القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 37
إِنَّ الأَرانِبَ لَم تَفتُك لِأَنَّها
إِنَّ الأَرانِبَ لَم تَفتُك لِأَنَّها / عَلِمَت بِأَنَّكَ مالِكٌ آجالَها
وَلَعَلَّها اِشتَهتِ الحَياةَ وَعاوَدَت / فَرأَت بِصَيدِكَ مَوتَها أَشهى لَها
كَم تُكثِرانِ العَذلَ وَالتَفنِيدا
كَم تُكثِرانِ العَذلَ وَالتَفنِيدا / أَفَتَحسَبانِ المُستَهامَ رَشيدا
أَضرَمتُما بِالعَذلِ بَينَ جَوانِحي / ناراً أَحَرَّ مِنَ الجَحيمِ وَقُودا
لَومٌ وَصَدٌّ يُؤلِمانِ أَخا الهَوى / أَفَتَجمَعانِ مَلامَةً وَصُدُودا
سَأَمُوتُ مِن بَعدِ الأَحِبَّةِ حَسرَةً / وَأَخُو الهَوى إِن ماتَ مات شَهِيدا
يا ظَبيَةَ السِربِ المُمَنَّعِ بِالقَنا / رُدِّي عَلَيَّ فُؤادِيَ المَفقُودا
لَو كُنتِ جَرَّبتِ الهَوى وَشُجُونَهُ / ما كانَ قَدُّكِ ناعِماً أُملُودا
أَشبَهتِ في الجَوِّ الغَزالَةَ بَهجَةً / وَحَكَيتِ في الدَوِّ الغَزالَةَ جِيدا
لَولا ظِباءُ بَني الشَريدِ لَما انثَنى / طِيبُ الرُقادِ مِنَ الجُفونِ شَرِيدا
جَرَّدنَ مِن لَحَظاتِهِنَّ صَوارِماً / وَجَعَلنَ حَبّاتِ القُلوبِ غُمُودا
غِيدٌ حَنَنّا بَعدَهُنَّ عَلى الرُبى / وَكَأَنَّنا نَهوى الرُبى لا الغِيدا
تَتَفاوَحُ العَرَصاتُ طِيباً كُلَّما
تَتَفاوَحُ العَرَصاتُ طِيباً كُلَّما / عَفَّرنَ وَشياً فَوقَها وَبُرُودا
بِيضٌ يَرَونَ السُودَ بِيضاً نُصَّعاً / وَالبِيضَ حُمّا في المَفارِقِ سُودَا
مَن لِي بِرَدِّكَ يا شَبابُ فَأَبتَغِي / مِنهُنَّ مِثلَكَ نائِلاً مَردُودا
نَزَلَ المَشِيبُ بِعارِضَيَّ فَلا الصِبا / أَبقى عَلَيَّ وَلا الكَعابَ الرُودا
لا أَبعَدَ اللَهُ الشَبابَ فَإِنَّهُ / وَلىّ حَمِيدا وَاِستَعَضتُ حَمِيدا
ما فاتِنِي طَلَبُ السَعادَةِ مُذ رَأَت / عَينايَ هَذا المُقبِلَ المَسعُودا
لا أَحمَدُ الأَيّامَ حَتّى أَوصَلَت / عَني مُعِزَّ الدَولَةِ المَحمُودا
فَوَصَلتُ حينَ وَصَلتُ أَشرَفَ عامِرٍ / خِيماً وَأَفخَرَ مَنصِباً وَجُدُودا
مَلِكٌ إِذا وَقَفَ المُلُوكُ أَمامَهُ / جَعَلُوا سَلامَهُمُ عَلَيهِ سُجُودا
نَظَرَت مَكارِمُهُ إِلَيَّ فَمَزَّقَت / عَدَمِي وَلَكِن ما عَدِمتُ حَسُودا
وَوَجَدتُ أَوصافَ الأَميرِ جَواهِراً / فَنَظَمتُهُنَّ تَمَائِماً وَعُقُودا
سارَت مَسِيرَ النَيَرَينِ وَطَبَّقَت / ثَغرَ البِلادِ تَهائِماً وَنُجُودا
ما لِي إِلى شَيمِ الغَمائِمِ حاجَةٌ / ما دُمتُ أَشرَعُ حَوضَهُ المَورُودا
أَندى المُلُوكِ يَداً وَأَرجَحُ في النَدى / وَزناً وَأَصلَبُ في النَوائِبِ عُوَدا
صَلتُ الجَبِينِ تَرى لِمَوضِعِ تاجِهِ / نُوراً يَسِيرُ بِهِ الرِكابُ بَرِيدا
تَندى يَداهُ فَلَو يَمَسُّ بِنانُهُ / جُلمُودَ صَخرٍ أَنبَتَ الجُلُمودا
أَفَنى الكُنُوزَ وَبَدَّدَت نَفَحاتُهُ / ما فِي خَزائِنِ مالِهِ تَبديدا
حَتّى لَظَنَّ الناسُ أَنَّ لِكَفِّهِ / إِحَناً عَلى أَموالِهِ وَحَقُودا
كَرَماً وَجُودا لَم يَدعَ مِن قَبيلِهِ / كَرَماً يُعَدَّدُ لِلرِجالِ وَجُودا
لا تَسمَعَنَّ بِحاتِمِ وَفَعالِهِ / وَخُذِ الفَعالَ الظاهِرَ المَوجُودا
خَيرُ الحَديثِ إِذا جَلَستَ مُحَدِّثاً / ما لا يُرِيدُ دَلائِلاً وَشُهُودا
وَبِجانِبَي حَلَبٍ أَغَرُّ مُتَوَّجٌ / قَد حالَفَ الإِقبالَ وَالتَأييدا
يُمسِي وَإِكِليلُ النُجُومِ مُقارِنٌ / في جَوِّهِ إِكلِيلَهُ المَعقُودا
مِن مَعشَرٍ نَزَلوا اليَفاعَ وَخَلَّفُوا / لِلعالَمينَ أَباطِحاً وَوَهُودا
جُبِلُوا عَلى كَرَمِ النُفوسِ وَأَصبَحُوا / أَوفى البَرِيَّةِ ذِمَةً وَعُهُودا
فَإِذا سَأَلتَهُمُ سَأَلتَ غَمائِماً / وَإِذا أَثَرتَهُمُ أَثَرتَ أُسُودا
قَد أَدمَنُوا لُبسَ الدُرُوعِ كَأَنَّما / يَجِدُونَ في عَدَمِ الحَياةِ خُلُودا
فَإِذا هُمُ اِعتَقَلُوا الرِماحَ رَأَيتَهُم / مِثلَ الرِماحِ سِواعِداً وَقُدُودا
أَيمانُهُم مِثلُ البُحُورِ وَإِنَّما / جَعَلُوا لَها مَدَّ الأَكُفِّ مُدُودا
يَستَقبِلُونَ وَفُودَهُم فَكَأَنَّهُم / سارُوا إِلى زُمَرِ الوُفُودِ وُفُودا
قَد غَرَّبُوا أَهلَ البِلادِ وَأَتعَبُوا / غُبرَ السَمالِقِ وَالمَهارى القُودا
حَتّى أَبادَ بَناتِ أَرحَبَ خَبطُها / جُنحَ الظَلامِ إِلَيهِمُ وَالبِيدا
يا مُنتَهى الكَرَمِ الَّذي لَو أَنَّهُ / طَلَبَ المَزيدَ لَما أَصابَ مَزِيدا
لا خَلقَ أَعَدَلُ مِنكَ إِلّا واصِفٌ / لَكَ لا يَقيسُ بِكَ المُلُوكَ الصِيدا
أَصبَحتُ مَحسوداً عَلَيكَ فَعِشتَ لي / حَتّى أَعِيشَ مُنَعَّماً مَحسُودا
عِيدُ الرَعِيَّةِ أَن تَدُومَ عَلَيهِمُ / فَيَكُونَ وَجهُكَ كُلَّ يَومٍ عِيدا
فَاسعَد بِهِ فَسَعادَةُ الدنيا وَمَن / فِيها إِذا ما كُنتَ أَنتَ سَعيدا
وَاسمَع لَهُ كَلِماً وَحِيداً صُغتُهُ / لِأَغَرَّ أَصبَحَ في المُلُوكِ وَحِيدا
مدحاً تَكادُ إِذا تَضَوَّعَ نَشرُها / أَن لا تُرِيد مِن الرُواةِ نَشِيدا
يَبلى الزَمانُ وَلا يَزالُ حَدِيثُها / حَتّى تَزُولَ الراسِياتُ جَديدا
مالي وَلِلفُصَحاءِ لا تَتَكَلَّمُ
مالي وَلِلفُصَحاءِ لا تَتَكَلَّمُ / كَثُرَ الجُمانُ فَمالُه لا يُنظَمُ
قَد أَنطَقَتنا المُرهَفاتُ وَأَظهَرَت / ما كانَ يُخزَنُ في الصُدُورِ وَيُكتَمُ
أَينَ الَّذينَ تَفَوَّهَت شُعَراؤُهُم / بِالمَينِ وَافتَخَرُوا بِما لَم يَعلَمُوا
زَعَمُوا بِأَنا طَعمَةٌ لِسُيُوفِهِم / في كُلِّ أَرضٍ أَنجَدُوا أَو أَتهَمُوا
إِن يَصدُقُوا فَسُيُوفُ مَن تَرَكتُهُمُ / صَرعى تَهُزُّهُمُ النُسُورُ الحُوَّمُ
بِخَرابِ حِمصٍ وَالجِبابُ خَبِيثَةٌ / مِنهُم كَأَنَّ مِياهَهُنَّ العَندَمُ
لا يَنجَحَنَّ الدِزبِريُّ بِما جَرى / قِدِماً فَقَد وَضَحَ الطَريقُ الأَقوَمُ
هَل فَخرُهُ إِلّا بِمَوتِ سَمادِعٍ / أَنِفُوا وَقَد عَرَفُوا الرَدى أَن يُحجِمُوا
لَم يَلقَهُم في مَعرَكٍ وَلَو التَقَوا / لَعَرَفت أَيُّهُمُ أَشَدُّ وَأَكرَمُ
ماتُوا بِغَيرِ حُسامِهِ وَحُسامُهُ / ما سالَ فَوقَ شِفارِهِ مِنهُم دَمُ
بَل كانَ يَنظُرُ مِن بَعيدٍ وَالظُبى / تَفري الجَماجِمَ وَالقَنا يَتَحَطَّمُ
لا يَفخَرُ الرَجُلُ الَّذي نَظَرَ الوَغا / بَل يَفخَرُ البَطَلُ الَّذي يَتَقَحَّمُ
شَتّانَ بَينَ الدِزبرِيِّ وَبَينَ مَن / نَصَحَ الإِمامَ نَصيحَةً لا تَسقَمُ
هَذا يَعُقُّ وَقَد أَطاعَ وَذا عَصى / مِن بَعدِ أَن أَضحى يُعَزُّ وَيُكرَمُ
عَمرِي لَقَد صَدَقَ الَّذي هُوَ قائِلٌ / فِينا وَفيهِ مَقالَةً لا تُخرَمُ
أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ / وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ
عَدَّدتُمُ أَيّامَكُم وَعَلَيكُم / فيها النَقِيصَةُ لا عَلَينا فاعلَمُوا
يَومَ الأُبَيَّضِ كانَ جُلُّ نِهابَكُم / ما كانَ يُسقاهُ الرِجالُ وَيُطعَمُ
وَنِهابُنا مِنكُم مَعاقِلُ حَظّكُم / مِنها المُثَقَّف وَالحُسامُ المِخذَمُ
أَمّا العَواصِمُ وَالثُغورُ فَلَم تَزَل / تُحمى بِنا دُونَ المُلوكِ وَتُعصَمُ
لَولا صَوارِمُنا لَكانَت تُبَّلٌ / دَهَمَتكُمُ بِأَشَدِّ خَطب يدهمُ
وَلَسَحَّ مِنها عارِضٌ يَطمُو بِهِ / مِمّا وَراءَ السَدِّ بَحرٌ خِضرِمُ
لَكِن تَجَشَّمنا العَظيمَ بِأَنفَسٍ / عَظُمَت فَسُدَّ بِها المُلِمُّ الأَعظَمُ
عَنكُم وَعَن أَهلِ البِلادِ وَأَنتُمُ / أَدرى بِما دَفَعَ الإِلهُ وَأعلَمُ
فَعَلامَ تُصبَحُ كُلَّ يَومٍ أَرضُنا / تُغزى وَتُصبِحُ بِالعَداوَةِ تُلزَمُ
أَفَما عَلِمتُم أَن دُونَ حَرِيمِنا / قُضُباً تُشامُ وَمُقرَباتٍ تُلجَمُ
وَفَوارِساً سُودَ الجُلُودِ لِطُولِ ما / يَصدا عَلَيها السابِريُّ المُحكَمُ
بِأَكُفِّهِم بِيضٌ تَطِنُّ شِفارُها / حَتّى كَأَنَّ شِفارَها تَتَكَلَّمُ
يَومَ المَشاهِدِ وَالقَنا مُتَضايِقٌ / ما بَينَهُ وَالرِيحُ خُرقٌ تَنسِمُ
وَحُماتُكُم أَسرى تُقادُ وَمِنهُمُ / شَرقٌ بِما شَرِقَ السِنانُ اللَهذَمُ
قَد كانَ في العامِ المُقُدَّمِ عِبرَةٌ / لَكمُ وَعلِمٌ لِامرِئٍ يَتَعَلَّمُ
لَم تَنزِلُوا حِمصاً وَلَم تَتَأَمَّلُوا / قِمَماً تُداسُ بِها وَدُوراً تُهدَمُ
وَعَظَتكُم تِلكَ المَصارِعُ حَولَها / لَو أَنَّ مَن سَمِعَ المَواعِظَ يَفهَمُ
وَعَلى كَفَر طابَ بِمَصرَعِ جَعفَرٍ / حِرتُم فَكَيفَ جَسَرتُمُ أَن تُقدِمُوا
لا يَنفَعُ الرَجُلَ الَّذي هُوَ حازِمٌ / يَوماً إِذا نَزَلَ القَضاءُ المُبرَمُ
هَجَم الخَصِيُّ بِكُم عَرِينَ ضَراغِمٍ / خَطَرُ الهُجُومِ عَلى الَّذي يَتَهَجَّمُ
وَكَأَنَّما كُنتُم وَكانَ فَرِيسَةً / فَرَّت فَأَدرَكَها الهِزَبرُ الضَيغَمُ
مَرَةٌ مُخَدَّرَةً تَسِيرُ وَحَولَها / لَجِبٌ يَسُدُّ الخافِقَينِ عَرَمرَمُ
حَكَمَت عُقُولُ ذَوي العُقولِ بِأَنَّهُم / لا يَسلَمُونَ وَأَنَّها لا تَسلَمُ
يا رِفقُ رِفقاً رُبَّ فَحلٍ غَرَّةُ / ذا المَشرَبُ الأَهنى وَهَذا المَطعَمُ
حَلَبٌ هِيَ الدُنيا تُحَبُّ وَطَعمُها / طَعمانِ حُلوٌ في المَذاقِ وَعَلقَمُ
قَد رامَها صَيدُ المُلوكِ وَعاوَدُوا / عَنها وَما غَنِمُوا وَلَكِن غُنِّموا
شُرِيت بِنَصرٍ وَالحُلا حِلِ صالِحٍ / فِيمَن يُباعُ لِسائِمٍ يَتَسَوَّمُ
ما أَنتَ أَهلاً أَن تَكونَ لِسَنبَرٍ / كُفؤاً وَلا مَلِكُ الزُنُوجِ الأَعظُمُ
لَكِن إِذا حَضَرَ الفِداءُ فَإِنَّما / تُفدى بِما يُفدى الغَرابُ الأَسحَمُ
رُمتَ الصُعُودَ فَقَد صَعِدتَ مُعَمَّماً / بالسَيفِ أَحسَنَ عِمَّةٍ تَتَعَمَّمُ
وَجَلَستَ ما بَينَ المُلوكِ مُكَرَّماً / تُرعى كَما يُرعى الصَديقُ وَتُخدَمُ
وَثَوَيتَ لا خَيراً حَويتَ وَلا نَوى / ما قَد نَوَيتَ لَنا الإِمامُ الأَكرَمُ
يابانياً بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / بَيتاً مِنَ العَلياءِ لا يَتَهَدَّمُ
إِن فُزتَ بِالشرَفِ الَّذي لا آخِرٌ / في الدَهرِ فازَ بِهِ وَلا مُتَقَدِّمُ
فَلِأَجلِ أَنَّكَ ما حَيِيتَ وَإِنَّما / يُخشى عَلَيكَ مَدى الزَمانِ وَيُحكَمُ
خُلُقاً كَأَندِيَةِ الغَمامِ وَهِمَّةً / مِثلَ الحُسامِ وَعَزمَةً لا تَكهَمُ
لا زِلتَ مُخضَرَّ الجَنابِ مُؤَيّداً / بِالنَصرِ ترزُقُ مَن تَشاءُ وَتَحرِمُ
بِي مِن رَسِيسِ الحُبِّ ما تَرَيانِ
بِي مِن رَسِيسِ الحُبِّ ما تَرَيانِ / فَذَرا مَلامِي أَيُّها الرَجُلانِ
يَكفِيكُما دُونَ المَلامَةِ في الهَوى / تَسهِيدُ عَيني وَاختِفاقُ جَناني
عُوجا المَطِيَّ وَساعِداني بِالبُكا / في الرَبعِ أَو فَتَرَوَّحا وَدَعاني
وَصِفا غَرامي لِلبَخيلَةِ وَاعلَما / أَنَّ الَّذي بِي فَوقَ ما تَصِفانِ
فَلَعَلَّ هِنداً أَن تَرِقَّ لِبائِسٍ / يَرضى بِزُورِ مَواعِدٍ وَأَماني
يا دِمَنَةً ضَنِيَت وَجِسمي مِثلُها / مُضنىً بِشَحطٍ النَأيِ مُنذُ زَمانِ
أَنا مِثلُ رَبعِكِ لا أَبُوحُ بِما حَوى / قَلبي وَلا أَشكُو مُلِمَّ زَماني
وَبِجانِبِ العَلَمِ المُطِلِّ عَلى الحِمى / ظَبيانِ مُقتَرِبانِ مُبتَعِدانِ
يُؤؤِيهِما قَلبي وَفِيهِ صَبابَتي / لَولا البُكاءُ لَخِفتُ يَحتَرِقانِ
يا صاحبَيَّ قِفا عَليَّ فَما أَرى / شَملي وَشَملَ الحَيِّ يَجتَمِعانِ
بانُوا بِخَرعَبَةٍ تَمِيلُ مِنَ الصِبا / وَالدَلِّ مَيلَ نَواعِمِ الأَغصانِ
مَخلُوقَةٌ خَلقَ الذَوابِلِ نِسبةً / في اللَونِ وَالتَثقيفِ وَالعَسَلانِ
تَرنُو بِطَرفٍ كُلُّ مَنبِتِ شَعرَةٍ / مِن هُدبِهِ مَحسُوبَةٌ بِسِنانِ
وَكَأَنَّ حاجِبَها حَنِيَّةُ ثائِرٍ / بِأَخِيهِ فَوَّقَ سَهمَهُ وَرَماني
حَسُنَت فَهَلّا أَحسَنَت بِوصالَها / فَالحُسنُ مُنتَسِبٌ إِلى الإِحسانِ
وَلَقَد خَفِيتُ عَنِ العُيونِ وَزارَني / طَيفُ الكَرى فَعَجِبتُ كَيفَ رَآني
لَولا الزَفِيرُ يَدُلُّهُ لَمّا سَرى / ما كانَ يَدري الطَيفُ أَينَ مَكاني
مَن لَم يُساعِدهُ الشَبيبَةُ وَالغِنى / أَمسى الغَواني عَنهُ جِدَّ غَواني
وَحَلِيلَةٍ بَكَرَت تَلُومُ وَتَشتَكي / حَيفَ السِنين وَقِلَّةَ الإِمكانِ
ناهَبتُها سَمعي وَقُلتُ لَها اقصِري / لَومي فَمالي بِالمَلامِ يَدانِ
إِن كُنتِ فاقِدَةَ الغِنى فَتَذَكَّري / نَفَحاتِ مَبسُوطِ اليَدَينِ هِجانِ
إِنَّ البِلادَ يُغِبُّها صَوبُ الحَيا / وَيَجُودُها بِمُثَجَّجٍ هَتّانِ
ما اِشتَدَ بِي زَمَنِي وَلا ضاقَت يَدي / إِلّا وَوَسَّعَها أَبُو العُلوانِ
مَلِكٌ إِذا شِمنا بَوارِقَ كَفِّهِ / أَمسَينَ غَيرَ كَواذِبِ اللَمَعانِ
تَندى أَنامِلُهُ وَيُشرِقُ وَجهُهُ / حَيثُ الوُجُوهُ نَواقِصُ الأَلوانِ
وَلَرُبَّ مَرتٍ قَد رَمَيتُ فِجاجَهُ / تَحتَ الدُجى بِحَنِيَّةٍ مِرنانِ
تَنزُو بِراكِبِها إِذا مَتَعَ الضُحى / مَرَحاً كَما يَنُزو فُؤادُ جَبانِ
وَتَهُرُّ بازِلَها إِذا طالَ السُرى / وَوَنَت صَريرَ مَثالِثٍ وَمَثاني
وَكَأَنَّ مَوضِعَ ما يَخُطُّ زِمامُها / فَوقَ التُرابِ مَراغَةُ الثُعبانِ
وَتَسيلُ ذِفراها وَقَلتُ حَجاجِها / عَرَقاً كَلَونِ عُصارَةِ الرُمّانِ
كَلَّت فَقُلتُ لَها كَلالُكِ مُعقِبٌ / تَرفِيهَ ظَهرِكِ غابِرَ الأَزمانِ
مَلِكُ العَواصِمِ عاصِمٌ لَكِ أَن تُري / مَخزُومَةَ بِنسائعٍ وَبِطانِ
أَو تَفرَعي رُوسَ الإِكامِ وَتَقطَعي / تَحتَ الظَلامِ أَباطِحَ الغِيطانِ
فَتَيَمَّمي حَلَباً فَإِنّي آمِنٌ / أَبَداً عَلَيكَ طَوارِقَ الحَدَثانِ
في ظِلٍّ أَروَعَ مِن سُلالَةِ صالِحٍ / حَلّالِ رُوسِ شَواهِقٍ وَرِعانِ
ضَرّابِ أَعناقِ المُلوكِ وَمُنتَهى / فِعلِ الجَميلِ وَفارِسِ الفُرسانِ
لا حامِلٌ حِقداً وَلا مُتَسَربِلٌ / كِبراً وَلا مُتَعَثِّرٌ بِلِسانِ
مُستَوطِنٌ وَطَني عُلاً وَنَباهَةٍ / شُرُفاتِ حِصنٍ أَو سَراةِ حِصانِ
هَذا مُعَدٌّ مُنذُ حَلَّ بَرَبعِهِ / لِقرى الضُيوفِ وَذاكَ لِلأَقرانِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجُوهِ كَأَنَّهُم / وَسطَ النَدِيِّ مَصابِحُ الرُهبانِ
شادُوا العُلى بِسِنانِ كُلِّ مُثَقَّفٍ / قاني الشَبا وَغِرارِ كُلِّ يَماني
وَثَنَوا أَنابِيبَ الرِماحِ كَأَنَّما / يَقطُرنَ مِن عَلَقِ سُلافَ دِنانِ
وَكَأَنَّ مُعوَجَّ الأَسِنَّةِ بَعدَما / طَعَنُوا بِهِنّ مَخالِبُ العِقبانِ
وَكَأَنَّما قِطَعُ الرِماحِ تَدُوسُها / أَيدِي الجِيادِ سَبائِكُ العِقيانِ
قَومٌ إِذا لَبِسُوا التَرِيكَ لِحادِثٍ / غَطُّوا بِهِنَّ مَواقِعَ التِيجانِ
وَإِذا هُمُو دَسُّوا الوَعيدَ لِمُجرِمٍ / وَخَزُوا بِمثلِ أَسِنَّةِ المُرّانِ
جَعَلُوا نُفُوسَهُمُ لِبُنيانِ العُلى / ثَمَناً لَقَد صَبَرُوا عَلى الأَثمانِ
وَوَفَوا بِما وَعَدُوا العُفاةَ كَأَنَّما / قامُوا لِسائِلِهِم بِعَقدِ ضَمانِ
يا مَن بَنى لِبَني أَبِيهِ مَراتِباً / لَم يَبنِهِنَّ مِنَ البَرِيَّةِ باني
ما العِيدُ لَولا حُسنُ وَجهِكَ طالِعاً / فِيهِ وَلَولا سُنَّةُ الرَحمَنِ
جَمَّلتَهُ لَمّا بَرَزتَ مُعَيِّداً / فِيهِ كَأَنَّكَ فِيهِ عيدٌ ثاني
فَاسعَد بِهِ لا زِلتَ حِلفَ سَعادَةٍ / وَعُلُوِّ مَرتَبَةٍ وَرِفعَةِ شانِ
وافخَر فَإِنَّكَ في أَوانٍ أَهلُهُ / قَد فاخَرُوا بِكَ أَهلَ كُلِّ زَمانِ
يَهنِي إِمامَ الفَضلِ فَضلُ إِمامِهِ
يَهنِي إِمامَ الفَضلِ فَضلُ إِمامِهِ / وَسِجِلُّهُ بِعِراقِهِ وَبِشامِهِ
إِنَّ الَّذي قَد فاضَ مِن غُفرانِهِ / أَضعافُ ما قَد فاضَ مِن إِنعامِهِ
خَيرٌ لَهُ مِن رِفدِهِ وَعَطائِهِ / إِخلاصُ نِيَّتِهِ وَعَقدُ ذِمامِهِ
لا شَيءَ أَنفَعُ مِن تَعَطُّفِ قَلبِهِ / وَرُجُوعِهِ عَن عَتبِهِ وَمَلامِهِ
يا فَخرَ مُلكِ بَني الفَواطِمِ وَالَّذي / أَولاهُمُ في المَهدِ قَبلَ فِطامِهِ
لا يَبعُدَنَّ مُرسَلٌ أَرسَلتَهُ / فَأَتى يَقُودُ لَكَ الغِنى بِزِمامِهِ
ما كانَ مِن طَلَبَ النجاحَ تَبَجُّجاً / في قَولِهِ وَفَعالِهِ وَمَرامِهِ
إِنَّ الَّذي يَرمي السِهامَ نَوافِذاً / يَرمي وَلَيسَ تُصِيبُ كُلُّ سِهامِهِ
مُستَوجِبٌ ساعٍ يَزيدُكَ سَعيُهُ / نَفعاً إِذا ما زِدتَ في إكرامِهِ
وَمِنَ الرِجالِ ذَوِي المَحَبَّةِ ساهِرٌ / يُلهِيهِ مَدحُكَ عَن لَذيذِ مَنامِهِ
لَو ماتَ وَانكَشَفَ الثَرى عَن رَمسِهِ / لَوَجَدتَ حُبَّكَ في رَميمِ عِظامِهِ
أَولَيتَهُ الحَسَنَ الجَميلَ فَشُكرُهُ / لَكَ واجِبٌ كَصَلاتِهِ وَصِيامِهِ
يُثني بِفَضلِكَ ما اِستَطاعَ وَمالَهُ / شَيءٌ يُساعِدُهُ سِوى أَقلامِهِ
سِر حَيثُ شِئتَ مِنَ البِلادِ تَجد بِها / لَكَ عِقدَ حَمدٍ مِن غَريبِ نِظامِهِ
أَذكى نَسيماً في الفَلا مِن رَندِهِ / وَعَرارِهِ وَبَهارِهِ وَبَشامِهِ
إِنَّ البِلادَ إِذا أَرادَ مُلُوكُها / عِطراً يَدُومُ تَعَطَّرُوا بِكَلامِهِ
وَعَلى سَريرِ المُلكِ أَروَعُ ماجِدٌ / تُغَضي لَهُ الأَبصارُ مِن إِعظامِهِ
أَلشُّهبُ ما زادَت عَلى أَوصافِهِ / وَالأُسدُ ما قَدِرَت عَلى إِقدامِهِ
لَو أَنَّ هَمّاماً رَآهُ لَصَدَّهُ / عَن بِشرِهِ وَوَليدِهِ وَهِشامِهِ
أَو كانَ في زَمَن ابنِ أَوسٍ ما سَما / بِفَعالِ حاتِمِهِ وَلا ابنِ أُمامِهِ
كَرَماً مَحا ذِكرَ الكِرامِ فَلَم يَدَع / في كُلِّ عَصرٍ قِيمَةً لِكِرامِهِ
أَوفى عَلى لُقمانِهِ وَعَلا عَلى / نُعمانِهِ وَسَطا عَلى بِسطامِهِ
وَهُمُ المُلوكُ الضارِبُونَ مِنَ العُلى / بِأَكُفِّهِم في غَرزِهِ وَسَنامِهِ
أُنظُر إِلَيهِ تَرَ الضِياءَ مُشَعشِعاً / في دَستِهِ مِن حُسنِهِ وَوَسامِهِ
لَبِسَ العِمامَةَ لا يُشَكُّ بِأَنَّها / تاجٌ عَلى كِسراهُ أَو بِهرامِهِ
زَحَمَ السَماءَ بِها فَوَدَّ هِلالُها / لَو كانَ مَوضِعَ طَوقِهِ وَلِثامِهِ
طَوقٌ عَلى عُنُقِ السِماكِ يُقِلُّهُ / جَبَلٌ يَرى الأَجبالَ مِن آطامِهِ
هُوَ هالَةٌ كَالبَدرِ بَدرِ عَشِيرَةٍ / أَمِنُوا غَياهِبَ ظُلمِهِ وَظَلامِهِ
صاغُوهُ مِن سامِ النُضارِ لِماجِدٍ / كَفّاهُ حَربٌ مُنذُ كانَ لِسامِهِ
وَالدُرُّ مُشتَبِكٌ عَلَيهِ كَأَنَّهُ / حَبَبٌ طَفا مِن فَوقِ كاسِ مُدامِهِ
كَم في الرِقابِ مِنَ الصَنائِعِ مِثلُهُ / لِأَغَرَّ يَبني عزَّهُ بِحُسامِهِ
وَتَقَلَّدَ الصَمصامَ أَروَعُ سَعدُهُ / يُغنِيهِ في الهَيجاءِ عَن صَمصامِهِ
وَهَفَت عَلَيهِ عَلامَةٌ مَعقُودَةٌ / بِالعِزِّ وَالتَأييدِ مِن عَلّامِهِ
كَالرَوضَةِ الغَنّاءِ إِن نُشِرَت وَإِن / طُوِيَت فَمِثلُ النَورِ في أَكمامِهِ
بَيضاءُ مِن صافي اللُجَينِ كَأَنَّها / عِرضُ الأَميرِ مُنَزَّهاً عَن ذامِهِ
وَتَهادَتِ النُجُبُ الضِخامُ تَهادِياً / بِفِنائِهِ مِن خَلفِهِ وَأَمامِهِ
وَرَأَيتُ سَبعَةَ أَنجُمٍ في وَسطِها / بَدرٌ يَفُوقُ البَدرَ عِندَ تَمامِهِ
لَمَعَ الطَميمُ عَلَيهِمُ فَكَأَنَّهُ / خَمرٌ يُحَسَّرُ عَنهُ ثَوبُ قَتامِهِ
مُتَوَقِّداً لَولا سَحابُ أَكُفِّهِم / يُطفيهِ لالتَهَبُوا بِلَفحِ ضِرامِهِ
سَجَدُوا لأَعلامِ الإِمامِ وَإِنَّما / سَجَدُوا لِما كَتَبُوا عَلى أَعلامِهِ
يَومٌ أَغَرُّ وَنِعمَةٌ مَشكُورَةٌ / عَضَّ الحَسُودُ بِها عَلى إِبهامِهِ
لا يَعدَمُوهُ بَنُو أَبِيهِ فَإِنَّهُم / في نِعمَةٍ وَدَوامُها بَدَوامِهِ
لَولا الفَخارُ بِما أَتاهُ لَخِلتُها / تُحَفاً تَقِلُّ لِعَبدِهِ وَغُلامِهِ
لَكِنَّها تُحَفُ الإِمامِ وَبَعضُها / كافٍ وَلَو لَم يَأتِ غَيرُ سَلامِهِ
أَليَومَ عَزَّ المُسلِمونَ وَنَكَّبَت / أَعداءُ هَذا الغِيلِ عَن ضِرغامِهِ
وَأَظَنُّ مَلكَ الرُومِ لَيسَ يَرى لَهُ / حِصناً يُحَصِّنُهُ سِوى إِسلامِهِ
يا مَن يَجُودُ عَلى الوُفُودِ بِمالِهِ / جُودَ السَحابِ عَلى الرُبى بِرهامِهِ
تَمِّم جَميلَكَ بِاستاعِ غَرائِبي / إِنَّ الجَميلَ جَمالُهُ بِتَمامِهِ
وَانهَ الحَوادِثَ أَن تُلِمَّ بِساحَتي / فَالنَبتُ لا يَسقِيهِ مِثلُ غَمامِهِ
يا سامِعَ الأَصواتِ بقِّ عَدُوَّهُ / في هَذهِ الدُنيا بَقاءَ سَوامِهِ
وَأَمِت بِلُطفِكَ ضِدَّهُ وَحَسُودَهُ / يا رَبِّ مَوتَ البُخلِ في أَيّامِه
وَاحرُسهُ لَلإِسلامِ في يَقظاتِهِ / وَمَنامِهِ وَمَسيرِهِ وَمَقامِهِ
مُتَمَتِّعاً طُولَ الحَياةِ بِيَومِهِ / وَبَأمسِهِ وَبِشَهرِهِ وَبِعامِهِ
قُل لِلغَمامِ إِذا اِستَهَلَّ صَبِيرُهُ
قُل لِلغَمامِ إِذا اِستَهَلَّ صَبِيرُهُ / وَانهَلَّ أَوَّلُهُ وَسَحَّ أَخِيرُهُ
كاثِر سِوى جُودِ الأَميرِ فَرُبَّما / يُوفي عَلَيهِ قَلِيلُهُ وَكَثيرُهُ
أَحَسِبتَ أَنَّكَ حِينَ صُبتَ عَديلَهُ / وَظَنَنتَ أَنَّكَ يا غَمامُ نَظِيرُهُ
لا تُوهَمَنَّ فَإِنَّ أَيسَرَ جُودِهِ / لَو سَحَّ في بَلَدٍ لَسالَ غَدِيرُهُ
إِنّي لَأعجَبُ وَهوَ رُكنُ مُتالِعٍ / لِمَ لا يَبِيدُ إِذا عَلاهُ سَرِيرُهُ
مَلِكٌ تَشَهَّرَ بِالسَخاءِ مِنَ الصِبا / حَتّى استَمَرَّ عَلى السَخاءِ مَرِيرُهُ
ضَمِنتَ صُرُوفُ النائِباتِ لِجارِهِ / أَن لا يَخافَ البُؤسَ وَهوَ مُجِيرُهُ
قَد قُلتُ لِلأَعداءِ حينَ يَراهُمُ / حَذَراً فَإِنَّ اللَيثَ حَيثُ زَئيرُهُ
لِزَعِيمِكُم مِنهُ النَجاءُ فَإِنَّني / مِن شَفرَتي هَذا الحُسامِ نَذِيرُهُ
ما بينَكَم حَتماً وَبَينَ صَباحِكُم / بِالحَينِ إِلّا أَن يَحِينَ مَسِيرُهُ
فَحَذارِ مِنهُ وَمِن عَواقِبِ كَيدِهِ / إِن كانَ يَنفَعُ حائِناً تَحذِيرُهُ
أَمّا الإِمامُ فَقَد تَيَقَّنَ أَنَّهُ / لا يَرهَبُ الأَعداءَ وَهوَ نَصِيرُهُ
خَلُصَت سَرِيرَتُهُ وَصَحَّ وِدادُهُ / وَصَفا لِأَولادِ النَبِيِّ ضَميرُهُ
إِنّي عَلى ثِقَةٍ بِأَنَّ عَدُوَّهُ / مِن حَيثُ يَسمَعُ بِالمَسِيرِ أَسيرُهُ
وافى يَدُسُّ إِلى الأَميرِ وَعِيدَهُ / وَالكَلبُ لا يَثني الهِزَبرَ هَرِيرُهُ
دُفِعَت مُلِمّاتُ اللَيالي عَن فَتىً / عَدَدُ النُجومِ الطالِعاتِ فُخُورُهُ
أَبَداً لَنا رِيفانِ إِمّا خَيرُهُ / ما زالَ مُنتَجَعاً وَإِمّا خِيرُهُ
سِرَّ القُلوبِ فَلا اِنقَضى في ظِلِّهِ / أَبَداً سُرورُ قُلوبِنا وَسُرُورُهُ
وَتَمَتَّعَت بِحَياتِهِ أَيّامُهُ / وَشُهُورُهُ وَدُهُورُهُ وَعُصُورُهُ
أُنظُر إِلى الغَيثِ الَّذي نَطَفا
أُنظُر إِلى الغَيثِ الَّذي نَطَفا / وَسَميِّهِ الغَيثِ الَّذي خَلَفا
مُتَشابِهَين نَدىً وَمَكرُمَةً / مُتَخالِفَينِ وَنِعمَ ما اِختَلَفا
هَذا أَنالَ فَدامَ نائِلُهُ / فِينا وَذاكَ أَلَثَّ وَاِنصَرَفا
وَلَّت وَما وَقَفت مَكارِمُهُ / وَالحَمدُ لِلغَيثِ الَّذي وَقَفا
يا حُسنَ مَجلِسِنا وَبَهجَتِهُ / بِأَغَرَّ زادَ عَلى الَّذي وُصِفا
نَزَلَ الغَمامُ عَلى الرُخامِ فَقَد / خَلّاهُ حَولَكَ رَوضَةً أُنُفا
غَنّاءَ تَضحَكُ كُلَّما اِنطَرَفَت / عَينُ السَحابِ فَأَنبَتَت طُرَفا
يا غَيثَ جُودٍ صَيِّباً هَلَلاً / وَرَبيعَ جُوجٍ مَخصِباً سَرَفا
لا زِلتَ مُصطَبِحاً وَمُغتَبِقا / مُتَأَزِّراً بِالحَمدِ مُلتَحِفا
تُمسِي وَتُصبِحُ في بُلَهنِيَةٍ / لا حادِثاً تَخشى وَلا جَنَفا
فَلَأَنت أَكرَمُ عامِرٍ نَسَباً / فِيهِم وَأَقدَمُ عامِرٍ شَرَفا
لا زِلتَ حِلفَ سَعادَةٍ وَبَقاءِ
لا زِلتَ حِلفَ سَعادَةٍ وَبَقاءِ / مَوصُولَتَينِ بِرِفعَةٍ وَعَلاءِ
تَجني الحَياةَ حَمِيدَةَ الإِيرادِ / وَالإِصدارِ وَالإِصباحِ وَالإِمساءِ
يا أَفصَحَ الفُصَحاءِ بَل يا أَرجَحَ / الرُجَحاءِ بَل يا أَسمَحَ السُمَحاءِ
لا شَيءَ أَعشَقُ مِن حُسامِكَ لِلطُلى / إِلّا يَداكَ لِنائِلٍ وَسَخاءِ
طُلتَ الأَنامَ فَما تَرَكتَ فَضِيلَةً / إِلّا وَفُقتَ بِها عَلى الفَضلاءِ
أَنتَ السَخِيُّ فَلِم بَخِلتَ عَلى الوَرى / أَن يُشبِهُوكَ وَلَستَ في البُخَلاءِ
طَلَبُوا لَحاقَكَ في العَلاءِ فَقَصَّرُوا / وَسَبَقتَ سَبقَهُمُ إِلى العَلياءِ
قَعَدُوا وَقُمتَ بِما حَمَلتَ مِنَ العُلى / وَقَعَدتَ فَوقَ كَواكِبِ الجَوزاءِ
رُوحِي فِدا مَلِكِ لِسُنَّةِ وَجههِ / مَآءانَ ماءُ حَيّاً وَماءُ حَياءِ
ما ضَرَّ خَلقاً شامَ بارِقَ كَفِّهِ / أَن لا يَشِيمَ بَوارِقَ الأَنواءِ
يا خَيرَ مَن سَمِعَ الثَناءَ وَخَيرَ مَن / أَودَعتُ مَسمَعَهُ الكَرِيمَ نِدائِي
لا وَدَّعَتكَ المَكرُوماتُ وَلا العُلى / كَوَداعِنا لِسُلافَةِ الصهباءِ
عُمرُ الجَفاءِ لَنا قَصِيرٌ طُولُهُ / شَهرٌ كَعُمرِ طَوائِفِ الأَعداءِ
فَاشرَب هَنِيئاً لا عَدِمتَ مَسَرَّةً / أَبَداً وَلا عاداكَ يَومُ هَناءِ
في مَنزِلٍ أَلبَستَ سائِرَ أَهلِهِ / بِحُلُولِهِ حُلَلاً مِنَ النَعماءِ
لَو أَنَّهُم بَسَطُوا الخُدُودَ كَرامَةً / لَكَ ما جَزَتكَ خُدُودُهُم بِجَزاءِ
نِعمَ العَبِيدُ أَتَوا لِيَرفَعَ مِنهُمُ / مَولىً كَثِيرُ صَنائِعِ الآلآءِ
شَكَرُوا وَما اِقتَنَعُوا بِأَلسُنِ شُكرِهِم / حَتّى اِستَعارُوا أَلسُنَ الشُعَراءِ
فَشَكَرتُ أَنعُمَكَ الجَسِيمَةَ عَنهُمُ / وَعَنِ الوَرى شُكرَ الثَرى لِلماءِ
إِنّي لَأَرحَمُ مَن يَقُولُ وَقَد رَأى / ذا الفَضلَ إِنَّ الفَضلَ لِلقُدَماءِ
لَيسُوا بِأَنظارِ الأَمِيرِ وَلا الأُلى / نَطَقُوا بِحُسنِ صِفاتِهِم نُظَرائِي
تَرَكَ المُلوكَ بَنِي المُلوكِ وَراءَهُ / وَتَرَكتُ أَربابَ القَريضِ وَرائِي
أُثنِي عَلَيهِ وَمَن لِخارِقَةِ الصَبا / لَو أَنَّها سارَت مَسِيرَ ثَنائِي
هُوَ عِطرُ سُكّانِ العَمُودِ وَإِن أَتى / بَلَداً فَعِطرُ مَجالِسِ الأُدَباءِ
عِش حِقبَةً لا تَنتَهِي بَل تَبتَدِي
عِش حِقبَةً لا تَنتَهِي بَل تَبتَدِي / وَتَمَلَّ بِالدُنيا وَأَبلِ وَجَدِّدِ
فَإِذا تَقَضَّت مُدَّةٌ مَعهُودَةٌ / وُصِلَت بِأَسعَد مُدَّةٍ لَم تُعهَدِ
فَتَدُومُ مَخصُوصاً بِعِزٍ سَرمَدٍ / لا يَنقَضي وَبِطُولِ عُمرٍ سَرمَدِ
رُم ما اِشتَهَيتَ تَنَل وُسُس ما تَبتَغي / تَرشُد وَحاوِل ما أَرَدتَ تُسَدَّدِ
وَالبَس هِلالَ الأُفقِ طَوقاً وَانتَطِق / شُهُبَ المَجَرَّةِ وَانتَعِل بِالفَرقَدِ
واسحَب عَلى الشِعرى العَبُورِ مَلابِساً / عَبَرَت عَلى جَسَدِ الإِمامِ الأَمجَدِ
فِيها نَسِيمُ أَبِي الأَئِمَّةِ حَيدَرٍ / وَنَسيمُ خَيرِ الأَنبِياءِ مُحَمَّدِ
وَاعقِد عَلَيكَ التاجَ وَاعلَم أَنَّهُ / بِالعِزِّ مَعقُودٌ وَإِن لَم يُعقَدِ
قَد رُصِّعَت فيهِ مَناقِبُ جَمَّة / تُغنِيهِ عَن دُرٍّ بِهِ وَزَبَرجَدِ
وَتَقَلَّدِ العَضبَ الشَبِيهَ بِغِمدِهِ / فَكَأَنَّما هُوَ مُصلَتٌ لَم يُغمدِ
كَثُرَت بِحَدَّيهِ الفُلولُ كَأَنَّهُ / مِمّا يُكَسِّرُ في الطُلى فَمُ أَدرَدِ
هُوَ مُفرَدٌ في الغِمدِ إِلّا أَنَّهُ / في الرَوعِ يُزوِجُ كُلَّ شَيءٍ مُفرَدِ
في كَفِّ أَروَعَ لَو أَشارَ بِسَيفِهِ / لَفَرى وَحدُّ السَيفِ غَيرُ مُجَرَّدِ
وَاركَب جِيادَ ابنِ النَبِيِّ طَوامِحاً / مِثلَ الصُقورش دَوالِجاً في العَسجَدِ
مِن كُلِّ مَلفُوفِ الجِيادِ مُقَلَّصٍ / كَالسِبدِ سِيدِ الرَدهَةِ المُتَمَرِّدِ
مُتَرَفِّقٍ يَمشي بِحِليَةِ سَرجِهِ / مَشيَ المُقَيَّدِ وَهوَ غَيرُ مُقَيَّدِ
وَإِذا جَرى تَحتَ العَجاجِ بِرَبِّهِ / طَبَعَ الأَهِلَّةَ في صِفاحِ الجَلمَدِ
وَوَراءَ ظَهرِكَ رايَةٌ مَرفُوعَةٌ / تَهدِي الخَمِيسَ مِنَ الضَلالِ فَيَهتَدِي
كَالغادَةِ الحَسناءِ ذاتُ ذَوائِبٍ / تَهفُو وَذاتُ تَعَطُّفٍ وَتَأَوُّدِ
في لَونِ عِرضِكَ كُلَّما خَفَقَت بِها / رِيحُ الصَبا خَفَقَت قُلُوبُ الحُسَّدِ
عَقَدَ الإِمامُ فُرُوعَها بِيَمِينِهِ / عَقداً تَكَفَّلَ بِالبَقاءِ الأَسعَدِ
وَحِيالَها بِيضُ البُنودِ كَأَنَّها / رَوضٌ يَرِفُّ عَلى القَنا المُتَأَوِّدِ
مِن مُذهَبٍ وَمُفَضَّضِ وَمُخَلَّقٍ / وَمُزَوَّقٍ وَمُعَصفَرِ وَمُوَرَّدِ
وَالبُزلُ حامِلَةُ القِبابِ كَأَنَّها / سَكرى لِكَثرَةِ ما تَرُوحُ وَتَغتَدِي
في سَبسَبٍ عَن سَبسَبٍ أَو مَجهَلٍ / عَن مَجهَلِ أَو فَدفَدٍ عَن فَدفَدِ
تَرَكَت مَحَلَّ ابنِ الرَسولِ وَأَقبَلَت / مَنصُوصَةً تَبغِي مَحَلَّ السُؤدُدِ
وَتَشَوَّفَت أَعناقُها في رَبوَتي / مِصرٍ إِلى البَلَدِ القَصِيِّ الأَبعَدِ
وَسَرَت إِلى أَن جاوَزت تَحتَ الدُجى / رَملَ العَرِيشِ وَرَملَ ذاتِ الغَرقَدِ
وَتَكَرَّهَت ماءَ الجِفارِ وَحاوَلَت / ماءً بِشَطٍّ قُويقَ عَذبَ المَوردِ
وَتَيامَنَت عَن بَحرِ صُورٍ تَبتَغي / بِالشامِ أُمَّ الناجِعينَ القُصَّدِ
وَأَتَت طَرابُلُساً تَكادُ قُلُوبُها / تَطغى مِنَ الشَوقِ المُقيِمِ المُقعِدِ
وَتَيَمَّمَت مَرَقِيَّةَ وَقَدِ اِنطَوَت / مِمّا تَجُوبُ البِيدَ طَيَّ مُجَلَّدِ
وَشَكَت بِها فَرطَ السَحابِ وَفَرطَما / بِقُلُوبِها مِن لَوعَةٍ لَم تَبرُدِ
وَنَوَت حَماةَ وَالغَمامُ يَصُدُّها / عَن قَصدِها صَدَّ الحِيامِ الوُرَّد
وَنَوَت كَفَرطابَ وَمِلءُ صُدُورِها / شَوقٌ أَحَرُّ مِن الجَحيمِ المُوقَدِ
وَتَجاوَزَت أَرضَ المَعَرَّةِ وَانتَشَت / رِيحَ الحَياةِ مِنَ السَبِيلِ الأَقصَدِ
وَبِأَرضِ سَرمِينٍ أُرِيحَت بَعدَما / شَكَتِ العَياءَ مِنَ الذَمِيلِ السَرمَدِ
وَغَدَت مُيَمِّمَةً أَجَلَّ مُيَمَّمٍ / قَدراً وَأَقرَبَ نائِلاً مِن مَوعِدِ
حَتّى أَتَت مَلِكاً ضِياءُ جَبِينِهِ / كَضِياءِ بَدرِ الحِندِسِ المُتَوَقِّدِ
فَأَحَلَّها دارَ النَعِيمِ وَفَكَّها / بَعدَ الإِياسِ مِنَ العَذابِ المُوصَدِ
رُوحِي فِدا المَلِكِ المُعَوِّدِ رُوحَهُ / بِالحِلمِ أَفضَلَ عادَةِ المُتَعَوِّدِ
إِن سِيلَ جادَ وَإِن أَصابَ خَطِيَّةً / أَغضى فَلَم يَحقِد وَلَم يَتَوَجَّدِ
وَلَدَ النِساءُ مِنَ الرِجالِ خَلائِقاً / لا يَنحَصُونَ وَمِثلُهُ لَم يُولَدِ
شَكَرُوا الإِمامَ عَلى تَواتُرِ فَضلِهِ / شُكرَ الخَمِيلَةِ لِلغَمامِ المُغتَدِي
أَمّا أَمِيرُ المُؤمِنينَ فَعالِمٌ / أَنَّ الجَميلَ إِلَيكَ غَيرُ مُفَنَّدِ
فَلتَدفَعَنَّ عَنِ البِلادِ وَأَهلِها / نُوَباً يُخافُ وَقُوعُها وَكَأَن قَدِ
وَلتُحمَدَنَّ كَما حُمِدتَ بتُبَّلٍ / وَالخَيلُ تَعثَرُ بِالقَنا المُتَقَصِّدُ
وَالشِركُ مِنكَ وَمِن شَقِيقِكَ هارِبٌ / هَرَبَ الشَحاحِ مِنَ الغَمامِ المُرعِدِ
لَولا سُيُوفُكُمُ البَواتِرُ لالتَقى / مَن بِالثُغورِ وَمِن بِبُرقَةِ مُنشِدِ
لَكِن أَبَت عَزَماتُكُمُ أَن تَنثَنِي / أَو تَنثَني رِيّانَةً كَبِدُ الصَدِي
أَسنَدتُمُ الإِسلامَ إِنَّ سُيُوفَكُم / لِمَعاقِلِ الإِسلامِ أَفضَلُ مُسنِدِ
لَولاكُمُ كانَ النَدى مُتَعَذِّرَ ال / مَلقى وَكانَ الفَضلُ مَغلُولَ اليَدِ
أَمسى أَبُو العُلوانِ فِيكُمُ أَوحَدَاً / فَسَهِرتُ فِيهِ عَلى الكَلامِ الأَوحَدِ
وَنَظَمتُ فِيهِ مِنَ القَرِيضِ شَوارِداً / أَنسَت بَني الدُنيا شَوارِدَ أَحمَدِ
قالَت مَناقِبُهُ وَقَد عَدَّدتُها / أَقصِر فَإنَّ الغَيثَ غَيرُ مُعَدَّدِ
غَمِّض جُفُونَكَ دُونَهُنَّ فَرُبَّما / أَعشى ضِياءُ الشَمسِ جَفنَ الأَرمَدِ
فَرَّغتَ مالَكَ في الجَميلِ وَلَم تَدَع / في اليَومِ ما يُعطى وَيُوهَبُ في الغَدِ
يا خَيرَ مَن وَصَلَت إِلَيهِ وَعَرَّسَت / بِفِنائِهِ خُوصُ الرِكابِ الوُخَّدِ
لَيسَ الصُعودُ إِلى العَلاءِ بِهَيِّنٍ / فَيُنالَ إِنَّ المَجدَ صَعبُ المَصعَدِ
مَن شامَ كَفَّكَ لَم يَزَل مُتَيَقِّناً / أَن الغَمامَ بِجُودِ كَفِّكَ يَقتَدِي
لَيتَ الأَوائِلَ أَبصَرُوكَ فَأَبصَروا / زَودَ الأَخِيرِ وَنَقصَ فَضلِ المُبتَدي
حَسُنَت بِكَ الدُنيا كَأَنَّكَ غُرَّةٌ / بَيضاءُ في وَجهِ الزَمانِ الأَسوَدِ
أَهوىً وَحَرُّ جَوىً بِكُم وَفِراقُ
أَهوىً وَحَرُّ جَوىً بِكُم وَفِراقُ / أَيُّ الثَلاثِ الفادِحاتِ يُطاقُ
لا تَجمَعُوا البَلوى عَلَيَّ فَرُبَّما / جُمِعَ الضِرامُ فَعُجِّلَ الإِحراقُ
يَحلُو الهَوى لِلعاشِقِينَ وَطَعمُهُ / لَو عِيفَ بِئسَ الطَعمُ حِينَ يُذاقُ
قَتَلَتهُمُ البِيضُ الرِقاقُ وَما احتَمَوا / عَنها بِبِيضِ الهِندِ وَهِيَ رِقاقُ
كُلُّ الدِماءِ لِأَهلَها مَضمُونَةٌ / إِلّا دَمٌ يَومَ الفِراقِ يُراقُ
سَنَحَت لَنا بَينَ السَديدِ وَبارِقٍ / ظَبَياتُ إِنسٍ ما لَها أَرواقُ
بِيضُ المَباسِمِ وَالمَعاصِمِ وَالطُلى / لا الشَتُّ مَطعَمُها وَلا الطُبّاقُ
لَونُ المَخانِقِ وَالحُلِيِّ يَدُلُّنا / أَنَّ المَخانِقَ مِثلَنا عُشّاقُ
لَو لَم تَجِد بِهَوى الأَحِبَّةِ وَجدَنا / ما اصفَرَّتِ الأَحجالُ وَالأَطواقُ
يا صاحِبيَّ تَأَمَّلا هَل بِالحِمى / ظُعُنٌ لِخَولَةَ بِالعَشِيِّ تُساقُ
مِثلُ النَخِيلِ المُشمَخِرِّ زَهَت بِهِ / غِبَّ الصَباحِ أَواعِسٌ وَبُراقُ
أَو كَالسَفِينِ فَلا يَكُونُ عُبابُهُ / إِلّا الضُحى وَسَرابُهُ الخَفّاقُ
وَلَقَد سَرَيتُ وَمُؤنِسِي مُتَماُيلٌ / مَيلَ النَزِيفِ مُرَوَّعٌ مِقلاقُ
في لَونِهِ كَلَفٌ وَفِي أَعضائِهِ / قَضَفٌ وَفِي أَوصالِهِ اِستِثاقُ
عارِي العِظامِ دُوَينَ مَفرِقِ رَأسِهِ / مِثلُ النِطاقِ ذُؤابَةٌ وَنِطاقُ
هَذا وَماءٌ جامِدٌ مِمّا اِقتَنى / أَزمانَهُ المُتَجَبِّرُ العِملاقُ
طالَ الزَمانُ عَلَيهِ حَتّى أَنَّهُ / لَم يَبقَ إِلّا ماؤُهُ الرَقراقُ
نِعمَ الرَفيقُ إِذا المَفاوِزُ لَم يَكُن / فِيهِنَّ لِلرَجُلِ الوَحيدِ رِفاقُ
تَرمِي بِرَحلِي في الفِجاجِ وَنُمرُقِي / قَذّافَهُ زَيّافَةٌ مِطراقُ
أَمّا إِذا جَدَّ النَجاءُ فَإِنَّها / بَرقٌ وَأَمّا إِن وَنَت فَبُراقُ
سَيرُ المَطِيِّ تَناعُسٌ وَتَقاعُسٌ / تَحتَ الظَلامِ وَسَيرُها إِعناقُ
وَصَلَت إِلى حَلَبٍ تُحاوِلُ رِزقَها / مِمَّن تُحاوَلُ عِندَهُ الأَرزاقُ
فَأَتَت كَرِيمَ الخِيمِ عادَةُ كَفِّهِ الن / نُعمى وَعادَةُ مالِهِ الإِنفاقُ
حُلوُ الجَنى وَإذا يُهاجُ فَإِنَّهُ / مُرٌّ بِما ساءَ العَدُوَّ زُعاقُ
يُغنِي وَيُفقِرُ واهِباً أَو سالِباً / مُذ كانَ فَهوَ الحارِمُ الرَزّاقُ
كَالعارِضِ الوَطِفِ الَّذي في طَيِّهِ ال / إِرهام وَالإِرعادُ وَالإِبراقُ
جَلدٌ عَلى نُوَبِ الزَمانِ وَرَيبِهِ / ساعٍ إلى أَمَدِ العُلى سَبّاقُ
لا طائِشٌ وَهَلٌ وَلا مُتَعَجرِفٌ / عَجِلٌ وَلا مُتَلَوِّنٌ مِخراقُ
مَحضُ الأُبُوَّةِ وَالمُرُوَّةِ خالِصٌ / طابَ النِجارُ فَطابَتِ الأَعراقُ
لا يُحمَدُ الخَلقُ الجَميلُ مِنَ الفَتى / حَتّى يَتِمَّ فَتُحمَدَ الأَخلاقُ
مَن يَلقَ فَخرَ المُلكِ يَلقَ حُلاحِلاً / ما لِلنُضارِ بِراحَتَيهِ مَلاقُ
مُغرىً بِحُبِّ المَكرُوماتِ كَأَنَّها ال / عَذراءُ وَهوَ المُدنَفُ المُشتاقُ
يُعطِي عَلى عُسرٍ وَيُسرٍ لا الغِنى / مِمّا يُغَيِّرُهُ وَلا الإِملاقُ
كَرَماً يُنالُ بِهِ العُلى وَمَناقباً / غُرّاً تَطُولُ بِمثلِها الأَعناقُ
لَولا أَبو العُلوانِ لَم يَكُ لِلنَدى / سُوقٌ وَلَم يَكُ لِلقَريضِ نَفاقُ
إِنَّ المَكارِمَ ما لِخَلقٍ غَيرِهِ / لا وَاجِبٌ فِيها وَلا اِستِحقاقُ
مَلِكٌ تَعُوذُ بِهِ المُلوكُ إِذا نَبا / شامٌ بِها وَجَزيرَةٌ وَعِراقُ
لَكُمُ الأَمانُ مِنَ الزَمانِ بِقُربِهِ / لا نَبوَةٌ تُخشى وَلا إِرهاقُ
إِمّا اِصطِلاحٌ أَو كِفاحٌ بِالقَنا / حَتّى يُعَصفِرَها الدَمُ المُهراقُ
لَسنا نُحَسِّنُ أَن يُضاعَ لِجارِنا / حَقٌّ وَلا عَهدٌ وَلا مِيثاقُ
عِزّاً بَناهُ اللَهُ فِينا بِالقَنا / وَحَماهُ هَذا السَيِّدُ الغيداقُ
أَمِنَت بِهِ الآفاقُ حَتّى لَم يُرَد / لِلضَأنِ في حُجُزاتَها أَرباقُ
يا مَن بَراهُ اللَهُ وَاحِدَ خَلقِهِ / فَتَفَرَّدَ المَخلُوقُ وَالخَلّاقُ
ما يَهتَدِي لِصِفاتِ مَجدِكَ خاطِري / كَلَّ اللِسانُ وَضاقَتِ الأَخلاقُ
يُغنِيكَ فَضلُكَ عَن مَدِيحَةِ مادِحٍ / وَالشَمسُ أَفضَلُ مَدحِها الإِشراقُ
وَالشِعرُ دُونَ مَحَلِّ قَدرِكَ قَدرُهُ / لَكِن لَنا وَلَأَهلِهِ أَرزاقُ
يا مَن يُؤَرِّقُ ناظرَيَّ صِفاتُهُ / لا زالَ يُشكى ذَلِكَ الإِيراقُ
أَغنى نَدى هَذا الأَميرِ وَفَضلُهُ / أَن تُختَطى بِرِكابِنا الآفاقُ
رُوحِي وَإِن قَلَّت فِداهُ فَإِنَّهُ / دَرّاكُ كُلِّ فَضِيلَةٍ لَحّاقُ
عَجِلُ النَدى وَالبَأسِ لَيسَ لِوَعدِهِ / أَبداً وَلا لِوَعِيدِهِ إِخفاقُ
يا مالِكَ الدُنيا الَّذي أَوصافُهُ / يَعيا بِهِنَّ القالَةُ الحُذّاقُ
لَولا المَهابَةُ إِذ بَرَزتَ مُعَيِّداً / نَهَبَتكَ مِن شَغَفٍ بِكَ الأَحداقُ
وَلَكَم وَلِيٍّ وَدَّ أَنَّ جَبِينَهُ / لِشِراكِ نَعلِكَ في الطَرِيقِ طِراقُ
حُبّاً تَمَكَّنَ في القُلُوبِ وَدَولَةً / مُزِجَت بِشُكرِ مُدِيلِها الأَرياقُ
لا زالَ مُخضَرَّ الجَنابِ يَحُجُّهُ ال / قُصّادُ وَالوُفّادُ وَالطُرّاقُ
مِنكَ الجَمِيلُ وَمِنِّيَ الشُكرُ
مِنكَ الجَمِيلُ وَمِنِّيَ الشُكرُ / وَلِيَ الغِنى وَلِمَجدِكَ الذِكرُ
تُغنِي وَأُثنِي جِدَّ مُجتَهِدٍ / وَأُمِلُّ فِيكَ وَيَكتُبُ الدَهرُ
لا أَجحَدُ النُعمى الَّتي سَبَغَت / أَنا بَعضُ مَن غَرَّقتَ يا بَحرُ
نُعماكَ نُعمى لَستُ أَكفُرُها / إِنّض الصَنِيعَةَ كُفرُها كُفرُ
يا مَنطِقي بُورِكتَ مُحتَمِلاً / عَنّي الجَزاءَ وَبُورِكَ الشِعرُ
زِدِني غِنىً وَزِدِ الأَمِيرَ ثَناً / مالِي وَلا لَكَ عِندَهُ عُذرُ
أَعطى فَلا خُلفٌ وَلا عِدَةٌ / وَعَفا فَلا حِقدٌ وَلا غَمرُ
خُلُقاً كَرَوضِ الحَزنِ أَنبَتَهُ / نَوءُ الذِراعِ وَوابِلٌ هَمرُ
وَسَماحَةً في طَبعِ ذِي كَرَمٍ / لا البُخلُ شِيمَتُهُ وَلا الغَدرُ
غَرِقتَ مَعدٌّ في مَكارِمِهِ / غَرَقَ الخُطَيطَةِ جادَها الغَفرُ
فَكَسا جَوانبِها مَفَوَّفَةً / غَنّاءَ يَضحَكُ بَينَها الزَهرُ
فَالنَورُ نُعماهُ وَصَيِّبُهُ / كَرَمُ الأَميرِ وَحَمدُهُ النَشرُ
سَلنِي أَبُثُّكَ عَن أَخِي ثِقَةٍ / يَسرِي بِضَوءِ جَبِينِهِ السَفرُ
أَمِنَت بِهِ سُبلُ البِلادِ فَلا / جَزَعٌ وَلا هَلَعٌ وَلا ذُعرُ
وَبَنى لِقَيسٍ بِالقَنا شَرَفاً / لَم يَبنِهِ جُشَمٌ وَلا بَكرُ
شَرَفاً يَحِفُّ النَيِّرانِ بِهِ / وَيَحُوطُهُ الشَرطانِ وَالنَسرُ
أَمّا العَواصِمُ فَهيَ قَد عُصِمَت / بِأَغَرَّ يُستَسقى بِهِ القَطرُ
حُلوُ الخَلائِقِ وَالطَرائِقِ لا / زَهوٌ وَلا عُجبٌ وَلا كِبرُ
تُجبى لَهُ الأَموال خالِصَةً / لا مَأثَمٌ فِيها ولا وِزرُ
عَدلاً يَعُمُّ العالَمينَ بِهِ / وَتَحَرُّجاً أَن يَحبِطَ الأَجرُ
شِيَمُ الكِرامِ وَهِمَّةٌ بَلَغَت / ما تَبلُغُ اليَزَنِيَّةُ السُمرُ
وَرَجاجَةٌ لَو أَنَّها وَزِنَت / بِالنَسرِ خَفَّ لِوَزِنِها النَسرُ
وَشَجاعَةٌ لا عامِرٌ كَمُلَت / فِيهِ كَما كَمُلَت وَلا عَمرُو
لَو أَنَّها في اللَيثِ عَزَّ فَلَم / يُخلَق لَهُ نابٌ وَلا ظُفرُ
سُبحانَ خالِقِ كُلِّ مُعجِزَةٍ / أَيَضُمُّ هَذا كُلَّهُ صَدرُ
وَسِعَ الَّذي وَسِعَت بِأَجمَعِها الد / دُنيا مَكانٌ وَسِعُهُ فِترُ
وَعَلى الأَسِرَّةِ ماجِدٌ أَنِسَت / بِوُفُودِهِ الدَيمُومَةُ القَفرُ
مالُوا إِلَيهِ عَلى الرِحالِ كَما / مالَت بِشارِبِ كَأسِها الخمرُ
وَتَرَقَّلَت بِهِمُ مُزَمِّمَةً / مِثلَ الأَهِلَّةِ جُنَّفٌ خُزرُ
نَحُلَت وَضَمَّ السَيرُ أَضلُعَها / فَتَشابَهَت هِيَ وَالبُرى الصُفرُ
فَهَوَت تُصَوِّبُ في البِلادِ بِنا / عَنَقاً كَما تَتَصَوَّبُ الكُدرُ
قُلنا لَها وَالسَيرُ يَحفِزُها / وَسَياطُنا مِن زَجرِها حُمرُ
صَبراً إلى أَن تَبلُغي حَلَباً / وَسَتُحمَدِينَ وَيُحمَدُ الصَبرُ
وَرَمَت بِأَرجُلِنا إِلى مَلِكٍ / أَغنى المُقِلَّ نَوالُهُ الدَثرُ
تَهدى الوُفودُ إِلى مَكارِمِهِ / بِأَغَرَّ يَلمَعُ فَوقَهُ البِشرُ
يَبدو وَيَبدُو البَدرُ مُكتَمِلاً / فَيُشَكُّ أَيُّهُما هُوَ البَدرُ
ذُو راحَةٍ تَندى أَنامِلُها / فَبُطُونُها وَظُهُورُها خُضرُ
لَو أَنَّ فَخرَ المُلكِ مَسَّ بِها / صَخرَ الأَحَصِّ لَأَورَقَ الصَخرُ
عَجَباً أَما تَبتَلُّ بُردَتُهُ / وَبِراحَتَيهِ سَحائِبٌ عَشرُ
يا فَخرَ مُلكِ بَني النَبِيِّ وَمَن / بِاللَهِ تَمَّ لِسَيفِهِ النَصرُ
أَصبَحتَ تاجاً لِلمُلوكِ فَإِن / فَخَرَت فَحَقُّ لَها بِكَ الفَخرُ
فَاسعَد بِأَلقابِ الإِمامِ فَقَد / سَعِدَ الإِمامُ وَأَنتَ وَالغُرُّ
هِيَ سَبعَةٌ زُهرٌ خُصِصتَ بِها / وَكَذا الطَوالِعُ سَبعَةٌ زُهرُ
أَنتَ المُعِزُّ وَهَذِهِ حَلَبٌ / فَتَدَفَّقا فَكِلاكُما بَحرُ
كَذَبَ ابنُ هانِي في مَقالَتِهِ / أَنتَ الخَصِيبُ وَهَذِهِ مِصرُ
وَمَنِ الخَصِيبُ وَمَن مَعاشِرُهُ / لَكَ أَنتَ لا لِأُولئِكَ الفَخرُ
سَبَقُوا كَما سَبقَ الدُجى وَأَتى / لَمّا أَتيتَ بِعقبِهِ الفَجرُ
وَكَذا دُخانُ النارِ أَوَّلُها / يَمضِي الدُخانُ وَيُسعَرُ الَجمرُ
عَطلتَ ذِكرَ الأَوَّلِينَ فَما / لَهُمُ وَلا لِزَمانِهِم ذِكرُ
شَرُفَت بِكَ الدَنيا وَساكِنُها / وَالصَومُ وَالتَعييدُ وَالفِطرُ
فَسلِمتَ مَحرُوسَ العُلى أَبَداً / ما شِئتَ مَمدُوداً لَكَ العُمرُ
تُمسِي وَتُصبِحُ في بُلهنِيَةٍ / وَعَلَيكَ مِن رَبِّ العُلى سِترُ
يَجرِي حَدِيثُكَ في البَلادِ فَما / يُحتاجُ لا طِيبٌ وَلا عِطرُ
مَدحِي عُقودُ جَواهِرٍ نُظِمَت / وَعُلاكَ لا عَطِلَت لَها نَحرُ
لا يَأثَمَنَّ فَتىً تُحَيِّرُهُ / كَلِمي فَيَحلِفُ أَنَّها سِحرُ
هُوَ بَعضُ ما جادَ الأَميرُ بِهِ / لَكِنَّ ذا نَظمٌ وَذا نَثرُ
أَنا لابِسٌ حُلَلاً مُحَبَّرَةً / أَثمانُها القِرطاسُ وَالحِبرُ
مِن عِندِ مَن عِندِي لَهُ نِعَمٌ / لا تَنحصِي وَصَنائِعٌ كُثرُ
آلَيتُ لا أَبقيتُ لِي أَبَداً / ذُخراً وَجُودُ يَدَيكَ لِي ذُخرُ
وَالحَمدُ لا يَبقى عَلى أَحَدٍ / يَبقى لَهُ نَشَبٌ وَلا وَفرُ
أَمّا الإِمامُ فَقَد وَفى بِمَقالِهِ
أَمّا الإِمامُ فَقَد وَفى بِمَقالِهِ / صَلّى الإِلَهُ عَلى الإِمامِ وَآلِهِ
لُذنا بِجانِبِهِ فَعَمَّ بِفَضلِهِ / وَبِبَذلِهِ وَبِعَفوِهِ وَبِمالِهِ
لا خَلقَ أَكرَمُ مِن مَعَدٍّ شِيمَةً / مَحمُودَةً في قَولِهِ وَفَعالِهِ
فاقصُد أَمِيرَ المُؤمِنينَ فَما تَرى / بُؤساً وَأَنتَ مُظَلَّلٌ بِظِلالِهِ
زادَ الإِمامُ عَلى البُحورِ بِفَضلِهِ / وَعلى البُدورِ بِحُسنِهِ وَجَمالِهِ
وَعَلا سَريرَ المُلكِ مِن آلِ الهُدى / مَن لا تَمُرُّ الفاحِشات بِبالِهِ
النَصرُ وَالتَأيِيدُ في أَعلامِهِ / وَمَكارِمُ الأَخلاقِ في سِربالِهِ
مُستَنصِرٌ بِاللَهِ ضاقَ زَمانُهُ / عَن شِبهِهِ وَنَظيرِهِ وَمِثالِهِ
قَد كانَ صَبرِي عِيل في طَلَبِ العُلا
قَد كانَ صَبرِي عِيل في طَلَبِ العُلا / حَتّى استَنَدتُ إِلى ابنِ إِسماعِيلا
فَظَفِرتُ بِالحَطَرِ الجَليلِ وَلَم يَزَل / يَحوِي الجَلِيلَ مَن استَعانَ جَلِيلاً
لَولا الوَزِيرُ أَبُو عَلِيٍّ لَم أَجِد / أَبَداً إِلى الشَرَفِ العَلِيِّ سَبِيلا
إِن كانَ رَيبُ الدَهرِ قَبَّحَ ما مَضى / عِندِي فَقَد صارَ القَبِيحُ جَميلا
وَأَجَلُّ ما جَعَلَ الرِجالُ صِلاتِهِم / لِلراغِبِينَ العِزَّ وَالتَبجِيلا
اليَومَ أَدرَكتُ الَّذي أَنا طالِبٌ / وَالأَمسِ كانَ طِلابُهُ تَعلِيلا
ظَهَرَ الهُدى وَتَجَمَّلَ الإِسلامُ
ظَهَرَ الهُدى وَتَجَمَّلَ الإِسلامُ / وَابنُ الرَسولِ خَلِيفَةٌ وَإِمامُ
مُستَنصِرٌ بِاللَهِ لَيسَ يَفُوتُهُ / طَلَبٌ وَلا يَعتاصُ عَنهُ مَرامُ
حاطَ البِلادَ وَباتَ تَسهَرُ عَينُهُ / وَعُيونُ سُكّانِ البِلادِ نِيامُ
قَصرُ الإِمامِ أَبِي تَمِيمٍ كَعبَةٌ / وَيَمِينُهُ رُكنٌ لَها وَمَقامُ
لَولا بَنُو الزَهراءِ ما عُرِفَ التُقى / فِينا وَلا تَبِعَ الهُدى الأَقوامُ
يا آلَ أَحمَدَ ثُبِّتَت أَقدامُكُم / وَتَزَلزَلَت بِعِداكُم الأَقدامُ
لَستُم وَغَيرُكُم سَواءً أَنتُمُ / لِلدِّينِ أَرواحٌ وَهُم أَجسامُ
يا آلَ طَهَ حُبُّكُم وَوَلاؤُكُم / فَرضٌ وَإِن عَذَلَ الوُشاةُ وَلامُوا
العِلمُ بَعدَ أَبي العَلاءِ مُضَيَّعُ
العِلمُ بَعدَ أَبي العَلاءِ مُضَيَّعُ / وَالأَرضُ خالِيَةُ الجَوانِبِ بَلقعُ
أَودى وَقَد مَلَأَ البِلادَ غَرائِباً / تَسرِي كَما تَسرِي النُجُومُ الطُلَّعُ
ما كُنتُ أَعلَمُ وَهوَ يُودَعُ في الثَرى / أَنَّ الثَرى فِيهِ الكَواكِبُ تُودَعُ
جَبَلٌ ظَنَنتُ وَقَد تَزَعزَعَ رُكنُهُ / أَنَّ الجِبالَ الراسِياتِ تُزَعزَعُ
وَعَجِبتُ أَن تَسَعَ المَعَرَّةُ قَبرَهُ / وَيَضِيقُ بَطنُ الأَرضِ عَنهُ الأَوسَعُ
لَو فاضَتِ المُهَجاتُ يَومَ وَفاتِهِ / ما اِستُكثِرَت فِيهِ فَكَيفَ الأَدمُعُ
تَتَصَرَّمُ الدُنيا وَيَأتي بَعدَهُ / أُمَمٌ وَأَنتَ بِمِثلِهِ لا تَسمَعُ
لا تَجمَعِ المالَ العَتيدَ وَجُد بِهِ / مِن قَبلِ تَركِكَ كُلَّ شَيءٍ تَجمَعُ
وَإِن استَطَعتَ فَسِر بِسِيرَةِ أَحمَدٍ / تَأمَن خَدِيعَةَ مَن يَغُرَّ وَيَخدَعُ
رَفَضَ الحَياةَ وَماتَ قَبلَ مَماتِهِ / مُتَطَوِّعاً بِأَبَرِّ ما يُتَطَوَّعُ
عَينٌ تُسَهدُ لِلعَفافِ وَلِلتُقى / أَبَداً وَقَلبٌ لِلمُهَيمِنِ يَخشَعُ
شِيَمٌ تُجَمِّلُهُ فهُنَّ لِمَجدِهِ / تاجٌ وَلَكِن بِالثَناءِ يُرَصَّعُ
جادَت ثَراكَ أَبا العَلاءِ غَمامَةٌ / كَنَدى يَدَيكَ وَمُزنَةٌ لا تُقلِعُ
ما ضَيَّعَ الباكِي عَلَيكَ دُمُوعَهُ / إِن الدُمُوعَ عَلى سِواكَ تُضَيَّعُ
قَصَدَتكَ طُلّابُ العُلومِ وَلا أَرى / لِلعِلمِ باباً بَعدَ بابِكَ يُقرَعُ
ماتَ النُهى وَتَعَطَلَّلَت أَسبابُهُ / وَقَضى التَأدُّبُ وَالمَكارِمُ أَجمَعُ
لاتَخدَعَنَّكَ بَعدَ طولِ تَجارِبٍ
لاتَخدَعَنَّكَ بَعدَ طولِ تَجارِبٍ / دُنيا تَغُرُّ بِوَصلِها وَستَقطَعُ
أَحلامُ نَومٍ أَو كَظِلٍّ زائِلٍ / إِنَّ اللَبيبَ بِمثلِها لا يُخدَعُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025