القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 120
تب منك حين تقول يا فتاحُ
تب منك حين تقول يا فتاحُ / تلق المنى فالتوبة المفتاحُ
وانهض إلى عين الوجوه مجانباً / ذاك النهوض فلاح فيه فلاح
كم مشرق للشمس فيك ومغرب / منه مساءٌ دائماً وصباح
ولربما رمت القبول فلم تجد / فاسمح بنفسك فالسماح رباح
يا نهر طالوت الذي بليت به / أقوامه ما هذه الألواح
قل ليس مني كل من هو شارب / مني فإني فاتنٌ نصّاح
لعبت بك الأهواء في بحر القضا / فارسِ السفينةَ أيها الملاح
واقبل ولا تقبل وقم واقعد وقل / واسكت ففي إنصاتك الإفصاح
وافهم ولا تفهم وتب عن توبة / هذا مقامك ما عليك جناح
هو لا هو التواب بل هو أنت لا / أنت المتاب عليه يا مصباح
ومتى أحبك حين تبت فإنما / محبوبه بك وجهه الوضاح
والكائنات بسر توبتك اهتدت / فهي الجسوم وذاتك الأرواح
فاحذر فمكر الله توبة عبده / إن تبت تب أن لا تتوب تراح
من قام بي قامت به الأشيا ومن / بالنفس قام تقيمه الأشباح
كأس صفت بيد المدير فأسكرت / ألباب أهل الله منه الراح
فتمايلت شم الحبال وعربدت / في النشأتين وطرفها طماح
أحزاننا بلقائكم أفراحُ
أحزاننا بلقائكم أفراحُ /
وزماننا قدح وأنتم راحُ /
يا سادة من ذكرهم نرتاحُ /
أبداً تحن إليكم الأرواحُ / ووصالكم ريحانها والراحُ
هذا الوجود جميعه إشراقكم /
وجميع من في الكون هم عشاقكم /
ما هكذا يا سادتي أخلاقكم /
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم / وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
من ذا ترى يدري بكم من يعرف /
أنتم حقيقة كل شيء يوصف /
غلب الهوى أين المعين المسعف /
وارحمتا للعاشقين تكلفوا / ستر المحبة والهوى فضاح
قوم صفا عما يغاير ماؤهم /
وإليك من دون السوى إيماؤهم /
كتموك حتى أنكرت أحشاؤهم /
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم / وكذا دماء البائحين تباح
عَرْف الوصال يفوح فينا منهمُ /
وسواهم المستحقرون فمن هم /
قوم لهم حال شريف مبهم /
فإذا همو كتموا تحدث عنهم / عند الوشاة المدمع السفاح
أوصافهم يسمو بها من يفهمُ /
وهم الدواء من الردى والمرهم /
كل المعارف والعلوم لديهم /
وكذا شواهد للسقام عليهم / فيها لمشكل أمرهم إيضاح
يا سادتي مني السلام إليكمُ /
فأنا هو المطروح بين يديكم /
ومن الجميع على البعاد لديكم /
خفض الجناح لكم وليس عليكم / للصب في خفض الجناح جناح
لجمالكم في كل قلب ساحة /
وزهورنا بنسيمكم فواحة /
هل للمتيم من جفاكم راحة /
فإلى لقاكم نفسه مرتاحة / وإلى رضاكم طرفه طماح
كدر الحوادث زال عن عين الصفا /
وبدا جمال أحبتي بعد الخفا /
فبحق ذاك العهد يا أهل الوفا /
عودوا بنور الوصل من غسق الجفا / فالهجر ليل والوصال صباح
قد راق في حان الوفا مشروبهم /
ولهم أباح وصاله محبوبهم /
صوفية تبدي الشهود غيوبهم /
صافاهم فصفوا له فقلوبهم / في نوره المشكاة والمصباح
يا قومنا أنا زائد وجدي بكم /
والصبر مني قد مضى في حبكم /
فاهنوا بما فزتم بهم من شربكم /
وتمتعوا فالوقت طاب بقربكم / راق الشراب وراقت الأقداح
رفعت لقلبي في الغرام ظلامة /
لأمير حسن ما لديه جهالة /
انظر عذولي في الجمال جلالة /
يا صاح ليس على المحب ملامة / إن لاح في أفق الوصال ملاح
رفقا بنا يا أهل ذياك اللوى /
إن المتيم عن هواكم ما لوى /
والله حلفة مغرم يشكو النوى /
لا ذنب للعشاق إن غلب الهوى / كتمانَهم فنما الغرام وباحوا
سلمى التي يا ويح مهجة صبها /
جرحت بمقلتها وأسهم هدبها /
لله در عصابة في حبها /
سمحوا بأنفسهم ما بخلوا بها / لما رأوا أن السماح رباح
شربوا كؤوس هوى الأحبة قهوةً /
ولهم غدت كل المكاره شهوةً /
طلبتهم الذات النزيهة نخوةً /
ودعاهمُ داعي الحقائق دعوةً / فغدوا بها مستأنسين وراحوا
هم سادة منهم بطيب خضوعهمْ /
للحب حيث به تنير ربوعهم /
لما تزايد بالفراق ولوعهم /
ركبوا على سفن الدجا فدموعهم / بحر وشدة خوفهم ملّاح
نزعوا الثياب فعوضوا بثيابه /
وعن الخطا قد ساقهم لصوابه /
وهو المعز لهم برفع حجابه /
والله ما طلبوا الوقوف ببابه / حتى دُعُوا وأتاهم المفتاح
هو إن نأى أو زاد في تقريبهم /
يشكو كما يشكون فرط نحيبهم /
وهم الذين تمتعوا بلبيهم /
لا يطربون لغير ذكر حبيبهم / أبداً فكل زمانهم أفراح
فيهم لقد دارت كؤس سقاتهم /
حتى بها زالت عقول صحاتهم /
وحبيبهم لما بدا بصفاتهم /
حضروا وقد غابت شواهد ذاتهم / فتهتكوا لما رأوه وصاحوا
نور التجلي الحق حيَّر عقلهمْ /
لفروعهم أخفى وأظهر أصلهم /
قوم جميع الفضل منتسب لهم /
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم / إن التشبه بالكرام فلاح
سكرت غصون الروض من نسماتها /
وترنمت أطياره بلغاتها /
والذات تجلى في بديع صفاتها /
قم يا نديم إلى المدام فهاتها / في كأسها قد دارت الأقداح
عرفت أهاليها بحفظ أمانةٍ /
وكمال عرفان ورفع مكانةٍ /
بكر أجل طلاً وخير مدامةٍ /
مِن كَرْمِ إكرامٍ بِدَنِّ ديانةٍ / لا خمرة قد داسها الفلاح
حملت بنا أمٌّ من الأرواحِ
حملت بنا أمٌّ من الأرواحِ / والوضع كان لهيكل الأشباحِ
قلم بِلَوحٍ إن أردت فقل وإن / قد شئت فالأقلام بالألواح
هي ما ترى لا ما رأيت فإنها / تجلى على الرائين كل صباح
فإذا رأو لا يعرفون لمن رأوا / حتى تقوم لهم عقود نكاح
حاء الحيا والحلم والحفظ احتوت / كل الجمال وسائر الأفراح
ولها من النور الشريف تشعشع / كتشعشع الصهباء في الأقداح
والحال يشهد والشهيد هو الذي / شهد الأمور على أتم صلاح
أوميض برق بالأبيرق لاحا
أوميض برق بالأبيرق لاحا / يستلُّ عن عمد السحاب صفاحا
أم نار أعلام الحجاز بدت لنا / أم في ربا نجد أرى مصباحا
أم تلك ليلى العامرية أسفرت / عن وجهها ففشا الجمال وباحا
أم تلك أنوار العذيب تشعشعت / ليلاً فصيرت المساء صباحا
يا راكب الوجناء وقيت الردى / قف بالمحصب واندب الملتاحا
واسأل فديتك عن فؤاد متيم / إن جئت حزناً أو طويت بطاحا
وسلكت نعمان الأراك فعج إلى / تلك الخيام ترى بهن فلاحا
وأنخ بتلعات العقيق فإنه / واد هناك عهدته فياحا
وبأيمن العلمين من شرقيِّه / كم معهد قلبي إليه تلاحى
بلغت رشدك إن طلعت طويلعاً / عرِّج وأمَّ أرينَه الفواحا
وإذا وصلت إلى ثنيات اللوى / وقصدت نحو المأزمين رواحا
فاذكر عهودي إن قدمت على الحمى / فانشد فؤاداً بالأبيطح طاحا
واقرا السلام عُرَيبَهُ عني وقل / لهمو أَصِرتُمْ باللقاء شحاحا
أنتم كرام وهو صب وامق / غادرته لجنابكم ملتاحا
يا ساكني نجد أما من رحمة / صبري عليكم والتجلد راحا
ما ضركم لو تسمحون بنظرة / لا سير ألف لا يريد سراحا
هلا بعثتم للمشوق تحية / تهدي إليه مع النسيم صباحا
فهو الذي طويت إليكم روحه / في طي صافية الرياح رواحا
يحيى بها من كان يحسب هجركم / يردي الجسوم ويترك الأرواحا
ويظن نأيكمو إذا لذتم به / مزحاً ويعتقد المزاح مزاحا
يا عاذل المشتاق جهلا بالذي / سواك دعني واترك الإلحاحا
فأنا الذي من يختبرني في الهوى / يلقى مليّاً لا بلغت نجاحا
أتعبت نفسك في نصيحة من يرى / ترك الهوى ذنباً وليس مباحا
لم تدر أنت فشأن كل متيم / أن لا يرى الإقبال والإفلاحا
أقصر عدمتك واطرح من أثخنت / مقل الظباء فؤاده فتلاحى
إن رام ينظر ثانياً جرحته في / أحشائه النجل العيون جراحا
كنت الصديق قبيل نصحك مغرماً / والآن قلبك بالعداوة باحا
هب أنت لي يا ذا الملامة ناصح / أرأيت صباً يألف النصاحا
إن رمت إصلاحي فإني لم أرد / ما رمته لي بالملام كفاحا
فتشتُ قبلك في الزمان فلم أجد / لفساد قلبي في الهوى إصلاحا
ماذا يريد العاذلون بعذل من / لا يستطيع يرى الفلاح فلاحا
ألف التهتك والهيام وفي الورى / لبس الخلاعة واستراح وراحا
يا أهل ودي هل لراجي وصلكم / نيل فعندكم عهدت سماحا
إن المشوق إذا شجاه لنحوكم / طمع فينعم باله استرواحا
مذ غبتمو عن ناظري لي أنةٌ / من هولها صبري استقل وراحا
وجفون عين كلما نوت البكا / ملأت نواحي أرض مصر نواحا
وإذا ذكرتكمو أميل كأنني / غصن يقابل في الرياض رياحا
أو شارب ثمل القوام لأنني / من طيب ذكركمو شربت الراحا
وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم / لا أستطيع وأنثني ملتاحا
لما طلبت الصبر عنكم في الهوى / ألفيت أحشائي بذاك شحاحا
سقياً لأيام مضت مع جيرة ال / جرعاء حيث بهم لقيت نجاحا
لم ندر ما برح البعاد وإنما / كانت ليالينا بهم أفراحا
واهاً على ذاك الزمان وطيبه / نهوى الطلا فنواصل الأقداحا
حيث السرور بنا ألمَّ معاوداً / أيام كنت من اللغوب مراحا
حيث الحمى وطني وسكان الغضى / لي جيرة عنهم تركت براحا
حيث العتيق منازلي وتلاعه / سكني ووردي الماء فيه مباحا
وأُهَيلُهُ أَرَبي وظلُّ نخيله / يا صاح منتزهي مسا وصباحا
ببروقه وجدي وفي نسماته / طربي ورملة وادييه مراحا
قسما بمكة المقام ومن أتى / تلك الأماكن في الحجيج وراحا
وسعى وطاف وجاء ملتمسا إلى ال / بيت الحرام ملبِّياً سياحا
ما رنحت ريح الصبا شيح الربا / إلا وقلبي بالحجاز تلاحى
أو شمت بارقة لمن قتل الهوى / إلا وأهدت منكمو أرواحا
لي كاتب يمحو السطور وينسخُ
لي كاتب يمحو السطور وينسخُ / وتراه يحكم ما أراد وينسخُ
قرب له ما إن يزيل كماله / بعد وإن ميل أزيل وفرسخ
هو ذا وهذا في الظهور وهذه / جبل إذا اختلج المحقق يرسخ
خرف تركب في البسيط وإنه / أبدا بأرواح المحبة ينفخ
نور له السبع الكواكب أعين / والأرض أم والحكيم له أخ
إن الوجود الحق شيء واحدُ
إن الوجود الحق شيء واحدُ / يا سعد من يجلى له فيشاهدُ
وجمال علوة واضح متكتم / وعليه من حسن الملاح شواهد
قف ساعة حتى أعلمك الهوى / يا من يبيت وللهوى هو عابد
إن المحبة فيك كدَّر صفوها / جهل بمن تهوى لأنك جاحد
فلو انمحى عن عين ناظرك السوى / لعرفت من لهواه أنت القاصد
لكن عيونك عن مرادك في عمى / وتظل تنكر ذاته وتعاند
هو ظاهر في كل شيء باطن / أبداً إليه كل شيء ساجد
عود العلا ضربت به يده على / طبل الملا فالعالمون قصائد
ترك المراد له فكان مرادا
ترك المراد له فكان مرادا / وجرى بميدان الفناء جوادا
طلب الحبيب لأجله منه ولم / يطلب له من نفسه ليزادا
فهو الذي شرب الحقيقة صرفة / فاختال إطلاقاً وفك قيدا
وبدا بأفلاك الوجود على الورى / شمساً تنير خلائقاً وبلادا
لي رتبة العلامة الشهم الأَسَدّْ
لي رتبة العلامة الشهم الأَسَدّْ /
قد أنشبت بين العدا ناب الأسدْ /
والحب رغما عن أنوف أولى الحسدْ /
سكن الفؤاد فعش هنيئاً يا جسدْ / هذا النعيم هو المقيم إلى الأبدْ
يا نسوة الحظ الخسيس رويدكن /
يا ليتكن عرفتني يا ليتكن /
فأنا الذي نلت العلا من يوم كن /
أصبحت في كنف الحبيب ومن يكن / جار الحبيب فعيشه العيش الرغد
عرش الوجود أظلني بضيائه /
وحبا التجلي لي ثياب ولائه /
وأتى من الرحمن طيب ندائه /
عش في أمان الله تحت لوائه / لا خوف في هذا الجناب ولا نكد
يا هيكل الأنوار سرك ما اكتمن /
إن بعت ما تلقاه أنت هو الثمن /
أنت الحفيظ على الجميع المؤتمن /
لا تختشي فقداً فعندك بيت من / كل المنى لكَ من أياديه مدد
هي حضرة في الشام طاب بها اليمن /
وبعلمها والفضل أشرقت الدمن /
ذات بها قد جاد مولانا ومن /
رب الجمال ومرسل الجدوى ومن / هو في المحاسن كلها فرد أحد
أنا من أعز أولى النهى وأجلها /
وربيت في نهل العلوم وعلها /
ووقفت في الشجرات لا في ظلها /
قطب النهى غوث العوالم كلها / أعلى عليٍّ سار أحمد من حمد
يا من تثنى وهو عندي واحد /
حق له منه عليه شواهد /
إني الذي أبداً لوجهك ساجد /
روح الوجود حياة من هو واجد / لولاه ما تمّ الوجود لمن وجد
أنا من كبار لا يطاق رضيعهم /
وبصيرهم عين العلا وسميعهم /
هم نابتون عليه وهو ربيعهم /
عيسى وآدم والصدور جميعهم / هم أعين هو نورها لما ورد
عجزت عقول ذوي النهى عن كنهه /
وتولهت عين السوى في شبهه /
والكل عن كل لنا لم يلهه /
لو أبصر الشيطان طلعة وجهه / في وجه آدم كان أول من سجد
قمر تبدى في سماء كماله /
لو تبصر الأقمار نور هلاله /
غابت وذابت تحت ذيل ظلاله /
أو لو رأى النمرد نور جماله / عبد الجليل مع الخليل ولا عند
هو باطن حجب الجهول المنكرا /
بل ظاهر من نوره بهر الورى /
طمعت نفوسٌ فيه ملقاةٌ ورا /
لكن جمال الحق جل فلا يُرى / إلا بتخصيص من الله الصمد
في ظلمة الأكوان لاح لك الضيا /
فاسرع إلى لألائه متملِّيا /
وإذا رميت عليه جهدك والعيا /
فابشر بمن سكن الجوانح منك يا / أنا قد ملأت من المنى عيناً ويد
يا مؤمناً دع عنك طاغية الجفا /
متحيرين وكن بنا متعففا /
نحن الذين نرى جمال المصطفى /
عين الوفا معنى الصفا سر الوفا / نور الهدى بحر الندى جسد الرشد
حتى تجلى من سموات الرضى /
وبه على الأكوان قد سمح القضا /
لا شيء إلا بعد ظلمته أضا /
هو للصلاة مع السلام المرتضى / الجامع المخصوص ما دام الأبد
إن السيادة والريا
إن السيادة والريا / سة في الشقي وفي السعيد
ثوبان للمولى الذي / سُمِّي بأسماء العبيد
لهما الشقيّ قد ادعى / بنزاع خاطره العنيد
فنزاعه المذموم لا / ما ليس عنه من محيد
ولدا السعيد هما لقد / نُسبا إلى الرب المجيد
قد أسلمت أفهامه / فأبت عن الأمر الشديد
فغدت سيادته على / كل الوجود بلا مزيد
وله الرياسة دائماً / في دولة الكون الجديد
والسر فيه بأنه / قد زال من بيت القصيد
لا زال منه وصفه / وبقِيْ كأحوال المريد
إن المراد هو المري / د إذا حوى حكم الفريد
ومشى إليه القهقرى / ورأى البرية من بعيد
وجميع أبعاد السوى / قرب لذي الأمر الوحيد
والقرب ما قد كان في / أزل على الشان المديد
والوهم زال ولم يكن / من قبل في فهم البليد
والقوم قد دخلوا إلى / ذات لقاها يوم عيد
والكهف يأوي أهله / والكلب منهم بالوصيد
ودخولهم عين الخرو / ج بمقتضى القول السديد
والأمر أمر واحد / لكن بتكرار عديد
والقرب قرب الذات وه / و الأصل لا قرب الوريد
إن الوريد من الورو / د وما ورودك بالمفيد
أهل الحمى حرسوا الحمى / عمن يروم وصال غيد
لا عن محارمهم فهم / منهم كأمثال الوليد
فاظهر لهم منهم بهم / واشهدْ تكن عين الشهيد
إن الفروع من الأصو / ل صناعة المبدي المعيد
هذا الكثير الواحدُ
هذا الكثير الواحدُ / فافرح به يا واجدُ
فجميعنا منه له / طول الزمان محامد
ما الكل إلا راكع / أبداً إليه وساجد
ولنا معانيه التي / منه تلوح مساجد
إن السجود هو الفنا / فيه لمن هو قاصد
وكذا الركوع الموت عن / دعوى النفوس الوارد
فاعجب لأمر زائد / منه وما هو زائد
خلق تكثَّر عدُّهم / فتناسلوا وتوالدوا
وتفرقوا فرقاً وهم / محسودهم والحاسد
وجميعهم صور له / عادت بهن عوائد
وهم الشؤن لذاته / فطوارف وتوالد
وأمورنا انتظمت به / عنه فنحن قصائد
أيقظ فؤادك وانتبه / لظهوره يا راقد
واعلم بأنك واجد / فيه وأنك فاقد
فهو الذي بشؤنه / متقارب متباعد
والكل منه له به / في الحالتين فوائد
بحر يميد بسفنه / أبداً وما هو مائد
هو مطلق وقيوده / معدودة والعادد
فاسكن به في ظله / فهو الكريم الماجد
أيان تقصده تجد / منه تمد موائد
إن النصارى واليهود كلاهما
إن النصارى واليهود كلاهما / لا عقل فيهم والعقول شواهدُ
جعل النصارى الرب جلَّ ثلاثةً / ثم ادعوا أن الثلاثة واحد
والعقل يأبى والتناقض واضحٌ / بين الورى وإن استراب الجاحد
وكذا اليهود وإن تكاثر عدُّهم / فيما مضى لم يبد منهم راشد
في أربعين من السنين تحيروا / في مَهمَهٍ ما قدرُه متزايد
لم يقدروا أن يخرجوا منه وهم / عدد كثير عن ألوف زائد
داروا وقد رجعوا لموضع بدئهم / وتناسلوا في تيههم وتوالدوا
وكذا الإله إذا أضل جماعة / خاب الرجا منهم وضل القاصد
حكَمٌ يحاربها اللبيب وإنها / لَأَحَقُّ فيها أن تقال قصائد
وملاك ذلك كلِّه فقدُ الحجا / ممن أضل له الإله الماجد
ومن اهتدى والله أكمل عقله / بعناية سبقت يرى فيشاهد
والعقل نور الله في ملكوته / وبه لنا التكليف وهو الشاهد
في الدال بالإهمال إعمالٌ بدا
في الدال بالإهمال إعمالٌ بدا / خبرٌ له عين الحقيقة مبتدا
وعليه من كل الجهات علائمٌ / دلَّت على التقوى وأنواع الهدى
صدق الذي هو كاذبٌ في طوره / طبق الإرادة في الشعار وفي الرِّدا
إن الذوات توهُّماتُ العقل في / أوصاف باريها كإرجاع الصدى
والحرف ينشأ بانحراف الطبع عن / سنن استقامته فتشهده العدا
طُوِيَ الطريق على انتشار جهاته / فانظر لمطلقه تراه مقيدا
يا ظاهراً في كل ما هو ظاهرٌ / يا باطناً نفسي لأنفسك الفدا
والسر في يوم القيامة قولهم / نفسي وقولك أمتي متقصدا
هذا هو النور المبين لعارفٍ / ولغارف من بحر شرعك جددا
هذا وهذا ثم هذا بعده
هذا وهذا ثم هذا بعده / هذا وهذا لم يزل معدودا
وهو الحساب ولا حساب سوى السوى / بالوهم صار له الجميع عمودا
فانظر إلى العدد الذي هو واحد / وهو الكثير مراتباً وقيودا
واعبر به في الهاء منحرفا إلى / سرِّ الأسامي واعتبره حدودا
هذا به طوراً يكون حضوره / فتراه قطباً قائماً مقصودا
كالشمس في الأفلاك تنزل رتبة / فيقال جاءت طالعاً مسعودا
إني كَشَفَت وما كشفت لأنني / بالإذن كنت له أقيم رقودا
طوران لي طور أنا
طوران لي طور أنا / والطور اِلآخرُ سيدي
وهما معاً لي تارة / جمعٌ يكون لمفرد
جمع قديم عهده / في مفرد متحد
والغير إما نفسه / أو نفس مولى الأعبد
شيءٌ خُصصتُ به ولا / تلقاه إلا في يدي
قد قال هذا قبلنا / قول الإمام المرشد
لي سكرتان وسكرة / هي للمريد المقتدي
فاسمع هديت ولا تكن / فيما تقول بمعتدي
صدق الطريق نجاة من / هو في المقام الأحمدي
هيهات ليس المنتهي / في الله مثل المبتدي
وإن استحال الإنتها / في الجامع المتوحد
واصمت ولا تنطق فما ال / هادي إليه المهتدي
واحذر خيالك أن يوس / وس بالمقال لك الردي
فيريك أنك صرت مث / ل أمامك المتجرد
بالفهم في أقواله / وبظنك المتردد
هذي علوم الذوق كال / محسوس بالحس الندي
لا بالتفهم والتوه / هم من إليها يهتدي
بل بالصفاء وبالوفا / وطهارة القلب الصدي
مالنفس إلا كدرة / في صفو روحك تغتدي
فامسح بأمر الله كد / رة روحك المتجسد
قلب المحقق واجدٌ بل فاقدُ
قلب المحقق واجدٌ بل فاقدُ / والكون أجمعه لديه قصائدُ
لا شك عند العارفين جميعهم / أن الوجود الحق حق واحد
وسواه معدوم وموجود به / عقد عليه من النقول شواهد
والكل فان مستحيل ما عدا / من قد تجلى فيه وهو الماجد
فإذا امرؤ في الله كان لقلبه / عقد صحيح أو خيال فاسد
ذاك الوجود به تجلى ظاهراً / للعارفين يرونه فيشاهد
ويقول قائلهم لقد عقد الورى / عقداً وما اعتقدوه إني عاقد
يعني على حسب الذي أنا عارف / لا مقتضى ما يقتفيه الجاحد
والكفر كفر في الحقيقة مثل ما / هو في الشريعة عند من هو قاصد
أعني به عند الذي هو ناظر / في عقده الموجود فيه الواجد
لا عند من هو للوجود محقق / منا وإن ضجت عليه حواسد
هو كل شيء في الوجود الواحدِ
هو كل شيء في الوجود الواحدِ / هو كل موجود هناك وواجدِ
هو علم الأسماءَ آدمَ كلَّها / هو كل مولود يكون ووالدِ
ما قصدنا الشيء الذي هو هالك / بل قصدنا وجه الوجود القاصد
وهو الوجود الحق في غيب الورى / متنزه عن درك كل مشاهد
هو لم يلد أبداً ولم يولد ولا / كفء له أحد مقالة لاحِدِ
لا شيء يشبهه ولا هو مشبه / شيئاً تعالى عن دراية وارد
والكل صورهن من عدم له / وقايامهن به بأمر واحد
هو أمره القدر المقدر دائماً / في عين معترف بذاك وجاحد
متنزه هو عن مقادير الورى / بوجوده الحق المبين الشاهد
قمنا به بوجود أمر سائل / كاللمح من بصر إقامة عابد
والجاهلون بأمره أيضاً لهم / هذا ولكن بالوجود الجامد
الله أكبر لا سواه وإنما / يعطي ويمنع ليس بالمتباعد
عدم أحاط به الوجودْ
عدم أحاط به الوجودْ / هو صبغة الله الودودْ
صبغ العوالم كلها / بوجوده فهي الشهود
وهو المحب لها أما / بالنفس منه لها يجود
هي لم تكن شيئاً وقد / صارت به شيئاً يسود
وبدت به بيضاً وقد / كانت به من قبل سود
نفس الوجود محيطة / بالكائنات بلا نفود
هو مطلق لكن له / من كل معدوم قيود
وله ركوع الكائنا / ت جميعها وله السجود
وبه الشفاء لها على / حكم القضا وبه السعود
الله أكبر هذه / هي أحرف ولها مدود
كلماته قد خطها / في لوحه قلم الوجود
يمحو ويثبت دائماً / بالعلم من كرم وجود
وهي الحدود له فثق / بالحافظين على الحدود
إني أنا بك يا ودودْ
إني أنا بك يا ودودْ / عدم أحاط به الوجودْ
حق أحاط بباطلٍ / وله الركوع به السجودْ
وكذا العوالم كلها / مثلي ومثلك يا كنود
ما ثم غير إحاطة / بالكل من رب ودود
والظل أنت وعلمه / في نور طلعته العمود
يا ذا المحيط بنا كما / هو بالجميع له النفود
سور به ظهرت لها / صور بأنواع الحدود
قدم كمثل دوائر / أوساطها عدم يرود
والله قال بكل شي / ء قل محيط محض جود
بل ذاك قرآن مجي / د وهو في لوح الورود
يا من تحير فيه لم / يعرفه ما هذا الصدود
كم ذا التواني هذه / أكفان مثلك واللحود
فاطلب إلهك وحده / منه به ودع الجحود
واعلم بأنك إن طلب / ت سواه معه فلا يجود
هو واحد في ملكه / والخلق أجمعهم جنود
كن فيه يقظاناً له / ودع البرية في رقود
وانظر إليه به ولا / تنظر إليك عسى تسود
في قلبك السر الخفي / شمس لها منك القيود
هذا مقام أولي النهى / تلك الجهابذة الأسود
فاسلك على منهاجهم / واحرص على حفظ العهود
ترفع إلى أوج العلا / وتكون من أهل الشهود
غنى لنا داعي السرور وغردا
غنى لنا داعي السرور وغردا / فسمتعه في الصبح يعلن بالنِدا
فأقمت في قلبي صلاة تحيتي / للوجه من ذاك الحبيب إذا بدا
وجه هو النور المبين لمن يرى / يا سعد من يهوى الحبيب تعبدا
نحن الدهان له بنا متلون / وهو الوجود الحق حيث تجردا
هي وردة قل كالدهان سماؤنا / كانت كما القرآن أفصح مشهدا
فنراه يصبغنا بمحض إرادة / أزلية كيف اقتضته على المدى
يمحو ويثبت ما يشا بوجوده / كالبحر بالأمواج لم يظهر سدى
وهو المنزه والمقدس دائماً / عن كل شيء كثرةً وتعددا
هي صبغة الله التي جاءت لنا / في الذكر نعرفها على رغم العدا
وهي الشؤن له التي قد جاءنا / نص الكتاب بها يلوح محددا
الله أكبر بعد هذا كله / يا عارفون تحققوا وخذوا الهدى
غلب الهوى واستحوذ استحواذا
غلب الهوى واستحوذ استحواذا / فمن الذي نلجا إليه عياذا
في طلعة شمسية قمرية / بجمالها صار الجميع جذاذا
يا هيكلاً ظهرت غيوب شؤونه / فينا فكان لكلنا أخّاذا
وجه تبرقع بالمحاسن والبها / فعنت له كل الوجوه لذاذا
وتمتعت أرواحنا بهلاكها / فيه ولاذت بالفناء لياذا
ونراه أقرب من نراه ولا نرى / شيئاً سواه ومن سواه أعاذا
فهو الذي لجمال طلعته يرى / وقلوبنا وعيوننا تتحاذى
إن الوجود يرى الوجود كما به / عدم يرى عدماً له جبّاذا
وممنَّعٍ بالعزِّ عنه عقولُنا / معقولةٌ لا تقتضيه نفاذا
وقلوبنا في بحر عشقته هوت / تبغي اللقا لا تعرف الإنقاذا
نزل النقا فاشتاقه أهل النقا / أوَ هل ترى بعد النزول لواذا
بالأمس كان مناخه بطويلعٍ / واليوم صار مخيماً بغداذا
لا عار إن خلع العذار محبُّه / في حبه ولجا إليه ولاذا
ظهرت ملاحته بديباج الورى / فينا وقد لبس اللطافة لاذا
وأقول زيداً قد رأيت وخالداً / لا ذاك في بصري رأيت ولاذا
ورآه في زيد بن حارثةٍ هنا / طه النبيُّ وحبَّ فيه معاذا
وبيوسف الصديق شاهد وجهَه / يعقوب حين له هواه آذى
وصفاتنا ظهرت لنا بصفاته / ورأى الجنيد به الورى ممشاذا
أما هواه فإنه هو ملّتي / وعليه كنت أعاهد الأستاذا
عجبي له وهو الكثير أضلنا / والواحد الهادي لنا استنقاذا
يُشقي ويسعد بالذي أشقى به / فتراه لاح صواعقا ورذاذا
بالله يا لحظاته لا تجرحي / قلبي فإن بسهمك الفولاذا
ولأنت يا خمر الرضاب محوتنا / سكراً وريحك لم يزل نبّاذا
من لي بمشهود المحاسن غائب / لام العذول على هواه وهاذا
هو حاضر لكن بغير إشارة / فإذا جهلت تقول عنه هذا
عشاقه بعيونه مفتونة / وقلوبهم صارت به أفلاذا
ويظل يهجرهم ويكثر صده / عنهم وما أحد يقول لماذا
ويرونه حسناً وفي أفعاله / لطفاً وفي تعذيبه استلذاذا
وبهم تجمعت القبائل في الهوى / وعلى البعاد تفرقوا أفخاذا
يأتي النسيم لهم بأخبار الحمى / للمسك فاوح في الهبوب وشاذى
وتهيجهم ورقاء فوق أراكة / تدني البعيد وتجمع الأفذاذا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025