القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الأَبّار الكل
المجموع : 69
أعمَى البَصيرَة مَنْ تَقدَّمه الهَوى
أعمَى البَصيرَة مَنْ تَقدَّمه الهَوى / وحِجَاه بِالرّأي الرّشيد بَصيرُ
سَلْ عَنْ مَغازِيه البِلادَ وأَهْلَها / يُنْبِئْك عن سَرْدِ الفُتوحِ خَبيرُ
أرْبَتْ طَواِئفُه على مَا قَبْلَها / والغُنْمُ في خَوْض الخطار خَطيرُ
تَتَنَعَّمُ الأسماعُ والأبْصارُ في / سُلْطانِهِ فَبِشَارَةٌ وَبَشيرُ
عُزِبَتْ إِلى عُمَرَ الُفتوحُ وعَزمُه / لا يأتَلِي أوْ يُفْتَحَ المَعْمورُ
مَاذا يحَبِّرُ أو يُحَرّرُ مادِحٌ / والعِزُّ أقْعَسُ والمَقَامُ كَبِيرُ
جُمِعَتْ تَفاريقُ العُلى في واحدٍ / ألْقَى أزمتَهُمْ لَه الجُمْهورُ
وَرِثَ الهُدى والنورَ عَن آبائِهِ / أسْنَى الْمَواريثِ الهُدى وَالنورُ
ما يَزْدَهِي ملْكٌ وسُلْطَان بِهِ / إلا تَخايَلَ مِنْبَرٌ وَسَريرُ
جَرَّ الكَتائِبَ رَافِعاً رَايَاته / فَتَكَافأَ المَرْفوعُ والمَجْرُورُ
مِنْ كُلِّ مُثقلةِ الخُطَى رَجراجَةٍ / تَرْتَجُّ مِنها الأرْضُ وهيَ وَقُورُ
مَلأتْ مَناديحَ المَلا فَكَأنَّها / طِرْسٌ عَلَيْه مِن الصُّفوفِ سُطورُ
فَتَكاثَفَتْ أُمَماً تَلوحُ فَعِنْدَها / يَخْفَى صُعُودٌ وسْطَها وحُدورُ
مَنْ يَعْتَبِر يَدلُله في الدُّنيا عَلى / حَشْرِ القِيامة جَمْعُها المَحْشورُ
وكأنَّهم وكأنَّ سُبَّقَ خَيْلِهم / وَسْط العَجَاج ضَراغِمٌ وصُقورُ
ألِفَ الإمَامُ لِقَوْدِها غُبْرَ الفَلا / فلَها رَواحٌ نَحْوَها وبُكورُ
وَشَرى الحَدائِقَ بالوَدائِق مُوقِناً / أنَّ اقْتِناءَ البِرّ لَيْسَ يَبُورُ
فَأَعَزُّ مَسْكونٍ لَدَيْهِ سُرَادِقٌ / وأَحَبُّ مَصْحوبٍ إليهِ هَجِيرُ
إنْ يُدْمِنِ السّفَرَ البَعيد مَطارِحاً / فَلأوْجُهِ البُشَراءِ عَنْهُ سُفورُ
أيَجُوزُ أنْ يُرْتَابَ في إظْهَارِه / ولهُ المَلائِكُ والمُلوكُ ظَهيرُ
لِبَني أبي حَفْصٍ أبيهِ مَقارِمٌ / في نَصْرِهِ تأثِيرُها مَأثُورُ
قَوْمٌ إِذَا وَرَدوا الوَغى لم يَصْدُروا / إلا إذا شُفِيَتْ هُناك صُدُورُ
هَزلتهُم العَلْيا لأنْ سَمِنَتْ بِهِمْ / فِيها وُحوش جُوّعٌ وَطُيورُ
هُمْ شَمَّرُوا إذ أسْبَلَتْ أضْدادُهُم / شَتّانَ ما الإِسْبَالُ والتشمِيرُ
وَطَريرُ هِنْديَّاتِهم مُتَفَلِّلٌ / وصَحيحُ خُطّيَّاتِهمْ مَكْسورُ
تَصِفُ الصّباحَ طلاقةً صَفَحاتُهُم / وطَلاقَةُ اليَوْمِ الأغَرِّ بُسُورُ
في عُقْرِها زاروا العُداة لِعقْرِها / فارْتَاحَ زُوّار وطَاحَ مَزورُ
تَخِذُوا الحِفَاظَ شِعارَهم ودِثارَهُم / لِيَبينَ عن مجدٍ بَنوْهُ دَثورُ
لا يَعْرِفونَ الذُّعرَ يَوْمَ كَريهةٍ / والمَوْتُ مِن كرَّاتِهِم مَذْعورُ
كَثروا الوَرَى أيْداً بِيُمنِ مُؤَيِّد / حَظُّ الكَرى مِنْ طرْفِهِ مَنُزورُ
لِلسِّلْمِ والهَيْجاء غَيْثٌ ديمَةٌ / مِنْهُ ولَيْثٌ لِلطغاةِ هَصورُ
لم يُبْقِ لِلأَمْر العَلِيّ قِيامُه / ثَأراً فَمَنْ ذا بَعد ذَاك يَثُورُ
تَتَقَبّلُ الأمْلاك مُلْهَمَ رَأيِهِ / فيما يُدَبِّرُهُ لَهُمْ تَدْبيرُ
ولَقد تناهَى في التُّقَى فَتَشاهَرَتْ / حِجَجٌ نوافِلَ طَوْلهِ وشُهورُ
عُلِّقتُه حَفْصيّ العلاقَة بِالعُلى / والخَيْرُ مِلْءُ وُجودِه والخيرُ
وكأنَّما رَمَضانُ في رَمْضَاء مِنْ / أسَفٍ لإزْماعِ الوَدَاع تَفورُ
تَفْطِيره الصُّوّامَ عِدْلُ أجُورهِم / ولَه إلى تِلكَ الأجورِ أُجورُ
إمّا عُلُومٌ تُسْتَفَادُ لَديهِ أوْ / أَعْمالُ بِرّ قَصْدُها مَبْرُورُ
يَهْنِيهِ عِيدٌ بالبَشائِرِ عائِدٌ / وافاهُ يُومي نَحْوَها ويُشيرُ
حَضَرَ المُصَلَّى وَهْوَ مَشْهودٌ بِمَن / تَتَزَيَّنُ الدُّنيا به مَحْضورُ
قَد رَفَّهُ التعزيرُ والتَوقيرُ إذْ / قَدْ حَفّهُ التَهليلُ والتَكبيرُ
تَضْفُو عَلَيهِ مِن السَّكينَة بُرْدَةٌ / جَيْبُ الطَّهارَةِ فَوْقَهَا مَزْرُورُ
وتُمِدُّ نورَ الشّمْسِ مِنه غُرّةٌ / يَرْتَدُّ عنها الطّرْفُ وهْوَ حَسيرُ
ثمَّ انثَنى وثَناؤُهُ مُتَضَوِّعٌ / كالرَّوْض نَمَّ شَذاهُ وهْوَ مَطيرُ
سَمْحاً لأفْواه المُلوكِ بِراحَةٍ / لَثَمُوا أنَامِلَها وَهُنّ بُحُورُ
وَالناسُ مِن داعٍ له ومؤَمنٍ / لا زَايلَتْهُ سَعَادَةٌ وظُهُورُ
فَتحُ البَسيطَةِ عَنكُمُ مَحكِيّ
فَتحُ البَسيطَةِ عَنكُمُ مَحكِيّ / هدَاكُم فواتِحُهُ بِلا مَحْكِ
دارَتْ بِهِ الأَفلاكُ تَقْذِفُه / للسابِحِينَ الخَيل والفُلْكِ
إن كانَ دُرّاً في نَفَاسَتِهِ / فَمَقامُكُمْ لِلنَّظْمِ كالسِّلْكِ
تأْبَى صَحائِفُهُ وقَد خُتِمَت / إلا بحَضرَتِكُم من الفَكِّ
إنَّ اليقينَ إِلى البَراءةِ مِن / رَيبٍ يُوَهِّنه ومِن شَكِّ
هَذِي صَوارِمُكُم مُوَصلَة / أَعداءَكُم بالقَتلِ والفَتْكِ
ما زادَ في التعذيبِ هُلكُهُمُ / قَد كانَ عَيشُهُمُ أَخا الهُلْكِ
جَرَّت مَنادِبُهُم مآدِبَنا / كالزَّهْرِ يَضحكُ لِلْحَيَا يَبكِي
لا زالَ رَحْباً نهجُ مَصْرَعِهِم / يومَ الوَغَى في المأزقِ الضنكِ
وبَقيتَ لا تُبْقي ظُباكَ عَلى / مُهجاتِهِم بالسَّفْحِ والسَّفكِ
أنتَ الخليفَة لا خِلافَ وهَلْ / نُورُ النهارِ من الدُّجَى الحُلْكِ
واللَّهُ أورثَكَ التي غَصَبُوا / لمَّا رآكَ أحقّ بِالمُلْكِ
مَهْلاً أُمَامَةُ كَمْ تَطُولُ نَوَاكِ
مَهْلاً أُمَامَةُ كَمْ تَطُولُ نَوَاكِ / والقَلْبُ قَدْ هَجَر الحِسانَ سِوَاكِ
يَهْوَاكِ دُونَ الغَانِياتِ وعِنْدَهُ / أنَّ المُوَفَّق مَنْ غَدَا يَهْوَاكِ
وَيَراكِ مَاثِلَةً لَهُ بِضَمِيرِهِ / وإن اللَّيالي بَاعَدَتْ مَثْوَاكِ
يَا هَذِه نَفْسِي لَدَيكِ رَهِينَةٌ / فَهَبِي لَهَا يَا هَذه رُحْمَاكِ
مُنِّي عَلَيَّ بِرَشْفَةٍ تَشْفي الصَّدَى / إنَّ الصَّدَى يَشْفِيهِ رَشْفُ لَمَاكِ
إياك أنْ تَدعِي الضَّنى يَعْتَالُني / ومِنَ الجَفَاءِ مَقَالَتي إيّاكِ
هذِي الشَّمَالُ عَلَيْك وارِدَةٌ بِما / حَمَّلْتُ هَبَّتها فأينَ صَبَاكِ
واللَّهِ لو أبْصَرْتِنِي تحْتَ الدُّجَى / مُتَمَلْمِلاً أَشْكو أليمَ نَوَاكِ
لَصَبا فُؤادُك لي ورَقَّ فَمَا قَسَا / وَسَخَتْ بِمَاء شُؤونِها عَيْناكِ
لَم أسْلُ حُبّك فاعلمِي بَعد النّوى / يا لَيْتَ شِعْرِيَ ما الذي أسْلاكِ
وَلَقَدْ يُذَكِّرُني وإنْ لَمْ أَنْسَه / الغُصْنُ قَدُّك والصّباحُ سَنَاكِ
سَهِر الكَئيبُ وَنِمْت عنهُ خَلِيّةً / فَهنَاك في لَيْلِ التَّمامِ كَرَاكِ
ضَنّ السَّمَاحُ عَلَيْه بِالتَّرحالِ
ضَنّ السَّمَاحُ عَلَيْه بِالتَّرحالِ / وأفَادَهُ الإحْسَانُ حُسْنَ الحَالِ
فَبَنَى عَزَائِمَهُ على تَقْويضِها / وَثَنَى رَكَائِبَهُ عن الإرقَالِ
يُمْنُ الخِلافَةِ بُورِكَتْ وَيَمِينُها / جَادا عَلَيْها بِالْجَدا الهَطَّالِ
وَلَقَدْ شَفَى إِقْبَالُهَا مَا شَفَّه / فَاعْتَاضَ مِنْ شَكْواه بِالإبْلالِ
لَمْ يَخْلُ مِنْها عَادَةً عَدَوِيَّةً / كَرُمَتْ عَن الإخْلافِ والإخْلالِ
وَأَبَى المعالي أنَّ ما بَذَلَتْ لهُ / عَطَفَاتُها لِمَكَارِم وَمَعَالِ
لَوْلا النَّدى والحلْمُ نَادَتْهُ النَّوى / فَأجَابَها بِتَحمُّلٍ ورِحَالِ
أيُقيمُ لَيْسَ يَريمُ بَيْنَ إضَافَةٍ / عَالَتْ فَريضَتُها وَبَيْنَ عِيَالِ
هَلْ شَرْبَةٌ مِنْ أَبْحُرِ الجَدْوَى سِوَى / ثَمَدٍ يَفِيضُ لِرَأسِ كُلِّ هِلالِ
مَنْ ذا يُوَافيهِ الخُمُولُ فَلا يَفِي / وَسَطَ الفَلا بِتَقَحُّمِ الأَهوالِ
رِحَلاً طِوَالاً رَامَ إذْ لَم يَحْتَقِبْ / إلا أذَى حِقَبٍ عَلَيْهِ طِوالِ
قَصَرَتْ مَداهَا لِلخَليفَةِ رَحْمَةٌ / مُنْثَالَةٌ بِنَوالِهِ المُنْثَالِ
واللّهُ يَشْكُرُ مَا أتَى مِنْ صَالِحٍ / لَوْلاهُ وَالى حَاصِدُ الآمالِ
حَسْبُ الأَماني أنَّ يَحْيَى المُرْتَضَى / يُجْرِي عَلى الإسْعافِ كُلَّ سُؤالِ
مَلِكٌ يَرَى دِيناً ودُنْيا أنْ تَرَى / أدْنَى مَوَاهِبه بُيُوتُ الْمَالِ
وكَذَا إذَا الهَيْجَاءُ صُفَّتْ أُسْدُها / فَصَرِيعُهَا مِنْهَا أبُو الأَشْبَالِ
لا يَرْتَضي إلا الفُتُوحَ جَلِيلَةً / بِحُلِيِّ عِزٍّ أقْعَسٍ وَجَلالِ
مَلَكِيَّةٌ أخْلاقُهُ فَكَأنهُ / مَا صِيغَ في الأمْلاكِ مِنْ صَلْصالِ
مَولايَ لِي فِي الشكرِ مُعْتَمَدٌ فَهَلْ / يَمْضِي لِمَا أَرْجُو مِن اسْتِعْمَالِ
إنْ لَم تُفِدنِي ضَيْعَة أوْ صَنْعَة / فَضَياعُ أحْوالِي من الأحْوالِ
بُشْرَاكَ نَصْرُ الله مُقْتَبلُ
بُشْرَاكَ نَصْرُ الله مُقْتَبلُ / وَبراحَتَيْكَ السَّهْلُ وَالْجَبَلُ
ولَكَ السَّعَادَةُ جَيْشُهَا لَجِبٌ / كالسَّيْلِ ضَاقَ بِمَدِّهِ السُّبُلُ
ضَمِنَ الفُتوحَ وسَاعَدَتْهُ عَلَى / إيصَالِهَا البُكُرَاتُ والأُصُلُ
تَرِدُ الرَّسَائِلُ كُلَّ آوِنَةٍ / قَدْ فَصَّلَتْ مَا تَحْمِلُ الرُّسُلُ
والْعَضْبُ لم يَعْلَقْ بِهِ عَلَقٌ / حَيْثُ العَوامِلُ ما لَهَا عَمَلُ
هَذِي المَمالِكُ وَالمُلُوكُ مَعاً / لَكَ قاعِداً وَمُجَاهِداً نَفَلُ
رَفِّهْ جنُودَكَ أوْ بُنُودَكَ عَنْ / غَزْوِ العُدَاةِ لأُمِّهَا الهَبَلُ
فَرِقابُهُمْ مِنْ ذِلَّةٍ خُضُعٌ / وَصِعَابُهُمْ مِنْ خِيفَةٍ ذُلُلُ
اللَّهُ حَسْبُكَ فِي احْتِسَابِكَ لا / بِيضٌ تَسيلُ دَماً ولا أُسُلُ
لَم تَشْكُ للرُّحُلِ الطِّوَالِ أذىً / حتَّى شَكَتْكَ الخَيْلُ وَالإبِلُ
وَلَئِنْ عَلَتْكَ من الضَّنَى سِمَةٌ / فَالمَشْرَفِيُّ يَزِينُهُ الفَلَلُ
بِشِفَائِكَ المَيْمُونِ مَطْلَعُهُ / نَكَصَتْ عَلى أعْقَابِهَا العِلَلُ
وَانْهَلَّتِ الأنْوَاءُ مِن طَرَبٍ / فَتَسَاوَقَ الإبْلالُ وَالْبَلَلُ
بَعْضَ اقْتِحامِكَ هَوْلها قُحَماً / بالْخَافِقَيْنِ لِصَدْمِهَا وَهَلُ
كُلٌّ علَى التَّوْكِيدِ قَوْلَتُهُ / مَقْصورَةٌ مَا أعْوَزَ الْبَدَلُ
يا صارِمَ الإيمانِ لا حَجَبَتْ / حَدَّيْكَ عَنْ أبْصَارِنا الخِلَلُ
الأَزْرُ مَشْدُودٌ فَلا وَهَنٌ / وَالثَّغْرُ مَسْدُودٌ فَلا خَلَلُ
هِيَ دَوْلَةٌ عُمَرِيَّةٌ سِيَراً / خَضَعَتْ لِعِزّةِ أمْرِهَا الدُّوَلُ
يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بْن أبِي / حَفْصٍ لَها دُونَ الوَرَى أَملُ
ما قَرَّ في سُلْطَانِهِ جَعَلَتْ / حَالُ العِدَى بِظُبَاه تَنْتَقِلُ
أبَداً يُفَرِّغُ للْهُدَى نَظَراً / لأُلي الضَّلالِ بِحُكْمِهِ شُغُلُ
مَلِكٌ أَبَى الخُيَلاءَ مِنْ كَرَمٍ / وَتُقىً وَأمْلاكُ الدُّنَى خَوَلُ
وَتُقَبِّلُ الأَفْوَاهُ أخْمَصَهُ / خَدَماً لَهُ سَدِكَتْ بهِ القُبَلُ
شَمْسُ النَّهَارِ لِوَجْهِهِ قَبَسٌ / مِثْلُ البِحَارِ لِكَفِّهِ وَشَلُ
مَنْ حَثَّتِ التَّقْوَى لِطَاعَتِهِ / لَم يَعْقُبِ اسْتِعْجَالَهُ زَلَلُ
حَوْلُ الإلَهِ يَحُفُّ حَضْرَتَهُ / ما إِنْ لَهُ عَن ظِلِّهَا حِوَلُ
صِيتٌ بَعِيدٌ وَهْوَ مُقْتَربٌ / فَكَأنَّهُ في سَيْرِهِ مَثَلُ
رَاقَ الرِّيَاحَ بِذِكْرِهِ فَإِذا / نَشَرَتْ مَحَاسِنَهُ انْطَوَى الغَزَلُ
وَتَوَلَّتِ الدّنْيَا لأوْبَتِهِ / والدّينُ ما والاهُمَا الجَذَلُ
بأَبِي ارْتِياحُ العَالَمِينَ لَها / ولِرَاحَةٍ أوْدَت بِها الغُيُلُ
وَصَفُوا الغُصونَ تَميلُ ناعِمَةً / للرّيحِ ناسِمَة وَتَعْتَدِلُ
وَصَفُوا ضَمَائِر عَنْ مقاوِلَ في / تَخْليدِهِ تَدْعو وَتَبْتَهِلُ
نُعْمَى جَلَتْ مِنْ حُسْنِها بِدَعاً / نَعِمَتْ بِهَا الأَسْمَاعُ وَالمُقَلُ
ولَوِ اسْتَطَاعَتْ مِنْ صَبَابَتِهَا / سَارَتْ إليه بِأسْرهَا الحِلَلُ
سَاوى الجِهَادُ الحَيّ فيه هَوىً / مِنْ عُرْفِهِ أنْ يُنْكَرَ العَذَلُ
يا حادِيَ الخُلَفَاءِ مَعْذِرَةً / إنَّ الأَيادِيَ مَا بهَا قِبَلُ
وَعَسَى قَبُولُكَ أنْ تَجُودَ بِه / حَلْياً لِحَالٍ شَانَهَا العَطَلُ
أمَلِي إلى عَلْيَاكَ مُنْقَطِعٌ / وَتَوَسُّلي لِرِضَاكَ مُتَّصِلُ
أَكِلُ اخْتِيَاريَ لاخْتِيَارِكَ لي / وَعَلى وَليِّ العَهْدِ أتَّكِلُ
حَسْبِي الأمِيرُ مُحَمَّد سَنَداً / بِجَلالِهِ يُسْتَدْفَعُ الجَلَلُ
بَدْرٌ سَنىً بَحْرٌ نَدىً غَدَقاً / رَوْضُ العُلَى خَضِرٌ بهِ خَضِلُ
تَمْحُو لُهَاهُ الأزْلَ هامِلَةً / لا زَالَ مَرْعِيّاً بِهِ الهَتَلُ
بُشْرَايَ هَذا مَبْدَأُ الإقْبَالِ
بُشْرَايَ هَذا مَبْدَأُ الإقْبَالِ / في قَصْدِ غَايَاتي وفِي اسْتِقْبالِ
وَافَانِيَ الزَّمَنُ المُسِيءُ مُحَسِّناً / آثارَهُ بِمَثابَةِ الإِجْمَالِ
وَذَمَمْتُ تَرْحَالاً وَحِلاً قَبْلَها / فَحَمِدْتُ عُقْبَى الحِلِّ والتَّرْحالِ
وَعَزِزْتُ بَعْدَ الهوْنِ والإِذْلالِ / وأَمِنْتُ بَعْدَ الرَّوْعِ والأَوْجالِ
وَثَوَيْتُ في خَفْضٍ وفِي دَعَةٍ بِما / كابَدْتُ مِنْ شَظَفٍ وَمِنْ زِلزالِ
وَلَقيتُ ما لا أستَقِلُّ بِوَصفِهِ / وَإِنِ ادَّعيت مزِيَّةَ استِقلالِ
وكَفاكَ أنَّ الرّومَ كانَتْ جِيرَتي / مِنْ جَوْرِ دهْرِي واسْتِحالَةِ حالِي
كُنْتُ الطَّلِيقَ هُنَاكَ لَكِنْ لَمْ أزَلْ / مِن شِدَّةِ الحَسَرَاتِ في أَغْلالِ
أَبْكِي عَلى اسْتِئْصالِ مَنْ خَلَّفْتُهُ / وأُطِيلُ فِي الأسْحَارِ والآصَالِ
حَتَّى إذَا فَارَقْتُ أرْضَهُمُ التِي / كانَتْ عِقالاً ثانِياً لِعِقَالِي
وَدَعَانِيَ الشَّوْقُ المُذِيبُ جَوانِحي / لِمَنازِلي فَأَجَبْتُهُ وَجِلالي
لاقَى بِيَ الجَدُّ العَثورُ عِصَابَةً / ذَهَبَتْ بِمَالِي كَيْ يَسُوءَ مآلِي
فاسْتَأنَفَتْ نَفْسِي بِحُكْمِ شَقائِها / خَوْضاً لأَهْوَالٍ عَلَى أهْوَالِ
مازِلْتُ مِنها في خَيَالٍ مُتْلِفٍ / حَتَّى غَدَوْتُ مفارِقاً لِخَبَالِ
بأَبِي حُسَيْنٍ سيِّدِ العَرَبِ الذِي / أَدْنَى حُلاهُ
بِالمَاجِدِ المِفْضَالِ أوْ بالعَارِضِ / المِهْطَالِ أو بالقَائِلِ الفَعَّالِ
بِالقيْلِ مِنْ أبْناءِ قَيْلَةَ والذِي / لا يَنْتَمِي إلا إلَى الأَقْيَالِ
نَدْبٌ إِلَى مَثْواه مُسْتبقُ المُنَى / وَعَلى عُلاه تَزَاحُمُ الآمالِ
مَنْ شَامَ بَرْقَ جَبِينِهِ في أزْمَةٍ / أَثْرَى بِغَيْثِ سَمَاحِهِ الهَطَّالِ
وَرِثَ السِّيَادَةَ عَنْ أبيهِ وَجَدِّهِ / الطَّاهِرِ الأَقْوَالِ والأَعْمَالِ
وَأَتَى بِما أَرْبَى عَلى مَا نَالَهُ / إِرْثاً فَمَا أعْيَاهُ نَيْلُ كَمَالِ
هُوَ واحِدُ الدُّنيا وَمَن لَمْ يَرْضَهُ / فَلْيَأتِ في الدّنْيَا لَهُ بِمِثالِ
هَيْهَاتَ لَيْسَ عَلَى البَسيطَةِ مِثْلُهُ / في سُؤْدَدٍ وَرَجَاحَةٍ وَجَلالِ
قَيْسٌ وسَعْدٌ قَبْلَهُ وعُبَادَةٌ / ودُلَيِّمُ الأَفْرَاد في الإفْضَالِ
أبْقَوْا لَه شَرَفاً يَزيدُ تَجَدُّداً / يَبْأَى لَدَيْهِ عَلَى مَدى الأَحوالِ
مَن شاءَ في مَدحٍ غُلُوّاً فَليَكُن / في مَدحِهِ مِن غَيرِ لَومٍ غالِ
لَمَّا لَثَمْتُ يَمِينَه ورَأيْتُه / لَمْ أَلْتَفِتْ لحَياً ولا لِهِلالِ
قُلْ للزَّمَانِ وقَد مَثَلْتَ ببَابِهِ / فَلَحِقْتَ بِالنُّظَرَاءِ والأَمْثَالِ
إنَّ ابْنَ عِيسَى مَنْ عَلِمْتَ مَضَاءهُ / وَسَخَاءهُ في الرَّوْعِ والإمْحالِ
يَكْفيكَ جَورَكَ عدْلُهُ بِيَ عادِلاً / عَمَّا ذَهَبْتَ لَهُ مِنِ اسْتِئْصَالِ
لا زالَ دَافِعَ كُلِّ خَطْبٍ وَاقِعٍ / وَثُمالَ مَنْ أَضْحَى بِغَيْرِ ثُمالِ
دُنْيَاك لِلأُخرَى سَبِيلٌ سابِلُ
دُنْيَاك لِلأُخرَى سَبِيلٌ سابِلُ / فاعْمَلْ لَهَا إنَّ المُوَفَّقَ عَامِلُ
وَاحْرِصْ عَلى نَيْلِ السَّعَادَةِ جَاهِداً / بِالبِرِّ والتَّقْوَى فَنِعْمَ النَّائِلُ
وأَعِدَّ زَاداً للرَّحِيلِ فَإنَّمَا / أيَّامُ عُمْرِكَ لَوْ عَقَلْتَ مَرَاحِلُ
إيَّاكَ والأَمَلَ الكَذُوبَ فَرُبَّما / أوْدَى بِمَطْرُورِ الغُرورِ الآمِلُ
أعِرِ التِفاتاً نَحْوَهُنَّ مَرَاشِداً / فَفُؤَادك المَفْؤُود عَنْها غافِلُ
واسْبِقْ مَشِيبَك بِالمَتَابِ حِزَامَةً / فَلَهُ حُلُولٌ عَاجِلٌ أوْ آجِلُ
مَنْ بِالنَّجاةِ لِذَاهِلٍ نُصِبَتْ لَه / مِنْ زَهْرَةِ الدُّنيا الخَؤُونِ حَبائِلُ
مَنْ بالخَلاصٍ لِخَابِطٍ مِنْ جَهْلِهِ / في لُجَّةٍ رَحُبَت وشَطَّ الساحِلُ
بَسْلٌ عَلَى المَرْءِ امْتدَادُ حياتِهِ / وإزَاءهُ لِلْمَوْتِ لَيْثٌ باسِلُ
يَا فَوْزَ مَنْ هُوَ في العِبادةِ جاهِدٌ / وخَسارَ مَن هو لِلزَّهَادَةِ جاهِلُ
تُلْهِيهِ عَنْ عَدْنٍ وَعن أنْهارِها / بَعْدَ الأَشُدِّ خَمائلٌ وجداوِلُ
ويَشوقُهُ كَهْلاً إلى عَهْدِ الصِّبا / بَرْقٌ لَمُوعٌ أوْ حَمَامٌ هادِلُ
للَّهِ مَجْبولٌ عَلَى رَفْضِ الهَوَى / فَلَهُ مِنَ الإقْلاعِ شُغْلٌ شَاغِلُ
مُتَوَصِّلٌ بِخُلُوصِهِ مُتَوكِّلٌ / وكَفاهُ أَنَّ اللَّهَ كَافٍ كَافِلُ
قَدْ فَازَ بالعَلْيَاءِ ذِكْرٌ سَائِرٌ / بِسَرائِرِ الحُسْنى وَدَمْعٌ سائِلُ
وامْتَازَ بالتَّقْوى فَقَلْبٌ واجِبٌ / من خَوْفِ خَالِقِهِ وَجِسْمٌ نَاحِلُ
قُلْ للمُناجِي في الدَّياجِي رَبَّهُ / وعَليْهِ من غُلَلِ الصِّيامِ غَلائِلُ
يَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ في أوْرَادِهِ / فَرَحاً بهِ وهوَ الحَزينُ الثَّاكِلُ
يَهْنِيكَ أنْ قُبلَتْ وَسائلُكَ التي / هِيَ لِلمُقيم إلى النعيمِ وسَائِلُ
وَأن اعْتَمَدْتَ الصالِحاتِ مزَاوِداً / وعَلِمْتَ أن العَيْشَ ظِلٌّ زائِلُ
أبْشِرْ بِفرْدَوسِ الجِنَانِ فإِنَّها / للنَّاسِكِينَ مَسَاكِنٌ وَمَنازِلُ
لا يَأمَنُ التَّبِعَاتِ إلا هائِبٌ / عَرضاً تَقَدَّمَهُ وَعيدٌ هَائِلُ
يَا حَاذِقَ القُرْآنِ يَرْجُو أجْرَهُ / وهوَ الشَّفيعُ لصَحْبِهِ والمَاحِلُ
قَد قَابَلَتْكَ مِن النَّجاحِ بَشائِرٌ / وَبَدَتْ عَلَيْكَ مِنَ الصَّلاحِ دَلائِلُ
أنْتَ الجَليلُ مِن الجَزاء نَصِيبُه / ونَوافِلُ الذِّكْرِ الحَكيمِ جَلائِلُ
ثَوْبُ الثَّوابِ عَلَيْك ضافٍ سَابِغٌ / وَجَنَى الجِنَانِ لَدَيْك نَامٍ كَامِلُ
فَاهْنَأ بِهِ فَهْوَ الرِّشَاءُ الوَاصِلُ / وَارْكُنْ لَهُ فَهوَ العِتَادُ الحَاصِلُ
أَمَّتْكَ أبْكَارُ الفُتُوحِ إمَاما
أَمَّتْكَ أبْكَارُ الفُتُوحِ إمَاما / تَكْفِي المُلِمَّ ولا تَزُورُ لِمَامَا
طَلَعَتْ زَوَاهِرَ بَلْ أزاهِرَ أُودِعَتْ / بِيضَ المَهَارِقِ والطّروسِ كِمَاما
فَأَقِمْ لِسُلْطَانٍ أقَامَ صَغَا الهُدَى / واسْلَمْ لِمَلْك أيَّدَ الإسْلاما
آيَاتُ نَصْرِكَ لَم تُغَادِرْ مِرْيَةً / كَالصُّبْحِ لاَ يُلْفِي سَنَاهُ ظَلاما
هَذِي العُدَاةُ مُجَدَّلٌ ومُكَبَّلٌ / واسْأَل بِها الأَسْيافَ والأَقلاما
حَنِقَ الحَدِيدُ عَلَيْهِمُ فَسَطَا بِهِمْ / يَبْرِي الطُّلَى ويُقَيِّدُ الأَقْداما
بِيني ثَلاثاً سَلْوَةَ الأَيَّامِ
بِيني ثَلاثاً سَلْوَةَ الأَيَّامِ / أوْدَى الحِمامُ بِنَاصِرِ الإسْلامِ
وَدَعا دِعَامَتَهُ إِلى تَعْوِيضِها / تَأْسِيسُهُ بالتُّرْبِ دَارَ مُقَامِ
ودَهى الوَرَى مِنْ ثُكْلِ هَادِيهِم بِما / أعْيَا عَلَى الأفْهامِ والأَوْهامِ
هَذِي الشُّجونُ الجُونُ قَدْ أخَذَتْ عَلى / وَفْدِ العَزَاءِ مَطَالِع الإلْمَامِ
وَتَفَاضَتِ الأجْفَانَ حُمْرُ دُموعِها / فَمِنَ القُلوبِ عَلى الخُدودِ دَوامِ
مَا رَاعَهُم إلا نَعِيّ وُجودِهِ / فِي حَيْثُ لا أَمْنٌ منَ الأعْدامِ
فَلَوِ الْتَفَتَّ لَقُلْتَ شُرْبُ مُدَامِ / ولَوِ اسْتَمَعْتَ لَقُلْتَ سِرْبُ حَمَامِ
أَنْوَارُهُ هامُوا لَها فَذَكَرْتُ مَا / نَسِيَتْ نَوَارٌ مِن هَوىً وهُيَامِ
تَاللَّهِ لَوْ قَتَلُوا عَلَيهِ نُفُوسَهُمْ / أسَفاً لَمَا وَفَّوْا قَضاءَ ذِمامِ
خَطْبُ الخُطُوبِ أباحَ مُحْتَكِماً حِمَى / مَلِكِ المُلوكِ فَطاحَ دُونَ مُحامِ
أَنَّى ومِنْ أيْنَ اسْتَدارَ لَهُ الرَّدَى / والجَيْشُ مِلْءُ عَمائِرٍ ومَوامِ
فِيهِ الكُماةُ إذا هُمُ اعْتَقَلوا القَنا / وافَوْك بِالآسادِ والآجامِ
أصْماهُ رَامٍ كَمْ ثَنَى عَنْهُ العِدَى / صَرْعَى يُنَاضلُ دُونَهُ ويُرامِي
نُورُ الوُجودِ أُتِيحَ مِنْ إِطْفائِهِ / مَا ألْبَسَ الدُّنْيا مَسوحَ ظَلامِ
سَيْفُ الهُدى أوْدى بِهِ سَيْفُ الرَّدَى / قَدْ يَفْتِكُ الصّمْصامُ بِالصّمْصَامِ
مَا لِلنُّجُوم طَوالِعا مَا للْجِبا / لِ رَواسِياً ما لِلبِحارِ طَوامي
لِمْ لَمْ تَغُرْ لِمْ لَمْ تَزُلْ لِمْ لَمْ تَغُض / مِنْ شِدَّة الحَسَراتِ وَالآلامِ
في بُونَةٍ بانَتْ حَياةُ المُرْتَضَى / يَحْيَى وقِيدَ إِلى الثَّرى بِزِمَامِ
وهُناكَ خُطَّ ضَريحُهُ سَقْياً لَه / هَلا بأفْئِدَةٍ عَلَيهِ حِيامِ
لَمَّا ثَوَى دَارَ السَّلامِ تَرَحَّلَتْ / عَنَّا مَحَاسِنُ دَهْرِنَا بِسَلامِ
لا طِيبَ في الأَسْحارِ والآصالِ مُذْ / طَابَ الثَّرَى مِنْهُ بِخَيْرِ إِمامِ
عَطَلَتْ ظُهُورُ الأَرْضِ مِنْ تِلْكَ الحُلَى / إذْ حُلِّيَتْ مِنْها بُطُونُ رِجامِ
كانَ الزَّمانُ يَضِيقُ عَنْهُ جَلالَةً / فَإِذَا بِهِ في تُرْبَةٍ وسلامِ
هَبْ عَيْنُهُ ذَهَبَتْ بِيَوْمِ حِمَامِهِ / ما ذَاهِبٌّ أثَرٌ لَهُ بِحِمَامِ
سَلْ عَنْ ظُباهُ مَشارِقاً ومَغارِباً / تُنْبِئْكَ عَنْ إغْمَادِها في الْهامِ
وانْظُرْ إليهِ مُسالِماً ومُحَارِباً / تَجِدِ الهِدَايَةَ أُسْوَةَ الإلْهَامِ
غَلَبَتْهُ صادِمَةُ المَنُونِ وطَالَما / هابَتْهُ أغْلَبَ مَاضِيَ الإقْدامِ
وانْجَابَتِ الحَرَكاتُ عَنْ إسْكانِهِ / ما بَيْنَ أجْداثٍ وبَيْنَ رِمَامِ
وَاهاً وآهاً لَوْ شَفَى تَرْدَادُهَا / مِنْ زَفْرَةٍ مَشْبُوبَةٍ كضِرَامِ
أتْهِمْ وَأنْجِدْ يَا نَجِيبُ فَقَد قَضَى / نَحْباً أَخُو الإنْجَادِ وَالإتهامِ
كَيْفَ احْتِسَابِي ما ألمَّ وَإنَّمَا / حَسَنَاتُ صَبْرٍ فيهِ كالآثَامِ
لا تَحْسِبُوني صَاحِياً مِنْ خَمْرَةٍ / لِلْحُزْنِ فِيهَا العَالَمُونَ نَدَامِي
أمِنَ الوَفَاءِ وَفَاتُهُ وَحَيَاتُنا / أُفٍّ لِكُفَّارٍ يَدَ الإِنْعامِ
سَوْأَى مِنَ الأَحْدَاثِ وَافَتْ بَعدَها / حُسْنَى لهَا فِي اللَّهِ حسنُ مَقَامِ
لَمَّا انْتَأى مَلأَ الهُدَى أثْنَاءَها / فَكَفَى عَظَائِمهَا اكْتفَاءَ عِظامِ
يَا فَوْزَهُم بِخِلافةٍ تَعْنُو لهَا / خُلَفَاءُ بَيْتَيْ هَاشِمٍ وَهِشَامِ
وتَدُومُ في الأَعقَابِ ليسَ لِحُكْمِها / نَسْخٌ مدَى الأَحْقَابِ والأَعْوَامِ
أرْضَوْا إمَامَهُمُ فَأَمْضَوْا عَهْدَهُ / وَوَفَوْا لأَنْفِ الْبَغْيِ بِالإرْغَامِ
قَسَماً بِهِ لَوْلا إمَارَةُ نَجْلِهِ / لَغَدَا الهُدَى نَثْراً بِغَيْرِ نِظَامِ
أتَرَاهُ كُوشِفَ بالذِي هُوَ كَائِنٌ / فَاعْتَامَهُ مِنْ جَوْهَرٍ مُعْتَامِ
وَأقَامَهُ للنَّاسِ يَجْمَعُهُمْ عَلَى / سُلْطَانِهِ وَرَآهُ خَيْرَ قِوَامِ
دَهَمَتهُمُ دُهْمُ الخُطوبِ فَشَدَّ ما / جَلَّى دُجَاهَا مِنْهُ بَدْرُ تَمَامِ
لَمَّا ارْتَضَاهُ نَضَاهُ عَضْباً حاسِماً / غُدِرَ العِدَى مِنْ رَأْيهِ بِحُسَامِ
أَوْلى ذِمَامٍ بالرِّعَايَةِ عِنْدَهُ / مَا لَمْ يُجَاوِزْهُ سُؤالُ مُضامِ
للَّهِ زَحْفُ خَمِيسهِ بِزَعِيمِهِ / تَحْتَ اللوَاءِ لعُبَّدِ الأَصْنَامِ
مِنْ كُلِّ مورد رُمْحَهُ أَدرَاعَهُم / فَتَرَى بِهِ ألِفاً مُخالِطَ لامِ
رَجَفَتْ بلادهُمُ لِبَيْعَتِهِ التِي / مَرَّتْ بهَا الأرْوَاحُ في الأجْسَامِ
وعَنِ القُلوبِ تَفَقَّأَتْ أضْلاعُهُم / فَكأَنَّها الأزْهَارُ دُونَ كِمَامِ
لمُحَمَّدٍ وُعِدَتْ رعَايَا أحمَدٍ / ألا تَزَالَ زَوَاهِرَ الأَيَّامِ
وكأنَّ بِشْراً سَاطِعاً إشْرَاقُهُ / في وَجْهِهَا مِنْ وَجْهِهِ البسَّامِ
مَلِكٌ نَمَتْهُ في المُلوكِ عِصَابَةٌ / هِيَ مَفْخَرُ الأسْيَافِ والأقْلامِ
بُشْرَى الأَنامِ بِدَوْلَةٍ حَفْصِيَّةٍ / مَنْصُورَةِ الرَّايَاتِ والأَعْلامِ
أبَداً تُوافِي مِنْهُمُ بأئِمَّةٍ / زُهْرِ المَنَاقِبِ رُجَّحِ الأَحْلامِ
في يَوْمِهِم أحْيَوْا خَليفَةَ أمْسهِم / شَبَهاً بِهِ في النَّقْضِ والإبْرَامِ
تِلْكَ الشَّمَائِلُ كَالشَّمائِلِ قَد سَمَتْ / بِأَبِي غَمَام مُقْلِعٌ بغَمَامِ
يا خَجْلَتِي لِلْفِكْر أقْعَدَهُ الأسَى / عَنْ نَهْضَةٍ بحقُوقِها وقِيامِ
كُنْتُ المُطيلَ مُهَنِّئاً ومُعَزِّياً / لَكِنْ كفانِيها أبُو تَمَّامِ
تِلْكَ الرّزِيَّةُ لا رَزِيَّةَ مِثْلُها / والقسْمُ لَيْسَ كَسَائِر الأقْسامِ
لِمُبَشِّري بِرِضاكَ أنْ يَتَحَكَّما
لِمُبَشِّري بِرِضاكَ أنْ يَتَحَكَّما / لا المالَ أسْتَثْنِي عَلَيْهِ ولا الدِّما
تاللَّهِ لا غُبِنَ امْرُوءٌ يَبْتاعُهُ / بِحَيَاتِهِ فَوُجودهُ أنْ يُعْدَما
أَيّ المَعاذِرِ أرْتَضِي لِجِنايَةٍ / عَظُمَتْ وَلَكِن ظَلَّ عَفْوُكَ أَعْظَما
نَدَمِي عَلَى ما نَدَّ مِنِّي دائِمٌ / وعَلامَةُ الأوَّابِ أنْ يَتَنَدَّما
يَا طُولَ بُؤْسِيَ مُبْسَلاً بِجَريرَةٍ / إنْ لَمْ تُجِرْنِي بالتَّجاوُزِ مُنْعِما
مَوْلايَ رُحْماكَ التي عَوَّدْتَنِي / إنِّي اعْتَمَدْتُكَ خَاضِعاً مُسْتَرْحِما
فَأحَقُّ مَنْ تُولِي الإقَالَةَ عاثِرٌ / لَمْ يَسْتَحِبَّ عَلى الهُدى قطُّ العَمَى
أقْصاهُ عَنْكَ تَزَلُّفٌ بِخَطِيئَةٍ / خَالَ الصَّوابَ خِلالَها وَتَوَهَّما
ولَقَدْ تَحَفَّظَ في المَقَالَةِ جُهْدَه / لَكِنَّهُ نُمِيَ الحَديثُ ونُمْنِما
مَوْلايَ عَبْدُكَ مَا لَه مِنْ مَعْدِلٍ / عَنْ دارِ عَدْلِكَ منْذُ حَلَّ وَخَيَّما
لَوْ أنَّهُ يَجِدُ الحَيَاةَ كَريمَةً / في غَيْرِها لَرَأى المَنِيَّةَ أكْرَما
إِنْ يَنْتَزِحْ نادِيكَ عَنْهُ يَقْتَرِبْ / منْهُ وإِلا تَحْمِهِ يَلجِ الحِمَى
مُتَهافِتاً مُتَرامِياً مُتَطارِحاً / مُتَواصِلاً مُتَوَسِّلاً مُتَحَرِّما
قَد عَلَّمَتْهُ تَجَنُّبَ الجَهْلِ العُلَى / يَكْفِيهِ أَن قَوَّمْتَهُ فَتَقَوَّما
هَيْهاتَ يَصْحُو أَوْ يُواقِعُ سَلْوَةً / مَنْ لَمْ يَزَلْ برضاك مُغْرىً مُغْرَما
أهْوِنْ بِما لاقاه مِنْ هُونٍ إِذا / لاقَاكَ مُرْتاحاً له مُتَرَنِّما
وجَثَا يُقَبِّل قَبْلَ راحَتِكَ الثَّرَى / غَرِداً بِما أوْلَيْتَهُ مُتَرَنِّما
بِمَثَابَةٍ رَسَخَ الهُدَى أثْنَاءَها / عَلَماً وقَام الحَقُّ فيها مُعْلَما
وحَمَامَةٍ ناحَتْ فَنُحْتُ إِزاءَها
وحَمَامَةٍ ناحَتْ فَنُحْتُ إِزاءَها / فَلَوِ اسْتَمَعْتَ لَقُلْتَ هَذا المأْتَمُ
أَبْكِي وتَبْكِي غَيرَ أنِّي مُعْرِبٌ / عَمَّا أُكِنُّ مِنَ الغَرَام وتُعْجِمُ
وأرَدِّدُ الزَّفَرَاتِ أثْنَاءَ البُكَا / وَتَظَلُّ فَوْقَ أَراكِها تَتَرَنَّمُ
فَإِذا أصَاخَ لِشَدْوِها وتَأَوُّهي / وَاعٍ يَقُولُ خَلِيَّةٌ ومُتَيَّمُ
إنَّ البَشَائِرَ كُلَّها جُمِعَتْ
إنَّ البَشَائِرَ كُلَّها جُمِعَتْ / للدِّينِ والدّنيا ولِلأُمَمِ
في نِعْمَتَيْنِ جَسِيمَتَيْنِ هُمَا / بُرْءُ الإمَامِ وبَيعَةُ الحَرَمِ
لامَ المُحِبُّونَ الفِرَاقَ ولُمْتُهُ
لامَ المُحِبُّونَ الفِرَاقَ ولُمْتُهُ / لَكِنَّهُم سَئِمُوا ولَمَّا أَسْأَمِ
ظَعَنُوا وَهُمْ قَدْ وَدَّعُوا أوْ سَلَّمُوا / وَظَعَنْتُ غَيْرَ مُوَدِّعٍ وَمُسَلِّمِ
فَعَلَيَّ فَلْتَبكِ البَوَاكِي إنَّنِي / أُخْرِجْتُ مِنْ وَطَنِي وَلَسْتُ بِمُجْرِمِ
وأُضِعْتُ يَوْمَ وُضِعْتُ في أرْضٍ بِهَا / يَغْدُو الْفَصيحُ مُعَظِّماً للأَعْجَمِ
لا أَسْتَريحُ بِغَيْرِ لَيْلٍ أَلْيَلٍ / أَشْكُو تَطَاوُلَهُ ويَوْمٍ أيْوَمِ
وعِصَابَةٍ قَطَفَتْ رُؤُوسَهُمُ الظُّبى
وعِصَابَةٍ قَطَفَتْ رُؤُوسَهُمُ الظُّبى / قَطْفَ البَنَانِ أزَاهِر البُسْتَانِ
غَدَرُوا ومَا شَعروا بأَنَّ وَرَاءَهم / لِلْحَقِّ أَنْصَاراً عَلَى البُهْتَانِ
فَانْظُرْ إِلى هَامَاتِهِمْ مُسْوَدَّةً / كَالليْلِ غَيْرَ بَوَارِقِ الأَسْنَانِ
لاحَتْ مِنَ السُّورِ المُنِيفِ بِصَفْحَة / بَيْضَاءَ كَالشَّامَاتِ والخِيلانِ
كَرَّتْ سَوافِحُ عَبْرَتِي أَشْجَانِي
كَرَّتْ سَوافِحُ عَبْرَتِي أَشْجَانِي / فنُضُوبُ طَرْفِي لامْتِلاء جَنَانِي
وَمِن العَجائِبِ أن يَدُلَّ علَى الهَوى / مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى السُّلْوَانِ
عَكْسَ الحَقائِق في الهَوى مُتَعَارَفٌ / فَتَرَى الأُسُودَ قَنَائِصَ الغِزْلانِ
ولَقَدْ نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ أقْوَى عَلَى / غَصْبِ النُّهَى مِنْ فَاتِرِ الأجْفَانِ
يا مَنْ لَها خُلْفُ المَوَاعِدِ عَادَةٌ / أمِنَ الوَفاءِ سُطاكَ بِالهَيْمَانِ
أَرْدَفْتِ في هَجْرِي كَرِدْفِكِ غِلْظَةً / وشَبِيهُ خِصْرِكَ رِقَّةً جُثْمَانِي
باللَّهِ قُولِي يَا ابْنَةَ الأَقْيال مَا / هَذَا العِقابُ وَمَا أنَا بِالجَانِي
هَلا أَبَحْتِ مِنَ الرِّضَى مَمْنُوعَه / إنَّ الحِسَانَ مظنَّةُ الإحْسَانِ
أمّا هَوَاكِ فَعَنْ سِوَاك مُكَتَّمٌ / والسِّرُّ عِنْدَ الحُرِّ فِي كِتْمَانِ
لا تَحْسَبِي أنِّي جَنَحْتُ لِسَلْوَةٍ / أنَّي وَما بِي جَلَّ عَنْ حُسْبَانِ
هَذا عِنانِي في يدَيْكِ وإنَّما / فازَتْ يَدَايَ بأَنْ مَلَكْتِ عنَانِي
بِأبِي التِي قَرَنَتْ مَحاسِنُ خدِّهَا / باليَاسَمِينِ شَقَائِقَ النُّعْمَانِ
وَتَبَسَّمَتْ عَن وَاِضحاتِ لآلِئٍ / مَغْرُوزَةٍ في فَائِقِ المَرْجانِ
ولَئِنْ رَنَتْ بِلَوَاحِظٍ من نَرْجسٍ / فَلَقَدْ عَطَتْ بأَنَامِلِ السُّوسانِ
ما عابَها إِلا قَسَاوَةُ قَلْبهَا / مَعَ أَنَّهَا لِيناً كغُصْنِ البَانِ
لَوْ أنَّ سُودَ جُفونِها بِيضٌ إذَنْ / زَحَفَتْ بِهَا الفُرْسَانُ لِلْفُرْسانِ
عَمِدَتْ إِلى أَخْذِي ويا عَجَباً لها / أَيُؤَاخَذُ المَفْتُونُ بالفَتَّانِ
لَجَّتْ فَتُعْرِضُ عن يَقينِ صَبابَتي / لِلعاذِلاتِ يَجِئْنَ بالبُهْتَانِ
ولَرُبَّما حَظِيَ الرَّسولُ بِوَصْلِها / ولِقائِها وحَظِيتُ بالحِرْمانِ
أنَا في هَواها مِثلُها في حُسنِها / تاللَّهِ ما لي فِي العلاقَةِ ثانِي
فَإِذا تُعَدِّد عذْرَةٌ عُشَّاقَها / كُنْتُ المُقَدَّمَ في أخيرِ زَمَانِ
لا تَشْمَتُوا بِيَ إنْ ذَلَلْتُ لِعِزِّها / فَهَوى الغَواني أَصْلُ كُلِّ هَوانِ
ولَقَد أتِيهُ عَلى المُلوكِ بأَنَّنِي / لِلْمُرْتَضَى يَحْيَى مِنَ العِبْدانِ
للَّهِ سُوسانٌ تَرَاكَبَ نَوْرُهُ
للَّهِ سُوسانٌ تَرَاكَبَ نَوْرُهُ / فَأَتَى بِما أعْيَا علَى الحُسْبَانِ
يَحْكِي ثُرَيا أُسْرِجَتْ كَاسَاتُها / في جَمْعِهِ وَرِقاً إِلَى عِقْيانِ
لا تَعْجَبوا لِمُؤَلَّقٍ مِنهُ بَدا / كَسَوالِفٍ رُكِّبْنَ في جُثْمانِ
سَعِدَتْ لِمَوْلانا البَسيطَةُ فاقتَدَى / فيها النَّباتُ بِإِلفةِ الحَيَوانِ
زَارَ الْحَيَا بِمَزِارِهِ الْبُسْتَانَا
زَارَ الْحَيَا بِمَزِارِهِ الْبُسْتَانَا / وأَثَارَ منْ أزْهَارِهِ ألْوَانا
فَغَدَا بهِ وبِصِنْوِهِ يَخْتَالُ في / حُلَلِ النَّضَارَةِ مُونِقاً رَيَّانا
وَيَمِيسُ أفْنَاناً فَتُبْصِرُ خُرَّداً / تَثْنِي القُدودَ لَطَافَةً وَلِبَانا
وكَأَنَّمَا الأدْوَاحُ فِيهِ مَفَارِقٌ / بِلِبَاسِهَا قَطْرُ النَّدَى تِيجَانا
وَكَأَنَّمَا رَام الثَّنَاءُ فَلَمْ يُطِقْ / فَشَدَتْ بِهِ أطْيَارُهُ أَلْحَانا
مِنْ كُلِّ مُفْتَنِّ الصَّفِيرِ قَدِ ارْتَقَى / فَنَناً فأَفْحَمَ خَاطِباً سُحْبَانا
هِيَ عَادَةٌ لِلْمُزنِ يَحْفَظُ رَسْمَهَا / حِفْظَ الأَميرِ العَدْل والإِحْسَانا
أَسْرَى إِلى النِّسْرينِ يُرْضِعُهُ النَّدى / وَيُهِبُّ طَرْفَ النَّرْجسِ الوَسْنانا
وَحَبَا العَرَارَ بِصُفْرَةٍ ذَهَبِيَّةٍ / رَاعَتْ فَتَاه بكمِّهَا فَتَّانا
وَدْقٌ تَوَلَّدَ عَنهُ وَقْدٌ في الرُّبَى / لأَزَاهِرٍ طَلَعَتْ بِهَا شُهْبَانا
تِلْكَ الأَهَاضِيبُ اسْتَهَلَّتْ دِيمَةً / فَكَسَى الهِضَابَ النَّوْرُ وَالغِيطَانا
شَرِقَتْ بِعارِضِها المُلِثِّ وأشْرَقَتْ / للَّهِ أَمْوَاهٌ غَدَتْ نِيرَانا
يَا حَبَّذا خَضِل البَهَار مُنَافِحاً / بِأرِيجِهِ الخَيْرِيِّ وَالرّيْحَانا
وَالآسُ يَلْتَثِمُ البَنَفْسَجَ عارِضاً / واليَاسَمِينُ يُغازِلُ السَّوسَانا
والرِّيحُ تُرْكِضُ سُبَّقاً منْ خَيْلِها / في رَوْضَةٍ رَحُبَتْ لَها مَيْدانَا
هَوْجَاءُ تَسْتَشْرِي فَيُلْقِحُ مَدُّها / هَيْجَاءَ تُنْتِجُ حَبْرَةً وأَمانا
حَرْباً عَهِدْتُ أزَاهِراً وَمَزَاهِراً / أوْزَارَها لا صَارِماً وَسِنانا
يَغْدُو الحَليمُ يُجَرِّرُ الأذْيالَ مِنْ / طَرَبٍ هُناكَ ويُسْبِلُ الأرْدانا
وكَأنَّما هابَ الغَدِيرُ هُبُوبَهَا / فَاهْتاجَ مِقْداماً وَكَعَّ جَبَانا
يُبْدِي مُعَنَّاها الثَّباتَ وإنَّما / يُخْفِي جَناناً يَصْحَبُ الرَّجْفَانا
وَاهاً لَهُ لَبِسَ الدِّلاصَ كَأَنَّما / يَخشَى مِنَ القَصَبِ اللِّدانِ طِعانا
واسْتَلّ مِنْ زُرْقِ المَذانِبِ حَوْلَهُ / قُضُباً تَرَقْرَقُ كالظُّبَى لَمَعَانا
سالَتْ تَفُذّ الهَمَّ لَيْسَتْ كالتِي / صَالَتْ تَقُدُّ الهامَ والأَبْدَانا
وَكأَنَّما كانُونُ مِمَّا صَفَّ مِنْ / نُورٍ ونَوْرٍ واصِفٌ نِيسانا
قَد حلَّتِ الحَمَلَ الْغَزَالَةُ عَادَةً / خُرِقَتْ وإنْ لم تَبْرَحِ المِيزانا
فِي دَوْلَة أَتَّتْ وفَتَّتْ مِنْ جَنَى / مَعْرُوفها ما نَاسَبَ العِرْفانا
غَرَّاءُ تُطْلِعُ لِلْبَسالَةِ والنَّدَى / وَجْهَيْنِ ذا جَهْماً وَذا جَذْلانا
لا غَرْوَ أنْ حَسُنَ الوُجودُ فإنَّهُ / لَمَّا أَطاعَ لَها وَخَفَّ ازْدَانا
يا مَصْنَعاً بَهَرَتْ مَحاسِنُهُ النُّهى / فَسَمَا ذَوَائِبَ إذْ رَسَا أَرْكانا
لَمَّا بَنَوْا شُرُفاتِهِ مِنْ فِضَّة / جَعَلُوا أَدِيمَ قِبابِهِ عِقْيانا
سَدِرَ الخَوَرْنَقُ والسَّدِيرُ لِحُسنِهِ / وَأَنَّى لَهُ أَنْ يُنسِيَ الإيوَانا
إِنِّي لأَحْسبُهُ مِنَ الفِرْدَوْسِ مُذْ / أبْصَرْتُهُ لِلْمُتَّقِينَ مَكانا
وَكَأَنَّ سَيِّدَنا الإمَامَ أَتَى بِها / عَمْداً لِيُرغِب في الجِنانِ جَنانا
فَمَقالُهُ أَرْشِدْ بِهِ وَفِعالُهُ / مِمَّا يَزيدُ قُلوبَنا إِيمانا
ولَطالَما اعْتَمَدَ الْمَراضِيَ دائِباً / فاشْتَدَّ في ذاتِ الإلَهِ وَلانا
إِنَّ الإمامَةَ صورَة أَضْحَى لَها / يَحْيَى لِساناً صَادِقاً وَجَنانا
مَلِكٌ بِيُمْناه الخَلاصُ عَلى الوَرَى / أنْ يُخْلِصُوا الإسْرارَ والإعْلانا
آلاؤُهُ كَالرَّوْضِ حَيَّتْهُ الصَّبا / لا يَسْتَطيعُ لِنَشْرِهِ كِتْمانا
وَإِذا يَلوذُ بظِلِّهِ الجَبَّارُ لَمْ / تُحْرِقْهُ شُهْبُ رِماحِهِ شَيْطانا
مَيْمُونَةٌ أَيَّامُهُ مِنْ شَأنِها / أنْ تُذْهِبَ البَغْضَاءَ والشَّنَآنا
عَمَّ الصَّباحُ العالَمِينَ فَأَصْبَحُوا / طُرّاً بِنِعْمَةِ رَبِّهِم إِخْوانا
لَمَّا اسْتَعانَ بِهِ الهُدَى فَأَعانَه / لانَتْ لَهُ أزْمانُهُ أَعْوانا
خَضَعَتْ لَهُ صِيدُ الْمُلوكِ وَشُوسُها / وتَعَوَّضَتْ مِنْ بَأْوِها الإذْعَانا
هَذِي الطُّغاةُ لأَمْرِهِ مُنقَادَةٌ / فَكَأَنَّها لَمْ تَعْرِفِ الطُّغْيَانا
عَرَبٌ وعُجْمٌ يَلْثِمُونَ بِساطَهُ / وكَفَى عَلى تَمْكِينِهِ بُرْهانا
يَهْنِي الإمَامَ المُرْتَضَى سُلْطانُهُ / أَنْ فَاتَ أمْلاكَ الدُّنَى سُلْطانا
الجُودُ يَنْفَعُ في الوُجودِ وَلَنْ تَرَى
الجُودُ يَنْفَعُ في الوُجودِ وَلَنْ تَرَى / مَنْ يَكْفُرُ النّعْمَى سِوَى الإنْسَانِ
فإِذا رَأَيْتَ مِن الأَكارِمِ مُحْسِناً / فَاحرزْ علَيهِ آفَةَ الإِحْسانِ
يا سَيِّداً غَمَرَ الوُجُودَ بِجُودِهِ
يا سَيِّداً غَمَرَ الوُجُودَ بِجُودِهِ / فَقَضاهُ بَعْضَ الحَمْدِ كُلُّ لِسانِ
تُنْمَى إِلى رَجَبٍ عُلاكَ تَفَرُّداً / وَحُلاكَ طِيبَ شَذىً إلى نِيسانِ
أنْتَ الحُسَامُ لِيُنْتَضَى مِنْ غمْدِهِ / فَيَقُطَّ هَامَةَ كَافِرِ الإِحْسَانِ
تاللَّهِ أسْنَاها يَداً مَنْسِيَّةً / يَوْمِي وفِي أَمْسِي أَبَتْ نِسْيانِي
مَا ضَرَّها أنْ لَمْ تَكُنْ جَفْنِيَّةً / لَوْ كُنْتُ في الإِحْسَانِ مِنْ حَسَّانِ
غَلَبَتْ عَلَيَّ لِبُعْدِكُمْ أَشْجانِي
غَلَبَتْ عَلَيَّ لِبُعْدِكُمْ أَشْجانِي / وَجَفا الكَرَى مِنْ بَعْدِكُمْ أَجْفانِي
وَتَضَرَّمَتْ بَيْنَ الجَوَانِحِ لَوْعَةٌ / إِطْفاؤُها أَعْيَا عَلى الطُّوفانِ
هَيْهاتَ يَدْنُو الصّبْرُ مِنِّيَ بَعْدَهَا / وأَنَا البَعيدُ الأَهْلِ والأَوْطَانِ
لَوْ أنَّ ثَهْلاناً تَحَمَّلَ بَعْضَ ما / حُمِّلْتُهُ خَرَّتْ ذُرَى ثَهْلانِ
أَسْرٌ وقَسْرٌ لا قَرَارَ عَلَيْهِما / وَتَغَرُّبٌ عَنْ أسْرَتِي ومَكَانِي
هَذا وَكَمْ أَثْناء هَذا مِنْ أَسىً / فَضَح العَزَاء ومِنْ هَوىً وَهَوانِ
ويَهُونُ ذَلِكَ لِلْفِراقِ وطَعْمِهِ / إنَّ الفِراق هُوَ الحِمامُ الثَّانِي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025