المجموع : 78
ونواعمٍ بيض الوجوه سبَينَني
ونواعمٍ بيض الوجوه سبَينَني / بحديثهنَّ وقد هَدا السُّمّارُ
يخطرنَ في بيض الثياب وصُفرِها / خمصُ البطون نواهدٌ أبكارُ
حتى إذا انبلج الصباحُ لناظري / ودَّعنَني ودموعُهنَّ غزارُ
فسألتُهنَّ عن الزيارة قُلنَ لي / زُرنا فقد زرناك يا غَدّارُ
في القلب من حَرِّ الصبابة نارُ
في القلب من حَرِّ الصبابة نارُ / جَمرٌ عليه مَهابةٌ ووقارُ
لعب الهوى بجوارحي فَأَذابَها / فالقلب بين حشا الضلوع مُعَارُ
إن قلت قابله ماهون قبله / غُلِبَ العَزاءُ فما لَدَيَّ قَرارُ
قد كان في تلف المحبِّ بحبِّه / قبل الذي سلفت به الأشعارُ
اعلَم بأنَّ مسرَّتي
اعلَم بأنَّ مسرَّتي / لو كان فيها ما يَضرُّكْ
لَتَركتُ ذلك واتَّبَع / تُ مضرَّتي فيما يسرُّكْ
حَسَنٌ تكامل في المحاسن فاغتدى
حَسَنٌ تكامل في المحاسن فاغتدى / لكماله في الحسن أوحدَ عصرِهِ
واللَهِ ما أدري بأيِّ صفاته / أسَرَ القلوبَ فأُوثقت في أسرِهِ
أبوجهه أم شَعرِه أم نحرِهِ / أم قدِّه أم ردفه أم خصرِهِ
اللَهُ صيَّره خليفةَ شمسِه / فينا وأغنانا به عن بدرِهِ
خَلقٌ وخُلقٌ زيَّناه وذلَّلا / عزَّ النفوس لنهيه ولأمرِهِ
بصيانةٍ في أُنسه وتواضعٍ / في نيله وبشاشةٍ في كِبرِهِ
في طرفه سحرٌ يُشحِّطُنا به / فلذاك حُمرة خدِّه من قَطرِهِ
لو جاء ناظرُه ببابل لاعترت / هارُوتَ أو ماروتَ أُخذةُ سحرِهِ
لو أنَّ ذا القَرنَين في ظلماته / لاقاه يضحك لاستضاء بثغرِهِ
إني لأحسبني إذا استَنكَهتُه / ملكٌ تطلَّع في جِرابة عطرِهِ
قد ظَنَّ بي ظنّاً ولا وحياته / ما كان بل قد ظنَّه في سكرِهِ
إنَّ الوفاء ديانةٌ ولقد يُرى / غَدرُ الفَتى أخزى له من كُفرِهِ
أأمسُّه بنقيصةٍ لِم ذا ولو / مُلِّكتُ عمري زدتُه في عُمرِهِ
سيّان عندي نائمٌ في نومه / يُجنى عليه وميِّت في قَبرِهِ
إن كُنتُ رُمتُ خيانةً في وصله / جعل الإلهُ منيَّتي في هَجرِهِ
لو متُّ وجداً ما غدَرتُ بعهدِ مَن / أسَلُ الإلهَ كفايةً من غَدرِهِ
وإذا ابتذلتك يا مصون فكيف بي / بأخٍ أتِيهُ بصونه وبسترِهِ
إني أُجلُّك عن توهُّمك الخَنى / وأُجلُّ فاك بأن يفوه بذكرِهِ
من غير خُبرٍ تدَّعي ما تدَّعي / وتردُّ حجَّةَ مخبرٍ عن خُبرِهِ
ما كانَ ذا مقدارَ قدرك عنده / كلا ولا مقدارَه في قَدرِهِ
مُتَنَصِّرٌ صبغ الهوى جسمي به
مُتَنَصِّرٌ صبغ الهوى جسمي به / فأذابَ قلبي في الهوى تَذكارُهُ
فكأنَّني من صُفرةٍ غِسلينُه / وكأنَّني من دقَّةٍ زُنّارُهُ
وإذا جحدتُ هواه أو أنكرتُهُ / شهدت عَليَّ من الهوى آثارُهُ
لهفي على تلك المحا
لهفي على تلك المحا / سنِ والمحاجر في المَعاجرْ
وحواجبٍ كقوادم ال / خُطّافِ في حَلَق الأناجِر
أمضى وأنفذ في القلو / ب من الخناجر في الحناجر
حُلَلُ المحاسن نزهة الأبصارِ
حُلَلُ المحاسن نزهة الأبصارِ / والعيشُ تحت معاقد الزُّنّارِ
وإذا تنزَّه ناظري في روضةٍ / حنَّ الفؤاد إلى جنى الأثمارِ
فلذاك صار اللحظُ في حكم الهوى / مستشهداً عن غامض الأسرارِ
قد يستَدلُّ بظاهرٍ عن باطنٍ / حيث الدّخَان فثَمَّ موقِد نارِ
سمجٌ بمثلك صحبة الأشرارِ / وإخاء كلِّ مُهتَّك الأستارِ
فتجنَّبِ الأشرارَ تَجنُب شرَّهم / واختر لنفسك صحبة الأخيارِ
مَن لاذ بالفُجّار يُدعى فاجراً / وكذاك بَرّاً لاذ بالأبرارِ
ولأهلِه شَرَطٌ أذاهُ وغَيُّه / مَن أعجبَته مذاهبُ الشطّارِ
بَهرَجتَ جسمك والظنون جهابذٌ / عُكفٌ عليك وأنت كالدينارِ
ما بال ذكرك بالمسامع مُكرَهاً / قبحاً ووجهك نزهة الأبصارِ
فبحسن وجهك كن لعرضك صائناً / عمَّن يعرِّض نفسَه للعارِ
إنَّ القرين هو النظير فإن تكن / حرّاً فدونك صحبة الأحرارِ
صنم تصوَّر أحسنَ التصويرِ
صنم تصوَّر أحسنَ التصويرِ / في الحسن قد أمسى بغير نظيرِ
اللَهُ صوَّره بديعَ محاسنٍ / كيما يكون نموذجاً للحورِ
فلذاكَ زخرف وجهَه بدقائقٍ / فتنت وكحَّلَ طرفَه بفتورِ
وكأنَّ عارضَه صفيحةُ جوهرٍ / متنمنماً فيها عِذارَ غَريرِ
قد خطَّ فيه الشَّكلُ خَطَّ لبَاقَةٍ / منقوشةٍ من ظلمةٍ في نورِ
فالآن يُعذرُ من يهيم بحبِّه / إذ حصَّنَته ملاحةُ التعذيرِ
ماء البشاشة ضاحك في وجههه / أبداً كوجهِ مبشِّرٍ بسرورِ
دَلُّ الملاحِ يهزُّه فكأنَّه / وردٌ يُقَبِّل غُرَّةَ المنثورِ
كلُّ المِلاح إذا تراه تحسَّروا / حسداً كحسرة عاشقٍ مهجورِ
إني لأحسب حُسنَه متفرِّداً / إذ كان منفرداً بغير نظيرِ
كم عاشقٍ بفناء عرصة دارِه / كركوع موسى في فناء الطورِ
فإذا بدا بلوائه فكأنهم / أسرى وقد بَصُروا بوجهِ أميرِ
فمن الحقائق والخصو
فمن الحقائق والخصو / رِ إلى الترائبِ والنحورِ
ومن الوجوه إلى العيو / نِ إلى الخدودِ إلى الثغورِ
يا شادناً بالله قفْ
يا شادناً بالله قفْ / أشكو الصبابةَ والكَلَفْ
ارحم فديتُك عاشقاً / قد صار للبلوى هَدَف
أنت الذي أدنفتَه / فكن الطبيبَ من الدَّنَف
يا واحداً في حسنه / صيَّرتَني نهب التلف
هل حان أن تتعطَّفا
هل حان أن تتعطَّفا / أم بَعدُ قلبُك ما اشتفى
أنت الطبيب فما يضر / رُكَ لو شَفيتَ المدنَفا
مَن في يديك تلافُه / لا تَلهُ عنه فيتلفا
ما ضرَّ مَن هو في القلو / ب مُحكَّمٌ لو أنصفا
ليت الحبيب بُلِي بمن / يجفو الحبيب إذا جفا
صنمٌ تسربل شكله من وَصفِهِ
صنمٌ تسربل شكله من وَصفِهِ / فسَبى القلوبَ بحسنه وبظَرفِهِ
جُمِعت محاسن يوسفٍ في وجهه / فجميع أرواح العباد بكفِّهِ
فالشمس تقبس نورها من نوره / والحور يؤخذ وصفُها من وصفِه
فإذا تَمَرَّضَ لحظُه فكأنَّما / هاروت يسرق سحره من طرفِهِ
عجباً له خداً توقَّد جمرةً / وعليه ماء بهائه لم يُطفِهِ
وإذا تورَّد خدُّه فكأنما / يُبدي جنيَّ الورد ساعة قطفِهِ
وإذا تبسَّم عن تلالي ثغره / أبصرتَ سمطَي لؤلؤٍ في رصفِهِ
وإذا مشى فتن الورى بتخفُّفٍ / من خصره وتثقُّلٍ من ردفِهِ
فتمايلت أغصانُه من فوقه / وترجرجت أمواجُه من خلفِهِ
فيكاد يدخل بعضُه في بعضِهِ / ليناً ويسقط نصفُه من نصفِهِ
جلَّت صفاتُ محمدٍ وتلاطفت / فقد ارتدى بجلاله وبلطفِهِ
حاشا حبيبي أن أُشبِّه وجهه / قمراً يُعاب بنقصه وبخسفِهِ
لا صبر لي عن أُنسه وحديثه / والإلف ليس بصابرٍ عن إلفِهِ
إني أموت ببُعده وبصدِّه / وكذا أعيش بقربه وبعطفِهِ
أشفقت من إخفاء ما لم تخفِهِ
أشفقت من إخفاء ما لم تخفِهِ / فكشفت ما تُخشى غوائلُ كشفِهِ
فمن تحيَّر فيه ماء شبابه / فتحيَّرت فِطَنُ الورى في وصفِهِ
من لا يُحاطُ بكنهه لجلالهِ / ويكاد يخطفه الهواءُ للطفِهِ
غصنٌ من الريحان بالَغ ربُّهُ / في غرسه فسموتَ أنتَ لقطفِهِ
هيهات تقصر عنه كفُّك أو ترى / أسبابُ روحك طاعةً في كفِّهِ
فتُعير قلبك بعضَ رقة خدِّه / وتعير جسمَك بعض علَّةِ طرفِهِ
حتى تصير من النحول كخصره / ويصير حملُك في هواه كردفِهِ
فهناك إن أطفا غليلَكَ زادَه / حتى تودَّ بأنه لم يُطفِهِ
حلو الشمائلِ ناعم الأعطافِ
حلو الشمائلِ ناعم الأعطافِ / عدل القوام وجائر الأردافِ
في وجهه أبداً ربيع محاسنٍ / في وجنتيه الزهر ورد قطافِ
من ثغره نور التبسم ضاحكٌ / بأديمه ماء البشاشة صافِ
تهدي محاسنه إلى أبصارنا / تحفَ المنى وغرائبَ الألطافِ
ويكاد يقطر منه في حركاته / ماء النعيم لرقَّةِ الأطرافِ
كانت حياةُ محبِّه لحبائه / في أُلفةٍ وتواصلٍ وتصافِ
إحسانُ ذاك وحُسن ذا متكافئٌ / لا ذا ملول هوىً ولا ذا جافِ
مزج الهوى رُوحَيهما فتمازجا / كزلال ماءٍ في رحيق سلافِ
جسمين قد قُسِما بروحٍ واحدٍ / كُلٌّ بكلٍّ مُسعَدٌ مُتَوافِ
فترى الحسودَ يقول حين يراهما / ما العيش إلا أُلفة الأُلّافِ
بيني وبينَك يا ظلومُ الموقفُ
بيني وبينَك يا ظلومُ الموقفُ / والحاكمُ العدل الجواد المنصفُ
فلقد خشيتُ بأن أموت بغصَّتي / أسفاً عليك وأنت لا تتعطَّفُ
لي مهجة تبكي وطرف ساهر / وجوارح تضنَى وقلب مدنفُ
أسفٌ يدوم وحسرة ما تنقضي / وجوىً يزيد وكُربةٌ ما تُكشَفُ
وكأنَّ لي في كلِّ عضوٍ واحدٍ / قلباً يحنُّ وناظراً ما يطرفُ
أشكوكَ أم أشكو إليك فإنني / في ذا وذا متحيِّرٌ متوقِّفُ
أخشاك بل أخشى عليك فتارةً / أرجو رضاك وتارةً أتخوَّفُ
أتلفتُ روحي في الهوى فإلى متى / تلهو وتترك مَن يحبُّك يَتلفُ
لا مت أو تُبلى بمثل بليَّتي / فعسى تَذوق كما تُذِيق فتنصفُ
لا تنكرنَّ تأسفي إن فاتني / روحُ الحياة فكيف لا أتأسفُ
لو أنَّ لقمان الحكيم رأى الذي / أبصرتُ منك رأيتَه يتلهَّفُ
شوقاً إلى من لو تجلَّى وجهُهُ / للبدر كادَ من التحيُّر يُكسَف
بل لو رأى يعقوبُ حُسنَ محمدٍ / ما كان يحزن إذ تغيَّب يوسفُ
طاووس حُسنٍ بل أتمُّ محاسناً / صنم الملاحة بل أجلُّ وألطفُ
بشمائلٍ أغصانُها تتعطَّفُ / وروادفٍ أردافُها تتردَّفُ
تتصلَّف الأرضُ التي هو فوقها / زهواً به وتراه لا يتصلَّفُ
متشرِّب ماءَ البشاشةِ وجهُهُ / فعليه ريحان القلوب يرفرفُ
متفرِّد في لونه فكأنَّه / ماءٌ زلالٌ فيه خمرٌ قَرقَفُ
وكأنَّه في سَرحِهِ ضرغامُهُ / صاف الى مُهَج الورى يتصرَّفُ
ما ضرَّه أن لا يكون مقلَّداً / سيفاً ففي عينيه سيفٌ مرهفُ
وكأنَّ قوس الحاجبين مقوّساً / سَهمٌ فويلٌ للذي يستهدفُ
قد صُبَّ في قُرمُوصِه بلياقةٍ / صَبّاً ففيه تمكُّنٌ وتخفُّفُ
إنّي لأحسدُ باشِقاً في كفِّه / أتراه يدري أيّ كفٍّ يألفُ
إن كان باشقُهُ يحلِّق طائراً / فمحمدٌ لقلوبنا يتخطَّفُ
مولاي لو وصفَتكَ أفواهُ الورى / طُرّاً لكنتَ تجلُّ عَمّا تُوصَفُ
قد ساعَفَتك محاسنٌ قد حيَّرت / فيك العقولَ وأنت لا تتسعف
سل ورد خدِّك أي حُسنٍ غرسُهُ / إنّا نراه يعود ساعةَ يُقطَف
لو لم تضاعف لي عذابي في الهوى / ما راح نرجُس ناظريك يضعِّفُ
علمت لواحظُك الضِّعاف تجلُّدي / ومن العجائب غالبٌ مستضعَفُ
لو لم تُرِد قلبي بغير جنايةٍ / ما كنت تنكر في الهوى ما تعرفُ
فرأيتَ في النَّوم الذي أنكرتَه / في يقظةٍ من هاتفٍ بك يهتفُ
فتألَّفَت أرواحُنا عند الكرى / إذ كانت الأجسامُ لا تتألَّفُ
فأتَتك روحي حين ذاك بقولها / بيني وبينك يا ظلومُ الموقفُ
يا مَن بكى عند العِتا
يا مَن بكى عند العِتا / بِ لفَزعِهِ من قارِفِه
غَطَّيتَ ذنبَك بالبُكا / عنّي فلستُ بعارِفِه
يا مَن تُنَزِّهُنا حدائقُ وجهِهِ
يا مَن تُنَزِّهُنا حدائقُ وجهِهِ / في روضةٍ محفوفةٍ بحدائقِ
فكأنَّه فلَكٌ يُدير عيونَنا / في الحُسن بين مغاربٍ ومشارِق
وكأنَّ عارضه صفيحةُ جوهرٍ / وكأنَّ حاجبَه مُطَرَّرُ باسِقِ
إنّي لأحسد مقلتيَّ عليكا
إنّي لأحسد مقلتيَّ عليكا / حتى أغضَّ إذا نظرتُ إليكا
وأراكَ تنظر في شمائلك التي / هي فتنتي فأغار منك عليكا
من لطف إشفاقي ورقة غيرتي / إني أغار عليك من عينيكا
ولو استطعت جرحتُ لفظك غيرةً / أني أراه مقبِّلاً شفتيكا
خلص الهوى لك واصطفتك مودَّتي / حتّى حذرتُ عليك من أبويكا
اعلم بأنَّ مسرَّتي
اعلم بأنَّ مسرَّتي / لو كانَ فيها ما يضرُّكْ
لتركتُ ذلك واتبع / تُ مضرَّتي فيما يسرُّكْ
قل لي بألسِنَة التَّنَف
قل لي بألسِنَة التَّنَف / فُسُ كيف أنت وكيف حالُكْ
واكتب بلحظِك في فؤا / دي ما يترجِمُه مقالُكْ
فمن المخافة لا خطا / بُكَ يستطاع ولا سؤالُكْ
إنَّ الرقيب مُنَغِّصٌ / عيشاً يُلذِّذُه وصالُكْ
وعلى مساعدةِ الهوى / طال احتمالي واحتمالُكْ
كن كيف شئت وحيث شئ / تَ فلن يفارقني خيالُكْ
ما غبتَ عنّي لحظةً / إلا تمثَّل لي مثالُكْ