المجموع : 65
إِنِّي سأَلتُكَ بالنَّبِيِّ محمد
إِنِّي سأَلتُكَ بالنَّبِيِّ محمد / ووصيِّهِ الهادِي الأَمينِ المهتدي
وبِحُبِّ منْ أَغرى فؤادَكَ حُبُّهُ / بِصَبابةٍ مَمزوجَةٍ بتجلُّدِ
وَبِسحرِ منطِقكَ الَّذي سُلْطانُهُ / حُكمٌ يَجورُ على القلوبِ ويَعْتَدي
هَلا هَجَرتَ بفيكَ قولكَ سَيِّدي / مَوْلىً يَقولُ لِعبدِهِ يا سَيِّدي
لما تأَمَّلْتُ الرِّياضَ وزَهْرُها
لما تأَمَّلْتُ الرِّياضَ وزَهْرُها / يَجْلوُ مَحاسِنَهُ عَلَى قُصَّادِها
شاهَدْتُ فيهِ بَدَائِعاً وغَرائباً / فيها لأَوْصافي أَتَمُّ مُرادِها
وبدا البنفسجُ لي فَقُلْتُ لِخاطِري / في وصفهِ كالنَّارِ في إِيقادِها
حَكَتِ الثَّكُولَ بِخَدِّها أَوْراقُهُ / وحَكى لَدى التَّشْبيهِ صِبْغَ حِدادِها
وَبَدَتْ بِزُرْقَةِ بَعْضِهِ خمريةً / فكأنَّها في اللَّونِ لونُ فُؤادِها
وَمَريضِ كَرِّ اللحْظِ تَحسِبُ أَنَّما
وَمَريضِ كَرِّ اللحْظِ تَحسِبُ أَنَّما / أَجفانُهُ نَشْوى بِلا خَمْرِ
يُزْهى بِراءٍ مِنْ زُمُرُّدِ شَعْرِهِ / خُلِقَتْ مُنَكَّسَةً عَلَى الثَّغْرِ
لي من تَمَرُّضِ طَرْفِهِ وكَلامِهِ / سُكْران من خَمْرٍ ومن سِحْرِ
شَبَّهْتُ غُرَّةَ وجههِ إِذْ أَشْرَقَتْ / مِن فَوْقِ لَيْلٍ مِنْ دُجى الشَّعْرِ
تَقويسَ نُونٍ مِنْ نِقابِ خَريدَةٍ / نَقَلَتْهُ مِن خَفَرٍ عَلى بَدْرِ
أَوْ مثلَ ضَوْءِ هلالِ وَصلٍ لاحَ لي / بالسَّعْدِ بَيْنَ سَحابَتَيْ هَجْرِ
خُلِقَتْ محاسِنُهُ عَليهِ كَما اشْتَهى / وخُلِقْتُ ما لي عنهُ مِنْ صبرِ
لا تُنْكِرِي ما بي فَلَيْسَ بِمُنْكَرِ
لا تُنْكِرِي ما بي فَلَيْسَ بِمُنْكَرِ / عِنْدَ التَفَرُّقِ حَيْرَةُ المُتَحَيِّرِ
هَا هذِهِ رُوحي إِلَيْكِ هَدِيَّةً / فتجمَّلي في أَخذها أَوْ فاعْذِري
وتَأَمَّلي غِيَرَ الزَّمانِ فَإِنَّهُ / يَحْكي تَغَيُّرَ عَهْدِكِ المُتَغَيِّرِ
فلرُبَّ ليْلٍ ضَلَّ عنهُ صَباحُهُ / فَكأَنَّهُ بكِ خطرةُ المتفكِّرِ
والبدرُ أَوَّلَ ما بدا مُتَلَثِّماً / يُبْدي الضِّياءَ لَنا بِخَدٍّ مُسْفِرِ
فَكأَنَّما هُوَ خُوذَةٌ مِنْ فِضَّةٍ / قَدْ رُكِّبَتْ في هامَةٍ من عَنْبَرِ
بِاللَهِ يا سَطواتِ هَجْرِه
بِاللَهِ يا سَطواتِ هَجْرِه / لاَ تَعْجَلي بِحُلُولِ ضُرِّهْ
لَوْ قال لي مُتْ طاعَةً / مَا عِشْتُ بَعْدَ سَماعِ أَمْرِهْ
أَنْسَيْتُ بِالْكِتْمانِ سِرَّه
أَنْسَيْتُ بِالْكِتْمانِ سِرَّه / وأَمَتُّ بالهجرانِ ذِكْرَهْ
وكأَنَّما تأْتي المَضَر / رَةُ مِنْهُ لي مِنْها مَسَرَّهْ
لَوْ قالَ لي مُتْ طاعَةً / لأَطَعْتُهُ وقَبِلْتُ أَمْرَهْ
يا واحِدَ الحُسْنِ الَّذي لِجَمَالِهِ
يا واحِدَ الحُسْنِ الَّذي لِجَمَالِهِ / تُثْنى إِلَيْهِ أَعِنَّةُ الأَبْصارِ
إِنِّي أُعِيذُكَ بالَّذي خَلَقَ الهَوى / والعاشِقينَ تَمَلُّكَ الأَحْرارِ
وكَأنَّ وَجْهَكَ نِعْمَةٌ في نقْمَةٍ / لِلنَّاظِرينَ وَجَنَّةٌ في نارِ
وكَأَنَّ خَطَّ عِذارِهِ في خَدِّهِ / لَيْلٌ تَأَلَّقَ في بَياضِ نهارِ
أَخْشى عَلَيْكَ إِذا مَشَيْتَ تَقَصُّفاً
أَخْشى عَلَيْكَ إِذا مَشَيْتَ تَقَصُّفاً / وَكَذا يُخافُ عَلى القَضيبِ إِذا نَشا
أَوْحَشْتَني وَلَوِ اطَّلَعْتَ عَلَى الَّذي / لَكَ في فُؤادي لَمْ تَكُنْ لِيَ مُوحِشا
أَرْضى صَبابَتَهُ فَلِمْ لَمْ تُرْضِهِ
أَرْضى صَبابَتَهُ فَلِمْ لَمْ تُرْضِهِ / وقَضى بِها ومُرادَهُ لَمْ يَقْضِهِ
أَهْدى إِلَيْهِ الحبُّ عِلَّةَ طَرْفِهِ / بالسُّقْمِ فاسْتَهْداهُ صِحَّةَ غُمْضِهِ
وكأَنَّ حُمرةَ خَدِّهِ وعِذارِهِ / وردٌ تعلَّقَ بعضُه في بَعضِهِ
قَدْ كانَ يَقْنَعُ بِالمُنى مِنْ حُبِّهِ
قَدْ كانَ يَقْنَعُ بِالمُنى مِنْ حُبِّهِ / فَزَها عَلَيْهِ فَماتَ صَبْرُ قُنوعِهِ
فَكأَنَّما أَلْفاظُهُ يَوْمَ النَّوى / مِنْ رِقَّةِ الشَّكْوى دُمُوعُ دُموعِهِ
رَحَلوا فَعاجَ عَلى الرُّبُوعِ
رَحَلوا فَعاجَ عَلى الرُّبُوعِ / يَبْكي إِلى وَقْتِ الرُّجُوعِ
ما وَدَّعوا بَلْ أَوْدَعُو / هُ تَحَرُّقاً بَيْنَ الضُّلوعِ
سارُوا وَخَلَّوا مُقْلَةً / مَمْنوعَةً طِيبَ الهُجوعِ
قَسَمَ الفِراقُ لِحاظَها / بَيْنَ التَّلَفُّتِ والدُّمُوعِ
لَمْ أَمْشِ في طُرُقِ العَزاءِ لأَنَّني
لَمْ أَمْشِ في طُرُقِ العَزاءِ لأَنَّني / غَالي السُّلُوِّ رَخِيصُ فَيْضِ الأَدْمُعِ
وإِذا ذكَرْتُكَ يَوْمَ سِرْتَ مُوَدِّعاً / وَقَفَ الأَسى في القَلْبِ غَيْرَ مُوَدِّعِ
وَرَأَيْتُ شَخْصَكَ في سَوادِ جَوَانِحي / مُتَمَثِّلاً فَكأَنَّنا في مَوْضِعِ
يا ذا الَّذي مِنْ هَجْرِ ودٍّ مَا اكتَفى
يا ذا الَّذي مِنْ هَجْرِ ودٍّ مَا اكتَفى / أَلا جَعَلْتَ مِنَ الخِيانَةِ لِي وَفا
وَجَنَيْتَ مِنْ شَجَرِ القِلى بِيَدِ الهَوى / مِمَّا غَرَسْتَ بِمُهجَتي ثَمَرَ الجَفا
فَهِلالُ وَصْلِكَ في سَماءِ مَوَدَّتي / بِكُسوفِ هَجْرِكَ قَد أَضَرَّ بِهِ الخَفا
فَمَتى تكَشَّفَ غَيْمُ سُخْطِكَ بِالرِّضا / عَنِّي وَعَنْهُ كانَ مِنْهُ تَطَرُّفا
أَسَلُ الَّذي بِالهَجْرِ أَخْلَقَ جِدَّتي / أَنْ لا يُكَدِّرَ مِنْ وِصالِكَ مَا صَفا
شَوْقي إِلَيْكَ مُجاوِزٌ وَصْفِي
شَوْقي إِلَيْكَ مُجاوِزٌ وَصْفِي / وَظُهورُ وَجْدِي فَوْقَ ما أُخْفِي
يا لَيْتَ جِسْمي كُلَّهُ حَدَقٌ / حتَّى تَراكَ وَلَيْتَها تكْفي
مَا دارَ ذِكْرٌ مِنْكَ في خَلَدي / إِلا طَرَفْتُ بِدمْعَتي طَرْفي
جَارَ الفِراقُ وأَسْرَفا
جَارَ الفِراقُ وأَسْرَفا / مَا ضَرَّهُ لو أَنْصَفَا
يا مَوْقِفاً تَرَكَ الفُؤا / دَ عَلى التَّلَهُّفِ موقفَا
دَمْعِي عَزيزٌ والكَرى / عِنْدِي أَعَزُّ مِنَ الوَفا
وَجْهُ السُّرورِ لِفَقْدِكُمْ / قَدْ صارَ في عَيْني قَفا
أَجْرَتْ مِنَ الكُحْلِ السَّحِيقِ بِخَدِّها
أَجْرَتْ مِنَ الكُحْلِ السَّحِيقِ بِخَدِّها / سَطْراً تُؤَثِّرُهُ الدُّمُوعُ السُّبَّقُ
فَكأَنَّ مَجْرى الدَّمْعِ حِلْيَةُ فِضَّةٍ / في بَعْضِهِ ذَهَبٌ وَبَعْضٌ مُحْرَقُ
قُمْ يا غُلامُ إِلى الشَّمولِ فَهاتِها
قُمْ يا غُلامُ إِلى الشَّمولِ فَهاتِها / قَبْلَ انْتِشارِ الصُّبْحِ في الآفاقِ
فَكأَنَّها شَمْسٌ تُنِيرُ بِها الدُّجى / وكأَنَّهُ قَمَرٌ تَحَوَّلَ ساقِ
لَوْ كانَ رِزْقي مِنْ لَذيذِ عِناقِهِ / مَا كُنْتُ أَحْسُدُكُمْ عَلى الأَرْزاقِ
خِفْتُ الرَّقِيبَ فَجَلَّلَتْني شَعْرَها
خِفْتُ الرَّقِيبَ فَجَلَّلَتْني شَعْرَها / وَتَجَلَّلَتْ مِنْ خَوْفِ واشٍ يَرْمُقُ
فَكأنَّنا صُبْحانِ في لَيْلٍ حَوى / فَجْرَيْنِ بَيْنَهُما ظَلامٌ مُطْبِقُ
نَخفى إِذا خِفْنا وَنَبْدُو تارَةً / فيهِ وَأَحْياناً يَغِيبُ ويُشْرِقُ
وَعُيُونُنا قَدْ خَالَفَتْ رُقَباءَنا / وَقُلوبُنا لِلبَينِ مِنْهُمْ تَخفُقُ
اللَهُ يَعْلَمُ ما تَرَكْتُ وَدَاعَهُ
اللَهُ يَعْلَمُ ما تَرَكْتُ وَدَاعَهُ / وَلَقَدْ جَزِعْتُ لِفَقْدِهِ وَفِراقِهِ
إِلا مَخافَةَ أَنْ يُذِيبَ فُؤادَهُ / مَا فِي فُؤادِي مِنْهُ عِنْدَ عِناقِهِ
يَكْفِيكَ مِنْهُ إِنْ قَنَعْتَ بِذاكَا
يَكْفِيكَ مِنْهُ إِنْ قَنَعْتَ بِذاكَا / في السُّقْمِ ما صَنَعَتْ بِهِ عَيْناكَا
يا حَسْبَ سُؤْلِ النَّفْسِ يا أَعْلى المُنى / طُوبى لِعَيْنٍ في المَنَامِ تَرَاكَا
انْظُرْ فُؤاداً أَنْتَ فِيهِ مُصَوَّرٌ / هَلْ فِيهِ يا نُورَ العُيُونِ سِوَاكَا
بي مِنْكَ ما لَيْسَتْ تُحَدُّ صِفَاتُهُ / حَاشاكَ أَنْ تُبْلى بِهِ حَاشاكَ