المجموع : 39
يا مَن يُحاصر وَجده في نَفسِهِ
يا مَن يُحاصر وَجده في نَفسِهِ / وَيُحاذر الرَقباء أَن يتَنَفَسا
زَفرات همِّك قَد أَصابَت فُرصة / فَخَرَجنَ لَما أَن شَمَمنا النَرجِسا
وَتَنوفَةٍ مَد الضَمير قَطَعتها
وَتَنوفَةٍ مَد الضَمير قَطَعتها / وَاللَيل فَوقَ آكامها يَتَرَبع
لَيل يَمُدُّ دُجاه دونَ صَباحه / آمال ذي الحرص الَّذي لا يَقنَع
باتَت كَواكبه تَحوط بَقاءه / في كُلِ أُفق مِنهُ نجم يَلمَع
زَهرٌ يُثير عَلى الصَباح طَلائِعاً / حَولَ السَماء فَهُنَّ حَسرى ضلع
مُتَيَقِظات في المَسير كَأَنَّها / باتَت تُناجي بِالَّذي يَتَوَقع
وَالصُبح يَرقب مِن دُجاه غُرة / مُتَضائل مِن سحقه يَتَطَلَع
مُتَنَفِّساً فيهِ جِناناً واهِنا / في كُل لَحظة ساعة يَتَشَجَع
حَتّى اِنزَوى اللَيل البَهيم لِضوئِهِ / وَقد اِستَجابَ ظَلامه يَتَقَشَع
وَبَدَت كَواكبه حَيارى فيهِ لا / تَدري بِوَشك زيالها ما تَصنَع
مُتهادِلات النور في آفاقِها / مُستَعبِرات في الدُجى تَستَرجع
وَكَواكب الجَوزاء تَبسط باعَها / لِتُعانق الظَلماء وَهِيَ تَودع
وَكَأَنَّها في الجَو نَعش أَخي بِلى / يَبكي وَيوقف تارة وَيَشيع
وَكَأَنَّما الشعرى العبور وَراءَها / ثَكلى لَها دَمعٌ غَزير يهمع
وَبَنات نَعشٍ قَد بَرَزنَ حَواسِراً / قَدامها أَخواتهنّ الأَربع
عَبرى هَتَكنَ قِناعهن عَلى الدُجى / جَزَعاً وَآلت بَعدُ لا تَتَقنع
وَكانَ أفقاً مِن تَلألئ نَجمِهِ / عِندَ اِفتِقاد اللَيل عَينٌ تَدمَع
وَالفَجر في صَفوِ الهَواء مَورد / مَل المدامة في الزُجاج تَشَعشَع
يا لَيل ما لَكَ لا تَغيب كَواكِباً / زَفراتها وَجداً عَلَيكَ تَقطع
لَو أَنَّ لي بِضياء صُبحك طاقة / يا لَيل كُنتُ أَوده لا يَسطَع
حَذراً عَلَيك وَلَو قَدرت بِحيلَتي / جرعته الغصص الَّتي تَتَجَرع
يا صُبح هاكَ شَبيبتي فافتك بِها / وَدَع الدُجى بِسوادِهِ يَتَمَتع
أَفقدتَني أُنسي بِأَنجُمِها الَّتي / أَصبَحَت مِن فَقدي لَها أَتَوجَع
أَرقى لِبَرق لائح في جوِّهِ
أَرقى لِبَرق لائح في جوِّهِ / لألاؤه كمهندات تَلمَع
وَاللَيل قَد حَجَب الصَباح كَأَنَّهُ / مُتَرهِّبٌ بِمسوحه مُتَدَرع
وَتَرى الثُرَيا مثل كَفّ خَريدة / تومي بِها أَو عَقرَب تَتَسمع
وَكَأَنَّ ثَوب الجَو صَرح لائح / وَنُجومِهِ دُرٌّ عَلَيهِ تَرصع
أَو كَالدَراهم فَوقَ أَرض بَنَفسج / أَو نَرجس مِن سَوسَنٍ يَتَطَلع
المَوت أَهون مِن سوا
المَوت أَهون مِن سوا / د العارضين لِمَن عَرَف
عَجَباً لِشَمس أَشرَقَت في وَجهه
عَجَباً لِشَمس أَشرَقَت في وَجهه / لَم تمح مِنهُ دُجى الظَلام المطبق
وَإِذا تمطر في الرِهان رَأيته / يَجري أَمام الريح مثلُ مطرِّق
يا لَيلة حليت بِزَهر نُجومها
يا لَيلة حليت بِزَهر نُجومها / وَسهرتها حَتّى بَدَت لي عاطِلا
لَم يَرضَ لَيلي إِذ تَجَلى بَدرُهُ / حَتّى أَراني فيهِ مِنكَ مُخايِلا
وَطَفَقَت أَرمق مِنهُ بَدراً طالِعاً / وَطَفَقت أَذكر مِنكَ بَدراً آفِلا
وَإِذا اِنتَضى قَلَماً لِيَخطُب
وَإِذا اِنتَضى قَلَماً لِيَخطُب / خلتُ في يُمناه نَصلا
كَم رَدَّ عادية الخُطوب / وَكَم أَعَزّ وَكَم أَذّلا
يَجري فَيُؤمن خائِفاً / وَيَصب في الأَعداء نبلا
كفرا بعلمك يا ابن رُستُم كلِّه
كفرا بعلمك يا ابن رُستُم كلِّه / وَبِما حَفظت سِوى الكِتاب المُنزل
لَو كُنت يونس في دَوائر نَحوِهِ / أَو كنت قطرب في الغَريب المشكل
وَحَويت فقه أَبي حَنيفة كُلَّه / ثَم اِنتَمَيت لِرُستُم لَم تَنبل
أَو ما تَرى الأَيّام كَيفَ تَبَرَجت
أَو ما تَرى الأَيّام كَيفَ تَبَرَجت / وَرَبيعُها وَآل عَلَيها قيّم
لَبست بِهِ الأَرض الجَمال فَحُسنَها / مُتَأزر بِبُروده مُتعَمم
انظر إِلى زَهر الرِياض كَأَنَّهُ / وَشيٌ تَنشُره الأَكف منمنم
وَالنُور يَهوى كَالعُقود تَبَدَدت / وَالوَرد يَخجَل وَالأَقاحي تبسم
وَالطل ينظم فَوقَهنَّ لَألِئاً / قَد زانَ مِنهُنَّ الفَرادى التَوأم
وَيَكاد يَذرى الدَمع نَرجِسُها إِذا / أَضحى وَيَقطر مِن شَقائِقِها الدَم
أَرض تُناجيها السَماء إِذا دَجا / لَيل وَلاحَت في دُجاها الأَنجُم
وَلِخُضرة الجَو إِخضِرار رِياضها / وَلِزَهره زَهر وَنور ينجم
وَكَما يَشق سَنا المَجَرة جوه / وادٍ يَشق الأَرض طامَ منعم
لَم يَبقَ إِلا البَدر إِذ تاهَت بِهِ / وَحيا يَجود بِهِ مكب مُرهم
بانوا وَأَبقوا في حشاي لبينهم
بانوا وَأَبقوا في حشاي لبينهم / وَجداً إِذا ظعن الخَليط أَقاما
لِلّهِ أَيام السُرور كَأَنَّها / كانَت لِسُرعة مرها أَحلاما
لَو دامَ عَيش قبلها لأَخي الهَوى / لَأَقامَ لي ذاكَ السُرور وَداما
يا عَيشَنا المَفقود خُذ مِن عُمرِنا / عاماً وردَّ مِن الصِبا أَياما
يا لذّتي بِعِناق مَن
يا لذّتي بِعِناق مَن / رَوى فَمي رَشفاً وَلَثما
في لَيلة ضَمّت عَليَّ / جَناحِها الغَربيب ضَمّا
فَلَو اِستَطَعت جَعَلت بَينَ / ظَلامِها وَالصُبح رَدما
أَندمت حينَ صَفَحت عَمَن
أَندمت حينَ صَفَحت عَمَن / قَد أَساءَ وَقَد ظَلَم
لا تَندَمنَّ فشرنا / مَن أَتبَع الخَير الندم
لا تُنكرَن اِهداءنا لَكَ منطقا
لا تُنكرَن اِهداءنا لَكَ منطقا / مِنكَ اِستَفَدنا حُسنه وَنِظامه
فَاللَه عَزَّ وَجَل يَشكُر فِعلَ مَن / يَتلو عَلَيهِ وَحيه وَكَلامه
مثلي كَبائع طسته بِشَرابه
مثلي كَبائع طسته بِشَرابه / سراً لَئلا يعلم الجيران
لَما تملى ظَلَ في غَثَيانِهِ / يَشكو الصُداع فَعادَه الإِخوان
فَدَعوا بطست كَي يَقئ فَقال / مَه لَو كانَ طست لَم يَكُن غَثيان
يا رستمي لَقَد لَهَوت بِبركة
يا رستمي لَقَد لَهَوت بِبركة / أَصبَحَت تَحمي حُسنَها وَتَصون
وَالعِرس لاهِيَةٌ بِبركتها الَّتي / يَجري إِلَيها الماء آذريون
اللَهُ يَعلَم ما أَتيت خَنىً
اللَهُ يَعلَم ما أَتيت خَنىً / إَن لامَني العَذال أَو سفهوا
ماذا يَعيب الناس مَن رَجُلٍ / خَلَص العَفاف مِن الأَنام لَهُ
يَقَظاتُهُ وَمَنامه شَرَع / كُل بِكُل مِنهُ مُشتَبه
إِن هَمَّ في حُلم بِفاحشة / زجرته عفتُهُ فَيَنتَبِهُ
يا حُسنَ هَذا السَطح مِن مُتنّزه
يا حُسنَ هَذا السَطح مِن مُتنّزه / لِلعَين ما تَلتذ فيهِ وَتَشتَهي
مِن خُضرة نَضرت وَماء سائح / وَمدامة حضرت وَبَهجة أَوجه
وَعِصابة أُدباء كُل شاعر / وَالظَرف في الدُنيا إَلَيهُم يَنتَهي
تَهمي عُقود الشعر بَينَ عُقولَهُم / كَتَناثُر المُرجان مِن عَقد بَهي
يا فَرحة لَو كُنتُ بَينَ القَوم يا / مَن لا يَطيب لَنا المَقام سِوى بِهِ
فَهلمَّ نَجمَع شَملَنا وَنَظامَنا / يا زيننا وَأَمام كُل مُفَّوهِ
وَمَتى تَجب فَكَأَننا في رَوضَةٍ / وَمَتى تَغب فَكَأننا في مَهمَهِ
وَتَوائم لَم تَنشن في نَسَب
وَتَوائم لَم تَنشن في نَسَب / لَكِنَّها اِقتَنَصَت مِن القُضُب
صُفرِ الثِياب كَأَنَّما التحفت / بِغلائل نَسَجَت مِن الذَهَب
وَتَلوح لي الجَوزاء سكرى كُلَما
وَتَلوح لي الجَوزاء سكرى كُلَما / مالَت بِها الحرباء كادَت تَنثَني
وَنطاقها مُتَراصف في نَظمِهِ / فَكَأَنَّما اِنتَطَقَت بِقطعة جوشن