المجموع : 48
يا قلبُ هل لك في السُّلُوِّ
يا قلبُ هل لك في السُّلُوِّ / فَقَد أراعَك مَنْ تحبُّ
وجفاك من نهوى فلا / منه إليك اليوم قربُ
ظَعَنَ الذين هَوَيْتَهم / وَحَدَتْ بهم نجبٌ ونجبُ
وتنافَرَتْ تلك الظِّباء / وريع منها ويك سرب
ساروا بصبرك حيث شاؤوا / فَقَد أراعَك من تحبُّ
فالقلبُ صَبٌّ في هواهم / مغرمٌ والدَّمع صَبُّ
طرفي بدمعي لا يجفُّ / ولا زفيرُ الوجد يخبو
يا طرفُ نَهْنِهْ من دُموعك / بعدهم فالوَجْدُ حَسب
فارَقْتُهم وتفرّق الأَحبا / ب بعد الجمع صعب
وذكرتُهم فكأنَّما / نارٌ بأحشائي تشبُّ
يا ليتَ قَومي يَعْلَمون / بما أُصابُ وما أَصُبُّ
أو إنَّهم رجعوا إليَّ / وضَمَّنا يا سعد شعبُ
ويلاه من هذا الزَّمان / فكم دهاني منه خطب
في كلّ يومٌ تُسْتَفاضُ / مدامعٌ ويُراعُ قلبُ
وللوعتي وتجلُّدي / في الحبّ إيجاب وسلبُ
لا موردي صَافي النّمير / ولا مذاق العيش عذب
وأُعاتِبُ الدَّهرَ المِشُتَّ / وهَلْ يفيد الدَّهر عتب
والذَّنبُ للأَحبابِ إذ / رَحَلوا وما للبَيْن ذَنْبُ
أتخيَّلُ المعنى البديعَ وأجتلي
أتخيَّلُ المعنى البديعَ وأجتلي / ما راقَ من كَلِمٍ ومن معنًى جلي
فلذاك إذ سَبق الوجيه تأمُّلي / حسن اطّرادِ جيادِ خَيْلِ تخيُّلي
في غور إطراءٍ عديم تناهي /
أبدعْتُ في مدحي وأعلى من مَدَحْ / دوني وكنت لكالزناد إذا قَدَحْ
وأتيتُ من فكري بهاتيك المُلَحْ / لأبي الثنا المولى شهاب الدِّين مَحْ
مودٍ أبي الباقي ابنِ عبد الله /
بُشرى بمولد نجلِكُم من مَوْلِدِ
بُشرى بمولد نجلِكُم من مَوْلِدِ / من صُلْب أكرمِ ماجدٍ ومُمَجَّدِ
كالسيف أصْلِتَ نصلُه من غمده / فبدا نظيرَ الكوكب المتوقد
يحيي مناقَب من مَضى من أهلِهِ / من ناصرٍ حزب العلى ومؤيّد
العاطسين بأنف كلّ أبيّة / والمرعفين بها أُنوف الحُسَّد
والباسطين على العُفاة أيادياً / كم من يدٍ بيضاء تولى من يد
لا تنكرُ الأعداءُ معروفاً لهم / بمكارم لأكارمٍ لم تجحد
حَدِّثْ ولا حرجٌ عليك بذكرهم / وأعِدْ حديثَك ما استطعت وردّد
فليهنكم ولدٌ بدا في وجهه / سيماء سَعْدٍ في الزمان الأسعد
فالله يحفظه ويرفع قدره / ويديمه في طيب عيش أرغد
سُرَّتْ به النجباء وافتخرت به / لا زال في فخر عظيم السؤدد
قد جاءَ تاريخي وَقَرَّ عيونهم / بالناصر بن القاسم بن محمد
يا قدوةَ العُلماء يا من عِلْمُه
يا قدوةَ العُلماء يا من عِلْمُه / بحرٌ ومنهلٌ فضلِه مَوْرودُ
يهنيك مولانا بمنصبك الَّذي / فازَ الوليَّ به وخاب حسود
فلقد حباك الله بالفضل الَّذي / يسمو على رغم العدى ويسود
في حالَتي عِلْمٍ وبذل مكارم / فعلى كلا الحالين أَنْتَ مفيد
وحَبَتْك ألطاف الوزير علي الرضا / مَن ذكره في الخافقين حميد
ملكٌ فأمَّا حِلْمُه فموقّرٌ / ضافٍ وأمَّا بطشه فشديد
ولاّك إفتاءَ الأنام محبّذا / رأيٌ لعَمري إنَّه لسديد
إنَّ الشريعة فيك لابس تاجها / قرمٌ وحامِلٌ سيفها صنديد
وتنوف في كلّ العلوم فأرِّخوا / نَوَّفْتَ في الإفتاء يا محمود
مولايَ قَد حان الوَداعُ
مولايَ قَد حان الوَداعُ / وقد عزَمْتُ على المَسيرِ
كم زَرْتُ حضرتَك الَّتي / ما زلتُ منها في حبور
ورجَعْتُ عنك بنائلٍ / غمرٍ وبالخير الكثير
والله يعلَمُ أنّني / عن شكر فضلك في قصور
يا مفرَداً في عَصره / بالفضلِ معدوم النظير
يا يوسُفَ البدر الَّذي / يسمو على البدر المنير
ما لي بغيرك حاجةٌ / كغِنى الخطير عن الحقير
وسواك يا مولاي لا / والله يخطر في ضميري
ما كلُّ وَرّاد يفوز / بمورد العذب النمير
لا زلتَ أهلاً للجميل / مَدى الليالي والشهور
قُطْبٌ تدورُ عليه أفلاك الهدى
قُطْبٌ تدورُ عليه أفلاك الهدى / من كانَ يَرتَضِعُ الهدى في مَهْدِه
عرشٌ به عِلْمُ الشريعة ثابتٌ / إذ قام كرسي العلوم بحدّه
وسماءُ عرفانٍ كأنَّ نجومها / طَلَعَتْ علينا من مطالع برده
ظَفِرَتْ يدُ الأيام منه بجوهر / قَد حَيَّر الألباب جوهر فرده
نادته أعلام الأنام وصدقهم / يبدو كما تبدو طوالع سعده
يا سيّداً من حيدرٍ ومحمْدٍ / مَنْ مثلُ والده الإمام وجدّه
جَدَّدْتَ فينا دينَ جدِّك فارتقت / أضواؤه لما قَدَحْتَ بزنده
فَرَويت من أخباره ورَوَيت من / آثاره وخلفتنا من بعده
قد كنتَ في يوم الكساء ضميمةً / مخبوءةً في ظهر أكرم ولده
ما زال يعبق منك نشر عبيره / حتَّى شَمِمْنا منك ريحة نده
الله يَعْلَمُ والأنام شهودُ
الله يَعْلَمُ والأنام شهودُ / أنَّ الَّذي فَقَد الورى لفريدُ
كانَ الإمام به الأئمة تقتدي / فَلَه الهدى ولغيره التقليد
ظلاًّ على الإسلام كانَ وجوده / حتَّى تقلّص ظِلُّه الممدود
فَلِفَقْده في كلِّ قلب لوعة / ولذكره في حمده ترديد
فزوال ذاك الطود بعد ثباته / ينبيك أنَّ الراسيات تبيد
هَيْهات يُرفَعُ للمدارس بعده / عَلَمٌ ويورقُ بالمكارم عود
سِمْط الفضائل والفواضل كلّها / نُثِرَتْ عليه من الدموع عقود
أسدٌ من الآساد يصرعه الرّدى / ومن الرِّجال بهائمٌ وأُسودُ
عجباً لمن ضاق الفضاءُ بعلمه / أنّى حَوَتْهُ من القبور لحود
وإذا الملائك بُشّرت بقدومه / فَعَلام تنتحب الرِّجال الصيد
لا جاز قَبرَك صَوبُ غادته الحيا / تسقي ثراك بصوبها وتزيد
وجُزيت خيراً بعدها عن أُمَّةٍ / علماؤها مما أفَدْتَ تفيد
فمقامك المحمودُ فوقَ مقامهم / وعلى الجميع لِواؤك المعقود
أظهَرْتَ بالآيات ما بظهورها / يُخفى النفاق ويُعلن التوحيد
وكشَفْتَ غامضَ ما تشابه فانجلَتْ / شُبَهٌ على وجه الحقيقة سود
يا أيُّها الثاوي بأكرم تُربَةٍ / تالله أَنْتَ الصارم المغمود
يا شدَّ ما دهم العراق بساعة / خشناء يُصدعُ عندها الجلمود
إذ حان حَينُ أبي الثناء وجاءه / بين الأكارم يومُه الموعود
ونعماه ناعيه وقال مؤَرِّخاً / قد مات ويك أبو الثنا محمود
أسَفاً على تلك المحاسن
أسَفاً على تلك المحاسن / كيْفَ بدَّلَها الغبارُ
وبياضِ هاتيك الخدود / فكيف سوَّرها العذار
كانَ العزيزَ وقد بدا / وعليه للذل انكسار
كانت محاسنُ وجهِهِ / تزهو كما يزهو النضار
ويزين ذيّاك البياضَ / من الحياءِ الاحمرار
يهوى زيارَته المشوقَ / وإن يكن شَطَّ المزار
فَغَشاه ليلٌ ما له / من بعد غشيته نهار
وجَفاه من يَهواه حتَّى / لا يزورُ ولا يزار
إن كانَ فيه بقيَّةٌ / فلسَوْفَ يُدْرِكها البَوار