المجموع : 88
هذي المنازلُ والفؤادُ الساري
هذي المنازلُ والفؤادُ الساري / فيها بحكم تصرُّف الأقدار
دارت به الأفلاك في فسحاتها / والكون في الأدوار بالأكوار
فإذا تحل بمنزل تهفو له / شوقاً إليه مطارحُ الأنوار
فيمدّها بالفيض في غَسَقِِ الدُجى / حتى يشمِّر عسكرُ الأسحارِ
للانتقال من البسيطة قاصداً / جهة اليمينِ ومغربَ الأسرارِ
ويحل إدريس العليّ ببوحه / في أثر ذاك العسكرِ الجرارِ
يخفى على عين المشاهد نورُه / كالشمسِ تنفي سطوةَ الأقمار
فالزمهريرُ مع الأثير تحكما / بالابردِ والتسخين في الأطوار
الله يعلمُ والدلائلُ تشهدُ
الله يعلمُ والدلائلُ تشهدُ / أني إمامُ العالمين محمدُ
لكنْ لنا وقتٌ نراقبُ كونَه / فإذا أتى فالسلكُ فيه مهند
قلمي ولوحي في الوجودِ يمدُّه
قلمي ولوحي في الوجودِ يمدُّه / قلمُ الإله ولوحه المحفوظُ
ويدي يمين الله في ملكوته / ما شيئت أجري والرسومُ حظوظ
إن الذين يبايعونك إنهم
إن الذين يبايعونك إنهم / ليبايعون الله دونك فاعتبر
إنّ التحرك عن ضجر
إنّ التحرك عن ضجر / سخط على حكمِ القدرْ
الساكنون لحكمِنا / قومٌ أعزّاء صبُر
فهم لنا وأنا لهم / وهم المرادُ من البَشَر
لا تركُننَّ لغيرِنا / واصبِر تعشْ مع من صَبَر
إني لكل مسلمٍ / عرفَ الحقيقة فاعتبر
في كلِّ ما يجري علي / ه من المكارِه والضَّرر
قل للذين تحرَّكوا / من حكمنا أين المفر
ماثَمَّ إلاّ حكمنا / عند الإقامة والسفر
فاربحْ قعودَك تسترحْ / قتكونَ من أهل الظفر
فالله ليسَ بغائبٍ / وهو الكفيل لمن نظر
جاء المبشرُ بالرسالة يبتغي
جاء المبشرُ بالرسالة يبتغي / أجر السرور من الكريمِ المرسلِ
فأتى به ختم الولايةِ مثلما / ختم النبوة بالنبيّ المرسل
ولنا من الختمين حظٌ وافرٌ / ورثا أتانا في الكتاب المنزَّل
لبستْ صفيةُ خرقةَ الفقراءِ
لبستْ صفيةُ خرقةَ الفقراءِ / لمّا تحلتْ حِلية الأمناءِ
وأتتْ بكلِّ فضيلةِ وتنزَّهتْ / عن ضدّها فعلَتْ على النظراءِ
وتكالمت أخلاقها وتقدَّست / وتخلَّقتْ بجوامعِ الأسماء
جاءت لها الأرواح في محرابها / فهي البَتُول أُخيَّة العذراءِ
وهي الحَصانُ فما تزنُّ بريبته / وهي الرَّزانُ شقيقةُ الحمراءِ
نزلتْ تبشِّرها ملائكة السما / ليلاً بنيلِ وراثةِ النباء
ألبستُ أمَّ محمدٍ
ألبستُ أمَّ محمدٍ / ثوبَ التصوُّف معلما
بشروطها مستوثِقا / منها بذاك ومحكما
ما يقتضيه وسلمتُ / فمنحتُها مُستسلما
لله فيما قد فعلت / من اللباس ومنعما
لشفاعة الصفتين إذ / كان المهيمن أنعما
بهما على مملوكةٍ / وهما اللتان هما هما
خلقٌ وعلمٌ جامعٌ / أخذ التصوُّف عنهما
فالحمدُ لله الذي / قد كان ذلك منهما
والملكُ لله العليِّ / لباسُ شخصٍ منهما
في خِرقةٍ فرجيةٍ / قَلمُ الإله قد أُحكما
فيها رُقومٌ نصُّها / الملك لله فما
عاينتُ رُقماً مثله / في العالمين منمنما
لبسُ التقى للنفس خيرُ لباس
لبسُ التقى للنفس خيرُ لباس / يزهو به المسعودُ بين الناسِ
إنّ الشريفَ هو التقيّ المرتضى / لا الهاشميّ ولا بنو العباسِ
إلا إذا اتَّقوا الإله فإنهم / أهلُ المكارمِ والندى والباس
إني لبستُ بحمصِ أندلسٍ وبال / حرَمِ الشريفَ ومكة وبفاس
من سادةٍ مثلِ الشموسِ أئمة / الله أكرمهم بخير لباسِ
بهدى هداتهم اهتديتُ لأنهم / في الليلة الظلماء كالنبراسِ
زمنٌ يمرّ بقوّتي وشبابي
زمنٌ يمرّ بقوّتي وشبابي / قصداً ليلحقني بدارِ تبابِ
فيحلُّ تركيبي ويفسد صورتي / بالفعلِ تحت جنادل وتراب
فاعجب لبعدٍ فيه قربُ مسافةٍ / قد حال ما بيني وبين صحابي
إني أقمتُ حبيسَبيتٍ مُوحشٍ / في غايةِ الشوقِ إلى الأحبابِ
مستنظراً متهيئاً للقاءِ من / يؤتى إليَّ به منَ الغيابِ
لكن على كرهٍ يكون مجيئهم / فهو همُ في رؤيتي بأيابِ
إني لأسمعهم وإن خَفَتُوا بما / نعطَقوا وما أستطيع ردَّ جوابِ
ويكون ما كتبتْ يداي وما به / نطقُ اللسانِ مقيداً بكتاب
حتى تُجازى كلُّ نفسٍ سعيها / يومَ الوقوفِ عليه يومَ حسابِ
فيُجازى بالإحسانُ حسناً والذي / هو سيءٌ يعفو وينظر ما بي
ظني به ظنٌ جميلٌ ما أنا / في الظنِّ بالرحمن بالمرتاب
إني رضيعٌ ما فطمت لجودِه / كيف الفِطام وما وقفتُ بباب
الجودُ أمي والرضاعة مسكني / وجميع ما عندي من الوهاب
إني أفدت من استفدت علوماً
إني أفدت من استفدت علوماً / منه ولم أكُ بالأمور عليما
فعلمت أن العلمًَ عين تعلق / إنَّ التعلقَ لا يكون قديما
بالذاتِ يعلم لا بأمرٍ زائد / إن كنتَ علاَّماً وكنتَ حليما
لا تنظرنَّ العلم أمراً زائداً / فتكن جهولاً بالأمور ظَلُوما
لايحجبنك ما ترى من فائتٍ / فالحقُّ كلمَ عبدَّه تكليما
يأتي بأمرٍ ثم ينسخُ حكمه / إتيانُ أمر محدثٍ تعليما
بلسانِ شخصٍ صادقٍ من رسْله / صلُّوا عليه وسلِّموا تسليما
قد قال في القرآنِ في مزبوره / إنَّ البلاء يولد المعلوما
والعلمُ يحدث من حدوثِ بلائه / وهو التعلق فافهموا التحكيما
انظر إلى الضدّين تماثلا / حتى يقال من اللديغ سليما
إني لأقسم بالذي تدريه
إني لأقسم بالذي تدريه / في كل ما أمضيه أو أجريه
لو بيع من منع المشرع بيعة / لحق الخسار ببائع يشريه
وإن اقتدى فيه بإخوة يوسفَ / فلذاك حكمٌ كلنا ندريه
إنا تعبدنا بشرع محمدٍ / وكفاك هذا القدر من تنبيه
أنا لا أفضل أمّة قد أخرجت / للناسِ في تنزيه أو تشبيه
إن الذي قال الزمان بفضله / حكمُ القضاءِ بما يرضيه
فتراه واحدَ عَصرِه في حاله / في كلِّ ما يبغيه أو يمضيه
إني اتبعت لكلِّ صاحبِ علةٍ / استحكمت منه التي تشفيه
فإذا الخطاب لربنا من سرِّنا / أني لما أُبديه ما أخفيه
من ليس يقدر قدر ما أعطيته / في نفسه مني فما أبغيه
جهلَ الحقائقَ من يخلط أمرها / والعالمُ المسعودُ من يلغيه
إني جعلت لكلِّ حقِّ موطناً / يدري به الشخصُ الذي في فيه
دررُ البيانِ مسرَّحاً ومقيَّداً / فله التحكم من وجودي فيه
الحقُّ يعلمُ والحقائقُ تُجهل
الحقُّ يعلمُ والحقائقُ تُجهل / والحجبُ تُسدلُ والمهيمن يُمهلُ
لو تُرفع الأستار لا نهتك الذي / عظُمت مقالته فأصبح يهملُ
حجبَ العقولَ نزاهة لجلاله / حتى ترى نحو الطواغيتِ تسفل
طلباً له لما علت من أجله / حارت محيرة فعادت تنزل
حكمت عليها بالزمان رياحه / لما تجلى الدهر كشفاً يرفل
شال الستورَ عن العيونِ هبوبُها / مثلَ الجنوبِ إذا تهب وشمأل
ودَبور تأتي خلفه لتسوقه / لصبا القبول لكونها تستقبل
فإذا انتفى عنه الوجود فلم يجد / جاءته نكباءُ وتلك المعدل
فدرى بها أن الذي بالهه / من منزل النكباء أصبح يعدل
وهو الكفور لعلمه بظهوره / في كلِّ شيء وهو علمٌ مجملُ
يا موضع الكوماء مهلاً إن من
يا موضع الكوماء مهلاً إن من / تبغيه بالإيصاع خلفك قائم
فارجع إليه ولا تفارق سيركم / فله به وجهٌ عليكم حاكمُ
هو صاحبٌ لك في السرى وخليفةٌ / في الأهل بعدك فانتبه يا نائم
المصطفون ثلاثةٌ مذكورةٌ / أسماؤهم منهم إمامٌ ظالم
ثم الذي سموه مقتصداً وذا / ك التالِ في ورثِ الكتاب العالم
والثالث المذكور فيهم سابقٌ / بالباء لا أبالي وذاك الراحمُ
لولا التهمم بالسباق لما أتى / متأخراً من أجل من هو خاتم
ومن أجل مَنْ هو رابعٌ لثلاثةٍ / جار وذاك هو الإله القاسم
قل للذي نظم الوجودَ عقوداً
قل للذي نظم الوجودَ عقوداً / هلا اتخذت عليك فيه شُهودا
عدلاً من الأكوان من ساداته / المصطفين معالماً وحدودا
إنَّ الذين يبايعونك إنهم / ليبايعون الحاضر المفقودا
فإذا مضى زمن مضى لمروره / عقد فجدّد للإمام عقودا
اشهد عليه بها جوارح ذاته / وكفى بربِّ الوارداتِ شهودا
إنَّ الإمام هو الذي شهدت له / صُمّ الجبال بكونه معبودا
إن الذي فتح الخزائن جوده
إن الذي فتح الخزائن جوده / لم يبد للأبصار غير وجودِه
والحكم للأعيان ليس لذاته / إلا القبول له بحكم شهوده
هو مظهر أحكامهم في عينه / لما تعين مظهراً لعبيده
لا وجهّ أعظمُ من غنى في نعته / بغنى تقيَّد عندنا بحدودِه
وإذا يكون الأمر هذا لم يزل / سلكُ القلادَة ثابتاً في جيده
إنا لنبصره ونعلم أنه / حال بنا وحليّه من جوده
إنا جعلنا ما علينا زينة / لوجودِه بعقودِه وعقوده
فإذا أنا أوفيته ألزمته / ذاك الوفاء بعينه لعهوده
لما رأيتُ منازلَ الجوزاءِ
لما رأيتُ منازلَ الجوزاءِ / خفيتْ عليَّ حقائق الأنباء
وعلمتُ أنَّ الله يحجبُ عبدَه / عن ذاتِه لتحقق الأنساء
إن الدليلَ مقابلُ مدلولِه / حكم التقابلِ بنفسه الإنشاء
انظر إلى أسمائه الحسنى تجد / أعياننا من حضرةِ الأسماء
فإذا بدا بالوجه أظهرَ كوننا / بالنسخةِ المشهودة الغَرَّاء
زلنا عن الأمثالِ لا بل ضربها / لله إذ كنا من الجهلاء
أين الذراعُ وهقعةٌ وتحيةٌ / من فرضٍ قدر فوقهم مُتنائي
في أطلس ما فيه نجمٌ ثابتٌ / يبدو يشاهد نوره للرائي
وله الرطوبةُ والحرارة إذْ له / طبعُ الحياةِ وسرُّه في الماء
عصرُ الشبابِ له وليس لكونه / في الرتبة العلياءِ برجُ هواء
والدالي والميزانُ أمثالٌ له / فالحكمُ مختلفٌ بغيرِ مِراء
حكم المنازلِ قد تخالفُ طبعه / كيفَ الشفاءُ وفيه عينُ الداء
حار المكاشف في الدجى خياله / مثل المفكر إذ هما بسواء
الأمر أعظم أن يحاط بكنهه / ومع النَّزاهة جاء بالأنواء
حرنا وحار العقل في تحصيله / إذ ليس منحصراً على استيفاء
لولا ثبوتُ المنع قلتُ بجودِه / المنعُ يُذهبُ رتبةَ الكرماء
لا تفرحنَّ بما ترى من شَاهدٍ / يبدو لعينِك عند كشفِ غِطاء
من شانه المكر الذي قد قاله / في محكمِ الآياتِ والأنباء
القصد في علمِ الأمور كما جَرَتْ / ما القصد في حَمَل ولا جَوزاءِ
إن الطبيعة كالعروسِ إذا انجلتْ / والبعلُ من تدريه بالإيماء
عنها تولدتِ الجسومُ بأسرها / وتعاقبَ الإصباحُ والإمساء
فهي الأميمة للكثيفِ وروحُه / وهو لها للنشء كالأبناء
وهم الشقائقُ يُنسَبون إليهما / بالفعلِ لا بالتحامِ النائي
مَن دانَ بالإحصاء دانَ بكلِّ ما / دلَّت عليه حقائقُ الإحصاءِ
لا تلق ألواحاً تضمن رحمته / وادفع بهن شماتة الأعداء
واسلك بنا النهجَ القويمَ ملبياً / صوتَ المنادي عند كلِّ نهداء
هو حاجب البابِ الذي خضعتْ له / غلبُ الرقابِ وآمرُ الأمراء
ضم الكتاب إلى الوعاء فحازه
ضم الكتاب إلى الوعاء فحازه / ما كل من ضم الكتابُ يحوزُ
لولا ثبوتُ الحقِّ لم يجز الذي / قد كان لكن بالثبوتِ يجوز
بشرى من الله الكريم أتت بها
بشرى من الله الكريم أتت بها / أرواحُ أملاكٍ من الأمناءِ
لرجالٍ أهلِ ولايةٍ معلومة / معصومةِ الأنحاءِ والأرجاءِ
لعناية سبقت لهم من صدقهم / حصلوا بها في رتبةِ النبآء
بوراثةٍ مرعيةٍ محفوظة / لرجالٍ أهلِ رسالةٍ ووَلاءِ
نالوا بها حسناه من إحسانهم / في ساعةٍ مشهودةٍ غرَّاء
ورثوا النبيَّ تحققاً وتخلقاً / بمعالم الكلماتِ والأسماءِ
فهم الذين يقال فيهم إنهم / أبناؤهم وهمُ من الآباء
إنَّ النبوةَ يستمرُّ وجودُها / دنيا وآخرةً بلا استيفاء
ونبوّةُ التشريعِ أُغلق بابها / فلذاك حازوا رتبةَ السمراء
فهم الملوكُ من سواهم سوقة / لا يشهدون مواقعَ الأشياء
نظموا حديثَ سميرهم فأنالهم / نظمَ الحديثِ فصاحة البلغاء
فهم الضنائن في حفاظٍ مصاون / من حرّها جرم بدار بلاء
حتى إذا انقلبوا إلى الأخرى بدت / أعلامُهم بسَنا لهم وسَناءِ
أمر الإله من الإله تعلّق
أمر الإله من الإله تعلّق / ما أمره في العالمين محقَّق
إلا بواسطةِ الرسول فإنه / أمرٌ مطاع سِرُّه يتحقق
إنْ خالفت أمر الإله إرادة / منه تكادُ النفسُ منه تزهق
ولذاك شيبت النبيّ مقالة / هي فاستقم فيما أُمرتَ تُوفَّق
فإذا أراد نقيضَ ما أُمرتْ به / نفسُ المكلِّف فالوقوعُ محقق