ أيسرَ عنده / مما يكابد في الهوى ويقاسي
ما إن يقضِّي ليلَه ونهاره / إلا بذكرك يا أبا العباسِ
ولقد دخلتُ الدير أطلب شخصه
ولقد دخلتُ الدير أطلب شخصه / فرأيتُ ثمَّ أهِلَّةً وشموسا
ورأيتُه فحسبتُه من بينهم / لما بدا لجماله بلقيسا
فشهقت ثم صعقت ثم سألتُه / ما الاسم قال وقد تبسم موسى
قلتُ استمع منّي بحرمة من مضى / أعني أخاك أبا المكارم عيسى
قُل لي فإني مذ عشقتُكَ سيدي / قد ظَلتُ في شَرَك الهوى محبوسا
فأجابني أو ما علمتَ بأنّني / ذوَّبتُ قبلك في هواي نفوسا
اذهب فلستَ بنائلٍ ما رمتَه / حتى تُغَيَّب في الثرى مرموسا
ثم انثنى يتلو الزبور تشاغُلاً / عنّي وخافَ رَهابِناً وقُسُوسا
واللَهِ لولا اللَهُ أحذرُ سخطَهُ / حقاً لصرتُ لأجله قسيِّسا
ناولتُه تفّاحةً بتحيَّةٍ
ناولتُه تفّاحةً بتحيَّةٍ / يوماً فقال ولِم بها تخديشُ
فكأنها خدُّ الحبيب وقد يُرى / للعاشقين بصحنه تجميشُ
فكأنَّ مكرَكَ بي ودَم
فكأنَّ مكرَكَ بي ودَم / عَكَ إذ تجود بذارِفِهْ
مَكرُ ابن هندٍ بالوَصي / يِ ورَفعُه لمَصاحِفِهْ
يا مَن على وجناتِهِ
يا مَن على وجناتِهِ / من كلِّ نابتةٍ طريفَهْ
للشكل فيك لطائفٌ / يلعَبنَ بالفِطَن اللطيفَهْ
طرَّزنَ منك محاسناً / بطراز ألفاظٍ ظريفَهْ
ما آفة المحبوب من / ك سوى لواحظك الضعيفَهْ
عاقبتُ قلبي في هوا / كَ عقابَ مَن قَتَل الخليفَهْ
إن أعرضوا فهم الذين تعطَّفوا
إن أعرضوا فهم الذين تعطَّفوا / كم قد وَفَوا فاصبر لهم إن أخلَفوا
كم قد تصدَّوا للِّقاء فصنتُهم / عنه لمعرفتي بما لم يعرفوا
وحملتُ أثقال الفراق مخافةً / أن يحملوا ثقلَ العتاب فيضعفوا
فالآن قد خرج الهوى بأخيكمُ / عمّا يريد فساعِدوا وتلطَّفوا
هاتيكم دار الأحبَّة فاقصدوا / وقِفُوا بها لي وقفةً وتعرَّفوا
وصِفوا له شوقي إليه فما أرى / طبّاً يداوي علَّةً لا توصَف
للدهر ما بين الأنام وَزِيفُ
للدهر ما بين الأنام وَزِيفُ / ولصَرفه بين الورى تصريفُ
تلك النوائب وهي مأدبَة الفَتى / والزاعِبيُّ يقيمه التثقيفُ
غِيَرٌ تُحاجي ذا الحجا عن صبرِهِ / فإذا عرى فقويُّهنَّ ضعيفُ
وإذا تنكَّرتِ الليالي لن يُرى / نكرانُها إن يُعرَف المعروفُ
ما تُثقِل الأعناقَ إلا مِنَّةٌ / لفتىً له عن مُثقَلٍ تخفيفُ
نظرتْ إليَّ الحادثاتُ فرَدَّها / عنّي الأميرُ وطرفُها مطروفُ
لمّا استعنتُ على الزمان بأيِّدٍ / نكص الزمان فصَرفُه مصروفُ
لولا خلائق في الكريم كريمةٌ / لم يستَبِن أنَّ الشريف شريفُ
هذا نزارٌ زان فرعَ أرومةٍ / هو تالدٌ في المكرمات طريفُ
تنميه صِيدٌ أُسدُ حربٍ ما لهم / إلا القواضب والرماح غَرِيفُ
يمشون في الحَلَق الحَصِيف وتحتها / نَسجُ الشجاعةِ في القلوب حَصيفُ
لو أنهم عدمو السيوفَ تحدَّرَت / عزماتُهم في الروع وهي سيوفُ
تُجري النَّدى مجرى الدماء أكُفُّهم / فهمُ حياةٌ للورى وحتوفُ
مَن كان وهّابَ الأُلوف ولم يكن / ليروضه يومَ العِطاف أُلوفُ
يقسو ويعنُفُ في الحروب وشأنُه / في السلم بَرٌّ بالأنام رؤوفُ
يدنو ويبعد هيبةً وتواضعاً / فيجلُّ وهو مع الجلال لطيفُ
يا ابن المكارم إنَّ أولى ما به / تُبنى المكارمُ أن يُغاثَ لهيفُ
وإذا المَنَاسِب لم تكن معدودةً / لصنائع فبَدِينُهُنَّ نحيفُ
ذاك الفخار على المساعي دائرٌ / وله إذا وقف السُّعاة وقوفٌ
وجهٌ تكامَلَ حُسنُه
وجهٌ تكامَلَ حُسنُه / لمّا تطرَّفَه عِذَارُهْ
والسيف أحسن ما يُرى / ما كان مُخضَرّاً غِرَارُهْ
غصنٌ شقيتُ بغرسه / فالآن حين زكت ثِمارُهْ
عطف الوشاةُ فُرُوعَهُ / عنّي وفي قلبي قرارُهْ
كن في أمورك ساعياً
كن في أمورك ساعياً / فالشيءُ يقهره القَدَرْ
ليس التحرُّز نافعاً / ولَقَلَّ ما يُغنى الحَذرْ
كلُّ الأُمور إلى القدَرْ / فإذا أتى غَشّى البَصَرْ
والكأس فيه يديرها
والكأس فيه يديرها / سَعدٌ من الفَلَك المُدارِ
أو ما ترى نَورَ الرَّبي / ع مُضاحكاً نارَ العُقَارِ
نسج الربيعُ بكفِّه / حُلَلاً لأغصان العَرارِ
بين ابيضاضٍ واحمرا / رٍ واصفرارٍ واخضرارِ
كالدرِّ والياقوت وال / مرجان في حَليِ العَذَاري
وكأنَّما العِشق المُبَر / رِحُ صابغٌ لونَ البَهَارِ
وكأنَّ آذَريُونَهُ / لمّا تَبَسَّطَ للنهارِ
وشقائق مثل الخدو / دِ لُطِمنَ فاشتعلت بنارِ
وترى الغصون ترفُّ بال / أنوارِ مُسبلة الإزَارِ
كقدود غلمانٍ رشا / قٍ فوقها غُرَرُ الجواري
وكأنها عند التَّعَط / طُفِ مُصغياتٌ للسَّرارِ
ونسيم ريحٍ كالمُغا / زِلِ للغصون أو المُداري
وكأنهنَّ مع النَّسا / ئم في عتابٍ واعتذارِ
فاشرب هنيئاً في سرو / رٍ بالصِّغار وبالكبارِ
وبقيتَ ما بقيَ الزَّما / نُ أميرَ عزٍّ واقتدارِ