المجموع : 55
بادٍ هَواكَ صَبَرتَ أَم لَم تَصبِرا
بادٍ هَواكَ صَبَرتَ أَم لَم تَصبِرا / وَبُكاكَ إِن لَم يَجرِ دَمعُكَ أَو جَرى
كَم غَرَّ صَبرُكَ وَاِبتِسامُكَ صاحِباً / لَمّا رَآكَ وَفي الحَشى مالا يُرى
أَمَرَ الفُؤادُ لِسانَهُ وَجُفونَهُ / فَكَتَمنَهُ وَكَفى بِجِسمِكَ مُخبِرا
تَعِسَ المَهاري غَيرَ مَهرِيٍّ غَدا / بِمُصَوَّرٍ لَبِسَ الحَريرَ مُصَوَّرا
نافَستُ فيهِ صورَةً في سِترِهِ / لَو كُنتُها لَخَفيتُ حَتّى يَظهَرا
لا تَترَبِ الأَيدي المُقيمَةُ فَوقَهُ / كِسرى مُقامَ الحاجِبَينِ وَقَيصَرا
يَقِيانِ في أَحَدِ الهَوادِجِ مُقلَةً / رَحَلَت فَكانَ لَها فُؤادِيَ مَحجِرا
قَد كُنتُ أَحذَرَ بَينَهُم مِن قَبلِهِ / لَو كانَ يَنفَعُ حائِناً أَن يَحذَرا
وَلَوِ اِستَطَعتُ إِذِ اِغتَدَت رُوّادُهُم / لَمَنَعتُ كُلَّ سَحابَةٍ أَن تَقطُرا
فَإِذا السَحابُ أَخو غُرابِ فِراقِهِم / جَعَلَ الصِياحَ بَبينِهِم أَن يُمطِرا
وَإِذا الحَمائِلُ ما يَخِدنَ بِنَفنَفٍ / إِلّا شَقَقنَ عَلَيهِ ثَوباً أَخضَرا
يَحمِلنَ مِثلَ الرَوضِ إِلّا أَنَّها / أَسبى مَهاةً لِلقُلوبِ وَجُؤذُرا
فَبِلَحظِها نَكِرَت قَناتي راحَتي / ضَعفاً وَأَنكَرَ خاتِمايَ الخِنصِرا
أَعطى الزَمانُ فَما قَبِلتُ عَطائَهُ / وَأَرادَ لي فَأَرَدتُ أَن أَتَخَيَّرا
أَرَجانَ أَيَّتُها الجِيادُ فَإِنَّهُ / عَزمي الَّذي يَذَرُ الوَشيجَ مُكَسَّرا
لَو كُنتُ أَفعَلُ ما اِشتَهَيتِ فِعالَهُ / ما شَقَّ كَوكَبُكِ العَجاجَ الأَكدَرا
أُمّي أَبا الفَضلِ المُبِرِّ أَلِيَّتي / لَأُيَمَّمَنَّ أَجَلَّ بَحرٍ جَوهَرا
أَفتى بِرُؤيَتِهِ الأَنامُ وَحاشَ لي / مِن أَن أَكونَ مُقَصِّراً أَو مُقصِرا
صُغتُ السِوارَ لِأَيِّ كَفٍّ بَشَّرَت / بِاِبنِ العَميدِ وَأَيِّ عَبدٍ كَبَّرا
إِن لَم تُغِثني خَيلُهُ وَسِلاحُهُ / فَمَتى أَقودُ إِلى الأَعادي عَسكَرا
بِأَبي وَأُمّي ناطِقٌ في لَفظِهِ / ثَمَنُ تُباعُ بِهِ القُلوبُ وَتُشتَرى
مَن لا تُريهِ الحَربُ خَلقاً مُقبِلاً / فيها وَلا خَلقٌ يَراهُ مُدبِراً
خَنثى الفُحولَ مِنَ الكُماةِ بِصَبغِهِ / ما يَلبَسونَ مِنَ الحَديدِ مُعَصفَرا
يَتَكَسَّبُ القَصَبُ الضَعيفُ بِكَفِّهِ / شَرَفاً عَلى صُمِّ الرِماحِ وَمَفخَرا
وَيَبينُ فيما مَسَّ مِنهُ بَنانُهُ / تيهُ المُدِلِّ فَلَو مَشى لَتَبَختَرا
يا مَن إِذا وَرَدَ البِلادَ كِتابُهُ / قَبلَ الجُيوشِ ثَنى الجُيوشَ تَحَيُّرا
أَنتَ الوَحيدُ إِذا اِرتَكَبتَ طَريقَةً / وَمَنِ الرَديفُ وَقَد رَكِبتَ غَضَنفَرا
قَطَفَ الرِجالُ القَولَ وَقتَ نَباتِهِ / وَقَطَفتَ أَنتَ القَولَ لَمّا نَوَّرا
فَهُوَ المُشَيَّعُ بِالمَسامِعِ إِن مَضى / وَهُوَ المُضاعَفُ حُسنُهُ إِن كُرِّرا
وَإِذا سَكَتَّ فَإِنَّ أَبلَغَ خاطِبٍ / قَلَمٌ لَكَ اِتَّخَذَ الأَصابِعَ مِنبَرا
وَرَسائِلٌ قَطَعَ العُداةُ سِحائَها / فَرَأَوا قَناً وَأَسِنَّةً وَسَنَوَّرا
فَدَعاكَ حُسَّدُكَ الرَئيسَ وَأَمسَكوا / وَدَعاكَ خالِقُكَ الرَئيسَ الأَكبَرا
خَلَفَت صِفاتُكَ في العُيونِ كَلامَهُ / كَالخَطِّ يَملَءُ مِسمَعَي مَن أَبصَرا
أَرَأَيتَ هِمَّةَ ناقَتي في ناقَةٍ / نَقَلَت يَداً سُرُحاً وَخُفّاً مُجمَرا
تَرَكَت دُخانَ الرَمثِ في أَوطانِها / طَلَباً لِقَومٍ يوقِدونَ العَنبَرا
وَتَكَرَّمَت رُكَباتُها عَن مَبرَكٍ / تَقَعانِ فيهِ وَلَيسَ مِسكاً أَذفَرا
فَأَتَتكَ دامِيَةَ الأَظَلِّ كَأَنَّما / حُذِيَت قَوائِمُها العَقيقَ الأَحمَرا
بَدَرَت إِلَيكَ يَدَ الزَمانِ كَأَنَّها / وَجَدَتهُ مَشغولَ اليَدَينِ مُفَكِّرا
مَن مُبلِغُ الأَعرابِ أَنّي بَعدَها / شاهَدتُ رَسطاليسَ وَالإِسكَندَرا
وَمَلِلتُ نَحرَ عِشارِها فَأَضافَني / مَن يَنحَرُ البِدَرَ النُضارَ لِمَن قَرى
وَسَمِعتُ بَطليموسَ دارِسَ كُتبِهِ / مُتَمَلِّكاً مُتَبَدِّياً مُتَحَضِّراً
وَلَقيتُ كُلَّ الفاضِلينَ كَأَنَّما / رَدَّ الإِلَهُ نُفوسَهُم وَالأَعصُرا
نُسِقوا لَنا نَسَقَ الحِسابِ مُقَدَّماً / وَأَتى فَذَلِكَ إِذ أَتيتَ مُؤَخَّرا
يا لَيتَ باكِيَةً شَجاني دَمعُها / نَظَرَت إِلَيكَ كَما نَظَرتُ فَتَعذِرا
وَتَرى الفَضيلَةَ لا تَرُدُّ فَضيلَةً / الشَمسَ تُشرِقُ وَالسَحابَ كَنَهوَرا
أَنا مِن جَميعِ الناسِ أَطيَبُ مَنزِلاً / وَأَسَرُّ راحِلَةً وَأَربَحُ مَتجَرا
زُحَلٌ عَلى أَنَّ الكَواكِبَ قَومُهُ / لَو كانَ مِنكَ لَكانَ أَكرَمَ مَعشَرا
هَذي بَرَزتِ لَنا فَهُجتِ رَسيسا
هَذي بَرَزتِ لَنا فَهُجتِ رَسيسا / ثُمَّ اِنثَنَيتِ وَما شَفَيتِ نَسيسا
وَجَعَلتِ حَظّي مِنكِ حَظّي في الكَرى / وَتَرَكتِني لِلفَرقَدَينِ جَليسا
قَطَّعتِ ذَيّاكِ الخُمارَ بِسَكرَةٍ / وَأَدَرتِ مِن خَمرِ الفِراقِ كُؤوسا
إِن كُنتِ ظاعِنَةً فَإِنَّ مَدامِعي / تَكفي مَزادَكُمُ وَتُروي العيسا
حاشى لِمِثلِكِ أَن تَكونَ بَخيلَةً / وَلِمِثلِ وَجهِكِ أَن يَكونَ عَبوسا
وَلِمِثلِ وَصلِكِ أَن يَكونَ مُمَنَّعاً / وَلِمِثلِ نَيلِكِ أَن يَكونَ خَسيسا
خَودٌ جَنَت بَيني وَبَينَ عَواذِلي / حَرباً وَغادَرَتِ الفُؤادَ وَطيسا
بَيضاءُ يَمنَعُها تَكَلَّمَ دَلُّها / تيهاً وَيَمنَعُها الحَياءُ تَميسا
لَمّا وَجَدتُ دَواءَ دائي عِندَها / هانَت عَلَيَّ صِفاتُ جالينوسا
أَبقى زُرَيقٌ لِلثُغورِ مُحَمَّداً / أَبقى نَفيسٌ لِلنَفيسِ نَفيساً
إِن حَلَّ فارَقَتِ الخَزائِنُ مالَهُ / أَو سارَ فارَقَتِ الجُسومُ الروسا
مَلِكٌ إِذا عادَيتَ نَفسَكَ عادِهِ / وَرَضيتَ أَو حَشَ ما كَرِهتَ أَنيسا
الخائِضَ الغَمَراتِ غَيرَ مُدافِعٍ / وَالشَمَّرِيَّ المِطعَنَ الدِعّيسا
كَشَّفتُ جَمهَرَةَ العِبادِ فَلَم أَجِد / إِلّا مَسوداً جَنبَهُ مَرؤوسا
بَشَرٌ تَصَوَّرَ غايَةً في آيَةٍ / تَنفي الظُنونَ وَتُفسِدُ التَقِيّسا
وَبِهِ يُضَنُّ عَلى البَرِيَّةِ لا بِها / وَعَلَيهِ مِنها لا عَلَيها يوسى
لَو كانَ ذو القَرنَينِ أَعمَلَ رَأيَهُ / لَمّا أَتى الظُلُماتِ صِرنَ شُموسا
أَو كانَ صادَفَ رَأسَ عازَرَ سَيفُهُ / في يَومِ مَعرَكَةٍ لَأَعيا عيسى
أَو كانَ لُجُّ البَحرِ مِثلَ يَمينِهِ / ما اِنشَقَّ حَتّى جازَ فيهِ موسى
أَو كانَ لِلنيرانِ ضَوءُ جَبينِهِ / عُبِدَت فَصارَ العالَمونَ مَجوسا
لَمّا سَمِعتُ بِهِ سَمِعتُ بِواحِدٍ / وَرَأَيتُهُ فَرَأَيتُ مِنهُ خَميسا
وَلَحَظتُ أُنمُلَهُ فَسِلنَ مَواهِباً / وَلَمَستُ مُنصُلَهُ فَسالَ نُفوسا
يا مَن نَلوذُ مِنَ الزَمانِ بِظِلِّهِ / أَبَداً وَنَطرُدُ بِاِسمِهِ إِبليسا
صَدَقَ المُخَبِّرُ عَنكَ دونَكَ وَصفُهُ / مَن بِالعِراقِ يَراكَ في طَرَسوسا
بَلَدٌ أَقَمتَ بِهِ وَذِكرُكَ سائِرٌ / يَشنا المَقيلَ وَيَكرَهُ التَعريسا
فَإِذا طَلَبتَ فَريسَةً فارَقتَهُ / وَإِذا خَدَرتَ تَخِذتَهُ عِرّيسا
إِنّي نَثَرتُ عَلَيكَ دُرّاً فَاِنتَقِد / كَثُرَ المُدَلِّسُ فَاِحذَرِ التَدليسا
حَجَّبتُها عَن أَهلِ إِنطاكِيَّةٍ / وَجَلَوتُها لَكَ فَاِجتَلَيتَ عَروسا
خَيرُ الطُيورِ عَلى القُصورِ وَشَرُّها / يَأوي الخَرابَ وَيَسكُنُ الناوّسا
لَو جادَتِ الدُنيا فَدَتكَ بِأَهلِها / أَو جاهَدَت كُتِبَت عَلَيكَ حَبيسا
فَعَلَت بِنا فِعلَ السَماءِ بِأَرضِهِ
فَعَلَت بِنا فِعلَ السَماءِ بِأَرضِهِ / خِلَعُ الأَميرِ وَحَقَّهُ لَم نَقضِهِ
فَكَأَنَّ صِحَّةَ نَسجِها مِن لَفظِهِ / وَكَأَنَّ حُسنَ نَقائِها مِن عِرضِهِ
وَإِذا وَكَلتَ إِلى كَريمٍ رَأيَهُ / في الجودِ بانَ مَذيقُهُ مِن مَحضِهِ
شَوقي إِلَيكَ نَفى لَذيذَ هُجوعي
شَوقي إِلَيكَ نَفى لَذيذَ هُجوعي / فارَقتَني فَأَقامَ بَينَ ضُلوعي
أَوَ ما وَجَدتُم في الصَراةِ مُلوحَةً / مِمّا أُرَقرِقُ في الفُراتِ دُموعي
ما زِلتُ أَحذَرُ مِن وَداعِكَ جاهِداً / حَتّى اِغتَدى أَسَفي عَلى التَوديعِ
رَحَلَ العَزاءُ بِرِحلَتي فَكَأَنَّما / أَتبَعتُهُ الأَنفاسَ لِلتَشيّعِ
أَرَكائِبَ الأَحبابِ إِنَّ الأَدمُعا
أَرَكائِبَ الأَحبابِ إِنَّ الأَدمُعا / تَطِسُ الخُدُودَ كَما تَطِسنَ اليَرمَعا
فَاِعرِفنَ مَن حَمَلَت عَلَيكُنَّ النَوى / وَاِمشينَ هَوناً في الأَزِمَّةِ خُضَّعا
قَد كانَ يَمنَعُني الحَياءُ مِنَ البُكا / فَاليَومَ يَمنَعُهُ البُكا أَن يَمنَعا
حَتّى كَأَنَّ لِكُلِّ عَظمٍ رَنَّةً / في جِلدِهِ وَلِكُلِّ عِرقٍ مَدمَعا
وَكَفى بِمَن فَضَحَ الجَدايَةَ فاضِحاً / لِمُحِبِّهِ وَبِمَصرَعي ذا مَصرَعا
سَفَرَت وَبَرقَعَها الفِراقُ بِصُفرَةٍ / سَتَرَت مَحاجِرَها وَلَم تَكُ بُرقُعا
فَكَأَنَّها وَالدَمعُ يَقطُرُ فَوقَها / ذَهَبٌ بِسِمطى لُؤلُؤٍ قَد رُصِّعا
كَشَفَت ثَلاثَ ذَوائِبٍ مِن شَعرِها / في لَيلَةٍ فَأَرَت لَيالِيَ أَربَعا
وَاِستَقبَلَت قَمَرَ السَماءِ بِوَجهِها / فَأَرَتنِيَ القَمَرَينِ في وَقتٍ مَعا
رُدّي الوِصالَ سَقى طُلولَكِ عارِضٌ / لَو كانَ وَصلُكِ مِثلَهُ ما أَقشَعا
زَجَلٌ يُريكِ الجَوَّ ناراً وَالمَلا / كَالبَحرِ وَالتَلَعاتِ رَوضاً مُمرِعا
كَبَنانِ عَبدِ الواحِدِ الغَدَقِ الَّذي / أَروى وَآمَنَ مَن يَشاءُ وَأَفزَعا
أَلِفَ المُروءَةَ مُذ نَشا فَكَأَنَّهُ / سُقِيَ اللِبانَ بِها صَبِيّاً مُرضَعا
نُظِمَت مَواهِبُهُ عَلَيهِ تَمائِما / فَاِعتادَها فَإِذا سَقَطنَ تَفَزَّعا
تَرَكَ الصَنائِعَ كَالقَواطِعِ بارِقا / تٍ وَالمَعالِيَ كَالعَوالِيَ شُرَّعا
مُتَبَسِّماً لِعُفاتِهِ عَن واضِحٍ / تَغشى لَوامِعُهُ البُروقَ اللُمَّعا
مُتَكَشِّفاً لِعُداتِهِ عَن سَطوَةٍ / لَو حَكَّ مَنكِبُها السَماءَ لَزَعزَعا
الحازِمَ اليَقِظَ الأَغَرَّ العالِمَ ال / فَطِنَ الأَلَدَّ الأَريَحِيَّ الأَروَعا
الكاتِبَ اللَبِقَ الخَطيبَ الواهِبَ ال / نَدُسَ اللَبيبَ الهِبرِزِيَّ المِصقَعا
نَفسٌ لَها خُلُقُ الزَمانِ لِأَنَّهُ / مُفني النُفوسِ مُفَرِّقٌ ما جَمَّعا
وَيَدٌ لَها كَرَمُ الغَمامِ لِأَنَّهُ / يَسقي العِمارَةَ وَالمَكانَ البَلقَعا
أَبَداً يُصَدِّعُ شَعبَ وَفرٍ وافِرِ / وَيَلُمُّ شَعبَ مَكارِمٍ مُتَصَدِّعا
يَهتَزُّ لِلجَدوى اِهتِزازَ مُهَنَّدٍ / يَومَ الرَجاءِ هَزَزتَهُ يَومَ الوَعى
يا مُغنِياً أَمَلَ الفَقيرِ لِقائُهُ / وَدُعائُهُ بَعدَ الصَلاةِ إِذا دَعا
أَقصِر وَلَستَ بِمُقسِرٍ جُزتَ المَدى / وَبَلَغتَ حَيثُ النَجمُ تَحتَكَ فَاِربَعا
وَحَلَلتَ مِن شَرَفِ الفَعالِ مَواضِعاً / لَم يَحلُلِ الثَقَلانِ مِنها مَوضِعا
وَحَوَيتَ فَضلَهُما وَما طَمِعَ اِمرُؤٌ / فيهِ وَلا طَمِعَ اِمرُؤٌ أَن يَطمَعا
نَفَذَ القَضاءُ بِما أَرَدتَ كَأَنَّهُ / لَكَ كُلَّما أَزمَعتَ شَيئاً أَزمَعا
وَأَطاعَكَ الدَهرُ العَصِيُّ كَأَنَّهُ / عَبدٌ إِذا نادَيتَ لَبّى مُسرِعا
أَكَلَت مَفاخِرُكَ المَفاخِرَ وَاِنثَنَت / عَن شَأوِهِنَّ مَطِيُّ وَصفي ظُلَّعا
وَجَرَينَ مَجرى الشَمسِ في أَفلاكِها / فَقَطَعنَ مَغرِبَها وَجُزنَ المَطلَعا
لَو نيطَتِ الدُنيا بِأُخرى مِثلِها / لَعَمَمنَها وَخَشينَ أَن لا تَقنَعا
فَمَتى يُكَذَّبُ مُدَّعٍ لَكَ فَوقَ ذا / وَاللَهُ يَشهَدُ أَنَّ حَقّاً ما اِدَّعى
وَمَتى يُؤَدّي شَرحَ حالِكَ ناطِقٌ / حَفِظَ القَليلَ النَزرَ مِمّا ضَيَّعا
إِن كانَ لا يُدعى الفَتى إِلّا كَذا / رَجُلاً فَسَمِّ الناسَ طُرّاً إِصبَعا
إِن كانَ لا يَسعى لِجودٍ ماجِدٌ / إِلّا كَذا فَالغَيثُ أَبخَلُ مَن سَعى
قَد خَلَّفَ العَبّاسُ غُرَّتَكَ اِبنَهُ / مَرأىً لَنا وَإِلى القِيامَةِ مَسمَعا
الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ
الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ / وَالدَمعُ بَينَهُما عَصِيٌّ طَيِّعُ
يَتَنازَعانِ دُموعَ عَينِ مُسَهَّدٍ / هَذا يَجيءُ بِها وَهَذا يَرجِعُ
النَومُ بَعدَ أَبي شُجاعٍ نافِرٌ / وَاللَيلُ مُعيٍ وَالكَواكِبُ ظُلَّعُ
إِنّي لَأَجبُنُ مِن فِراقِ أَحِبَّتي / وَتُحِسُّ نَفسي بِالحِمامِ فَأَشجَعُ
وَيَزيدُني غَضَبُ الأَعادي قَسوَةً / وَيُلِمُّ بي عَتبُ الصَديقِ فَأَجزَعُ
تَصفو الحَياةُ لِجاهِلٍ أَو غافِلٍ / عَمّا مَضى فيها وَما يُتَوَقَّعُ
وَلِمَن يُغالِطُ في الحَقائِقِ نَفسَهُ / وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فَتَطمَعُ
أَينَ الَّذي الهَرَمانِ مِن بُنيانِهِ / ما قَومُهُ ما يَومُهُ ما المَصرَعُ
تَتَخَلَّفُ الآثارُ عَن أَصحابِها / حيناً وَيُدرِكُها الفَناءُ فَتَتبَعُ
لَم يُرضِ قَلبَ أَبي شُجاعٍ مَبلَغٌ / قَبلَ المَماتِ وَلَم يَسَعهُ مَوضِعُ
كُنّا نَظُنُّ دِيارَهُ مَملوءَةً / ذَهَباً فَماتَ وَكُلُّ دارٍ بَلقَعُ
وَإِذا المَكارِمُ وَالصَوارِمُ وَالقَنا / وَبَناتُ أَعوَجَ كُلُّ شَيءٍ يَجمَعُ
المَجدُ أَخسَرُ وَالمَكارِمُ صَفقَةً / مِن أَن يَعيشَ لَها الكَريمُ الأَروَعُ
وَالناسُ أَنزَلُ في زَمانِكَ مَنزِلاً / مِن أَن تُعايِشَهُم وَقَدرُكَ أَرفَعُ
بَرِّد حَشايَ إِنِ اِستَطَعتَ بِلَفظَةٍ / فَلَقَد تَضُرُّ إِذا تَشاءُ وَتَنفَعُ
ما كانَ مِنكَ إِلى خَليلٍ قَبلَها / ما يُستَرابُ بِهِ وَلا ما يوجِعُ
وَلَقَد أَراكَ وَما تُلِمُّ مُلِمَّةٌ / إِلّا نَفاها عَنكَ قَلبٌ أَصمَعُ
وَيَدٌ كَأَنَّ قِتالَها وَنَوالَها / فَرضٌ يَحِقُّ عَلَيكَ وَهوَ تَبَرُّعُ
يا مَن يُبَدِّلُ كُلَّ يَومٍ حُلَّةً / أَنّى رَضيتَ بِحُلَّةٍ لا تُنزَعُ
ما زِلتَ تَخلَعُها عَلى مَن شاءَها / حَتّى لَبِستَ اليَومَ مالا تَخلَعُ
ما زِلتَ تَدفَعُ كُلَّ أَمرٍ فادِحٍ / حَتّى أَتى الأَمرُ الَّذي لا يُدفَعُ
فَظَلِلتَ تَنظُرُ لا رِماحُكَ شُرَّعٌ / فيما عَراكَ وَلا سُيوفُكَ قُطَّعُ
بِأَبي الوَحيدُ وَجَيشُهُ مُتَكاثِرٌ / يَبكي وَمِن شَرِّ السِلاحِ الأَدمُعُ
وَإِذا حَصَلتَ مِنَ السِلاحِ عَلى البُكا / فَحَشاكَ رُعتَ بِهِ وَخَدَّكَ تَقرَعُ
وَصَلَت إِلَيكَ يَدٌ سَواءٌ عِندَها ال / بازي الأُشَيهِبُ وَالغُرابُ الأَبقَعُ
مَن لِلمَحافِلِ وَالجَحافِلِ وَالسُرى / فَقَدَت بِفَقدِكَ نَيِّراً لا يَطلَعُ
وَمَنِ اِتَّخَذتَ عَلى الضُيوفِ خَليفَةً / ضاعوا وَمِثلَكَ لا يَكادُ يُضَيِّعُ
قُبحاً لِوَجهِكَ يا زَمانُ فَإِنَّهُ / وَجهٌ لَهُ مِن كُلِّ قُبحٍ بُرقُعُ
أَيَموتُ مِثلُ أَبي شُجاعٍ فاتِكٌ / وَيَعيشُ حاسِدُهُ الخَصِيُّ الأَوكَعُ
أَيدٍ مُقَطَّعَةٌ حَوالي رَأسِهِ / وَقَفاً يَصيحُ بِها أَلا مَن يَصفَعُ
أَبقَيتَ أَكذَبَ كاذِبٍ أَبقَيتَهُ / وَأَخَذتَ أَصدَقَ مَن يَقولُ وَيَسمَعُ
وَتَرَكتَ أَنتَنَ ريحَةٍ مَذمومَةٍ / وَسَلَبتَ أَطيَبَ ريحَةٍ تَتَضَوَّعُ
فَاليَومَ قَرَّ لِكُلِّ وَحشٍ نافِرٍ / دَمُهُ وَكانَ كَأَنَّهُ يَتَطَلَّعُ
وَتَصالَحَت ثَمَرُ السِياطِ وَخَيلُهُ / وَأَوَت إِلَيها سوقُها وَالأَذرُعُ
وَعَفا الطِرادُ فَلا سِنانٌ راعِفٌ / فَوقَ القَناةِ وَلا حُسامٌ يَلمَعُ
وَلّى وَكُلُّ مُخالِمٍ وَمُنادِمٍ / بَعدَ اللُزومِ مُشَيِّعٌ وَمُوَدِّعُ
مَن كانَ فيهِ لِكُلِّ قَومٍ مَلجَأً / وَلِسَيفِهِ في كُلِّ قَومٍ مَرتَعُ
إِن حَلَّ في فُرسٍ فَفيها رَبُّها / كِسرى تَذِلُّ لَهُ الرِقابُ وَتَخضَعُ
أَو حَلَّ في رومٍ فَفيها قَيصَرٌ / أَو حَلَّ في عُربٍ فَفيها تُبَّعُ
قَد كانَ أَسرَعَ فارِسٍ في طَعنَةٍ / فَرَساً وَلَكِنَّ المَنِيَّةَ أَسرَعُ
لا قَلَّبَت أَيدي الفَوارِسِ بَعدَهُ / رُمحاً وَلا حَمَلَت جَواداً أَربَعُ
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ / وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى / عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ / إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي / نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ / فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني / عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا
أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ / أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ
نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ / جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا
أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى / كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ / حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا / أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ / وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ / وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي / مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ
حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ / حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ
أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا / فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ
كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت / مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ
وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِم / مِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُ
وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌ / لَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُ
مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّها / وَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُ
أَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنا / لا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَقُ
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍ / أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُقُ
يا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَهُ / أَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّقُ
أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً / وَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُ
كَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِ / ماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَقُ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي نُدَماؤُهُ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي نُدَماؤُهُ / شُرَكاؤُهُ في مِلكِهِ لا مُلكِهِ
في كُلِّ يَومٍ بَينَنا دَمُ كَرمَةٍ / لَكَ تَوبَةٌ مِن تَوبَةٍ مِن سَفكِهِ
وَالصِدقُ مِن شِيَمِ الكِرامِ فَنَبِّنا / أَمِنَ الشَرابِ تَتوبُ أَم مِن تَركِهِ
لا الحِلمُ جادَ بِهِ وَلا بِمِثالِهِ
لا الحِلمُ جادَ بِهِ وَلا بِمِثالِهِ / لَولا اِدِّكارُ وَداعِهِ وَزِيالِهِ
إِنَّ المُعيدَ لَنا المَنامُ خَيالَهُ / كانَت إِعادَتُهُ خَيالَ خَيالِهِ
بِتنا يُناوِلُنا المُدامَ بِكَفِّهِ / مَن لَيسَ يَخطُرُ أَن نَراهُ بِبالِهِ
نَجني الكَواكِبَ مِن قَلائِدِ جيدِهِ / وَنَنالُ عَينَ الشَمسِ مِن خَلخالِهِ
بِنتُم عَنِ العَينِ القَريحَةِ فيكُمُ / وَسَكَنتُمُ ظَنَّ الفُؤادِ الوالِهِ
فَدَنَوتُمُ وَدُنُوُّكُم مِن عِندِهِ / وَسَمَحتُمُ وَسَماحُكُم مِن مالِهِ
إِنّي لَأُبغِضُ طَيفَ مَن أَحبَبتُهُ / إِذ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصالِهِ
مِثلُ الصَبابَةِ وَالكَآبَةِ وَالأَسى / فارَقتُهُ فَحَدَثنَ مِن تَرحالِهِ
وَقَدِ اِستَقَدتُ مِنَ الهَوى وَأَذَقتُهُ / مِن عِفَّتي ما ذُقتُ مِن بَلبالِهِ
وَلَقَد ذَخَرتُ لِكُلِّ أَرضٍ ساعَةً / تَستَجفِلُ الضِرغامَ عَن أَشبالِهِ
تَلقى الوُجوهُ بِها الوُجوهَ وَبَينَها / ضَربٌ يَجولُ المَوتُ في أَجوالِهِ
وَلَقَد خَبَأتُ مِنَ الكَلامِ سُلافُهُ / وَسَقَيتُ مَن نادَمتُ مِن جِريالِهِ
وَإِذا تَعَثَّرَتِ الجِيادُ بِسَهلِهِ / بَرَّزتُ غَيرَ مُعَثَّرٍ بِحِبالِهِ
وَحَكَمتُ في البَلَدِ العَراءِ بِناعِجٍ / مُعتادِهِ مُجتابِهِ مُغتالِهِ
يَمشي كَما عَدَتِ المَطِيُّ وَرائَهُ / وَيَزيدُ وَقتَ جَمامِها وَكَلالِهِ
وَتُراعُ غَيرَ مُعَقَّلاتٍ حَولَهُ / فَيَفوتُها مُتَجَفِّلاً بِعِقالِهِ
فَغَدا النَجاحُ وَراحَ في أَخفافِهِ / وَغَدا المِراحُ وَراحَ في إِرقالِهِ
وَشَرِكتُ دَولَةَ هاشِمٍ في سَيفِها / وَشَقَقتُ خيسَ المُلكِ عَن رِئبالِهِ
عَن ذا الَّذي حُرِمَ اللُيوثُ كَمالَهُ / يُنسي الفَريسَةَ خَوفَهُ بِجَمالِهِ
وَتَواضَعُ الأُمَراءُ حَولَ سَريرِهِ / وَتُري المَحَبَّةَ وَهيَ مِن آكالِهِ
وَيُميتُ قَبلَ قِتالِهِ وَيَبَشُّ قَب / لَ نَوالِهِ وَيُنيلُ قَبلَ سُؤالِهِ
إِنَّ الرِياحَ إِذا عَمَدنَ لِناظِرٍ / أَغناهُ مُقبِلُها عَنِ اِستِعجالِهِ
أَعطى وَمَنَّ عَلى المُلوكِ بِعَفوِهِ / حَتّى تَساوى الناسُ في إِفضالِهِ
وَإِذا غَنوا بِعَطائِهِ عَن هَزِّهِ / والى فَأَغنى أَن يَقولوا والِهِ
وَكَأَنَّما جَدواهُ مِن إِكثارِهِ / حَسَدٌ لِسائِلِهِ عَلى إِقلالِهِ
غَرَبَ النُجومُ فَغُرنَ دونَ هُمومِهِ / وَطَلَعنَ حينَ طَلَعنَ دونَ مَنالِهِ
وَاللَهُ يُسعِدُ كُلَّ يَومٍ جَدَّهُ / وَيَزيدُ مِن أَعدائِهِ في آلِهِ
لَو لَم تَكُن تَجري عَلى أَسيافِهِ / مُهجاتُهُم لَجَرَت عَلى إِقبالِهِ
لَم يَترُكوا أَثَراً عَلَيهِ مِنَ الوَغى / إِلّا دِماءهُمُ عَلى سِربالِهِ
فَلِمِثلِهِ جَمَعَ العَرَمرَمُ نَفسَهُ / وَبِمِثلِهِ اِنفَصَمَت عُرى أَقتالِهِ
يا أَيُّها القَمَرُ المُباهي وَجهَهُ / لا تُكذَبَنَّ فَلَستَ مِن أَشكالِهِ
وَإِذا طَما البَحرُ المُحيطُ فَقُل لَهُ / دَع ذا فَإِنَّكَ عاجِزٌ عَن حالِهِ
وَهَبَ الَّذي وَرِثَ الجُدودَ وَما رَأى / أَفعالَهُم لِاِبنٍ بِلا أَفعالِهِ
حَتّى إِذا فَنِيَ التُراثُ سِوى العُلا / قَصَدَ العُداةَ مِنَ القَنا بِطِوالِهِ
وَبِأَرعَنٍ لَبِسَ العَجاجَ إِلَيهِمِ / فَوقَ الحَديدِ وَجَرَّ مِن أَذيالِهِ
فَكَأَنَّما قَذِيَ النَهارُ بِنَقعِهِ / أَو غَضَّ عَنهُ الطَرفَ مِن إِجلالِهِ
الجَيشُ جَيشُكَ غَيرَ أَنَّكَ جَيشُهُ / في قَلبِهِ وَيَمينِهِ وَشِمالِهِ
تَرِدُ الطِعانَ المُرَّ عَن فُرسانِهِ / وَتُنازِلُ الأَبطالَ عَن أَبطالِهِ
كُلٌّ يُريدُ رِجالَهُ لِحَياتِهِ / يا مَن يُريدُ حَياتَهُ لِرِجالِهِ
دونَ الحَلاوَةِ في الزَمانِ مَرارَةٌ / لا تُختَطى إِلّا عَلى أَهوالِهِ
فَلِذاكَ جاوَزَها عَلِيٌّ وَحدَهُ / وَسَعى بِمُنصُلِهِ إِلى آمالِهِ
أَحبَبتُ بِرَّكَ إِذ أَرَدتَ رَحيلا
أَحبَبتُ بِرَّكَ إِذ أَرَدتَ رَحيلا / فَوَجَدتُ أَكثَرَ ما وَجَدتُ قَليلا
وَعَلِمتُ أَنَّكَ في المَكارِمِ راغِبٌ / صَبٌّ إِلَيها بُكرَةً وَأَصيلا
فَجَعَلتُ ما تُهدي إِلَيَّ هَدِيَّةً / مِنّي إِلَيكَ وَظَرفَها التَأميلا
بِرٌّ يَخِفُّ عَلى يَدَيكَ قُبولُهُ / وَيَكونُ مَحمِلُهُ عَلَيَّ ثَقيلا
في الخَدِّ أَن عَزَمَ الخَليطُ رَحيلاً
في الخَدِّ أَن عَزَمَ الخَليطُ رَحيلاً / مَطَرٌ تَزيدُ بِهِ الخُدُودُ مُحولا
يا نَظرَةً نَفَتِ الرُقادَ وَغادَرَت / في حَدِّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلولا
كانَت مِنَ الكَحلاءِ سُؤلي إِنَّما / أَجَلي تَمَثَّلَ في فُؤادي سولا
أَجِدُ الجَفاءَ عَلى سِواكِ مُروءَةً / وَالصَبرَ إِلّا في نَواكِ جَميلا
وَأَرى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً / وَأَرى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَملولا
تَشكو رَوادِفَكِ المَطِيَّةَ فَوقَها / شَكوى الَّتي وَجَدَت هَواكَ دَخيلا
وَيُعيرُني جَذبُ الزِمامِ لِقَلبِها / فَمَها إِلَيكِ كَطالِبٍ تَقبيلا
حَدَقُ الحِسانِ مِنَ الغَواني هِجنَ لي / يَومَ الفِراقِ صَبابَةً وَغَليلا
حَدَقٌ يُذِمُّ مِنَ القَواتِلِ غَيرَها / بَدرُ بنُ عَمّارِ بنِ إِسماعيلا
الفارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بِمِثلِها / وَالتارِكُ المَلِكَ العَزيزَ ذَليلا
مَحِكٌ إِذا مَطَلَ الغَريمُ بِدَينِهِ / جَعَلَ الحُسامَ بِما أَرادَ كَفيلا
نَطِقٌ إِذا حَطَّ الكَلامُ لِثامَهُ / أَعطى بِمَنطِقِهِ القُلوبَ عُقولا
أَعدى الزَمانَ سَخاؤُهُ فَسَخا بِهِ / وَلَقَد يَكونُ بِهِ الزَمانُ بَخيلا
وَكَأَنَّ بَرقاً في مُتونِ غَمامَةٍ / هِندِيُّهُ في كَفِّهِ مَسلولا
وَمَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً / لَو كُنَّ سَيلاً ما وَجَدنَ مَسيلا
رَقَّت مَضارِبُهُ فَهُنَّ كَأَنَّما / يُبدينَ مِن عِشقِ الرِقابِ نُحولا
أَمُعَفِّرَ اللَيثِ الهِزَبرِ بِسَوطِهِ / لِمَنِ اِدَّخَرتَ الصارِمَ المَصقولا
وَقَعَت عَلى الأُردُنِّ مِنهُ بَلِيَّةٌ / نُضِدَت بِها هامُ الرِفاقِ تُلولا
وَردٌ إِذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً / وَرَدَ الفُراتَ زَئيرُهُ وَالنيلا
مُتَخَضِّبٌ بِدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ / في غيلِهِ مِن لِبدَتَيهِ غيلا
ما قوبِلَت عَيناهُ إِلّا ظُنَّتا / تَحتَ الدُجى نارَ الفَريقِ حُلولا
في وَحدَةِ الرُهبانِ إِلّا أَنَّهُ / لا يَعرِفُ التَحريمَ وَالتَحليلا
يَطَءُ الثَرى مُتَرَفِّقاً مِن تيهِهِ / فَكَأَنَّهُ آسٍ يَجُسُّ عَليلا
وَيَرُدُّ عُفرَتَهُ إِلى يافوخِهِ / حَتّى تَصيرَ لِرَأسِهِ إِكليلا
وَتَظُنُّهُ مِمّا يُزَمجِرُ نَفسُهُ / عَنها لِشِدَّةِ غَيظِهِ مَشغولا
قَصَرَت مَخافَتُهُ الخُطى فَكَأَنَّما / رَكِبَ الكَمِيُّ جَوادَهُ مَشكولا
أَلقى فَريسَتَهُ وَبَربَرَ دونَها / وَقَرُبتَ قُرباً خالَهُ تَطفيلا
فَتَشابَهُ الخُلُقانِ في إِقدامِهِ / وَتَخالَفا في بَذلِكَ المَأكولا
أَسَدٌ يَرى عُضوَيهِ فيكَ كِلَيهِما / مَتناً أَزَلَّ وَساعِداً مَفتولا
في سَرجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرَّةٍ / يَأبى تَفَرُّدُها لَها التَمثيلا
نَيّالَةِ الطَلَباتِ لَولا أَنَّها / تُعطي مَكانَ لِجامِها ما نيلا
تَندى سَوالِفُها إِذا اِستَحضَرتَها / وَيُظَنَّ عَقدُ عِنانِها مَحلولا
ما زالَ يَجمَعُ نَفسَهُ في زَورِهِ / حَتّى حَسِبتَ العَرضَ مِنهُ الطولا
وَيَدُقُّ بِالصَدرِ الحِجارَ كَأَنَّهُ / يَبغي إِلى ما في الحَضيضِ سَبيلا
وَكَأَنَّهُ غَرَّتهُ عَينٌ فَاِدَّنى / لا يُبصِرُ الخَطبَ الجَليلَ جَليلا
أَنَفُ الكَريمِ مِنَ الدَنِيَّةِ تارِكٌ / في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا
وَالعارُ مَضّاضٌ وَلَيسَ بِخائِفٍ / مِن حَتفِهِ مَن خافَ مِمّا قيلا
سَبَقَ اِلتِقاءَكَهُ بِوَثبَةِ هاجِمٍ / لَو لَم تُصادِمُهُ لَجازَكَ ميلا
خَذَلَتهُ قُوَّتُهُ وَقَد كافَحتَهُ / فَاِستَنصَرَ التَسليمَ وَالتَجديلا
قَبَضَت مَنِيَّتُهُ يَدَيهِ وَعُنقَهُ / فَكَأَنَّما صادَفتَهُ مَغلولا
سَمِعَ اِبنُ عَمَّتِهي بِهِ وَبِحالِهِ / فَنَجا يُهَروِلُ مِنكَ أَمسِ مَهولا
وَأَمَرُّ مِمّا فَرَّ مِنهُ فِرارُهُ / وَكَقَتلِهِ أَن لا يَموتَ قَتيلا
تَلَفُ الَّذي اِتَّخَذَ الجَراءَةَ خُلَّةً / وَعَظَ الَّذي اِتَّخَذَ الفِرارَ خَليلا
لَو كانَ عِلمُكَ بِالإِلَهِ مُقَسَّماً / في الناسِ ما بَعَثَ الإِلَهُ رَسولا
لَو كانَ لَفظُكَ فيهِمِ ما أَنزَلَ ال / قُرآنَ وَالتَوراةَ وَالإِنجيلا
لَو كانَ ما تُعطِيهِمِ مِن قَبلِ أَن / تُعطِيهِمِ لَم يَعرِفوا التَأميلا
فَلَقَد عُرِفتَ وَما عُرِفتَ حَقيقَةً / وَلَقَد جُهِلتَ وَما جُهِلتَ خُمولا
نَطَقَت بِسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنِّياً / وَبِما تُجَشِّمُها الجِيادُ صَهيلا
ما كُلُّ مَن طَلَبَ المَعالِيَ نافِذاً / فيها وَلا كُلُّ الرِجالِ فُحولا
عَذَلَت مُنادَمَةُ الأَميرِ عَواذِلي
عَذَلَت مُنادَمَةُ الأَميرِ عَواذِلي / في شُربِها وَكَفَت جَوابَ السائِلِ
مَطَرَت سَحابُ يَدَيكَ رِيَّ جَوانِحي / وَحَمَلتُ شُكرَكَ وَاِصطِناعُكَ حامِلي
فَمَتى أَقومُ بِشُكرِ ما أَولَيتَني / وَالقَولُ فيكَ عُلُوُّ قَدرِ القائِلِ
بَدرٌ فَتىً لَو كانَ مِن سُؤآلِهِ
بَدرٌ فَتىً لَو كانَ مِن سُؤآلِهِ / يَوماً تَوَفَّرَ حَظُّهُ مِن مالِهِ
تَتَحَيَّرُ الأَفعالُ في أَفعالِهِ / وَيَقِلُّ ما يَأتيهِ في إِقبالِهِ
قَمَراً نَرى وَسَحابَتَينِ بِمَوضِعٍ / مِن وَجهِهِ وَيَمينِهِ وَشِمالِهِ
سَفَكَ الدِماءَ بِجودِهِ لا بَأسِهِ / كَرَماً لِأَنَّ الطَيرَ بَعضُ عِيالِهِ
إِن يُفنِ ما يَحوي فَقَد أَبقى بِهِ / ذِكراً يَزولُ الدَهرُ قَبلَ زَوالِهِ
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ / أَقفَرتِ أَنتِ وَهُنَّ مِنكِ أَواهِلُ
يَعلَمنَ ذاكِ وَما عَلِمتِ وَإِنَّما / أَولاكُما بِبُكى عَلَيهِ العاقِلُ
وَأَنا الَّذي اِجتَلَبَ المَنِيَّةَ طَرفُهُ / فَمَنِ المُطالَبُ وَالقَتيلُ القاتِلُ
تَخلو الدِيارُ مِنَ الظِباءِ وَعِندَهُ / مِن كُلِّ تابِعَةٍ خَيالٌ خاذِلُ
اللاءِ أَفتَكُها الجَبانُ بِمُهجَتي / وَأَحَبُّها قُرباً إِلَيَّ الباخِلُ
الرامِياتُ لَنا وَهُنَّ نَوافِرٌ / وَالخاتِلاتُ لَنا وَهُنَّ غَوافِلُ
كافَأنَنا عَن شِبهِهِنَّ مِنَ المَها / فَلَهُنَّ في غَيرِ التُرابِ حَبائِلُ
مِن طاعِني ثُغَرِ الرِجالِ جَآذِرٌ / وَمِنَ الرِماحِ دَمالِجٌ وَخَلاخِلُ
وَلِذا اِسمُ أَغطِيَةِ العُيونِ جُفونُها / مِن أَنَّها عَمَلَ السُيوفِ عَوامِلُ
كَم وَقفَةٍ سَجَرَتكَ شَوقاً بَعدَما / غَرِيَ الرَقيبُ بِنا وَلَجَّ العاذِلُ
دونَ التَعانُقِ ناحِلَينِ كَشَكلَتَي / نَصبٍ أَدَقَّهُما وَصَمَّ الشاكِلُ
اِنعَم وَلَذَّ فَلِلأُمورِ أَواخِرٌ / أَبَداً إِذا كانَت لَهُنَّ أَوائِلُ
ما دُمتَ مِن أَرَبِ الحِسانِ فَإِنَّما / رَوقُ الشَبابِ عَلَيكَ ظِلٌّ زائِلُ
لِلَّهوِ آوِنَةٌ تَمُرُّ كَأَنَّها / قُبَلٌ يُزَوَّدُها حَبيبٌ راحِلُ
جَمَحَ الزَمانُ فَما لَذيذٌ خالِصٌ / مِمّا يَشوبُ وَلا سُرورٌ كامِلُ
حَتّى أَبو الفَضلِ اِبنُ عَبدِ اللَهِ رُؤ / يَتُهُ المُنى وَهيَ المَقامُ الهائِلُ
مَمطورَةٌ طُرقي إِلَيها دونَها / مِن جودِهِ في كُلِّ فَجٍّ وابِلُ
مَحجوبَةٌ بِسُرادِقٍ مِن هَيبَةٍ / تَثني الأَزِمَّةَ وَالمَطِيُّ ذَوامِلُ
لِلشَمسِ فيهِ وَلِلرِياحِ وَلِلسَحا / بِ وَلِلبِحارِ وَلِلأُسودِ شَمائِلُ
وَلَدَيهِ مِلعِقيانِ وَالأَدَبِ المُفا / دِ وَمِلحَياةِ وَمِلمَماتِ مَناهِلُ
لَو لَم يُهَب لَجَبُ الوُفودِ حَوالَهُ / لَسَرى إِلَيهِ قَطا الفَلاةِ الناهِلُ
يَدري بِما بِكَ قَبلَ تُظهِرُهُ لَهُ / مِن ذِهنِهِ وَيُجيبُ قَبلَ تُسائِلُ
وَتَراهُ مُعتَرِضاً لَها وَمُوَلِّياً / أَحداقُنا وَتَحارُ حينَ يُقابِلُ
كَلِماتُهُ قُضُبٌ وَهُنَّ فَواصِلٌ / كُلُّ الضَرائِبِ تَحتَهُنَّ مَفاصِلُ
هَزَمَت مَكارِمُهُ المَكارِمَ كُلَّها / حَتّى كَأَنَّ المَكرُماتِ قَنابِلُ
وَقَتَلنَ دَفراً وَالدُهَيمَ فَما تُرى / أُمُّ الدُهَيمِ وَأُمُّ دَفرٍ هابِلُ
عَلّامَةُ العُلَماءِ وَاللُجُّ الَّذي / لا يَنتَهي وَلِكُلِّ لُجٍّ ساحِلُ
لَو طابَ مَولِدُ كُلِّ حَيٍّ مِثلَهُ / وَلَدَ النِساءُ وَما لَهُنَّ قَوابِلُ
لَو بانَ بِالكَرَمِ الجَنينُ بَيانَهُ / لَدَرَت بِهِ ذَكَرٌ أَمُ اَنثى الحامِلُ
لِيَزِد بَنو الحَسَنِ الشِرافُ تَواضُعاً / هَيهاتَ تُكتَمُ في الظَلامِ مَشاعِلُ
سَتَروا النَدى سَترَ الغُرابِ سِفادَهُ / فَبَدا وَهَل يَخفى الرَبابُ الهاطِلُ
جَفَخَت وَهُم لا يَجفَخونَ بِهابِهِم / شِيَمُ عَلى الحَسَبِ الأَغَرِّ دَلائِلُ
مُتَشابِهِي وَرَعِ النُفوسِ كَبيرُهُم / وَصَغيرُهُم عَفُّ الإِزارِ حُلاحِلُ
يا اِفخَر فَإِنَّ الناسِ فيكَ ثَلاثَةٌ / مُستَعظِمٌ أَو حاسِدٌ أَو جاهِلُ
وَلَقَد عَلَوتَ فَما تُبالي بَعدَما / عَرَفوا أَيَحمَدُ أَم يَذُمُّ القائِلُ
أُثني عَلَيكَ وَلَو تَشاءُ لَقُلتَ لي / قَصَّرتَ فَالإِمساكُ عَنّي نائِلُ
لا تَجسُرُ الفُصَحاءُ تُنشِدُ هَهُنا / بَيتاً وَلَكِنّي الهِزَبرُ الباسِلُ
ما نالَ أَهلُ الجاهِلِيَّةِ كُلُّهُم / شِعري وَلا سَمِعَت بِسِحرِيَ بابِلُ
وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ / فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
مَن لي بِفَهمِ أُهَيلِ عَصرٍ يَدَّعي / أَن يَحسُبَ الهِندِيَّ فيهِم باقِلُ
وَأَما وَحَقِّكَ وَهوَ غايَةُ مُقسِمٍ / لِلحَقُّ أَنتَ وَما سِواكَ الباطِلُ
الطيبُ أَنتَ إِذا أَصابَكَ طيبُهُ / وَالماءُ أَنتَ إِذا اِغتَسَلتَ الغاسِلُ
ما دارَ في الحَنَكِ اللِسانُ وَقَلَّبَت / قَلَماً بِأَحسَنَ مِن نَثاكَ أَنامِلُ
إِثلِث فَإِنّا أَيُّها الطَلَلُ
إِثلِث فَإِنّا أَيُّها الطَلَلُ / نَبكي وَتُرزِمُ تَحتَنا الإِبلُ
أَولا فَلا عَتبٌ عَلى طَلَلِ / إِنَّ الطُلولَ لِمِثلِها فُعُلُ
لَو كُنتَ تَنطِقُ قُلتَ مُعتَذِراً / بي غَيرُ ما بِكَ أَيُّها الرَجُلُ
أَبكاكَ أَنَّكَ بَعضُ مَن شَغَفوا / لَم أَبكِ أَنِّيَ بَعضُ مَن قَتَلوا
إِنَّ الَّذينَ أَقَمتَ وَاِحتَمَلوا / أَيّامُهُم لِدِيارِهِم دُوَلُ
الحُسنُ يَرحَلُ كُلَّما رَحَلوا / مَعَهُم وَيَنزِلُ حَيثُما نَزَلوا
في مُقلَتي رَشَأٍ تُديرُهُما / بَدَوِيَّةٌ فُتِنَت بِها الحِلَلُ
تَشكو المَطاعِمُ طولَ هِجرَتِها / وَصُدودِها وَمَنِ الَّذي تَصِلُ
ما أَسأَرَت في القَعبِ مِن لَبَنٍ / تَرَكَتهُ وَهوَ المِسكُ وَالعَسَلُ
قالَت أَلا تَصحو فَقُلتُ لَها / أَعلَمتِني أَنَّ الهَوى ثَمَلُ
لَو أَنَّ فَنّاخُسرَ صَبَّحَكُم / وَبَرَزتِ وَحدَكِ عاقَهُ الغَزَلُ
وَتَفَرَّقَت عَنكُم كَتائِبُهُ / إِنَّ المِلاحَ خَوادِعٌ قُتُلُ
ما كُنتِ فاعِلَةً وَضَيفُكُمُ / مَلِكُ المُلوكِ وَشَأنُكِ البَخَلُ
أَتُمَنِّعينَ قِرىً فَتَفتَضِحي / أَم تَبذُلينَ لَهُ الَّذي يَسَلُ
بَل لا يَحُلُّ بِحَيثُ حَلَّ بِهِ / بُخلٌ وَلا جَورٌ وَلا وَجَلُ
مَلِكٌ إِذا ما الرُمحُ أَدرَكَهُ / طَنَبٌ ذَكَرناهُ فَيَعتَدِلُ
إِن لَم يَكُن مَن قَبلَهُ عَجَزوا / عَمّا يَسوسُ بِهِ فَقَد غَفَلوا
حَتّى أَتى الدُنيا اِبنُ بَجدَتِها / فَشَكا إِلَيهِ السَهلُ وَالجَبَلُ
شَكوى العَليلِ إِلى الكَفيلِ لَهُ / أَن لا تَمُرَّ بِجِسمِهِ العِلَلُ
قالَت فَلا كَذَبَت شَجاعَتُهُ / أَقدِم فَنَفسُكَ ما لَها أَجَلُ
فَهُوَ النِهايَةُ إِن جَرى مَثَلٌ / أَو قيلَ يَومَ وَغىً مَنِ البَطَلُ
عُدَدُ الوُفودِ العامِدينَ لَهُ / دونَ السِلاحِ الشَكلُ وَالعَقلُ
فَلِشُكلِهِم في خَيلِهِ عَمَلٌ / وَلِعُقلِهِم في بُختِهِ شُغُلُ
تُمسي عَلى أَيدي مَواهِبِهِ / هِيَ أَو بَقِيَّتُها أَوِ البَدَلُ
يَشتاقُ مِن يَدِهِ إِلى سَبَلٍ / شَوقاً إِلَيهِ يَنبُتُ الأَسَلُ
سَبَلٌ تَطولُ المَكرُماتُ بِهِ / وَالمَجدُ لا الحَوذانُ وَالنَفَلُ
وَإِلى حَصى أَرضٍ أَقامَ بِها / بِالناسِ مِن تَقبيلِها يَلَلُ
إِن لَم تُخالِطهُ ضَواحِكُهُم / فَلِمَن تُصانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ
في وَجهِهِ مِن نورِ خالِقِهِ / قَدَرٌ هِيَ الآياتُ وَالرُسُلُ
وَإِذا القُلوبُ أَبَت حُكومَتَهُ / رَضِيَت بِحُكمِ سُيوفِهِ القُلَلُ
وَإِذا الخَميسُ أَبى السُجودَ لَهُ / سَجَدَت لَهُ فيهِ القَنا الذُبُلُ
أَرَضيتَ وَهشُوَذانُ ما حَكَمَت / أَم تَستَزيدُ لِأُمِّكَ الهَبَلُ
وَرَدَت بِلادَكَ غَيرَ مُعمَدَةٍ / وَكَأَنَّها بَينَ القَنا شُعَلُ
وَالقَومُ في أَعيانِهِم خَزَرٌ / وَالخَيلُ في أَعيانِها قَبَلُ
فَأَتَوكَ لَيسَ بِمَن أَتَوا قِبَلٌ / بِهِم وَلَيسَ بِمَن نَأَوا خَلَلُ
لَم يَدرِ مَن بِالرَيِّ أَنَّهُمُ / فَصَلوا وَلا يَدري إِذا قَفَلوا
فَأَتَيتَ مُعتَزِماً وَلا أَسَدٌ / وَمَضَيتَ مُنهَزِماً وَلا وَعِلُ
تُعطي سِلاحَهُمُ وَراحَهُمُ / ما لَم تَكُن لِتَنالَهُ المُقَلُ
أَسخى المُلوكِ بِنَقلِ مَملَكَةٍ / مَن كادَ عَنهُ الرَأسُ يَنتَقِلُ
لَولا الجَهالَةُ ما دَلَفتَ إِلى / قَومٍ غَرِقتَ وَإِنَّما تَفَلوا
لا أَقبَلوا سِرّاً وَلا ظَفِروا / غَدراً وَلا نَصَرَتهُمُ الغِيَلُ
لا تَلقَ أَفرَسَ مِنكَ تَعرِفُهُ / إِلّا إِذا ضاقَت بِكَ الحِيَلُ
لا يَستَحي أَحَدٌ يُقالُ لَهُ / نَضَلوكَ آلُ بُوَيهِ أَو فَضَلوا
قَدَروا عَفَوا وَعَدوا وَفَوا سُئِلوا / أَغنَوا عَلَوا أَعلَوا وَلَو عَدَلوا
فَوقَ السَماءِ وَفَوقَ ما طَلَبوا / فَإِذا أَرادوا غايَةً نَزَلوا
قَطَعَت مَكارِمُهُم صَوارِمَهُم / فَإِذا تَعَذَّرَ كاذِبٌ قَبِلوا
لا يَشهُرونَ عَلى مُخالِفِهِم / سَيفاً يَقومُ مَقامَهُ العَذَلُ
فَأَبوا عَلِيٍّ مَن بِهِ قَهَروا / وَأَبو شُجاعٍ مَن بِهِ كَمَلوا
حَلَفَت لِذا بَرَكاتُ غُرَّةِ ذا / في المَهدِ أَن لا فاتَهُم أَمَلُ
أَنا مِنكَ بَينَ فَضائِلٍ وَمَكارِمٍ
أَنا مِنكَ بَينَ فَضائِلٍ وَمَكارِمٍ / وَمِنِ اِرتِياحِكَ في غَمامٍ دائِمِ
وَمِنِ اِحتِقارِكَ كُلَّ ما تَحبو بِهِ / فيما أُلاحِظُهُ بِعَينَي حالِمِ
إِنَّ الخَليفَةَ لَم يُسَمِّكَ سَيفَها / حَتّى بَلاكَ فَكُنتَ عَينَ الصارِمِ
وَإِذا تَتَوَّجَ كُنتَ دُرَّةَ تاجِهِ / وَإِذا تَخَتَّمَ كُنتَ فَصَّ الخاتِمِ
وَإِذا اِنتَضاكَ عَلى العِدى في مَعرَكٍ / هَلَكوا وَضاقَت كَفُّهُ بِالقائِمِ
أَبدى سَخاؤكَ عَجزَ كُلِّ مُشَمِّرٍ / في وَصفِهِ وَأَضاقَ ذَرعَ الكاتِمِ
ذِكرُ الصِبى وَمَراتِعِ الآرامِ
ذِكرُ الصِبى وَمَراتِعِ الآرامِ / جَلَبَت حِمامي قَبلَ وَقتِ حِمامي
دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمومُ عَلَيَّ في / عَرَصاتِها كَتَكاثُرِ اللُوّامِ
فَكَأَنَّ كُلَّ سَحابَةٍ وَكَفَت بِها / تَبكي بِعَينَي عُروَةَ اِبنِ حِزامِ
وَلَطالَما أَفنَيتُ ريقَ كَعابِها / فيها وَأَفنَت بِالعِتابِ كَلامي
قَد كُنتَ تَهزَءُ بِالفِراقِ مَجانَةً / وَتَجُرُّ ذَيلَي شِرَّةٍ وَعُرامِ
لَيسَ القِبابُ عَلى الرِكابِ وَإِنَّما / هُنَّ الحَياةُ تَرَحَّلَت بِسَلامِ
لَيتَ الَّذي خَلَقَ النَوى جَعَلَ الحَصى / لِخِفافِهِنَّ مَفاصِلي وَعِظامي
مُتَلاحِظَينِ نَسُحُّ ماءَ شُؤونِنا / حَذَراً مِنَ الرُقَباءِ في الأَكمامِ
أَرواحُنا اِنهَمَلَت وَعِشنا بَعدَها / مِن بَعدِ ما قَطَرَت عَلى الأَقدامِ
لَو كُنَّ يَومَ جَرَينَ كُنَّ كَصَبرِنا / عِندَ الرَحيلِ لَكُنَّ غَيرَ سِجامِ
لَم يَترُكوا لي صاحِباً إِلّا الأَسى / وَذَميلَ دِعبِلَةٍ كَفَحلِ نَعامِ
وَتَعَذُّرُ الأَحرارِ صَيَّرَ ظَهرَها / إِلّا إِلَيكَ عَلَيَّ فَرجَ حَرامِ
أَنتَ الغَريبَةُ في زَمانٍ أَهلُهُ / وُلِدَت مَكارِمُهُم لِغَيرِ تَمامِ
أَكثَرتَ مِن بَذلِ النَوالِ وَلَم تَزَل / عَلَماً عَلى الإِفضالِ وَالإِنعامِ
صَغَّرتَ كُلَّ كَبيرَةٍ وَكَبُرتَ عَن / لَكَأَنَّهُ وَعَدَدتَ سِنَّ غُلامِ
وَرَفَلتَ في حُلَلِ الثَناءِ وَإِنَّما / عَدَمُ الثَناءِ نِهايَةُ الإِعدامِ
عَيبٌ عَلَيكَ تُرى بِسَيفٍ في الوَغى / ما يَصنَعُ الصَمصامُ بِالصَمصامِ
إِن كانَ مِثلُكَ كانَ أَو هُوَ كائِنٌ / فَبَرِئتُ حينَئذٍ مِنَ الإِسلامِ
مَلِكٌ زُهَت بِمَكانِهِ أَيّامُهُ / حَتّى اِفتَخَرنَ بِهِ عَلى الأَيّامِ
وَتَخالُهُ سَلَبَ الوَرى أَحلامَهُم / مِن حِلمِهِ فَهُمُ بِلا أَحلامِ
وَإِذا اِمتَحَنتَ تَكَشَّفَت عَزَماتُهُ / عَن أَوحَدِيِّ النَقضِ وَالإِبرامِ
وَإِذا سَأَلتَ بَنانَهُ عَن نَيلِهِ / لَم يَرضَ بِالدُنيا قَضاءَ ذِمامِ
مَهلاً أَلا لِلَّهِ ما صَنَعَ القَنا / في عَمروُ حابِ وَضَبَّةَ الأَغتامِ
لَمّا تُحَكَّمَتِ الأَسِنَّةُ فيهِم / جارَت وَهُنَّ يَجُرنَ في الأَحكامِ
فَتَرَكتَهُم خَلَلَ البُيوتِ كَأَنَّما / غَضِبَت رُؤوسُهُمُ عَلى الأَجسامِ
أَحجارُ ناسٍ فَوقَ أَرضٍ مِن دَمٍ / وَنُجومُ بَيضٍ في سَماءِ قَتامِ
وَذِراعُ كُلِّ أَبي فُلانٍ كُنيَةً / حالَت فَصاحِبُها أَبو الأَيتامِ
عَهدي بِمَعرَكَةِ الأَميرِ وَخَيلُهُ / في النَقعِ مُحجِمَةٌ عَنِ الإِحجامِ
يا سَيفَ دَولَةِ هاشِمٍ مَن رامَ أَن / يَلقى مَنالَكَ رامَ غَيرَ مَرامِ
صَلّى الإِلَهُ عَلَيكَ غَيرَ مُوَدَّعٍ / وَسَقى ثَرى أَبَوَيكَ صَوبَ غَمامِ
وَكَساكَ ثَوبَ مَهابَةٍ مِن عِندِهِ / وَأَراكَ وَجهَ شَقيقِكَ القَمقامِ
فَلَقَد رَمى بَلَدَ العَدُوِّ بِنَفسِهِ / في رَوقِ أَرعَنَ كَالغِطَمِّ لُهامِ
قَومٌ تَفَرَّسَتِ المَنايا فيكُمُ / فَرَأَت لَكُم في الحَربِ صَبرَ كِرامِ
تَاللَهِ ما عَلِمَ اِمرُؤٌ لَولاكُمُ / كَيفَ السَخاءُ وَكَيفَ ضَربَ الهامِ
كُفّي أَراني وَيكِ لَومَكِ أَلوَما
كُفّي أَراني وَيكِ لَومَكِ أَلوَما / هَمٌّ أَقامَ عَلى فُؤادٍ أَنجَما
وَخَيالُ جِسمٍ لَم يُخَلِّ لَهُ الهَوى / لَحماً فَيُنحِلَهُ السَقامُ وَلا دَما
وَخُفوقُ قَلبٍ لَو رَأَيتِ لَهيبَهُ / يا جَنَّتي لَظَنَنتِ فيهِ جَهَنَّما
وَإِذا سَحابَةُ صَدِّ حُبٍّ أَبرَقَت / تَرَكَت حَلاوَةَ كُلِّ حُبٍّ عَلقَما
يا وَجهَ داهِيَةَ الَّذي لَولاكَ ما / أَكَلَ الضَنى جَسَدي وَرَضَّ الأَعظُما
إِن كانَ أَغناها السُلُوُّ فَإِنَّني / أَصبَحتُ مِن كَبِدي وَمِنها مُعدِما
غُصنٌ عَلى نَقَوى فَلاةٍ نابِتٌ / شَمسُ النَهارِ تُقِلُّ لَيلاً مُظلِما
لَم تُجمَعِ الأَضدادُ في مُتَشابِهٍ / إِلّا لِتَجعَلَني لِغُرمي مَغنَما
كَصِفاتِ أَوحَدِنا أَبي الفَضلِ الَّتي / بَهَرَت فَأَنطَقَ واصِفيهِ وَأَفحَما
يُعطيكَ مُبتَدِراً فَإِن أَعجَلتَهُ / أَعطاكَ مُعتَذِراً كَمَن قَد أَجرَما
وَيَرى التَعَظُّمَ أَن يُرى مُتَواضِعاً / وَيَرى التَواضُعَ أَن يُرى مُتَعَظِّما
نَصَرَ الفَعالَ عَلى المِطالِ كَأَنَّما / خالَ السُؤالَ عَلى النَوالِ مُحَرَّما
يا أَيُّها المَلَكُ المُصَفّى جَوهَراً / مِن ذاتِ ذي المَلَكوتِ أَسمى مَن سَما
نورٌ تَظاهَرَ فيكَ لاهوتِيَّةً / فَتَكادُ تَعلَمُ عِلمَ ما لَن يُعلَما
وَيُهِمُّ فيكَ إِذا نَطَقتَ فَصاحَةً / مِن كُلِّ عُضوٍ مِنكَ أَن يَتَكَلَّما
أَنا مُبصِرٌ وَأَظُنُّ أَنِّيَ نائِمٌ / مَن كانَ يَحلُمُ بِالإِلَهِ فَأَحلُما
كَبُرَ العِيانُ عَلَيَّ حَتّى إِنَّهُ / صارَ اليَقينُ مِنَ العِيانِ تَوَهُّما
يا مَن لِجودِ يَدَيهِ في أَموالِهِ / نِقَمٌ تَعودُ عَلى اليَتامى أَنعُما
حَتّى يَقولَ الناسَ ماذا عاقِلاً / وَيَقولَ بَيتُ المالِ ماذا مُسلِما
إِذكارُ مِثلِكَ تَركُ إِذكاري لَهُ / إِذ لا تُريدُ لِما أُريدُ مُتَرجِما
وَأَخٍ لَنا بَعَثَ الطَلاقَ أَلِيَّةً
وَأَخٍ لَنا بَعَثَ الطَلاقَ أَلِيَّةً / لَأُعَلِّلَنَّ بِهَذِهِ الخُرطومِ
فَجَعَلتُ رَدّي عِرسَهُ كَفّارَةً / عَن شُربِها وَشَرِبتُ غَيرَ أَثيمِ
حُيِّيتَ مِن قَسَمٍ وَأَفدي المُقسِما
حُيِّيتَ مِن قَسَمٍ وَأَفدي المُقسِما / أَمسى الأَنامُ لَهُ مُجِلّاً مُعظِما
وَإِذا طَلَبتُ رِضا الأَميرِ بِشُربِها / وَأَخَذتُها فَلَقَد تَرَكتُ الأَحرَما