المجموع : 23
هلَّ المحرّمُ فاستهِلَّ مُكَبِّرا
هلَّ المحرّمُ فاستهِلَّ مُكَبِّرا / واِنْثُرْ به دُررَ الدّموعِ على الثّرى
واِنظُرْ بغُرّتِه الهِلالَ إذا اِنجَلى / مُستَرجِعاً متفجِّعاً متفكّرا
واِقطِف ثِمارَ الحُزنِ من عُرجونِه / واِنحَر بخَنجَرِه بمُقلَتِك الكَرى
واِنْسَ العَقيقَ وأُنْسَ جيرانِ النّقا / واِذْكُر لنا خبرَ الصّفوفِ وما جَرى
واِخلَع شِعارَ الصّبرِ منك وزُرَّ مِنْ / خِلَعِ السَّقامِ عليكَ ثوباً أصفَرا
فثِيابُ ذي الأشجانِ أليَقُها بهِ / ما كان من حُمرِ الثّيابِ مُزَرَّرا
شهرٌ بحُكمِ الدّهرِ فيه تحكّمتْ / شَرُّ الكِلابِ السّودِ في أسَدِ الشّرى
للّهِ أيُّ مُصيبةٍ نزلَتْ به / بكَتِ السّماءُ لها نجيعاً أحمَرا
خطْبٌ وهَى الإسلامُ عندَ وُقوعِه / لبِسَتْ عليهِ حِدادَها أمُّ القُرى
أوَ مَا ترى الحرَمَ الشّريفَ تكادُ من / زفَراتِه الجَمَراتُ أن تتسعّرا
وأبا قُبَيس في حَشاهُ تصاعدَتْ / قبَساتُ وجْدٍ حرُّها يَصلي حِرا
علِمَ الحطيمُ به فحطّمَهُ الأسى / ودَرى الصّفا بمُصابه فتكدّرا
واِستَشْعَرَتْ منه المشاعِرُ بالبَلا / وعَفا محسَّرُها جوىً وتحسَّرا
قُتِلَ الحُسينُ فيا لَها من نَكبةٍ / أضحى لها الإسلامُ منهدِمَ الذُّرا
قتْلٌ يدلُّكَ إنّما سرُّ الفِدا / في ذلك الذِبْحِ العظيمِ تأخّرا
رُؤيا خليلِ اللّهِ فيهِ تعبّرَتْ / حقّاً وتأويلُ الكِتابِ تفسّرا
رُزْءٌ تدارَكَ منه نفْسُ محمّدٍ / كَدَراً وأبكى قبرَهُ والمِنْبَرا
أهدى السّرورَ لقلبِ هِندٍ واِبنها / وأساءَ فاطمةً وأشجى حيدَرا
ويلٌ لقاتلِه أيدري أنّهُ / عادى النبيَّ وصِنوَهُ أمْ ما دَرى
شُلّتْ يَداهُ لقد تقمّصَ خِزيةً / يأتي بها يومَ الحِسابِ مؤزَّرا
حُزني عليه دائِمٌ لا ينقضي / وتصبُّري منّي عليَّ تعذَّرا
وا رَحمَتاهُ لصارِخاتٍ حولهُ / تبكي لهُ ولوَجْهِها لنْ تَسْتُرا
ما زالَ بالرُّمحِ الطّويلِ مُدافعاً / عنها ويكْفَلُها بأبيضَ أبْتَرا
ويَصونُها صونَ الكريمِ لعِرْضِه / حتّى له الأجَلُ المُتاحُ تقدّرا
لهفي على ذاكَ الذّبيحِ من القَفا / ظُلْماً وظلّ ثلاثةً لن يُقْبَرا
مُلقىً على وجهِ التُرابِ تظنّه / داودَ في المحرابِ حينَ تسوّرا
لهفي على العاري السّليبِ ثيابُه / فكأنّه ذو النّونِ يُنبَذُ بالعَرا
لهفي على الهاوي الصّريعِ كأنّه / قمرٌ هَوى من أوجِه فتكوّرا
لهفي على تلكَ البَنانِ تقطّعتْ / لو أنّها اِتّصلَتْ لكانتْ أبحُرا
لهفي على العبّاسِ وهو مجنْدَلٌ / عرضَتْ منيّتُهُ له فتعثّرا
لحِقَ الغُبارُ جَبينَهُ ولَطالَما / في شأوِه لحِقَ الكرامَ وغبّرا
سلَبَتْهُ أبناءُ اللِّئامِ قميصَهُ / وكَسَتْهُ ثوباً بالنّجيعِ معَصْفَرا
فكأنّما أثرُ الدِّماءِ بوجهِه / شفقٌ على وجهِ الصّباحِ قد اِنْبَرا
حُرٌّ بنصرِ أخيهِ قام مُجاهِداً / فهَوى المَماتَ على الحياةِ وآثَرا
حفِظَ الإخاءَ وعهدَهُ فوفى له / حتّى قضى تحت السّيوفِ معفَّرا
مَنْ لي بأن أفدي الحُسينَ بمُهجَتي / وأرى بأرضِ الطّيفِ ذاك المحْضَرا
فلوِ اِستطَعْتُ قذَفْتُ حبّةَ مُقلتي / وجعلْتُ مدفِنَهُ الشريفَ المَحجرا
روحي فِدى الرّاسِ المُفارِقِ جسمَهُ / يُنشي التِلاوةَ ليلَهُ مُستَغفِرا
رَيحانةٌ ذهبَتْ نضارةُ عودِها / فكأنّها بالتُّربِ تَسقي العَنْبَرا
ومضرّجٍ بدمائِه فكأنّما / بجُيوبِه فتّتَّ مِسكاً أذْفَرا
عَضْبٌ يدُ الحِدثانِ فلّتْ غَربَهُ / ولَطالما فلقَ الرؤوسَ وكسّرا
ومثقّفٍ حطَمَ الحِمامُ كُعوبَه / فبكى عليهِ كلُّ لَدْنٍ أسْمَرا
عَجباً له يشكو الظّماءَ وإنّه / لو لامَسَ الصّخرَ الأصمَّ تفجّرا
يلِجُ الغُبارَ به جَوادٌ سابِحٌ / فيَخوضُ نَقعَ الصّافِناتِ الأكْدَرا
طلبَ الوصولَ إلى الوُرودِ فعاقَهُ / ضَرْبٌ يَشُبُّ على النّواصي مِجْمَرا
ويلٌ لمَنْ قتَلوهُ ظمآناً أمَا / علِموا بأنّ أباهُ يَسْقي الكَوثَرا
لم يَقتُلوهُ على اليقينِ وإنّما / عرضَتْ لهُم شُبَهُ اليهودِ تصوُّرا
لعنَ الإلهُ بَني أميّةَ مِثلما / داودُ قد لعنَ اليَهودَ وكَفرا
وسَقاهُمُ جُرَعَ الحميمِ كما سَقَوْا / جُرَعَ الحِمامِ اِبْنَ النّبيِّ الأطْهَرا
يا لَيْتَ قومي يُولَدونَ بعصْرِه / أو يسمعونَ دُعاءَهُ مُستَنصِرا
ولوَ اِنّهُم سمِعوا إذاً لأجابَه / منهُم أُسودُ شَرىً مؤيَّدَةُ القُرى
من كلِّ شهمٍ مهدَويٍّ دأبُه / ضرْبُ الطُّلا بالسّيفِ أو بَذْلُ القِرى
من كلِّ أنمُلةٍ تجودُ بعارضٍ / وبكلِّ جارحةٍ يُريكَ غضَنْفَرا
قومٌ يَروْنَ دمَ القُرونِ مُدامةً / ورياضَ شُربِهم الحديدَ الأخضَرا
يا سادَتي يا آلَ طهَ إنّ لي / دَمعاً إذا يجري حديثُكُمُ جرَى
بي منكُمُ كاِسمي شِهابٌ كلّما / أطفَيْتُهُ بالدّمعِ في قلبي وَرى
شرّفتُموني في زكيِّ نِحارِكُم / فدُعيتُ فيكُم سيّداً بينَ الوَرى
أهوى مدائِحَكُم فأنظِمُ بعضَها / فأرى أجلَّ المَدْحِ فيكُم أصغَرا
ينحطُّ مَدحي عن حقيقةِ مدحِكُم / ولوَ اِنّني فيكُم نظَمْتُ الجَوهَرا
هَيهاتَ يَستوفي القريضُ ثناءَكُم / لو كان في عددِ النّجومِ وأكثَرا
يا صفوةَ الرّحمنِ أبرَأُ من فتىً / في حقِّكُم جحَدَ النّصوصَ وأنْكَرا
وأعوذُ فيكُم من ذُنوبٍ أثْقَلَتْ / ظهري عسى بولائِكُم أن تُغْفَرا
فبِكُم نجاتي في الحياةِ من الأذى / ومنَ الجحيمِ إذا ورَدْتُ المَحْشَرا
فعليكُمُ صلّى المُهيمِنُ كلّما / كرَّ الصّباحُ على الدُّجى وتكوَّرا
أشذاء زهرِ الباقلاءِ تضوَّعت
أشذاء زهرِ الباقلاءِ تضوَّعت / نفحاتهُ أم نشر مسكٍ أذفرِ
يققٌ بهِ نشف السواد تظنّهُ / فوق الغصون نضارة للمنظرِ
أظفار درٍّ قمعت في عنبرٍ / من فوق أيدٍ من زجاجٍ أخضرِ
يا ناقل المصباحِ لا تمرر على
يا ناقل المصباحِ لا تمرر على / وجهِ الحبيبِ وقد تكحّل بالكرى
أخشى خيال الهدبِ يجرح خدَّهُ / فيقومُ من سِنة الكرى متذعّرا