المجموع : 42
يا هلْ لسالفِ عيشتي بفنائكمْ
يا هلْ لسالفِ عيشتي بفنائكمْ / من عودةٍ محمودةٍ ورجوع
قد غبتمُ عن ناظري ما أَذنتْ / للقلبِ شمسٌ مَرةً بطلوعِ
كنتُ المشفّعَ في المطالبِ عندكم / فغدوتُ أَطلبُ طيفكم بشفيعِ
أَصبحتُ أَقنعُ بالسّلامِ على النّوى / وبقربكم كم بتُّ غيرَ قنوعِ
مقصودُهُ أَعصي الهوى وأُطيعُهُ
مقصودُهُ أَعصي الهوى وأُطيعُهُ / هذا لعمرُ هواكَ لا أستطيعُهُ
سمعي أَصَمُّ عن العذولِ وعذله / فعلامَ يقرعُ مسمعي تقريعُهُ
غلبَ النّزاعُ إلى الحسانِ تجلُّدي / والقلبُ مغلوبُ العزا منزوعُهُ
لا تنزِعَنَّ إلا ملامِ متيَّمٍ / لا يستتبُّ عن النّزاعِ نزوعُهُ
وملاحةُ الرشأِ المليحِ تروقُهُ / وملامةُ اللاحي الملحِّ تروعُهُ
يا عزَهُ لو لم يعزُّ عزاؤه / يا ذلّهُ إنْ لم تُعنه دموعُهُ
وبمهجتي حلو الشّمائلِ عذبُها / لكنّه مُرُّ الصُّدودِ شنيعُهُ
نشوانُ من خمرِ الصبا قلبي به / أَفديهِ مخمورُ الغرامِ صريعُهُ
غصن على حقفٍ يميلُ ويستوي / فكأَنّما يعصيهِ حينَ يطيعُهُ
رئمٌ وفي قلبِ المحبِّ كناسُهُ / قمرٌ وفي ليلِ العذارِ طلوعُه
وكأَنَّ قلبَ محبِّه إقطاعُهُ / وكأَنَّ خطَّ عذارهِ توقيعُهُ
مساوبُ سهمِ اللّحظِ منه محبُّه / ملسوبُ عقربِ صدغهِ ملسوغُهُ
للهِ عيشٌ بالحمى أَسلفته / والشّملُ غير مفرَّقٍ مجموعُهُ
أَيامَ دارتْ للشّبابِ كؤوسُهُ / فينا ودرَّتْ بالسُّرورِ ضروعُهُ
رويتْ بأَنواءِ العهادِ عهودُهُ / وزهتْ بأَنوارِ الرَّبيعِ ربوعُهُ
أَفراجعٌ ما مرَّ من أَيامهِ / هيهاتَ لا يُرجى إليَّ رجوعُهُ
وجدي مقيمٌ ما يزالُ بظاعنٍ / توديعُ قلبي أُنسه توديعُهُ
مُلاَّكُ مهجتهِ عليكم حفظها / فالملكُ ليس لمالكٍ تضييعُهُ
لا تنسبوا قلبي إليَّ فإنّه / لكمُ وفيكمْ جرحُهُ وصدوعُهُ
وبيوسفِ المستنجدِ بنِ المقتفي / دينُ الهدى سامي العمادِ رفيعُهُ
ضافي رداء الفخرِ صافٍ روحه / نامي ضياءِ البشرِ زاكٍ رُوعُهُ
حالي الضَّمائر بالعَفافِ وبالتُقى / للهِ ما تحنو عليه ضلوعُهُ
محمرُّ نصلِ النّصرِ في يومِ الوغى ال / مغبرِّ مبيضُّ العطاءِ نصوعُهُ
في الأَمن إلا ماله وعدوّه / فكلاهما في الحالتينِ مروعُهُ
للّهِ أَصلٌ هاشميٌّ طاهرٌ / طابتْ وطالتْ في العلاءِ فروعُهُ
لكَ نائلٌ محيٍ وبأسٌ مهلكٌ / فلأَنت ضرّار الزَّمان نضوعه
يا أَفضلَ الخلفاءِ دعوةَ قانعٍ / برضاكَ ما كشف القناع قنوعُهُ
أَيكونُ مثلي في زمانكَ ضائعاً / هيهاتَ يا مولايَ لستَ تضيعُهُ
أَودعْ جميلاً لي أُذعْهُ فخيرُ مَنْ / أَوْدَعْتَهُ منكَ الجميلَ مذيعُهُ
حسبُ المؤمِّل منجحاً في قصدهِ / أَن الرَّجاءَ إلى نداكَ شفيعُهُ
ما بعدَ يومكَ للمعنَّى المُدْنفِ
ما بعدَ يومكَ للمعنَّى المُدْنفِ / غيرُ العويلِ وحسرةِ المتأسّفِ
ما أَجرأَ الحدثانِ كيف سطا على ال / أَسدِ المخوفِ سطا ولم يتخوَّفِ
من ذا رأَى الأسَدَ الهصورَ فريسةً / أَم أَبصرَ الصبحَ المنيرَ وقد خَفي
من ثابتُ دون الكُماةِ سواه إنْ / زلّتْ بهم أَقدامُهم في الموقفِ
ما كان أَسنى البدءَ لو لم يستتر / ما كان أَبهى الشمسَ لو لم تكسفِ
ما كنتُ أَخشى أَن تُلم ملمةٌ / يوماًن وأَنتَ لكربها لم تكشفِ
أيامُ عمرِكَ لم تزلْ مقسومةً / للّهِ بينَ تعبُّدٍ وتعرُّفِ
مُتهجِّداً لعبادةٍ أَو تالياً / من آيةٍ أَو ناظراً في مصحفِ
فُجِعَ النَّدا والبأسُ منك بحاتمٍ / وبحيدرٍ والحلمُ منك بأَحنفِ
بالملكِ فُزتَ وحُزْنَهُ عن قُدرةٍ / ومضيتَ عنه بسيرةِ المتعفِّفِ
ووُصفتَ يا أَسداً لدين محمدٍ / مدحاً بما مَلكٌ بهِ لم يُوصَفِ
وقفوتَ آثارَ الشّريعةِ كلّها / وقد اهتدى من للشريعةِ يقتفي
أأنِفْتَ من دنياكَ حين عَرَفْتَها / فلويتَ وجهَ العارفِ المتنكفِ
يا ناصرَ الدِّين استعذْ بتصَبُّرٍ / مُدْنٍ إلى مرضاةِ ربٍ مزلفِ
وتَعَزّ نجمَ الدِّين عنه مُهنّأً / أَبدَ الزَّمانِ بمُلْكِ مصرَ ويوسفِ
لا تستطيعُ سوى الدَّعاءِ فكلُّنا / إلاّ بما في الوسعِ غيرُ مُكلّفِ
إنَّ الخطوبَ على عداكَ مخوفُها
إنَّ الخطوبَ على عداكَ مخوفُها / وكذا الليالي سالمتكَ صُروفُها
وقضى القضاءُ برتبةٍ لكَ في العُلى / شمّاءَ لم يُفْرَعْ إليكَ مُنيفُها
وأَتتكَ أَقدارُ السّماءِ أَتتكَ من / خيراتها أَنواعُها وصُنوفُها
وتحمّلي ريحَ الشمالِ تحيّةً / عنِّي حَكاكِ رقيقُها ولطيفُها
ليَعُودَ في ريح الجَنُوبِ جوابُها / إن كان يحتملُ القويَّ ضعيفُها
وصفِ الحسينَ تجدْ وراه محاسناً / يا صاحِ يُكْرَمُ ضيفُها ومُضيفُها
مَنْ هَمُّهُ في المكرماتِ حريصُها / مَنْ نفسُهُ في المخزياتِ عَيُوفُها
وإذا حوى عشراتِ آدابٍ فتىً / فله على رُغْمِ الحسودِ أُلُوفُها
كن يا ابنَ حرّازٍ لودِّي مُحرِزاً / لك في العهودِ تَليدُها وطريفُها
أَنا أَحنفٌ في الحلمِ عن أَمثالهم / وشريعتي ما عشتُ فيه حنيفُها
لي همّةٌ تأْبى الدَّنايا قد سمتْ / وأَعزَّ نفسي بأسُها وعُزوفُها
ولكم عراني حادثٌ ثم انجلى / عنِّي كما يعرو البدورَ خُسوفُها
أَهدى السّقامَ إلى النّحافةِ بُعْدُكم / والسُّمرُ يُحسَدُ في الطِّعانِ نحيفُها
ماذا تَسُرُّ ولايةٌ عُمّالُها / في ذلّة وعزيزُها مصروفُها
في الحظِ منصرَفٌ حكى مُتصرِّفاً / هي لفظةٌ وبنقطةٍ تصحيفُها
أَما الغبارُ فإنَّهُ
أَما الغبارُ فإنَّهُ / مما أَثارَتْهُ السَّنابكْ
والجوُّ منه مظلمٌ / لكنْ أَنارَ به السَّنابكْ
يا دهرُ لي عبدُ الرَّحي / مِ فلستُ أَخشى مسَّ نابكْ
والغصن مهزوزُ القوام كَانَّما
والغصن مهزوزُ القوام كَانَّما / دارت عليه من الشمال شمولُ
والدهرُ كالليل البهيم وأنتم / غُرَرٌ تنيرُ ظلامَه وحُجولُ
عُذرُ الزَّمانِ بأيِّ وجهٍ يُقبلُ
عُذرُ الزَّمانِ بأيِّ وجهٍ يُقبلُ / ومحبُّكم بالصدِّ فيهِ ويُقتلُ
مالي سوى إنسان عيني مُسعداً / بالَّمعِ إنسانٌ عليه أُعَوِّلُ
الَّهرُ ليل كلُّه في ناظري / لا صبحَ إلا وجهُكَ المُتهلِّلُ
خيرتمُ بينَ المنيّةِ والنوى / لا تهجروا فالموتُ عنيَ أَسْهَلُ
ما كانَ منكرُ فضل حقِّي جاهلاً / إن كنتُ أنكر فضلكم أو أَجهلُ
يا غائبينَ وهمْ بفكريَ حُضّرٌ / يا راحلينَ وهمْ بقلبيَ نُزَّلُ
ما للسُّلوِّ إلى فؤادي منهجٌ / ما للصبابةِ غيرَ قلبي مَنْهلُ
لا تعدلوا عنّي فما لي معدلٌ / عنكمْ وليس سواكمُ لي موئلُ
كلُّ الخطوبِ دفعتُها بتجلُّدي / إلاّ التفرُّقَ فهو خطبٌ مُعْضِلُ
إذا لم يجدني طيفُكُم في زورةٍ / فلأنني منه أدّقُّ وأَنحلُ
لا صبرَ لي لا قلب لي لا غمضَ لي / لا علمَ لي بالبينِ ماذا أَفعلُ
إن تذهلوا عنّي فإنّي ذاهلٌ / بهواكم عن ذكركم لا أَذهلُ
مَنْ للعُلى مَنْ للذُّرى مَنْ للهُدى
مَنْ للعُلى مَنْ للذُّرى مَنْ للهُدى / يحميه مَنْ للبأسِ مَنْ للنائلِ
طلبَ البقاءَ لملكهِ في آجلٍ / إذ لم يثقْ ببقاءِ مُلْكِ العاجلِ
بحرٌ أَعادَ البرَّ بحراً برّه / وبسيفهِ فُتحتْ بلادُ السّاحلِ
مَنْ كان أَهلُ الحقِّ في أَيامهِ / وبعزِّهِ يردونَ أَهلَ الباطلِ
وفتوحُهُ والقدسُ مِن أَبكارِها / أَبقتْ له فضلاً بغيرِ مُساجلِ
ما كنتُ أستسقي بغيرِكَ وابلاً / ورأَيتُ جودَكَ مُخجلاً للوابلِ
فسقاكَ رضوانُ الإله لأنَّني / لا أَرتضي سُقيا الغمامِ الهاطلِ
قد أُهدِيَ الإثراءُ في الإيفاضِ لي
قد أُهدِيَ الإثراءُ في الإيفاضِ لي / مذ فاضَ لي بالرَّحبِ بحرُ الفاضلِ
قد عاضَ لي ملقاهُ من فقري غنىً / ما زالَ صَرْفُ الدَّهرِ منه عاضلي
كم من مُنىً ظَلَّتْ وعاودتِ الهدى / بلقائهِ حتى غلبتُ مناضلي
عاينتُ طَوْدَ سكينةٍ ورأيتُ شم / س فضيلةٍ ووردتُ بحرَ فواضلِ
ولقيتُ سَحْبانَ البلاغةِ ساحباً / ببيانهِ ثوبَ الفخارِ لوائلِ
أَبصرتُ قُساً في الفصاحةِ معجزاً / فعرفتُ أَنيّ في فَهاهةِ باقِلِ
حلفُ الفصاحةِ والحصافةِ والسّما / حةِ والحماسةِ والتُّقى والنائلِ
بحرٌ من الفضلِ الغزيرِ خِضَمُّهُ / طامي العُبابِ ومالهُ من ساحلِ
وجميع ما في الأرض سبعة أَبحر / وبحوره تُسمْى بعشر أَنامل
في كفِّهِ قلمٌ يُعجِّلُ جريُهُ / ما كان من أجلٍ ورزقٍ آجلِ
يجري ولا جَرْيَ الحسام إذا مضى / حدّاهُ بل جَرْيَ القضاء النازلِ
نابتْ كتابتُهُ منابَ كتيبةٍ / كُفِلَتْ بهزمِ كتائبٍ وجحافلِ
كم جادَ إسعافاً لعافيهِ وكم / أَملى التجاحَ على رجايَ الآملِ
بيراعهِ أَبداً يُراعى عالمٌ / في سِرْبهِ ويُراعُ سربُ الجاهلِ
فعدُّوهُ في عَدْوهِ ووليُّهُ / في عَدْلهِ يا حُسْنَ عادٍ عادلِ
ريّانُ من ماءِ التُّقى صاد إلى / كَسْبِ المحامدِ وهي خيرُ مناهلِ
غَطّتْ فضيلتُهُ نقيضةَ دهرِنا / عنّا وأَذهبَ حَقُّهُ بالباطلِ
كفلتْ كفايتُه بكلِّ فضيلةٍ / أَكرمْ بكافٍ للفضائلِ كافلِ
أَكرمْ به من خِدْنِ إفضال وذي / فَضْلٍ لأهل الشام شافٍ شاملِ
ما حلَّ في بلدٍ فكانَ مَحَلُّهُ / إلاّ محلَّ حياً بروضٍ ماحلِ
ففداءُ حزمِكَ كلُّ غاشٍ غاشمٍ / وفداءُ فضلكَ كلُّ غافٍ غافلِ
يا أَوحدَ العصرِ الذي بزَّ الورى / فضلاً بغيرِ مشاكهٍ ومشاكلِ
يا أفضلَ الفصحاءِ بل يا أَفصحَ ال / بلغاءِ منفرداً بغيرِ مساجلِ
يا حالياً بالفضلِ حلِّ تفضلاً / منِّي بجدِّك جيدَ خطٍّ عاطلِ
كم ناقصٍ إدبارهُ قد ردَّني / لكنّما إقبالُ فضلكَ قابلي
قد كان هذا الشّامُ لولا أنتمُ / روعَ المقيمِ بهِ وروحَ الرَّاحلِ
كيف السّبيلُ إلى نجاحِ مقاصدي / ومحاسني وهي العيوب وسائلي
ما لي وجاه الجاهلين فأغنني / عنهم كفيتَهُمُ وجُدْ بالجاهِ لي
جُدْ لي بمنّتكَ الضعيفة مُنّتي / عنها وأَثقلْ من جميلك كاهلي
أَرجوك معتنياً لدى السُّلطان بي / كرماً فمثلُكَ يَعتني بأَماثلي
تُوفي وليّكَ دَيْنَ مَجْدٍ عاقَهُ / ليُّ الوعودِ من الزَّمانِ الماطلِ
قرِّرْ ليَ الشُّغلَ المبجّلَ مخلياً / بالي من الهمِّ المقيم الشّاغلِ
لا زلتَ غيثَ مكارمٍ وبقيتَ غَوْ / ثَ أَكارمٍ وسلمتَ كهفَ أَفاضلِ
كُنْ عاذري في حُبِّهم لا عاذلي
كُنْ عاذري في حُبِّهم لا عاذلي / يا فارغاً من شُغلِ قلبي الشّاغلِ
هَبْ أَنَّ سمعي للنصيحةِ قابلٌ / ما نافعي والقلبُ ليس بقابلِ
أَخفيتُ سرَّ الوَجْدِ خيفةَ عُذَّلي / فتعرَّفوا من أَدمعي ومخايلي
لم يقبلوا عذرَ المحبِّ وقابلوا / حقَّ الهوى من لؤمهم بالباطلِ
مالُوا إلى وصلي فحينَ وَصَلتُهُم / ملُّوا وليس يُمَلُّ غير الواصلِ
يا ناشداً يبغي فؤاداً ضائعاً / يومَ النّوى إثرَ الخليطِ الزائلِ
أَين الفوادُ أَراحلٌ في إثرهم / أَم سائلٌ ما بينَ دمعٍ سائلِ
وأَغنَّ أَغنى طَرْفُه في سحرهِ / ورُضابُه في سكرهِ عن بابلِ
مَنْ وجهُهُ حَسنٌ وليس بمحسنٍ / والقدُّ معتدِلٌ وليس بعادلِ
متلوِّنٌ كمدامعي متعفِّفٌ / كضمائري متعذرٌ كوسائلي
أَنا في الضّنى كالخصرِ منه أَشتكي / من جائر ما يشتكي من جائلِ
يا قلبه القاسي تعلّمْ عطفةً / وتمايلاً من عطْفهِ المتمايلِ
سقياً لوصلِ الغانياتِ وشربنا / كأْسَ الرُّضابِ على غناءِ خلاخلِ
بنواظرٍ قد خلتُهُنَّ غوافلاً / لفتورهنَّ وهنَّ غيرُ غوافلِ
وقدودُهنَّ قدود سمرِ رواعفٍ / وجفونهنَّ جفونُ بيضِ مناصلِ
أَيامَ لا عهدُ الوفاءِ بحائلٍ / غَدْراً ولا أُمُّ الصّفاء بحائلِ
أَعقيلةَ الحيِّ اللَّقاحِ ودُونَها / بيضٌ وسُمْرٌ من ظُبىً وذوابلِ
بكرتْ تلومُ على لزومِ مواطنٍ / وضعُ الرَّفيعِ بها ورفعُ الخاملِ
طالَ التردُّدُ في البلادِ فلم أَفزْ / منها على رغمِ العدوِّ بطائلِ
أَو ما رأَيتَ البحرَ يُغرِقُ درَّهُ / ويخلِّصُ الأَزبادَ نَحوَ الساحلِ
مضريّةٌ عَذلتْ على حبِّ النّدى / من ليس يسمعُ فيه عذلَ العاذلِ
يا هذه لولا السّماحةُ لم يكنْ / ينميكِ خيرُ عشائرِ وقبائلِ
عنّفت في حبِّ السّماحةِ مُؤثراً / عُدْمَ الكريم على ثراءِ الباخلِ
أَو هل يخافُ العُدْمَ مَنْ وجدَ الغنى / من جودِ مولانا الإمامِ العادلِ
ولقد وردتُ فِناءَ بحرٍ للندى / أَغنى بهِ عن أَنهرٍ وجداولِ
في كفِّهِ للجوِ خمسةُ أَبحرٍ / فياضةٍ تُسمْى بخمسِ أَناملِ
ممدودُ ظلِّ العدلِ ليس بزائلٍ / معمودُ رُكنِ المُلكِ ليس بمائلِ
وَعَرَمْرَمٍ لَجِبٍ كمنهالِ النّقا / مَجْرٍ ومنهلِّ السّحابِ الهاملِ
سترَ الغزالةَ بالعجاجةِ مُطلعاً / زُهرَ الأَسنّةِ في سماءِ قساطلِ
فالشّمسُ ما بينَ العجاجِ كأَنّها / بدرٌ تطلّع جُنح ليلٍ لائلِ
والنقعُ يَنْصُلُ بالنُّصُولِ خضابُهُ / فكأَنّه لونُ الشباب الناصلِ
والمُقْرَباتُ بأَنْسُرٍ وقوائمٍ / تحكي قوادِمَ أَنْسُرٍ وأَجادلِ
في مأزِقٍ لا يسمعُ الواغي بهِ / إلاَّ أَنينَ صوارمٍ وصواهلِ
والجيشُ مَن مَلكَ الجيوشَ برأْيهِ / في صائبٍ وبجأشهِ في صائلِ
هزم العدا قبلَ اللِّقاءِ برعبهِ / فغدوا بأُمٍ في الشّقاوةِ هابلِ
طلبوا الفرارَ ولم يزلْ مُتكفِّلاً / بهزيمة الرِّعديدِ بأْسُ الباسلِ
أَمطوِّقَ الأَعناقِ من إفضاله / نِعَماً تسامتْ عن سؤالِ السائلِ
ماذا أَقولُ ولا يقومُ بشكرِ ما / توليهِ من نُعمى لسانُ القائلِ
أو هل بلوغ مقاصدي بقصائدي / أَم هل قبول وسائلي برسائلي
أَم ق كفى سبباً إلى دركِ المُنى / صدقُ الولاء وحُسنُ ظنِّ الآمل
الفخرُ كُلُّ الفخرِ لي نظمي لكم / مِدَحاً تَزِينُ مشاهدي ومحافلي
لكن يقولُ الحاسدونَ لمَ انثنى / غِرِّيدُ مدحِهمُ بجيدٍ عاطل
وإذا حظيتُ من الإمامِ برتبةٍ / فيها الفخارُ على جميعِ النّاس لي
لا زلتَ غيثَ مواهبٍ وبقيتَ غَوْ / ثَ ممالكٍ وسلمتَ كَهْفَ أَراملِ
يا باخلاً عندَ الوَداعِ بوقفةٍ
يا باخلاً عندَ الوَداعِ بوقفةٍ / لو سامني روحي بها لم أَبخلِ
ما كانَ ضرَّكَ لو وقفتَ لسائلٍ / تركَ الفؤادَ بدائهِ في المنزلِ
هلاّ وقفتَ لقلبِ مَن أَحرْتَهُ / مقدارَ إطفاءِ الحريقِ المُشْعَلِ
إنْ أَسْرِ مُرتحلاً ففي أَسْرِ الهوى / قلبي لديكَ مُقيَّداً لم يرحلِ
عَذُبَ العذابُ لدى فؤاِ المبتلى / إذ كنتَ أَنتَ معذِّبي والمبتلي
والقدسُ أَعضلَ داؤه مِن قبلكم
والقدسُ أَعضلَ داؤه مِن قبلكم / فوفيتمُ بشفاءِ ذاكَ المعضلِ
درجَ الملوكُ على تَمنِّي فتحهِ / زمناً وغلتهمْ بهِ لم تبللِ
وأَتى زمانكمُ فأَمكن آخراً / ما قد تعذَّرَ في الزَّمانِ الأَولِ
ما كان قطُّ ولا يكونُ كفتحكمْ / للقدسِ في الماضي ولا المستقبلِ
أَوجدتمُ منه الذي عَدِمَ الورى / وفعلتُم في الفتحِ ما لم يفعلِ
أَيدي الملوكِ تقاصرتْ عن مفخرٍ / طلتمْ به فبلوا لبعضِ الأَنملِ
أحييتُم فرعَ الكرامِ ولم يزلْ / نصرُ المحقِّ بكم وقهرُ المبطلِ
باللّهِ يا ريحَ الشّمالِ تحمّلي
باللّهِ يا ريحَ الشّمالِ تحمّلي / منّي التحية نحوَ ذاكَ المنزلِ
خُفِّي على حملِ السّلامِ وخَفِّفي / عن قلب صبٍ بالصّبابةِ مثقلِ
قولي لمن شغلَ الفؤاد بحبِّه / ويحاكَ إنَّ فؤادَهُ منه خلي
حلَّتْ عقودُ موعهِ وعقودُهُ / وعهودُهُ معقودةٌ لم تحللِ
سقياً لأَحبابٍ تبدَّلَ وُدُّهم / بعدي ولم أَنقضْ ولم أَتبدَّلِ
الظّاعنينَ وودُّهم مستوطنٌ / والرَّاحلينَ وذكرُهم لم يرحلِ
لي بعدهم حالُ المعنَّى المُبتلى / حُزناً وعينُ السَّاهرِ المتململِ
يا راكباً يطوي الفلا مستعجلاً / هَيّجتَ أَحزاني فلا تستعجلِ
أَقفلت بابَ مسرَّتي وفتحتَ من / دمعي وحُزني كلَّ بابٍ مقفلِ
عَرجْ وعُجْ نحوَ الحمى سُقي الحمى / أَعدلْ فليس عن الحمى مِن معدلِ
قلبي العليل فكيفَ سُ
قلبي العليل فكيفَ سُ / وِّغَ وصفُ طرفكَ بالعليلِ
وأَنا المحبُّ المستها / مُ فما لخصرِكَ والنُّحولِ
سلبتْ شمائلُكَ العقو / لَ فما يرادُ من الشَّمولِ
وسلافُ ثغرِكَ ليس يش / في غيرُ رشفتها غليلي
ولقد ظمئتُ فهل سبي / لٌ نحوَ ذاكَ السّلسبيلِ
سلْ سيفَ ناظرِه لماذا سلَّهُ
سلْ سيفَ ناظرِه لماذا سلَّهُ / وعلى دمي لمَ دَلَّهُ قدٌ لهُ
واستفتِ كيف أَباحَ في شرعِ الهوى / دمَ مَنْ يَهيمُ به وفيمَ أَحلّهُ
سلْ عَطفَه فعسى لطافةُ عطْفهِ / تُعدي قساوةَ قلبه ولعلَّهُ
كَثُرَتْ لقسوةِ قلبه جَفَواتهُ / يا ما أَرقَّ وفاءَه وأَقلَّهُ
يا منجداً ناديتهُ مُستنجداً / في خَلّتي والمرءُ يُنجدُ خِلَّهُ
سِرْ حاملاً سِرّي فأَنت لحملهِ / أَهلٌ وخفَّف عن فؤادي ثِقلَهُ
وإذا وصلتَ فَغضَّ عن وادي الغضا / طَرْفَ المريبِ وحَيِّ عنّي أَهلَهُ
أَهْدِ السَّلام هديتَ للرَّشأ الذي / أَعطاه قلبي رُشدَه فأَضَلّهُ
بفتوحِ عصرِكَ يَفْخرُ الإسلامُ
بفتوحِ عصرِكَ يَفْخرُ الإسلامُ / وبنُورِ نصركَ تُشرقُ الأَيامُ
وبفتحِ قعةِ بعلبك تهذَّبتْ / هذي الممالكُ واستقامَ الشّامُ
وبكى الحسودُ دماًن وثغرُ الثّغرِ من / فرحٍ بنصركَ للهدى بَسّامُ
فتحٌ تسنَّى في الصِّيامِ كأَنّنا / شكراً لما منحَ الإلهُ صيامُ
من ذا رأَى في الصّومِ عيدَ سعادةٍ / حلّتْ لنا والفطرُ فيه حرامُ
باليُمنِ هذا الشّهرُ مشهورٌ كما / قد عمَّ بالبركاتِ هذا العامُ
أَسدَى صلاحُ الدِّين والددُّنيا يداً / بنوالِها سوقُ الرَّجاءِ تُقامُ
فتملَّ فتحكَ واقصد الفتحَ الذي / بحصولهِ لفتوحكَ الإتمامُ
دُمْ للعُلى حتى يدوم نظامُها / واسلمْ يعزُّ بنصرِكَ الإسلامُ
رَسْمٌ عليَّ لذلك الرَّسم
رَسْمٌ عليَّ لذلك الرَّسم / أَنِّي أُقاسمُهُ ضَنَى الجسمِ
دارٌ على حَرْبِ الزَّمانِ لنا / جَنَحَتْ بها سَلْمَى إلى سَلمي
ما للهوى أَباً يُلازِمُني / فيها فهل كُتِبَ الهوى باسمي
يا صاحِ تعذِلُني على شَعَفٍ / ما زالَ يَعْذرُني له خَصْمي
إنّي رَضَعْتُ لبانَ حُبِّهمُ / ويعزُّ عنه وإنْ جَفَوا فَطْمي
كَلْمٌ فِراقُهُم ولومُكَ لي / في حُبِّهم كَلْمٌ على كَلْمِ
بَخِلوا عليَّ بوَصْلِ طيفهمُ / ما كان بُخْلُ الطَّيفِ في زَعْمي
أَنّى يَطيبُ ويستطيبُ كرىً / قَلْبٌ يَهيمُ وناظرٌ يَهْمي
أَو ما سِوَى هَجْري عِقَابهُمُ / أَم ليس غَيْرَ هواهمُ جُرْمي
أَمّا الغرامُ فأَدمعي أَبداً / يُعرِبْنَ عنه بأَلسنٍ عُجْمِ
والقلبُ مَسْكنُهمْ فكيف رَضُوا / أَنْ يجعلوه مسكنَ الهَمِّ
والسُّقمُ في جسمِ المحبِّ فلمْ / وُصفَتْ عيونُ البيضِ بالسَّقَمِ
أُدْمٌ سَفَكْنَ دمي بأَعينها / يا لَلْرِجالِ من الدُّمى الأُدْمِ
بيْضُ الظُّبَى تَنْبو وترشقنا / بيْضُ الظِّباءِ بأَعينٍ تُدْمي
ما كنتُ أَعلمُ قبلَ رؤيتها / أَنَّ النّواظر أَسْهمٌ تُصْمي
أَقمارُ خَمْرٍ إنْ سَفرنَ لنا / وإن انتقبنَ أَهلّةُ اللّثْمِ
يَضْعُفنَ عن حملِ الإزارِ فلم / يحملنَ أَوزاراً منَ الإثم
لظباءِ كاظمةٍ مقابلتي / غيظي من الرُّقباءِ بالكظم
وأَغنَّ بالكَشْحِ الهضيمِ له / يا كاشحي أًغناكَ عن هَضْمي
أَحمي بجُهْدي في الهَوَى جلدِي / واللّحظُ منه يُبِيحُ ما أَحْمي
مَنْ مُنْصفي مِنْ جَورِ حاجبهِ / ولحاظُهُ عن قوسهِ تَرْمي
وَحَلا ومرَّ وتجنِّياً وجنىً / يا شهدَهُ لِمْ شِيْبَ بالسُّمِّ
الخمرُ رِيْقتُهُ وقد عَذُبَتْ / ما كلُّ خمرٍ مُزَّةُ الطَّعْمِ
وإذا شَفَتْ شَفَةٌ غليلَ صَدٍ / فالظُّلمُ صدُّكهُ عن الظَّلْمِ
أَقَنعْتَ من بَرْقِ الحِمَى سَحَراً / ونسيمهِ بالشّيمِ والشمِّ
ورضيتَ من نُعمٍ وإنْ مَطَلَتْ / بنَعَمْ ونُعمى تلكَ من نعمِ
وَبَلغْتَ من عظمِ الشُّكاة مَدىً / فيه المُى بَلَغَتْ إلى العَظْمِ
فإلامَ تشكو الظُّلْمَ من زَمَنٍ / يتهضّمُ الأَحرارَ بالظُّلمِ
تأْتي نوائبُهُ مُنبِّهةً / وتمرُّ كالمرئيِّ في الحلمِ
لا تَخْفضِ اسمَكَ وارتفعْ حذراً / فعْلاً تصرِّفُهُ يَدُ الحزمِ
سُمْ نَفْسَكَ العلياءَ واسمُ بها / في بغيةِ الدُّنيا عن الوسمِ
حَتى مَتى تَظْما إلى ثمدٍ / أَيقنْتَ أَنَّ ورودَهُ يُظْمي
فَدَعِ التيمُّمَ بالصّعيدِ ففي / كَنَفِ الإمامِ شريعةُ اليمِّ
مَلِكٌ ليالي النائباتِ بهِ / تُجلَى وتخضب أَزمنُ الأَزمِ
وَرأى الوَرَى الوجدانَ من عدمٍ / في عصرهِ والوَجْدَ منْ عُدْمِ
أوصافُهُ بالوحي نعرفُها / فصفاتُهُ جلّتْ عن الوَهْمِ
تَسْمو بلثمِ تُرابِ موكبهِ / فلقد سَمَتْ يَدُهُ عن اللّثمِ
ما كنتَ تبصرُ نَفْعَ موكبهِ / لولا تواضُعُه من العظم
النّجمُ منزلُهُ ومنزلُه / للوحي منزلُ سورة النَّجمِ
مِنْ مَعْشَرٍ آساسُ ملكهمُ / صينْنَتْ قواعدُهُا عن الهَدْمِ
مِن كلِّ سامي الأصلِ سامِقِهِ / زاكي الخليقةِ طاهرِ الجذمِ
شمُ المعاطسِ عزُّهُمْ أَبداً / قمنٌ بذلِّ معاطسِ الشّمِّ
المنهبونَ الوفدَ وفرهمُ / والمشترونَ الشُّكرَ بالشُّكمِ
قَومٌ يرونَ إذا هُمُ اجتمعوا / تفريقَ ما غَنِمُوا من الغنمِ
خَفُّوا إلى فعلِ الجميلِ فما / يستثقلونَ تَحمُّلَ الغُرمِ
حُمْرُ النِّصالِ جَلوا ببيضهمُ / ظلماتِ ظُلْمِ الأَزمُنِ الدُّهمِ
وخطابُهمْ في كل داهيةٍ / يَقْتادُ أَنفَ الخطبِ بالخُطمِ
إرثُ النُّبوَّةِ بل خلافتُها / في يوسفَ المستنجدِ القَرْمِ
كالبدرِ نوراً والهزَبْرِ سطاً / يومَ الهِياجِن وليلةَ التمِّ
لا بالجَهَام ولا الكَهَام إذا / نُوَبُ الزَّمانِ عَرَتْ ولا الجهم
لو للسيوفِ مَضاءُ عَزْمتهِ / ويراعِهِ أَمنتْ مِنَ الثَّلمِ
وإذا المُنى عَقُمْتَ فنائِلُهُ / شافي العقامِ وناتجُ العُقمِ
الدِّينُ مرتبطٌ بدولتهِ / والدَّهرُ تابعُ أَمرهِ الحزمِ
لوليهِ من فَيْضِ نائله / فَيْضُ الوليِّ ونائلُ الوسمي
قسماً نصيبُ من الوفاء به / أَوفى النصيبِ وأَوفرَ القسمِ
للحقِّ ما يرضيكَ مِنْ عَمَلٍ / والحكم ما تُمضيهِ من حُكْمِ
أَمّا الطُّغاةُ فقد وسَمتَهمُ / ووصَمتهمْ بالذُّلِّ والرُّغمِ
بينَ الزِّجاجِ تصدَّعوا شُعَبا / صَدْعَ الزُّجاجِ لوقعةِ الصَّمِ
للوقدِ أَنفُسُهمْ وسمعُهمُ / للوَقْرِ والأَعناقُ للوَقمِ
إغمدْ حُسامَكَ في رقابهمُ / فالَّاءُ مفتقرٌ إلى الحَسْمِ
آزرْتَ ملككَ بالوزيرِ فَمنْ / شَروا كما في العَزْمِ والحزمِ
يحيى الذي أَضحى بسيرتهِ / حيَّ المحامدِ ميِّتَ الذَّمِّ
كبرتْ وجلَّتْ فيكَ همتُهُ / فله بنصحكَ أَكبرُ الهمِّ
هو حاتميُّ الجودِ ليس يرى / إسْداءَ نائلهِ سوى حَتْمِ
فليهننا أَنّا لملككَ في / زمنٍ يردُّ شبيبةَ الهمِّ
وهناكَ أَنَّلتَ بينَ أَظهرِنا / خَلَفُ النَّبيِّ ووارثُ العلمِ
وكما وزَنتَ عِيارَ فضلكَ بال / إِفضالِ زِنْتَ العلمَ بالحِلْمِ
بمكارمٍ لكَ عَرْفُها أَبداً / فينا يَنُمُّ وعُرفها يُنْمي
ما روضةٌ غَنّاءُ حَاليةٌ / وَشْياً تُحلِّيه يَدُ الرَّقمِ
فعرائسُ الأغصانِ قد جُلِيَتْ / في زهرِها بالوشي والوسمِ
وتمايلتْ أَزهارُها سَحَراً / بنسيمهِ المتمارِضِ النَّسمِ
فلكلِّ نَوْرٍ نُورُ ثاقبةٍ / ولكلِّ ناجمةٍ سَنَا نَجْمِ
دُرّانِ من طَلٍّ على زَهَرٍ / يا حُسنَهُ نَثْراً عملى نَظْمِ
إذ كل هاتفةٍ وهاتنةٍ / مَشْغولةٌ بالسَّجعِ والسَّجْمِ
فالوُرقُ في نوح وفي طربٍ / والوَجْدُ في بَوْحٍ وفي كَتْمِ
بأتمَّ حُسْناً من صدائحَ لي / فيكم مُنزَّهة عن الوصمِ
دُريّةُ الإشراقِ مشرفةُ ال / دُرّيّ بل مسكِيّةُ الخَتْمِ
تجري وتفتحُ من سلاستِها / صُمَّ الصّفا ومسامعَ الصُّمِّ
يغني الطروبُ عن الغناءِ بها / وابنُ الكريمِ عن ابنةِ الكَرْمِ
لطُفَتْ وطالتْ فهي جامعةٌ / عظمَ الحِجا ولطافَةَ الحَجمِ
ولكم سحبْتُ الذَّيلَ مبتهجاً / حيثُ الرَّجاءُ مطرَّزُ الكُمِّ
مستنزرٌ جمُّ الثّنهاءِ إذا / قابلتَهُ بعطائِكَ الجمِّ
لم يُخطِ منذ أَصببتُ خِدْمتكم / أَغراضَ أَغراضي بكم سَهْمي
ولرُبَّ مجدٍ قد أَضفتُ إلى / ما نِلْتُ منْ خالٍ ومن عمِّ
فالدَّهرُ يصرفُ صَرْفَهُ بكم / ويكُفُّ كفَّ البسطِ عن غَشْمِ
وَلئِنْ نطقتُ بكم فوصفكُمُ / مُحيي الجمادِ ومُنطِقُ البُكمِ
عُقدَتْ بنصرِكَ رايةُ الإيمانِ
عُقدَتْ بنصرِكَ رايةُ الإيمانِ / وبَدَتْ لعصرِكَ آيةُ الإحسانِ
يا غالبَ الغُلْبِ الملوكِ وصائدَ ال / صِّيدِ اللُّيوثِ وفارسَ الفُرسانِ
يا سالبَ التِّيجانِ مِنْ أَربابها / حُزْتَ الفَخارَ على ذوِي التِّيجانِ
محمودٌ المحمودٌ ما بينَ الورى / في كُلِّ إقْليمٍ بكلِّ لسانِ
يا واحِداً في الفضلِ غيرَ مُشاركٍ / أَقسمتُ مالكَ في البسيطةِ ثانِ
أَحلى أمانيكَ الجهادُ وإنَّهُ / لكَ مُؤذِنٌ أَبداً بكلِّ أَمانِ
كم بكرِ فتحٍ ولَّدتْهُ ظُباكَ منْ / حَرْبٍ لقمعِ المشركينَ عَوانِ
كم وقعةٍ لكَ في الفرنج حديثُها / قد سارَ في الآفاقِ والبلدانِ
كم مُصْعَبٍ عَسرِ المقادَةِ قُدتهُ / نحوَ الرَّدى بخزائمِ الخُلانِ
قَمَّصْتَ قومصَهُمْ رِداءً من رَدىً / وقَرَنْتَ رأْسَ بِرِنْسهمْ بسنانِ
وملكتَ رِقَّ ملوكِهمْ وتركتَهُم / بالذُّلِّ في الأقْيادِ والأسْجانِ
وجعلتَ في أَعناقِهمْ أغلالَهُمْ / وسَحبتَهُمْ هُوْناً على الأذقانِ
إذْ في السَّوابغِ تُحْطَمُ السُّمرُ القنا / والبيضُ تُخْضَبُ بالنّجيعِ القاني
وعلى غناءِ المَشْرِفيّةِ في الطُّلَى / والهامِ رَقْصُ عواملِ المُرَّانِ
وكأنَّ بينَ النَّقْعِ لَمْعُ حديدها / نارٌ تألّقُ مِن خلالِ دُخانِ
في مأْزقٍ وردُ الوريد مكفَّلٌ / في بريِّ الصّارمِ الظّمآنِ
غَطّى العجاجُ بهِ نجومَ سمائهِ / لتنوبَ عنها أَنجُمُ الخُرْصانِ
يَمْتاحُ من قلبِ القلوبِ دماءَها / بالسُّمرِ مَتْحَ الماءِ بالأشطانِ
أَوَ ما كفاهم ذاكَ حتى عاوَدوا / طُرُقَ الضّلالِ ومركبَ الطغيانِ
يا خيبةَ الإفرنجِ حينَ تَجَمَّعوا / في حَيْرَةٍ وأتَوْا إلى حَوْرانِ
جاؤوا وظنهُمُ يُعجِّلُ رِبْحَهم / فأعدتَهُمْ بالخِزي والخُسرانِ
وظنونهُمْ وقلوبُهمْ قد أَيقَنَتْ / للرُّعبِ بالإخفاقِ والخَفَقانِ
وجلوتَ نورَ الدِّينِ ظلمةَ كُفرهم / لمّا صَدَعْتَ بواضحِ البُرهانِ
وهَزَمْتَهمْ بالرَّأْي قبلَ لقائهمْ / والرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ
راحوا فباتوا تحتَ كلِّ مَذلَّةٍ / وَضَرَبْتَ منهم فوقَ كلِّ بَنانِ
ما في النّصارى الغُتْمِ إلاّ مَنْ له / في الصُّلبِ بانَ الكَسْرُ والصُّلبانِ
ولُّوا وقلبُ شجاعهمْ في صدرهِ / كالسَّيف يُرعِدُ في يمينِ جبانِ
فاروا من الفَوّارِ عندَ فِرارِهم / بالفَوْرِ وامتدُّوا إلى المَدّانِ
وأزراها الشّلالَةَ الشّلُّ الذي / أَهدى لهمْ شَلَلاً إلى الأثمانِ
ولَّى وجوهَهُمُ سوادُ وجوهِهمْ / نَحو السَّوادِ وآذَنُوا بهوانِ
حَمَلتْ عليهم من جنودِكَ فتيةٌ / لم تَدْرِ غيرَ حَميَّةِ الفتيانِ
زَخَرَتْ بهم أَمواجُ آجكَ في الوغَى / غُزُراً وَطَمَّ بهم عُبابُ طُمانِ
وتذمّمُوا من حَرِّ بأسِ مُحمّدٍ / وتَهيّبُوا الحَمَلاتِ من عُثمانِ
وبسيفِ جُرديكَ المجرَّدِ غُودِروا / بدماءِ أَهلِ الغَدْرِ في غُدرانِ
وبعينِ دولتكَ الذي قدَّمتَهُ / فُقِئَتْ عيونُ الكُفرِ والكُفرانِ
واليارقيّةُ أَرَّقَتْهُمْ في الدُّجى / بسهامِ كلِّ حَنيّةٍ مِرْنانِ
أَجفانُهُمْ نَفَتِ الغِرارَ كما انتفَى / ماضي الغِرارِ بهم منَ الأَجفانِ
بَعَلُوا معسكرَ بعلبكَ وأَبصروا / من جُنْدِ بُصرى بَرْكَ كلِّ جِرانِ
وكأَنّما الأَكرادُ فوقَ جيادِها / عِقْبانُ مُلْحَمَةٍ على عِقْبانِ
ولطالما مَهَرَتْ على نَصْرِ الهُدَى / أَنصارُكَ الأَبطالُ من مهرانِ
لم يتركِ الأَتراكُ فيهمْ غايةً / بالفتكِ والإرهاقِ والإثخانِ
مِن كلِّ رامٍ سَهْمُهُ من وَهْمه / أَهدى إلى إنسانِ عينِ الرَّاني
ولكَ المماليكُ الذين بهم عَنَتْ / أَملاكُ مصْرَ لمالكي بَغْدانِ
هم كالصَّحابةِ يومَ بدرٍ حاولوا / نصرَ النبيِّ ونُبتُ عن حَسّانِ
الحائزونَ من السِّباقِ خِصالَهُ / في مُلتقَى حَرْبٍ وفي مَيْدانِ
من كلِّ مبسوطِ اليدينِ يمينُهُ / ما تمتلي إلاّ بقَبْضِ يَمانِ
لما رأَى الدَّاويُّ راوُنْداءَهُ / ولَّى بطاعونٍ بغيرِ طِعان
طلبَ الفِريرِيُّ الفرارَ بِطُلْبهِ / مُتباعداً من هُلْكهِ المُتداني
والهنفَرَي مُذْ هانَ فرَّ مُؤَمِّلاً / لِسَلامةٍ والهُونُ شَأْنُ الشَّاني
بارُوا فبارُونيُّهُمْ بِفِنائهِ / مُودٍ وسيدُهُمُ أَسيرٌ عانِ
أَخلوا بلادَهُمُ فحلَّ بأَهلِها / منكَ الغداةَ طوارِقُ الحِدْثانِ
أَنهضتَ حين خَلَتْ إليها عسكراً / أَخلَى قواعِدَها من البنيانِ
وشغلتَ جأشَهُمُ بجيشٍ هدَّهُمْ / فجنى ثمارَ النُّصرةِ الجيشانِ
وملأَتَ بالنِّيرانِ أَربُعَ أَهلِها / فتعجَّلوا الإحراقَ بالنِّيرانِ
عادوا وحينَ رأَوا خرابَ بيوتهمْ / يئِسُوا من الأَوطارِ والأَوطانِ
باؤوا بأَحزانٍ وخاضوا هَوْلَها / مما لَقوا بمخاضةِ الأَحزانِ
وقدِ استفادَ المشركونَ تعازياً / والمسلمونَ تهادياً بِتَهانِ
أَصبحتَ للإإسلام رُكناً ثابتاً / والكفرُ منكَ مضعضعُ الأَركانِ
قوّضتَ آساسَ الضَّلالِ بعزمكَ ال / ماضي وشُدْتَ مباني الإيمانِ
قُلْ أَينَ مثلُكَ في المُلوكِ مجاهدٌ / للهِ في سرٍّ وفي إعلانِ
لم تلقَهُمْ ثِقَةً بقُوَّةِ شوكةٍ / لكنْ وثِقْتَ بنُصرةِ الرَّحمانِ
ما زال عزمُكَ مستقلاً بالذي / لا يستقلُّ بثقلهِ الثَّقلان
وبلغتَ بالتأييدِ أَقصى مَبْلغٍ / ما كان في وسْعٍ ولا إمكانِ
دانتْ لكَ الدُّنيا فقاصيها إذا / حقّقْتَهُ لنفاذِ أَمرِكَ دانِ
فمنَ العراقِ إلى الشآمِ إلى ذُرَى / مصْرٍ إلى قُوصٍ إلى أسْوانِ
لم تَلْهُ عن باقي البلاد وإنّما / ألهاكَ فَرْضُ الغزوِ عَن هَمَذانِ
للرومِ والإفرنج منكَ مصائبٌ / بالتُّرك والأَكرادِ والعُربانِ
إعزاوكَ الدِّينَ الحنيفَ وحزْبَهُ / قد خصَّ أَهلَ الشِّركِ بالإهوانِ
أَذعنتَ للّهِ المُهيمنِ إذْ عَنَتْ / لكَ أَوجُهُ الأَملاكِ بالإذْعانِ
أَنتَ الذي دونَ الملوكِ وجَدْتُهُ / ملآنَ من عُرْفٍ ومن عِرْفانِ
في بأْس عمرٍو في بسالة حيدرٍ / في نطقِ قُسٍ في تُقى سلمانِ
عُمْرانُ عدِلكَ للبلادِ كأنّما / قد عاشَ في أيامكَ العُمرانِ
خلَّدْتَ في الآفاقِ ذكراً باقياً / أَبدَ الزَّمانِ ببذلِ مالٍ فانِ
سيَرٌ لو أن الوحي ينزل أُنزلتْ / في شأْنها سُوَرٌ من القرآنِ
فاسلمْ طويلَ العمرِ ممتدَّ المدى / صافي الحياةِ مخلَّد السلطانِ
ما راقداتٌ في صُحونِ
ما راقداتٌ في صُحونِ / مستوطناتٌ في سُكونِ
يجلينَ أَمثالِ العرا / ئسِ بينَ أَبكارٍ وَعُونِ
أو كالعقائلِ في الخدو / رِ قد اعتقلنَ على ديونِ
هنَّ اللّذيذاتُ اللوا / ئذُ بالسُّهولِ من الحُزونِ
أو كالتّمائمِ للصّحا / فِ وما نسبن إلى جنونِ
السكّرياتُ الغري / قاتُ الغلائلِ والشُّؤونِ
صرعى وما دارت لها / يوماً رحى الحربِ الزَّبونِ
لُفِّفْنَ في أكفانه / نَّ على المُنى لا للمنونِ
يحينَ بالتّغريقِ بل / يَسْمُنَ في ضيقِ السُّجونِ
المستطاباتُ الظُّهو / رِ المستلذاتُ البطونِ
نُضِّدنَ بالتّرصيعِ في ال / جامات كالدُّرِّ المصونِ
المستقيماتُ الصُّفو / فِ وَقفنَ كالخيل الصَّفونِ
وقد اشتملنَ من اللّطا / ئفِ والصِّفاتِ على فنونِ
اسمعْ حديثي في انبسا / طي فالحديثُ أخو شجونِ
بالمستضيء أبي مُحمدٍ الحَسَنْ
بالمستضيء أبي مُحمدٍ الحَسَنْ / رَجَعَتْ أُمور المسلمين إلى السُّنَنْ
في أَرضِ مِصْرَ دعا له خطباؤها / وأَتتْ لتخطبَ بكرَ خطبتهِ عدنْ
فالمغربُ الأقصى بذلكَ مشرقٌ / وبنصرِ مصر محققٌ يُمْنَ اليَمنْ
ورأى الإلهُ المستضيء لشرعِه / وعبادِهِ نِعْمَ الأمينُ المؤتَمنْ
سرُّ النبوّةِ كامنٌ فيه ومِنْ / فطرِ الإمامةِ مشرقٌ نورُ الفطنْ
تقوَى أَبي بكر ومن عمر الهدى / وحياءُ عثمان وعلم أَبي الحسنْ
وبجدِّهِ عرفتْ مقالةُ حيدرٍ / لا مِن دَدٍ أَنا لا ولا منّي الددنْ
كم من عدوٍ ميت في جلده / رُعباً وخوفاً فهو حيٌ في كَفَنْ
هلْ مثلُ محمود بن زنكي مخلصٌ / متوحّدٌ يبغي رضاكَ بكلِّ فَنْ
وَرِعٌ لدى المحرابِ أَروعُ محربٍ / في حالتيه إن أَقام وإن ظَعَنْ
يمسي ويصبحُ في الجهادِ وغيرُهُ / يضحى رضيعَ سلافةٍ وضجيعَ دنْ
وبعرِّهِ الإسلام منتصراً حَرٍ / وبذلة الإشراك منتقماً قمنْ
جفونُ البيضِ أَم بيضُ الجفونِ / وسمرُ الخطِّ أَم هيفُ الغصونِ
قيانٌ ناظراتٌ عن نصولٍ / أَحدَّتْ غربَها أَيدي القيونِ
مريضاتُ المعاطفِ والتَثني / سقيماتُ اللّواحظِ والعيونِ
سوافرُ مشرفياتُ التجلِّي / سواحرُ مشرقياتُ الجفونِ
حللنَ ببابلٍ وحللنَ سحراً / عقودَ عقولنا بيدِ الجفونِ
سلبنَ القلبَ حين سكنَّ فيه / منحنَ غرامَهُ بعدَ السُّكونِ
أَلا يا عاذلي دعني وشأني / وما تجري المدامعُ من شءوني
فإنَّ صبابتي داءٌ دفينٌ / وكم أَبقى على الدَّاءِ الدَّفينِ
حسبتكَ لي على وجدي معيناً / أَلا ما للمعنَّى من معينِ
جعلتُ ضمانتي لهمُ ضماني / ومالي في الضمانة من ضمينِ
أَنا الصبُّ الذي لهواي هانتْ / على قلبي مصاعبُ كلِّ هونِ
بكلِّ خدينةٍ للحسنِ ما لي / سوى بلوى هواها من خدينِ
كريمٍ أَو كغصنٍ أَو كبدرٍ / بلحظٍ أو بقدٍ أَو جبينِ
تبسَّمَ درُّها عن أُقحوان / وأَزهرَ وردُها في ياسمينِ
غريمُ غرامِها عسرُ التّقاضي / وقد علقتْ بحبِّها رهوني
لوتْ دينَ الوصالِ وما قَضَتْهُ / ولو كانتْ وَفَتْ وَفَّتْ ديوني
سقى اللهُ العراقَ وساكنيهِ / وحياهُ حيا الغيثِ الهتونِ
وجيراناً أَمنتُ الجورَ منهمْ / وما فيهم سوى وافٍ أَمينِ
صفوا والدّهرُ ذو كدرٍ وقدماً / وفوا بالعهد في الزّمنِ الخؤونِ
ليالي أَشرقتْ منها الدّاجي / بحورٍ من جنانِ الخلدِ عينِ
أَرى ربحي إذا أَنفقتُ مالي / وما أَنا بالغَبيِّ ولا الغبينِ
فلا عيشُ الإخاءِ بمستكنٍ / ولا عيشُ الرَّخاءِ بمستكينِ
وقد طلعتْ شموسٌ من كؤوسٍ / كما شهرتْ سيوفٌ من جفونِ
يطوفُ بها على النُّدماءِ ساقٍ / شمائلهُ مُعَشِّقَةُ الفنونِ
ويُطفي جذوةً منها بماءٍ / ويمزجُ شِدّةً منها بلينِ
كأنَّ عذارهُ اللاهيَّ لامٌ / وحاجبَهُ المقوس حرفُ نونِ
ولما سلَّ عارضُهُ حساماً / وفَوقَ لحظُه سهمَ المنونِ
بدا زردُ العذارِ فقلتُ هذا / يديرُ لنا رحى الحربِ الزّبونِ
وثقتُ إلى الزّمانِ وغاب عنِّي / بأنَّ الحادثاتِ على كمينِ
وشطّتْ دارُ أَحبابٍ كرامٍ / تبدّلَ وصلُهم بنوىً شطونِ
فيا شوقاً لكلِّ أَخٍ كريمٍ / ضنينٍ بالمودةِ لا ظنينِ
خلصتُ من الشّبابِ إلى شبيبٍ / مشوبٍ عند أَحبابي مشينِ
وقاربتُ البياضَ فجانبتني / مودةُ بيضها السُّودِ القرونِ
وجائلةِ الوشاحِ رأتْ جماحي / على هوجاءَ جائلةِ الوضينِ
عشيّةَ ودَّعتْ والعيسُ تخذي / نواحلَ قد برينَ مِن البرينِ
بكتْ شجواً وأَرزمت المطايا / وهاجَ أَنينها الشَّاجي أَنيني
فلي ولها وللأنضاءِ شجو / حنين في حنين في حنينِ
تُناشدني وتُذْكِرني بعهدي / وتبعثني على حفظِ اليمينِ
وقالتْ ما ظننتك قطُّ تنوي / مفارقتي لقد ساءَتْ ظنوني
قد استسهلتُ أَحزاني ببين / يردُّ بكَ السُّهولَ على الحزون
فقلتُ سُراي للعليا وإنّي / تخذتُ لها أَميناً من أَمونِ
إلى عمر بن شاهنشاه قصدي / ثقي بغنايَ منه وارقبيني
أُسافرُ عنكَ أَبغي العزَّ منه / مدلٌّ في الهدوءِ وفي الهدونِ
حويتُ فضيلةَ العالي ولكنْ / رأيتُ الدُّونَ يحوي الحظَّ دُوني
صفا وِردُ الزُّلالِ لوارديهِ / ومثلي ليس يظفُرُ بالأُجونِ
لقد جمحت حظوظي بي وماذا / تفيدُ رياضةُ الحظِّ الحزونِ
ولا لومٌ إذا أَلقَ كفواً / إذا أَعنستُ أبكاري وعوني
وليس سوى تفي الدِّينِ مولىً / زماني في ذراهُ يَتَقيني
وإنِّي بالمدائحِ أَصطفيهِ / كما هو بالمنائحِ يصطفيني
بنيلِ ظماءِ أَهلِ الفضلِ رِيّاً / خضمُّ نوالهِ الصافي المعينِ
يُبدِّلُ فضلُهُ رَثاً وغشاً / لحظي بالجديدِ وبالسّمينِ
ويوضحُ منهجَ العليا بجودٍ / يُجدِّدُ منهجَ الحمدِ المبينِ
رحيبُ الصّدرِ طلقُ الوجهِ ثبتُ ال / جنانِ نَدِيْ المحيا واليمين
غزيرُ الفضلِ جمُّ الجودِ مَلْكٌ / عديمُ المثلِ مفقودُ القرينِ
أَخو العزمِ المؤيدِ بالمساعي ال / تي نجحتْ وذو الرأي المتين
فعند الجودِ كالجَوْدِ اندفاعاً / وعند الحلمِ كالطّودِ الرَّصينِ
له عرضٌ لعافيهِ مذالٌ / يذودُ به عن العرضِ المصونِ
له يوما ندىً ووغى عطاءٌ / وكسرٌ للألوفِ وللمئينِ
صوارمُهُ صوالجُهُ إذا ما / رؤوسُ عداهُ كانتْ كالكُرينِ
وما لطيورِ أَسهمهِ المواضي / سوى مقلِ الأَعادي من وكونِ
إذا اعتقلَ القنا الخطِّيَ سالتْ / له أعناقُها بدمِ الوتين
ويجمدُ منه بطنُ النّسرِ ما قد / شكَتْهُ لَبَّةُ الذَّمرِ الطعينِ
بنو أيوب زانوا الملكَ منهم / بحليةِ سؤددٍ وتُقى ودينِ
ملوكٌ أَصبحوا خيرَ البرايا / لخيرِ رعيّةٍ في خير حينِ
أَسانيدُ السِّيادةِ عن عُلاهم / معنعنةٌ مُصحّحة المتونِ
كأنَّ لدانَ سمرِهمُ أَفاعٍ / تُصرِّفُها القساور في العرينِ
عزائمهم متى نهدوا لغزوٍ / مفاتيحُ المعاقل والحصونِ
وتشرقُ في مثار النّقع منهم / إذا ركبوا شموسٌ في دجونِ
إذا ركبوا ظهورَ الخيلِ رَدوا ال / عُداةَ من القشاعمِ في البطونِ
بسطوة بأسهم في كلِّ أَرضٍ / جبالُ الشِّركِ عادتْ كالعهونِ
غدا الفضلاءُ منهم في مكانٍ / من الإكرام محروسٍ مكينِ
بكلِّ مبجل لمؤمليهِ / وللأعداءِ والدُّنيا مُهينِ
ضنينٌ بالعلاءِ لمعتفيهِ / ولكن باللَّها غير الضّنينِ
براهُ اللّهُ من طُهرٍ وطيبٍ / وكل النّاس من حمأٍ وطينِ
فَزيَّنَ أَمرَ راجيه الموالي / وشَيّنَ شانَ شانئه اللّعينِ
بنو أَيوبَ مثلُ قريشَ مجداً / وأَنتَ لهم كأنزعها البَطينِ
فقلْ لملوكِ هذا العصرِ طراً / أَروني مثلَهُ فيكم أَروني
بجدٍ سامَ عالي كلِّ فخرٍ / ومجّاناً طلبتم بالمجونِ
إذا خفَّ الملوكُ لكلِّ خطبٍ / حلوماً كنتَ ذا حلمٍ وزينِ
تزانُ بكلِّ منقبةٍ وفضلٍ / علاكَ فلا مزيدَ على المزينِ
عدُّوكَ كالذُّبابِ له طنينٌ / وفيه ذبابُ سيفكَ ذو طنينِ
أَخفتَ الشِّركَ حتى الذُّعرَ منهم / يُرى قبل الولادةِ في الجنينِ
ويومَ الرَّملةِ المرهوبِ بأْساً / تركتَ الشِّركَ منزعجَ القَطينِ
وقد غادرتَ أَشلاء الفرنجِ / كمحصودِ الزَّروعِ على الجرينِ
وأَضحى الدِّينُ منكَ قريرَ عينٍ / وظلَّ الشركُ ذا طرفٍ سخينِ
وكنتَ لعسكرِ الإسلامِ كهفاً / أَوى منه إلى حصنٍ حصينِ
وقد عرَفَ الفرنجُ سُطاكَ لمّا / رأَوا آثارَها عينَ اليقينِ
وأَنتَ ثبتَّ دونَ الدِّين تحمي / حماهُ أَوانَ ولَّى كلُّ دونِ
ولو لبُّوا نداءَ الحزمِ دَرَّتْ / عليهم لِقْحمةُ النّصر اللّبونِ
وليكَ منكَ في ظلٍ ظليلٍ / من الإعزاز في كِنٍ كَنينِ
وتهمي للموالي والمعادي / بسحبٍ للنّدى والباسِ جُونِ
أَنهَّابُ المحامدِ بالعطايا / ووهّابُ المسرَّة للحزينِ
أَلا يا كعبةً للفضلِ أَضحى / إلى أَركان دولته ركوني
حجاهُ وحجرهُ لمساجليه / مقامُ الحِجْر منه والحَجُونِ
تقي الدِّين إنَّ حديثَ فضلي / لمن يصغي إليه لذو شجونِ
فعتبى للزَّمانِ على اهتضامي / وشكوى من جنونِ المنجنونِ
ولستُ أَرى سوى علياكَ تاجاً / تليقُ بدرِّ مدحتيَ الثّمينِ