القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 73
زعموا التطرف في هواك جهالة
زعموا التطرف في هواك جهالة / أكذا يكون الجاهل المتطرف
هذا فؤادي للخطوب دريئة / وأنا المعرض فيكم فاستهدفوا
أما هواك فذاك ملء جوانحي / تحنو على ذكراك فيه وتكلف
يا شعر نم على الشعور فكم وكم / نمت على زمر العواطف أحرف
أطْبِقْ دُجى أطْبِقْ ضَبابُ
أطْبِقْ دُجى أطْبِقْ ضَبابُ / أطْبقْ جَهاماً يا سَحابُ
أطبق دخانُ من الضمير / مُحَرَّقاً أطبق عَذاب
أطبق دَمارُ على حُماةِ / دمارِهم أطبق تَباب
أطبق جَزاءُ على بُناةِ / قُبورِهم أطبق عِقاب
أطبق نعيبُ يُجِبْ صداكَ / البُومُ أطبق يا خَراب
أطبق على مُتَبلِّدينَ / شكا خُمولَهمُ الذُّباب
لم يَعرِفوا لونَ السماءِ / لِفَرْطِ ما انحنَت الرقاب
ولفرطِ ما دِيسَتْ رؤوسهمُ / كما دِيسَ التراب
أطبق على المِعزى يُرادُ / بها على الجوعِ احتِلاب
أطبق على هذي المُسوخ / تَعافُ عيشتَها الكلاب
في كلّ جارحةٍ يلوحُ / لجارحٍ ظُفرٌ وناب
يجري الصدِيدُ مِن الهوانِ / كأنه مِسكٌ مُلاب
أطبق على الدِيدانِ / ملَّتها فَيافيكَ الرِّحاب
أطبق على هذي الوجوه / كأنها صُوَرٌ كِذاب
المُخرَساتُ بها الغُضونُ / فلا سؤالَ ولا جواب
بُلهاً تدورُ بها العيونُ / كأنَّ صحصَحَها سَراب
ملَّ الفؤادُ من الضمير / وضجَّ بالرُّوح الإِهاب
أطبقْ على مُتفرقّينَ / يَزيدُ فُرْقَتَهم مُصاب
يتبجَّحونَ بأنّ إخوتَهم / يحُلُّ بهم عَذاب
ندِموا بأنْ طلبوا أقلَّ / حقوقهم يوماً فتابوا
وتأوَّبوا للذلِّ يأكل رُوحَهم / نِعْمَ المآب!
أطبق على هذي الكرُوشِ / يَمُطُّها شَحْمٌ مُذاب
مِن حولِها بقرٌ يَخورُ / وحولَه غَرثى سِغاب
أطبق إلى أنْ ينتهي / للخاطبينَ بكَ احتِطاب
أطبق على مُتنَفِّجينَ / كما تَنفَّجت العِياب
مستنوقِينَ ويزأرونَ / كأنهم أُسْدٌ غِلاب
يَزهوهمُ عَسَلٌ ويُلهيهم / عن العلياءِ صاب
يَمشي مِن الأمجاد / خَلْفَهُمُ بميسَرةٍ رِكاب
فاذا التقت حَلَقُ البِطانِ / وجدَّتِ النُوبُ الصِّعاب
خفَقَت ظِلالُهم وماعوا / مِن نُعومَتِهم فذابوا
ونَجَوا بأنفُسِهمْ وراحت / طُعمَةَ النارِ الصحاب
أطبق دُجى لا يَنْبَلِجْ / صُبْحٌ ولا يَخْفِقْ شِهاب
أطبق فتحتَ سماكَ / خَلقٌ في بصائرهِ مُصاب
لا ينفتحْ – خوفاً عليه - ! / مِن العمى للنور باب
أطبق إلى يومِ النشور / ويومَ يكتملُ النصاب
أطبق دُجى حتَّى يقئَ خُمولَ / أهلِ الغاب غاب
أطيق دُجى : حتى يَمَلَّ / من السوادِ بهِ الغُراب
أطيق دُجى : حتى يُحَلِّقَ / في سماواتٍ عُقاب
غضبانَ أنْ لم تحمِ أعشاشاً / لها طير غِضاب
أطبق دُجى : يَسْرَحْ / بظلّك ناعماً عار وعاب
من لونك الداجي رِياءٌ / وارتياعٌ وارتياب
يا عِصمةَ الجاني ويا / سرحاً تلوذُ به الذئاب
يا مَن مشتْ بدمائها / فيه الخناجرُ والحِراب
يا مَن يضِجُّ من الشرورِ / الماخراتِ به العُباب
يا مَن تَضيقُ من الهوام / الزاحفاتِ به الشعاب
كُن سِتْرَ مُجرمِةٍ تهاوَتْ / عن جريمتِها الثباب
أطبق : فأين تفِرُّ إنْ / تُسفرْ وينحدرِ النِقاب؟!
هذي الغَباوات الكريمةُ ! / والجمودُ المُستطاب !
هذا النفاقُ تَرُبهُ / صُحُفٌ ويُسْمِنُه كِتاب!
أطبق دُجى حتى تجولَ / كأنها خيلٌ عراب
هذي المعرَّات الهِجانُ / لها لظُلمتِك انتساب
أطبق : فأنتَ لهذه السوءاتِ / - عاريةً – حجاب
أطبق : فأنت لهذه الأنيابِ / - مُشحذةً – قراب
أطبق : فأنت لهذه الآثامِ / شامخةً - شباب
أطبق : فأنت لصِبغةٍ منها إذا / نصَلَتْ خِضاب
كُنْ سِتْرَها لا يَنبلِجْ / صُبحٌ ولا يَخْفِقْ شهاب
أطبق دُجى : أطبق ضَباب / أطبق جَهاماً يا سحاب ُ
قُمْ حِّي هذي المنشآت معاهدا
قُمْ حِّي هذي المنشآت معاهدا / الناهضاتِ مع النُجومِ خوالدا
الشامخاتِ أنوُفهن إلى السما / والمطلعاتِ لفرقَدين فَراقدا
والفاتحاتِ على الخلودِ نوافذاً / والمجرياتِ مع الحياة روافدا
قم حيِّهنَّ ببعثِ شعب واثقاً / وَتَرضَّهُنَّ بخَلق جيلٍ جاهدا
جَلَّتْ بُنىً تَلدُ الرجال وقُدست / غُرفٌ تَبوَّأها الخلودُ مقاعدا
قم حييِّ هذي الموحيات صوامتاً / واستنطِقِ الحَجَرَ البليغ الجْامدا
واخلَعْ عليهنَّ المواهبَ تُجتلى / لا النثَرَ لا الشعرَ المعادَ قلائدا
يا بنتَ رسطاليسَ امُّكِ حرَّةٌ / تلد البنينَ فرائداً وخرائدا
وأبوكِ يحتضنُ السرير يَرُبُّها / ويقوتُها قلباً وذهنا حاشدا
مَشَتٍ القرونُ وما يزالُ كعهده / في أمسِ " مشاءً " يعودُ كما بدا
يستنزلُ الخَطراتِ من عَليائها / عُصْماً ويُدني العالمَ المتباعدا
لم يقتنصنْ جاهاً ولاسامَ النُهى / ذُلاً ولا اتخذَ الحريرَ وسائدا
جلَّ النُهى . الفكر أعظمُ عصمةً / من أنْ يُريدَ وصائفاً وولائدا
يا بنتَ رسطاليسَ قُصِّي نستمعْ / عن عاشِقيكِ أقارباً وأباعدا
عن واهبينَ حياتَهم ما استُعبِدوا / للشاكرين ولم يَذُموا الجْاحدا
والصاعدينَ إلى المشانق مثلما / ارتَقتِ النُّسورُ إلى السماءِ صواعدا
ومُحَرَّقين يُغازلون وَقودَها / شوقاً إليكِ ويَحمَدون الواقدا
والمُسمَلات عُيونُهم وكأنهم / بطيُوف شخصك يكحلون مراودا
قُصِّي فَدَيتُك من لَعوب غَضةٍِ / تَصِفُ القُرونَ مَخابراً ومَشاهداً
إني وَجدْتُ – وللشبابِ حدودهُ - / أشهى بناتِ الفكر أقصاها مَدى
فتخلّعي نجدِ الفُهومَ عَوارِياً / وتَبَسمي نجد الفُنونَ نضائدا
وتطلَّبي نُزْجِ النفوسَ عزيزةً / هَدياً وننتظمُ القُلوبَ قصائدا
يا بنت رسطاليس لُحتِ " بواسط " / فَنزَلت " حيّاً " بالصبابة حاشدا
خصبَ الشُعور ستَحَمدين مولَّهاً / من أهله ومُغازلاً ومُراوِدا
إيهٍ " بلاسمُ " والمفاخرُ جَمةٌ / أحرزتَ مَنهُنَّ الطريفَ التالدا
أحرزتَ مجداً ليس ينفدَ ذكرهُ / طولَ المدى وبذلتَ كنزاً نافِدا
ذكرٌ يظَلُّ بكل خطوٍ يرتَمي / للصف او جرَسٍ يُدقُّ معاودا
خَبِّرْ فقد جُبتَ الحياةَ رخيَّةً / خضراء َ لم تكذِبْ لعينك رائدا
وحَلبتَ من غَفلات دهرِك شطرَها / وَقنَصتَ من مُتع النَعيم الشاردا
وانسَبْتَ في غُدرُ اللذائذ خائضاً / وخَبَرتَهن مصادِراً ومَواردا
أعرَفْتَ كالأثر المخلَّدِ لذةً / جازَتْ مخَلِّدها فكان الخالدا
لله درُّك من كريمٍ أنعَشَت / كفّاهُ روحاً من نبوغ هامدا
نَفَّقتَ من عَذَبات صبيان الحِمى / عِلْقاً بمُنعَرج الأزقةِ كاسدا
إني وَجدتُ مواهباً مطمورةً / كالزراع أينعَ لمُ يصادفْ حاصدا
ولربَّ أشعثَ لأغبرٍ ذي هامة / تُلقي على كَتَفيهِ ثقلاَ آيدا
ألوى به فَقرٌ فنكَّب خطوَة / جَهلٌ فزلَّ عن الفضيلةِ حائدا
قد راحَ يبعَثُ بالتعاسةِ راحماً / قد كان لولا ذاكَ يرجِعُ حاسدا
قُتِلَ العُقوقُ فكم قَتَلنا نابغاً / بين البُيوتِ وكم وأدنا قائدا
اولاء حمدُك عاقِباً عن عاقبٍ / أتريدُ احسنَ من اولئك حامدا
سيقولُ عنك الدهرُ : ثَمَةَ ماجدٌ / في الرافدين شأى الكريم الماجدا
هل غيرُ أن رُمتَ الثناء كما ادعي / نَفَرٌ وأن أنْبَهتَ ذكرَكَ عامدا
مجداً على مجد فتلكَ طَماحةٌ / يمشي عليها المجدُ نحوكَ قاصدا
كذَبوا فان الأكرمينَ طرائدٌ / للمَكْرُماتِ وإنُ حسِبنَ طرائدا
وإذا صدقتُ فللخلودِ مصايدٌ / أبداً تَلَقَّفُ من أتاه صائدا
يمشي الكريمُ مع التكرُّم توأماً / صنوٌ يسددُ خطوَ صنوٍ عائدا
حتى إذا بلغَ الجميلُ أشُدَّه / سارَ الكريمُ إلى المكارم فاردا
ما كان باللُغزِ الخلودُ وإنما / كان النفوسَ نوازلاً و صواعدا
هل غيرُ آلافٍ تروحُ كما اغتدت / بيَدى سواكَ طرائقاً وبدائدا
تغدو إلى مطمورةٍ إن لم تَرُحْ / للهوِ دوراً والقِمارِ موائدا
احييتَهُنَّ فكانَ عدلاً ناطقاً / هذا الجمادُ على سمِّكَ شاهدا
وضممتَهُنَّ لبعضِهنَّ مجْهِّزاً / جيشاً ترُدُّ به الوَباءَ الوافدا
الجهلَ : اكرمُ ذائدٍ عن موطنٍ / من راحَ فيه عن الجهالةِ ذائدا
أعطيتَ حقَّ العلمِ أوفاها ندى / ومدَدتَ للتعليم أزكاها يَدا
فاعطِ المعلمَ يا " بلاسمُ " حقهُ / واعضُدْ فقد عَدِمَ المعلمُ عاضداً
لو جازَ للحر السُجودُ تعبًّداً / لوُجدتُ عبداً للمعلِّم ساجدا
للمُتعَب المجهودِ في يَقظاتِهِ / والمرَتعي طيفَ المتاعبِ هاجدا
والمثُخنِ المجهولِ لم يَنشُد يداً / تأسوا الجْراحَ ولا تَطلَّب ناشدا
والمستبيحِ عُصارةً من ذهنِهِ / يغذو الألوفَ بها ويُحسبُ واحدا
قل للمعلم راجياً لا راشداً / كن للشبيبةِ في المزالقِ راشدا
يا خالقَ الأجيالِ أبدِِعْ خَلْقَها / وتَوَّق بالإبداع جيلاً ناقدا
سيقولُ عهدٌ مقبلُ عن حاضرٍ / نُشوى عليه : لُعنتَ عهداً بائدا
ولسوفَ يبرأ عاقبٌ عن أهلهِ / ولسوفَ يَتَّهِمُ البنونَ الوالدا
قل للشبيبة حينَ يعصِفُ عاصف / ألا يَظلُّوا كالنسيمِ رواكدا
وإذا اغتَلَتْ فينا مراجلُ نقمةٍ / ألا يكونوا زمهريراً باردا
هيِّئ لنا نشءاً كما انصَبَّ الحيا / لُطفاً ونشءاَ كالزلازل راعدا
فلقد رأيتُ اللهَ يخلُق رحمةً / مَلَكاً ويخلُقُ للتمردِ ماردا
ومحمداً ما إنْ أهابَ بجيشهِ / يطأ البلادَ روابياً و فدافدا
ويكُبُّ جباراً ويُعلي مُدقعاً / ويُنيرُ خابطةً ويُنهضُ راقدا
لو لم يعبّئ للقيادةِ ثائِراً / حَنِقأً على نُظُمٍٍ بَلينَ وحاردا
ما إن يروحُ مع الضعيف مُطاوعاً / من لا يروحُ على القويِّ معاندا
وأذلُّ خلقِ اللهِ في بَلَدٍ طغت / فيه الرزايا من يكونُ محايدا
نشءٌ يقوِّمُ من زمانٍ فاسدٍ / لا كالزمانِ يكونُ خَلْقاً فاسدا
عُلِّمْتُمُ فُرْضَ الحسابِ فأنتُمُ / أدرى بِهنَّ فوائداً وعوائدا
ما إن تُعجِّلُ جيلٍ ناقصاً / إلاّ تحمَّلَ من عناءِ زائدا
أطلِقْ يدَ التحليل في تاريخهم / حراً وفكَّ من العِقال أوابدا
لابُدَّ من فَهم الحياةِ مَعايباً / ومفاخِراً ولذائذاً وشدائدا
جنباً إلى جنبٍ يُتمِّمُ بعضها / بعضاً كما انتظَم الجُمانُ فرائدا
علِّمْهُ حُبَّ الثائرين من الورى / طُرّاً وحُبَّ المخلصينَ عقائدا
واجْلُ الشٌّعوبَ كرائماً لا تَنتَقِصْ / شعباً ولا تَقحَمْ عليه شواهدا
واجلُبْ له أمسٍ البعيدَ مَراجِعاً / وألِحْ له أمسِ القريبَ مساندا
أرِه لثورته عِظامَ جماجمٍ / وابعَثْ له زنداً أطنَّ وساعدا
وإذا تقصَّاكَ الدليلُ مسائلاً / عن أيّ شيءٍ أعقَبَتْ ومناشدا
فابعثْ له الاشباحَ يشهدْ عندَها / ما يستفِّز مًطالعاً ومُشاهدا
يشهدْ خيالاً عارياً ومُجَوَّعاً / من أهلهم ومُضايقاً ومُطارَدا
أصِلحْ بنهجِك منهجاً مُستعبداً / صُنعَ الغريبِ على الثقافةِ حاقدا
قالوا : قواعدُ يبتنيها غاضبٌ / وسْطَ العراق على الكرامةِ قاعدا
تحتلُّ منه مشارفاً ومَناهلاً / وتَسدُّ منه مسالكاً و منافذا
ساقَتْ جُيوشَ الموبقاتِ حواشداً / للرافدين مع الجيوشِ حواشدا
ما كان أهونَ خطبَهُ مستعمراً / لو لم يُقِمْ وسْط العقولِ قواعد
يا " اندونوسُ " إن استماتَ بَنوكِ
يا " اندونوسُ " إن استماتَ بَنوكِ / فالحربُ أمُّكِ والكفاحُ ابوكِ
ولديكِ تاريخٌ على صَفَحاتِه / أرَجٌ يضُوعُ من الدم المسفوك
وكأنَّ من ألَقِ الضُحى ورفيفِه / نُوراً يُشِعُّ عليه من واديك
يا " بنتَ " ثانيةِ الجنان بما اشتَهتْ / نَفْسٌ وما رَمَتِ الطبيعةُ فيك
وبما تسيلُ ظهورُها وبطونُها / بالتِبْرِ من متذوِّبٍ وسَبيك
بالحاشِد الملتَفِّ منك إذا دَجى / والضاحكِ العُريانِ من " ضاحيك "
فاءت على المستعمرينَ ظلالُها / وعلى مليكاتٍ لهم ومُلوك
يا بنتَ ذاك و " أمَّ " كلِّ مغرِّف / في بُؤسه ومُجوَّعٍ صُعلوك
يا أمَّ كلِّ مُشرَّدٍ عن أهله / وُهِبَ الجنانَ وعاش كالمملوك
بمن " الجهادُ " يَليق ان لم ينتظِمْ / تاجاً تَليق به رؤوسُ ذَويك
في كل قَبر من قُبورك طائفٌ / يمشي إليك وصارخٌ يدعوك
ليشُُدَّ حاضرَك المضمَّخَ بالدِما / بالموَجعِ الأسيانِ من ماضيك
ومن الطبيعةِ عن بنيكِ مُدافعٌ / أن يأخذوا منك الذي تُعطيك
تأبى المروءةُ ان تُزقَّي غيرَهم / اذ يُحرَمون مُجاجةً من فيك
يا " اندنوسُ " ! وفي الخلائقِ شركة / لاشيءَ غير الله دونَ شريك
اصلَوْكِ ما الشرقُ اصطَلى بجحيمهِ / وبميسَم من ذُلِّه وَسَموك
وسَقَوك من كأسٍ سُقينا مثلَها / ولقد يكون ارقَّ من يسقيك
وكذاك أنتِ وقد تمخَّضَ نقمةً / تتمخضِّينَ على القَنا المَشبوك
أَلْقَتْ مراسِيَها الخُطوبُ
أَلْقَتْ مراسِيَها الخُطوبُ / وتَبَسَّمَ الزمنُ القَطوبُ
وانجاب عن صُبحٍ رضىٍّ / ذلك اللّيلُ الغَضوب
وادّال مِنْ صَدَأِ الحديد / على الثرّى أرَجٌ وطِيب
ومشى ربيعٌ للسَّلام / بِه تفتّحتِ القلوب
وتطامن الألمُ الحبيسُ / وأفرخَ الأملُ الرحيب
فجرٌ صدوق ربَّ حربٍ / رِبْحُها فجرٌ كذوب
الآنَ يَقْبَعُ في مهانَتِهِ / لتنتفضَ الشّعوب
وَحْشٌ تقلمتِ المخالبُ / منه واختفتِ النُّيُوب
مشتِ القصيدة للقصيدَةِ / يصرعُ الكَسِلَ الدؤوب
وتلّمس الدّرنَ الحكيمُ / وشخَّصَ الداءَ الطبيب
وتلاقتِ الأجيالُ في / جيلٍ هو النَّغَمُ الرتيب
جيلٌ توضحت المعالمُ / مِنْهُ وانجلتِ الغُيوب
وجرتْ على خير المقاييس / المحاسنُ والعيوب
فالمستظامُ " المستغَلُّ هو / الحسيب هو النسيب
والمستقيمُ هو المحكَّمُ / والصريحُ هو اللبيب
والمنطوي كبتاً يشد على / الضميرِ هو المريب
ومنزّهُ الآراءِ عن / تأويلِهِنّ هو الصليب
والمكتوي بلواذع الألم / العميقِ هو الأديب
ربّىَ القرونَ بكلّ حْجرٍ / طّيبٍ نِعمَ الربيب
شابتْ مفارقُهمُّ وأزمَنَ / لا يهِمُّ ولا يَشيب
ايام " رسطاليس " كانَ / بُعَيْدَ مولدِهِ يهيب
والسمُّ إذ " سقراطُ " يَجْرَعُهُ / ويحلِفُ لا يتوب
إذ قال للملأ العظيمِ / وكأسُهُ فيها شبوب:
" إني أكولٌ للحِمام / على مرارتِهِ شَروب"
أهلاً فانّكِ لا تُخيفين / العقيدةَ يا شَعُوب
وخيال " أفلاطون " والجُمْهور / والحكمُ الأريب
ما عابه أن ضيم فيه / " الرقُ " وامتُهِنَ " الجليب "
إن العقولَ تكاملٌ / من يُخطِ ينفعْ من يُصيِب
وتبارت الأجيال تنجح / بالرسالة أو تخيب
عصرٌ خصيبٌ بالكفاحِ / وآخرٌ منهُ جديب
شرِقٌ بأعوادِ المشانِقِ / أو بمذبحةٍ خصيب
يجري النعيمُ به وتَزْدحِمُ / العظائِمُ والكُروب
بازاء وَجْهٍ ناضرٍ / ألفٌ تلوحُّه السُّهوب
ومواكبُ الأحرار في / صَخَبِ الطُّغاةِ لها دبيب
وعواصفُ الظلم الفطيع / لها رُكودٌ أو هبوب
ومَعينُ فكرٍ في مَعينِ / دمٍ يَصُبّ ولأنضوب
ومشرّدون على المبادئ / حُقِّروا فيها وعِيبوا
سُدَّتْ مسالِكُهُمْ فما / ضاقتْ بمذهبِهمْ ثقوب
ضمنَ النعيمَ إنابةٌ / وأبى التحّررُ أن يُنيبوا
يتلقّفُ الأضواء نَجْمٌ / شعَّ من نجمٍ يَغيب
" فأبو العلاء " على نواميسٍ / مهرّأةٍ كئيب
ويهين " فولتير " النظام / وبالمشرع يستريب
وتعهد " الاوباشَ " – زولا - / فانجلى " الوحشُ " النجيب
فإذا به غير المواربِ / حين يَكُثُرُ من يروب
وإذا به وهو الكريب / يُثيرُ نَخْوَتَهُ الكريب
وإذا بأشتاتِ الطُيوبِ / يَلُمُّها هذا الجنيب
هذا المُهان لأنّهُ / من نِعمةٍ خاوٍ سليب
ولأنَّ مشربَه حثالاتٌ / ومطعَمَهُ جشيب
ولأنّه ذو مِعصم / لم يُزْهِهِ الحلقُ الذهيب
ولأنه في الأكثرينَ / الجائعينَ له ضروب
ولأنه بين " الصدورِ " / المجرمينَ هو الكُعوب!!
جيل تعاوَره الطلوعُ / - بما يُبشِّرُ – والغروب
يطفو ويحُجُبهُ – إلى / أمدٍ – من البغي الرسوب
حتى تلقَّفَهُ " لنينُ " / وصنْوُهُ البطلُ المَهيب
والعاكفون عليه أمّاتٌ / وشبانٌ وشيب
فإذا به عبلُ السواعدِ / لا يزاحِمُهُ ضريب
تعنوا له الجّلى ويقصُر / عنده اليومُ العصيب
بالشعب تدعَمُهُ الجيوشُ / وتدعمُ الجيُشَ الشُّعوب
والرايةُ " الحمراءُ " تحتَ / ظلالِها تمشى القلوب
قالوا " السلام " فراح يستبقُ / البعيدَ به القريب
ودَعْوا فخف مجاوبٌ / وثوى صريعٌ لا يجيب
وتوثب العاني وأعوزَ / مُثخناً فيه الوثوب
طرح الأسيرُ قيودَهُ / وهفا لموطنِه الغريب
وتعطّرتْ بشذا اللقاءِ / ونفحةِ اللُّقيْا دُروب
في كلِّ بيتٍ بسمةٌ / كدراءُ أو دَمعٌ مشوب
غلب ابتسامَ الآيبين / بكاؤهم من لا يؤوب
رفَّت على أعشاشها / أرواحُ هائمةٍ تلوب
ذُعرٌ تخطفها الفراق / ومسَّهاً منه لغوب
ومشى . من " القبر " الرهيب / خيالُ مُحَترِبٍ يجوب
غطّى معالَمهُ شجاً / وتوحّشٌ ودمٌ صبيب
أصغى فَألْهَبَ سمعَه / من " هامة " الجدَثِ النعيب
وتمطتِ الأنقْاضُ عن / وجهٍ يؤمِّلُهُ حبيب
عن ساعدٍ ألوى على / جيدٍ كما اختلف الصّليب
وفمٍ مَراشِفُه للثم / أليفِها شوقا تذوب
وضمائرُ " الأجداث ِ" تشكو / ما جنى البشَرُ العجيب
ورمائمُ الأنقاضِ مما / استوعبت فيها شحوب
والنار تحلف من حصيد / لهيبها ذُعِرَ اللهيب
والحوتُ يَضْمَنُ رزقَه / بحرٌ بها فيه خصيب
للوحشِ مأدبةٌ عليها / ما يَلَذُّ وما يَطيب
وكواسر العِقبانِ يزهيها / من الجثث النصيب
ماذا تريد : حواصل / ملأى ومنقارٌ خضيب
والدود يسأل مقلةً / تدمى وجمجمة تخوب
هذي المطاعم : أيُّ طاهٍ / شاءها ؟ أهي الحروب؟
من مُبْلِغُ الثّاوينَ تُعوِلُ / عندهم ريحٌ جَنوب
والمفردَين عليهم / من كلِّ والفةٍ رقيب
والطفلُ يسأل من أبيه / أهكذا يَلِجُ المشيب؟
والكاعبُ الحسناءُ جفَّ / بنحرِها نَفَسٌ رطيب
واستنزَفَ الحِلْمَ الرغيبَ / بصدرها جُرحٌ رغيب
إنَّ الرياشَ المستجدّ / لكُمْ تَنُمُّ به الطيوب
والبيتَ يُنعشه رنينُ العودِ / والطفلُ اللَعوب
والدهرُ لم يبرح عليه من / الّصبا ثوبٌ قشيب
والأرض يُرقصها الشروقُ / كما عهدتم والغروب
وعلى الربيعِ غضارة / وعلى الأراكَةِ عندليب
والشمس يستُرُ وجهَها / بالغيم يُمْسِكُ أوْ يصوب
والخافقاتُ العاطفاتُ / بكم يُعِذَبُها الوجيب
ألقتْ مراسِيها الخطوب / وتبسمَّ الزمن القَطوب
لمن الصُّفوف تحفُّ بالأمجاد
لمن الصُّفوف تحفُّ بالأمجاد / وعلى من التاج الملمع باد
ومن المحلّى بالجلال يزينه / وقر الملوك وسحنة العبّاد
ليت الرشيد يعاد من بطن الثرى / ليرى الذي شاهدت في بغداد
حيث الملوك تطلعَّت تّواقة / لك والوفود روائح وغوادي
وعلى المواكب من جلالك هيبة / غصَّ الصعيد بها وماج الوادي
شّوال جئت وأنت أكرم وافد / بالعيد تسعد كعبة الوفّاد
أما العراق فلست من أعياده / وعليه للأرزاء ثوب حداد
ملك العراق هناك ملك أنه / وقف على سبط النبي الهادي
زف العراق إلى علاك سلامه / ما بين حاضر ربعه والبادي
يدعوك للأمر الجليل ولم تزل / ترجى ليوم كريهة ونآد
فكَّ العراق من الحماية تحيه / وامداد لسورّيا يد الإسعاد
عجباً تروم صلاح شعبك ساسة / بالأمس كانوا أصل كلِّ فساد
صرِّح لهم بالضدِّ من آمالهم / أولست ممن أفصحوا بالضاد ؟
قم ماش هذا الشعب في خطواته / لا تتركن وطني بغير سناد
ألله خلفك والجدود كلاهما / وكفاك عون الله والأجداد
هذي الرقاب ولم تعوَّد ذلة / تشكو إليك نكاية الأصفاد
علت الوجوه الواضحات كآبة / ومحا الذبول نضارة الأوراد
والرافدان تماوجا حتى لقد / أشفقت أن يثبأ على الأسداد
ولقد شجاني أن ترى في مأتم / أمَّ الخلائف مرقد الأسياد
سل عن تشرشل كيف جاذبه الهوى / حتى استثار كوامن الأحقاد
هيهات من دون الذي أمَّلته / وقع السُّيوف ووثبة الآساد
ومواطن حدبت على استقلالها / بالسيف ترضعه دم الأكباد
يكفيكمو بالأمس ما جرَّبتم / فدعوا السيوف تقرُّ في الأغماد
أبني الشعوب المستضامة نهضة / ترضي الجدود فلات حين رقاد
هذا تراث السالفين وديعة / لا تخجلوا الأجداد في الأحفاد
ما حطَّمتْ جَلَدي يدُ النُوَبِ
ما حطَّمتْ جَلَدي يدُ النُوَبِ / لكنْ تَحَطَّمتِ النوائبُ بي
قل للخطوبِ إليكِ فابتعدي / ألمَستِ بي ضَعفْاً لتقترِبي
هتفت لي الأهوال تطلُبني / فبرزتُ حراً غيرَ منتقِب
أنا صخرةٌ ما إن تخوِّفُني / هذي الرياحُ الهوجُ بالصَخَب
إن الليالي حاوَلَت ضَرعَي / فوجدْنَني مُتعسَّرَ الحَلَب
وحَمِدْنَ غَرْبَ شَكيمةٍ عَسرَتْ / عن أن تُنال بعُنف مغتصِب
ومهدِّدي بالشرِّ يُنذرني / إن لم أُطِعْه بسوءِ مُنقلَب
أخْجَلتُه بالضِحك أحسَبهُ / كمُخوِّفٍ للنَبع بالغَرَب
قلتُ اطَّلِعْ فلقد ترىَ عَجَباً / فيه فقالَ وأعجَبَ العَجَب
إني أرىَ قلباً يدورُ على / جَيش كموجِ البحر مُضطرِب
ومُناشِدي نَسَباً أمُتُّ به / لم يدرِ ما حَسَبي وما نَسَبي
عندي من الأمواتِ مفخرةٌ / شمّاء مُريبةٌ على الطَلَب
لكن أنِفتُ بأنْ يعيدَ فمي / للناس عهدَ الفَخر بالعَصَب
حسبي تجاريبٌ مَهَرتُ بها / وإلى البلايا السودِ مُنتسَبي
وبذي وتلك كِفايتي شَرَفاً / يُرضِي العُلا ويَسُرَّ قبرَ أبي
هذا التعنُّتُ في تَبصُّرِه / متوقّداً كتوقُّ اللَهَب
إذ لا يلائمُ مَعدِني بَشَرٌ / ما لم يكُنْ من معدِنٍ صُلُب
الفَضلُ فيه لمَلْبَسٍ خَشِنِ / عُوِّدتُه ولمَطعَم جَشِب
ولوالدٍ وُرِّثْتُ من دَمِه / محضَ الإباء وسورةَ الغَضَب
عندي من الجَبَروت أصدقُه / أُبديه للمتُجبِّرِ الكَذِب
لا أبتغي خصمي أُناشده / عَفْواً ولو أطوي على سَغَب
حربٌ لذي صَلَف . وذو أدب / سهلُ القِياد لكلِّ ذي أدَب
ولقد أرى في مدح مُنتَقِصي / لرغيدِ عيش أحسَنَ السَبَب
ليُحِلَّني من بَعد مَسغَبةٍ / في ذي زُروع مُعشِبِ خَصِب
فتلوحُ لي نَفسْي تهدِّدُني / أشباحُها بالويلِ والحَرب
فأعودُ أدراجي أرى سَعَةً / وعِمارةً في عُشِّيَ الخَرب
إني بلَوتُ الدهرَ أعذَبَه / وأمَرَّ ه الروَح والنَصَب
فوجدتُني أدْنى إلى ضَجَر / لكليهما وأحبَّ للوَصَب
ما بَينَ جنبَّي اللذينِ هُما / قَفَصُ الهموم ومَجمَع الكُرَب
قلب يَدُقُّ إلى العَنا طرَباً / ويحن مشتاقاً الى التَعَب
وأخٍ تلائمُني مشاربُه / وطباعُه في الجدِّ واللَعِب
انكَرتُ ضَعفاً في شكيمتِه / ومرونةً تدعو إلى الرِيَب
فطرَحْتُه أخشَى على شَمَمي / عَدوى ليانٍ منهُ مُكتَسَب
ودفنتُه لا القَلبُ يُنشده / أسفاً ولا دَمْعي بمنسَكِب
يبكي عليكَ وكلُّهُ أوصابُ
يبكي عليكَ وكلُّهُ أوصابُ / شَعبٌ يمثِّلُ حزنَه النُواب
غطَّت على سُود الليالي ليلةٌ / وعلى المصائبِ كلِّهِنَّ مُصاب
المجلِسُ المفجوعُ رُوِّع أهلُهُ / وبكتْكَ أروقةٌ له وقِباب
قد جلَّلتْه وجلَّلتهُمْ رَهبةٌ / فهل البلادُ يسودُها إِرهاب
كادت تحِنُّ لفقدِ وجهِك ساحةٌ / فيه ويُسألُ عن دخولِك باب
عبءٌ على الأوطانِ ذكرى ليلةٍ / عن مثلِ مَصرع " مُحسنٍ " تَنجاب
عن مصرعٍ في المجلِسَين لأجلهِ / وهما البلادُ بأسرِها إِضراب
بالدمع يَسألُ عن غيابك سائلٌ / في المجلسَين وبالدموعِ يُجاب
هذي الثمانونَ التي هي جُلُ ما ارتضَتِ / البلادُ وضمَّتِ الاحزاب
مُتجلببونَ سكِينةً وكآبة / ومن السواد عليهم جِلباب
متشنجون يخالَهم من راءهُم / للحزن – أنَهمُ عليه غِضاب
ناجي لسانَ النثر قمْ واخطُب بهم / وأعِنْ لسان الشعر يا ميرابو
هَدِّأْْ بنطقِك رَوعَهم قد أوشكت / للحُزنِ ان تتمزقَ الأعصاب
ولقد أقولُ لرافعين أصابعاً / ليست تُحِسُّ كأنَّها أحطاب
رهنَ الاشارة تختفي أو تعتَلي / وينالُ منها السَلْبُ والإيجاب
ماذا نَوَيتمْ سادتي : هل أنتُمُ / بعد الرئيس – كعهده – أخشاب
هل تنهضونَ إذا استُثيرتْ نخوةٌ / أو تجمُدون كأنكم انصاب
هل أنتُمُ – ان جدَّ أمرٌ ينبغي / توحيدَ شملِكُمُ به – أحزاب
يا أيها " النوابُ " حسبُكُمُ عُلا / قولي لكم يا أيها " النواب "
روحُ الرئيس ترفٌ فوقَ رؤسِكم / ارَعوا لها ما تقتضي الآداب
سترى حضوراً غائبينَ بفكرهم / سترى الذين بلا أعتذارٍ غابوا
سترى الذين له أساءوا تُهمة / وإلى البلاد جميِعها هل تابوا
سيقولُ ان خَبُثَت نواياً منكُمُ / اخشَوا رفاقي أنْ يحِلَّ عذاب
لتكنْ محاكمةُ الخصومِِ بريئةً / في قاعِكم وليحسُنِ استجواب
تأبى المروءةُ ان يُقدَّسَ خائنٌ / أو أن يطولَ على البريءِ حساب
من أجل أن ترعَوا مبادئَ " مُحسنٍ " / لتَكنْ أمامَكُمُ له أثواب
متضرّجاتٌ بالدماء زكيةٌ / فيهنَّ للجرحِ البليغِ خطاب
فيهنَّ من تلك " الرَّصاصة " فَتحْةٌ / هي للتفادِي ان وَعَيتُمْ باب
ليكُنْ أمامَكُمُ كتابٌ صارخٌ / فيه ثوابٌ يُرتَجى وعِقاب
فيه الوصيةُ : سوف َتحنوا رأسَها / عَجَباً بها الأجيالُ والأحقاب
أوحى " الزعيمُ " إلى الجزيرةِ كلَّها / أنْ ليسَ يُدركُ بالكلام طِلاب
يا هذهِ الأممُ الضِعافُ تَروّ ياً / لا تنهضي صُعُداً وأنت زِغاب
لا تقطعي سبباً ولا تتهَّوري / نزقاً إذا لم تكمُلِ الأسباب
لا تقرَبي ظُفرَ القويِّ ونابَه / ان لم يكنْ ظُفْرٌ لديك وناب
وإذا عتبتِ على القويِ فلا يكنْ / إلا بأطرافِ الحرابِ عتاب
فاذا تركَتِ له الخيارَ فانه / أشهى إليه أن يكونَ خراب
هذا القصيدُ " أبا عليٍ " كلُّه / حزنٌ وكل سطوره أوصاب
ثق أنَّ أبياتي لسانُ عواطفي / ثقْ أنَّ قلبي بينَهن مُذاب
الحزن يملؤُها أسىً ومهابةً / ويُمدُّها بالروح منه شباب
منسابةً لطفاً وبين سطورها / حزناً عليك مدامعي تنساب
ماذا عسى تََقوىَ على تمثيله / بمصابِك الشعراءُ والكتاب
ضُمّوا القلوبَ إلى القلوبِ دوامياً / ستكونُ أحسنَ ما يكونُ كتاب
أُممٌ تَجِدُّ ونَلعبُ
أُممٌ تَجِدُّ ونَلعبُ / ويُعذَّبون ونَطرَبُ
المَشرِقُ الواعي يَخُط / مَصيرهُ والمَغرب
فهُنا دمٌ يَتعهَّد الـ / جيلَ الجديدَ فَيُسكب
وهنا كِفاحٌ – في سبيلِ / تحرُّرٍ – وتوثّب
وهنا جماهيرٌ يخُبُّ / بها زعيمٌ أغلَب
ونعيشُ نحنُ كما يعيشُ / على الضفافِ الطُحْلُب
مُتطفِّلينَ على الوجودِ / نعومُ فيه ونَرْسُب
مُتذبذِبينَ وشرُّ ما / قتلَ الطُموحَ تَذبذب
نُوحي التطَيرَ كالغُرابِ / إلى النفوس وَتْعَب
ونبُثُّ رُعباً في الصفوفِ / بما ندُسُّ ونكذِب
نَدعو إلى المستعمرينَ / لسوِطهم نَتَحبَّب
نَهوى تَقَربَهم وفيه / حتفُنا يتقرّب
متخاذلينَ كما يشاءُ / تعنّتٌ وتعصّب
إنَّ العراقَ بما نُحَشِّدُ / ضِدَّه ونؤلَّب
بيتٌ على يدِ أهلهِ / مِمَّا جَنَوا يَتخرَّب
إنَّ الحياةَ طريقُها / وعرٌ بعيدٌ مُجدِب
عرَقُ الجبينِ على / الدماء فويَقها يتصببَّ
ومِنَ الجماجم ما يَعيقُ / الواهنينَ ويُرْهِب
يَمشي عليها الآبِنُ / يُنجِزُ ما تَرَسَّمهُ الأب
ولكَم تخلَّفَ مَعشرٌ / عنها وشُرِّدَ مَوكب
ووراءها الواحاتُ طابَ / مراحُها والمَشرَب
ونُريدُ نحنُ لها طَريقاً / منهجاً لا يُنْصِب
الجَاهُ ينْعَمُ تحتَ / ظِلِّ جِهادِنا والمنَصِب
قُلْ للشبابِ تحفَّزوا / وتيقَّظوا وتألَّبوا
وتأهِّبوا للطارئاتِ / فانَّها تَتأهَّب
سيَجِدُّ ما سيطولُ / إعجابٌ به وتعجّب
سيزولُ ما كنَّا / نقولُ مُشرِّقٌ ومُغرِّب
ستكونُ رابطةَ الشعوبِ / مبغَّضٌ ومُحَبَّب
سِيروا ولا تستوحشوا / ورِدُوا ولا تَتَهيَّّبوا
لا تَظمأوا إن الحياةَ / مَعينُها لا يَنْضُب
سِيروا خِفافاً نَفْسُكمْ / وصَفاؤها والمذهب
لا تُثقلوها بالعويصِ / وبالغريبِ فتتعَبوا
وتَلَمَّسوا أُفقاً تلبَّدَ / غَيَمُهُ وترقَّبوا
يَنْهّضْ لكُمْ شَبحٌ / بمسفوحِ الدماءِ مُخَضَّب
غضِرُ الصِبا وكأنَّه / مِمَّا تغبَّرَ أشيب
ذو عارضتَينِ فمؤنسٌ / جَذِلٌ . وآخر مُرعِب
يَرنو إلى أمسٍ فيعبِسُ / عندهَ . ويُقطِّب
ويلوحُ فجرُ غدٍ فيركُض / نحوه ويُرحَّب
يأوي إليهِ مُعمَّر / ويخافُ منه مُخرّب
مخضَ الحياةَ فلم يُفُتْهُ / مُصرَّحٌ ومُرَوَّب
وانزاحَ عنْ عينيهِ ما / يُطوى عليه مُغَيَّب
فاستلهِموهُ فخيرُ من / رَسَمَ الطريقَ مُجرِّب
لا تجمُدوا إنّ الطبيعةَ / حُرَّةٌ تتقلَّب
كونوا كرقراقٍ بِمَدرجةِ / الحَصى يتسَرَّب
نأتي الصخورُ طريقَه / فيجوزُهنَّ ويَذهب
وخُذوا وُجوهَ السانحاتِ / منَ الظروفِ فقلِّبوا
فاذا استوَتْ فتَقحََّّموا / وإذا التوَتْ فتَنكبَّوا
وإذا وجدتُم جذوةً / فضعوا الفتيلَ وألهِبوا
مُدُّوا بأيديِكم إلى / هذا الخليطِ فشذِّبوا
وتناولوا جَمراتِكم / آناً وآناً فاحصِبوا
لا تَحذَروا أن تُغْضِبوا / مَن سرَّهُ أنْ تُغضَبوا
كُونوا كعاصفةٍ تُطَّوحُ / بالرمالِ وتَلعب
وتطلَّبوا بالحتفِ مَن / لحتُوفِكُمْ يتَطلَّب
لا يُؤيسَنَّكُمُ مُقلُّ / عَديدكم أنْ تَغْلِبوا
إنْ لم يكنْ سببٌ يَمُدُّ / خُطاكُمُ فتسبَّبوا
لا تَنْفروا إن الحياةَ / إليكمُ تتقرَّب
لكمُ الغدُ الداني القُطوفِ / وصَفْوُهُ المُستَعْذَب
إنّ النضالَ مُهِمَّةٌ / يَعيا بها المُتَرهِّب
سَيرى الذينَ تدَّثروا / وتزمَّلوا وتَجَلْببوا
وتحدثَّوا نَزْراً كمِعْزاةٍ / بجدب تُحلب
وتَنادَروا هَمْساً كما / ناغَى " جنيدبَ " جُنْدُب
خطواتُهمْ وشِفاهُهم / ورْوسُهم تَترتَّب
نَسَقاً كما الآجُرُّ صَفَّفَهُ / صَناعُ مُدَرَّب
إنّ الحياةَ سريعة / وجريئة لا تُغْلَب
تَرمي بأثقالِ السنينَ / وراءها وتُعَقِّب
وتدوسُ مَن لا يستطيعُ / لَحاقها وتؤدِّب
ودَّعتُ شرخَ صِبايَ قبلَ رحيلِهِ
ودَّعتُ شرخَ صِبايَ قبلَ رحيلِهِ / ونَصَلتُ منه ولاتَ حَينَ نُصولِهِ
وَنفَضتُ كفّيَ من شبابٍ مُخلِفٍ / إيراقهُ للعين مِثلُ ذبوله
وأرى الصِّبا عَجِلاً يَمُرُّ وإنني / ساعدتُ عاجلَهُ على تعجيله
سَعُدَ الفتى متقّبلاً مِن دهره / مقسومَه بقبيحهِ وجميله
وأظُنّني قد كنتُ أرْوَحَ خاطراً / بالخطبِ لو لم أُعنَ في تأويله
لكن شُغِفْتُ بأن أُقابلَ بينه / أبداً وبين خِلافه ومثيله
وَشَغَلتُ بالي والمصيبَةُ أنني / أجني فراغَ العُمرِ مِن مشغوله !
يأسٌ تجاوزَ حَدَّه حتى لقد / أمسيتُ أخشى الشرَّ قبلَ حُلوله
وبَلُدْتُ حتى لا ألَذُّ بمُفْرحٍ / حَّذَرَ انتكاستهِ وخوفَ عُدوله!
إيهٍ أحبَّايَ الذينَ ترعرعوا / ما بين أوضاحِ الصِّبا وحُجوله
إني وإنْ غَلبَ السلُّو صَبابتي / واعتضتُ عن نجم الهوى بأُفوله
لتَشوقُني ذكراكُمُ ويهُزُّني / طَربٌ إلى قالِ الشباب وقِيِله
أحبابَنا بين الفُرات تمتَّعوا / بالعيش بين مياهه ونخيله
وتذكَّروا كَلفَ امرئٍ متشوّقٍ / منزوفِ صبرٍ بالفراق قتيله
حرّانَ مدفونِ الميولِ وعنَدكم / إطفاءُ غُلَّتِه وبعثُ ميوله
حَييْتُ " سامَرّا " تحيَّةَ مُعجَبٍ / بروُاءِ مُتَّسِعِ الفِناء ظَليله
بَلدٌ تساوَى الحسنُ فيه فليلُهُ / كنهاره وضَّحاؤه كأصيله
ساجي الرياحِ كأنما حلَفَ الصَّبا / أن لا يمُرَّ عليه غيرُ عليله
طَلْقُ الضواحي كاد يُربي مُقفِرٌ / منه بنُزهتهِ على مأهوله
وكفاكَ من بلدٍ جَمالاً أنَّه / حَدِبٌ على إنعاش قلبِ نزيله
عَجَبي بزَهْوِ صُخوره وجباله / عَجَبي بمنحَدرَاته وسُهوله
بالماءِ منساباً على حَصبائه / بالشَّمسِ طالعةً وراء تُلوله
بالشاطئِ الأدنى وبَسطةِ رملِهِ / بالشاطئِ الأعلى وبَردِ مَقيله
بجماله والبدرُ يَملؤه سناً / بجلالهِ رهنَ الدُّجى وسُدوله
بالنهر فيَّاضَ الجوانبِ يزدهي / بالمُطْربَينِ : خريرهِ وصليله
ذي جانبْينِ فجانب مُتطامِنٌ / يقسو النسيمُ عليه في تقبيله
بإزاءِ آخَرَ جائشٍ متلاطمٍ / يَرغو إذا ما انصبَّ نحوَ مَسيله
فصلتهما " الجُزُرُ " اللِّطافُ نواتئاً / كلٌّ تحفَّزَ ماثلاً لعديله
وجرتْ على الماءِ القوارِبُ عُورضت / بالجري فهي كراسفٍ بكبوله
فإذا التَوت لمسيلهِ فكأنَّما / تبغي الوصولَ إليه قبلَ وصوله
وإذا نظرتَ رأيتَ ثَمَّةَ قارَباً / تَمتازُه بالضوء مِن قِنديله
أو صوتِ مِجدافٍ يُبينُ بوقعه / فوقَ الحصى عن شجوه وعويله
سادَ السكونُ على العوالم كُلَّها / وتَجلبب الوادي رِداءَ خموله
وتنبَّهتْ بين الصخورِ حَمامةٌ / تُصغي لصوت مُطارِحٍ بهديله
وأشاعَ شجواً في الضفاف ورقَّةً / إيقاظُ نُوتيًّ بها لزميله
ولقد رأيتُ فُويقَ دجلةَ مَنظراً / الَشِعرُ لا يقوى على تحليله
شَفَقاً على الماءِ استفاضَ شُعاعُه / ذَهَباً على شُطآنه وحُقوله
حتى إذا حكَم المغيبُ بدا له / شفقٌ يُحيطُ البدرَ حين مُثوله
فتحالفَ الشفقانِ هذا فائرٌ / صُعُداً وهذا ذائبٌ بنزوله
ثُمَّ استوى فِضّيُّ نُورٍ عابثٍ / بالمائِجَيْنِ : مِياههِ ورموله
فاذا الشواطئُ والمساحبُ والرُّبى / والشطُّ والوادي وكلُّ فُضوله
قمراءُ راقصةُ الأشعَّةِ جُلّلت / بخفيِّ سِرٍّ رائعٍ مجهوله
والجوُّ أفرطَ في الصفاءِ فلو جرى / نَفَسٌ عليه لَبانَ في مصقوله
هذي الحياةُ لِمِثلها يحنو الفتى / حِرصاً وإشفاقاً على مأموله
وإذا أسِفتُ لمؤسِفٍ فلأنَّه / خِصْبُ الثَّرى يُشجيكَ فرطُ مُحوله
قد كانَ في خَفْضِ النَّعيم فبالغتْ / كفُّ الليالي السودِ في تحويله
بَدَتِ القصورُ الغامراتُ حزينةً / من كلّ منهوبِ الفِناءِ ذليله
كالجيشِ مهزومَ الكتائبِ فلَّه / ظَفَرٌ ورَقَّ عدوَه لفلوله
" العاشقُ " المهجورُ قُوّضَ رُكنُهُ / كالعاشق الآسي لفقدِ خليله
" والجعفريُّ " ولم يقصِّررسمُهُ / الباقي برغُم الدَّهر عن تمثيله
بادي الشحوبِ تَكادُ تقرأ لوعةً / لنعيمه المسلوبِ فوقَ طلوله
وكأنَّما هو لم يجِدْ عن " جعفرٍ " / بدلآ يُسَرُّ به ولاً عن جِيله
فُضَّتْ مَجالسُهُ به وخلَوْنَ مِن / شعر " الوليدِ بها ومن ترتيله
إن الفحُولَ السالفينَ تعهَّدوا / عصرَ القريضِ وأُعجبوا بفحوله
يتفاخرونَ بشاعرٍ فكأنَّما / تحصيلُ معنى الحُكْمِ في تحصيله !
فجزَوْهُمُ حُلوَ الكلامِ وطرَّزوا / إكليلَ ربِّ المُلْك مِن إكليله
كانوا إذا راموا السكوتَ تذكَّروا / فَضلَ المليكِ الجمَّ في تنويله
من صائنٍ للنفس غيرِ مُذيلها / شُحُاً ومُعطي المالِ غيرِ مُديله
وإذا شَدَوا فكما تغنَّى طائرٌ / أثرُ النعيمِ يَبينُ في تهليله
ولقد شجتني عَبرةٌ رَقراقةٌ / حَيرانةٌ في العين عند دُخوله
إني سألتُ الدهرَ عن تخطيطهِ / عن سَطحه عن عَرضه عن طُوله
فأجابني : هذي الخريبةُ صدرُه / والبلقعُ الخالي مَجرُّ ذيوله
وَسَلِ الرياحَ السافياتِ فانَّها / أدرى بكلِّ فروعه وأصوله
وتعلَّمَنْ أنَّ الزمانَ إذا انتحى / شُهُبَ السَّما كانت مداسَ خُيوله
مدَّت بنو العبَّاس كفَّ مُطاوِلٍ / فمشى الزمانُ لهم بكفِّ مَغوله
واجتاحَ صادقَ مُلكهِمْ لما طَغوا / بدعيِّ مُلكٍ كاذبٍ مَنحوله
وكذا السياسةُ في التقاضي عندَه / تسليمُ فاضلهِ الى مفضوله
خُلِّدْتِ سامراءُ لم أوصِلْكِ مِن / فَضْلٍ حَشَدتِ عليَّ غيرَ قليله
يا فرحةَ القلبِ الذي لم تتركي / أثراً لِلاعجِ همّه ودخيله
وافاكِ مُلتهِبَ الغليلِ وراح عن / مغناكِ يَحمَدُ منكِ بردَ غليله
أنعشتِهِ ونَفَيْتِ عنه هواجساً / ضايقْنَه وأثرتِ من تخييله
وصدقته أملاً رآكِ لِمثله / أهلاً فكنتِ وزدتِ في تأميله
هذا الجميلُ الغضُّ سوف يردُّه / شِعري إليكِ مُضاعفاً بجميله
ولقد غَلوتُ فكمْ يقلبي خاطرٌ / عَجزتْ مَعاني الشعر عن تمثيله
وَلطيفِ معنىً فيك ضاقَ بليدُها / بذكِّيهِ ودقيقُها بجَليله
ولعلَّ منقولَ الكلامِ محوَّلٌ / في عالَمٍ آتٍ إلى مَعقوله
فهُناكَ يتَّسِع التخلّصُ لامرِئٍ / من مُجمَل المعنى إلى تفصيله
أرض العراق سعت لها لبنانُ
أرض العراق سعت لها لبنانُ / فتصافح الانجيلُ والقرآنُ
وتطلَّعت لكَ دجلةٌ فتضاربت / فكأنما بعبُابها الهَيَمان
أأمين أن سُرَّ العراقُ فبعدما / أبكى ربوعَ كولمبس َ الهجران
لك بالعراق عن الشآم تصبر / وبأهله عن أهلها سُلوان
لو تستطيع دنت إليك مُدّلةًً / فتزودت من رُدنك الأردان
وحِّد بدعوتك القبائل إنه / ألقى إليك زمامَه التِّبيان
كيف التآلفُ والقلوبُ مواقد / تغلي بها الأحقادُ والاضغان
أنِر العُقول من الجهالة يستبنْ / وضحَ السبيلِ ويهتدي الحيران
وأجهز بحد رهيف حدٍ لمَ ينُبْ / لك عن شَباه مهند وسنان
خضعت لعنوته الطغاةُ فأقسمت / أن ليس تعدو حُكْمَه التيجان
نار تُذيب النار وهي يراعةٌ / عضبٌ يفُل العضب َ وهو لسان
أنّي يقصِر بالعِنان اذا انبرى / وهو الجموح وفكرك الميدان
زِدنا بمنطقك الوجيز صبابةٍ / فهو السَّلاف وكلُّنا نشوان
ما كل حي قائل ما قلته / لكنْ أمدَّ بيانك الرحمن
الشرق مهتز بنطقك معجب / والغرب أنت بجوه مِرنان
والقول ما نَّمقْتَ والشعر الذي / يوحي إليك فصاحةٌ وبيان
انا خصم كل منافق ! لم يَنْهَني / حَذرٌ ولم يقعُد بي الكِتمان
عابوا الصراحة منك لما استعظموا / أن يستوي الاسرارُ والاعلان
يا شعب خذ بيد الشباب فإنهم / لك عند كل كريهة أعوان
واعرِف حقوق المصلحين فانما / بهم الحقوق الضائعات تصان
واعطف لريحان النُّفوس ورَوْحها / فله عليك تعطف وحنان
واسِ الضعيف يكن ليومك أسوة / وكذا الشُعوب كما تدين تدان
يا شرق يا مهد النوابغ شدّما / ساوى مكانٌ بينهم وزمان
للناس كان .. وإن أبت لبنان / " فأمين " ليس لها ولا " جبران "
هُزِّي بنصفِكِ واتركي نصفا
هُزِّي بنصفِكِ واتركي نصفا / لا تحذَري لقَوامكِ القصفا
فبحَسْبِ قدِّكِ أنْ تُسنِّدَه / هذي القلوبُ وإنْ شكتْ ضَعفا
أُعجبتُ منكِ بكلِّ جارحةٍ / وخصَصتُ منكِ جفونَك الوَطفا
عشررنَ طرفاً لو نُجمِّعها / ما قُسِّمتْ تقسيمَكِ الطرفا
تُرضينَ مُقترباً ومُبتعِداً / وتُخادعِينَ الصفَّ فالصفّا
أبديعةٌ ولأنتِ مُقبِلةً / تستجمعينَ اللُّطفَ والظَّرفا
ولأنتِ إنْ أدبرتِ مُبديةٌ / للعينِ أحسنَ ما ترى خَلْفا
هُزِّي لهم رِدفاً إذا رغِبوا / ودعي لنا ما جاورَ الرِّدفا
ملءُ العيونِ هما وخيرُهما / ما يملأُ العينينِ والكفّا
وكلاهما حسنٌ وخيرُهما / ما خفَّ محمِلُه وما شفّا
هذا يرفُّ فلا نُحِسُّ بهِ / ويهزُّنا هذا إذا رَفّا
وتصوّري أنْ قد أتتْ فُرَصٌ / تقضي بخطفِ كليهما خطفا
فبدفَّتَيهِ ذاكَ يُبهضنا / في حينَ ذاكَ لرقةٍ يخفى
ونَكِلُّ عن هذا فنَطْرَحُهُ / ونُحِلُّ هذا الجيبَ والرفا
ونزورُه صبحاً فنلثِمُهُ / ونَضُمُّهُ ونَشَمُّهُ ألفا
ونَبُلُّهُ بدمِ القلوبِ وإنْ / عزَّتْ ونُنعِشُهُ إذا جفا
نسجَ الربيع لها الرداء الضافي
نسجَ الربيع لها الرداء الضافي / وَهَمَتْ بها كفُّ الحيا الوكّافِ
فضَّت بها عذراءَ كلِ سحابة / خطرت فنبهتِ الهزار الغافي
قضّى الربيع بها ديون َ مصيفها / من سَح كل مُدرة الأخلاف
الحب ما ضَمِنت ضُلوع سمائها / للأرض لا ما يدعيه الجافي
قلب كما اتَّقدت لظىٍ جوانحٌ / رَعْدٌ وجَفْنٌ دائم التَّذراف
ان الذي قَسم الحظوظَ مواهباً / أعطى الربيع نِقابة الأرياف
وكأنما لبست به أعطافها / حُللا يُوشِّها الَّحاب ضوافي
وكأنما هَزَجُ الرعود إذا حَدّتْ / ركب َ السحاب بشائر الألطاف
وكأنما العُشبُ النضير خمائلٌ / ومن الورود لها طِراز وافي
وكأن مياسَّ الغُصون إذا انتشى / غِبَّ السحاب يُعبُّ صِرف سلاف
وكأن مختلف الورود صحائفٌ / فيها تُخط بدائع الأوصاف
وكأن خلاّق الطبيعة شاعرٌ / نَظَمَ الرياض قصائداً بقوافي
وتلبد الجو المغيم كأنه / قُطرٌ عرته سياسة الإجحاف
وكأنما الماء النمير مهند / للمَحْل تصقُله يد الإرهاف
وكأنه سَلَبَ الاصيلَ رداءه / او دسّ قرنَ الشمس في الأجراف
أين الصفي سرائراً وخلائقاً / يحكي لنا لُطْفَ النمير الصافي
مترقرقاً تلقى السماء بأرضه / لو لا خيالُ تشابك الصفصاف
وتخال ان لمعت حَصاهُ لآلئاً / تُجْلى بكف النيْقدِ الصرّاف
ترتد عنه الطير وهي مُليحة / مما عليه من الجلال الطافي
اوحى النسيم إليه أ عواصفاً / بعدي فأرجف خِشية الإرجاف
واهتاج حتى ود أن ضفافه / سالت فلم يُصبْحْ رهين ضفاف
ليت الذي قاد الزعازع ردّها / عن مثل هذا الجوهرِ الشفاف
الروضةُ الغناء مفرشُ لذتي / حيثُ الخيالُ مطَّرزُ الأفواف
تتساند الاعشاب في جَنَباتها / فترى القويَّ يَشُدُّ إزر ضعاف
باكرتُها والنجمُ متقدُ السنا / لِهثٌ وقد ضرب الدجى بسِجاف
والطيرُ يكتُم نطقه متحذراً / خوف انتباه الصبح للأسداف
حتى إذا ما الفجر حان نشوره / وسطا الصباح بجيشه الزحاف
خلعت عليه ذُكا ملاءة نورها / فتباشرت منها ربّى وفيافي
فاخذت انشدها وعندي هاجس / أخذ الهمومَ عليَّ من اطرافي
لو شاء من ضم الأزاهر لم تكن / لتعيثَ في الأكوان كف خلاف
وِلِما تزاحمت القوى وتهافتت / منها سِمانٌ لانتهاك عجاف
متكالبين كأنَّ رب لغاتهم / ماخط فيها لفظة الإنصاف
لو أن ألقاب الورى في قبضتي / حلَّ الوضيعُ محَلَّة الأشراف
لو كان في مال الغنىِّ لمعوزٍ / حق لسادت عيشه بكفاف
يسمو الغني على المُقل وعنده / ان الثراء قوادم وخوافي
عاثوا بشمل الاجتماع فحبذا / يومٌ يَعيث القصد بالإسراف
خير من الأشر الضنين صعالك / لا يسألون الناس بالألحاف
لِتبَجلِّ الناس الغنيَّ فانني / كلفٌ بتبجيل الفقير العافي
طوت الخطوبُ من الشباب صحيفةً
طوت الخطوبُ من الشباب صحيفةً / لم ألقَ منها ما يُعِز فراقَها
ومسهدٍ راع الظلامَ بخاطر / لو كان بالجوزاء حَلّ نطاقها
ترنو له زُهرُ النجوم وإنها / لو أنصفته لسَوّدتْ أحداقها
أفدي الضُّلوع الخافقات يروعني / أن الرقاد مسكِّن خفاقها
وأنا الموآخذ في شظايا مهجة / حَمّلْت مالا تستطيع رقاقها
ضمنت لي العيش المهنأ لوعة / أَخذت على شُهْب السما آفاقها
يشتاق إن يردَ اللواذع منهلا / صبٌ ولولا لذةٌ ما اشتاقها
هزجٌ اذا ما الوُرق نُحن لانني / خالفت في حب الأسى أذواقها
كم نفثةٍ لي قَنَّعتْ وجه الدجى / هماً وأوحت للسُها إخفاقها
ومهونٍ وجدي عَدَتْهُ لواعجٌ / اخرسن ناطقَ عذله لو ذاقها
ما في يديْ هي مهجةٌ وهفا بها / داءٌ ألّح وَعبرةٌ وأراقها
يا مهبِطَ الرسل الدعاة إلى الهدى / عليا بنيك عن العلى ما عاقها
زحفت بمدرجة الخُطوب ففاتها / شأو المُجِدِّ من الشعوب وفاقها
لحقت فلسطينٌ بأندلسٍ اسىً / والشامُ ساوت مصرَها وعراقها
مهضومةٌ من ذا يرد حقوقها / وأسيرةٌ من ذا يفُك وَثاقها
يسمو القويُّ وذاك حكم لم يدع / حتى الغصونَ فشذَّبت أوراقها
نقضت مواثيقَ الشُّعوب ممالكٌ / باسم العدالة أبرمت إرهاقها
أنّي وجدت " انيتَ " لاحَ يَهزني
أنّي وجدت " انيتَ " لاحَ يَهزني / طيفٌ لوجهك رائعُ القسماتِ
ألق " الجبين " أكاد أمسح سطحه / بفمي وأنِشق عِطرَه بشذاتي
ومنوَّر " الشفتين " كادت فرجةٌ / ما بين بين تسدُ من حسراتي
وبحيثُ كنتُ تساقطَت عن جانبي / نظراتُ محترِسين من نظراتي !
نَهب العيون يُثيرها ويزيغها / إطراق أشعثَ زائغ اللفتات
متوزِّع الجنبات يَرقُب قادماً ! / شقٌّ وآخرُ مال للطرقات
حسبي . وحسبك شقوةٌ ! وعبادةٌ ! / أن ليس تفرُغُ منك كأسُ ! حياتي
يومَ الشَهيد : تحيةٌ وسلامُ
يومَ الشَهيد : تحيةٌ وسلامُ / بك والنضالِ تؤرَّخُ الأعوام
بك والضحايا الغُرِّ يزهو شامخاً / علمُ الحساب وتفخر الأرقام
بك والذي ضمَّ الثرى من طيبِهم / تتعطَّرُ الارَضونَ والأيام
بك يُبعَث " الجيلُ " المحتَّمُ بعثُه / وبك " القيامةُ " للطُغاة تُقام
وبك العُتاة سيُحشَرون وجوهُهُم / سودٌ وحَشْوُ أُنوفهم إرغام
صفاً إلى صفٍّ طغاماً لم تذُقْ / ما يجرَعون من الهَوان طَغام
ويُحاصَرون فلا " وراءُ " يحتوي / ذَنباً ولا شُرطاً يحوز " امام"
وسيسألون مَن الذين تسخَّروا / هذي الجموعَ كأنها أنعام
ومَن استُبيح على يَديهم حقُّها / هدراً وديست حرمةٌ وذِمام
ومَن الذين عَدَوا عليه فشوَّهوا / وجهَ الحياة فكدَّروا وأَغاموا
خَلَصَ النعيمُ لهم فهم من رقةٍ / وغضارةٍ بيضُ الوجوه وِسام
وصفا لهم فلَكُ الصِبا فتلألؤا / فيه كما تَتَلألأ الأجرام
يتدلَّلون على الزمان كما اشتَهت / شهواتُها قُبُّ البطون وِحام
ومَداس أرجلهم ونَهْبُ نِعالهم / شَعبٌ مهيضُ الجانِحين مُضام
يُمسي ويُصبح يستظلُّ بِخِدنه / بَقَر الزَريب ويرتَعي ويَنام
سيُحاسَبون فان عَرتْهم سَكْتَةٌ / من خيفةٍ فستنطِقُ الآثام
سيُنكِّسُ المتذبذبون رقابَهم / حتى كأنّ رؤوسَهم أقدام
يومَ الشهيد ! وما الخيالُ بسادر / بئسَ الخيالُ تقودُه الأوهام
الشعر – يا يومَ الشهِيد – تجارِبٌ / وبلاؤُها لا لؤلؤٌ ونِظام
كَذِباً يُخيَّل أن بارقة المُنى / تنجابُ منها وحشةٌ وظَلام
أو أنَّ بالنَّزْر اليسير من الدما / سيُبَلُّ من عطَش الطُغاة أُوام
أو أنَّ مَتعوباً ستَسْعى نحوه / عما قريبٍ راحةٌ وجِمام
حُسبانُ ذلك للشهيد خِيانةٌ / وِلما تفَجّرَ من دمٍ إجرام
ولَتلك مَدعاة سيُنصَرُ عندها / عارُ النُكوص ويُخذَلُ الإِقدام
ولَذاك إِيهام يضلِّلُ أُمةً / وسلاحُ كل مضلِّلٍ إيهام
عَظُمت محاولةٌ وجَلَّ مرامُ / أفباليَسير من العَناء تُرام
يومَ الشهيد ! طريقُ كل مناضلٍ / وَعرٌ ولا نُصُبٌ ولا اعلام
في كل مُنعَطَفٍ تَلوحُ بلية / وبكُلِّ مُفتَرقٍ يدِبُّ حِمام
وحياضُ مَوت تلتقى جَنَباتُها / وعلى الحياضِ من الوُفود زِحام
وقِباحُ أشباح لمُرتَعِدي الحَشَا / بَرمٌ بها ولمُحرِبين هُيام
بك بعد مُحتَدِمِ النضالِ سينجَلي / مما ابتدأتَ من النِضالِ ختام
سيُجازُ شَهرٌ بالعَناء وآخَرٌ / ويُخاضُ عامٌ بالدماء وعام
ستطيرُ في أفقِ الكفاح سَواعدٌ / وتَطيحُ في سُوح الكرامة هام
ستَشور من رَهَج اللُهاث عجاجةٌ / ويَهُبُّ من وَهَجِ الشَّكاة قَتام
سيُعالَجُ الباغي بنَضْحٍ من دَمٍ / حتى تُسَكَّنَ شَهوةٌ وعُرام
لابُدَّ من نارٍ يروح وَقودُها / منّا ومنه غارِبٌ وسَنام
وتُنير منها الخابطينَ دُروبَهم / من بعدِ ذلك جذوةٌ وضِرام
اذ ذاك يًُصبحُ بعد طُول مَتاهةٍ / بيد الشُعوب مقادةٌ وزِمام
تبّاً لدولةِ عاجزينَ تَوهَّموا / أن " الحكومةَ " بالسِياط تُدام
والوَيْلُ للماضينَ في أحلامِهم / إن فرَّ عن " حُلمٍ " يَروع منَام
وإذا تفجَّرَت الصدورُ بغيظها / حَنَقاً كما تتفجّر الألغام
وإذا بهم عَصْفاً أكيلاً يرتمي / وإذا بما ركنوا إليه رُكام
وإذا بما جَمَعَ الغُواةُ خُشارةٌ / " وإذا عصارةُ كلِّ ذاك أثام "
يومَ الشهيدِ ! لَسوف تُعقِبُ في غدٍ / يوماً تَحارُ بكُنهه الأَفهام
ولسوف نَجهل ما يِقلُّ بصلبه / قَدَرٌ وما تَتَمخَّضُ الأيّام
ولسوفَ يُصبحُ ما نحارُ بكُنْهه / إن حانَ حِينٌ واستتم تمام
امراً كما قالَ البديهةَ قائلٌ : / " النورُ نورٌ والظَلامُ ظلام "
اني لَيخنُقُني الأسَى ويهُّزُّني / ما لاحَ طفلٌ يحتَبي وغُلام
علماً بأن دِماءَهم ليست لهم / وبأنها للجائعينَ طَعام
للناس بعد اليَومِ مِيلادُ الفَتى / ومَماتُه ورَضاعةٌ وفِطام
يوم الشهيد ! بكل جارحةٍ مشَى / داءٌ تَعاوَرَه الزمان عُقام
تَعِبَ الأساةُ به وجافَى أهلَه / يأساً نِطاسيٌّ به عَلاّم
وتَعَسَّر الابلالُ حتى تَنتَفى / منه الجذورُ وتُقطَعَ الأَجذام
يوم الشهيد! بك النُّفوس تفتَّحت / وَعياً كما تَتَفَتَّحُ الأكمام
كادَ الضعيف يشُكُّ في إيمانه / والصبرُ كاد يَشَلُّه استسلام
طاح البلاءُ بخائرٍ في مَعرَكٍ / أشِبٍ تطيشُ بهَوله الأحلام
وانجاب عن مترددينَ طِلاؤُهم / وانزاحَ عن متربصِّينَ لِثام
وأعضَّ قوم بالسكوت وأفصَحَتْ / عن غير ما عُرِفَت به أقوام
وتمسكَّ المتثبِّتون بجاحمٍ / جَمَراتُه تُشوى بها الأقدام
وتراكم الصبرُ الجميلُ بساحة / من حولها تتراكمُ الآلام
شعب يُجاعُ وتُستَدرُّ ضروعُه ! / ولقد تُمارُ لتُحلَبَ الأغنام
وأُمِدَّ للمستهترين عنانُهم / في المُخزِيات فأرْتَعوا وأساموا
وَتَعَطَّلَ الدستورُ عن أحكامه / من فَرطِ ما ألوَى به الحُكَام
فالوعيُ بَغىٌ والتحرُّرُ سُبَّةٌ / والهَمْسُ جُرْمٌ والكلامُ حَرام
ومُدافِعٌ عما يَدينُ مُخرِّبٌ / ومطالِبٌ بحقوقِه هدّام
ومشَى بأصلاب الجُموع يَهُزُّها / الجَهَلُ والإِدقاعُ والأسقام
وهَوَت كرامتٌ تولَّت أمرها / خِططٌ تولَّى امَرها إحكام
فكرامةٌ يُهزَى بها وكرامةٌ / يُرثى لها وكرامةٌ تُستام
وانصاعَ يغزُو اهلَه وديارَه / جيشٌ من المتعطلِّين لُهام
وتَصافَقَت حُجَزٌ على مُتحرِّرٍ / ومفكرٍ فتحطَّمت أقلام
ولكلِّ مُحتَطِبِ الخنا مَداحةٌ / ولكل مُمتدِح النثا شَتّام
ومعاتَبٍ والسَوط يُلهب ظهرهُ / ومعذَّبٍ بجراحه ويُلام
مما أشاعَ البَغيُ من إرهابه / فيها استُطيبَ الخَوفُ والإِحجام
ومطارَدون تعجَّلوا أيّامَهم / ومشرَّدون من المذلّةِ هاموا
ومشكِّكون وقد تعاصَت محنةٌ / صَلُّوا على شَرفِ الخلاص وصاموا
ولقد تَر تَرْقَ في العُيون تساؤلُ / وعلى الشِفاه تحيَّر استِفهام
أعفا القَطينُ فما به مُتَنَفَّسٌ / وَخلا العَرينُ فما به ضِرغام؟
أفوعدُ مُرتقِبِ " القيامةِ " خُلَّبٌ / وبريقُ منتظِر " النُشور " جَهام ؟
أو يكثُرُ الأبطالُ حين سِلاحُهم / بين الجْموع قَصيدةٌ وكَلام؟
فاذا اسحترَّ الخطبُ واحتَدمَ الأذى / ذابوا فلا بطلٌ ولا مِقدم
أفلا تكون مغارةٌ ؟ أو ما انتَهى / ما قَعْقَعَ الإِسراجُ والإِلجام؟
أعلى ضمير المخلصينَ غِشاوة / وعلى فَم المتحرِّرين لجام؟
حتى إذا قَذفَ الحمى بحُماتِه / ورَمَت بأشبالٍ لها الآجام
وتنافَسَ " الفادون" لم يتمنَّنوا / فضلاً ولم يُبطرْهُمُ الانعام
وجدوا عتاباً للبلاد فأعتَبوا / وملامةً لشبابها " فألاموا "
ومَشوا إليها يدعَمون صفوفَها / بصُدورهم اذ عزَّهن دِعام
حَمَلوا الرصاص عَلى الصدور وأوغلوا / فعلى الصدور من الدِماء وِسام
تابَ الغَويُّ وثاب كل مشكِّكٍ / إنَّ الحمى من فوقه قَوّام
نَكِروا النفوسَ وفجَّروا اعراقَها / صَمْتاً فلا صَخَبٌ ولا إرزام
وأبَوا سِجامَ الدمع شيمةَ نائحٍ / فلهم دماءٌ يغتلينَ سِجام
ناموا وقد صانُوا الحمى ومعاشِرٌ / تَركوا الحِمى للطارئات وناموا
يومَ الشهيد : وكلُّ يوم قادمٌ / ستُريهِ كيف الجودُ والاكرام
دالَ الزمانُ وبُدلتْ نُظُمٌ به / ولكل عصرٍ دولةٌ ونِظام
ومَضَى الحُداةُ " بحاتِمٍ " وبرهَطِه / وتبدَّلَت لمكارِمٍ أحكام
فهُمُ وقد حَلَبوا الصَريحَ أماجدٌ / وهُمُ وقد عقَروا الجَزور كرام
وهمُ لأنَّ الضيفَ ينزِلُ ساحَهم / للفقر في ساحاتِهم إلمام
وأتى زَمانٌ من مكارِمِ أهلِه / السَجْنُ والتشريدُ والإِعدام
والسَوط يحترِشُ الظهورَ ووقعُه / في سَمع محترِسٍ به أنغام
وكأنَّه " للمستغيث" إغاثةٌ / وكأنَّه " للجائعين " إدام
جيل يرى أنَّ الضيافَة والقِرى / للطارئات الصبرُ والآلام
يَقرونَ جائعةَ البلاد نفوسَهم / فلها لحومٌ منهُمُ وعظام
ويُرونَ ضيفَهُمُ الكرامةَ تُزدَرى / والحقَّ يُغصَب والديارَ تُضام
يتقامَرون على المنايا بينَهم / حُمْراً فلا الأيسارُ والأزلام
لاهُمَّ عفَوكَ لا الشجونُ قليلةٌ / عندي ولا أنا أخرسٌ تَمتام
قلبٌ يذوبُ أسىً وشعرٌ كلُّه / ضَرَمٌ وبيتٌ كلُّه آلام
أخنَى بوحشتِه على جيرانِه / وهَفَا به رعباً فطارَ حَمام
ويكادُ يشهَق بالعَويل بَلاطُه / ويَصيحُ بالألم الدفينِ رُخام
ودمٌ أريق على يَدَيَّ يهُزني / هَزَّ الذَبيح وقد عَلاه حُسام
وخبيئةٌ في الصدرِ نَفثُ دُخانها / حَرَجٌ وكَبْتُ أُوارها إيلام
لاهُم ْ ما قَدْرُ البيان إذا انزوى / عنه الضميرُ وعَقَّه الإِلهام
وإذا استَوَى فيه الثَّكولُ وغيرُهُ / والساهرونَ الليلَ والنُّوام
أكبرت شعري أنْ تُهينَ كريمَهُ / غُفْلٌ تضيق بها الرُّعاةُ سَوام
او عائشونَ على الهوامشِ مثلَما / يَنفي فُضولَ الصورةِ الرِسّام
والممتلونَ كأنَّهم كلُّ الدُّنى / والفارِغونَ كأنَّهم أصنام
والصادِعونَ بما يَرى مُستعمِرٌ / فهُمُ متى يأمرْهُمُ خُدّام
والمُولَعونَ بفاجراتِ مطامعٍ / فلهمْ قُعُودٌ عندَها وقِيام
ماذا يحطِّمُ شاعرٌ من صاغِرٍ / أخنى الهوانُ عليه فهو حُطام
لكنْ بمختلطينَ في نيِّاتهم / شُبُهاً فلا وَضَحٌ ولا إبهام
من كل هاوٍ بُرجُه وكأنَّة / قَمَرٌ على كَبِدِ السَماءِ تَمام
يؤذيهِ أنَّ الشمس تطلُعُ فوقَه / او لا يظلِّلَ وَجْنَتَيهِ غَمام
الليلُ عندَهمُ التَعِلَّةُ والمُنى / فاذا استطالَ فسَكرةٌ ومُدام
واذا النهارُ بدا فكلُّ حديثِهِمْ / عنه بكيفَ تفسَّرُ الأحلام
حتى إذا حَميَتْ وغىً وأدارها / كأساً " إياسٌ " مرةً و " عِصام "
وتلقَّفَتهمْ كالرَّحى أشداقُها / مَضْغاً هُمامٌ يَقتضيه هُمام
زَحَموا الصُّفوفَ " مشَيَّعين " كأنَّهم / بين المواكبِ قادةٌ أعلام
ومَشَوا على جثَثِ الضَّحايا مثلَما / يمشي بمقتنص النَّعَامِ نَعام
ثم استدارُوا ينفُخون بطُونَهم / نَفْخَ الطُّبول وأقعدوا وأقاموا
يومَ الشهيد : وما تزال كعهدِها / هُوجٌ تدنِّسُ أُمةً ولئام
قَصَروا عن العليا فلم يتناوَشوا / ما احتازَ منها فارعونَ جِسام
وتقطَّعتْ بالمَكْرُمات حِبالُهم / وبما ابْتَنتْ هِممٌ فهُنَّ رِمام
وعناهُمُ أخذُ الكِرامِ عِنانَها / من بعد ما داروا عليه وحاموا
وتجاهَلوا أنْ ليس تربُ مسامحٍ / بدمائه نَهّازةٌ غَنّام
وبأنَّ أُمّاتِ المآثرِ برزَةٌ / عملاقة وبأنهمْ أقزام
فهُمُ وقد ذَكَتِ الحزازةُ عندهم / " كوب " من الحقد الدفين وجام
يُسْقَونَ جذوتَها وفيما يجتلي / تِربُ النّدي لأُوارِها إضرام
حتى إذا ألقى الكريمُ بوجهه / فتمايَزَ الإشراقُ والإِظلام
وتَضَوَّرتْ جُوعاً فلم تَرَ عنده / ما تأكُّلُ الأوغارُ والأوغام
ومشى الفَعال لهم صَريحاً لم يَشُبْ / آياتِه عَيٌّ ولا إعجام
وتَخارَسوا وعَموا فملءُ عُيونِهِمْ / رَمَدٌ وملُّ حُلوقِهم إفحام
لجأوا إلى " الأنساب " لو جَلَّى لهم / " نَسَب " ولو صَدَقَتْ لهم أرحام
وتنابَزُوا بالجاهلية شجَها / من قبل نورُ " الفكر " و " الإسلام "
فأولاءِ أعرابٌ ! فكل مُحَرَّمٍ / حِلٌّ لهم! وأولئِكمْ أعجام
وأولاءِ " أغمارٌ " فلا رأسٌ ولا / كَعبٌ ولا خَلفٌ ولا قُدام
وأولاءِ " أشرارٌ " لأنّ شعارهم / بين الشُعوب محبَّةٌ وسلام
وكأنَّ " أرحاماً " تُرَصُّ ! فريضةٌ / وكأنَّ " أفخاذاً " تُلَزُّ لِزام
وكأنَّ من لم يَحوِ تلكِ وهذه / وإنْ استقامَ بهيمةٌ وسَوام
نُكرٌ لو استَعلى لما استَعْلَت يَدٌ / بالعُروة الوثْقى لها استِعصام
ولما تمَايزَتِ النُّفوسُ بخَيرها / وبشرِّها ولما استَتَبَّ نِظام
لزَكا " ابولَهَبٍ " وكانُ مُرجَّماً / ودَنَا " صُهَيبُ " وإنه لامام
قَبَليَّةٌ يلجا إليها مُقْعَدٌ / لا الحزمُ يُنجده ولا الإعزام
وبها تَسَتَّرَ عن صَغارةِ نفسِهِ / خَزيانَ يأكُلُ زادهُ ويَنام
بل قد تَفَيَّأ ظِلَّها من حِطّةٍ / نسَبٌ يَسومُ رخيصَه المستام
من كل مُعدٍ في الصَغارِ كأنَّه / جَرَبٌ تُخاف شُذاتُه وجُذام
" سلمانُ " أشرف من أبيكمْ كعبُهُ / " وعِصامُ " ما عَرَفَ الجدودَ عِصام
ومحمدٌ رَفَعتْ رسالةُ ربَّه / كَفّاهُ لا الأخوالُ والأعمام
ولقد يُذِلُّ مُسوَّداً أعقابُه / ولقد يسودُ عشيرةً حَجّامُ
أأُخَيَّ : لو سمِع النداءَ رُغامُ / ولو استجابَ إلى الصريخِ حِمام
مني عليك تحيةٌ وسلامُ / ولذكرِك الإجلالُ والإِعظام
واللهِ لولا طائفٌ من سَلوةٍ / ولُمامةٌ من مُسْكةٍ تَعتام
ورسالةٌ ندعو لها وأداؤُها / فرضٌ ورَعْيُ حقوقِها إلزام
وَبنّيةٌ للسالكين طريقَهم / والقادمينْ على الطريق تُقام
ودعاةُ حقٍ يخرُجون سواهُمُ / عارٌ إذا لزِموا البيوتَ وذام
لعكفتُ حولَك لا أريمُ ولم يكن / الا بحيث أقمتَ انتَ مُقام
يا نائماً والموتُ ملءُ جُفونِه / أعلمتَ من فارقتَ كيف ينام؟
وملاءَماً بيد المَنون جِراحَه / جُرح المُقيم عليكَ لا يلتام
قد كنتَ تقدِرُ ان تُظلَّكَّ بهجةٌ / ونَضارةٌ لا ظُلمةٌ ورَغام
أو أنْ يرِفَّ عليك في رَيْعانِهِ / هذا الربيعُ – كوَجهِك – البسام
لو شئتَ أعطتكَ الحياةُ زِمامَها / ولها على كَفِّ الشَباب زِمام
لِتَضمَّك الغُدرانُ في أحضانها / وتُقِلَّك الهَضَباتُ والآكام
وشقيقُك القَمرُ المُدِلُّ بلُطفه / نَشوانُ يَصحو تارةً ويُغام
لو شئتَ عن شرفٍ اردتَ فصِدْتَهُ / بَدَلاً لكانت صبوةٌ وغَرام
ولجئتَ مُقتَنصَ الشباب ولارتمَتْ / من حولك الظَبيَاتُ والآرام
لوشئتَ ؟ لكن شاءَ مجدُك غيرَها / فتلقَّفَتْك من الثرى أكوام
رَدّ البكاءَ عليكَ أنك قائدٌ / ولو استبدَّ بك الثَرى وإمام
تمشي الجُمُوعُ على هُداك كما هَدى / الضُلاّلَ برقٌ في الظَلام يُشام
لو غَيْرُ ذلك أطاحَ رأسَك لارتَمى / بِشِراك نعلِكَ طائحاً " هَمّام "
ولما استَقَلَّ برأس " مُرةَ " خِنصِرٌ / لكَ واستقادَ بوجهه إبهام
قد كانَ يَعطِفُني عليك مَلامُ / ان لو ذخرتُكَ أيها الصِمصام
ان لو سلمتَ فلا شبايَ مُزنَّدٌ / أسفاً ولا حَدَيّ عليك كَهام
لو لم تُجبني من رفاتك هَمةٌ / صبراً جميلاً ايُّها اللُّوام
ما كنتَ " نحاماً " بنفسِك للورى / افأنت بي من أجلهم نَحام
نحنُ الضَحايا : للشعوب فَقاره / ولكل ما يبني الشعوبَ قِوام
هذي القُبورُ قنابرٌ مَبثوثة / لمكابرٍ وحَفيرُها ألغام
ما كانَ جيلٌ تستقيمُ قناتُه / الا ومَوتٌ يستقيمُ زُوآم
فالثُكْلُ والعَيْشُ السَويُّ سَويةٌ / ودَمُ الضحايا والحياةُ تُؤام
يومَ الشهيد! ونعمتِ الأيامُ / لو تستِتمُّ أخوّةٌ ووِئام
لو يَرْعَوي المتنابذونَ وكلُّهم / بهمُومِهم وشُعورهم أرحام
ولو التَقى من بعدِ طُولِ تَفَرُّقٍ / الشَيخُ والقِسيّسُ والحَاخام
ولو اتفقنا كيف يهتِفُ هاتِفٌ / فينا وكَيفَ تُحرَرُ الأعلام!
وبمِن يقودُ الزاحفيينَ أخالدٌ / ومحمدٌ ام أحمدٌ وهِشام ؟
هي امةٌ خافَ الطُغاة شَذاتَها / فسعَوا بها فاذا بها أقسام
واذا بها والذلُ فوق رءوسها / قُبَبٌ له مَضروبةٌ وخِيام
يحتازُها والجوعُ ينهَشُ لحمَها ! / باسم " الرغيف " معرَّةٌ وصِدام
مجَّدْتُ فيكَ مَشاعِراً ومَواهبا
مجَّدْتُ فيكَ مَشاعِراً ومَواهبا / وقضيْتُ فَرضاً للنوابغِ واجِبا
بالمُبدعينَ " الخالقينَ " تنوَّرَتْ / شتَّى عوالمَ كُنَّ قبلُ خرائبا
شرفاً " عميدَ الدارِ " عليا رُتبةٍ / بُوِّئْتَها في الخالدين مراتبا
جازَتْكَ عَن تَعَبِ الفؤادِ فلم يكن / تعبُ الدماغ يَهُمُّ شهماً ناصبا
أعْطَتْكَها كفٌّ تضمُّ نقائصاً / تعيا العقولُ بحلِّها . وغرائبا
مُدَّتْ لرفعِ الأنضلينَ مَكانةً / وهوتْ لصفعِ الأعدلينَ مَطالبا !
ومضَتْ تُحرِّرُ ألفَ ألفِ مقالةٍ / في كيفَ يحترمونَ جيلاً واثبا
في حين تُرهِقُ بالتعنّتِ شاعراً / يَهدي مَواطنَهُ وتُزِهق كاتبا
" التَيْمِسيّونَ ! " الَّذين تناهبوا / هذي البلاد حبائباً وأقاربا
والمغدِقونَ على " البياضِ " نعيمَهُمْ / حَضْنَ الطيورِ الرائماتِ زواغبا
يَستصرخونَ على الشّعُوب لُصوصَها / في حينَ يَحتجزونَ لِصّاً ساربا
ويُجَنِّبونَ الكلب وَخزةَ واخزٍ / ويجَهِّزُونَ على الجُموعِ معاطِبا
أُلاءِ " هاشمُ " مَنْ أروكَ بساعةٍ / يصحو الضميرُ بها ! ضميراً ثائبا
فاحمَدْهُمُ أن قد أقاموا جانباً / واذمُمْهُمُ أن قد أمالوا جانبا
وتحرَّسَّنْ أنْ يقتضوكَ ثوابَها ! / وتوقَّ هذا " الصيرفيَّ " الحاسبا
لله درُّكَ أيُّ آسٍ مْنقذٍ / يُزجي إلى الداءِ الدواءَ كتائبا
سبعونَ عاماً جُلتَ في جَنَباتها / تبكي حريباً أو تُسامرُ واصبا
متحدَّياً حُكمَ الطباعَ ! ودافعاً / غَضَبَ السَّماءِ وللقضاءِ مُغالِبا!
تتلمَّسُ " النَّبَضاتِ " تجري إثرّها / خلَجاتُ وجهِكَ راغباً أو راهبا
ومُشارِفٍ ! نَسَجَ الهَلاكُ ثيابَهُ / ألْبْستَهُ ثوبَ الحياةِ مُجاذبا
ومكابدٍ كَرْبَ المماتِ شركتَهُ / - إذْ لم تَحِدْ منجىً – عناءاً كارِبا
ومحشَرجِ وقفَ الحِمامُ ببابهِ / فدفعتَهُ عنه فزُحزِحَ خائبا
كم رُحْتَ تُطلِعُ من نجومٍ تختفي / فينا وكم أعْلَيْتَ نجماً ثاقبا
هذا الشَّبابُ ومِن سَناكَ رفيفُهُ / مجدُ البلادِ بهِ يرفُّ ذوائبا
هذا الغِراسُ – وملُْ عينِكَ قرّةٌ / أنَّا قطفنا مِن جَناهُ أطايبا
هذا المَعينُ وقد أسلتَ نَميرَهُ / وجهُ الحياةِ به سيُصبْحُ عاشبا
هذي الاكُفُّ على الصدورِ نوازِلاً / مثلُ الغيوثِ على الزُّروغِ سواكبا
أوقفتَ للصَّرعى نهاراً دائبا / وسهِرْتَ ليلاً " نابِغيّاً " ناصبا
وحضَنْتَ هاتيكَ الأسِرَّةَ فوقَها / أُسْدٌ مُضَرَّجَةٌ تلوبُ لواغِبا
أرَجٌ من الذكرى يلفَّكَ عِطْرُهُ / ويَزيدُ جانبكَ المُوطَّد جانبا
ولأنتَ صُنْتَ الدارَ يومَ أباحها / باغٍ يُنازلُ في الكريهةِ طالبا
الْغَيُّ يُنْجِدُ بالرَصاصُ مُزَمْجِراً / والرّشدَ يَنجِدُ بالحجارةِ حاصبا
وَلأنتَ أثخَنْتَ الفؤادَ من الأسى / للمثُخَنينَ مِن الجراحِ تعاقُبا
أعراسُ مملكةٍ تُزَفُّ لمجدِها / غُررُ الشَّبابِ إلى التُرابِ كواكبا
الحْاضنينَ جِراحَهَمْ وكأنَّهمْ / يتَحَضَّنونَ خرائداً وكواعبا
والصابرينَ الواهبينَ نُفوسَهُمْ / والمُخجِلينَ بها الكريمَ الواهبا
غُرَفُ الجنانِ تضوَعَتْ جنَباتُها / بصديدِ هاتيكَ الجراح لواهبا
وبحَشْرجاتِ الذاهبينَ مُثيرةً / للقادمينَ مواكباً فمواكبا
غادي الحيا تلك القبورَ وإنْ غدت / بالنَّاضحاتِ من الدّماءِ عواشبا
وتعهَّد الكَفَنَ الخصيبَ بمثلهِ / وطنٌ سيَبْعَثُ كلَّ يومٍ خاضبا
بغدادُ كانَ المجدُ عندَكِ قَيْنَةً / تلهو وعُوداً يَستحثُّ الضَّاربا
وزِقاقَ خَمْرٍ تستَجِدُّ مَساحبا / وهَشيمَ رَيْحانِ يُذَرَّى جانبا
والجسرُ تمنحُهُ العيونُ من المَها / في الناسِبينَ وشائجاً ومناسِبا
الحَمدُ للتأريخِ حينَ تحوَّلَتْ / تلكَ المَرافِهُ فاستَحَلْنَ مَتاعبا
الشِّعْرُ أصبحَ وهو لُعْبةُ لاعبٍ / إنْ لمَ يَسِلْ ضَرَماً وجَمْراً لاهبا
والكأسُ عادتْ كأسَ موتٍ ينتشي / زاهي الشبابِ بها ويمسحُ شاربا!
والجسرُ يفخرُ أنَّ فوقَ أديمهِ / جثثَ الضَّحايا قد تَرَكْنَ مساحبا!
وعلى بريقِ الموتُ رُحْنَ سوافراً / بيضٌ كواعبُ يندفعنَ عصائبا
حدِّثْ عميدَ الدارِ كيفِ تبدَّلَت / بُؤَراً قِبابٌ كُنَّ أمسِ مَحارِبا
كيف أستحالَ المجدُ عاراً يتَّقَى / والمكرُماتُ من الرّجالِ مَعايبا
ولم استباحَ " الوغدُ " حُرمةَ من سَقى / هذي الديارَ دماً زكِيّاً سارِبا
إيهٍ " عميدَ الدار " كلُّ لئيمةٍ / لابُدَّ – واجدةٌ لئيماً صاحبا
ولكلِّ " فاحشةِ " المَتاع دَميمةٍ / سُوقٌ تُتيحُ لها دَميماً راغبا
ولقد رأى المستعمِرونَ فرائساً / منَّا وألفَوْا كلبَ صيدٍ سائبا!
فتعهَّدوهُ فراحَ طوعَ بَنانِهمْ / يَبْرُونَ أنياباً له ومَخالبا
أعَرَفتَ مملكةً يُباحُ " شهيدُها " / للخائنينَ الخادمينَ أجانبا
مستأجَرِينَ يُخرِّبونَ دِيارَهُمْ / ويُكافئونَ على الخرابِ رواتبا
مُتَنمّرينَ يُنَصّبونَ صُدورهُمْ / مِثْلَ السّباعِ ضَراوةً وتَكالُباً
حتى إذا جَدَّتْ وغىً وتضرَّمَتْ / نارٌ تلُفُّ أباعِداً وأقارِبا
لَزِموا جُحورَهُمُ وطارَ حليمُهُمْ / ذُعْراً وبُدِّلَتِ الأسودُ أرانبا
إيهٍ " عميدَ الدار " ! شكوى صاحبٍ / طفَحَتْ لواعجُهُ فناجى صاحبا
خُبِّرْتُ أنَّكَ لستَ تبرحُ سائلاً / عنّي تُناشدُ ذاهباً أو آيِبا
وتقولُ كيفَ يَظَلُّ " نجم " ساطعٌ / ملءُ العيونِ عن المحافل غائبا
الآنَ أُنبيكَ اليقينَ كما جلا / وضَحُ " الصَّباح " عن العيون غياهبا
فلقد سَكَتُّ مخاطِباً إذ لم أجِدْ / مَن يستحقُ صدى الشكاةِ مُخاطَباً
أُنبيكَ عن شرِّ الطّغامِ مَفاجراً / ومَفاخراً ومساعياً ومكاسبا
الشَّاربينَ دمَ الشَّبابِ لأنَّهُ / لو نالَ من دَمِهِمْ لكانَ الشَّاربا
والحاقدينَ على البلادِ لأنَّها / حقَرَتْهم حَقْرَ السَّليبِ السَّالبا
ولأنَّها أبداً تدوسُ أفاعياً / منهمْ تَمُجُ سمومَها وعقاربا
شَلَّتْ يدُ المستعمرينَ وفرضُها / هذي العُلوقَ على الدّماءِ ضرائبا
ألقى إليهمْ وِزْرَهُ فتحمَّلوا / أثقالَهُ حَمْلَ " الثيّابِ " مشاجبا
واذابَهُمْ في " المُوبقاتِ " فأصبحوا / منها فُجوراً في فجورٍ ذائباً
يتَمَهَّلُ الباغي عواقبَ بَغْيِهِ / وتراهُمُ يَستعجلونَ عواقبا
حتى كأنَّ مصايراً محتومةً / سُوداً تُنيلُهُمُ مُنىً ورَغائبا
قد قلتُ لِلشَّاكينَ أنَّ " عصابةً " / غصَبَتْ حقوقَ الأكثرينَ تَلاعُبا:
ليتَ " المواليَ " يغصبونَ بأمرِهِمْ / بل ليتَهم يترَسَّمونَ " الغاصبا "
فيُهادِنون شهامةً ورجولةً / ويُحاربونَ " عقائداً " ! ومذاهبا
أُنيبكَ عن شرِّ الطّغام نكايةً / بالمؤثرينَ ضميرَهمْ والواجبا
لقَدِ ابتُلُوا بي صاعقاً مُتَلهِّباً / وَقَد ابتُلِيتُ بهمْ جَهاماً كاذبا
حشَدوا عليَّ المُغرِياتِ مُسيلةً / صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا
بالكأسِ يَقْرَعُها نديمٌ مالثاً / بالوعدِ منها الحافَتَيْنَ وقاطبا
وبتلكُمُ الخَلَواتِ تُمْسَخُ عندَها / تُلْعُ الرِّقابِ من الظّباءِ ثعالبا!!
وبأنْ أروحَ ضحىً وزيراً مثلَما / أصبحتُ عن أمْرٍ بليلٍ نائبا
ظنّاً بأنَّ يدي تُمَدُّ لتشتري / سقطَ المَّتاع وأنْ أبيعَ مواهبا
وبأنْ يروحَ وراءَ ظهريَ موطنٌ / أسمنتُ نحراً عندهَ وترائبا
حتى إذا عجَموا قناةً مُرَّةً / شوكاءَ تُدمي مَن أتاها حاطبا
واستيأسوُا منها ومن مُتخشِّبٍ / عَنتَاً كصِلِّ الرّملِ يَنْفُخ غاضبا
حُرّس يُحاسِبُ نفسَهُ أنْ تَرْعَوي / حتَّى يروحَ لمنْ سواه محاسِبا
ويحوزَ مدحَ الأكثرينَ مَفاخراً / ويحوزَ ذمَّ الأكثرينَ مثالبا !!
حتى إذا الجُنْديُّ شدَّ حِزامَهُ / ورأى الفضيلةً أنْ يظْلَّ مُحاربا
حَشدوا عليه الجُوعَ يَنْشِبُ نابَهُ / في جلدِ " أرقطِ " لا يُبالي ناشبا !
وعلى شُبولِ اللَّيثِ خرقُ نعالِهم! / أزكى من المُترهِّلين حقائبا
يتساءلونَ أينزِلونَ بلادَهم ؟ / أمْ يقطعونَ فدافِداً وسباسبا؟
إنْ يعصِرِ المتحكِّمونَ دماءَهم / أو يغتدوا صُفْرَ الوجوه شواحبا
فالأرضُ تشهدُ أنَّها خُضِبَتْ دماً / منّي وكان أخو النعيم الخاضبا
ماذا يضرُّ الجوعُ ؟ مجدٌ شامخٌ / أنّي أظَلُّ مع الرعيَّة ساغبا
أنّي أظَلُّ مع الرعيَةِ مُرْهَقاً / أنّي أظَلُّ مع الرعيَّةِ لاغبا
يتبجَّحُونَ بأنَّ موجاً طاغياً / سَدُّوا عليهِ مَنافذاً ومَساربا
كَذِبوا فملءُ فمِ الزّمان قصائدي / أبداً تجوبُ مَشارقاً ومغاربا
تستَلُّ من أظفارِهم وتحطُّ من / أقدارِهمْ وتثلُّ مجداً كاذباً
أنا حتفُهم ألِجُ البيوتَ عليهم ُ / أُغري الوليدَ بشتمهمْ والحاجبا
خسئوا : فَلْمْ تَزَلِ الرّجولةُ حُرَّةً / تأبى لها غيرَ الأمائِلِ خاطبا
والأمثلونَ همُ السَّوادُ فديتُهمْ / بالأرذلينَ من الشُراةِ مَناصبا
بمُمَلِّكينَ الأجنبيَّ نفوسَهُمْ / ومُصَعِّدينَ على الجُموعِ مَناكبا
أعلِمتَ " هاشمُ " أيُّ وَقْدٍ جاحمٍ / هذا الأديمُ تَراهُ نِضواً شاحبا ؟
أنا ذا أمامَكَ ماثلاً متَجبِّراً / أطأ الطُغاة بشسعِ نعليَ عازبا
وأمُطُّ من شفتيَّ هُزءاً أنْ أرى / عُفْرَ الجباهِ على الحياةِ تكالُبا
أرثي لحالِ مزخرَفينَ حَمائلاً / في حينَ هُمْ مُتَكَهِّمونَ مَضاربا
للهِ درُّ أبٍ يراني شاخصاً / للهاجراتِ لحُرّش وَجْهيَ ناصبا
أتبرَّضُ الماء الزُّلالَ . وغُنيتي / كِسَرُ الرَّغيفِ مَطاعماً ومَشاربا
أوْصى الظِّلالَ الخافقاتِ نسائماً / ألاَّ تُبرِّدَ من شَذاتي لاهبا
ودعا ظلامَ اللَّيلِ أنْ يختطَّ لي / بينَ النجومِ اللامعاتِ مَضاربا
ونهى طُيوفَ المُغرياتِ عرائساً / عنْ أنْ يعودَ لها كرايَ ملاعبا
لستُ الذي يُعطي الزمانَ قيادَه / ويروحُ عن نهجٍ تنهَّجَ ناكبا
آليتُ أقْتَحمَ الطُغاةَ مُصَرِّحاً / إذ لم أُعَوَّدْ أنْ أكونَ الرّائبا
وغرَسْتُ رجلي في سعير عَذابِهِمْ / وثَبَتُّ حيثُ أرى الدعيَّ الهاربا
وتركتُ للمشتفِّ من أسآرِهِمْ / أن يستمنَّ على الضّروعِ الحالبا
ولبينَ بينَ منافقِ متربِّصٍ / رعيَ الظروف ! مُواكباً ومُجانبا
يلِغُ الدّماءَ مع الوحوشِ نهارَه / ويعودُ في اللِّيل ! التَّقيَّ الراهبا
وتُسِيلُ أطماعُ الحياةِ لُعابَهُ / وتُشِبُّ منه سنامَهُ والغارِبا
عاشَ الحياةَ يصيدُ في مُتكدِّرٍ / منها ويخبِطُ في دُجاها حاطبا
حتى إذا زوَتِ المطامِعُ وجهَها / عنه وقطَّبَتِ اللُبانةُ حاجبا
ألقى بقارعةِ الطريقِ رداءَه / يَهدي المُضِلِّينَ الطريقَ اللاحِبا
خطَّانِ ما افترقا فامَّا خطَّةٌ / يلقى الكميُّ بها الطُغاة مُناصبا
الجوعُ يَرْصُدها وإمَّا حِطَّةٌ / تجترُّ منها طاعِماً أو شاربا
لابُدَّ " هاشمُ " والزَّمانُ كما ترى / يُجري مع الصَّفْوِ الزُّلالِ شوائبا
والفجرُ ينصُرُ لا محالةَ " ديكَهُ " / ويُطيرُ من ليلٍ " غراباً " ناعبا !
والأرضُ تَعْمُرُ بالشّعوبِ . فلن ترى / بُوماً مَشوماً يَستطيبُ خرائبا
والحالِمونَ سيَفْقَهون إذا انجلَتْ / هذي الطّيوفُ خوادعاً وكواذباً
لابُدَّ عائدةٌ إلى عُشَّاقِها / تلكَ العهودُ وإنْ حُسِبنَ ذواهبا
أسرفتِ في ترف الجْمالِ
أسرفتِ في ترف الجْمالِ / وسكِرتِ من خمر الدَّلالِ
وثنيتِ طرَفكِ فانثنى / يرمي الظِلالَ على الظلال
أعيا جمالُك منطقي / وسما خيالُك عن خيالي
يا " جينُ " لطفُ الخمر / أنّكِ كنتِ ماثلةً حِيالي
ما شاء فليكتبْ عليَّ / الدهرُ إنّي لا أُبالي
إذ كان خَصْرُكِ في اليمينِ / وكان كأسي في الشِّمال
أمُنعِّمَ القلب الخلي
أمُنعِّمَ القلب الخلي / تركتني حِلْفَ المحنْ
لم ترع عهد فتى رعاك / على السريرة وأتمن
سل جفنك الوسنان هل / علمت جُفوني ما الوسن
لحظ الحبيب أثار بين / النوم واللحظ الفتن
ان كان لا بد الرِّهانُ / فرحمةً بالمرتهن
رفقاً بقلب ما درى / غيرَ الشجى بك والشجن
يصبو لذكرك كلما / ناح الحمام على فنن
اخشى يطول على الصراط / عذاب مطلعك الحسن
ما ضرَّ من ضمن الحشا / لو كان يرعى ما ضمن
طَرْفٌ قرير كان فيك / رماه هجرك بالدَّرَن
الله ماذا حَمَّلت / كفُّ النوى هذا البدن
لا تحسبوا ماءَ الفرات / كعهدكمْ فلقد أجَن
حسد الزمان ليالياً / سَمَح الوصال بها فضن
أعذَرْتُمُ لولا النوى / ووَفَيْتُمُ لو لا الزمن
لو تشترى بالروح / أيام الصبا قل الثمن
ولقد وقفتُ بداركمْ / وكأنها بطن المِجَنْ
يا مألف الأحباب حُلْتَ / وحال عهدُك بالسَّكن
واعتضتَ آراماً سوانحَ / فيك عن ريمي الأغن
وذَعْرتَ سِربي بالفراق / فليت سربَك لا أمِن
ويحَ المعذب بالبِعاد / تَهيِجُه حتى الدِّمن
ماذا على العُذّال إن / وجد المقيم بمن ظعن
أيلام إلْفٌ بان عنه / أليفُه فبكى وحن
لو لم يشُفِ القوس / مرمى سهمه ما كان رن
أسْدَى إليَّ بكَ الزَّمانُ صنيعا
أسْدَى إليَّ بكَ الزَّمانُ صنيعا / فحمِدْتُ صيفاً طَيَّباً وربيعا
أجللتُ منظرَكِ البديع ومنظرٌ / أجللته لِمْ لا يكونُ بديعا
دَرَجَ الزمانُ بها سريعاً بعد ما / ناشدتُه ألا يمرَّ سريعا
قرَّتْ بمرآها العُيونُ وقرحةٌ / للعينِ ألا تُبصرَ المسموعا
ونعمتُ أُسبوعاً بها وسعيدةٌ / سَنَةٌ نعمتُ خلالهَا أسبوعا
ألفيتُ حسن الشاطئَيْنِ مرقرقاً / غضّاً وخِصْبَ الشاطئينِ مَريعا
وأضعتُ أحلامي وشرخَ شبيبتي / وطَلاقتي فوجدتُهُنَّ جميعا
صبحٌ أغرُّ وليلةٌ جذلانةٌ / بيضاءُ تهزأُ بالصباحِ سُطوعا
والبدرُ بالأنوارِ يملأُ دجلةً / زَهْواً ويبعثُ في النفوسِ خُشوعا
وترى ارتياحاً في الضِّفافِ وهِزَّةً / تعلو الرّمالَ إذا أجدَّ طُلوعا
وجرتْ على الحصباءِ دجلةُ فِضَّةً / صُهِرَتْ هناكَ فمُُوِّعتْ تمويعا
وكأنَّما سبكوا قواريراً بها / مضَّ السَّنا فتصدَّعتْ تصديعا
وترى الصخورَ على الجبالِ كأنَّما / لَبِسَتْ بهنَّ من الهجير دُروعا
دُورُ الخلائفِ عافها سُمَّارُها / وتقطَّعَتْ أسبابُها تقطيعا
درجتْ بساحتها الحوادثُ وانبرى / خَطْبُ الزمانِ لها فكان فظيعا
حتى شواطئُ دجلةٍ منسابةً / تأبى تُشاهد منظراً مفجوعا
أبَّنتُها مرئيَّةً ولطالما / غازلتُ منها حسنَها المسموعا
ولقد تُذَمُّ جلادةٌ في موقفٍ / للنفس أجملُ أن تكونَ جزوعا
قصرُ الخليفةِ جعفرٍ كيف اغتذى / بيد الحوادثِ فظَّةً مصفوعا
وكَمِ استقَرَّ على احتقار طبيعةٍ / لم تألُه التحطيمَ والتصديعا
ولقد بَكْيتُ وما البكاءُ بِمُرجِعٍ / مُلكاً بشهوةِ مالكيهِ بيعا
زُرْ ساحةَ السجنِ الفظيعِ تجدْ بهِ / ما يستثيرُ اللومَ والتقريعا
إن الَّذينَ على حساب سواهُمُ / حلبوا ملّذاتِ الحياةِ ضروعا
رفعوا القصورَ على كواهلِ شعبهِمْ / وتجاهلوا حقّاً له مشروعا
ساسوا الرعيةَ بالغرورِ سياسةً / لا يرتضيها من يسوسُ قطيعا
حتى إذا ما الشعبُ حرَّركَ باعه / فاذا همُ أدنى وأقصرُ بوعا
ووقفتُ حيثُ البحتريُّ ترقرقت / أنفاسُه فشفعتُهُنَّ دُموعا
أكبرتُ شاعرَ جعفرٍ وشعورُهُ / يستوجبُ الاكبارَ والترفيعا
ولَمَستُ في أبياتِه دَعةَ الصِّبا / ولداتهِ والخاطرَ المجموعا
ولئن تشابهتِ المنَاسبُ أو حكى / مطبوعُ شعري شعرَهُ المطبوعا
فلكَمْ تَخالَفُ في المسيلِ جداولٌ / فاضَتْ معاً وتفجرَّتْ ينبوعا
عَبثَ " الوليد " بشرخِ دهرٍ عابثٍ / وصَبا فنالَ من الصِّبا ما اسطيعا
ونما رفيعاً في ظلالٍ خلائفٍ / في ظلِّهمْ عاش القريضُ رفيعا
لا عن بيوت المال كان إذا انتمى / يُقصَى ولا عن بابهم مدفوعا
قَدَرُوا له قَدْرَ الشعورِ وأسرجوا / أبياتَهُ وسْطَ البيوتِ شموعا
ضيفَ العراق نعمتَ من خيراتهِ / وحَمِدْتَ فيه قرارةً وهجوعا
إنْ تُعْقَدِ الحَفلاتُ كنتَ مقدَّماً / أو تُنبرِ الأمراءُ كنتَ قريعا
وأظُنُ أنَّكَ لو نمتْكَ ربوعُهُ / لشكوتَ منه فؤادَكَ المصدوعا
ولكنتَ كالشعراءِ من أبنائه / ممَّنْ تُجوهلَ قدرُهُمْ فأُضيعا
لك في " الَّتي " راشَتْ جناحك رِفقةٌ / لولا جلادتُهم لماتوا جوعا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025