القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 71
أقسمتُ لو كاتبتُكم
أقسمتُ لو كاتبتُكم / حَسْبَ اشتياقي واعتقادي
وفعلت ما يقضي به / أسَفِي على طول البعاد
لَكتبتُ في خدي لكم / بسواد عيني أو فؤادي
ولكان ذكركمُ يج / لُّ عَن الصَّحائِف والمِداد
لا فرقَ بينكمُ وبين فؤادي
لا فرقَ بينكمُ وبين فؤادي / في حالَتَىْ قُربِي لكمُ وبِعادي
فلَقد حَبَبْتكم على عِلاّتِكم / كمحبَّةِ الآباءِ للأَولاد
ونَزلتُمُ مني وَإنْ لم تُنصِفوا / بمَنازلِ الأرواحِ في الأجساد
ورجوتُ أن أسلو لسوء صَنيعِكم / عندي فصار ذَريعةَ لودادي
قد كنتُ أطمعُ بالخيال لو أنكم / لم ترحلوا يومَ النَّوَى برُقادي
ولذكركم في مِسْمَعىَّ لَذاذةٌ / كالماء عذبا في لَهاةِ الصّادي
مَجدٌ تَقاصرَ عن سَماهُ الفَرْقَدُ
مَجدٌ تَقاصرَ عن سَماهُ الفَرْقَدُ / وسعادةٌ أسبابها تتأكد
رُتَبٌ خُصِصْتَ بها وما صادفتها / لكنْ أَفادَكها الحِجَا والسؤدد
وسياسةٌ ورياسةٌ ونَفاسة / وتَفقُّد وتَسدُّد وتَأَيُّد
إنّ الخلافةَ ما اصْطَفَتْك لنفسها / حتى اخْتُبِرت لكلِّ أمرٍ يُحْمَد
فاشْتُقَّت الألْقابُ فيك لأنها / وصفٌ جميلٌ في صفاتٍ تُوجد
فدَعتْك بالمأمون وهْي جِبِلَّة / مما يُثَبِّتُها لديك المَوْلِد
تاج الخلافِة وهْو تاجُ فَضائلٍ / تَقْضِي الجواهرُ دُونَه والعَسْجَد
فَخْرُ الصَّنائِع أيُّ فخر صِبغه / أَبدا على طول المَدى يتجدَّد
وإذا وجيه الملك قيل فإنه / وَجْهٌ له من كلِّ فضلٍ مُسْعِد
نِعْمَ الذَّخيرةُ أنت للأمرِ الذي / يَنْحُو أميرَ المؤمنين ويَقْصِد
يُزْهَى بك التشريفُ والخِلَعُ التي / جَلَّت وجوهر طرفها المتوقِّد
ما خاب فيك دعاؤُنا ورجاؤُنا / واللهُ يَعْلم ما نقول ويَشْهَد
كم من قَريحِ القلبِ في ظُلَم الدُّجَى / ودعاؤها لك دائم يتردّدُ
وضعيفةٍ تحنو على أطفالها / فلَهم نوالُك كلَّ وقت يُورَد
ومُكرِّرِ الزَّفَرَاتِ في مِحْرابه / يَقْرأ ويركع للإله ويسجد
أوْليتَه بِرّا فأَخْلَص دعوةً / نجَحَتْ وأنت بها المَجِيد الأَسْعَد
فأبْشِرْ فهذا بعضُ ما سَتنالُه / إنّ الذي يأتِي أَجلُّ وأَرْغَد
شَمِل الورى فَضْلانِ منك ونعمةٌ / أَسْديتَها أو مِنَّةٌ تُتقلَّد
من يزرعِ المعروفَ زَرْعَك للنَّدى / لا شكَّ مثلَ حصيدِ سَعْدِك يَحْصُد
مولاىَ قد أَوْليتَ عبدَك نِعمةً / فَله عليك بها ثَناءٌ سَرْمَد
والآن قد أضحتْ حَواشِى حالِه / هُدْبا فلا تُرْفَى ولا هي تُعْقَد
فكأنني بعضُ الملائكةِ التي / لا تغتذى وكأن بيتيَ مسجد
وتكاثُرُ الأطفالِ فاقَ تَجلُّدي / لكنّني كم قَدْرُ ما أتجلَّد
فكأننا ليكائهم في مأتمٍ / طولَ الزمانِ وما لنا من نفقد
وتَعُّذر الجارى أَضَرَّ بحالهم / وأَضرَّبى وهو القليل الأنكد
هو خمسةٌ عدداً يَصِحُّ ثلاثةً / لكنْ هُمُ عَشْرٌ تَتِمُّ وأزْيَد
وتساوىُ العَدَدين عندَك هينٌ / لو شئتَه ما كان أمرا يبعُد
فاقْصِدْ مَسَرَّتَهم فتلك غنيمةٌ / فثَناؤها وثوابُها لا يَنْفَذ
قد وَجَّهوني قاصِدين وأيقنوا / أنْ سوف يفعلها الأجلُّ محمد
يا دارُ حَلَّت فيك كلُّ سعادةٍ
يا دارُ حَلَّت فيك كلُّ سعادةٍ / طولَ الزمانِ على نظامٍ واحدِ
وَحَويْتِ كل مَسَرَّةٍ وكُفيتِ ك / لَّ مَضَرَّةٍ وعَلَوْتِ كلَّ مُعانِد
وغَدتْ ببابك للنجاح بَشائر / من صادِرٍ يَلْقَى عزيمةَ وارد
وتَنافستْ في مدِح ساكِنك الوَرى / من بينِ مُثْنٍ لا يَمَلُّ وحامد
فلقد سَما فوقَ النجومِ بمثِلها / مِن زُهْرِ أفعالٍ وجَدٍّ صاعد
فإذا ابتغيْنا الفضلَ كان مَقرُّه / بيدَيْ أبى عبد الإله القائد
لم يُعْلِ شاهِنْشاهُ رتبةَ قَدْرِه / في العز إلا وهْو أَخْبَرُ ناقد
اللهُ يرفعُ في المعالي قَدْرَه / أَبدا على رغم العدو الحاسد
لو كان بالصبرِ الجميلِ مَلاذُه
لو كان بالصبرِ الجميلِ مَلاذُه / ما سَحَّ وابِلُ دَمْعِه ورَذاذُهُ
ما زال جيشُ الحبِّ يَغْزو قلبه / حتى وَهَى فتقطعتْ أَفْلاذه
لم يَبْقَ فيه مع الغرام بقيةٌ / إلا رَسيس تحتويه جُذاذه
من كان يرغبُ في السلامة فلْيَكُن / أبداً من الحَدَق المِراضِ عياذُه
لا تَغْرُرَنَّك بالفتورِ فإنه / مرضٌ يضرُّ بقلِبك اسْتِلْذاذه
يا أيُّها الرَّشَأُ الذي مِنْ لحظِه / سهمٌ إلى حَبِّ القلوب نَفاذه
دُرٌّ يلوح بِفيكَ من نَظّامُه / خمرٌ يجول عليه مَنْ نَبّاذُه
وقناةُ ذاك القَدِّ كيف تَقوَّمت / وسِنان ذاك اللحظِ ما فُولاذه
رِفْقاً بجسمك لا يذوبُ فإنني / أخشى بأنْ يَجْفو عليه لاذُه
هاروتُ يَعْجِز عن مَواقعِ سِحْره / وهو الإمامُ فمن تُرى أستاذه
تاللهِ ما علقتْ مَحاسُنك أمرأً / إلا وعزَّ على الورى اسْتِنْقاذه
أَغْزيتَ حبَّك في القلوبِ فأذعنتْ / طَوْعاً وقد أَوْدَى بها اسْتِحواذه
مالي أتيتُ الحظَّ من أبوابه / جهدي فَدام نفورُه ولواذه
إياكَ من طمعِ المُنَى فعَزيزه / كذَليله وغنيُّه شَحّاذه
ذالية ابن دريد استهوى بها / قوماً غداةَ نَبتْ به بغداذه
دانوا لُزخرفِ قوله فتفرقوا / طمعاً فهم صَرْعاه أو جُذّاذه
من قَدَّر الرزقَ الذي لك أَيْنَما / قد كان ليس يضرُّه إنفاذه
جاء الكتابُ فكان لي
جاء الكتابُ فكان لي / مما أُكابِدُهُ مَلاذا
وقرأته فوجدت في / ه لكلِّ معجزةٍ نَفاذا
فأزال نارَ تَأسُّفٍ / عاد الفؤادُ به جُذاذا
لو قيل لي ما الحُسْن كن / تُ أَفُضُّه وأقول هذا
هذا الربيعُ أتى بأحسنِ منظرِ
هذا الربيعُ أتى بأحسنِ منظرِ / يختالُ بين مُدَبَّجٍ ومُعَصْفَرِ
فانْهض إلى داعِي السرورِ وخَلِّنى / مما يُقال عذرْتَ أم لم تَعْذُرِ
واسرقْ بنا خُلَس الزمان مُبادرا / والدهرُ في غَفَلاته لم يشعر
والروضُ يُقْلِقه الصَّبا فيُثير مِن / أرجائه نَفَحاتِ مسكٍ أَذْفَر
وكأنَّ مُصْفَرَّ الأَصيلِ خِلالَه / وَرْشٌ يُذَرُّ على بساطٍ أخضر
والشمسُ قد حَوَت المغَاربُ شطرَها / فَرنَت بعينِ الذَّاهِب المُتحسِّر
والجو من شَفَق الغروبِ مُفَرْوَزٌ / كحديقةٍ حُفَّتْ بوردٍ أحمر
مبَدا الهلالُ لِليلتين كأنه / فِتْرٌ حَوى تفاحةً من عَنْبَر
والماءُ يُبدي للنسيم تَملُّقا / فيَسير بين تدرُّجٍ وتَكسُّر
والطيرُ يُطرِب شَجْوُها أَغصانَها / فتَظلُّ بين تَمايُل وتَبخْتُر
والليلُ يختلس النهارَ كعُصْبةٍ / من آلِ حامٍ خلفَ آلِ الأَصْفَر
انظُرْ إلى ما ضُمِّن ال
انظُرْ إلى ما ضُمِّن ال / كانونُ من فحمٍ وجَمْرْ
هذا يزيد وذا يَبي / د كما انْطَوَى ليلٌ بفَجرْ
فكأنها رُسُلُ الوصا / ل تَواترتْ بزَوال هجر
أو كالعُقودِ تَضمَّنتْ / نوعين من سَبَجٍ وشَذْر
أو جمرةِ الوَجَنات لا / ح شَقيقُها في آسِ شَعر
يَلْجا إلى الكانونِ في / كانونَ مُفْتقِرٌ ومُثْر
فمُقامُه في البيتِ أن / فعُ فيه من نَمَطٍ وسِتر
عَبِقت بطيبِ ثَنائِك الأَقْطارُ
عَبِقت بطيبِ ثَنائِك الأَقْطارُ / وتَجمَّلتْ بَمديحِك الأَشْعارُ
وعَظُمتَ وصْفا في السَّماعِ فمُذْ بَدا / للعينِ خُبْرُك هانتِ الأخبار
فات المدائحَ بعضُ وصفِك كلّها / عَجْزا عن التقصيرِ وهْي قِصار
وسقى البلادَ سَخاءُ جودِك فارتوتْ / وتَأرَّجتْ بثنائِك الأزهار
فكأنما الدنيا عروس تُجْتَلى / ولها مَواهبُك الغِزار نِثار
فرِضاك عَدْلٌ واصْطِناعك رحمةٌ / وسُطاك مَهْلكةٌ وعزمُك نار
والأرضُ مُلْكٌ والزمانُ وأهلُه / خَدَمٌ وبعضُ جيوشِك الأَقْدار
ما قيل شاهِنشاهُ إلا كان ل / لأكِ من معنى الكلام فَخار
يا مالكَ الدنيا الذي من عَدْلِه / في كل أرض عسكرٌ جَرّار
ومُقسِّمَ النِّعَم التي لِنوالِها / في كل موضعِ شعرةٍ بَتّار
ومُبخِّلَ الكرماءِ أَيْسَرُ جودِه / فكأنما حَسناتُهم أوزار
جُحِد الكمالُ من الوجود فمُذْ بَدا / للناسِ فضُلك أُنْكِر الإنكار
إن كان هذا الخَلْقُ أصلُ وجودِه / طينٌ فأَصُلك جَوْهرٌ ونُضار
لا شكَّ لما طابَ أصُلك في العُلا / والمجدِ طابتْ هذه الأثمار
ثَمَرٌ جيوشيُّ المَغارِسِ أَفْضَل / ىُّ الفرع للفَضْلَيْن فيه شِعار
كالمرتضى شمس المعالي مَنْ حَبا / كَ اللهُ منه بكلِّ ما تختار
فكسوتَ وجه الأرضِ منه محاسنا / فلِعزِّك الدنيا به أنوار
فأَتى بما اقتضتِ الفِراسة فِعْلَه / فتَنافستْ في فضِله الأفكار
جاورْتَه داراً لدارٍ فاغتدَتْ / لجلالِه في كلِّ قلب دار
وجَلونَ منه على الأَنامِ فَضائلا / فعُقول أهلِ الأرضِ فيه تَحار
أظهرتَه للناس عند كَمالِه / فَضْلا فأنجَبَ ذلك المضمار
فتَلا مَحاسنَك الشريفة للعُلى / بالجِدِّ فهْو السابق السَّيّار
وقَرنْتَه بالشمسِ فِعْلَ مُجرِّب / إنّ الشموس بُعولُها الأقمار
فالخَلْق في عرسٍ يدوم سرورُه / أَبدا كأنّ الليل فيه نهار
لم تَنفرِدْ مصرٌ به عن غيرِها / سِيّانِ مصرٌ فيه والأَمْصار
كاد المُقطّمُ أنْ يَميدَ مَسرَّةً / لو لم يُصِبْه من لَدُنْك وَقار
غَمرتْ مَكارُمك البريةَ قبلَه / وانْضاف هذا العرس فهْي بِحار
بَذلتْ هِباتُك فيه كلَّ نفيسةٍ / حتى تأكد للنُّضار بَوار
اللهُ يبِقى في بقائك عُمْرَه / ما دام للفَلك الأَثير مَدار
حتى يشدَّ بَنوك ملكَك مثله / ويشدَّه أبناؤه الأبرار
واللهُ يجعلنا فداءَك إنّه / لولاك ما طابت لنا الأعمار
والنيلُ مثلُ عِمامةٍ
والنيلُ مثلُ عِمامةٍ / نُشِرتْ مُحشّاةً بأَخْضَرْ
والجسر فيها كالطِّرا / ز ومَوْجُه رَقْمٌ مُصَوَّرْ
والبحرُ في رأس الجزي / رةِ كالسَّراويل المحرَّر
تَفْرِيكُه ما دَرَّجت / فيه الرياحُ من التكسُّر
هذا الربيعُ وهذه أَنْوارُهُ
هذا الربيعُ وهذه أَنْوارُهُ / طاب الزمانُ وأورقَتْ أشجارُهُ
فاشربْ على وجه الحبيبَ وغَنِّنى / هذا هواكَ وهذه آثارُهُ
حُكْمُ العيونِ على القلوبِ يَجوزُ
حُكْمُ العيونِ على القلوبِ يَجوزُ / وداؤُها من دائهنّ عَزيزُ
كم نظرةٍ نالتْ بطَرْفٍ ذابلٍ / ما لا يَنال الذابلُ المهزوز
فحَذارِ من مَلَقِ اللَّواحِظِ غِرَّةً / فالسحرُ بينَ جُفونها مكنوز
يا ليتَ شِعْري والأماني ضِلَّةٌ / والدهرُ يُدرِك صَرْفُه ويَجوز
هل لي إلى زمنٍ تَصرَّم عهدُه / سببٌ فيرجعَ ما مضى فأَفوز
وأَزور من أَلِف البعادَ وحبُّه / بينَ الجوانحِ والحَشَا مركوز
ظبيٌ تناسبَ في الملاحةِ شَخْصُه / فالوصفُ حتى يطول فيه وجيز
والبدرُ والشمسُ المنيرة دُونه / في الحسنِ حين يُحرَّر التمييز
لولا تَثنِّى خصره في رِدْفه / ما خِلتُ إلا أنه مغروز
تجفو غِلالتُه عليه لطَافًة / فبجسمِه من طَرْزِها تَطْريز
من لي بدهرٍ كان لي بوصاله / سَمْحا ووعدى عنده منجوز
والعيشُ مخضَرُّ الجَنابِ أَنيقه / ولأَوْجُهِ اللذاتِ فيه بُروز
والروضُ في حُلَل النبات كأنما / فُرِشتْ عليه دَيابِجٌ وخُزوز
والماء يبدو في الخليجِ كأنه / إيْمٌ لسرعِة سيره محفوز
والزهرُ يُوهم ناظِريه كأنما / ظَهرتْ به فوقَ الرياشِ كنوز
فأَقاحُه وَرِقٌ ومَنْثور الندى / دُرٌّ ونَوْرُ بَهارِه إبريز
والروضُ فيه تغازلٌ وتَمايلٌ / وتشاغُل وتراسُل ولغوز
للطيرِ فيها بالغصونِ تَصارُخٌ / وتَصايُحٌ وتفَاصحٌ ورموز
وكأنما القُمْرِيُّ يُنشِد مَصْرَعا / من كل بيتٍ والحَمامُ يُجيز
وكأنما الدولابُ يَرْمِزُ كلما / غَنَّت وأصواتُ الضفادِع شِيز
يا رُبَّ غانيةٍ أَضرَّ بقلبها / أنِّى بلفظِة مُعْدِمٍ مَنْبوز
فأَجبتُها ما عازَني نيلُ الغِنى / لكنَّ مَطْلبَه الحميدَ يَعُوز
إني أَعاف الذلَّ فيما أبتِغى / فلِهمَّتِى عن جانبيهِ نُشوز
ما خاب من هَضَم التفضُّلُ مالَه / كَرما ووافرُ عرضِه محروز
جاء الربيعُ أخو حياةِ الأَنْفُس
جاء الربيعُ أخو حياةِ الأَنْفُس / ومُجمِّلُ الدنيا بأَفْخَرِ مَلْبَسِ
فاغْنَمْ بنا مُلَح الزمانِ مُبادِرا / وتَملَّ منها حَظَّ من لم يُبْخَس
واستقبِلِ الأَرج المُعطَّر كلما / مَرَّت عليه الريحُ كالمُتنفِّس
فكأنما زهرُ النباتِ قَلائدٌ / نُثرِت على صَفحات بُسْط السُّندس
والوردُ يَخْجل حينَ قبَّل خَدَّه / ثغرُ الأَقاحي من عيون النرجس
فكأنه غيرانُ أدهشه الهوى / وأمالَ منه الفكرُ جِيدَ منكِّس
وكأنما الأغصان تَطْرب كلما / ألقتْ إليها الريحُ سرَّ مُوسوِس
وكأن هَتْف الوُرْقِ في أَغصانِها / لفظٌ يُفيدك من فصيحٍ أَخْرس
والماءُ قد عَبثتْ به أيدي الصَّبا / فَحكي غُضونا في جبينِ مُعبِّس
وكأنما حُبُك الرياحِ على النَّقا / أَثر الحَزازِ على سَنامِ الأَعْيُس
والطيرُ تَسْرَح في الرياض غَوادِيا / للرزقِ بين مُبكِّرٍ ومُغلِّس
والوحشُ بين سَوانحٍ وبَوارحٍ / ورَواتعٍ بين الرياض وكنَّس
تَرِد الغديرَ ورودَ من لا يشتفِى / وتنال من طَرفيْه ما لم تَغْرِس
والشمسُ تُجْلَى في مَطالع شَرْقها / في حُلَّتين مُعَصْفَرٍ ومُوَرَّس
وصبيحةٍ باكرتُها في فتيةٍ
وصبيحةٍ باكرتُها في فتيةٍ / أَضحتْ لكلِّ نَفيسةٍ كالأنفس
والليلُ قد وَلَّى بعَبْسِة راحلٍ / والصبحُ قد وافَى بِبشْرِ مُعَرِّس
والصبحُ قد أخفَى النجومَ كأنه / سَيْلٌ يفيض على حديقةِ نرجس
يا من نَصيِبي منه قر
يا من نَصيِبي منه قر / بٌ مثلُ سرعةِ عِيسِهِ
أَسقمْتَني فخَفيتُ عن / نظرِ البصيرِ ولَمْسه
ورجعتُ جزأً دَقَّ عن / وهم الذَّكي وحَدْسِه
ولَطُفتُ حتى أنني / عَرَضٌ يقوم بنفسه
فكأنني ظمآن ضلَّ بقَفْزةٍ
فكأنني ظمآن ضلَّ بقَفْزةٍ / حتى انتهى يأسا فصَابَ النِّيلا
من بعد مطْلٍ حتى كاد أن / يَضْحى به رَبْعُ الرجاء بخيلا
وكأنّ مولاىَ اقتدى بمقالِ مَن / نَظم القَريضَ وأَغْرَبَ التأويلا
لولا طِرادُ الخيل لم تكُ لذةٌ / فتَطارَدِى لي بالوصال قليلاً
كم رام سَلْوَتَه العَذولُ فما وَعَى
كم رام سَلْوَتَه العَذولُ فما وَعَى / ورجَا إجابَته فلم يَرَ مَطْمَعا
مذ صار ذاك السرُّ في أسماعه / لم يُبْقِ فيه للمَلامِة موضعا
قد كان لي قلبٌ فصَيَّره الهوى / هَدَفا لألحاظِ الظِّبا فتَقطَّعا
مِن كلِّ من جَعل النَّقا كَفَلاله / والغُصن قَدّا والمَلاحة بُرْقُعا
رَياَّن من ماء النعيم فلو دَنا / من جسِمه الصَّخر الأَصمُّ لأَيْنَعا
كالبدر لما أَنْ بَدا كالَّظبْي لم / ا أنْ رَنا كالغُصْن لما أن سعى
حلو الحديث فما يَروقك منظرا / بِجماله إلا وراقك مَسْمَعا
يُبدي التبسمُ منه عند تَنهُّدي / دُرّا لطيفا في العقيقِ مُرصَّعا
تُنْبِيك نَكْهَتُه بأنّ رُضابَه / خمرٌ يَشوب المِسْكَ حين تَضوَّعا
قد كان يَعْذُب لي العذابُ وسِنُّه / عَشْرٌ وكيف وقد تَزايدَ أربعا
حين استتمَّ جمالُه وأضاء في / وَجَناتِه نورُ الشبابِ مشعشعا
ما بال حظى والزمانُ يَحُطُّه / باعا لأَسْفَلَ حين يرقَى إصبعا
أبداً يُقابلني بضِدِّ إرادتي / قَصْدا فلو أهوى المَشيب لأَقْشَعا
لما رأى قلبي بَوفْدَ صُروفِه / رَحْبا أصار لهن فيه مَرْبَعا
من كلِّ كالحةٍ إذا أَنْحَتْ على / رَضْوى بكَلْكَلها وَهَى وتَضَعْضَعا
أفنتْ كنانُته دروعَ تَصبُّرى / ورَمى فلم يتركْ لقوسٍ مَنْزَعا
حالي كممدودِ اسْمِها في هَمِّهِ / يستغرِق الثَّقَلَيْن في وقتٍ معا
نَزِّهْ لِحاظَك في غريب بَدائِعى
نَزِّهْ لِحاظَك في غريب بَدائِعى / وعجيبِ تشبيهي وحكمةِ صانِعِي
فكأنني كَفّا مُحِبٍّ شَبَّكَتْ / يومَ الفراقِ أَصابِعا بأَصابع
انظرْ إليّ ففيّ كلُّ غريبةٍ
انظرْ إليّ ففيّ كلُّ غريبةٍ / وعجيبةٍ نُتِجت عن الصُّنّاع
فلئنْ عجبتَ من اجتماع فضائلي / لما جمعتُ الحسنَ بالإجماع
فلقد بنت في الفخرِ همة مالكي / فخرا بطيبِ مآثرٍ ومساعِ
القائدُ ابنِ أبي شجاعٍ مَن جَلا / ه الفضلُ للأبصارِ والأسماع
غَرْس الأجلِّ الأفضلِ الملك الذي أس / تَرْعاهُ خِدْمَتَه ونِعْمَ الراعي
يا بدرَ تِمٍّ بالجمالِ تَبَرْقَعا
يا بدرَ تِمٍّ بالجمالِ تَبَرْقَعا / وقضيبَ بانٍ ماسَ لما أنْ سَعَى
مالي دعوتُك للوصالِ فلم تُجِبْ / ودعوتَني لهواك لَبَّيْتُ الدُّعا
أتُراك حُلْتَ عن المودةِ أم تُرَى / داعٍ علينا بالقَطيعِة قد دَعا
يا مُسقْنِي غُصَصَ الغرامِ بصَدِّه / لما تأهب للمسير وَودَّعا
ورميتني بسهامِ لحظِك قاصِدا / لو كان قلبي عارفاً لتَدرَّعا
لكنه غِرٌّ فَغرَّ به الهوى / والقلبُ مُغْرًى بالصَّبابة مولعا
ولقد أتيتُك سائلاً في حاجةٍ / حاشاك يا مولاي أنْ تَتَمنَّعا
وكتبتُ سائر حاجتي يا سيدي / وَقِّع فَديتُك واستمدَّ وَوقِّعا
وسَخا بما قد كان يُبْخِلُني به / كرما وجاد بنفسه وتبرعا
ومليحةِ النَّغَماتِ تحسب عودَها / طِفْلا وتحسبُها عليه مُرْضِعا
أبداً تَراهُ مُقمَّطا في حِجْرها / حاز المعالي قبل أنْ يَتَرَعْرعا
ولربما ضَربْته ضرباً موجِعا / فسمعتَه من ضربها مُتوجِّعا
غَنَّتْ فأغنتْ والغناءُ غناؤها / ثم انثنتْ كيما تقولَ فتُسْمِعا
فإذا تَغنَّى قلتُ ما قد قاله / في وصفِ مثلِك شاعرٌ قد نَوَّعا
نَشَرتْ ثلاثَ ذوائبٍ من شعرِها / في ليلةٍ فأَرتْ لياليَ أربعا
واستقبلتْ قمرَ السماءِ بوجهها / فأرتنَي القَمرين في وقتٍ معا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025