المجموع : 67
الأخطبوط أراه بدل شكله
الأخطبوط أراه بدل شكله / كمحيطه ولقد يظنّ صخورا
ولسوف يمتصّ الدماء مضحيا / بغريمه ويفوته معصورا
يا للزعامة حين تحسب أنها / تلهو به وتظنه مقهورا
وهو الذي تخذت وصولياته / حيلا لتقتل من ينام غرورا
حين الذين ينافحون لصونها / والماهدين لها أذيقوا الزورا
أو أهملوا مثل النفاية ما لهم / أمل يداعب لو غدا منشورا
يا أيها الزعماء ليس بنافع / إخلاصكم إن لم يكن مبرورا
هل تنكرون الظلم ثم بعهدكم / يبقى الذي عانى لكم منكورا
ويسود فيه الألعبان وكل من / نشر الظلام ومن أمات النورا
إن ترتضوا هذا فحسبي أنني / ابقى بمنفاي السحيق شكورا
هيهات أرضى أن أساوم مرة / في الحق أو أرضى به مدحورا
إن الإساءة من زعيم صالح / قتل المواهب جاحدا مغرورا
مجد البلاد على المدى أحرارها / الماهدون الرائدون عصورا
الملهمون بفكرهم تحريرها / والخالقون لها منى وشعورا
فإذا أهينوا أو أذلّ تراثهم / لم يحي مجد بعدهم مذكورا
بل لطخت صحف الفخار برحمة / تبقى ويحسبها الزمان فجورا
لج الحنين إليك حتى خلتني
لج الحنين إليك حتى خلتني / وأنا القصيّ غدوت غير النائي
وإذا الفصول جميعها فواحة / حولي بعطرك تستثير رجائي
وإذا السماء يرعدها وبروقها / زرقاء مثل سمائك الزرقاء
وإذا الجمال بكل مرأى حفّني / يفترّ لي بجمالك الوضاء
وغذا الحياة وقد رشفت نعيمها / ليست سواك بخاطري ودعائي
هذي المشاهد كيف كن شهيدة / لتلهفي وتبسمي وبكائي
مزجت بأفراحي وأتراحي معا / فكأنها مثلي من الشهداء
وإذا بكيت بها فإنك دمعتي / وإذا شدوت بها فأنت غنائي
ما فاتها مني الوفاء وفاتها / أرضي لديك وجنتي وسمائي
عاث الطغاة مدى فما هادنتهم / ورحلت أرشقهم بصدق هجائي
كانت فعالي قدوة وعواطفي / نارية واسلتها كدمائي
ما تضحيات الماهدين ضئيلة / إلا لدى الناسين والجهلاء
من لي بقربك لو ملكت قيادة / للثائرين فكم أضيع ندائي
لجعلت مصر إذن حفيدة جدّة / غنّى بها الشعراء للشعراء
سبقت مبادئها المسيح بعدلها / وشأت بأخناتون كل ضياء
وغدا بها الوادي جنانا حرة / طهرت من الأوشاب والدهماء
ينساب فيها النيل سيفا مصلتا / إلا على أحبابه الشرفاء
رقصت شواطئة بأشتات المنى / والحب عابقة بكل عطاء
غنى الغراب بها وكان غناؤها / وقفا على الشحرور والورقاء
فيها المساواة العميقة زينة / كالنور في الأجبال والأوداء
ما قيمة الإنسان إلا نفعه / وكذاك حكم عظائم الأشياء
والشمس لولا نفعها هانت لنا / بل أصبحت جيشا من الأعداء
وطن الصبا وعزيز أحلام الصبا / ما زلت لي حلما وحلو عزاء
حمّلت في شيخوختي أعباء من / قبعوا ومن ناموا على الأقذاء
وتخذت لي منفاي منبر دعوة / للثأر من ضيم ومن أدواء
في موطن الأحرار لم يخذل به / فرد ولم يسحق على الغبراء
يسمو به إقدامه فوق السهى / ويحول الغبارء كالجوزاء
أو يفلق الذرات فهي جهنم / للغاشمين وجنة العلماء
صارت شجاعته مثالا يحتذى / وعلت مىربه على الجببناء
فإذا بقيت به عزيزا آبيا / ورضيت من نفيي بكنز إبائي
فلكي أبر بعهد إنسانيّتي / وأكون رمز تجاوب وإخاء
رمضان يا حلو الشمائل
رمضان يا حلو الشمائل / يا سمير الشاعر
يا من تزين بالنجوم / فواتنا كجواهر
يا من تفنّن في ترنّمه / تفنّن ساحر
يا من يعاف الشمس / إيثاراً لنجوى الساهر
يا من تلألأت الموائد فيه / مثل منائر
يا من تبسّط في / ملاهيه تبسّط قاهر
يا من تدفّق بالمواعظ / كالإله الغافر
يا من تعلق بالطهارة / مثل فجر طاهر
يا من أتى كالفصح / بين مدامع وبشائر
يا من يعدّ أخا / الفقير أمام دهر كافر
يا من شأى حلم الصغار / بكل حلم طائر
ماذا ادخرت وما أتيت / به لحظ العاثر
من كل فرد مقعد أو / كل شعب قاصر
صاموا وخير الصوم عن / عبث لهم وصغائر
إن الشعوب كبيرة / ليست عبيد كبائر
لا صام من جعل الصيام / ذريعة للفاجر
لا صام كالتمساح أفطر / في شهية غادر
لا صام من لم يدر / فلسفة الصيام الثائر
المستهين بكل وضع / جائر أو ماكر
الخالق العدل المؤيد / من عديد مآثر
بوركت شهر النور / تغزو الليل دون عساكر
ما بين أعراس / وألعاب ولهو دائر
ومسبحين مرتلين / إلى نهى ومنابر
ونوافح علوية / سارت كشعر سائر
بوركت ولتهنأ بك / الدنيا هناءة شاكر
حتى إذا ما عدت جئت / مع الخميس الظافر
بالحب لا بالسيف فوق / سرائر وبصائر
وفتحت للإسلام كنز مآثر / ومفاخر
واشعت افراحاً مكان / مآتم ومقابر
أيّار كاد يذوب عطرا سابغا
أيّار كاد يذوب عطرا سابغا / وجمال ألوان وجمّ حنان
وأراك يا ورد الربيع بنومة / طالت كأنك لم تذق إيماني
أتظنّ عهد أبيك عهدا غادرا / وتخاف ما يأتي به الحدثان
أو لا ففيم إذن رقادك هاجرا / للناس في الأكمام والأردان
ولمن تبرّجت الطبيعة بعدما / أعطتك عهد سماحة وأمان
أولست فاتنها المليك وطالما / جملتها بنفائس التيجان
أسفر جواهر نمقت اصباغها / أيدي النجوم ولهفة الفنّان
ما زلت مرتقبا فشعري لم يزل / ظمآن مفتقرا إليك يعاني
لم تغنه هذي الموائد كلها / عن وحيك المتحجب الظمآن
مثلي ظمئت كأننا غرباء في ال / دنيا عن الإلهام والإحسان
ما قدرتنا رغم تقدير لنا / أو أنصفت بالري للريان
بي حرقة الفنان مثلك قابعا / في خلوتي وتوثب الفنان
فمتى أراك إذن تهم ممزقا / هذي الستائر واثبا لعياني
حتى أرتل في سناك تحية / بالنور عابقة وبالألوان
أفصح ولاتك مبهما كقصيدة / مطويّة بمشاعر وجنان
أو كالأغاني في الغدير تستّرت / بالموج فاحتجبت عن الإنسان
أو كالصبابة في القلوب دفينة / وتنم عن خطراتها العينان
أو كالحقيقة حجبت بعزوفنا / عنها وما خفيت عن الوجدان
أفصح فينتفض الربيع مجدّدا / والحب والنعمى بكل مكان
غضّي عيونك يا نجوم فإنني
غضّي عيونك يا نجوم فإنني / أرنو إلى القدسيّ من أضواء
لن تكشفي سري ولو أعطيته / ما كنت كاشفة مدى إسرائي
هذي صلاتي لا أذان يؤمها / غردا ولا الأجراس بالضوضاء
بهت المساء لها كأنّ تأمّلي / ألق وذؤب نهاي في الظلماء
إن كنت في الحسبان أحقر ذرة / فأنا رموز عوالم وفضاء
غنّى الأثير بها ففاض عواطفا / واهتز بالإلهام للشعراء
أصغي إليها يا نجوم فربما / ألهمت ما ضيت من إيحاء
أين الألوهة إنها حولي وما / خفيت وإن عدت كحلم ناء
هي في الحيا وكل ما هو كائن / فجميعه حي بلا استثناء
وجدت مع الأزل السحيق قصيدة / نارية الأنغام والأصداء
لسنا سوى من بعض تفعيلاتها / أو أننا صور لها ومراء
كانت وسوف تكون ذلك شأنها / فعلام فلسفتي وشحذ ذكائي
والخلد من طبع الوجود تسلسلا / لا طوع أفراد ولا أشياء
والموت من صور الحياة فما مضى / حيّ بلا بدل ودون عطاء
فتأمليها يا نجوم وجد لها / يا عقل بالإشعاع غير مرائي
فلربما أصبحت وحدك هاديا / للأرض إن أصغت وللجوزاء
هذا الوجود كما تراه فلم يكن
هذا الوجود كما تراه فلم يكن / إلاه في الماضي ورهن الآتي
ولئن تعدّد في مظاهر كنهه / فصميمه متوحد اللبنات
باق على الآياد مثل بقائه / قبلا وتلك حياته كحياتي
عمري ملايين القرون وعدها / دوني وفي آياتها آياتي
عمري هو الزل الذي لا ينتهي / حسبانه أو ينتهي لصفات
فيه الحياة مع الممات تبادلا / كالتوأمين فما الممات مماتي
فيم التحدث عن صفات ما لها / اصل سوى الأوهام والعثرات
الكون ليس سواه كون آخر / إلا المدى المحجوب عن نظراتي
كفل الزمان أبوه إعلانا له / والعلم وهو مناصر ومواتي
والخلق فيه تحول وتجدد / وتعدد بعوامل أشتات
هذي الألوهة في الصميم فقل لمن / في الوهم فلسف جهله بالذات
هوّن عليك فكل ما هو كائن / ويكون ماضيه مدار الآتي
بسط الضباب على الحقول كأنه
بسط الضباب على الحقول كأنه / كف لمارد عابس قتال
فمحا بضربته الجداول والربى / والغرس دون تمهّل وسؤال
لم تلق منه ولا محاكمة آمرىء / عات فاسرف بطشه المتوالي
قتل الضياء كقتله ألوانها / وأدال حسنا لم يكن بمدال
فكأنما الدنيا تأجل خلقها / وكأنما العدم الفسيح حيالي
ومضى الضباب إلى المدينة فاختفت / مثل اختفاء مدائن الأطفال
أو أنها ظل الخيال ظلالها / فإذا نظرن فهن غير ظلال
هذا مآل والضباب يحفّني / بالحزن لا أدري سواه مآلي
فكأنما أسكنت كهفا مظلما / ما فيه من صحب سوى إعوالي
وكأنما انطوت الحياة بزفرتي / وتعثرت منهوكة بخيالي
وكأنما وئدت قبيل فطامها / مثلي أو انتحرت بها آمالي
وكأنما قتل العزاء مضرجا / بدمي وبالوهم الحبيب الغالي
وكأنما للياس ملك خالد / وكأنما إقباله إقبالي
وكأنما ضيّعت في دنيا طوت / صور الجمال وروعة المثال
فاعتز فيها القبح غير منافس / واعتزّ فيها الموت غير مبالي
لا ترقبوا مني الدموع رخيصة
لا ترقبوا مني الدموع رخيصة / أغلى الدموع المحرقات دموعي
ليست على نفس تراق وإنما / هي بعض قرباني لغوث جموع
نثرت شواظا ليس يرحم ظالما / أو عابثا ويبر بالمفجوع
كالجحفل اللجب الذي تعنو له / أمم ويشخر بالظما والجوع
شعري دموعي وهو إنسانيّتي / وتحرقي لمواطني وخشوعي
ينساب في الغدران من ألحانه / ألق ويعبق ضاحكا لزروع
ويعود بالأمل المجانب راضيا / من بعد هجرته أعز شفيع
ويفيض كالبركان في حمم له / ويلا على المتجبر المفزوع
شخصيتان له توحدتا كما / يتوحد المنظور بالمسموع
أو كالصلابة أودعت في رقة / أو كالبطولة في إهاب وديع
هذي دموعي لا ميوعة عاجز / غرّ ولا بالك بكاء خليع
هذا قريضي ثورة لمواطني / في بؤسها وهداية المجموع
هو ثروة لي حينما هو ثروة / لمواطني ورسالتي ونزوعي
فاهزأ به ما شئت أو فانعم به / يا شعب فهو حشاشتي ودموعي
أمودّعي من قبل أن يلقاني
أمودّعي من قبل أن يلقاني / ماذا تركت لحلمي الفتان
ليلان قد مرا مرور جحافل / والآن أحرم وحيك النوراني
حين الغبار المستثار يحف بي / والشمس قد ضاعت ضياع هوان
هلا بقيت لكي أمتع ناظري / زمنا وكيف تغيب في نيسان
يا تارك الشعر الوضيء ذخيرة / كبرى وقد خلّفت ما أغناني
الشعر أنت وكل ما أودعته / ديوانك الحي المعزّ زماني
هيهات يغني رغم ذلك شاعرا / يهوى بك المثل الرفيع الساني
يا أوحد العصر الذي إيمانه / بالحق اسعد دائما إيماني
يا من تفنن في ابتداع عوالم / شتى وجدد من نهى الفنان
يا من رأته العبقرية ندها / في الخلق والآداب والإحسان
يا من شأى صور الحياة مصورا / عجبا من الإحساس والوجدان
يا من أحبته الطبيعة حبها / لله في ملكوته الروحاني
يا ن يرف النقش نفض يراعه / بيتيمة الألحان والألوان
يا من مآثر نبله وشموخه / كمآثر الأضواء في لبنان
يا من يحرّرني متى ناجيته / وإذا برمت ببيئتي ناجاني
يا من يخفف من لواعج حسرتي / بدموعه ودموعه أوطاني
يا من خواطره تزيد خواطري / ألقا ويرفع حبه إمكاني
أزجي إليك تحية من مهجة / عرفت بك الفنان في الإنسان
وأزف أغنية الوداع وإنها / قبل وأشواق لحلم ثان
إن كان هذا الجو يخلق روحنا / فالحب يخنقه عتو أناني
عم الضباب مع الغبار مخلفا / رهقا من الآلام والأحزان
ما كان أولانا بنبلك بيننا / كيما نصد وساوس الشيطان
العابث الجاني على ألبابنا / وممرغ الألباب اسفل جان
كم موقف للخبث يرقص عنده / ويعضّ في الأعراض كالثعبان
ويصول في سرقاته متفنّنا / كتفنّن الشغور في الروغان
يطريه اطفال ويطري نفسه / وكلاهما نوع من الهذيان
ما كنت أحسب أن أعمر كي أرى / هذي المهازل من خصال زماني
في موطن للعقل اسمى منزل / فيه وفيه الخلق أعظم بان
من لي بمثلك كالنبي مكرما / في موطن الإلهام والعرفان
يتلو الخوالد من هدى إنجيله / فيبر بالإنجيل والقرآن
ويهز آلاف المشاعر بعدما / ماتت من التغرير والبهتان
ويطهر الجيل الجديد بشعره / من كل شعوذة ومن كفران
يا من أوّعه ولست مودعا / من ظل يشغل بي أعز مكان
وتخوننا الدنيا وليس يخونه / منّي سوى دمعي وفرط خناني
لكما شكرت تحيّة الزهر
لكما شكرت تحيّة الزهر / في باقة الألوان والعطر
قد حبّبت لي غائبا سقمي / مذ خفّفت من نفحها ألمي
وتحدثت بحنان إنسان / إن غبت لا ييسلو وينساني
قربتها مني فنادتني / ولو أنها قطفت وناجتني
وهي الجريحة بعد ما قصت / ولو أنها في زخرف رصت
لكننا بتجاوب صرنا / صنوين نعرف عمرنا الفنا
شكرتكما شكري وقد فرحت / بلقائنا وشدت بما نفحت
وأنا المترجم عن معانيها / يا ليتني أحكي أغانيها
صرنا كأنا خالدان معا / والكون ينفحنا بما جمعا
ولو أنه خلد لأحلام / كخلود أطياف وأنغام
أغلى الهدايا لحظة الأنس / لطفت كذوب النفس في النفس
حتى الفناء بها له معنى / مستعذب يرضاه من يفنى
فلمن أفاضا الأنس ألوانا / شكرا وشكرا من حنايانا
مهد الحضارة للعروبة كلها
مهد الحضارة للعروبة كلها / كيف انتهيت إلى نهاية ذلها
قد كنت سابقة القرون بعلمها / فرجعت في ذيل القرون وجهلها
عجبت تماثيل رفعن جلالة / فهوت لما بلغته خسة مثلها
وكأنما في أمسها قد اشعرت / أفعالهم فتحطمت من هولها
إن كان هذا وحي دين محمد / فعبادة الأوثان نعمة أهلها
حاشا وحاشا تلك نكبة أمة / بالحاكمين القاتلين لنبلها
من كل سيف قد تثلم مجده / في الموبقات ويستعز بفعلها
أو كل أبكم صار يحسب قاضيا / والمومياء أجل منه بأصلها
أو كل زنديق عريق عابد / للمال يحترف الدعارة والها
أو كل من زعم الإمارة حينما / عين الحقارة ما استباح مؤلها
أو كل مندوب تحشرج صوته / مثل الجنادب وهو دون أذلها
أو كل من زعم الإمامة بينما / حكت الذباب بطنها وبظلها
أو كل مأفون يصيح مغالطا / والشخر يتبع ما روى مستألها
وطن تجسمت العروبة نكبة / فيه ولا نكبات صور وبعلها
الناطحات به شمخن سوابقا / واليوم تسحقها الصروف بنعلها
والهندسات وسد مأرب خلفت / لهفى الخرائب في مهانة زملها
والسامقات من المدارس كلها / درست ولم يك مثلها من قبلها
لا ظلم ظلم الدهر عدل صارخ / ما دام أهل الأرض نقمة عدلها
يا منبت الكندي يا من ينتمي / نخب الفوارس والعقول لعقلها
من أدهشت كسرى بحكمة عمروها / من أنجبت بلقيس صورة دلها
من شيدت غمدان من إلهامها / وفحولة الشعراء دون أقلها
من أطلعت صنعاء نجم حضارة / عمت بأنفس روعة وأجلها
من لا نزال نحار في آياتها / إذ تغمر التاريخ سيرة فضلها
كيف استحلت إلى مباءة سوقة / عملوا على هدر الكرامة كلها
جعلوا البلاد وأهلها كبهائم / موبوءة حبست على إسطبلها
القات تمضغه فيجري سمه / فيها فتركع نشوة لمذلها
وإمامنا يحيى يمجد ويله / شعرا ويكنز تبره من ويلها
أسفي العروبة في الضجيج عريقة / الافخرات بخيلها وبرجلها
أمم العروبة في الضجيج عريقة / الفاخرات بخيلها وبرجلها
تشكو الطغاة وحين تهمل أختها / في الغل تصبح من تهش لغلها
إن الحوادث كلها عبر لكم / يا غافلين عن الحياة وقولها
تتستّرون على الفضائح ضلة / ولطالما خانت عهود محلها
فتمكنون لسارق ولمارق / جعلتهما صنعاء غاية شغلها
ليت ابن خلدون وتلك ربوعة / حي ليفصح رأيه عن ختلها
أو ليت لي شعر الزبيري الذي / في النفي ناح لخطبها ولثكلها
أو ليت لي يوما عواصف أحمد / وأبي فراس مزمجرا من أجلها
وأبي العلاء العبقري وغيرهم / من أهلها قد أترعوا من نهلها
المسهمين بعلمهم وبفنهم / في رفعة الإنسان أو في بذلها
أو ليت لي كالشنفرى غضباته / أو كامرىء القيس الوفاء لنصلها
أو شأن مالك من سلالة حمير / في الدين والتقوى لطهر محلها
أو وعظ نجم الدين رن كأنه / قدر يحذر في حماسة خلها
أو باس سيف الدولة العالي الذرى / المستعز بأصله في سهلها
ونهى الفراهيدي الذي أحيا اللغى / بعروضه وبحذقه في شكلها
وسنا البهاء وكم يداوي شعره / مرضى النفوس العانيات بسله
وبروج صرواح التي لما تزل / أطلالها تروي الخلود لطلها
وهياكلا ما زال علقمة بها / يوحي السيادة والجلال لجلها
يا ليت لي هذا وذاك وبضة / من روح علقمة الشهير بفحلها
حتى أهزّ السادرين لعلّهم / يتنبهون إلى عواقب قتلها
الفتنة الكبرى تطلّ قرونها
الفتنة الكبرى تطلّ قرونها / أم دير ياسين أعيد جنونها
يا وصمة الإنسان من وحشيّة / أقسى الوحوش لها تراع عيونها
صفر الخراب لها بفرحة فاجر / وإذا الدماء شرابها ومجونها
العصبة الأنذال لم يتورّعوا / عن كل ما لطخ الوغى ويشنيها
باسم العدالة والحقوق تشدّقوا / وكأنما حامي الحقوق خؤونها
وبكل مذبحة لهم تهليلة / وبكل مجزرة يعيد دونها
ويمثلون من المهازل للورى / صور المىسي القارحات جفونها
كبش الفداء همو وأما من بغوا / وعدوا عليهم فالوغى وأتونها
جعلوا المروّع جانيا بل صوروا / جثث الضحايا في الحقول تخونها
كانت لقوم في أمان بيوتهم / ناموا فأين بيوتها وسكونها
ذهبت بهم وبحلمهم وتبعثرت / اشلاؤهم ودماؤهم وحنينها
الله في الباغي وعندي تستوي / كل الفئات وما يسوغ دينها
فالبطش ليس له حلال مرّة / مهما أحل الموبقات خدينها
والظلم ليس يحد بين خطوبه / من لم يصد خطوبه فمعينها
إيها بني الأرجاس أية نصفة / ترجونها وشروركم مضمونها
كثرت دعاويكم كوفرة خبثكم / والأبرياء طعينها ودفينها
من تخدعون وتلك قبية شاهد / والدينميت غريمها وقرينها
هل هيئة الأمم التي قد كفنت / في المهد أم أسر يمض أنينها
أم هل ترى أمم العروبة بعدما / رزئت بكم وبكم تشل يمينها
أم صادق التاريخ وهو مدون / آثامكم إن فاتكم تدوينها
قد كنت أرجو العدل بعد تفاهم / فإذا العدالة تستباح حصونها
وإذا القذائف وحدها قد أصبحت / لسن العدالة إن يصخ مفتونها
أواه من دول العروبة كلها / خابت وضاع أسودها وعرينها
هيهات تنهض والثعالي فوقها / يتحكمون وما تعد طنينها
صهيون ليس بمحض خصم واحد / فبكل باطن دولة صهيونها
من ذا ألوم إذا الجناة أقارب / وأباعد وإذا اللصوص زبونها
وإذا الدم الغالي يذال ولم تثر / همم وفي وقف الجيوش سجونها
أبطال قبية أنتمو وكفاكمو / فخرا بتدمير لكم تمدينها
من كان في ريب إزاء حضارة / شقيت بكم فصنيعكم تأبينها
من ذا يصور بد ذلك أنكم / من أمة بالغار خص جبينها
إن التسامح بعد ذاك جريمة / يا ضيعة الإنسان حين يزينها
عيد الملايين ازدهت بجلاله
عيد الملايين ازدهت بجلاله / ورأت جمال حياتها بجماله
عيد البرية كلها إذ كلها / نعمت بوحي ضيائه وظلاله
عيد الحضارة فالحضارة لم تكن / إلا وليد العقل في استقلاله
عيد المساواة العميمة أنبتت / في فجره وتعلقت بهلالفه
عيد الإخاء مدى الزمان وباسمه / خلق الرجال الشم من أبطاله
عيد الهدى والتضحيات على الهدى / لتحرر الإنسان من أغلاله
عيد الشرائع جمعت آياتها / وتبلورت في نوره وكماله
عيد التشبث بالحقيقة وحدها / والحق لا يبقى لدى جهاله
عيد التسامي والتسامي وحده / نهج الوجود إلى سعادة حاله
عيد إلى ميثاقه متحرر / يدعو وملهوف لفك عقاله
عيد السلام وربما تحقيقه / جعل الدماء فدى وبعض نواله
عيد النبوة للحياة رسالة / وبها استعزّ وجل عن أمثاله
شرفا إمام المصلحين لأمة / لك ننتمي ولعالم بك واله
ألهم بمؤلدك السني شعوبه / حتى تثار إلى عظات جلاله
يا أيها الأمي يا من عقله / وسع العلوم كواكبا لرجاله
ومن اشتطاب لهم حياة حرة / لا زهو مفتون يدلّ بماله
ومن اكتفى لوجوده ببلاغه / وأشاح عن ملك وعن أمواله
يا من تعلق بالتقشف خله / للمفلحين تزين نبل خلاله
يا من تماثل حلمه وإباؤه / وكفاحه للحق مثل عياله
اليوم غضبتك الشريفة ترتجى / للحق مأسورا لدى خذاله
اليوم اسمع منك وحي رسالة / دوّى دويّ الغاب عن رئباله
هيهات ترضى للأنام مذلة / يا من عتقت العبد من إذلاله
والمسلمون هم الكماة حمية / الثائرون على العتي وناله
وعلى اللصوص الغادرين وغدرهم / لا ينتهي كالتيه في أهواله
جعلوا التبجح كالوباء شريعة / للظلم واحتكموا لخبث مقاله
واستعبدوا الأقوام باستعمارهم / وترنموا بصلاحه وفعاله
كالعبد يرهق كل حسن ناضر / ويمن بعد عليه باسم وصاله
والسقم يوغل في السليم فيغتدي / نهبا له فيعد من أفضاله
يا من أبى الإذعان دون حقوقه / واستعذب الآلام في آماله
أرجع إلى الإسلام عزة أهله / باليقظة الكبرى لنيل محاله
وأدل من المتحكمين بحفظهم / والجهل أولهم بسم نباله
وليبق مولدك الأغر منارة / لمجاهد مستقتل بقتاله
فالعيش من صور الممات لصاغر / والموت للحر الأبي كآله
ولكم جنى الإسلام من أعدائه / مثل الذي لاقاه من أقياله
فإلى الهداة رضاك في إقباله / وعلى الطغاة جفاك في زلزاله
أين الربيع سألت عنه فلم أجد
أين الربيع سألت عنه فلم أجد / من رد غير تدفق الأمطار
ولي ولم يحضر فغاب كأنه / قد عاش في الأوهام والأفكار
قالوا هي الذرات حين تفجرت / نثرت نظام الجو أي نثار
فغدا الربيع هو الخريف كأنما / قد جن من مطر ومن غعصار
ومن الرعود تكلمت كمدافع / ذرية وتراشقت بالنار
فتحجبت أطياره وتبرقعت / أزهاره وبكى الغدير الجاري
وبكيت في نفسي كأني فاقد / أهلي وكل مجالس السمار
وغذا أناخ بنا السكون حسبته / ضوضاء من قلق ومن إنذار
أين السماحة والهدوء تآلفا / والأمن فاحتكمت على الأبصار
أين الجمال برقصه وبلهوه / في النور أبدع فاتن الأنوار
أين الصبايا النحل تجمع شهدها / كالصيرفي ونده العطار
أين الأزاهير التي كم سابقت / شغفي فما احتجبت عن الأنظار
أين المروج الحاليات عرائسا / كعرائس الأحلام في آذار
أين العصافير التي لم تكتمل / أعشاشها بالحب والأسرار
ضاعت جميعها كالطيوف إذا هوت / واللحن فوق مقطع الأوتار
إحلم بها يا قلب أو لا فأنسها / فجميع ما وهب الربيع عواري
والعام ما عرف الحياة كأنها / معنى حواه الموت بالإضمار
الجود ترقب من سماحة ميت / ما كان غير تعثر الأقدار
أخرى من السنوات أبدؤها غدا / متهللا كالورد في أيار
إن عقّني وطني القديم فما هوى / حبي لدى الوطن المعز شعاري
أو كان جافاني الربيع فعله / مرآة ما عانيت من تذكار
سأظل عاما ناظرا لوداده / حتى يعود لنا من الأسفار
ولربما يأتي رسول محبة / من مصر بعد تمتع وتواري
فأرى الجنان به نوافح بالهوى / وتفيض عن أشعارها أشعاري
حييت يا يوم العلم
حييت يا يوم العلم / يا من تألق بالشمم
يا مستعزا بالنجوم / تبسمت لمن ابتسم
يا من تدفق بالحياة / كأنها السيل العرم
يا من يذكرنا بأنواع / البطولة والكرم
كيف الشجاعة والنظام / تآلفا بأسا أتم
كيف السماحة بالنفوس / أخص ما يبني الأمم
كيف التحرر والإخاء / هما ذراعا من حكم
يا من ترفرف فيه آمال / تغذي من حلم
يا من تسير به المواكب / كالقصائد والنغم
يا من حديث شعاره / فوق المواعظ والقلم
يا من تنال رموزه من / كل جبّار ظلم
يا من به التاريخ يشمخ / فوق مبناه الأشم
يا من تضمخب الدموع / وبالدماء بلا ندم
يا من حبته التضحيات / بكل مجد يغتنم
يا من تساوت فيه / أفراح البرية والألم
يا من تقدس كل ما / فيه ونور والتأم
أشرق على الدنيا / شعار غد أبي لم ينم
يسمو به الإنسان فوق / صغاره فوق العدم
ويرى الحقيقة كنزه / والسلم اشرف مغتنم
لا أن ينال لترهات هن / نعمة من وهم
ما اجدر الإنسان باستع / لائه فوق الرمم
إن التنازع والحروب مماته / مهما اعتصم
والموت لا يحيي ولا يجدي / ولو سكن الهرم
فدم المذكر للأمم وانشر / عظاتك يا علم
لي قلة في الأصدقاء حسبتهم
لي قلة في الأصدقاء حسبتهم / فوق الجواهر للبخيل المعدم
لم ينظروا يوما إلي بريبة / بل بجلوني كالنبي الملهم
منهم قبست أشعتي وإليهمو / عادت مفاخرها وعدت إليهم
دار الزمان ولم يدورا حوله / وتجمعوا حولي وحول تألمي
خلقوا لي الأفراح من صلب الأسى / حتى كأن الكارثات تنعمي
لا منهمو من باع كنز مودتي / وكأنه قد باع عرضي أو دمي
تخذ النفاق طعامه وشرابه / والكيد مهنته وبارك مأتمي
ومضى يمن علي بعد نكاية / ما للنكاية غير فرط تبسمي
إني امرؤ أحيا لأن عقيدتي / تحيا ولست بمن يدنس مرقمي
ولأنني فوق الظنون ومبدئي / ما كان للراضين أو للوم
وإذا طعنت من الذي أحببته / فعليّ وزري لا عرفت تندمي
دنيا سأقطعها بغير ترحم / منها ولم أبخل لها بترحمي
يا من يعيش مشاغبا وحياته / خدع على خدع وجم توهم
لا تحسبني بعد غدرك وامقا / إن المحبة لا تكون لأرقم
إن كان أعماني تودد ماكر / متنفنّن أو ساحر مترنم
فالحق يأبى أن أضيع رحمتي / والعدل يأبى أن أضلل كالعمي
ذكرى الأباة ومطلع الشهداء
ذكرى الأباة ومطلع الشهداء / هذا دعاء المفلحين دعائي
عبرت عن أحرار مصر بغربتي / ولرب ناء كان غير النائي
وجعلت تبريكي مشاطرة لها / بعواطفي ومدامعي ورجائي
في فرحة النيل هلّل مثلنا / لسنائها واختصّها بوفاء
أوفى وحوض النيل أصبح كله / حرا ففاض بحبه المعطاء
الحسن في نظراته كالحصب في / خطراته كالوحي للشعراء
مرت عهود الحاكمين بأمرهم / واليوم بعث الحق والشهداء
من لم يصدقني فذلك حوله / جمّمن الآيات والالاء
الشعب مجدها وهذا جيشه / قد حاطها بمناعة وعلاء
أنى نظرت ترى مواكب نسقت / للحب بين ترنم وضياء
وترى النخيل على السماء زواهيا / فالنيل فاق جمال كل سماء
تتألق الآمال فوق نضاره / كتألق الأحلام في الصحراء
وترى جموع الفالحين تعرفوا / أقدارهم فغدوا من الأمراء
الفأس في يد كل فرد ماثل / كالصولجان وشامخ للرائي
يا ليتني في مصر ألثم تربها / كالنيل يلثم شطها بولاء
حتى أجدد من غنى إكسيره / عمري وأرشف نعمتي وروائي
فرحان كالطفل الصغير تجمعت / كل الكنوز لصفوه في الماء
لم لا وللنيروز روعة ساحر / قد جال بين عواطف ومرائي
أبناء مصر المخلصين تسابقوا / لأبيكمو المعتزّ بالأبناء
وخذوا هدية عيده ما نلتمو / من نصفة وتحرر وإخاء
حتى يباركها مباركة الهدى / فتزيد بين سماحة ونقاء
وتصير كالنيل العزيز أبيكمو / قدسا تنزّه عن هوى ورياء
العيد هذا عيد مصر بأسرها / لا عيد طائفة ولا أهواء
غنى به الفلاح مثل زروعه / ودموعه في الحقل والأنداء
يا ليت لي في كل عام وقفة / كالحج بينكمو وليت ثوائي
حتى أنافس كل حر مولع / بالنيل مبتدعا فنون غنائي
وألقن الأحفاد ما لقنته / من قبل من سر لفرط إبائي
لا يعرف الأحرار إلا مسهم / في التضحيات وقانع بعناء
فلتحي يا وطني الأصيل منعما / بتتابع الأعياد كالأضواء
ولتحي جمهورية أحرزتها / كالبعث بعد تبدد وفناء
ترقى الشعوب على سواعد أهلها / وتهون تحت سنابك الدخلاء
كاد الخريف يموت مثل مماتي
كاد الخريف يموت مثل مماتي / بتساقط الأوراق والآهات
إني أخوه بمهجتي وبلوعتي / زفراته تشتق من زفراتي
إن أرثه فبنظمه وبنثره / أو أبكه فلقد بكيت حياتي
لم يدره من أولعوا ببهارج / للصيف يمرح كالمليك العاتي
إن عد نسل الصيف لم يعلق به / عيب الإباحي الحقير الذات
عرف التنسك منذ يوم ولادة / فكأنه صور لوحي صلاتي
واستقبل الإعصار غير مروع / وهو الصريع الشيخ بين جناة
تخذ الكفاح إلى النهاية مبدأ / وأبى خنوع الموت عند ممات
إن كنت أشبهه فتلك حميتي / رغم السقام وصفرة الأموات
علل على علل أنوء برزئها / وأظل أسخر بالشتاء الآتي
إن كان في دمع الخريف مدامعي / أو كان في أناته أناتي
فوراءها أنف لكل دنية / ولئن هطلن وصحن مجنونات
ولئن نأت عنه الحرارة ما نأى / دفء تحجب في نهى الذرات
والموت من صور الحياة ولغزه / لغز الوجود وآية الآيات
إن تنأ يا خلي فلست براحل / ما دمت تحيا في نهاي وذاتي
هشت لي الأغصان وهي جريمة / وتطلعت لخطاي في الغابات
فكأنما أنا من يمد جذورها / بشعوره فتعز دون حماة
جرداء كالفن المجرد فهمها / قد دق في كنه وجل سمات
إلا على ند يبادلها الهوى / فلغاتها موصولة بلغاتي
سكتت أهازيج الجنادب واكتفت / بخطايَ فوق العشب مستمعات
والنحل تأوي للقفير هنيئة / حتى كأن الشهد في نظراتي
للّه كم خلق التجاوب صحبة / حتى مع الأشجار والحشرات
نعم الرصاص جزاء خادم شعبه
نعم الرصاص جزاء خادم شعبه / ما دام يوقظ من ونوا عن دأبه
أحسين سابقك الحسين مماته / هو قدوة الأبطال لو شغلوا به
الفاطمي غذيت أنت بنبله / والألمعي شغفت أنت بحبه
ما كان خطب فيك إلا خطبه / طهران ساوت كربلا في كربه
قتلوك رميا بالرصاص ولو دروا / نثروا عليك الورد نثر محبه
يا ابن الشهيد أو الحفيد لمجده / طوباك هذا الشاه شاه برعبه
الشاة أكرم منه في نفع لها / وهي الضحية وهو ذلة شعبه
عصر الملوك مضى بكل عيوبه / فعلام نبقي من يتيه يعيبه
هي فترة ستمرّ يخصب مصلحا / دمك الزكي قوى تحن لخصبه
فتثور كالسيل العرمرم صاخبا / متمردا لا ينتهي لمصبّه
حتى تصاب به ديار جمة / يتبختر الطاغوت ثمّ بخبّه
فيطهر الأرض التي دنست به / وبحزبه وبنهبه وبسلبه
كم في ربوع الشرق من متجبر / ذخرت له الأيام طعنة قلبه
ما ضاع عمرك في تجاربه سدى / يوم الفداء ولا انتهى من رأبه
هيهات ليس الرأي وهما فانيا / حتى ولو حرقوا بعالم كتبه
الرأي أخلد من خلود زعيمه / والرأي أعظم من عظائم ربه
هيهات ما الحرية الشماء ما / يمحى وإن يطغ الغشوم بحربه
يمضي ولا يمضي الشهيد لحبها / بل يستعاد لقتله أو صلبه
هي أم هذي الأرض فاشرب نخبها / أنى هتفنا للشهيد ونخبه
بشراك هذا العم عي
بشراك هذا العم عي / سى صار فينا العم سام
أنظر إلى عثنونه / فلقد تزايد واستقام
قد كان في حزم الشيو / خ فصار في زهو الغلام
من ذا يطاوله وه / ذي الناطحات له تقام
اليوم يملك كل شيء / حوله ملك الهيام
في موطن حر به / الأحرار خدام السلام
لا عيب فيه سوى سما / حته التي تغري اللئام
فيه المساواة العمي / مة ملة وله ذمام
فرص النهوض تكافأت / فيه كذرات الغمام
لا بدع إن جذب النجو / م إله واعتنق الدوام
واليوم يغنم فضل عي / سى الشامخ الحر الهمام
كم موقف للحق نذ / كره له عاما فعام
كم من نصائح بثها / كالنور يخترق الظلام
فتناوبوا أنخابه / بالحب لا وهج المدام
إن الكؤوس من الولا / ء أحب من راح وجام
اليوم يوم الصفو نغ / نمه وما الصفو حرام
متضاحكين مهللين / يهزّ نشوتنا الزحام
ولربما أصى النيا / م فلم يعد فينا نيام
أنا بينكم مهما نأي / ت إذا استبد بي السقام
شعري نظيري بل أعز / نهاي في شعري أقام
فتقبّلوه برغم عج / زي أيها الصحب الكرام
واستلهموا من شهرزاد / الحب قبل غنى الطعام
فاليوم عيسى كالرشيد / وحقّه حقّ الغرام