المجموع : 49
دُول المَمالك طَأطَأت لَكَ هامَها
دُول المَمالك طَأطَأت لَكَ هامَها / قَدها فَقَد أَلقَت إِلَيك زِمامها
نَظرت مَداك فَقصرت مِن خطوها / وَرَأَت لِواك فَنكست أَعلامها
فَأهنأ رَئيس المُسلمين بِرُتبة / شَرف المُلوك إِذا مَشوا خدامها
أَمنت شَريعة أَحمَد درك العِدى / لَما رَأَتك إِمامها وَأَمامها
أَرسى قَواعدها النَبي محمد / وخلقت أَنت لَها فَكُنت دعامها
لَولاك ما ثَبتت قواعدها وَلا / نظر الأَنام حَلالَها وَحَرامَها
فاصدع بِأَمر اللَه أَنتَ وَليها / فَاللَه قَلد راحتيك حسامها
فَبكم بَني عُثمان سَنة أَحمد / ضَربت عَلى هام الضراح خيامَها
آباؤك الصيد الغطارف معشر / كانوا إِذا عدَّ المُلوك كِرامها
فَكَأنَّ دارك كَعبة قَد أَكثَرَت / فيها المُلوك طَوافها وَسلامها
تَأَتيك محرمة وَأَعظم فَخرها / إِن أَيقنت بِكَ قابلا إحرامها
وَبِأَمرك الدول الأباعد إذعَنَت / وَطَوت لَهُ قانونَها وَنِظامَها
ولَها الحَمام إِذا اِنثَنَت عَن طاعة / أَني وَهَل تَهوى النُفوس حمامها
وتؤم حضرتك الشَريفة وَفدَها / زمراً فتكثر في حِماك زحامها
أَنتَ العِماد لَها فَلا عَجب إِذا / سَأَلت يَديك شَرابَها وَطَعامَها
فَرَجاء سَيبك يَممتك منيبة / وَحذار سَيفك أَظهَرَت إِسلامَها
بُشراك قَد زَهَت العِراق بِعاصم / إِذا كانَ عَن درك الخطوب عصامها
قَد ثقفت بحاسمه فَكأنَّها / كانَت قَناً معوجة فاقامها
نَظرة العتاة بِها فاوردها الرَدى / وَرَأى العفاة بِها فاخضب عامَها
إِن كانَ في دار السَلام مَحله / فَالعَين حَيث رمت تَراه أَمامَها
ملأ العُيون مَخافة وَغَفَت بِهِ / أَمناَ فاقلق نَومَها وَأَنامها
كف بِها يَسطو بِأَمرك لَم نَخل / أَحَداً مِن الدُنيا يَقوم مَقامَها
وَاسمع رَئيس المُسلمين رِسالة / بِبضاعة عزت عَلى مَن سامَها
فَنَدى يَمينك قَد سَقى أَهلى الحِمى / عَذباً يبل مِن الصُدور أَوامَها
كان الغَري وَأَهله في حالة / تَشكو عن الماء القراح صيامها
لَم يَنهَلوا مِن مَورد إِلّا إِذا / سَكبت بِحيهم الغَيوث رهامها
وَعَلى البعاد أَغثتهم وَاتيتهم / بِالماء يَعلو سَهلَها وَأَكامها
فَلَكُم وَكَم سَعَت المُلوك وَاتعبت / بِجداول قَد حيرت أَوهامَها
فَجرت وَما دامَت لَنا وَاليَوم قَد / جَعل الآله عَلى يَديك دَوامَها
فَلَّ الزَمان لِهاشمٍ صمصاما
فَلَّ الزَمان لِهاشمٍ صمصاما / بَل جبّ مِنها غارباً وَسَناما
لا غروَ إِن خَضعت لؤيُّ لِغَيرِها / صَرع الزَمانُ عَميدَها المقداما
ذهب الهزبر فَإِن سَطوا فَثعالب / لا يَعرِفون الكرَّ وَالإِقداما
ماذا التَطاول يا لؤيُّ ألا اغمدي / بيض السُيوف وَنَكِّسي الأَعلاما
رَكدت رياحك لا تثير عجاجة / وَخبا زنادك لا يؤجُّ ضَراما
كَم ذا تَرومين المَحال أَبعد ما / أَودى أَبو الهادي تَرين إماما
فَتلفَّتي فَوق البَسيطة بَعده / أَترين لِلشَرع الشَريف دعاما
كان السِراجَ وَكُلُّ عَين نَحوَه / تَعشو فعاد بِهِ الوُجود ظَلاما
هَتف النَعيُّ فَقُلت لَفظة عاتب / وَالقَلبُ ذابَ لَما سَمعت ضَراما
أَغضيت عَنهُ كَأنني لَم أَستَمع / ماذا يَقول وَلا وَعيت كَلاما
ما خلت أَن يَد الزَمان تُصيبني / بِفَتى لَهُ أَلقى الزَمانُ زِماما
يا وَيح هَذا الدَهر أنشب ظفره / بِأَب الأَنام فَأصبحوا أَيتاما
يا راِكباً جرد القوايم قَد غَدا / يَطوي عَليها السَهل وَالآكاما
مازالَ في ثَوب السُرى متسربلاً / قَد عُوِّدَ الإنجاد وَالإِتهاما
عرج لمكةَ إِن في بطحائِها / للهاشميين الكِرام مقاما
وَاستبطن الوادي فَإنك إن تصل / سَتَرى هُناك مَرابعاً وَخِياما
وَإِذا وَجدت عراصهم قَد أَقفَرَت / فَاقرأ عَلى تلك الرُبوع سَلاما
وَاعدل إلى قَبر النَبي محمد / وَانع الهِداية وَاندب الإِسلاما
أَدرى النَبيُّ بِأَن في أَبنائِهِ / مَلِكاً يُضيء جَبينُه الأَياما
عَن فيهِ يَنطق إِن غَدا متكلماً / ويبين مِنهُ شَمائِلاً وَقواما
حامي الشَريعة ما يَزال يَحوطها / وَيُجيل فيها ناظِراً ما ناما
أَندى الكِرام يَداً وَأرفَع مِنهُمُ / قَدراً وَأَفصح منطِقاً وَكَلاما
عرف الموالفُ وَالمخالفُ قَدرَه / فَمَشوا بِطاعة أَمره خُدّاما
عثر الزَمان فَلا لعاً مِن عاثرٍ / وَكَبا عَلى إِيمانهِ لا قاما
أَردى قَبيلة هاشم بكرامها / فَاليوم هاشم لا تَعُدُّ كِراما
كَسفت لعمرك شَمسُها فَتبدلت / لَمعات ذيّاك الشُعاع قتاما
فُجعت بمعقلها الَّذي بِلِسانه / يُردِي الكَميَّ وَيَعقل الضرغاما
آهاً لبهجتنا بِهِ أَو خُلِّدت / وَلطيب عَيشٍ عِنده لَو داما
يُدعَى إِلى الجُلَّى فَيَنهض سَيّداً / لغمار كُلِّ عَظيمة عَوّاما
وَيُزارُ للجدوى فَيبسط راحةً / كَالغَيث يَخصب في نَداها العاما
وَيؤمُّ وَفدُ العلم بابَ جَلاله / فَيفيدها الأَسرار وَالأحكاما
زعم الحَواسدُ لا يُرى مِن بَعده / مَن يَكفل العافين وَالأَيتاما
هَيهات لا يُطفَى وَإِن جهد العِدى / نورٌ أَراد اللَه فيهِ تَماما
هَذا محمد قَد أَضاءَ بِأفقه / بَدراً وَجَلَّى في الكَمال إماما
وَلَقد جَرى هوَ وَالحسين لِغاية / قُدسية بَعُدت عَلى مَن راما
رضعا بِثديٍ واحدٍ فتوحدت / رُوحاهما وَتَعددت أَجساما
وَكذا ابنه الهادي اِرتَدى بِجَماله / كَرَماً وَفي أَعبائِهِ قَد قاما
كَأَبيه يَرفد مَن أَتى مسترفداً / وَيشد عَزمة مَن أَتاه مُضاما
أَمحمد صَبراً لِوقع رزيةٍ / مَلأت قُلوبَ المُسلمين ضراما
لا تَجزَعوا فَالأَرضُ قَد شهدت لَكُم / في أَنَّكُم كَجبالها أَحلاما
وَلأَنت موئلنا الَّذي نَأوي لَهُ / فَتَكُون عَن درك الخَطوب عصاما
آباؤك العرب الجحاجحة الأُلَى / بِسيوفهم قَد أَحكَموا الإِسلاما
ما دنستها الجاهلية في أَذى / كَلا وَلا عَبدوا بِها الأَصناما
وَلَقد زَكوا وَالعرْب في أَهوائِها / تَتقاسم الأَنصاب وَالأَزلاما
ياسادة الشُرَفاء دُونَكُمُ الَّتي / شَرفت فَطابَت مبدءاً وَختاما
وَجه الصَباح عليَّ لَيلٌ مُظلمُ
وَجه الصَباح عليَّ لَيلٌ مُظلمُ / وَربيع أَيامي عَليَّ محرَّمُ
وَاللَيل يَشهد لي بِأَني ساهر / مُذ طابَ لِلناس الرقادُ وَهوّموا
بي قَرحةٌ لَو أَنَّها بيَلملمٍ / نَسفت جَوانبه وَساخَ يَلملم
قَلقاً تَقلِّبني الهُموم بمضجعي / وَيَغور فكري في الزَمان وَيُتهم
مَن لي بِيَومِ وَغىً يَشب ضَرامه / وَيَشيب فودُ الطفل مِنهُ فَيَهرم
يُلقِي العجاجُ بِهِ الجرانَ كَأَنَّهُ / لَيلٌ وَأَطرافُ الأَسنة أَنجم
فَعَسى أَنال مِن الترات مَواضياً / تُسدي عَليهن الدُهورُ وَتُلحِم
أَو مَوتة بَينَ الصُفوف أُحبُّها / هِيَ دين معشريَ الَّذينَ تقدموا
ما خلت أن الدَهر مِن عاداته / تَروى الكِلابُ بِهِ وَيَظمى الضَيغم
مثل اِبن فاطمةٍ يَبيت مُشَرّداً / وَيَزيدُ في لَذاته متنعِّم
يَرقى مَنابرَ أَحمَدٍ مُتأمراً / في المُسلمين وَلَيسَ يُنكرُ مُسلم
وَيَضيِّق الدُنيا عَلى اِبن محمدٍ / حَتّى تَقاذفه الفَضاء الأَعظَم
خَرج الحُسينُ مِن المَدينة خائِفاً / كَخُروج مُوسى خائِفاً يَتكتَّم
وَقَد اِنجَلى عَن مَكة وَهوَ اِبنُها / وَبَهِ تَشرَّفت الحَطيمُ وَزَمزَم
لَم يَدر أَينَ يريح بُدنَ ركابه / فَكأنَّما المَأوى عَلَيهِ محرَّم
فَمشت تؤمُّ بِهِ العِراقَ نَجائبٌ / مثل النَعام بِهِ تَخبُّ وَترسم
متعطفاتٍ كَالقسيِّ مَوائِلاً / وَإِذا اِرتَمَت فَكأنما هِيَ أَسهم
حفته خَيرُ عصابةٍ مضريةٍ / كَالبَدر حينَ تَحف فيهِ الأَنجُم
ركبٌ حجازيون بَينَ رحالهم / تَسري المنايا أنجدوا أَو أتهموا
يَحدون في هزج التلاوة عيسَهم / وَالكُلُّ في تَسبيحه يَترنَّم
متقلدين صَوارماً هنديةً / مِن عَزمهم طُبعت فَلَيسَ تَكهَّم
بيض الصفاح كَأَنَّهن صَحائفٌ / فيها الحِمام مُعنونٌ وَمُترجَم
إِن أَبرقت رَعدت فَرائصُ كُلِّ ذي / باسٍ وَأَمطَر مِن جَوانبها الدَم
وَيَقوّمون عَوالياً خطيةً / تَتَقاعد الأَبطال حينَ تُقوَّم
أَطرافها حمرٌ تزان بِها كَما / قَد زانَ بِالكَف الخَضيبةِ معصم
إِن هَزَّ كُلٌّ مِنهُمُ يَزنيَّهُ / بيديه ساب كَما يَسيب الأَرقَم
وَلَصبرُ أَيوب الَّذي ادَّرَعوا بِهِ / مِن نَسج داودٍ أَشَدُّ وَأَحكَم
نَزَلوا بِحومة كَربلا فَتطلَّبت / مِنهُم عَوائدَها الطُيورُ الحُوَّم
وَتباشر الوَحشُ المثارُ أَمامهم / أن سوف يَكثر شربُه وَالمطعم
طَمعت أُميةُ حينَ قلَّ عَديدُهم / لِطليقهم في الفَتح أن يَستسلِموا
وَرَجوا مذلَّتهم فَقُلن رِماحهم / مِن دُون ذَلِكَ أَن تُنال الأَنجُم
حَتّى إِذا اِشتَبك النِزالُ وَصرَّحت / صيدُ الرِجال بِما تجنُّ وَتَكتم
وَقع العذابُ عَلى جُيوش أُميةٍ / مِن باسلٍ هوَ في الوقايع مَعلَم
ما راعَهُم إِلّا تَقحُّمُ ضَيغمٍ / غيران يَعجم لَفظه وَيدمدم
عبست وُجوه القَوم خَوف المَوت وَال / عَباسُ فيهم ضاحكٌ متبسم
قَلب اليَمين عَلى الشَمال وَغاص في ال / لأوساط يَحصد في الرُؤوس وَيَحطم
وَثَنا أَبو الفَضل الفَوارس نُكَّصاً / فَرَأوا أَشدَّ ثَباتهم أَن يُهزَموا
ما كرَّ ذو بَأس لَهُ متقدِّماً / إِلا وَفَرَّ وَرَأسُهُ المتقدِّم
صبغ الخُيولَ برمحه حَتّى غَدا / سيان أَشقَر لَونها وَالأَدهم
ما شد غضَباناً عَلى مَلمومةٍ / إِلا وَحلَّ بِها البَلاء المُبرم
وَلَهُ إلى الإِقدام سُرعةُ هاربٍ / فَكأنَّما هوَ بِالتقدُّم يَسلم
بَطل تَورَّثَ مِن أَبيه شَجاعةً / فيها أُنوف بَني الضَلالة ترغم
يَلقى السِلاح بِشدة مِن بأسه / فَالبيض تُثلَمُ وَالرِماح تُحَطَّم
عرف المَواعظَ لا تُفيد بمعشرٍ / صَمّوا عَن النَبأ العَظيم كَما عَموا
فَاِنصاعَ يَخطبُ بِالجَماجم وَالكلا / فَالسَيف يَنثر وَالمثقَّف ينظم
أَو تَشتَكي العَطشَ الفَواطمُ عِندَه / وَبصدر صعدته الفراتُ المُفعم
لَو سَدُّ ذي القرنين دُون وَرودِه / نَسَفته همَّتُه بِما هوَ أَعظَم
وَلو اِستَقى نَهر المَجرة لارتقى / وَطَويل ذابله إِلَيها سلَّم
حامي الظَعينة أَين مِنهُ رَبيعةٌ / أَم أَين مِن عَليا أَبيهِ مكدم
في كَفِّهِ اليُسرى السَقاء يقلُّهُ / وَبِكَفِّهِ اليُمنى الحسام المخذم
مثل السَحابة لِلفَواطم صَوبُه / وَيَصيب حاصبُه العَدوَّ فَيُرجَم
بَطلٌ إِذا رَكب المطهمَ خلتَه / جَبلاً أَشمَّ يَخفُّ فيهِ مطهَّم
قَسماً بِصارمه الصَقيل وَإِنَّني / في غَير صاعقة السَما لا أقسم
لَولا القَضا لَمحى الوُجود بِسَيفه / وَاللَه يَقضي ما يَشاءُ وَيحكم
حَسمت يَديهِ المرهفاتِ وَإِنَّهُ / وَحسامَهُ مِن حدهنَّ لَأَحسم
فَغَدا يَهمُّ بِأَن يَصول فَلَم يطق / كاللَيث إِذ أظفاره تَتقلَّم
أَمن الرَدى مَن كانَ يَحذر بَطشَهُ / أَمْنَ البُغاثِ إِذا أُصيبَ القشعم
وَهوى بِجَنبِ العلقميِّ فَلَيتَه / لِلشاربين بِهِ يُدافُ العلقم
فَمَشى لمصرعه الحسين وَطَرفُه / بَينَ الخِيام وَبَينه متقسِّم
ألفاه مَحجوب الجَمال كَأَنَّهُ / بَدرٌ بِمنحطمِ الوَشيج مُلَثَّم
فَأكبَّ محنيّاً عَلَيهِ وَدَمعُهُ / صبغ البَسيطَ كَأَنَّما هوَ عَندم
قَد رامَ يَلثمُهُ فَلم يَرَ موضعاً / لَم يَدمِه عَضُّ السِلاح فَيَلثَم
نادى وَقَد مَلأ البَوادي صَيحةً / صمُّ الصُخور لِهَولِها تَتَأَلَّم
أَأُخيَّ يَهنيك النَعيم وَلَم أَخل / تَرضى بِأَن أَرزى وَأَنتَ منعَّم
أَأُخيَّ مَن يَحمي بَنات محمد / إِن صُرنَ يَسترحمنَ مَن لا يَرحَم
ما خلت بُعدَك يَستَسرُّ سَواعدي / وَيَكفُّ باصِرَتي وَظهري يقصم
لِسواك يُلطم بِالأَكُفِّ وَهَذِهِ / بيضُ الظُبا لك في جَبيني تلطم
ما بَينَ مصرعك الفَظيع وَمَصرعي / إلا كَما أَدعوك قَبلُ وَتنعم
هذا حسامك من يَذب بِهِ العِدى / وَلِواك هذا مَن بِهِ يَتقدَّم
هوَّنت يا اِبن أَبي مصارعَ فتيتي / وَالجَرح يُسكِنُهُ الَّذي هُوَ أَأْلَم
يا مالِكاً صَدر الشَريعة إِنَّني / لِقليل عُمري في بُكاكَ مُتَمِّم
ما بال عَينك لا تملُّ هيامَها
ما بال عَينك لا تملُّ هيامَها / وَعصت بِمبرح وَجدِها لُوّامَها
سَمحت عُيونك بِالدُموع صَبابةً / وَأَبت لَيالي أَن تذوق منامها
هَل كانَ وَجدك لِلشَبيبة إِذ مَضت / وَطَوى الزَمان بِحكمه أَيامَها
أَم هَل أَردت طُروق مَن قَد حجّبت / فَزحرت نَفسك خائِفاً نمّامها
يا خالياً مِما أُكابدُ مِن جَوىً / دَع لا دَهيت حَشاشَتي وَضرامها
ما كانَ شَيمتي الغَرام وَإِنَّني / فَارقت أَيام الصِبا وَغَرامها
لَكن ذكرت مِن الفَواطم عصبةً / ضَربت بِأَرجاء الطُفوف خِيامَها
أَمست مُطاولة السَماء لِأَنَّهُم / عَقدوا عَلى هام المَجرة هامَها
فَأبادها الدَهر الخؤون وَإِنَّما / شان اللَيالي أَن تَبيدَ كرامها
قَتلت أميةٌ سادةً في حبِّهم / اللَهُ يَغفر لِلوَرى آثامَها
يا راكِباً جردَ القَوائم قَد غَدا / يَطوي الفَيافي سَهلَها وَأَكامَها
بِاللَه عج بي لِلبَقيع وَخُذ إِلى / حَيث الأمون غَدَت تدير زِمامَها
وَلَعَلها لاقَت مِن الوَجد الَّذي / لاقيتُهُ فأضامني وَأَضامها
سر لا تَقل فيها الظَهيرة وَاعتسف / عجلان مِن سُود الإهاب ظلامها
وَاصرخ بِأَكناف المَدينة صَرخةً / تُصغي لُوَيّاً كَهلَها وَغلامها
لا فَخر حَتّى تُطلقوها شُزَّباً / ما طاوَعت لِسوى النِزال لِجامها
أَيضيع وَترُكُمُ وَتلك جِيادُكُم / ملَّت عَلى حسن الثواء مقامَها
هبُّوا بِها لا خَير في إِصلاحَها / إِن لَم تَطأ جثث العداة وَهامَها
جُرداً تَقل إِلى الكَريهة عَثيراً / يُدني إِلى جَوِّ السَماء قتامها
أَتَنام عَينُكُمُ وَتلكَ سراتكم / جَعلت أُميةُ في الصَعيد مَنامَها
وَيَطيب عَيشكمُ وَتِلكَ أُميةٌ / قَد لَطخت بِدَم الحسين حسامها
ماذا القُعود وفي الطُفوف رجالكم / رَضَّت خُيولُ أميةٍ أَجسامَها
وَالشَمس تَصهر أَوجهاً لِغطارفٍ / كانوا إِذا عُدَّ الرِجال كرامها
فَكَأَنَّها حَسدت أَشعةَ نُورها / زَمَن الحَياة فَأرمضت أَجرامَها
وَأمضُّ ما يشجي الغَيور نِساؤُكُم / هَتفت وَقَد طرق العَدوُّ خِيامَها
في فِتية حَرّى القُلوب تَجامَلَت / فَقَضَت وَما بَل المعينُ أَوامها
أَو مثل زَينب وَالسُيوف لَها حِمى / تَبدو فيُنسيها الذعور لِثامها
لَم تَحم إِلّا أَنَّها هَتفت بِكم / لَما رأت فَوقَ الثَرى أَقوامَها
وَتكلمت لَكن كَلام مُضاعةٍ / وَا حزنكم لَو تَسمعون كَلامَها
حَسرى تَلفَّتُ تارةً لِحُماتِها / وَجداً وَتَرعى تارةً أَيتامَها
شاهَت نَواظرها فَحَيث تَلفَّتت / رَأَت الخَطوب وَراءَها وَأَمامها
نظرَت بعينَيْ شادنٍ ظمآنِ
نظرَت بعينَيْ شادنٍ ظمآنِ / ظمياء بالتلعات من نعمانِ
وَشَدا بِذاك الربع جَرس حليها / فَتمايلت طَرباً غُصون البان
الحُب يا ظميا عَناءٌ أَولٌ / وَالعَذل فيهِ هوَ العَناء الثاني
لَو كانَ غَيرك ما تملك مقودي / كلا وَلا ألوى بِفضل عناني
حاولت كتمان الهَوى فوشت بِهِ / في سرّ قَلبي أَدمُع الأَجفان
فَلأرحلَنَّ العيس للهادي الَّذي / بِحِماه مِن جَور الزَمان أماني
طَلب الرِهان مِن الكِرام فَسَلَّموا / بِالسَبق لِلهادي بِغَير رِهانِ
فَلأضربَنَّ بِهِ الزَمان كَأَنَّني / لاقَيت ساعده بِحَدِّ يَماني
غاليت في مَدح السَحابة إن أَقل / هِيَ في النَدى وَيَمينُه سيان
إِنسانُ عَين الدَهر أَنتَ وَلا أَرى / لِلعَين مكرمةً بِلا إِنسان
مِن آل جَعفرٍ الَّذينَ بُيوتُهم / قاصي الأَنام يؤمُّها وَالداني
وَإِذا أَبو الهادي اِعتصمت بِهِ فَقَد / أَمسيت مِنهُ بضفتي ثَهلان
هوَ بَحر علم كَفُّه بَحر النَدى / فَجَرى الرَجا حَيث التقى البَحران
ما زالَ يَنظم بِالعلوم قَلائِداً / فَكأنهن قَلائدُ العقيان
أَرسى وَأَرجح حلمه من يذبلٍ / لَو يوضعان بِكَفتي مِيزان
خَضع الزَمان لَهُ وَكانَ بِجيده / مِن جُوده طوقٌ مِنَ الإِحسان
يا أَيُّها المَولى الَّذي بِعَلائه ال / مَوروث قَد أَربى عَلى كيوان
هَيهات مالك مِن قَرين في العُلى / فَأَقول فُقت بِها عَلى الأَقران
شتان بين محمدٍ وَمحمدٍ
شتان بين محمدٍ وَمحمدٍ / ذا طباطبائيٌّ وَذا قزويني
أَنا أَعرف الرَجُلَ المهذَّب مِنهُما / بِاللَه لا تَسأل عَن التَعيين
كَم يا هلالَ محرَّمٍ تَشجينا
كَم يا هلالَ محرَّمٍ تَشجينا / ما زالَ قَوسك نبلُه يَرمينا
ما أَنتَ إِلّا خَنجرٌ بِيد الرَدى / بِالدين يوغل حَدَّك المَسنونا
وَلَقَد جَنيت ثِمار صُنعك مَرة / لَما رَأَيتك تشبه العَرجونا
فَلتجرين بلجِّ أُفقك زَورَقاً / لَكن أَراك مِن البلا مَشحونا
بَل أَنتَ صعدة جاير مَثنية / مِما تَشلُّ بِنصلها المَطعونا
لَو كُنت في كَف الغَضنفر مخلباً / لَغَدا بلحم الطائرات بِطينا
أَشبَهت نُونَ الخَطِّ لَكن أَبيَضاً / كَي تَمحونَّ مِن السَواد عُيونا
أَطلعت كَي تَجلو اللَيالي الجُون فَل / تقرب فَما أَبهى اللَيالي الجونا
كلحت برؤيتك العُيونُ جَميعُها / لَو كُنت طَيراً لَم تَكُن مَيمونا
قَد قدرتك يَدُ الإِلَه مَنازِلاً / يا لَيت بُرجَك لَم يَكُن مَسكونا
تَأتي بشهرك كُلُّ بكرِ مصيبةٍ / تَدَع المَصائب في سِواه عونا
فَبفلكك العالي نَعُدُّك أَشيَباً / وَتُعَدُّ في قُرب الولود جَنينا
أَكفف سهامك يا زَمان عَن الوَرى / فَلَقَد صَرعت كَما اشتهيت الدِينا
لَو تَتركنَّ لَنا الإمام أَبا الرضا / لَتركت للشرعِ الشَريف أَمينا
وَأمضُّ في أَحشائنا مِن فقدِهِ / أنّا وَقَد عزم الرَحيل بَقينا
ما جفَّت الأَقلام مِن أَطرائه / حَتّى خَططن لِمَوته التَأبينا
سبط لجعفر حاطَ ملة جعفر / وَأعزها وَأَبى عليها الهونا
هوَ بضعةٌ مِن جَعفرٍ وَهوَ ابنه / وَبِهِ نَخطِّي مَن يَقول بَنونا
وَلجدّه كشف الغطاء وَإِن يَكُن / ما زادَ في كَشف الغِطاء يَقينا
أَضحى دَفيناً في التُراب وَبَعده / كابدت داءً في حشاي دَفينا
فَلأَبكينَّ لِفَقده متمنِّياً / كُلَّ الجَوارح أَن تَكون جُفونا
وَلأرَوينَّ حَشا الثَرى بِمَدامعي / لِيقال إِنَّ مِن العُيون عُيونا
لا يَمنع الماعون مِن أَفضاله / فُقدانه مَن يَمنع الماعونا
يَسهو عن الدُنيا بذكر صِلاته / وَالناس عَن صَلواتهم ساهونا
يُلقي عَلى المحراب نُور إمامة / إِن قابل المحراب مِنهُ جَبينا
هُم مَعشرٌ نَهَضوا بِدين محمدٍ / في أَصبهان وَأتلفوا القانونا
وَالمقتفي القانون في أَحكامه / أَولى بِهِ إِن لَم يَكُن مَختونا
هَدروا دمَ القَوم الَّذينَ تَزندَقوا / وَدمُ الزَنادق لَم يَكُن مَحقونا
لَو أَن بابيّاً تَعلق بِالسُهى / لِلأَمن مِنهُم لَم يَكُن مَأمونا
وَلو اَنَّهُ مِن خلف سَبعةِ أَبحُرٍ / رَكبوا لَهُ نَصرَ الإِله سَفينا
لا أَسخطنَّ مِن الزَمان لِفعله / وَأَرى الرضا بِعُلَى أَبيهِ قَمينا
مَولىً تحمَّل علمَ أَهل البَيت بال / إلهام لا كسباً وَلا تَلقينا
يرنو المَغيَّب في فَراسة مؤمنٍ / فَبحدسه تَجد الظُنون يَقينا
سَبط اليَمين فَلو رَأَتها ديمة / حلفت وَقالَت ما وَصلت يَمينا
وَلأنشدتها إِذ يمزقها الهَوى / ماذا لَقيت مِن الهَوى وَلَقينا
وَإِذا نَظرت لِحُسنه وَوَقاره / فَلَقَد رَأَيت البَدر وَالراهونا
لَو تَنظُر الحرباء لَيلاً وَجهه / لَتلونت فَرحاً بِهِ تَلوينا
خُذها كطَبعك فَهيَ تَقطر رقةً / وَتَسيل مثل نَدى يَديك مَعينا
لَو كانَ في الشعراء مثلي سابق / لَتركته بادي العثار حرونا
كُل المَصائب قَد تَهون سِوى الَّتي / تَركت فُؤاد محمد مَحزونا
يَوم بِهِ اِزدلفت طغاةُ أُميةٍ / كَي تَشفينَّ مِن الحسين ضغونا
نادى ألا هَل مِن معين فَلَم يَجد / إِلا المحددَّةَ الرقاق مُعينا
فَبقي عَلى وَجه الصَعيد مَجرداً / ما نالَ تَغسيلاً وَلا تَكفينا
وَسروا بِنسوته عَلى عجف المَطا / تَطوي سُهولاً بِالفَلا وَحزونا
أَو مثل زَينب وَهيَ بنت محمد / بَرزت تَخاطب شامتاً مَلعونا
وَغَدا قبالتها يَقلِّب مبسماً / كانَ النَبي برشفه مَفتونا
نَثرت عَقيق دَموعها لَما غَدا / بِعَصاه يَنكت لؤلؤاً مَكنونا
أَنا في احتصارٍ مِن هُمومي فَأَتني
أَنا في احتصارٍ مِن هُمومي فَأَتني / يا صاحِبي بِالتُتْنِ كُل أَوانِ
لا تَتلونَّ النازِعات عليَّ بَل / أَكثر عليّ بِسُورة الدُخّان
أمحمد ألَّفت خَير صحيفة
أمحمد ألَّفت خَير صحيفة / أَحكمت في تأسيسها الإِيمانا
حق لشيعة أحمد أَن يرغموا / فيها العَدوَّ وَيدحضوا الشَيطانا
أَظهرت بَعد الياس حجتَهم لَهُم / فَكأنهم قَد شاهدوه عَيانا
قرآننا هذا وَأَنتَ محمدٌ / إي وَالَّذي قَد أَنزَل الفرقانا