القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 67
الأخطبوط أراه بدل شكله
الأخطبوط أراه بدل شكله / كمحيطه ولقد يظنّ صخورا
ولسوف يمتصّ الدماء مضحيا / بغريمه ويفوته معصورا
يا للزعامة حين تحسب أنها / تلهو به وتظنه مقهورا
وهو الذي تخذت وصولياته / حيلا لتقتل من ينام غرورا
حين الذين ينافحون لصونها / والماهدين لها أذيقوا الزورا
أو أهملوا مثل النفاية ما لهم / أمل يداعب لو غدا منشورا
يا أيها الزعماء ليس بنافع / إخلاصكم إن لم يكن مبرورا
هل تنكرون الظلم ثم بعهدكم / يبقى الذي عانى لكم منكورا
ويسود فيه الألعبان وكل من / نشر الظلام ومن أمات النورا
إن ترتضوا هذا فحسبي أنني / ابقى بمنفاي السحيق شكورا
هيهات أرضى أن أساوم مرة / في الحق أو أرضى به مدحورا
إن الإساءة من زعيم صالح / قتل المواهب جاحدا مغرورا
مجد البلاد على المدى أحرارها / الماهدون الرائدون عصورا
الملهمون بفكرهم تحريرها / والخالقون لها منى وشعورا
فإذا أهينوا أو أذلّ تراثهم / لم يحي مجد بعدهم مذكورا
بل لطخت صحف الفخار برحمة / تبقى ويحسبها الزمان فجورا
لج الحنين إليك حتى خلتني
لج الحنين إليك حتى خلتني / وأنا القصيّ غدوت غير النائي
وإذا الفصول جميعها فواحة / حولي بعطرك تستثير رجائي
وإذا السماء يرعدها وبروقها / زرقاء مثل سمائك الزرقاء
وإذا الجمال بكل مرأى حفّني / يفترّ لي بجمالك الوضاء
وغذا الحياة وقد رشفت نعيمها / ليست سواك بخاطري ودعائي
هذي المشاهد كيف كن شهيدة / لتلهفي وتبسمي وبكائي
مزجت بأفراحي وأتراحي معا / فكأنها مثلي من الشهداء
وإذا بكيت بها فإنك دمعتي / وإذا شدوت بها فأنت غنائي
ما فاتها مني الوفاء وفاتها / أرضي لديك وجنتي وسمائي
عاث الطغاة مدى فما هادنتهم / ورحلت أرشقهم بصدق هجائي
كانت فعالي قدوة وعواطفي / نارية واسلتها كدمائي
ما تضحيات الماهدين ضئيلة / إلا لدى الناسين والجهلاء
من لي بقربك لو ملكت قيادة / للثائرين فكم أضيع ندائي
لجعلت مصر إذن حفيدة جدّة / غنّى بها الشعراء للشعراء
سبقت مبادئها المسيح بعدلها / وشأت بأخناتون كل ضياء
وغدا بها الوادي جنانا حرة / طهرت من الأوشاب والدهماء
ينساب فيها النيل سيفا مصلتا / إلا على أحبابه الشرفاء
رقصت شواطئة بأشتات المنى / والحب عابقة بكل عطاء
غنى الغراب بها وكان غناؤها / وقفا على الشحرور والورقاء
فيها المساواة العميقة زينة / كالنور في الأجبال والأوداء
ما قيمة الإنسان إلا نفعه / وكذاك حكم عظائم الأشياء
والشمس لولا نفعها هانت لنا / بل أصبحت جيشا من الأعداء
وطن الصبا وعزيز أحلام الصبا / ما زلت لي حلما وحلو عزاء
حمّلت في شيخوختي أعباء من / قبعوا ومن ناموا على الأقذاء
وتخذت لي منفاي منبر دعوة / للثأر من ضيم ومن أدواء
في موطن الأحرار لم يخذل به / فرد ولم يسحق على الغبراء
يسمو به إقدامه فوق السهى / ويحول الغبارء كالجوزاء
أو يفلق الذرات فهي جهنم / للغاشمين وجنة العلماء
صارت شجاعته مثالا يحتذى / وعلت مىربه على الجببناء
فإذا بقيت به عزيزا آبيا / ورضيت من نفيي بكنز إبائي
فلكي أبر بعهد إنسانيّتي / وأكون رمز تجاوب وإخاء
رمضان يا حلو الشمائل
رمضان يا حلو الشمائل / يا سمير الشاعر
يا من تزين بالنجوم / فواتنا كجواهر
يا من تفنّن في ترنّمه / تفنّن ساحر
يا من يعاف الشمس / إيثاراً لنجوى الساهر
يا من تلألأت الموائد فيه / مثل منائر
يا من تبسّط في / ملاهيه تبسّط قاهر
يا من تدفّق بالمواعظ / كالإله الغافر
يا من تعلق بالطهارة / مثل فجر طاهر
يا من أتى كالفصح / بين مدامع وبشائر
يا من يعدّ أخا / الفقير أمام دهر كافر
يا من شأى حلم الصغار / بكل حلم طائر
ماذا ادخرت وما أتيت / به لحظ العاثر
من كل فرد مقعد أو / كل شعب قاصر
صاموا وخير الصوم عن / عبث لهم وصغائر
إن الشعوب كبيرة / ليست عبيد كبائر
لا صام من جعل الصيام / ذريعة للفاجر
لا صام كالتمساح أفطر / في شهية غادر
لا صام من لم يدر / فلسفة الصيام الثائر
المستهين بكل وضع / جائر أو ماكر
الخالق العدل المؤيد / من عديد مآثر
بوركت شهر النور / تغزو الليل دون عساكر
ما بين أعراس / وألعاب ولهو دائر
ومسبحين مرتلين / إلى نهى ومنابر
ونوافح علوية / سارت كشعر سائر
بوركت ولتهنأ بك / الدنيا هناءة شاكر
حتى إذا ما عدت جئت / مع الخميس الظافر
بالحب لا بالسيف فوق / سرائر وبصائر
وفتحت للإسلام كنز مآثر / ومفاخر
واشعت افراحاً مكان / مآتم ومقابر
أيّار كاد يذوب عطرا سابغا
أيّار كاد يذوب عطرا سابغا / وجمال ألوان وجمّ حنان
وأراك يا ورد الربيع بنومة / طالت كأنك لم تذق إيماني
أتظنّ عهد أبيك عهدا غادرا / وتخاف ما يأتي به الحدثان
أو لا ففيم إذن رقادك هاجرا / للناس في الأكمام والأردان
ولمن تبرّجت الطبيعة بعدما / أعطتك عهد سماحة وأمان
أولست فاتنها المليك وطالما / جملتها بنفائس التيجان
أسفر جواهر نمقت اصباغها / أيدي النجوم ولهفة الفنّان
ما زلت مرتقبا فشعري لم يزل / ظمآن مفتقرا إليك يعاني
لم تغنه هذي الموائد كلها / عن وحيك المتحجب الظمآن
مثلي ظمئت كأننا غرباء في ال / دنيا عن الإلهام والإحسان
ما قدرتنا رغم تقدير لنا / أو أنصفت بالري للريان
بي حرقة الفنان مثلك قابعا / في خلوتي وتوثب الفنان
فمتى أراك إذن تهم ممزقا / هذي الستائر واثبا لعياني
حتى أرتل في سناك تحية / بالنور عابقة وبالألوان
أفصح ولاتك مبهما كقصيدة / مطويّة بمشاعر وجنان
أو كالأغاني في الغدير تستّرت / بالموج فاحتجبت عن الإنسان
أو كالصبابة في القلوب دفينة / وتنم عن خطراتها العينان
أو كالحقيقة حجبت بعزوفنا / عنها وما خفيت عن الوجدان
أفصح فينتفض الربيع مجدّدا / والحب والنعمى بكل مكان
غضّي عيونك يا نجوم فإنني
غضّي عيونك يا نجوم فإنني / أرنو إلى القدسيّ من أضواء
لن تكشفي سري ولو أعطيته / ما كنت كاشفة مدى إسرائي
هذي صلاتي لا أذان يؤمها / غردا ولا الأجراس بالضوضاء
بهت المساء لها كأنّ تأمّلي / ألق وذؤب نهاي في الظلماء
إن كنت في الحسبان أحقر ذرة / فأنا رموز عوالم وفضاء
غنّى الأثير بها ففاض عواطفا / واهتز بالإلهام للشعراء
أصغي إليها يا نجوم فربما / ألهمت ما ضيت من إيحاء
أين الألوهة إنها حولي وما / خفيت وإن عدت كحلم ناء
هي في الحيا وكل ما هو كائن / فجميعه حي بلا استثناء
وجدت مع الأزل السحيق قصيدة / نارية الأنغام والأصداء
لسنا سوى من بعض تفعيلاتها / أو أننا صور لها ومراء
كانت وسوف تكون ذلك شأنها / فعلام فلسفتي وشحذ ذكائي
والخلد من طبع الوجود تسلسلا / لا طوع أفراد ولا أشياء
والموت من صور الحياة فما مضى / حيّ بلا بدل ودون عطاء
فتأمليها يا نجوم وجد لها / يا عقل بالإشعاع غير مرائي
فلربما أصبحت وحدك هاديا / للأرض إن أصغت وللجوزاء
هذا الوجود كما تراه فلم يكن
هذا الوجود كما تراه فلم يكن / إلاه في الماضي ورهن الآتي
ولئن تعدّد في مظاهر كنهه / فصميمه متوحد اللبنات
باق على الآياد مثل بقائه / قبلا وتلك حياته كحياتي
عمري ملايين القرون وعدها / دوني وفي آياتها آياتي
عمري هو الزل الذي لا ينتهي / حسبانه أو ينتهي لصفات
فيه الحياة مع الممات تبادلا / كالتوأمين فما الممات مماتي
فيم التحدث عن صفات ما لها / اصل سوى الأوهام والعثرات
الكون ليس سواه كون آخر / إلا المدى المحجوب عن نظراتي
كفل الزمان أبوه إعلانا له / والعلم وهو مناصر ومواتي
والخلق فيه تحول وتجدد / وتعدد بعوامل أشتات
هذي الألوهة في الصميم فقل لمن / في الوهم فلسف جهله بالذات
هوّن عليك فكل ما هو كائن / ويكون ماضيه مدار الآتي
بسط الضباب على الحقول كأنه
بسط الضباب على الحقول كأنه / كف لمارد عابس قتال
فمحا بضربته الجداول والربى / والغرس دون تمهّل وسؤال
لم تلق منه ولا محاكمة آمرىء / عات فاسرف بطشه المتوالي
قتل الضياء كقتله ألوانها / وأدال حسنا لم يكن بمدال
فكأنما الدنيا تأجل خلقها / وكأنما العدم الفسيح حيالي
ومضى الضباب إلى المدينة فاختفت / مثل اختفاء مدائن الأطفال
أو أنها ظل الخيال ظلالها / فإذا نظرن فهن غير ظلال
هذا مآل والضباب يحفّني / بالحزن لا أدري سواه مآلي
فكأنما أسكنت كهفا مظلما / ما فيه من صحب سوى إعوالي
وكأنما انطوت الحياة بزفرتي / وتعثرت منهوكة بخيالي
وكأنما وئدت قبيل فطامها / مثلي أو انتحرت بها آمالي
وكأنما قتل العزاء مضرجا / بدمي وبالوهم الحبيب الغالي
وكأنما للياس ملك خالد / وكأنما إقباله إقبالي
وكأنما ضيّعت في دنيا طوت / صور الجمال وروعة المثال
فاعتز فيها القبح غير منافس / واعتزّ فيها الموت غير مبالي
لا ترقبوا مني الدموع رخيصة
لا ترقبوا مني الدموع رخيصة / أغلى الدموع المحرقات دموعي
ليست على نفس تراق وإنما / هي بعض قرباني لغوث جموع
نثرت شواظا ليس يرحم ظالما / أو عابثا ويبر بالمفجوع
كالجحفل اللجب الذي تعنو له / أمم ويشخر بالظما والجوع
شعري دموعي وهو إنسانيّتي / وتحرقي لمواطني وخشوعي
ينساب في الغدران من ألحانه / ألق ويعبق ضاحكا لزروع
ويعود بالأمل المجانب راضيا / من بعد هجرته أعز شفيع
ويفيض كالبركان في حمم له / ويلا على المتجبر المفزوع
شخصيتان له توحدتا كما / يتوحد المنظور بالمسموع
أو كالصلابة أودعت في رقة / أو كالبطولة في إهاب وديع
هذي دموعي لا ميوعة عاجز / غرّ ولا بالك بكاء خليع
هذا قريضي ثورة لمواطني / في بؤسها وهداية المجموع
هو ثروة لي حينما هو ثروة / لمواطني ورسالتي ونزوعي
فاهزأ به ما شئت أو فانعم به / يا شعب فهو حشاشتي ودموعي
أمودّعي من قبل أن يلقاني
أمودّعي من قبل أن يلقاني / ماذا تركت لحلمي الفتان
ليلان قد مرا مرور جحافل / والآن أحرم وحيك النوراني
حين الغبار المستثار يحف بي / والشمس قد ضاعت ضياع هوان
هلا بقيت لكي أمتع ناظري / زمنا وكيف تغيب في نيسان
يا تارك الشعر الوضيء ذخيرة / كبرى وقد خلّفت ما أغناني
الشعر أنت وكل ما أودعته / ديوانك الحي المعزّ زماني
هيهات يغني رغم ذلك شاعرا / يهوى بك المثل الرفيع الساني
يا أوحد العصر الذي إيمانه / بالحق اسعد دائما إيماني
يا من تفنن في ابتداع عوالم / شتى وجدد من نهى الفنان
يا من رأته العبقرية ندها / في الخلق والآداب والإحسان
يا من شأى صور الحياة مصورا / عجبا من الإحساس والوجدان
يا من أحبته الطبيعة حبها / لله في ملكوته الروحاني
يا ن يرف النقش نفض يراعه / بيتيمة الألحان والألوان
يا من مآثر نبله وشموخه / كمآثر الأضواء في لبنان
يا من يحرّرني متى ناجيته / وإذا برمت ببيئتي ناجاني
يا من يخفف من لواعج حسرتي / بدموعه ودموعه أوطاني
يا من خواطره تزيد خواطري / ألقا ويرفع حبه إمكاني
أزجي إليك تحية من مهجة / عرفت بك الفنان في الإنسان
وأزف أغنية الوداع وإنها / قبل وأشواق لحلم ثان
إن كان هذا الجو يخلق روحنا / فالحب يخنقه عتو أناني
عم الضباب مع الغبار مخلفا / رهقا من الآلام والأحزان
ما كان أولانا بنبلك بيننا / كيما نصد وساوس الشيطان
العابث الجاني على ألبابنا / وممرغ الألباب اسفل جان
كم موقف للخبث يرقص عنده / ويعضّ في الأعراض كالثعبان
ويصول في سرقاته متفنّنا / كتفنّن الشغور في الروغان
يطريه اطفال ويطري نفسه / وكلاهما نوع من الهذيان
ما كنت أحسب أن أعمر كي أرى / هذي المهازل من خصال زماني
في موطن للعقل اسمى منزل / فيه وفيه الخلق أعظم بان
من لي بمثلك كالنبي مكرما / في موطن الإلهام والعرفان
يتلو الخوالد من هدى إنجيله / فيبر بالإنجيل والقرآن
ويهز آلاف المشاعر بعدما / ماتت من التغرير والبهتان
ويطهر الجيل الجديد بشعره / من كل شعوذة ومن كفران
يا من أوّعه ولست مودعا / من ظل يشغل بي أعز مكان
وتخوننا الدنيا وليس يخونه / منّي سوى دمعي وفرط خناني
لكما شكرت تحيّة الزهر
لكما شكرت تحيّة الزهر / في باقة الألوان والعطر
قد حبّبت لي غائبا سقمي / مذ خفّفت من نفحها ألمي
وتحدثت بحنان إنسان / إن غبت لا ييسلو وينساني
قربتها مني فنادتني / ولو أنها قطفت وناجتني
وهي الجريحة بعد ما قصت / ولو أنها في زخرف رصت
لكننا بتجاوب صرنا / صنوين نعرف عمرنا الفنا
شكرتكما شكري وقد فرحت / بلقائنا وشدت بما نفحت
وأنا المترجم عن معانيها / يا ليتني أحكي أغانيها
صرنا كأنا خالدان معا / والكون ينفحنا بما جمعا
ولو أنه خلد لأحلام / كخلود أطياف وأنغام
أغلى الهدايا لحظة الأنس / لطفت كذوب النفس في النفس
حتى الفناء بها له معنى / مستعذب يرضاه من يفنى
فلمن أفاضا الأنس ألوانا / شكرا وشكرا من حنايانا
مهد الحضارة للعروبة كلها
مهد الحضارة للعروبة كلها / كيف انتهيت إلى نهاية ذلها
قد كنت سابقة القرون بعلمها / فرجعت في ذيل القرون وجهلها
عجبت تماثيل رفعن جلالة / فهوت لما بلغته خسة مثلها
وكأنما في أمسها قد اشعرت / أفعالهم فتحطمت من هولها
إن كان هذا وحي دين محمد / فعبادة الأوثان نعمة أهلها
حاشا وحاشا تلك نكبة أمة / بالحاكمين القاتلين لنبلها
من كل سيف قد تثلم مجده / في الموبقات ويستعز بفعلها
أو كل أبكم صار يحسب قاضيا / والمومياء أجل منه بأصلها
أو كل زنديق عريق عابد / للمال يحترف الدعارة والها
أو كل من زعم الإمارة حينما / عين الحقارة ما استباح مؤلها
أو كل مندوب تحشرج صوته / مثل الجنادب وهو دون أذلها
أو كل من زعم الإمامة بينما / حكت الذباب بطنها وبظلها
أو كل مأفون يصيح مغالطا / والشخر يتبع ما روى مستألها
وطن تجسمت العروبة نكبة / فيه ولا نكبات صور وبعلها
الناطحات به شمخن سوابقا / واليوم تسحقها الصروف بنعلها
والهندسات وسد مأرب خلفت / لهفى الخرائب في مهانة زملها
والسامقات من المدارس كلها / درست ولم يك مثلها من قبلها
لا ظلم ظلم الدهر عدل صارخ / ما دام أهل الأرض نقمة عدلها
يا منبت الكندي يا من ينتمي / نخب الفوارس والعقول لعقلها
من أدهشت كسرى بحكمة عمروها / من أنجبت بلقيس صورة دلها
من شيدت غمدان من إلهامها / وفحولة الشعراء دون أقلها
من أطلعت صنعاء نجم حضارة / عمت بأنفس روعة وأجلها
من لا نزال نحار في آياتها / إذ تغمر التاريخ سيرة فضلها
كيف استحلت إلى مباءة سوقة / عملوا على هدر الكرامة كلها
جعلوا البلاد وأهلها كبهائم / موبوءة حبست على إسطبلها
القات تمضغه فيجري سمه / فيها فتركع نشوة لمذلها
وإمامنا يحيى يمجد ويله / شعرا ويكنز تبره من ويلها
أسفي العروبة في الضجيج عريقة / الافخرات بخيلها وبرجلها
أمم العروبة في الضجيج عريقة / الفاخرات بخيلها وبرجلها
تشكو الطغاة وحين تهمل أختها / في الغل تصبح من تهش لغلها
إن الحوادث كلها عبر لكم / يا غافلين عن الحياة وقولها
تتستّرون على الفضائح ضلة / ولطالما خانت عهود محلها
فتمكنون لسارق ولمارق / جعلتهما صنعاء غاية شغلها
ليت ابن خلدون وتلك ربوعة / حي ليفصح رأيه عن ختلها
أو ليت لي شعر الزبيري الذي / في النفي ناح لخطبها ولثكلها
أو ليت لي يوما عواصف أحمد / وأبي فراس مزمجرا من أجلها
وأبي العلاء العبقري وغيرهم / من أهلها قد أترعوا من نهلها
المسهمين بعلمهم وبفنهم / في رفعة الإنسان أو في بذلها
أو ليت لي كالشنفرى غضباته / أو كامرىء القيس الوفاء لنصلها
أو شأن مالك من سلالة حمير / في الدين والتقوى لطهر محلها
أو وعظ نجم الدين رن كأنه / قدر يحذر في حماسة خلها
أو باس سيف الدولة العالي الذرى / المستعز بأصله في سهلها
ونهى الفراهيدي الذي أحيا اللغى / بعروضه وبحذقه في شكلها
وسنا البهاء وكم يداوي شعره / مرضى النفوس العانيات بسله
وبروج صرواح التي لما تزل / أطلالها تروي الخلود لطلها
وهياكلا ما زال علقمة بها / يوحي السيادة والجلال لجلها
يا ليت لي هذا وذاك وبضة / من روح علقمة الشهير بفحلها
حتى أهزّ السادرين لعلّهم / يتنبهون إلى عواقب قتلها
الفتنة الكبرى تطلّ قرونها
الفتنة الكبرى تطلّ قرونها / أم دير ياسين أعيد جنونها
يا وصمة الإنسان من وحشيّة / أقسى الوحوش لها تراع عيونها
صفر الخراب لها بفرحة فاجر / وإذا الدماء شرابها ومجونها
العصبة الأنذال لم يتورّعوا / عن كل ما لطخ الوغى ويشنيها
باسم العدالة والحقوق تشدّقوا / وكأنما حامي الحقوق خؤونها
وبكل مذبحة لهم تهليلة / وبكل مجزرة يعيد دونها
ويمثلون من المهازل للورى / صور المىسي القارحات جفونها
كبش الفداء همو وأما من بغوا / وعدوا عليهم فالوغى وأتونها
جعلوا المروّع جانيا بل صوروا / جثث الضحايا في الحقول تخونها
كانت لقوم في أمان بيوتهم / ناموا فأين بيوتها وسكونها
ذهبت بهم وبحلمهم وتبعثرت / اشلاؤهم ودماؤهم وحنينها
الله في الباغي وعندي تستوي / كل الفئات وما يسوغ دينها
فالبطش ليس له حلال مرّة / مهما أحل الموبقات خدينها
والظلم ليس يحد بين خطوبه / من لم يصد خطوبه فمعينها
إيها بني الأرجاس أية نصفة / ترجونها وشروركم مضمونها
كثرت دعاويكم كوفرة خبثكم / والأبرياء طعينها ودفينها
من تخدعون وتلك قبية شاهد / والدينميت غريمها وقرينها
هل هيئة الأمم التي قد كفنت / في المهد أم أسر يمض أنينها
أم هل ترى أمم العروبة بعدما / رزئت بكم وبكم تشل يمينها
أم صادق التاريخ وهو مدون / آثامكم إن فاتكم تدوينها
قد كنت أرجو العدل بعد تفاهم / فإذا العدالة تستباح حصونها
وإذا القذائف وحدها قد أصبحت / لسن العدالة إن يصخ مفتونها
أواه من دول العروبة كلها / خابت وضاع أسودها وعرينها
هيهات تنهض والثعالي فوقها / يتحكمون وما تعد طنينها
صهيون ليس بمحض خصم واحد / فبكل باطن دولة صهيونها
من ذا ألوم إذا الجناة أقارب / وأباعد وإذا اللصوص زبونها
وإذا الدم الغالي يذال ولم تثر / همم وفي وقف الجيوش سجونها
أبطال قبية أنتمو وكفاكمو / فخرا بتدمير لكم تمدينها
من كان في ريب إزاء حضارة / شقيت بكم فصنيعكم تأبينها
من ذا يصور بد ذلك أنكم / من أمة بالغار خص جبينها
إن التسامح بعد ذاك جريمة / يا ضيعة الإنسان حين يزينها
عيد الملايين ازدهت بجلاله
عيد الملايين ازدهت بجلاله / ورأت جمال حياتها بجماله
عيد البرية كلها إذ كلها / نعمت بوحي ضيائه وظلاله
عيد الحضارة فالحضارة لم تكن / إلا وليد العقل في استقلاله
عيد المساواة العميمة أنبتت / في فجره وتعلقت بهلالفه
عيد الإخاء مدى الزمان وباسمه / خلق الرجال الشم من أبطاله
عيد الهدى والتضحيات على الهدى / لتحرر الإنسان من أغلاله
عيد الشرائع جمعت آياتها / وتبلورت في نوره وكماله
عيد التشبث بالحقيقة وحدها / والحق لا يبقى لدى جهاله
عيد التسامي والتسامي وحده / نهج الوجود إلى سعادة حاله
عيد إلى ميثاقه متحرر / يدعو وملهوف لفك عقاله
عيد السلام وربما تحقيقه / جعل الدماء فدى وبعض نواله
عيد النبوة للحياة رسالة / وبها استعزّ وجل عن أمثاله
شرفا إمام المصلحين لأمة / لك ننتمي ولعالم بك واله
ألهم بمؤلدك السني شعوبه / حتى تثار إلى عظات جلاله
يا أيها الأمي يا من عقله / وسع العلوم كواكبا لرجاله
ومن اشتطاب لهم حياة حرة / لا زهو مفتون يدلّ بماله
ومن اكتفى لوجوده ببلاغه / وأشاح عن ملك وعن أمواله
يا من تعلق بالتقشف خله / للمفلحين تزين نبل خلاله
يا من تماثل حلمه وإباؤه / وكفاحه للحق مثل عياله
اليوم غضبتك الشريفة ترتجى / للحق مأسورا لدى خذاله
اليوم اسمع منك وحي رسالة / دوّى دويّ الغاب عن رئباله
هيهات ترضى للأنام مذلة / يا من عتقت العبد من إذلاله
والمسلمون هم الكماة حمية / الثائرون على العتي وناله
وعلى اللصوص الغادرين وغدرهم / لا ينتهي كالتيه في أهواله
جعلوا التبجح كالوباء شريعة / للظلم واحتكموا لخبث مقاله
واستعبدوا الأقوام باستعمارهم / وترنموا بصلاحه وفعاله
كالعبد يرهق كل حسن ناضر / ويمن بعد عليه باسم وصاله
والسقم يوغل في السليم فيغتدي / نهبا له فيعد من أفضاله
يا من أبى الإذعان دون حقوقه / واستعذب الآلام في آماله
أرجع إلى الإسلام عزة أهله / باليقظة الكبرى لنيل محاله
وأدل من المتحكمين بحفظهم / والجهل أولهم بسم نباله
وليبق مولدك الأغر منارة / لمجاهد مستقتل بقتاله
فالعيش من صور الممات لصاغر / والموت للحر الأبي كآله
ولكم جنى الإسلام من أعدائه / مثل الذي لاقاه من أقياله
فإلى الهداة رضاك في إقباله / وعلى الطغاة جفاك في زلزاله
أين الربيع سألت عنه فلم أجد
أين الربيع سألت عنه فلم أجد / من رد غير تدفق الأمطار
ولي ولم يحضر فغاب كأنه / قد عاش في الأوهام والأفكار
قالوا هي الذرات حين تفجرت / نثرت نظام الجو أي نثار
فغدا الربيع هو الخريف كأنما / قد جن من مطر ومن غعصار
ومن الرعود تكلمت كمدافع / ذرية وتراشقت بالنار
فتحجبت أطياره وتبرقعت / أزهاره وبكى الغدير الجاري
وبكيت في نفسي كأني فاقد / أهلي وكل مجالس السمار
وغذا أناخ بنا السكون حسبته / ضوضاء من قلق ومن إنذار
أين السماحة والهدوء تآلفا / والأمن فاحتكمت على الأبصار
أين الجمال برقصه وبلهوه / في النور أبدع فاتن الأنوار
أين الصبايا النحل تجمع شهدها / كالصيرفي ونده العطار
أين الأزاهير التي كم سابقت / شغفي فما احتجبت عن الأنظار
أين المروج الحاليات عرائسا / كعرائس الأحلام في آذار
أين العصافير التي لم تكتمل / أعشاشها بالحب والأسرار
ضاعت جميعها كالطيوف إذا هوت / واللحن فوق مقطع الأوتار
إحلم بها يا قلب أو لا فأنسها / فجميع ما وهب الربيع عواري
والعام ما عرف الحياة كأنها / معنى حواه الموت بالإضمار
الجود ترقب من سماحة ميت / ما كان غير تعثر الأقدار
أخرى من السنوات أبدؤها غدا / متهللا كالورد في أيار
إن عقّني وطني القديم فما هوى / حبي لدى الوطن المعز شعاري
أو كان جافاني الربيع فعله / مرآة ما عانيت من تذكار
سأظل عاما ناظرا لوداده / حتى يعود لنا من الأسفار
ولربما يأتي رسول محبة / من مصر بعد تمتع وتواري
فأرى الجنان به نوافح بالهوى / وتفيض عن أشعارها أشعاري
حييت يا يوم العلم
حييت يا يوم العلم / يا من تألق بالشمم
يا مستعزا بالنجوم / تبسمت لمن ابتسم
يا من تدفق بالحياة / كأنها السيل العرم
يا من يذكرنا بأنواع / البطولة والكرم
كيف الشجاعة والنظام / تآلفا بأسا أتم
كيف السماحة بالنفوس / أخص ما يبني الأمم
كيف التحرر والإخاء / هما ذراعا من حكم
يا من ترفرف فيه آمال / تغذي من حلم
يا من تسير به المواكب / كالقصائد والنغم
يا من حديث شعاره / فوق المواعظ والقلم
يا من تنال رموزه من / كل جبّار ظلم
يا من به التاريخ يشمخ / فوق مبناه الأشم
يا من تضمخب الدموع / وبالدماء بلا ندم
يا من حبته التضحيات / بكل مجد يغتنم
يا من تساوت فيه / أفراح البرية والألم
يا من تقدس كل ما / فيه ونور والتأم
أشرق على الدنيا / شعار غد أبي لم ينم
يسمو به الإنسان فوق / صغاره فوق العدم
ويرى الحقيقة كنزه / والسلم اشرف مغتنم
لا أن ينال لترهات هن / نعمة من وهم
ما اجدر الإنسان باستع / لائه فوق الرمم
إن التنازع والحروب مماته / مهما اعتصم
والموت لا يحيي ولا يجدي / ولو سكن الهرم
فدم المذكر للأمم وانشر / عظاتك يا علم
لي قلة في الأصدقاء حسبتهم
لي قلة في الأصدقاء حسبتهم / فوق الجواهر للبخيل المعدم
لم ينظروا يوما إلي بريبة / بل بجلوني كالنبي الملهم
منهم قبست أشعتي وإليهمو / عادت مفاخرها وعدت إليهم
دار الزمان ولم يدورا حوله / وتجمعوا حولي وحول تألمي
خلقوا لي الأفراح من صلب الأسى / حتى كأن الكارثات تنعمي
لا منهمو من باع كنز مودتي / وكأنه قد باع عرضي أو دمي
تخذ النفاق طعامه وشرابه / والكيد مهنته وبارك مأتمي
ومضى يمن علي بعد نكاية / ما للنكاية غير فرط تبسمي
إني امرؤ أحيا لأن عقيدتي / تحيا ولست بمن يدنس مرقمي
ولأنني فوق الظنون ومبدئي / ما كان للراضين أو للوم
وإذا طعنت من الذي أحببته / فعليّ وزري لا عرفت تندمي
دنيا سأقطعها بغير ترحم / منها ولم أبخل لها بترحمي
يا من يعيش مشاغبا وحياته / خدع على خدع وجم توهم
لا تحسبني بعد غدرك وامقا / إن المحبة لا تكون لأرقم
إن كان أعماني تودد ماكر / متنفنّن أو ساحر مترنم
فالحق يأبى أن أضيع رحمتي / والعدل يأبى أن أضلل كالعمي
ذكرى الأباة ومطلع الشهداء
ذكرى الأباة ومطلع الشهداء / هذا دعاء المفلحين دعائي
عبرت عن أحرار مصر بغربتي / ولرب ناء كان غير النائي
وجعلت تبريكي مشاطرة لها / بعواطفي ومدامعي ورجائي
في فرحة النيل هلّل مثلنا / لسنائها واختصّها بوفاء
أوفى وحوض النيل أصبح كله / حرا ففاض بحبه المعطاء
الحسن في نظراته كالحصب في / خطراته كالوحي للشعراء
مرت عهود الحاكمين بأمرهم / واليوم بعث الحق والشهداء
من لم يصدقني فذلك حوله / جمّمن الآيات والالاء
الشعب مجدها وهذا جيشه / قد حاطها بمناعة وعلاء
أنى نظرت ترى مواكب نسقت / للحب بين ترنم وضياء
وترى النخيل على السماء زواهيا / فالنيل فاق جمال كل سماء
تتألق الآمال فوق نضاره / كتألق الأحلام في الصحراء
وترى جموع الفالحين تعرفوا / أقدارهم فغدوا من الأمراء
الفأس في يد كل فرد ماثل / كالصولجان وشامخ للرائي
يا ليتني في مصر ألثم تربها / كالنيل يلثم شطها بولاء
حتى أجدد من غنى إكسيره / عمري وأرشف نعمتي وروائي
فرحان كالطفل الصغير تجمعت / كل الكنوز لصفوه في الماء
لم لا وللنيروز روعة ساحر / قد جال بين عواطف ومرائي
أبناء مصر المخلصين تسابقوا / لأبيكمو المعتزّ بالأبناء
وخذوا هدية عيده ما نلتمو / من نصفة وتحرر وإخاء
حتى يباركها مباركة الهدى / فتزيد بين سماحة ونقاء
وتصير كالنيل العزيز أبيكمو / قدسا تنزّه عن هوى ورياء
العيد هذا عيد مصر بأسرها / لا عيد طائفة ولا أهواء
غنى به الفلاح مثل زروعه / ودموعه في الحقل والأنداء
يا ليت لي في كل عام وقفة / كالحج بينكمو وليت ثوائي
حتى أنافس كل حر مولع / بالنيل مبتدعا فنون غنائي
وألقن الأحفاد ما لقنته / من قبل من سر لفرط إبائي
لا يعرف الأحرار إلا مسهم / في التضحيات وقانع بعناء
فلتحي يا وطني الأصيل منعما / بتتابع الأعياد كالأضواء
ولتحي جمهورية أحرزتها / كالبعث بعد تبدد وفناء
ترقى الشعوب على سواعد أهلها / وتهون تحت سنابك الدخلاء
كاد الخريف يموت مثل مماتي
كاد الخريف يموت مثل مماتي / بتساقط الأوراق والآهات
إني أخوه بمهجتي وبلوعتي / زفراته تشتق من زفراتي
إن أرثه فبنظمه وبنثره / أو أبكه فلقد بكيت حياتي
لم يدره من أولعوا ببهارج / للصيف يمرح كالمليك العاتي
إن عد نسل الصيف لم يعلق به / عيب الإباحي الحقير الذات
عرف التنسك منذ يوم ولادة / فكأنه صور لوحي صلاتي
واستقبل الإعصار غير مروع / وهو الصريع الشيخ بين جناة
تخذ الكفاح إلى النهاية مبدأ / وأبى خنوع الموت عند ممات
إن كنت أشبهه فتلك حميتي / رغم السقام وصفرة الأموات
علل على علل أنوء برزئها / وأظل أسخر بالشتاء الآتي
إن كان في دمع الخريف مدامعي / أو كان في أناته أناتي
فوراءها أنف لكل دنية / ولئن هطلن وصحن مجنونات
ولئن نأت عنه الحرارة ما نأى / دفء تحجب في نهى الذرات
والموت من صور الحياة ولغزه / لغز الوجود وآية الآيات
إن تنأ يا خلي فلست براحل / ما دمت تحيا في نهاي وذاتي
هشت لي الأغصان وهي جريمة / وتطلعت لخطاي في الغابات
فكأنما أنا من يمد جذورها / بشعوره فتعز دون حماة
جرداء كالفن المجرد فهمها / قد دق في كنه وجل سمات
إلا على ند يبادلها الهوى / فلغاتها موصولة بلغاتي
سكتت أهازيج الجنادب واكتفت / بخطايَ فوق العشب مستمعات
والنحل تأوي للقفير هنيئة / حتى كأن الشهد في نظراتي
للّه كم خلق التجاوب صحبة / حتى مع الأشجار والحشرات
نعم الرصاص جزاء خادم شعبه
نعم الرصاص جزاء خادم شعبه / ما دام يوقظ من ونوا عن دأبه
أحسين سابقك الحسين مماته / هو قدوة الأبطال لو شغلوا به
الفاطمي غذيت أنت بنبله / والألمعي شغفت أنت بحبه
ما كان خطب فيك إلا خطبه / طهران ساوت كربلا في كربه
قتلوك رميا بالرصاص ولو دروا / نثروا عليك الورد نثر محبه
يا ابن الشهيد أو الحفيد لمجده / طوباك هذا الشاه شاه برعبه
الشاة أكرم منه في نفع لها / وهي الضحية وهو ذلة شعبه
عصر الملوك مضى بكل عيوبه / فعلام نبقي من يتيه يعيبه
هي فترة ستمرّ يخصب مصلحا / دمك الزكي قوى تحن لخصبه
فتثور كالسيل العرمرم صاخبا / متمردا لا ينتهي لمصبّه
حتى تصاب به ديار جمة / يتبختر الطاغوت ثمّ بخبّه
فيطهر الأرض التي دنست به / وبحزبه وبنهبه وبسلبه
كم في ربوع الشرق من متجبر / ذخرت له الأيام طعنة قلبه
ما ضاع عمرك في تجاربه سدى / يوم الفداء ولا انتهى من رأبه
هيهات ليس الرأي وهما فانيا / حتى ولو حرقوا بعالم كتبه
الرأي أخلد من خلود زعيمه / والرأي أعظم من عظائم ربه
هيهات ما الحرية الشماء ما / يمحى وإن يطغ الغشوم بحربه
يمضي ولا يمضي الشهيد لحبها / بل يستعاد لقتله أو صلبه
هي أم هذي الأرض فاشرب نخبها / أنى هتفنا للشهيد ونخبه
بشراك هذا العم عي
بشراك هذا العم عي / سى صار فينا العم سام
أنظر إلى عثنونه / فلقد تزايد واستقام
قد كان في حزم الشيو / خ فصار في زهو الغلام
من ذا يطاوله وه / ذي الناطحات له تقام
اليوم يملك كل شيء / حوله ملك الهيام
في موطن حر به / الأحرار خدام السلام
لا عيب فيه سوى سما / حته التي تغري اللئام
فيه المساواة العمي / مة ملة وله ذمام
فرص النهوض تكافأت / فيه كذرات الغمام
لا بدع إن جذب النجو / م إله واعتنق الدوام
واليوم يغنم فضل عي / سى الشامخ الحر الهمام
كم موقف للحق نذ / كره له عاما فعام
كم من نصائح بثها / كالنور يخترق الظلام
فتناوبوا أنخابه / بالحب لا وهج المدام
إن الكؤوس من الولا / ء أحب من راح وجام
اليوم يوم الصفو نغ / نمه وما الصفو حرام
متضاحكين مهللين / يهزّ نشوتنا الزحام
ولربما أصى النيا / م فلم يعد فينا نيام
أنا بينكم مهما نأي / ت إذا استبد بي السقام
شعري نظيري بل أعز / نهاي في شعري أقام
فتقبّلوه برغم عج / زي أيها الصحب الكرام
واستلهموا من شهرزاد / الحب قبل غنى الطعام
فاليوم عيسى كالرشيد / وحقّه حقّ الغرام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025