المجموع : 207
ما تِلكَ أَهدابي تَنَظ
ما تِلكَ أَهدابي تَنَظ / ظَمَ بَينَها الدَمعُ السَكوب
بَل تِلكَ سُبحَةُ لُؤلُؤٍ / تُحصى عَلَيكَ بِها الذُنوب
الرُشدُ أَجمَلُ سيرَةً يا أَحمَدُ
الرُشدُ أَجمَلُ سيرَةً يا أَحمَدُ / وُدُّ الغَواني مِن شَبابِكَ أَبعَدُ
قَد كانَ فيكَ لِوُدِّهِنَّ بَقِيَّةٌ / وَاليَومَ أَوشَكَتِ البَقِيَّةُ تَنفَدُ
هاروتُ شِعرِكَ بَعدَ ماروتِ الصِبا / أَعيا وَفارَقَهُ الخَليلُ المُسعِدُ
لَمّا سَمِعنَكَ قُلنَ شِعرٌ أَمرَدٌ / يا لَيتَ قائِلَهُ الطَريرُ المُسعِدُ
ما لِلَّواهي الناعِماتِ وَشاعِرٍ / جَعَلَ النَسيبَ حِبالَةً يَتَصَيَّدُ
وَلَكَم جَمَعتَ قُلوبَهُنَّ عَلى الهَوى / وَخَدَعتَ مَن قَطَعَت وَمَن تَتَوَدَّدُ
وَسَخِرتَ مِن واشٍ وَكِدتَ لِعاذِلٍ / وَاليَومَ تَنشُدُ مَن يَشي وَيُفَنِّدُ
أَإِذا وَجَدتَ الغيدَ أَلهاكَ الهَوى / وَإِذا وَجَدتَ الشِعرَ عَزَّ الأَغيَدُ
هامَ الفُؤادُ بِشادِنٍ
هامَ الفُؤادُ بِشادِنٍ / أَلِفَ الدَلالَ عَلى المَدى
أَبكي فَيَضحَكُ ثَغرُهُ / وَالكِمُّ يَفتَحُهُ النَدى
لِلعاشِقينَ رِضاكَ وَال
لِلعاشِقينَ رِضاكَ وَال / حُسنى وَلي هَجرٌ وَصَدُّ
ذُكِروا فَكانوا سُبحَةً / وَأَنا العَلامَةُ لا تُعَدُّ
في مُقلَتَيكِ مَصارِعُ الأَكبادِ
في مُقلَتَيكِ مَصارِعُ الأَكبادِ / اللَهُ في جَنبٍ بِغَيرِ عِمادِ
كانَت لَهُ كَبِدٌ فَحاقَ بِها الهَوى / قُهِرَت وَقَد كانَت مِنَ الأَطوادِ
وَإِذا النُفوسُ تَطَوَّحَت في لَذَّةٍ / كانَت جِنايَتُها عَلى الأَجسادِ
نَشوى وَما يُسقَينَ إِلّا راحَتي / وَسنى وَما يَطعَمنَ غَيرَ رُقادي
ضَعفي وَكَم أَبلَينَ مِن ذي قُوَّةٍ / مَرضى وَكَم أَفنَينَ مِن عُوّادِ
يا قاتَلَ اللَهُ العُيونَ فَإِنَّها / في حَرِّ ما نَصلى الضَعيفُ البادي
قاتَلنَ في أَجفانِهِنَّ قُلوبَنا / فَصَرَعنَها وَسَلِمنَ بِالأَغمادِ
وَصَبَغنَ مِن دَمِها الخُدودَ تَنَصُّلاً / وَلَقينَ أَربابَ الهَوى بِسَوادِ
قِف بِاللَواحِظِ عِندَ حَدِّك
قِف بِاللَواحِظِ عِندَ حَدِّك / يَكفيكَ فِتنَةُ نارِ خَدِّك
وَاِجعَل لِغِمدِكَ هُدنَةً / إِنَّ الحَوادِثَ مِلءُ غِمدِك
وَصُنِ المَحاسِنَ عَن قُلو / بٍ لا يَدَينِ لَها بِجُندِك
نَظَرَت إِلَيكَ عَنِ الفُتو / رِ وَما اِتَّقَت سَطَواتِ حَدِّك
أَعلى رِواياتِ القَنا / ما كانَ نِسبَتُهُ لِقَدِّك
نالَ العَواذِلُ جَهدَهُم / وَسَمِعتَ مِنهُم فَوقَ جَهدِك
نَقَلوا إِلَيكَ مَقالَةً / ما كانَ أَكثَرُها لِعَبدِك
قَسَماً بِما حَمَّلتَني / فَحَمَلتُ مِن وَجدي وَصَدِّك
ما بي السِهامُ الكُثرُ مِن / جَفنَيكَ لَكِن سَهمُ بُعدِك
عَرَضوا الأَمانَ عَلى الخَواطِر
عَرَضوا الأَمانَ عَلى الخَواطِر / وَاِستَعرَضوا السُمرَ الخَواطِر
فَوَقَفتُ في حَذَرٍ وَيَأ / بى القَلبُ إِلّا أَن يُخاطِر
يا قَلبُ شَأنَكَ وَالهَوى / هَذي الغُصونُ وَأَنتَ طائِر
إِنَّ الَّتي صادَتكَ تَس / عى بِالقُلوبِ لَها النَواظِر
يا ثَغرَها أَمسَيتُ كَال / غَوّاصِ أَحلُمُ بِالجَواهِر
يا لَحظَها مَن أُمُّها / أَو مَن أَبوها في الجَآذِر
يا شَعرَها لا تَسعَ في / هَتكي فَشَأنُ اللَيلِ ساتِر
يا قَدَّها حَتّامَ تَغ / دو عاذِلاً وَتَروحُ جائِر
وَبِأَيِّ ذَنبٍ قَد طَعَن / تَ حَشايَ يا قَدَّ الكَبائِر
في ذي الجُفونِ صَوارِمُ الأَقدارِ
في ذي الجُفونِ صَوارِمُ الأَقدارِ / راعي البَرِيَّةَ يا رَعاكِ الباري
وَكَفى الحَياةُ لَنا حَوادِثَ فَاِفتِني / مَلَأَ النُجوم وَعالَمَ الأَقمارِ
ما أَنتِ في هَذي الحلى إِنسِيَّة / إِن أَنتِ إِلّا الشَمسُ في الأَنوارِ
زَهراءُ بِالأُفقِ الَّذي مِن دونِهِ / وَثبُ النُهى وَتَطاوُلُ الأَفكارِ
تَتَهَتَّكُ الأَلبابُ خَلفَ حِجابِها / مَهما طَلَعتِ فَكَيفَ بِالأَبصارِ
يا زينَةَ الإِصباحِ وَالإِمساءِ بَل / يا رَونَقَ الآصالِ وَالأَسحارِ
ماذا تُحاوِلُ مِن تَنائينا النَوى / أَنتِ الدُنى وَأَنا الخَيالُ الساري
أَلقى الضُحى أَلقاكِ ثُمَّ مِنَ الدُجى / سُبُلٌ إِلَيك خَفِيَّةُ الأَغوارِ
وَإِذا أَنِستُ بِوَحدَتي فَلِأَنَّها / سَبَبي إِلَيكِ وَسُلَّمي وَمَناري
إيهٍ زَماني في الهَوى وَزَمانَها / ما كُنتُما إِلّا النَميرَ الجاري
مُتَسَلسِلاً بَينَ الصَبابَةِ وَالصِبا / مُتَرَقرِقاً بِمَسارِحِ الأَوطارِ
نَظَرَ الفُراقُ إِلَيكُما فَطَواكُما / إِنَّ الفِراقَ جَهَنَّمُ الأَقدارِ
لَكَ أَن تَلومَ وَلي مِنَ الأَعذارِ
لَكَ أَن تَلومَ وَلي مِنَ الأَعذارِ / أَنَّ الهَوى قَدَرٌ مِنَ الأَقدارِ
ما كُنتُ أَسلَمُ لِلعُيونِ سَلامَتي / وَأُبيحُ حادِثَةَ الغَرامِ وَقاري
وَطَرٌ تَعَلَّقَهُ الفُؤادُ وَيَنقَضي / وَالنَفسُ ماضِيَةٌ مَعَ الأَوطارِ
يا قَلبُ شَأنَكَ لا أَمُدُّكَ في الهَوى / أَبَداً وَلا أَدعوكَ لِلإِقصارِ
أَمري وَأَمرُكَ في الهَوى بِيَدِ الهَوى / لَو أَنَّهُ بِيَدي فَكَكتُ إِساري
جارِ الشَبيبَةَ وَاِنتَفِع بِجِوارِها / قَبلَ المَشيبِ فَما لَهُ مِن جارِ
مَثَلُ الحَياةِ تُحَبُّ في عَهدِ الصِبا / مَثَلُ الرِياضِ تُحَبُّ في آذارِ
أَبَداً فروقُ مِنَ البِلادِ هِيَ المُنى / وَمُنايَ مِنها ظَبيَةٌ بِسِوارِ
مَمنوعَةٌ إِلّا الجَمالَ بِأَسرِهِ / مَحجوبَةٌ إِلّا عَنِ الأَنظارِ
خُطُواتُها التَقوى فَلا مَزهُوَّةٌ / تَمشي الدَلالَ وَلا بِذاتِ نِفارِ
مَرَّت بِنا فَوقَ الخَليجِ فَأَسفَرَت / عَن جَنَّةٍ وَتَلَفَّتَت عَن نارِ
في نِسوَةٍ يورِدنَ مَن شِئنَ الهَوى / نَظَراً وَلا يَنظُرنَ في الإِصدارِ
عارَضتُهُنَّ وَبَينَ قَلبِيَ وَالهَوى / أَمرٌ أُحاوِلُ كَتمَهُ وَأُداري
قَلبٌ يَذوبُ وَمَدمَعٌ يَجري
قَلبٌ يَذوبُ وَمَدمَعٌ يَجري / يا لَيلُ هَل خَبَرٌ عَنِ الفَجرِ
حالَت نُجومُكَ دونَ مَطلَعِهِ / لا تَبتَغي حِوَلاً وَلا يَسري
وَتَطاوَلَت جُنحاً فَخُيِّلَ لي / أَنَّ الصَباحَ رَهينَةُ الحَشرِ
أَرسَيتَها وَمَلَكتَ مَذهَبَها / بِدُجُنَّةٍ كَسَريرَةِ الدَهرِ
ظُلُمٌ تَجيءُ بِها وَتُرجِعُها / وَالمَوجُ مُنقَلِبٌ إِلى البَحرِ
لَيتَ الكَرى موسى فَيورِدَها / فِرعَونُ هَذا السُهدِ وَالفِكرِ
وَلَقَد أَقولُ لِهاتِفٍ سحراً / يَبكي لِغَيرِ نَوىً وَلا أَسرِ
وَالرَوضُ أَخرَسُ غَيرَ وَسوَسَةٍ / خَفَقَ الغُصونِ وَجِريَةِ الغَدرِ
وَالطَيرُ مِلءُ الأَيكِ أَرؤُسُها / مِثلُ الثِمارِ بَدَت مِنَ السِدرِ
أَلقى الجَناحَ وَناءَ بِالصَدرِ / وَرَنا بِصَفراوَينِ كَالتِبرِ
كَلَمَ السُهادُ بُيوتَ هُدبِهِما / وَأَقامَ بَينَ رُسومِها الحُمرِ
تَهدا جَوانِحُهُ فَتَحسَبُهُ / مِن صَنعَةِ الأَيدي أَوِ السِحرِ
وَتَثورُ فَهوَ عَلى الغُصونِ يَدٌ / عَلِقَت أَنامِلُها مِنَ الجَمرِ
يا طَيرُ بُثَّ أَخاكَ ما يَجري / إِنّا كِلانا مَوضِعُ السِرِّ
بي مِثلُ ما بِكَ مِن جَوىً وَنَوىً / أَنا في الأَنامِ وَأَنتَ في القُمرِ
عَبَثَ الغَرامُ بِنا وَرَوَّعَنا / أَنا بِالمَلامِ وَأَنتَ بِالزَجرِ
يا طَيرُ لا تَجزَع لِحادِثَةٍ / كُلُّ النُفوسِ رَهائِنُ الضَرِّ
فيما دَهاكَ لَوِ اِطَّلَعتَ رِضىً / شَرٌّ أَخَفُّ عَلَيكَ مِن شَرِّ
يا طَيرُ كَدرُ العَيشِ لَو تَدري / في صَفوِهِ وَالصَفوُ في الكَدرِ
وَإِذا الأُمورُ اِستُصعِبَت صَعُبَت / وَيَهونُ ما هَوَّنتَ مِن أَمرِ
يا طَيرُ لَو لُذنا بِمُصطَبَرٍ / فَلَعَلَّ روحَ اللَهِ في الصَبرِ
وَعَسى الأَمانِيُّ العِذابُ لَنا / عَونٌ عَلى السُلوانِ وَالهَجرِ
تَأتي الدَلالَ سَجِيَّةً وَتَصَنُّعاً
تَأتي الدَلالَ سَجِيَّةً وَتَصَنُّعاً / وَأَراكَ في حالَي دَلالِكَ مُبدِعا
تِه كَيفَ شِئتَ فَما الجَمالُ بِحاكِمٍ / حَتّى يُطاعَ عَلى الدَلالِ وَيُسمَعا
لَكَ أَن يُرَوِّعَكَ الوُشاةُ مِنَ الهَوى / وَعَلَيَّ أَن أَهوى الغَزالَ مُرَوَّعا
قالوا لَقَد سَمِعَ الغَزالُ لِمَن وَشى / وَأَقولُ ما سَمِعَ الغَزالُ وَلا وَعى
أَنا مَن يُحِبُّكَ في نِفارِكَ مُؤنِساً / وَيُحِبُّ تيهَكَ في نِفارِكَ مَطمَعا
قَدَّمتُ بَينَ يَدَيَّ أَيّامَ الهَوى / وَجَعَلتُها أَمَلاً عَلَيكَ مُضَيَّعا
وَصَدَقتُ في حُبّي فَلَستُ مُبالِياً / أَن أُمنَحَ الدُنيا بِهِ أَو أُمنَعا
يا مَن جَرى مِن مُقلَتَيهِ إِلى الهَوى / صِرفاً وَدارَ بِوَجنَتَيهِ مُشعشَعا
اللَهَ في كَبِدٍ سَقَيتَ بِأَربَعٍ / لَو صَبَّحوا رَضوى بِها لَتَصَدَّعا
مُضنىً وَلَيسَ بِهِ حِراك
مُضنىً وَلَيسَ بِهِ حِراك / لَكِن يَخِفُّ إِذا رَآك
وَيَميلُ مِن طَرَبٍ إِذا / ما مِلتَ يا غُصنَ الأَراك
إِنَّ الجَمالَ كَساكَ مِن / وَرَقِ المَحاسِنِ ما كَساك
وَنَبَتَّ بَينَ جَوانِحي / وَالقَلبُ مِن دَمِهِ سَقاك
حُلوَ الوُعودِ مَتى وَفاك / أَتُراكَ مُنجِزَها تُراك
مِن كُلِّ لَفظٍ لَو أَذِن / تَ لِأَجلِهِ قَبَّلتُ فاك
أَخَذَ الحَلاوَةَ عَن ثَنا / ياكَ العِذابِ وَعَن لَماك
ظُلماً أَقولُ جَنى الهَوى / لَم يَجنِ إِلّا مُقلَتاك
غَدَتا مَنِيَّةَ مَن رَأَي / تَ وَرُحتَ مُنيَةَ مَن رَآك
أَنا إِن بَذَلتُ الروحَ كَيفَ أُلامُ
أَنا إِن بَذَلتُ الروحَ كَيفَ أُلامُ / لَمّا رَمَت فَأَصابَتِ الآرامُ
عَمَدَت إِلى قَلبي بِسَهمٍ نافِذٍ / فيهِ لِمَحتومِ القَضاءِ سِهامُ
يا قَلبُ لا تَجزَع لِحادِثَةِ الهَوى / وَاِصبِر فَما لِلحادِثاتِ دَوامُ
عَرَفَت قُلوبُ الناسِ قَبلَكَ ما الجَوى / وَأَذاقَها قَدَرٌ لَهُ أَحكامُ
تَجري العُقولُ بِأَهلِها فَإِذا جَرى / كَبَتِ العُقولُ وَزَلَّتِ الأَحلامُ
أَكُنتُ أَعلَمُ وَالحَوادِثُ جَمَّةٌ / أَنَّ الحَوادِثَ مُقلَةٌ وَقَوامُ
جَنَيا عَلى كَبِدي وَما عَرَّضتُها / كَبِدي عَلَيكِ مِنَ البَريءِ سَلامُ
وَلَقَد أَقولُ لِمَن يَحُثُّ كُؤوسَها / قَعَدَت كُؤوسُكِ وَالهُمومُ قِيامُ
لَم تَجرِ بَينَ جَوانِحي إِلّا كَما / جَرَتِ الدِنانَ بِها وَسالَ الجامُ
ذادَ الكَرى عَن مُقلَتَيكَ حِمامُ
ذادَ الكَرى عَن مُقلَتَيكَ حِمامُ / لَبّاهُ شَوقٌ ساهِرٌ وَغَرامُ
حَيرانُ مَشبوبُ المَضاجِعِ لَيلُهُ / حَربٌ وَلَيلُ النائِمينَ سَلامُ
بَينَ الدُجى لَكُما وَعادِيَةِ الدُجى / مُهَجٌ تُؤَلِّفُ بينَها الأَسقامُ
تَتَعاوَنانِ وَلِلتَعاوُنِ أُمَّةٌ / لا الدَهرُ يَخذُلُها وَلا الأَيّامُ
يا أَيُّها الطَيرُ الكَثيرُ سَميرُهُ / هَل ريشَةٌ لِجَناحيهِ فَيُقامُ
عانَقتَ أَغصاناً وَعانَقتُ الجَوى / وَشَكَوتَ وَالشَكوى عَلَيَّ حَرامُ
أَمُحَرِّمَ الأَجفانِ إِدناءَ الكَرى / يَهنيكَ ما حَرَّمَت حينَ تَنامُ
حاوَلنَ إِلى خَيالِكَ سُلَّماً / لَو سامَحَت بِخَيالِكَ الأَحلامُ
فَأذَن لِطَيفِكَ أَن يُلِمَّ مُجامِلاً / وَمُؤَمَلٌ مِن طَيفِكَ الإِلمامُ
شَغَلَتهُ أَشغالٌ عَنِ الآرامِ
شَغَلَتهُ أَشغالٌ عَنِ الآرامِ / وَقَضى اللُبانَةَ مِن هَوىً وَغَرامِ
وَمَضى يَجُرُّ عَلى الهَوى أَذيالَهُ / وَيَلومُ حامِلَهُ مَعَ اللُوّامِ
وَيَذُمُّ عَهدَ الغانِياتِ كَناقَةٍ / بَعدَ الشِفاءِ يَذُمُّ عَهدَ سَقامِ
لا تَعجَلَنَّ وَفي الشَبابِ بَقِيَّةٌ / إِنَّ الشَبابَ مَزَلَّةَ الأَحلامِ
كانَتَ إِنابَتُكَ المُريبَةُ سَلوَةً / نُسِجَت عَلى جُرحٍ بِجَنبِكَ دامي
إِنَّ الَّذي جَعَلَ القُلوبَ أَعِنَّةً / قادَ الشَبيبَةَ لِلهَوى بِزِمامِ
يا قَلبَ أَحمَدَ وَالسِهامُ شَديدَةٌ / ماذا لَقيتَ مِنَ الغَزالِ الرامي
تَدري وَتَسأَلُني تَجاهُلَ عارِفٍ / أَرَنا بِعَينٍ أَم رَمى بِسِهامِ
ما زِلتَ تَركَبُ كُلَّ صَعبٍ في الهَوى / حَتّى رَكِبتَ إِلى هَواكَ حِمامي
وَإِذا القُلوبُ اِستَرسَلَت في غَيِّها / كانَت بَلِيَّتُها عَلى الأَجسامِ
مَن صَوَّرَ السِحرَ المُبينَ عُيوناً
مَن صَوَّرَ السِحرَ المُبينَ عُيوناً / وَأَحَلَّهُ حَدَقاً وَجُفونا
نَظَرَت فَحُلتُ بِجانِبي فَاِستَهدَفَت / كَبِدي وَكانَ فُوادِيَ المَغبونا
وَرَمَت بِسَهمٍ جالَ فيهِ جَولَةً / حَتّى اِستَقَرَّ فَرَنَّ فيهِ رَنينا
فَلَمَستُ صَدري موجِساً وَمُرَوَّعاً / وَلَمَستُ جَنبي مُشفِقاً وَضَنينا
يا قَلبُ إِنَّ مِنَ البَواتِرِ أَعيُناً / سوداً وَإِنَّ مِنَ الجَآذِرِ عينا
لا تَأخُذَنَّ مِنَ الأُمورِ بِظاهِرٍ / إِنَّ الظَواهِرَ تَخدَعُ الرائينا
فَلَكَم رَجَعتُ مِنَ الأَسِنَّةِ سالِماً / وَصَدَرتُ عَن هيفِ القُدودِ طَعينا
وَخَميلَةٍ فَوقَ الجَزيرَةِ مَسَّها / ذَهَبُ الأَصيلِ حَواشِياً وَمُتونا
كَالتِبرِ أُفقاً وَالزَبَرجَدِ رَبوَةً / وَالمِسكِ تُرباً وَاللُجَينِ مَعينا
وَقَفَ الحَيا مِن دونِها مُستَأذِناً / وَمَشى النَسيمُ بِظِلِّها مَأذونا
وَجَرى عَلَيها النيلُ يَقذِفُ فَضَّةً / نَثراً وَيَكسِرُ مَرمَراً مَسنونا
يُغري جَوارِيَهُ بِها فَيَجِئنَها / وَيُغيرُهُنَّ بِها فَيَستَعلينا
راعَ الظَلامُ بِها أَوانِسَ تَرتَمي / مِثلَ الظِباءِ مِنَ الرُبى يَهوينا
يَخطُرنَ في ساحِ القُلوبِ عَوالِياً / وَيَمِلنَ في مَرأى العُيونِ غُصونا
عِفنَ الذُيولِ مِنَ الحَريرِ وَغَيرِهِ / وَسَحَبنَ ثَمَّ الآسَ وَالنَسرينا
عارَضتُهُنَّ وَلي فُؤادٌ عُرضَةٌ / لِهَوى الجَآذِرِ دانَ فيهِ وَدينا
فَنَظَرنَ لا يَدرينَ أَذهَبُ يَسرَةً / فَيَحِدنَ عَنّي أَم أَميلُ يَمينا
وَنَفَرنَ مِن حَولي وَبَينَ حَبائِلي / كَالسِربِ صادَفَ في الرَواحِ كَمينا
فَجَمَعتُهُنَّ إِلى الحَديثِ بَدَأتُهُ / فَغَضِبنَ ثُمَّ أَعَدتُهُ فَرَضينا
وَسَمِعتُ مَن أَهوى تَقولُ لِتُربِها / أَحرى بِأَحمَدَ أَن يَكونَ رَزينا
قالَت أَراهُ عِندَ غايَةِ وَجدِهِ / فَلَعَلَّ لَيلى تَرحَمُ المَجنونا
يا حُسنَهُ بَينَ الحِسان
يا حُسنَهُ بَينَ الحِسان / في شَكلِهِ إِن قيلَ بان
كَالبَدرِ تَأخُذُهُ العُيو / نُ وَما لَهُنَّ بِهِ يَدان
مَلَكَ الجَوانِحَ وَالفُوا / دَ فَفي يَدَيهِ الخافِقان
وَمُنايَ مِنهُ نَظرَةٌ / فَعَسى يُشيرُ الحاجِبان
فَعَسى يُزَكّي حُسنَهُ / مَن لا لَهُ في الحُسنِ ثان
فَدَعوهُ يَعدِلُ أَو يَجو / رُ فَإِنَّهُ مَلَكَ العِنان
حَقَّ الدَلالُ لِمَن لَهُ / في كُلِّ جارِحَةٍ مَكان
يا ناعِماً رَقَدَت جُفونُهُ
يا ناعِماً رَقَدَت جُفونُهُ / مُضناكَ لا تَهدا شُجونُهُ
حَمَلَ الهَوى لَكَ كُلَّهُ / إِن لَم تُعِنهُ فَمَن يُعينُهُ
عُد مُنعِماً أَو لا تَعُد / أَودَعتَ سِرَّكَ مَن يَصونُهُ
بَيني وَبَينَكَ في الهَوى / سَبَبٌ سَيَجمَعُنا مَتينُهُ
رَشَأٌ يُعابُ الساحِرو / نَ وَسِحرُهُم إِلّا جُفونُهُ
الروحُ مِلكُ يَمينِهِ / يَفديهِ ما مَلَكَت يَمينُهُ
ما البانُ إِلّا قَدُّهُ / لَو تَيَّمَت قَلباً غُصونُهُ
وَيَزينُ كُلَّ يَتيمَةٍ / فَمُهُ وَتَحسَبُها تَزينُهُ
ما العُمرُ إِلّا لَيلَةً / كانَ الصَباحَ لَها جَبينُهُ
باتَ الغَرامُ يَدينُنا / فيها كَما بِتنا نُدينُهُ
بَينَ الرَقيبِ وَبَينَنا / وادٍ تُباعِدُهُ حُزونُهُ
نَغتابُهُ وَنَقولُ لا / بَقِيَ الرَقيبُ وَلا عُيونُهُ
قالوا لَهُ روحي فِداهُ
قالوا لَهُ روحي فِداهُ / هَذا التَجَنّي ما مَداهُ
أَنا لَم أَقُم بِصُدودِهِ / حَتّى يُحَمِّلُني نَواهُ
تَجري الأُمورُ لِغايَةٍ / إِلّا عَذابي في هَواهُ
سَمَّيتُهُ بَدرَ الدُجى / وَمِنَ العَجائِبِ لا أَراهُ
وَدَعَوتُهُ غُصنَ الرِيا / ضِ فَلَم أَجِد رَوضاً حَواهُ
وَأَقولُ عَنهُ أَخو الغَزا / لِ وَلا أَرى إِلّا أَخاهُ
قالَ العَواذِلُ قَد جَفا / ما بالُ قَلبِكَ ما جَفاهُ
أَنا لَو أَطَعتُ القَلبَ في / هِ لَم أَزِدهِ عَلى جَواهُ
وَالنُصحُ مُتَّهَمٌ وَإِن / نَثَرَتهُ كَالدُرِّ الشِفاهُ
أُذُنُ الفَتى في قَلبِهِ / حيناً وَحيناً في نُهاهُ
السِحرُ مِن سودِ العُيونِ لَقيتُهُ
السِحرُ مِن سودِ العُيونِ لَقيتُهُ / وَالبابِلِيُّ بِلَحظِهِنَّ سُقيتُهُ
الفاتِراتِ وَما فَتَرنَ رِمايَةً / بِمُسَدَّدٍ بَينَ الضُلوعِ مَبيتُهُ
الناعِساتِ الموقِظاتِ لِلهَوى / المُغرِياتِ بِهِ وَكُنتُ سَليتُهُ
القاتِلاتِ بِعابِثٍ في جَفنِهِ / ثَمِلُ الغِرارِ مُعَربَدٌ إِصليتُهُ
الشارِعاتِ الهُدبَ أَمثالَ القَنا / يُحيِ الطَعينَ بِنَظرَةٍ وَيُميتُهُ
الناسِجاتِ عَلى سَواءِ سُطورِهِ / سَقَماً عَلى مُنوالِهِنَّ كُسيتُهُ
وَأَغَنَّ أَكحَلَ مِن مَها بِكَفَّية / عَلِقَت مَحاجِرُهُ دَمي وَعَلِقتُهُ
لُبنانُ دارَتُهُ وَفيهِ كِناسُهُ / بَينَ القَنا الخَطّارِ خُطَّ نَحَيتُهُ
السَلسَبيلُ مِنَ الجَداوِلِ وَردُهُ / وَالآسُ مِن خُضرِ الخَمائِلِ قوتُهُ
إِن قُلتُ تِمثالَ الجَمالِ مُنَصَّباً / قالَ الجَمالُ بِراحَتَيَّ مَثَلتُهُ
دَخَلَ الكَنيسَةَ فَاِرتَقَبتُ فَلَم يُطِل / فَأَتَيتُ دونَ طَريقِهِ فَزَحَمتُهُ
فَاِزوَرَّ غَضباناً وَأَعرَضَ نافِراً / حالٌ مِنَ الغيدِ المِلاحِ عَرَفتُهُ
فَصَرَفتُ تِلعابي إِلى أَترابِهِ / وَزَعَمتُهُنَّ لُبانَتي فَأَغَرتُهُ
فَمَشى إِلَيَّ وَلَيسَ جُؤذَرٍ / وَقَعَت عَلَيهِ حَبائِلي فَقَنَصتُهُ
قَد جاءَ مِن سِحرِ الجُفونِ فَصادَني / وَأَتَيتُ مِن سِحرِ البَيانِ فَصدتُهُ
لَمّا ظَفَرتُ بِهِ عَلى حَرَمِ الهُدى / لِاِبنِ البَتولِ وَلِلصَلاةِ وَهبتُهُ
قالَت تَرى نَجمَ البَيانِ فَقُلتُ بَل / أُفقُ البَيانِ بِأَرضِكُم يَمَّمتُهُ
بلغ السُها بِشُموسِهِ وَبُدورِهِ / لُبنانُ وَاِنتَظَمَ المَشارِقَ صيتُهُ
مِن كُلِّ عالي القَدرِ مِن أَعلامِهِ / تَتَهَلَّلُ الفُصحى إِذا سُمّيتُهُ
حامي الحَقيقَةِ لا القَديمَ يَؤودُهُ / حِفظاً وَلا طَلَبُ الجَديدِ يَفوتُهُ
وَعَلى المَشيدِ الفَخمِ مِن آثارِهِ / خُلقٌ يُبينُ جَلالُهُ وَثُبوتُهُ
في كُلِّ رابِيَةٍ وَكُلِّ قَرارَةٍ / تِبرُ القَرائِحِ في التُرابِ لَمَحتُهُ
أَقبَلتُ أَبكي العِلمَ حَولَ رُسومِهِم / ثُمَّ اِنثَنَيتُ إِلى البَيانِ بَكَيتُهُ
لُبنانُ وَالخُلدُ اِختِراعُ اللَهِ لَم / يوسَمَ بِأَزيَنَ مِنهُما مَلَكوتُهُ
هُوَ ذِروَةٌ في الحُسنِ غَيرُ مَرومَةٍ / وَذَرا البَراعَةِ وَالحِجى بَيروتُهُ
مَلِكُ الهِضابِ الشُمِّ سُلطانُ الرُبى / هامُ السَحابِ عُروشُهُ وَتُخوتُهُ
سيناءُ شاطَرَهُ الجَلالَ فَلا يُرى / إِلّا لَهُ سُبُحاتُهُ وَسُموتُهُ
وَالأَبلَقُ الفَردُ اِنتَهَت أَوصافُهُ / في السُؤدُدِ العالي لَهُ وَنُعوتُهُ
جَبَلٌ عَن آذارَ يُزرى صَيفُهُ / وَشِتائُهُ يَئِدِ القُرى جَبَروتُهُ
أَبهى مِنَ الوَشِيِ الكَريمِ مِروجُهُ / وَأَلَذُّ مِن عَطَلِ النُحورِ مُروتُهُ
يَغشى رَوابيهِ عَلى كافورِها / مِسكُ الوِهادِ فَتيقُهُ وَفَتيتُهُ
وَكَأَنَّ أَيّامَ الشَبابِ رُبوعُهُ / وَكَأَنَّ أَحلامَ الكِعابِ بُيوتُهُ
وَكَأَنَّ رَيعانَ الصِبا رَيحانُهُ / سِرَّ السُرورِ يَجودُهُ وَيَقوتُهُ
وَكَأَنَّ أَثداءَ النَواهِدِ تينُهُ / وَكَأَنَّ أَقراطَ الوَلائِدِ توتُهُ
وَكَأَنَّ هَمسَ القاعِ في أُذُنِ الصَفا / صَوتُ العِتابِ ظُهورُهُ وَخُفوتُهُ
وَكَأَنَّ ماءَهُما وَجَرسَ لُجَينِهِ / وَضحُ العَروسِ تَبينُهُ وَتُصيتُهُ
زُعَماءُ لُبنانٍ وَأَهلَ نَدِيِّهِ / لُبنانُ في ناديكُمو عَظَمتُهُ
قَد زادَني إِقبالُكُم وَقُبولُكُم / شَرَفاً عَلى الشَرَفِ الَّذي أُولٍيتُهُ
تاجُ النِيابَةِ في رَفيعِ رُؤوسِكُم / لَم يُشرَ لُؤلُؤُهُ وَلا ياقوتُهُ
موسى عَدُوُّ الرِقِّ حَولَ لِوائِكُم / لا الظُلمُ يُرهِبُهُ وَلا طاغوتُهُ
أَنتُم وَصاحِبُكُم إِذا أَصبَحتُموا / كَالشَهرِ أَكمَلَ عُدَّةً مَوقوتُهُ
هُوَ غُرَّةُ الأَيّامِ فيهِ وَكُلُّكُم / آحادُهُ في فَضلِها وَسُبوتُهُ