القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 142
ضَرَبُوا الخيامَ على النَّدَى والخِيمِ
ضَرَبُوا الخيامَ على النَّدَى والخِيمِ / ورَغِبْتُ عن مَرْعًى بِهِنَّ وَخيمِ
ما كنتُ أَوَّلَ زاهدٍ في رَوْضَةٍ / تُجْنَى أَراقِمُ وَشْيِها المَرْقُوم
كم من سقيمِ الجسمِ يِتُّ لأَجلِهِ / وأَنا الصَّحيحُ بداءِ كلِّ سقيمِ
فارجِعْ عنِ الوادي فإِنَّ مياهَهُ / مما يُشَبُّ بها غليلُ الهيمِ
مدّ الحُمَاةَ من الأَسِنَّةِ فوقَه / ظِلاًّ وذاكَ الظِّلَّ من يَحْمُومِ
وبشِعْبِ رامَةَ مَعْرَكٌ يغدُو بِهِ / قَلْبُ الهِزَبْرِ أَسيرِ لَحْظِ الرِّيمِ
حيثُ التَفَتَّ إِلى مطالِعِ شَمْسِهِ / أَلفَيْتَها محجوبَةً بِغُيُوم
مَغْنًى يُدِيرُ به النسيمُ رَحِيقَهُ / ممزوجَةَ الرَّشَفَاتِ من تَسْنِيمِ
وكأَنَّ مُبْتًسَمَ السحابِ متيَّمٌ / يبكي عليه بدمعِهِ المسجومِ
لِمَنِ المنازلُ كالمَنازِلِ رِفْعَةً / وضياءَ آفاقٍ وبُعْدَ نُجُومِ
ما رَدَّدَ المشتاقُ فيها نظرةً / إِلا انْثَنَتْ عن نَضْرَةٍ ونعيمِ
أَتُرَى الذي في وَجْهِهِ لِيَ جَنَّةٌ / يَدْري بأَنِّي أَصطلي بجحيمِ
أُبْدِي التَّجَلُّدَ في الكلامِ وأَنطوِي / دونَ العذولِ على حَشًى مكلومِ
مالِي إِذا اسْتَظْلَلْتُ وارِفَ هَمِّه / سَقَطَتْ عَلَيَّ فروعُها بِهُمومِ
أَنا بالبراقِعِ والبَلاقِعِ هائِمٌ / لا أَكْحَلُ الجَفْنيْنِ بالتَّهْوِيمِ
كم مَهْمَهٍ خَفَضَتْ رُءُوسَ إِكامِهِ / نَغَمَ الحُداةِ برَفْعِ أَيدِي الكُومِ
نادَى لسانُ الدهرِ باسْمِي ناقصاً / فَحَمَلْتُه مِنْهُ على التَّرْخِيمِ
ودُعِيتُ بالمرزوقِ ثمّ اسْتَرْجَعَتْ / أَيَّامُهُ فَدُعِيتُ بالمَحْروم
لولا الجدودُ لما ارْتَمَتْ بمُسَافِرٍ / كَفُّ الغِنَى وتعلَّقَتْ بمُقِيمِ
والحظُّ حتَّى في الحروفِ مُؤَثِّرٌ / تختصُّ بالتدقيقِ والتفخيمِ
ويقبِّلُ الضَّحَّاكُ ما سَفَرَتْ لهم / تحتَ العَجَاجَةِ عن أَغَرَّ شَتِيمِ
وتَحَمَّلُوا لِلْفُرْسِ في صَنْعَائِها / أُمَّ التي جاءَتْ على أَحْمِيمِ
وانظِمْ بسِلْكِ القَوْلِ دُرَّ فِعالِهِمْ / في لَبَّةِ المنثورِ والمنظومِ
يومٌ قضى لك بالحُبورِ
يومٌ قضى لك بالحُبورِ / ودوام عَيِشٍ في سرورِ
أَضْحَتْ تُزَفُّ به الشُّمو / سُ إِلى مقارَنَةِ البدورِ
فاهْنَأْ بِعُرْسٍ قد جَلَى الظ / لماء عن إِشراقِ نُورِ
واشْرَبْ هنيا كأَسَ را / حِكَ فَهْي مِفْتاحُ السرورِ
أَو رَتِّلِ الإِنجيلَ مُعْ / تَضِدًا بأَلحانِ الزَّبور
أَبناءُ عيسى سادةٌ / أَو قادةٌ طُولَ الدُّهورِ
أَهلُ الدواوينِ الذي / ن لهم نَفَاذٌ في الأُمورِ
يَا ابْنَ الأَكارِمِ قد أَتَتْ / كَ قصيدةٌ مثلُ الشُّذورِ
كالروضِ يعبَقُ بين ري / سحانٍ ونسرينٍ وخِيري
فاجرِ على عَجَلٍ ودُمْ / حتى تهي رُكْنَا ثَبيرِ
أَوْ لا فَإِنِّي قائلٌ / ما ليسَ يحمِلُهُ ضميري
إِن قيلَ لي ماذا لقي / تَ من الكبيرِ بن الكبيرِ
قلتُ القليلُ ومثله / من رُحْتُ عنه بالكثيرِ
صاحَبْتُ في سَفَرِي لك الآمالا
صاحَبْتُ في سَفَرِي لك الآمالا / فأَعدْتَنِي وأَعَدْتَها أَموالا
وهتفتُ باسْمِكَ وهو فأْلٌ صادقٌ / فَوَجَدْتُه في راحَتَيْك نَوالا
ودعَوْتُ منكَ لدفعِ عُسْرِي ياسراً / ولِدَفْعِ غُلَّتِي الحَرورِ بِلالا
وعجِبْتُ للأَسماءِ كيف تصرَّفَتْ / بغرائِبٍ من نَحْوِها أَفعالا
وَأَمَا ووجْهِك إِنَّه الفَلَقُ الذي / منذ اهتديْتُ به أَمِنْتُ ضَلالا
لقد انتقصتُ إِلى شمائِلِكِ التي / عَتُقَتْ وقلت على السَّفين شَمالا
وسَرَيْتُ نحو عُلاك بدرًا كاملا / حتى انثنيتُ من الضُّمورِ هِلالا
فرفعتُ طَرْفِي للسَّماءِ رئاسةً / بلْ أَنت أَسْمَى والنجومِ خِلالا
والشمس إِلا أَنَّ ضَوْءَكَ حاكِمٌ / أَنْ لا يفارِقَ مُجْتَلِيه ظِلالا
والشهْمُ مِثْلِي من يسيرُ مُهَجَّرًا / ومهاجِرًا يَتَقَبَّلُ الأَقْيَالا
اللُّه أَكْبَرُ ما أَدَقَّ معانِياً / وَقَفَتْ عليكَ وما أَجلَّ خِلالا
خُذْ يا بَنَانُ فقد وَجَدْتَ مُساعِفاً / قل يا لسانُ فقد وجدتَ مقالا
واضرِبْ عن الأَمثالِ بعد محاسِنٍ / شاهَدْتُها واضْرِبْ بها الأَمثالا
الليثُ أَغلَبُ والحسامُ مُهنَّدًا / والبدرُ أَزْهرُ والحَيَا هَطَّالا
حُلَلٌ رآكَ المَجْدُ أَظرفَ خاطرٍ / فيها فأَفْرغَها عليك حَلالا
وشمائِلٌ منها الشَّمُولُ لأَنَّهُ / أَضحى يميناً شامِلي وشِمالا
فوقيتَ يا عَيْنَ الكمالِ ونفسَه / عَيْنَ الكمالِ فقَدْ خُلِقْتَ كَمالا
مُلِئَتْ بكَ الدنيا اعتدالاً مثلَهُ / عَدْلاً ولى أَمثالَهُ أَعْدَالا
وأَقَرَّ منك المُلْكَ في أَربابِهِ / مَلِكٌ أَقَرَّ المُلْكَ لمَّا جالا
واستخْدَمَ الثَّقَلَيْنِ طَوْعَ حُسامِه / وهو الذي يتحمَّلُ الأَثقالا
وكأَنما عطف الزمانُ بكفِّه / قوساً وسدَّد من بنيهِ نِبالا
أَرْسَى ولا الجبلَ الأَشَمَّ بحِنْكَةٍ / منك الصدورَ وزَلْزَلَ الأَجبالا
ورمى الحصونَ على الحِصانِ بفارسٍ / إِنْ بارَزَ الأَبطالَ والأَبطالا
ولقد تيقَّنَتِ المعاقِلُ أَنَّها / دارَتْ على المُتَدَبِّرينَ عِقالا
حيثُ الخيولُ تجولُ تحتَ رِماحِها / لتحولَ في أَوعارِها أَوعالا
والباتراتُ تطُولُ بينَ فوارسٍ / خُلِقوا على صِفَةِ الرماحِ طِوالا
تتناذَرُ الأَملاكُ مِيلَ قنيّهم / ولَوِ اسْتَقَامتْ دونَهُمْ أَميالا
فلذا رسائِلُهُمْ إِليكَ لأَنَّهُمْ / خافوا ابتعاثَكَ قَبْلَها الأَرْسالا
يا مُلْتَقَى سُبُلِ الوفودِ ومَنْ له / جُودٌ أَدامَ عليهِمُ الإِسْبالا
لا زالَ يستدعي نوالَكَ كلُّ مَنْ / ما زالَ إِنْ سَمِع النَّوالَ نَوَى لا
حتَّى تَرَى الآباءَ والأَبناءَ وال / إخوانَ والأَعمامَ والأَخوالا
ويقومَ فُلْكُ الداعِيَيْنِ وهَفْوَةٌ / قولي يقومُ فإِنه ما مالا
وترى ضِياءَ النَّيِّرَيْنِ كما تَرى / يجلو الغُدُوَّ ويصْقُلُ الآصالا
بَدْرا سَماءِ المُلْكِ لا البدرُ الذي / لَبِسَتْ أَهِلَّتُهُ الخيولَ نِعالا
ومُهَنَّدُ الإِسلامِ لا تلكَ التي / داستْ صفائِحَها القُيونُ صِقالا
العارِضانِ العارِضانِ من النَّدَى / وَبْلاً يكونُ من النُّدوبِ وبَالا
يا مَنْ إِذا هَزَّ الذوابِلَ طَعْنُهُ / في جِنْحِ ليلٍ يُسْتَعَاد ذُبَالا
واسْتَقْبَلا المُلْكَ السعيدَ بياسِرِ ال / مُلْكِ السعيدِ فأَحْرَزَا الإِقبالا
طابا وطالا والأُصولُ إِذا زكَتْ / أَبْصَرْتَ فيها الفَرْعَ طابَ وطَالا
إِنْ لم يَكُنْ فيها مُنًى فَبِها المُنَى / لَمْ يَمْتنِعْ عن من يَرومُ مَنَالا
آلُ الزُّرَيْعِ ومَنْ لَهُمُ إِلاَّ العُلَى / أَنْ لا يزالَ لهم كذلكَ آلا
عَهْدِي بحَيِّك وهو حَيٌّ عامِرُ
عَهْدِي بحَيِّك وهو حَيٌّ عامِرُ / قامَ الرقيبُ له وقلاَ السَّامِرُ
فبَوارِقُ الزَّفَراتِ فيه خوافِقٌ / وسحائبُ العَبَراتِ فيه مَواطرُ
حيث الحُماةُ منَ الكُماةِ كأَنها / فوق العِتاقِ قَسَاورٌ وجآذِرُ
وغصون مُلْدِكِ مثل قَدِّكِ مُيَّدٌ / ومجالُ طِرفكِ مثلُ عَرْفِك عاطِرُ
فمُهَنَّدٌ عَضْبٌ وأَسمرُ عاسِلٌ / ومُفاضَةٌ زُعْفٌ وأَجْردُ ضامِرُ
حتى مَضَتْ بصَبَا الصَّبابة شَمَأَلٌ / واستَنْفَذَتْ أَصْلَ الوصالِ هَوَاجرُ
وسطا عليَّ البُعْدُ بَعْدَكِ بالضنا / فأَذَابَنِي لولا الخيالُ الزائرُ
ما كُنْتُ أُومِنُ بالمزارِ ودُونَنَا / خِرْقٌ مَجُوسِيٌّ ولَيْلٌ كافِرُ
فاجْعَلْ يَدَيْكَ حميلتَين مُعَانِقاً / فجُفونُ مُهْدِيكَ الحُسامُ الباترُ
واشدُدْ لِثامَك دُونَ لَثْمِكَ لا تُضِعْ / حِرْمانَ جنْحٍ برْدُهُ لَك ساتِرُ
فالليلُ يُذْهِبُهُ صَبَاحٌ مُسْفِرٌ / بِيَدِ الغزالَةِ أَو صَبِيحٌ سافِرُ
واحمِلْ إِلى مُهْدِيك خَيْرَ تَحِيَّةٍ / حَيَّا النَّسيمَ بها الرَّبيعُ الزاهرُ
وإِذا اسْتعادَكَ ما رَأَيْتَ فقُلْ له / هُو في الهَوَى مَثَلٌ لَعَمْرُكَ سائِرُ
صالَتْ عليه صروفُ دَهْرٍ لَمْ يَكُنْ / لولا أَبُو الأَيتامِ منها ناصِرُ
الحافِظُ الحَبْرُ الذي لَوْلاَهُ لَمْ / يجْبُرْ صُدوع الشَّرْعِ يوماً جابِرُ
عَلَمٌ أَقامَ منَارةً بتَيقُّظٍ / عزَّ التَّقِيُّ به وذَلَّ الفاجِرُ
نَظَرَتْ به العلياءُ عن مُتَنَبِّهٍ / نامَتْ عيونٌ دونَهُ ومَحَاجرُ
فكأَنَّها شَخْصٌ بديعٌ يجْتَلِي / وكأَنَّه إِنسانُها والناظرُ
أَخلاقُه هي والرياضُ أَزاهِرٌ / وصِفاتُه هي والنجومُ زَواهرُ
وكأَنما الأَمداحُ إِذْ عَلِقَتْ به / دُرٌّ حواهُ منه بَحْرٌ زاخرُ
أَنا إِن نَظَمْتُ الشعرَ فيه ساحِرٌ / حقًّا ولكنْ في سِواه ساخِرُ
فإِذا وَصَفْتَ عُلاهُ قال لِيَ الوَرَى / للِّه ممدوحٌ ذَكَرْت وشاعِرُ
حَبْرٌ تَغَايرتِ القوافِي في مدًى / أَوصافُهُ فَكَأَنَّهُنَّ ضَرائِرُ
من آلِ ساسانَ الذين صِفاتُهُمْ / في جبْهةِ الأَيامِ خَطُّ ظاهِرُ
قومٌ إِذا خَيَّمْتَ دون فِنائهم / فاعلَمْ بأَنكَ للنجومِ مُجاورُ
حَلُّوا مَطَا العلْياءِ وَهْيَ مُضَمَّرٌ / أَعيا على الأَقوامِ منه الحافِرُ
تُزْهَى بِهِمْ يوْم النِّزال ضوامر / وتَميلُ في يومِ المقالِ منَابِرُ
يا أَولَّ السَّاداتِ غَيْرَ مُنَازَعٍ / وإِنِ اعْتَلَى بكَ ذا الزمانُ الآخِرُ
اِهْنَاْ بذا العَشْر المُعَظَّمِ قَدْرُه / واعلَمْ بأَنك أَنتَ منه العاشِرُ
واسلَمْ مدى الأَيامِ فرداً إِنني / بصفاتِ مجدِكَ للنجوم مُكاثِرُ
لو أَنّ ذا قَلَمي قُوَى كَلِمي
لو أَنّ ذا قَلَمي قُوَى كَلِمي / نابَتْ يدي لَكَ عن حَدِيثِ فَمي
وكنت تُبْصِرُ كُلَّ مُنْسكِبٍ / يسرى إِليكَ وكلَّ مُضْطَرِمِ
لكن وجدتُ بَرَاعَتِي اعْتَذَرتْ / لبَرَاعَتِي بتقاصُرِ الشِّيَمِ
فقعدتُ عن تكليفِها سِيراً / قامَ الزمانُ بها على قَدَمِ
أَوَلَيْسَ أَشواقي وإِن كُتِمَتْ / كالشَّيْبِ يَضْحَكُ في فَمِ الكَتَمِ
وصبابَتي هيَ ما عَلِمْتَ بها / نارٌ مُضَرَّمَةٌ على عَلَمِ
ولقد عدِمْتَ سِوى لطيفِ هوًى / ما زال يُخْرِجُنِي من العَدَمِ
وشرقتُ بالمِلْحِ الأُجاجِ فَما / أُنْسِيتُ سكر الباردِِ الشَّبِمِ
وسُئِلْتُ حينَ غَرقْتُ في كُرَبٍ / عنها فقلتُ غَرقْتُ في كَرَمِ
ويُقالُ لي هلاَّ ذَمَمْتَ ولي / شغلٌ بحمدي راعِيَ الذِّمَمِ
دَعْ من حديثِ حوادثٍ كثُرتْ / إِن الهمومَ نتائجُ الهِممِ
وكفاكَ من ذكر المُلِمَّةِ ما / وَسَمَ الوجوه بحِلْيَةِ اللِّمَمِ
ولأَجْلِ صرفِ الدهرِ صرتُ متى / أَبصرتُ لم أَبصِرْ سوى ظُلَمِ
ونَعَمْ جهِلْتُ فقمتُ عن نِعمِ / كانت لَديْكَ وقُمْتُ في نِعَم
واضَيْعتَاهُ خرجتُ عن عَرَبٍ / واضَيْعتَاهُ دخَلْتُ في عَجَمِ
وبضاعَتِي نُطْقِي وأَكسَدُ ما / بِيع الكلامُ على ذَوي الصَّمَم
لَهفِي على الإِفحامِ أَيْن به / لأَجانِسَ الإِفحامَ بالفَحم
بل لَيْتَها من غُمَّةٍ كَشَفَتْ / وَجْهَ التَّنَقُّل عن ذوِي الغُمم
وأَنا المَلوُم فإِنْ رَجَعْتُ إِلى / عَوْدٍ إِليها بعْدها فَلُمِ
أَحسِنْ أَبا حَسَنَ الأَجَلَّ وقُمْ / في كَشْفِها واضْرِبْ على القِمَمِ
والْقَ الكتائبَ يا بْنَ والِدِها / بالكُتْبِ وارْمِ السّيفَ بالقَلَمِ
واخدُمْ بتقبيلي البِساطَ لِمَنْ / باتَ الزمانُ له من الخَدَمِ
واعرِضْ عليه حالَ خادِمِهِ / سِرًّا ونَبِّهْهُ لَهَا وَنَمِ
وكِلا أَسيراً منك مالكاً أَبدا / فبحق مُلْكِكَ لا عُدِمْتَ دُمِ
يا ياسِرَ بْنَ بلالٍ انْتَقَمتْ / مِنِّي صروفُ الدَّهْرِ فانْتَقِم
هذا أَبوكَ البحْرُ جارَ على / مالِي وأَجْرَى في الدُّموعِ دمِي
وعَدَا على حُرَمي وقد جُعِلَتْ / منذُ انتميتُ إِليكَ في حَرَمِ
في كلِّ يومٍ منه قارِعةٌ / أَلَمِي بها أَنْ لَسْتُ ذا أَلَمِ
فأَكونَ فيه بنانَ ذِي لَهَفٍ / طَوْراً وطوراً سِنَّ ذي نَدَمِ
أَعطيتَني ما قام يأْخُذُهُ / مني وظنُّكَ فيه لَمْ يَقُمِ
روا لَسْتُ أَقولُ صِنْوُكَ / في اللُّؤْمِ أَحْظَى منكَ في الكَرمِ
كم صارخِ مِنَّا ومُلْتَطِمٍ / في زاخِرٍ منه ومُلْتَطِمِ
ومُكابدٍ تَعَباً إِلى أَكَمٍ / وافَى عليها كُلُّ مُرْتَكِمِ
مالي رُمِيتُ بكلِّ عاصِفَةٍ / أَنا لَسْتُ من عادٍ ولا إِرَمٍ
وعلى ابْتِدائي ذا الحديثُ جَرَى / يا لَيْتَ شعرِي كَيْف مُخْتَتَمِي
قُلْ للشريفِ على تَقَوُّلِهِ
قُلْ للشريفِ على تَقَوُّلِهِ / لَقَدِ انْتَهَيْتَ بغايةِ الكَذِبِ
لو كُنْتَ من مُضَرٍ ولَسْتَ لها / ما كانَ منها سيِّدُ العَرَبِ
لا تَرْمِ هاشِمَها بمنْقَصةٍ / تَدعُ الفضيلَةَ في أَبى لَهَبِ
لقدِ احْتَملْتَ مخازِيًا عُذِرتْ / من أَجْلِها حمَّالَةُ الحَطَبِ
شَرفٌ أَبى لك زُورَهُ سَرَفٌ / يختالُ في أَنفاسِ مُنْتَهبِ
واخَجْلَةَ الديوانِ إِن صرخُوا / من ذا يحاسِبُ سارِقَ الحَسَبِ
ما زالَ ذاك الصَّقْرُ يعْمُرُهُ / حتى غَدَا خَرِباً مع الخَرَبِ
يا ناظِراً أَعمى وإِنْ لَعِبَتْ / في وجْهِهِ أَلحاظُ مُرْتَقِبِ
غَضَّ الخليفَةُ عَنْكَ ناظِرَهُ / فَنَهبْتَ من نَشَبٍ ومن نَسَبِ
أَمَّا الكواكِبُ فاحْتَمَوْا بمواكِبِ
أَمَّا الكواكِبُ فاحْتَمَوْا بمواكِبِ / كم من عِرابٍ حَوْلَهُمْ وأَعارِبِ
ولقدْ هَوِيتُ طلوعَ نجمٍ ثاقِبٍ / منهم فكان هُوِيَ نَجْمٍ ثاقِبِ
تلك النجومُ فَإِنْ تُرِدْ أَنْواءَها / فَسَلِ الدموعَ تُجِبْ بغَيْث ساكِب
جَعَلُوا سماءَهُمُ الرِّكابَ وأًقسموا / أَنْ لا وصول لِطالعٍ في غارِبِ
ساروا وحوْلَ حُدُوجِهِمْ زُرْقُ القَنَا / فكأَنما نُظِمتْ وِشاحَ ترائبِ
من أَسمَرٍ يقضي بأَسْمَرَ عاسِلٍ / أَو أَبيضٍ يمضي بأَبْيَضَ قاضِبِ
قلْ لَسودِ دَعِي الخُروج فإِنَّها / قد مَنَّعتْ غِزْلانَها بثعالِبِ
هَزَّوا من الأَعطافِ آلة طاعنٍ / ونَضَوْا من الأَجفانِ آلةَ ضاربِ
ورَمَوْا بسهمٍ من عيونٍ صائبٍ / فقضَى بغَيْثٍ من عيونٍ صائِبِ
ولقد كسوتُ القلبَ لأْمةَ سَلْوَةٍ / وعلِمْتُ أَنَّ الحُسْنَ أَولُ سالبِ
وجلا عليَّ البدرُ وجه مُواصِلٍ / فأَبِيتُ حيثُ النَّجْمُ طَرْفُ مُراقِبِ
وجلَوْتُ للمنصورِ غيدَ قصائدٍ / أَنزلَتُهَا منهُ بأَكْملَ خاطِبِ
وخُصِصْتُ منه براتبٍ فاعْتَاقَهُ / عنِّي بَهَائِمُ خُصِّصوا بَمَرَاتِبِ
من عامل يغتالَهُ بعوامِلٍ / أَو كاتبٍ يحْتَازُهُ بِكتائبِ
والمالُ يُنْثَرُ في حُجُورِ عبيدِهِمْ / بَيدَي نظامِ الدينِ نَثْر الخاصِبِ
يا دهْرُ أَنتَ سَمَحْتَ منه بناظِرٍ / أعْمى فلا تَبْخَلْ عليه بِحَاجِبِ
أَيَتِمُّ أَمْرُكَ يا أَشَلُّ وهذِه ال / أَمثالُ لم تنطِقْ بشيءٍ كاذبِ
إِن الصناعةَ يا أَشلُّ مُهنَّدٌ / ماضِي الغِرارِ محلُّه لِلضَّاربِ
شُلَّت يَمِينُكَ عن صِيانَةِ مالِها / قَصْداً وصحَّتْ من بَنِيكَ لِنَاهِبِ
وأَراكَ قد ملَّكْتَ كفَّكَ عَيْنَ ما / جَحَدَتْهُ عيْنُك بالْعَمَى لِلطالبِ
لا يأْمْرنِّي منك وجْهُ مُسالمٍ / صمْتاً وقد أَخْفَيْتَ قَلْبَ مُحاربِ
لو قُمْتُ في الديوانِ أَنظِمُ هَجْوَهُ / ديوانَ شعرٍ لم أَقُمْ بالواجِبِ
دَسْتٌ بياذِقُهُ سطَتْ بشِياهِهِ / وتَحكَّمتْ فيهِ بحكْمٍ غالِب
يُزْهَى أَبو البدرِ اللعينُ كأَنَّهُ / لم يَدْرِ أَن البَدْرَ نَجْلُ غياهِبِ
ويُرَى أَبو الفَرجِ الخسيسُ مجازِفاً / يُقْضَى له بمناصِبٍ ومناسِبِ
ويَمِيلُ فيه الزَّعْلَمشُّ لِطَبْعِهِ / فَيهُزُّ منه التِّيهُ مَعْطِفَ شارب
قومٌ كأَنَّ اللَّه صَبَّ شُخوصَهُمْ / واللُّؤْمَ لما صُوِّروا في قالَبِ
يا كاتِباً أَدَى إِلَي الكُتَّاب ما / عادُوا أَحَقَّ لأَجلِهِ بمُكاتِبِ
لَقَطَتْ أَنَامِلُك السَّحابَ فخِلْتُها / بَرْقاً وكَفَّكَ هاطِلاتِ سَحَائِبِ
حاشاكَ أَ تَثْنِي اهْتِمامَكَ جانباً / وتنامَ عن ذَهبٍ لِخِلِّكَ ذاهِبِ
هُو راتِبٌ قد كُنْتُ أَرْقُبُ نَجْمَهُ / فَهَوَى وقد جَعَلَ التُّقلُّقَ راتِبي
والليلُ إِنْ لَمْ يأْتِ لَيْسَ بمُنْقَضٍ / أَبدًا ولا راعِي النُّجُومِ بآيِب
ومِنَ البلِيَّةِ أَنني في بلدةٍ
ومِنَ البلِيَّةِ أَنني في بلدةٍ / ذَلَّ التقيُّ بها وعَزَّ الفاجرُ
أَبصرتُ في الديوانِ أعمَى جالساً / فسأَلْتُ مَنْ هذَا فقِيلَ الناظِرُ
ورأَيتُه وَهُوَ الأَشَلُّ مُقَلَّدٍا / سيفاً وما يُغْنِي الأَشَلَّ الباتِرُ
ولقد أَبانَتْ لي الدفاترُ أَنَّه / شخصٌ كثير الغَيِّ فَدْمٌ فاتِرٌ
فصرفتُ عنه عِنانَ حاجِيَ زاهِدًا / في ناظِرٍ قد غَصَّ منه الناظِرُ
ما كنتُ أَرغبُ في زمانٍ أَولٍ / فَيَرُوقَنِي هذا الزمانُ الآخِرُ
نَمَّت بِسِرِّ غرامِهِ الأَجْفانُ
نَمَّت بِسِرِّ غرامِهِ الأَجْفانُ / لما نَأَتْ بفؤادِهِ الأَظْعَانُ
ما زَال يُخْفِيه ويُظْهرُهُ البكا / حتى استوى الإِسرارُ والإِعلانُ
ولقد طوى صُحُفَ الصبابَةِ كاتِمًا / فَبَدَا لها من دمعِهِ عُنْوانُ
لا تعذُلِيه إِن جَرَتْ عَبَرَاتُه / فالبَيْنُ جارَ عليه والهِجْرانُ
سارُوا فَهَلاَّ زَوَّدُوهُ بنظرةٍ / منهمْ وقد تَتَلَفَّتُ الغِزلانُ
إِنْ كان يحْسُنُ عند سُكَّانِ الحِمى / قتلى فأَين الحُسْنُ والإِحسانُ
ما كنتُ أَعلَمُ قبل تشتيتِ النَّوى / أَنَّ الهوى يا صاحِبَيَّ هَوانُ
بانوا فأَشرَقَتِ البدورُ طوالِعاً / وسرى النسيمُ ومادَتِ الأَغصانُ
وعلى الرّكائِب غادةٌ سَمَحَتْ بها / عَدَنٌ ولم يشعًرْ بها رضْوانُ
لما ادَّعَتْ يبرينُ منها رِدْفَها / دانَتْ لِلِينِ قِوَامِها نَعْمَانُ
عَزَّتْ فهُنْتُ ومن بَلِيَّاتِ الهوى / أَنِّي أُعِزُّكِ دائماً وأَهانُ
وعَدَت شمائِلُها الشَّمالَ فكما / هَبَّتْ هَفَوْتُ كأَنني نَشْوانُ
وعَهِدْتُها طَوْعَ الهوى إِذْ منظري / نَضْرٌ وغصنُ شَبِيبَتِي ريَّانُ
أَيامَ أَسحبُ فضلَ ذَيْلِ صَبَابتي / تيهاً كما سُحِبَتْ لها أَردانُ
يا عَيْشُ إِنْ تُفْقَدْ فَحَشْوُ جوانِحي / نارٌ وفيضُ مدامِعي طُوفانُ
ولَّى الصِّبا ولأَحمدِ بنِ محمدٍ / مجدٌ تقاصَرَ دونَهُ كِيوانُ
حَبْرٌ لنا من راحتَيْهِ وعِلْمِهِ / غيثانِ كلٌّ منهما هتَّانُ
لَبسَتْ به الإِسكندريَّةُ بهجةً / فَعنَتْ لعزِّ جلالها بَغْدانُ
وتفاخَرَتْ رُتَبُ العلا شرفًا به / قُلْ كيف لا تتفاخَرُ البُلْدَانُ
ورَنَتْ إِليه عينُ كل رئاسةٍ / حُبًّا فكلٌّ مغرَمٌ هَيْمَانُ
ونضَا مُحَيَّاهُ الدياجيَ فازْدَهَتْ / تِيهًا بُغرَّةِ وجهه الأَزِمانُ
أَوَ ما ترى رَمَضَانَ أَقبلَ ضاحكاً / ومضَى قَرينَ تأَسُّفٍ شعبانُ
وإِذا أَحبَّ الله عبداً لم يَزَلْ / لِهَواهُ في كُلِّ القلوبِ مَكانُ
في كَفِّه ولسانِهِ وجنانِهِ / مَنٌّ وإِيمانٌ لنا وأَمانُ
وعلى رياضِ بَنَانِه وبيانِه / تتغايَرُ الأَبصارُ والآذانُ
ماذا أَقولُ وقد أَبانَ فضائلاً / جَلَّتْ فلم يَفْخَرْ بها إِنسانُ
إِن قلتُ مثلُ البدر بهجَةَ منظرٍ / فالبدرُ قد يُودِي به النُّقْصانُ
لو قلتُ تحكيه الغَمامُ سماحةً / فنوالُه طولَ المدى عِقْيانُ
يا حافِظَ الدينِ استمِعْ مَدْحاً بِهِ / شَدَتِ القِيانُ وسارَتِ الرُّكْبانُ
فَلأَنْتَ في وجهِ المكارِمِ مَبْسِمٌ / خَصِرٌ وفي عين العلا إِنسانُ
عوضتني من بعدِ هَوْنٍ عِزَّةً / والمرءُ يُكرم تارةً ويُهانُ
ولقد ينوِّلِنَي سواكَ وإِنما / ما كُلُّ مرعًى مُخْصِب سَعْدانُ
أَقْرَرْتُ أَنِّي عاجِزٌ عن شكر ما / أَوْليتَني ولوانَّني سَحْبانُ
يا حافظًا علِقَتْ بذي
يا حافظًا علِقَتْ بذي / لِ نداهُ راحاتُ المطامِعْ
والمُجْتَنَى من دَوْحِه / ثَمرُ الندى والفضلِ يانِعْ
ما زالَ روضُ ثَنَاك في / أَنفاسِ ريحِ الشكرِ ضائِعْ
لا زلْتَ بدراً نورُه / في ظلمةِ الأَحداثِ ساطعْ
يا أَولاً أَنا للضَّنَى / والفقرِ والأَشجانِ رابعْ
صالت عليَّ يدُ الزما / نِ بحَدِّ أَسيافٍ قواطعْ
ولقد صبرتُ لصرفِه / ظنًّا بأَنَّ الصَّبْرَ نافِعْ
فرأَيتُ أَمري لا يزا / لُ إِليك في الحاجاتِ راجعْ
وعلمتُ أَنك حافظٌ / ما في ذَراهُ قطُّ ضائعْ
لكنْ مَنْ في منزلي / أَمسى كما أَمسَيْتُ جائعْ
وعدمت موضِعَ دِرْهَمٍ / أَمْرِي به دِرَ المنافعْ
واشفَعْ لعبدِكَ عند صر / فِ زمانِهِ يا خَيْرَ شافعْ
واسلَمْ متى ما قُرِّطَتْ / بمدائحي فيك المسَامعْ
أَبْلَيْتُ بَعْدَكَ في الأَنامِ ظُنوني
أَبْلَيْتُ بَعْدَكَ في الأَنامِ ظُنوني / فَظَفِرْتُ عندَهُمُ بكُلِّ ضنِين
وشدا لأَهلٍ دونَ أَهلِك راجِعاً / لولا يَقِيني في عُلاكَ يَقِيني
وخَرَجْتُ أَطوِي عن بَلَرْمَ صحيفةً / ما نُشِّرَتْ إِلا لكَيْ تطوِيني
فحَلَلْتُ ثِرْمَةَ وهي تصحيفُ اسْمِها / لولا حُسَيْنُ النَّدْبُ ذُو التحسينِ
في جحيثُ شبَّ الحَرُّ حَجْرَةَ قَيْظِهِ / وبقيت في مِقْلاَهُ كالمُقْلِينِ
وشربتُ ماءَ المُهْلِ قبلَ جَهَنَّمٍ / وشفَعْتُهُ بمطاعِمِ الغِسْلِينِ
حتى إِذا اسْتَفْرَغْتُ فيها طاقَتِي / ومَلأْتُ من أَسَفِي ضُلوعَ سفيني
أَجفَلْتُ عن جُلْفُوذَ إِجفالَ امْرِئٍ / بالدََيْنِ يُطْلَبُ ثَمَّ أَوْ بالدِّين
مَعَ أَنَّها بَلَدٌ أَشَمُّ يَحُفُّهُ / رَوضٌ يُشَمُّ فمن مُنىً وَمَنونِ
يُجري بأَعْيُنِنا عيونَ مياهِهِ / محفوفةً أَبداً بحُورٍ عِينِ
وتَرَكْتُها والنَّؤْءُ يُنْزِلُ رَاحِتي / عَنْ مالِ قارونٍ على قارونِ
وَجَعَلْتُ بَقْطِشَ عن لَبِيرِي جانباً / وركِبْتُ جُونَا كالدِّياجي الجونِ
كَيفَ الخلاصُ على مِلاصَ وسُورُها / من حيثُ دُرْتُ به يدور قريني
وجعلتُ أُنْشِدُ حيث أَنْشَد صاحبي / من ذا يُمَسِّينِي على مَسِّيني
فحلَلْتُها وَحَلَلْتُ عَقْدَ عزائمي / بَيدَيْ أَبِي السِّيدِ المبادرِ دوني
فأَقامَني تِسْعِينَ يوماً لم تَزَلْ / نفسي بها في عُقْدَةِ التسعينِ
بتخلُّفٍ لا يستَقِلُّ جناحُه / ولوِ اسْتَطارَ بريشَتَيْ جِبْرينِ
بَرْدٌ جَرَى في مَعْطِفَيْه وكَفِّهِ / وَكَلامِهِ وَعِجَانِهِ الَمْعجونِ
ثُم استقَلَّتْ بي على عِلاَّتِها / مجنونَةٌ سُحِبَتْ على مجنونِ
هَوْجَاءُ تُقْسِمُ والرياحُ تقودُها / بالنُّونِ أَنَّا من طعامِ النّونِ
حَتى إذا ما البحرُ أَبْدَتْهُ الصَّبا / ذا وجنَة بالموجِ ذاتِ غُصونِ
أَلقَتْ به النكباءُ راحةَ عابثٍ / قَلَبَتْ ظُهورَ مياهِهِ لِبطُونِ
وتكفلت سُرْقوسَةٌ بأَمانِنا / في ملجإٍ للخائفينَ أمِين
وَأَعادنا والبَرُّ أَوْطَأُ مَرْكِباً / بَحْرٌ صحِبْنَا ماءَهُ بالطِّينِ
وَأَتى كتابُكَ بِالمُثولِ فقادَني / بجميلِ رأْيٍ لم يَزَلْ يَحْدُوني
ولوِ اغْتَدَى بالصِّين رَبْعُكَ شاقَنِي / شوقي وفَرْطُ صبابَتي للصِّبن
من بعدِ ما أَغْضَتْ جفونُكَ مرة / عني وكِدْتَ لِقَوْلِهِ تَجْفُوني
وسعَى به الواشِي إليك فكادَ أَنْ / يَثْنِيك بالبُهْتانِ أَو يَثْنِيني
فركِبْتُ فوق مَطَا أَقبَّ مُضَمَّرٍ / في مُهْرَقِ البَيْداءِ مِثْلَ النُّونِ
لو لم يكُنْ هادِيهِ جِذْعاً مُشْرِقَّاً / ما كانَ من عِطْفَيْهِ كالعُرْجُونِ
وسَمَتْ حوافِرُهُ الفَلاَ بِأَهِلَّةٍ / هي من مَجَرِّ السُّمْرِ فوقَ غُصونِ
حَتى رَمَى رَحْلَ الربيبِ بعَزْمِةٍ / مَا قلتُ لِنْتِي لِي على لِنْتِينِ
وَعَلاَ عِقَابَّا لو عَلاَ بحَراكِه / فيها عُقابٌ باتَ رَهْنَ سُكونِ
وَسَما أَبُو ثَوْرٍ إِليه بقَلْعَةٍ / فِي رأْسِ أَشْمَطَ شامِخِ العِرْنينِ
خِلْتُ الصُّقورَ به الصُّفُونَ وهكذا / خَطَا صقورٍ سُطِّرَتْ وصُفُونِ
وانصاعَ فِي ذاتِ اليمينِ تَفَاؤُلاً / يَقْضِي له بالطَّائِرِ الميمونِ
ورمى بثَرْمَةَ دونه مُتَسَامِياً / لَبَلَرْمَ والأَعلَى خلافُ الدُّونِ
وأَقامَني أَرعى جبينَك ثانياً / فَسَجَدْتُ أُلْصِقُ بالترابِ جبيني
وَبَسَطْتُ كفِّي في خزائِنِكِ التي / ما باتَ فيها المالُ بالمخزونِ
وكذاكَ قيلَ المالُ ليس بِصَيِّنٍ / إلا لِعِرْضٍ لم يَكُنْ بمصونِ
وقضاءُ دَيْنِ الجُودِ أَنت إِمامُهُ / قالَ الصَّلاةُ هِي اقتضاءُ دُيوني
فلذا ترى شُكْرَ الغَنِيِّ مُؤَبَّداً / في راحَتَيْكَ بدعوةِ المسكينِ
يا مَالِئَ الدَّسْتِ الذي مُذْ حازَهُ / حَلَّوْهُ باسمَيْ هالَةٍ وعَرينِ
ومُقَلِّدَ الديوانِ والإِيوانِ من / أَوصافِهِ بالجوهرِ المكنونِ
حاشي خلالَكَ أَن تعودَ مطالِبي / عنه إِلَيَّ بصَفْقَةِ المغبونِ
وبذاكَ قد ضُمِنَ النجاحُ وإِنَّهُ / لَنَدَى يَدٍ وافَى بأَلْفِ ضمينِ
ولديكَ آمالي تَجُرُّ ذيولَها / في أَرضِ نُجْح أَو ثَرَى تمكينِ
فاشحَذْ لسانِي في صفاتِكَ إِنه / يُزْري بِحَدِّ المُرْهَفِ المسنونِ
فَمعِينُ فضلِكَ كلَّما أَورَدْتَني / يوماً مناهِلَه أَجلُّ مَعِينِ
أَبْدَى الفِرِنْدُ نجابَةَ النَّصْلِ
أَبْدَى الفِرِنْدُ نجابَةَ النَّصْلِ / والفَرْعُ يُظْهرُ طِيبَةَ الأَصْل
والنِّبْلُ قد نَفَضَتْ كِنَانَتَهُ / بِيَدِ السَّدادِ مسدِّدَ النَّبْل
لا تَعْجَبُوا لِلَّيْثِ حينَ غَدَا / وَيَدَاهُ قَد عَقَدا على شِبْلِ
فِي الشمس والبدرِ المينرِ إِذَا / جاءَا بِنجمٍ صِحَّةُ النَّسْلِ
والفضلُ مَا اضطردَتْ مناسِبُه / حتى انْتَهَتْ منه أَبَا الفضلِ
ثَمَدْ يُرى كأَبِيهِ بَحْرَ نَدَّى / والوَبْلُ أَوْلُهُ مِنَ الطَّلِّ
فَتَرى أَسِرَّته وأُسْرَتَه / متقدِّمَيْنِ بحُجَّةٍ فَصْلِ
زيدَتْ بنو الحَجَرِ الكرامُ بِهِ / حَجَراً يُفْجِّرُ أَعيُنَ البَذْلِ
أَهلاً وسهلاً بل يقِلُّ له / أَن يلتقي بالأهلِ والسهلِ
السعدُ والإِقبالُ طالَعُه / وهما كذا قالا له قبلي
وافَى وقد أوفَى الهلالُ معاً / فقضى الحسودُ برُتْبَةِ المِثْل
أَنا لا أُشَبِّهُهُ بغُرَّتِه / فأَجَلُّ منه إِخمَصُ الرِّجْل
والغيثُ صِنْوُ أَبيهِ قد شَحَذَتْ / كفَّاهُ سيف الخصبِ للمحلِ
والأَرضُ قد نزَعَتْ غلائلُها / ما في الصدورِ لها من الغِلِّ
والدهرُ قد عَدَلَتْ حكومتُه / ولطالَ ما عَدَلَتْ عن العَدْلِ
مَلأَ الملاَ بسعيدِ غُرَّتِه / فجميعُ ذلك عنه يستملي
وإِذا رأَيت الحُسْنَ من حَسَنٍ / فاطْرَبْ لصِدْقِ الإِسْمِ والفعلِ
بحرُ مناسِبُه إِلى حَجَرٍ / تُرْبِي مفاخِرُهُ على الرَّمْل
آباؤهُمْ شَتَّى فضائِلُهُمْ / وهو المُلَقَّب جامِعَ الشملِ
وعلى البِقاعِ له خيامُ ندّى / أَطنابُها مستجمَعُ السُّبْلِ
وبه قريشٌ جدَّدَتْ شرفاً / قد كانَ شِيدَ بِخاتَمِ الرُّسْلِ
لو قلتُ للساعي ليدرِكَه / ارْجِعْ عَمِيتَ بمَسْلَكٍ غُفْلِ
هذِي البسالَةُ دونَ نهضَتِها / ما شئتَ من مُتَمَنِّع بَسْلِ
وقف السوابِقُ دونَ غَايَتِه / ومضَى على الغُلَوَاءِ يَسْتَغْلِي
حَطُّوا فقاموا تحتَ طاعَتِه / لما رأَوْهُ قامَ بالتِّقْلِ
وله سحابٌ نزلت بمَنْصِبِه / فتعلَّقَتْ بالشَّيْخِ والطِّفل
فإِذا اختَبَرْتَ وجَدْتَ معرفةً / صارَ الفتى فيها أَخا الكَهْلِ
إِن كانَ بعضُ الناسِ حين يَرَى / فلُرَّب بعضٍ وهو كالكُلُ
فِقْهٌ تَبِينُ المُشْكِلاتُ به / وتروحُ مُطْلَقَةً من الشُّكْل
وهُدىً مُبِينٌ لم يُخَلِّ أَخا / جَهْلٍ ولَوْ أَضْحَى أَبا جَهْل
وكتابَةٌ من حُسْنِ صُورَتِها / تُغْنِي عن التَنْقِيطِ والشَّكْلِ
وسكونُ خاشٍ صِيغَ من مَهَل / منه حَراكٌ صِيغ من مُهْل
ولَرُبَّ أَجوافَ فيه قعقعةٌ / وكما عَلِمْتَ مَخارِقُ الطَّبْل
يا مَنْ أَعادَتْنِي له سَنَةٌ / ضنَّتْ عَلى عِدَة فَكانَتْ لِي
صلَّيْتُ باسْمِ أَخيكَ ممتدِحاً / فَنَجوْتُ من لَهَبِ الهوى المُصْلِي
ومدحْتُكُمْ في طَيِّ مِدْحَته / حُكْماً ولَمَّا أُبْلَ بالنَّبْلِ
والآنَ تَمَّ لديكَ مُفْتَرَضِي / وأَصَبْتُ من نَفَلٍ ومن نَفْل
ورأَيتُ منصِبَكُمْ فقلتُ له / ما لَمْ يُخَالَفْ فيهِ بالفِعْلِ
والناسُ غَيْرَكَ للفضولِ أَتَوْا / وأَتَيْتَ وَحْدَكَ أَنْتَ للفَضْلِ
لِمَنِ الشُّموسُ غَرَبْنَ في الأَكوارِ
لِمَنِ الشُّموسُ غَرَبْنَ في الأَكوارِ / وطَلَعْنَ بين معاقِدِ الأَزرار
القَاتلاتِ بأَعيُنٍ أَشفارُها / في الفَتْكِ أَمْضَى من ظُباتِ شِفارِ
عَرَّضْنَنِي للسُّقْمِ حِينَ عَرَضْنَ لي / يخطِرْنَ زَهْواً كالقَنَا الخَطَّارِ
ولَوَيْنَ أَجياداً يُحَلِّيها النَّوَى / بفرائِدٍ من فَيْضِ دَمْعٍ جارِي
سارَ الحُداةُ بمن أُحِبُّ وخلَّفوا / قلبي رهينَ الوَجْدِ والتذكارِ
نَضَت البَرَاقِعُ عن رياضِ محاسِنٍ / لم تحتكِمْ فِيها يَدُ الأَمْطارِ
وَرَنَتْ إِليَّ بطَرْفِ ريمٍ أَكْحَلٍ / فرنا الرقيبُ بطَرْفِ لَيْثٍ ضَارِ
كيفَ السَّبيلُ إِلى بدائِعِ جَنَّةٍ / حُفَّتْ لطالِبِ نَيْلِها بالنَّارِ
لا يُبْعِدِ الله الجمالَ مَحَبَّةً / عَذْبَ العذابِ مُهَوِّنَ الأَخطارِ
فَدَعِ الصِّبا أَبداً شِعاري واستَمِعْ / أَوصافَ نَجمِ الدِّينِ في أَشعاري
مَلِكٌ يُريكَ نَوالُه وجمالُه / فيضَ البحارِ وبهجةَ الأَقمارِ
مَا إِنْ رأيتُ أَسيرَ عُسْرٍ أَمَّهُ / إِلا وأَنقذه من الإِعسارِ
رَقَّ الزمانُ لنا برِقَّةِ طَبْعِه / حتى لأَصبحَ كالزُّلال الجاري
ردَّ الهواجِرَ كالأَصائِلِ وانثنى / فكا الليالي رَوْنَقَ الأسحارِ
متقسمٌ بين الهلالِ المُجْتَلَى / حُسْناً وبين الضَّيْغَمِ الزَّءَّارِ
فإِذا سَطَا فَالسيفُ يَضْحَكُ غُرَّةً / وإِذا عفا فالمالُ ذو اسْتْعبارِ
جَذْلاَنُ يُطْرِبُهُ السُّؤالُ كأَنما / يَسْقِيهِ سائِلُهُ بكأَسِ عُقَارِ
وتراهُ فِي ويوم الوغى وكأَنه / من نفسه في عسكرٍ جرَّارِ
من معشرٍ ما فيهمُ إِلا فتىً / طامِي عُبابِ الجودِ رحبِ الدارِ
وَلرُبَّ أَصْفَرَ في يَدَيْهِ فَعَالُه / ينْسِيكَ فِعْلَ الأَبيضِ البَتَّارِ
كالحَيَّةِ النَّضْنَاضِ إِلا أَنَّهُ / مُتَقَسَّمٌ للنفعِ والإِضرارِ
الله جارُكَ قد بَنَيْتَ مراتباً / في المجدِ لا تَفْنَى مع الأَعْصارِ
أَجريتَ من يمناكَ بحرَ سماحةٍ / وَقَفَتْ عليكَ نَتَائِجَ الأَفكارِ
وإِذَا جَعَلْتَ الجودَ غَرْسَكَ لم تَزَلْ / تَجْنِي ثِمارَ الشَّكْرِ خَيْرَ ثِمارَ
وعزائمٍ لك ما السيوفُ قواطعٌ / أَنَّي تُعَدُّ ولا النجومُ سوارى
تمضي متى أَمْضَيْتَها فكأَنما / تأْتي على قَدَرٍ مع الأَقدار
إن قال وفّى مسرعاً ما قالَه
إن قال وفّى مسرعاً ما قالَه / وسواهُ لما قالَ لمّا يفْعَلِ
يا أيّها الحَبرُ الإمامُ ومَنْ غَدا / في منزلٍ ما مِثلُهُ من منزِلِ
خُذْها ابنةَ الفكرِ الذي استعملْتَهُ / فغدَتْ لعَمْري كالغزالِ الأكحلِ
واسلَمْ ودُمْ ما غرّدَتْ ورْقاءُ في / غُصُنٍ رطيب في النعيم الأكملِ
بين اللوى فالجِزْعِ فالمتثلّمِ
بين اللوى فالجِزْعِ فالمتثلّمِ / دِمَنٌ خلَتْ من بعدِ أمّ الهيثَمِ
آثارُ ركب مُدلِجينَ ترحّلوا / من مُنجدٍ قَصْداً لها أو مُتهِمِ
ولقد وقفتُ بها وقوف متيّمٍ / زمناً أُسائلُها فلم تتكلّمِ
وسقيتُها الدمعَ المصونَ تأسفاً / صِرْفاً وطوراً مثل لون العِظْلِمِ
يا ركبَ مكةَ ها تحيةَ عاشقٍ / مُضنًى نحيفِ الجسمِ صبٍّ مغرمِ
لغزالةٍ مثلِ الغزالةِ منظراً / حوراءَ تسكنُ في هضابِ يَلمْلمِ
هيفاءَ ساحرةِ الجفونِ غريرةٍ / غرّاءَ مرشَفُها لذيذُ المَطْعَم
في ثغرها دُرٌّ وفي وجَناتِها / وردٌ نضيرٌ أحمرٌ كالعندمِ
إن لم يبلّغْكَ التحيةَ ذلك الر / كْبُ المُجِدُّ السيرَ مني فاعلمي
لا عرّسوا بمنًى ولا بلغوا المُنى / فيها الزمانَ ولا سُقوا من زمزَمِ
يا عاذليّ كفى فؤادي ما رأى / منها فكُفّا لوم كلِّ متيّمِ
فلأتركنّ اللهو عنّي جانباً / ولأرحلنّ على جوادٍ أدهمِ
هزجِ الصّهيلِ كأنّ في حُلقومِه / جرَساً وأسودَ كالغرابِ الأسحمِ
صافي السوادِ كأن غرّةَ وجهه / بدرٌ بدا في جنحِ ليلٍ مظلمِ
أو أشقرٍ نهدٍ أقبّ لهيبُه / كالنجمِ في وسطِ الغبارِ الأقتَمِ
يهوي كما تهوي العُقاب لصيدها / ومقدّم الأذنَيْنِ ليس بأصْلمِ
أو أحمرٍ مثلِ الخدودِ تخالُه / من حسن صِبغتِه تسرْبَل بالدمِ
وافي الضلوع مهذبٍ في جنسه / جَذلانَ كالنّشوانِ حرّ أرثَم
أو أبلجٍ يبدو بكل نموذج / للناظرين إذا تراءَى شيظَمِ
حتى أقبّل راحة الحَبرِ الذي / فاقَ الورى وعلا علوّ الأنجُمِ
الحافظِ النّدْبِ السّريّ المرتضى ال / علَمِ الزكيّ اللوذعي الأكرمِ
العالمِ المولي الأبيّ المصطفى ال / يقِظِ العلي علا السُها المتقدمِ
أعطى وأسرفَ في العطاءِ فكفُّه / والبحرُ يقتسمانِ نسبة توأمِ
حُلوِ المذاقِ لمنْ يوالي ليّنٍ / ولمَن يعاديه كطعمِ العَلقمِ
بكَرَ العِدا نحو العُلا فتأخّروا / عنها وأدلجَ فهو خيرُ مقدَّمِ
سارَتْ إليه اليَعمَلاتُ قواصِداً / تَتْرى فحلّتْ عندَ أفضلِ مَغنَمِ
علَمٌ يُهينُ المال طولَ زمانِه / كرماً وبرّاً عند زَورِ مكرَّمِ
ولقد غدوتُ بما أتَتْهُ مُديةٌ / من فعلِ جاني أنعُمٍ لا مجرمِ
قامتْ تقبّلُ راحةً مزنيّةً / للحافظِ الحَبْرِ الإمامِ الأكرمِ
لتنالَ من نعمائِها ما أمّلَت / وتفوزَ من هبةٍ بأوفَرِ مغنَم
فحمى ازدحامُ اللاثِميها فوزَها / معهمْ وقد ظفروا بأكرمِ مَلثَمِ
فهوَتْ الى قدم له ما دأبُها / إلا استباقُ للعُلى بتقدمِ
عاذَتْ بها من خيبةٍ لمرامها / إذ قبّلَتْها فِعلةَ المتذمّمِ
والرِّجْلُ لما لم تؤهَّلْ للندى / مثل اليَدينِ ولا لبَذْلِ الأنعُمِ
لم ترضَ خيبتَها كشيمةِ ربّها / فحمَتْ بما ملكَتْهُ من عِطرِ الدّمِ
سَقياً لها شرُفَتْ بنَيْلِ ممنّعٍ / عن غيرها بظُبى الصّوارمِ مُحتمي
ودّتْ خدودُ الغيدِ لو ظفِرَتْ بما / نالته من ذاك الصِّباغِ العَندَمي
كيما يتمّ جمالُها بِلباسِه / فيُضيءُ منها كلُّ ليلٍ مظلِم
قد فاخَرْت يُمناك ما شرَفْتَ من / عُددِ الوغى من لهذَمٍ أو مِخذَمِ
وغدت محرّمةً على النيران إذ / سُقِيَتْ دماً أضحتْ به في محرَمِ
فافخَرْ إمامَ العصرِ بالشرفِ الذي / أوتيتَه فردَ الفضائلِ واسْلَمِ
وعدَتْ ولم تفِ لي بذاك الموعدِ
وعدَتْ ولم تفِ لي بذاك الموعدِ / فغَدا الغرام غريمَ قلبي المُكمَدِ
هيفاءٌ أُرضيها وتُسخِطُني وقد / طاوعْتُها وعصَيْتُ كلّ مفنّدِ
يا دمعَ عيني زِدْ ولا تنقُصْ ويا / نارَ الأسى بين الحشا لا تخمُدي
بكرت مؤنّبَتي تلومُ على الهوى / وتروح جاهلةً عليّ وتغتدي
ظنّت بأن اللومَ يصلحني وما / علمَتْ بأن اللومَ فيها مفسدي
تاللهِ لا حاولتُ عنها سلوةً / وإذا انتهيتُ الى النهاية أبتدي
الهجر شرّد نومَ عيني في الهوى / وأذلَّ مع عزّي جنودُ تجلّدي
ويلاهُ من رشأٍ غريرٍ أغيدٍ / أربى على حورِ الحِسانِ النُهّدِ
أشكو أبكي وهو يضحكُ لاهياً / عني ويرثي لي ويبكي حُسّدي
لا تغرُرَنكَ رقّةٌ في خدّه / فالقلبُ منه قد قسا كالجَلْمَدِ
الصدق شيمتهُ ولكن لم يزلْ / في الحبّ يكذبُ مخلِفاً للموعدِ
مالي إذا أبرمتُ عنه سلوةً / في النومِ أنقضُها برغمي في غَدِ
بالله ربّك قلْ له يا عاذلي / زِدْ عزّةً في الحبّ ذُلاً أزدَدِ
أنا قد رضيتُ بأنْ أكونَ مدلّهاً / في حبّه فعلامَ أنت مفنّدي
يا طالبَ النيران دونكَ فاقتبِسْ / من نارِ قلبي المستهامِ المُكمَدِ
يا صادياً هذي دُموعي أصبحتْ / تنهلُّ من جَفنَيْ دونَكَها رِدِ
قد كان دمعي أبيضاً قبلَ النّوى / فاليومَ أصبح أحمراً كالعسجَدِ
أقررتُ أني عبدُه فتيقّنوا / ثم اشهدوا هو سيّدي هو سيدي
فله الجمالُ كما الفخارُ بأسره / متجمّعٌ في الحافظِ بن محمدِ
فخرُ الأئمة أحمدُ المحمودُ مَنْ / فاقَ البريّة بالنّدى والسؤددِ
زُرْهُ تزُرْ أزكى البريّة عنصُراً / متودّداً ناهيكَ من متودّد
متيقظٌ فطنٌ أغرُّ مهذبٌ / جمُّ العطايا صادقٌ في الموعدِ
فاقَ الورى فعَلا عُلوّ الفرقدِ / حتى لقد سمّوهُ سعدَ الأسعُدِ
يُعطيكَ عند سؤاله متبسّماً / وإذا امتنعتَ ولم تسلْهُ يَبتدي
وإذا ادلهمّ الخطبُ يوماً في الورى / لا تعدلَنْ عن رأيه المتوقّد
شهدتْ له الأعداءُ أجمعُ أنه / علمٌ ومَن هذا الذي لم يشهدِ
ما زال يرغبُ في الثوابِ ديانةً / منه ويزهدُ في اكتسابِ العسجدِ
علمٌ به كل البريّة تهتدي / وبرائه في كلِّ خَطبٍ تقتدي
أعراضُه للمادحين وجاهُه / للقاصدينَ ومالُه للمجتدي
في الفقهِ مثلُ الشافعيّ ومالكٍ / وأبي حنيفةَ وابنِ حنبلَ أحمدِ
ضاهى البخاريّ المحدّثَ رتبةً / مع مُسلمٍ ومسدَّدِ بنِ مسرْهَدِ
وأبو عبادةَ في القريض وجروَلٌ / لو عاصراهُ أصبحا كالأعبُدِ
يا أحمدُ المحمودُ من دون الورى / أنت الذي أوضحتَ شِرعةَ أحمدِ
خُذها إليك قصيدة رقّت كما / رقّت شكايةَ مُستهامٍ مُكمَدِ
ألبستَها بمديحك السامي إذاً / ثوبَ الفخارِ ومثلُه لم يوجَدِ
أنعِمْ إذاً بقبولها متفضلاً / فقبولُها فرَجي وغيظُ الحُسَّدِ
لا زلتَ في نعَمٍ وعزٍّ دائمٍ / ألفاً فمثلُك في الورى لم يولَدِ
ما ناح قُمريٌّ وغرّد طائرٌ / سحَراً على غُصن رطيبٍ أملَدِ
لمَنِ الحُمولُ بجدّةٍ تسري
لمَنِ الحُمولُ بجدّةٍ تسري / يدرينَ مَن حملَتْ ولا يَدْري
في الآلِ طافيةٌ وراسيةٌ / سيرَ السفينِ بلجّةِ البَحرِ
فعليكَ يا قلبي السلامُ فقد / بانوا كما قد بِنْتَ عن صدري
كم حجبت كلل الهوادج عن / عينيك من شمسٍ ومن بدرِ
بيضٌ وسمرٌ سحرٌ أعيُنِهم / يُنسيكَ فعل البيضِ والسمرِ
وأنا العديمُ من السّلوّ فإنْ / ذُكِرَ الغرامُ فإنني المُثْري
ولقد أمالَتْ للعناقِ ضُحًى / قدّاً كخوطِ البانةِ النّضْرِ
وبكيْتُ فابتسمَتْ فلاح لنا / دُرّانِ في نَظمٍ وفي نثرِ
دأبَتْ على هجري فخالفَها / بالوصل طيفٌ في الدُجى يسري
واهاً على عصرِ الشبابِ فما / أحلى شمائلَ ذلك العصرِ
أيامَ أخلعُ غير مستَتِر / عُذُري فأُلفى واضح العُذْرِ
وتنوفةٍ قفرٍ رمَيتُ بها / ولاّجَ كلِّ تنوفةٍ قَفْرِ
يهفو إذا لفحَتْ هواجرُها / قلبُ السراب بها من الذُعْرِ
وكأنّ أعناقَ المطيّ وقد / وخدَتْ مياهٌ فوقَ تجري
لو لم أكُن صقْرَ السّباسِبِ لم / أصْبِحْ ومن أكوارِها وكْري
والى الأجلِّ الحَبْرِ جُبْتُ بها ال / آفاقَ من سهل ومن وعْرِ
فاتَتْ بأبكارِ المديح الى / دفّاعِ رَيبِ الحادثِ النُّكْرِ
حبّرْتُ ألفاظي فجئتُ بها / حِبَراً الى علاّمةٍ حَبْرِ
جمع المحاسنَ كلّهُنّ فمَن / يفخَرْ به يفخَرْ بذي فخرِ
فإذا روى الأخبارَ أصدرها / عن فرطِ معرفةٍ وعن خُبْرِ
وإذا المسائلُ أشكلَتْ فغدَتْ / لا تستبينُ لصائِب الفكْرِ
جلّى غياهِبَها بصُبْحِ حِجًى / منه وصارم فطنةٍ يَفْري
وإذا جرى في طِرسِه قلمٌ / بيمينه للنفعِ والضُرِّ
أبصرْتُ روضَ الفضلِ أخضَلَهُ / ماءُ الذكاءِ فجاءَ كالسّحْر
يا حافظَ الدين الذي شهدَتْ / آلاؤهُ في البَدْو والحَضْرِ
لك منّةٌ عظُمَتْ فقلّ لها / يا خير مولًى منه بالشكرِ
لجلوْتَ عنّي الحادثاتِ كما / تجلو الدّياجي غُرّة الفجر
وكسوتَني خِلَعَ الرضا فأتى / متنصِّلاً مما جَنى دَهري
واسلَمْ لجمع الحمدِ واحظَ به / فرداً فأنتَ مفرّقُ الوفرِ
يا أيها الحَبرُ الإما
يا أيها الحَبرُ الإما / مُ ومن به فخرُ اليراعْ
الصّبرُ عن رؤياكَ يا / خيرَ الورى لا يُستطاعْ
أو كيف يصبِرُ عن فتًى / هو أوحدُ الدنيا المُطاعْ
داني النّدى عالي المدى / فلهُ انخفاضٌ وارتفاعْ
كالشمسِ تبعُدُ موضِعاً / ويعمُّنا منها الشُعاعْ
أأزورُ دارَك كرّتينِ وأنثني
أأزورُ دارَك كرّتينِ وأنثني / عنها وأنت بها ولستُ أراكا
ما كان ضرَّك لو خرجْتَ تكلُّفاً / ورعايةً لودادِ مَن يرعاكا
غلب الملالُ عليك حتى إنّهُ /
إن كنتَ مِلْتَ الى سوايَ فإنني / ما مِلْتُ لِسواكا
بأبي سقيم الجَفنِ صح
بأبي سقيم الجَفنِ صح / حَ له ضَنى جسمي السقيمِ
ورأى غرامي في هوا / هُ مُلازِمي مثل الغريمِ
فحَنا وحنّ وربما / نظرَ السّليمُ الى السليمِ
حتى إذا صانوه عن / قُربي ولا صَوْنَ الحريمِ
أومى إليّ بلحظِه / إيماءَ منعطف رَحيمِ
وأنا البخيلُ بمهجتي / إلا على خُلُقٍ كريمِ
يا بدْرَ تِمٍّ قد غدَتْ / رُقَباؤه عددَ النجومِ
ما بالُ وجهك جنّةٌ / حُرِسَتْ بملتهبِ الجحيمِ
كم ذا الشّقاءُ وأنت مُشْ / تمِلٌ على طيبِ النّعيمِ
همَمي كبار في هوا / كَ ومثلَها أضحَتْ همومي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025