القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 67
الشكرُ يجدر أن يُمثَّل عيدا
الشكرُ يجدر أن يُمثَّل عيدا / فرحاً بأحلام الجدودِ جديدا
وبكلِّ إرثٍ لا يُجِّررُ ذيلهُ / زَهواً ولكن يستقل مزيدا
يُحصىِ لنا النِّعم الجسام وإن تكن / منا ويفرض حَقَّها التمجيدا
حُرِّيةُ الإنسانِ في إيمانه / وُشعورِه لا يائساً رعديدا
يمشى على الخوفِ الأثيمِ مُظفراً / والعوزِ يهتفُ للحياةِ سَعيدا
كل الصعابِ حيالهُ ما جاوزت / شوكاً لزهرٍ يَستعُّز نَضيدا
يا أمنَّا الأرض العزيزةَ طاولي / كُلَّ الكواكب وامرِحي تعييدا
لن يسقطَ الإنسانُ من عليائِه / فالسَّيرُ كان على الجبالِ وئيدا
يكفيكِ في هذى الربوعِ سُمُّوهُ / كبدايةٍ حتى يسير مديدا
وطنٌ تضمَّخَ بالمبادئ والمنى / والنبلِ حتى قد يُعدَّ فريدا
وتُطل منه التضحياتُ شواهداً / تُومي فتعلنُ رائداً وشهيدا
العيدُ ليسَ له خصيصاً وحدهُ / ولو أنَّ في الدنيا وَغىً وعبيداً
ما كان عن نقدِ النظامِ مُبَّرأ / لكنه مَثلٌ سما وأجيدا
مَثلُ الحكومةِ من صميمِ الشعب لم / تَعرف سِوَاهُ مُسوداً معدودا
وطنٌ حبتهُ يدُ العناية كلَّ ما / يَهوى فآثرَ أن يفىِ ويَجودا
ببنيهِ بر وبالشعوبِ جميعها / لو مكنَّتهُ ولو جزتَهُ جحودا
أهلاً بيومِ الشكرِ يغمرنُا رضىً / حتى الفقيرُ أَعزَّ فيه العيدا
رَّقت بشاشته كأنَّ بيومه / رَقَصَ الربيعُ مُمازحاً غرّيدا
ساوى الفقيرُ به الغنىَّ طلاقةً / والغيمُ رقرقَ في الدموعِ قصيدا
هي فرحةٌ عمَّت ومظهرُ نعمةٍ / شَملت فلم نرَ سيداً ومسودا
لم يُحصِ أنفاساً عليه مُسلَّطٌ / يوماً ولا هو سامه تحديدا
فُرصُ الحياةِ أمامهَ موفورةٌ / وتكافأت كالنورِ فاضَ وَحيدا
أهلاً بيومِ الشكر من نعمائِه / نَهبُ الحياةَ ولاءنا المعدودا
نَهبُ الحياةَ عواطفاً ومساعياً / حتى يُحس جميعنا التعييدا
ونُبادلُ الأنخابَ بين موائدٍ / حملت لعرفانِ الجميلِ شُهودا
وصلاتُنا البرُّ العميمُ وحُّظنا / حُّظ الجميع نَزيدُهُ تجديدا
أهلاً به للناس مظهرَ رحمةٍ / ووفاءَ أفئدةٍ أبينَ جُمودا
أهلاً به عُنوان كلِّ كريمةٍ / تذرُ المناحَةَ في الوجود نشيدا
يا أيها الموتى ويا من خُلدوا
يا أيها الموتى ويا من خُلدوا / في الموت حين الحُّى رهنُ تبابهِ
لم يبلغ الغدرُ المشينُ منالهُ / منكم ولكن نالَ من أربابه
هي قصَّةُ الوحشِ الضرير وما دَرَى / بطشَ الزَّمانِ بِظفرهِ وبنابه
دوَّى وزمجرَ وهو غيرُ محاذرٍ / يقظٍ فهيأ كهفهُ لخرابه
يُحيى الضحايا الذكرياتِ وإنها / لأجل من ذكرٍ ومن أنصابِه
لأجل من معنىً نُمجِّدُ يومَه / وأَعُّز من حُبٍّ لدى أحبابِه
اليومَ قدَّسهُ الألى رزئوا به / من قَبلُ واحتشدوا لدى محرابه
وَرَنت له أممٌ بدمعةِ حائرٍ / وِجلٍ تُحسُّ مصابها بمصابِه
فالغدرُ ما برحَ المسيطرَ ضارباً / بالعدلِ لا يُعنى بغيرِ طلابِهِ
مُتبختراً متشدقاً بجميعِ ما / جَعل السلامِ خُرافَةً للنابهِ
فليحذر الأحرارُ وليتكاتفوا / فالعدلُ غيرَ الظلم رغمَ خضابه
والناسُ مهما خُودعوا لن يرضخوا / للعسفِ والجبروت يومَ حِسابِه
لمن النجومُ رقصنَ فوقَ خميلةٍ
لمن النجومُ رقصنَ فوقَ خميلةٍ / قُبلاً وأحلاماً تَرف طويلا
وخفقنَ ألواناً حملنَ عواطفاً / وأضأنَ أنغاماً تردُ جميلا
لمن التهَّللُ في الغصون نواعساً / سَكرىَ فأيقظها النسيمُ بليلا
لمن الثلوجُ وقد نُثرنَ جواهراً / بِيدِ الألوهةِ تستحث بخيلا
ساوت فما تركت عزيزاً مُفرداً / وَحَبت فلم تَذرَ الفقيرَ ذليلا
لِمن الحمائمُ قد طلعن عرائساً / سَفرت وأرسلت النشيدَ هَديلا
كانت يُحجِّبها الصقيعُ فردَّهَا / للناسِ تعييدٌ يَعُّز مثيلا
ورأت حُبور الناسِ دفأ مُنعشاً / من بَعدِ ما كان الجليدُ ثقيلا
لمن الطفولةُ في تحُّررِ بهجةٍ / لم تَرضَ عنها في السرورِ بديلا
غُصَّت حوانيتُ الهدايا حولها / بجميع ما فد جاوزَ التخييلا
وكأنّما اللعُّبُ استقلت مثلها / بالعيدِ واحتفلت به تمثيلا
لمن المعابدُ والمسارحُ اشرقت / أَمماً تقدّسُ رائعاً وجميلا
لمن الأناشيدُ الحبيبةُ رَدَّدت / لحنَ السلامِ مُسلسلاً ونبيلا
لمن الهوىَ والفُّن حينَ تألقَّا / طُهراً وحين تباريا تقبيلا
لمن التَّهلُّلُ والجميعُ كأنَّهم / أطفالُ لم يستمرئوا التحويلا
دُنيا السماحةِ والتحُّررِ والنَّدى / شَعَّت وما خَذلت بها تأميلا
وَكَسا منازِلنا نعيماً سابِغا / رُوحٌ باشهى الصفوِ كانَ كفيلا
لمن المظاهرُ والحقائقُ هذهِ / عَجباً كأنَّ البؤسَ رُدَّ قَتيلا
وَكَأنمَّا الظلمُ الرهيبُ قد انتفى / والعدلُ أصبحَ كالجمالِ ظليلا
هي بعضُ وجدانِ الوجودِ يَزفه / حُبَّاً لمن هو أطلعَ الإنجيلا
من لا تزالُ على السماءِ عظاتُه / هذى الشموسُ تُواكبُ التنزيلا
من روُحه روحُ الإِله وِسُّرهُ / سرُّ الحياةِ على الأبُودِ نزيلا
من عَلَّمَ الإنسانَ قيمةً نفسه / لو شاءَ حَظَّاً في الحياةِ جليلا
بُوركتَ ميلادَ المسيحِ وبُوركت / مُثلٌ رُفعتَ لنا وجئتَ مُنيلا
من عاشَ يُكرِمها فما ضاقت به / دُنيا ولا وَجدَ السلامَ ضئيلا
ألقاكَ في وطني الحبيب الأوَّلِ
ألقاكَ في وطني الحبيب الأوَّلِ / ولئن تكن قُربى ولم تتَّرحَل
لستَ الغريبَ ولستُ عنه مُغربَّاً / فَبكلِّ دارٍ فيه ألمحُ منزلي
فَتلقَّ من قلبيِ الوفيِّ تحيةً / هيَ من أشعَّةِ مصرَ لم تتبدل
ولو أن فيها من دُموع مشاعري / نَغماً يذوبُ إلى الحبيبِ الأوّلِ
ولو ان فيها من حنينِ عُروبتي / لحناً أَعمَّ ومن هواىَ ومأمليِ
حُيِّيت عيسى أينَ كنت فإنَّما / تَلقى غِراسَ السابقِ المتفضل
في كلِّ قُطرٍ للعروبةِ نَشوةٌ / بلقاءِ أكثم أو لقاءِ الأخطلِ
وبكلِّ ركن للحميِّةِ والهدى / للمسلمين تَحل أطيبَ مَنزل
يا من فَتنت الجيلَ غيرَ مدافعٍ / بجنانه وحديثه المتهلل
يا من بذلتَ من الفؤادِ مُضحِّياً / في دفعِ مَظلمةٍ ورفعِ مُؤملِ
يا من له غُررُ المواقفِ عّدُّها / لا يُستباحُ لو انتهت لِلمجتلى
يا صاحبَ الأدبِ الرفيع تَفننُّاً / وَمُجلجلَ الصوتِ النبيلِ الأكملِ
أنظر حيالكَ لا تجد إلاّ مُنى / رُسُلاً من الشعبِ الجريح الُمغفلِ
ولأنتَ أحصفُ بل وأكيسُ سامعاً / أو قائلاً أو عاملاً من مقولى
هذى تحَّيةُ وامقٍ بك واثقٍ / متطِّلع لبزوغِ عَهدِ أجمل
حتى يُقبِّلَ تُربَ مصر مُرحبِّاً / بكَ مرةً أخرى بشعرٍ أَمثل
وَيزفَّ ملحمةَ الخلودِ تألقت / بروائعِ الماضي إلى المستقبل
أَسمعتَ أجراسَ الكنائس خُشعَّاً
أَسمعتَ أجراسَ الكنائس خُشعَّاً / ورأيتَ نور الحبِّ كيف تضوعا
اليومُ عيدٌ للبريَّةِ شاملٌ / كالنورِ هزَّ رياضَها والبلقعا
ما كانَ عن تقديره مُتخلفٌ / فهو الأبُ الحاني يُلبىّ من دعا
عيدُ السلام على البسيطةِ كلهَّا / ولو أنَّ فيها من جِراحٍ موُجِعا
عيدٌ به يُجنى الحصادُ مُكرراً / من غَرسِ من بَذرَ السلامَ فأبدعا
إن كانَ خُضِّبَ بالدماءِ فَربُّهُ / كان الشهيد لأجله فترفَعَّا
والسلمُ مثلُ الحِّق ليس مقدساً / إن لم يُصن ويَسد وَيَبقَ مُمنعَّا
يا عيدُ أهلاً بالبشيرِ وبالهدى / وجدا بيومكَ للتحررِ مطلعا
لم نَشقَ بالظُّلامِ إلاَّ ساقنا / لسناكَ من ترك الظلومُ مضعضعا
من كانَ مذودهُ الحقيرُ ولادةً / للنبلش من وهبَ الصليب وودعا
نلتف حولكَ في الرموزِ سواطعاً / مُثلاً تلمسَّها الجمالُ فوقعا
عيدَ الفداءِ هل الفداءُ سوى غنىً / أعيا النفوسَ تأملاً وتوسُّعا
عيد الفقيرِ هل الخصاصة نعمةٌ / فلقد جعلتَ الفقرَ أنساً ممرعَا
عيدَ الأخوة في المظاهر والنُّهىَ / مضت القرون ولا تزالُ الَمفزعا
عيدَ الُمكافحِ في الحياةِ بلاونىً / اليومُ ينعمَ بالسكينةِ مُولعا
عيدَ الحزَانى إن روحك ملجأٌ / لهمو ولو ذرفوا لرزءٍ مَدمعا
عيدَ الأسيرِ وقد يكون بأسرِهِ / شعبٌ تَمثَّل بالمسيحِ فأزمعا
عيدَ الطهارة فالأثيمُ بدمعهِ / غَسلَ الذنوب لديكَ حين تَضَّرعا
عيدَ الأمومةِ في أعزَّ جلالها / عيد الطفولة بهجة وتلعلعا
عيدَ الرجاءَ بحاضر وبمقبل / للحالم الواني ومُلهمَ من سعى
لكَ ايُّها العيدُ الحبيبُ تحيَّةً / جمعت قلوباً ليتها تبقى معا
بوركتَ يا شعبَ الكنانة ثائرا
بوركتَ يا شعبَ الكنانة ثائرا / حُراً ويا وطنَ البطولةِ قاهرَا
أُزجىِ إليك تحَّيتي من خاطرٍ / دامٍ ومن قلبٍ يذوبُ شواعرا
يأبى النفاقَ ولا يبوحُ بغير ما / جَعلَ الحياةَ نفائساً وذخائرا
ليسَ الصديقُ هو المقَّربُ وحدهُ / ولربَّ مهجورٍ يُظن الهاجرا
إبدأ بنفسكَ مُصلحاً وُمقوما / فتكونَ أقدرَ حين تَلقى الفاجِرا
إن كان غيبني العتاةُ فَمهجتني / لكَ أينَ كنتَ مُكافحاً ومُناصِرا
آبى مساومةَ الطُّغاةِ وإن أذُق / شَرَّ الأذاةِ مُوالياً لكَ ذاكِرا
من عَّلمَ الأسدَ العجوزَ وقد مضت / أيامَّه ألاّ يكونَ مُحاذرا
ليسَ المغامِرُ والموفقُ واحداً / فَمنَ التدهور ما يكونُ مُغامراً
إن كان يُعوزنُا السلاحُ فربَّما / خلقَ الإباءُ بنا السلاحَ الباترا
وَحشٌ للاستعمارِ يُمعنُ شَرُّهُ / باسمِ الحضارةِ والتَّقدمِ ساخرا
وكأنما حسبَ العقولَ نفايةً / للناسِ أو بعضَ الهواجسِ دائرا
هل يُصلحُ المذياعُ من آثامِه / حين الرصاصُ يصيحُ أرعنَ كافرا
حينَ الفظائعث قد خَطبن بألسنٍ / للنارِ واعتلت الجراحُ منابرا
حينَ الأساطيرُ التي يُدلى بها / سَبت بصائر للورى وسرائرا
حينَ الخرائبُ صارخاتُ حول / مثلَ اليتامَى لا تمثِّلُ عامِرا
حين التحُّكمُ في الحقوقِ ونهبها / مِثلُ الوعودِ الضائعاتِ طَوائرا
إن كان حسنُ الظنِّ ذنباً أولاً / فيه فكيف يُعُّد ذنباً آخرا
هو غايةُ الإجرامِ للوطنِ الذي / عانى وعانى من أذاهُ خسائرا
لن يمنحَ الوطنُ المفدَّى صفحهُ / لفتىً يُخادع أو يُخادع صابرا
ويرى بالاستعمار بعضَ خلاصه / هل كان الاستعمارُ إلاّ جائرا
يفتُّن في سفك الدماء وإنها / لأَعز ما خلقَ الإباءَ الثائرا
يا ليتني كنتُ الفداءَ وإن أكن / أعطى أعزَّ نهاى فكراً سائراً
وابيتُ من شيخوختي اسقامها / فوهبتُ صدقَ هواى لحنا شاعرا
ما كان من شيمِ الأسودِ تسفُّلٌ / فهو ابنُ آوى كيفَ قالَ مُكابرا
قَرنٌ من التغرير علَّم نشأنا / أن يَحذروه مفاوضاً ومُشاورا
الغادرُ السَّفاحُ نافارينُ لم / تبرح تُحِّدثُ عنه عَهداً غادرا
منه تَلقنت الدسائسُ فنهَّا / وقَتلنَ للفن الوضيعِ ضمائرا
حذاً بنى وطني فذاك عدوكم / مهما تقلبَ في المظاهرِ ماكرا
لا تمنحوه سوى القطيعه وحدَها / فمن القطيعةِ ما يكونُ الزاجرا
أو ما يكون به الخلاصُ ليومكم / وغدٍ نؤَملُ فيه بعثاً باهرا
حذراً بنى وطني وكونوا وحدةً / فعالةض لا ضجةً وحناجرا
ليست سلاَمتكم مجالاً هيناً / إن السلامةَ قد تكونُ مخاطرا
لا تأسفوا مهما حزنتم للألى / ذهبوا الضحايا في القناة حرائر
حملَ الأديمُ من النجيعِ وَصيَّةً / تبقىَ لأحقابٍ تدومُ ذواكرا
ويظل يسألنا المزيدَ تطهُّراً / من رجسِ ماضينا ويُرشد حائرا
خلوا التغنِّى بالجدودِ وفضلهم / مهما تلألأ روعةً ومفاخرا
فهو الغنى بذاته عن ذكرهِ / إلاَّ ليلهمَ عافياً أو ساهرا
وخذوا بأسبابٍ لمتعةِ حاضرٍ / إنَّ الحقيقةَ ما تمثَّلَ حاضرا
كونوا من الشهداءِ في إعجازكم / بثباتكم لا تجعلوهُ العابرا
لا عُذرَ بعدَ اليومِ عند تهاونٍ / إنَّ التفوقَ لا يُطيقُ معاذرا
أديتَ واجبكَ المقدَّسَ كاملاً
أديتَ واجبكَ المقدَّسَ كاملاً / وتركتَ للأجيالِ ذكركَ شاغلا
مهلاً أبا الأحرار مهلاً إن تكن / أعمارُ مثلك كالشموسِ مراحلا
إنَّا بنى الأرضِ الذين شقاؤهم / باقٍ نودِّعُ فيكَ ظلاًّ راحلا
كنا نَفئُ إليكَ في آلامنا / ونرى رجاحَتكَ الملاذَ الكاملا
والآنَ واحتنا الفسيحةُ أصبحت / حُلماً وعانقت الفناءَ الهائلا
كَم كان خصمك خاذلاً ليقينه / وأبيتَ أن تلفىَ لخصمك خاذلا
ولكم أغثتَ من الكوارث جاحداً / وفككت مغلولاً فراحَ مُخاتلا
ولكم رددتَ من السهامِ مكافحاً / ولكم غَضضتَ عن العداءِ مُجاملا
وعُرفتَ في الحالينِ أكرمَ كَيسٍ / نسىَ الإساءةَ بل أقالَ الجاهلا
قد بحَّ صوتُك هادياً ومنادياً / أمماً بنكبتها تُطيعُ الهازلا
وإذا تيقَّظَ أى شعبٍ ببنها / ألفيته الأسرَ المسئَ الغافلا
يا ليتها في الرُّزءِ تدفن عجزَها / شمماً وتدفنُ ذلةً وسلاسلا
صورٌ تزاحمَ رسمها في عبرتَيِ / لما أتيتك راثياً ومُسائلا
يا ضيعةَ الإنسانِ في استعلائه / وكأنما بالمجدِ أصبحَ زائلا
ولقد بَحثتُ فما غَنمتُ حقيقةً / ودفنتُ آمالي وعشتُ الثَّاكلا
وسَخرتُ من علمي ومن أدبي معاً / وأبيتُ أن أُدعى الحكيمَ العاقلا
وظللتُ يقذفني الخضم بموجهِ / من بعدِ ما أبصرتُ فيك الساحلا
ولو ان إنشادى الدماءُ لشاعرٍ / حملَ الجراح ولم يزل مُتفائلا
أبداً يصارعُ عقلهُ وجدَنهُ / ويَرىَ الوجودَ مآسياً ومهازلا
ويرى مماتَ النابهينَ جريمةً / مهما تُسَّوغَ والقضاءَ القاتلا
أرقد صديقي في خلودك وَحدهُ / إن لم نَجد نحنُ الخلودَ الشاملا
أرقد فحسبك ما حَملت من الأذَى / وداع الممات يُميتُ داءكَ عاجلا
فلقد خلقتَ بما صنعتَ مآثراً / ملءَ البيانِ خوالداً وحوافلا
لو يعرف الطِّبُ الصَّناعُ وسيلةً / لأعَادَ صوتك بالمواعظِ حافلا
أو يَعلمُ الجراحُ أىَّ يتيمةٍ / قُطعت لدامَ من الفجيعةِ ذاهلا
عانى وعالجَ والمماتُ مرفرف يقظ / يُخيِّبُ آسياً أو حائلا
لبنانُ لم يبرح بذكرك شامخاً / ويظل معتزاً بفكركَ طائلا
جَبلٌ من الفكرِ الأصيلِ جيوشه / زحفت بمثلكَ كالغزاةِ جحافلا
إن تنسكَ الدنيا ولن تنسى فقد / أحيالكَ الأرزَ الوضئَ مشاعلا
أهلَ الهدى صُونوا تُراثا للهدَى / فخماً وذودوا عن عُلاَها الباطلا
عاشت لكم ذُخراً ومجداً صائلا / فابنوا لها ذُخراً ومجداً صائلا
وإذا مضى علمٌ فأحيوا ذكرهُ / علماً تناسخَ نورهُ متواصِلا
سيعيشُ في همٍّ ويشقى دائماً
سيعيشُ في همٍّ ويشقى دائماً / من عاشَ مشغولاً بهمِّ النَّاسِ
فعلامَ يا نفسي افتتانُك بالورى / وهمو القساةُ على الأبرِّ الآسى
العشبُ يَلثمُ أرضَه بِوفائه / وهمو الجناةُ على هوىً ومواسى
فأجابت النفسُ التي لم ترتدع / يوماً وإن يرشَد حليفُ الكاسِ
أنا بعضُ هذا النَّاسِ كيفَ أعافهم / وجميعُ إحساسٍ بهم إحساسي
شعراءَ مصر ولا أقول جميعكم
شعراءَ مصر ولا أقول جميعكم / ما بالكم صرتم نكايةَ أهلكم
هل أذنبت مصر الرؤوم فخيركم / في صمتهِ والذلَ مَيسمُ جُلِّكم
يا ناصرينَ الظلمَ دون تَوَّرعٍ / متقلبين على تنوع شكلكم
لم تدَّعونَ الفن في أفعالكم / والفن قد خنقته وصمةُ فِعلكم
عَّم الفسادُ وأنتمو أعوانُهُ / فإليهِ مرجعُ حَوِلكم أو طوِلكم
قاطعتموني واستبحتم سقوَتي / وكأنني ما كنت منَشدَ قَولكم
بل لم أزل أشدو بتغريدٍ لكم / أنيَّ تنَّزهَ عن حقارة ذُلكم
فيمَ التشُّدق بالسموِّ بشعرِكم / وهو التبيعُ لمن هوى من قَبلكم
لا تحسبوا الكتَّابَ أحقرَ منكمو / فَمثالهم مُستلهمٌ من مِثلكم
الحوت حينَ تسبحونَ لعرضِهِ / قلبَ السفينةَ عابثاً من حولكم
يا للدعارِة والهوانِ فَعرضُكم / أَمسىَ الرهينَ لِجبنكم ولجهلكم
وإذا شُتمتُ فَشتمىِ في غُربَتي / شرفٌ أتية به آيةُ فضلكم
وطني رأيُتك في الربيعِ فعطرُهُ
وطني رأيُتك في الربيعِ فعطرُهُ / حولي شذاكَ برعشةٍ كتلهُّفي
ورأيتُ أيام الشبابِ بلا بلاً / غنت ونوراً شاقَ غيرَ مزيفِ
ورأيتُ أيامَ اغترابي كلهَّا / نبضَ العليلِ وخفقَ قلبِ الموجفِ
تتباطأ الأعوامُ وهي سريعةٌ / كخواطري ومريرةٌ كترشفُّى
أبداً أحن إليكَ غير مؤمل / حظاً سوى هذا الحنينِ المتلفِ
والمجدُ أن ألقاك حُراً رافلاً / بِعلاَكَ لا أرجوكَ يوماً مُنصفي
لا يرتَجى الأحرارُ يوماً مغنماً / غير العذابِ وغير كيدِ المرجفِ
في الروعِ لا ينسى الورى إيذاءهم / لكنَّهم ينسون عند المقصف
أهلاً بعطركَ لا أبالي بعده / أعرفتَ ما ضحيتُ أم لم تعرفِ
هو رجعُ أشواقي إليكَ تُعيده / شعراً على النسمات جدَّ مؤلفِ
قالوا جننتَ نعم جُننتث وقد غدا / ذاك الدخيل مضيعيِ ومعنفِّي
لا تنهروني إن ضحكتُ وقد بكى / حولي الربيعُ لغربتيِ وتَعففي
لاتنهروني إن بكيتُ وموطني / نهبٌ لكلِّ مُعربدٍ مُتفلسفِ
لا تنهروني إن شُغلتُ بحبه / رغمَ الجناةِ على دون تأسُّفِ
لا تنهروني إن حلمتُ بكل ما / عانيتُ فيه كأنهُ حظ الوفي
لا تنهروني عند نجواىَ فكم / أهفو لأوصافٍ له لم تُوصفِ
لا تنهروني حين خلتم أنَّنى / أغني بما حولي يَهشُّ وأكتفى
لا تنهروني إن يَلجَّ بي الهوىَ / فطغى كطغيانِ العذول الملحفِ
لا تنهروني إن تبلبل خاطري / فالكونُ من حولي قرينُ تشوفي
لا تنهروني قد رضيتُ تهدمي / وكأنني آثارُ قاعٍ صفصفِ
لا تنهروني وأسألوا عن لوعتي / أمِّي الطبيعةَ في أسىً وتلطُّفِ
لا تنهروني رُبَّ صخرٍ جاثمٍ / يرنو إلىَّ يود لو هو مُسعفيِ
أتوسوسين لنا بسرٍّ قد خبأتِ مدى الشتاء
أتوسوسين لنا بسرٍّ قد خبأتِ مدى الشتاء /
هذى البراعم إذ تُفتَّحُ لا يُخالطها الرياء /
تروى لنا الأزهارُ والأوراقُ من نفح الحياة /
سراً ومن قُبلِ الجمالِ أحب ما تهوى الشفاه /
النحل تفهمها فكيف الناسُ هل معنى الوجود /
لغزٌ يفوت العقلَ إذ يعلو ويُخطئه الصُّعود /
أنا من فهمتكِ بل عشقتكِ إذ أنا شئٌ صغير /
أنا بعضُ هذا النحلِ في شغفى وفي حلمي القرير /
ست من السنوات جاوز عمرهَا
ست من السنوات جاوز عمرهَا / عُمرى بل الأبدَ السحيقَ ورائى
هيهاتَ أغفرُ ما جنتهُ فلمؤها / رَممٌ من الآمالِ والأرزاء
خُلطت كأشلاء الحروبِ وليتها / دُفنت ولم تضحك على أشلائي
وإذا بُعثنَ فما أرى إلاَّ الأذى / فيها وما يُشجى من الأصداءِ
فكأنّما الآمالُ لا بعثُ لها / وكأنما الأرزاءُ دُمنَ إزائي
قالوا يحف بكَ النعيمُ ألا ترى / بعضَ الحنينِ هو الجحودُ لنائي
إن كان فالقلبُ الموزعُ شاردٌ / مثلَ النعامة في رؤى الصحراء
يجرى إلى الماضي فينقله الهوى / فوق النجومِ إلى أحبّ سماءِ
يقتاتُ من إشعاعها وخيالها / ويعودُ بين مجاعةٍ وظَماءِ
لو أستطيع خَنقتها بانأملي / فعلى يَدِى سكبت عزيزَ دِمائي
ست من السنوات كم من لوعةٍ / فيها وكم من رعشةٍ لوفائي
ودمي يسيلُ على بيوت مشاعري / لهفاً وُذكِى النارَ طىَّ رجائي
ما اخترتها طوعاً ولكن غضبةً / للحقِّ والأَحرار والشُّهداءِ
وأظل أعتنقُ الشقاءَ عقيدتي / ما دمتُ ألهمُ أمَّتى بشقائي
مثلي على الحالين جدُّ مُغرَّبٍ / كالنورِ حين تراه عينُ الرائي
لا موطنٌ لي غيرُ موطنِ مُهجتي / فإذا أبوا لم يبقَ غيرُ إبائي
هيهاتَ أرَضى العيشَ بين أذَّلةٍ / خَصُّوا مودَّتهم بكلِّ مُرائي
سأَظَل أرقُبُ صابراً تحريرهم / من هذه الحشراتِ والأدواءِ
وأظل انتحهم بروحٍ حُرةٍ / لم تُخترم بمنافعٍ عرجاءِ
فإذا حييتُ وقدرتني أمتي / وتحررت لبيَّتها بولائي
وإذ مضيتُ إلى الفناء وهبتها / في الغربتينَ هواىَ دون فناء
ما كان هذا اليومُ عيداً يُشتهى / والنفيُ يَلطمُ همَّتي وفدائي
أو كانت الأعمارُ غيرَ مآثرٍ / أو كانت الأيامُ غيرَ بناءِ
شمسُ الربيعِ تبرَّجي وتناسي
شمسُ الربيعِ تبرَّجي وتناسي / إنِّي المعَّذبُ بينَ كلِّ الناسِ
هذى خيوطُكِ في دُعابةِ ساخرٍ / ما مسَّهُ حرقى ولا وسواسي
صادت خيالي صيدَها لعواطفي / ورمت بها وبمهجتي للياسِ
إن ترقصي حولي سناءً عاطراً / بمنىَ الربيعِ الطاهرِ الأنفاس
هَلاَّ ادركرت حُشاشةً محرومةً / أنداءَ مصرَ بسمن فوقَ الآسِ
حباتُهُ كانت عقودَ جواهرٍ / نُثرت وكنَّا الُّزهرَ من جُلاسي
هَلا ادكرتِ ما قسوتِ طفولتي / وشبيبتي حين اشتعلت براسي
هلا ادكرتِ صبابتي وخيالها / في النيلِ بين تثاؤبٍ ونُعاسِ
هلا ادكرت ليالياً طلعت بها / كل النجومِ تحوطُني وتُواسي
هلا ادكرتِ وقد دهشتِ لوحشتي / ما يَفقدُ المهجورُ من إيناسِ
هلا ادكرتِ مباهجاً عاهُدتها / ألاَّ أغيبَ فغبتُ دونَ مواسي
هلا ادكرتِ أزاهراً قد نافست / كل الشموسِ لشاعرٍ حساسِ
هلا ادكرتِ مراتعاً ومناحلاً / ملكت علىَّ جوارحي وحواسي
هلا ادكرت منازلاً بادلتها / حُبَّى وخالطَ جوهَا إحساسي
هلا ادكرت الرمل رفَّ بغيده / والبحرُ لي دَن وقرصكِ كاسي
هلا ادكرتِ تعفُّفي عن حاكمس / وتزلفُّي شرفاً لربِّ الناسِ
هلاُّ ادّكرتِ جميعَ ما ضحيَّتهُ / لأعزَّ مصرَ فضاعَ في الأرماسِ
هَلاُّ ادّكرتِ تهافتي لجلالها / فرُجمتُ من أيديِ العقوقِ القاسي
أولا فكوني كيفَ شئتِ أسَّنةً / وصواعقاً وتخَّطري وتناسي
أمسائل القدر العتيّ محيّرا
أمسائل القدر العتيّ محيّرا / عن أصله ومجاله ومآله
اليوم يغنيك الممات كما مضى / من قبل بالخيام بعد سؤاله
فترى الطلاسم مفصحات مثلما / يتحدث الإشعاع خلف طلاله
وترى الجداول مترعات تنتهي / لبحاره وتعيد كل نواله
وترى الخمائل راقصات للردى / رقص المحب إذا احتفى بوصاله
سر في ركاب المحسنين مخلدا / بالعذب والمأنوس من سلساله
ما كنت تعشق في الحياة ككائن / واليوم تعشق ذائبا بخياله
والناس منهم من يحب لذاته / فهي الجواهر نمقت بخصاله
اشعارهم أرواحهم وخيالهم / في كل بيت عارم بخلاله
وسواهم المستوعبون جمالهم / مرآة دنيا الفن رجع جماله
ما كان معدنهم ممثل شعرهم / فصميمه مرآة غير مثاله
يكفيك ما أسديت من أنس لنا / دون التساؤل عن حدود كماله
وعن الكروم وكيف كان رحيقه / ومدى الأصالة فيه واستقلاله
يكفيك ترديد النداء وحولنا / هذي الموائد للوجود وآله
هشت أطايبها وكم صدف الورى / عنها وكل نائح بخباله
ولو أنهم عقلوا لطافوا حولها / ولهللوا للأنس قبل زواله
ولشاركوها في الحبور بصحبة / وترنموا معها بشعر الواله
ما هذه الدنيا سوى أحلامنا / والحلم مثل أب خفا بعياله
إذهب إلى دنيا الخيال ودع لنا / ما افتنّ شعرك شامخا بجلاله
ودع الجمال مرددا أنفاسه / عبق الربيع يشيع في أذياله
واترك تراثك حيرة وتساؤلا / جيلا فجيلا شاخصا لمحاله
الشاعر القرويّ في تكريمنا
الشاعر القرويّ في تكريمنا / اشمى وأكرم من مقام زعيمنا
علقت به آمالنا وتشبّثت / أحلامنا فاعتدّ رمز صميمنا
أمم العروبة ذاته فصفاته / سير البطولة من عريق كريمنا
هو رائد الآتي ونفحة أمسنا / والثار العاتي على تسليمنا
ما اعتزّت الفصحى بشعر صاغهُ / إلا اعتزاز سمائنا وأديمنا
أو تاهت الأخلاق من أندائه / إلا كتيه النور من تكريمنا
أو بشّت الأديان عند عظاته / غلا لروح مسيحنا وكليمنا
أو هزت الألباب ثورة فنه / إلا وأرضخه إلى تعليمنا
العبقرية بضعة من شخصه / والبضعة الأسمى مدار حلومنا
ما كان ذاك الشعر شعر فصاحة / عزّت فحسب ففيه كل نجومنا
وبه الطبية في جميع فصولها / وبه أحب عبيرنا ونسيمنا
وبه تشبّ لنا هموم جمة / وبه الشفاء لياسنا وهمومنا
من لم يحز ديوانه فكأنه / حرم الجنان ففيه كل نعيمنا
كم متعة لي لا تحد جديدة / وتزيد جدتها يبعث قديمنا
أمم العروبة لو قدرت مكانه / قدست مجد حكيمنا ومديمنا
من غير التاريخ من إيحائه / وأثار نخوتنا برغم رميمنا
الأمة الحكماء قبل جنودها / الخالقو الجنات رغم جحيمنا
ما قيمة الأجناد لا يزجيهم / شرف ولا لهف لغير تخومنا
ولرب شاعر أمة مهضومة / كرشيد عاش ضمين حق عديمنا
هيهات أعدل ثروة بتراثه / وأنا الفقير دون حظ عليمنا
فيم اعتذار النابهين إذا نسوا / للشعر حق إمامنا وحميمنا
نمنا ونام الحاكمون بأمرهم / والغاصبون سعوا إلى تنويمنا
حتى غدونا جاهلين رجالنا / الماهدين ونحتفي يخصيمنا
لا بدع إن جلى تذبذب راينا / وغدا الشعار لنا صياح سقيمنا
واليوم إذ طلع الصباح وإن يكن / فيه الضباب معكرا لشميمنا
ولو أن الوان الجهالة لم تزل / شرعا تقدّس بل ودين بهيمنا
نحني الرؤوس له وإن تك قلة / عزّت ولكنا هداة عميمنا
ونود تكتحل العيون بنوره / أبدا وإن يك مائلا بفهومنا
سيجيء عهد نحتفي شرفا به / كالشمس والجوزاء غب غيومنا
ويسابق الأقوام بعضا بعضهم / ليترجموا الآيات في تقويمنا
شعر كهذا الشعر ذخر للورى / جمعا وإن يحسب تراث زعيمنا
باق نعم أنا في ولائي الباقي
باق نعم أنا في ولائي الباقي / أحيا بوحي جنانيَ الخلاق
ستسير أشعاري مسير عقيدتي / وتدوس فوق صغائر ونفاق
ما عابني طعن الحقير وربما / جازيته بالجم من إشفاقي
من ذا يحد تأملي وتفنني / ويغضّ من ألقي ومن إشراقي
فنّي لفنّي كيف كان ومجده / مجد السمو إلى أعز طباق
سيعيش في الآباد لحن حقائق / أزلية ويرف في الأحداق
أنا ذلك البحر الخضم وإن أكن / بوداعتي كالجدول الرقراق
وسع الجنادل والحياة عوالما / وأبت عوالمه حدود نطاق
وأبيت رق الناس حتى إن نموا / في الرق حين استمرؤوا استرقاقي
هيهات لا أرضى سوى حرّيتي / ثمن الحياة فمن يشد وثاقي
لا مارد يوما ولا متجبر / بمذللي بل لن ينال لحاقي
ليس اعتدادي عن غرور إن يكن / طبعي الغرور وليس عن إملاق
بل عن تفجر رائد إيمانه / لا ينتهي ويزيد بالإنفاق
أبدا يدافع عن مبادئه كما / أبدا يدافع كل حيّ باق
كانت بدايتها ختام زعيم
كانت بدايتها ختام زعيم / ونهاية الإجلال والتكريم
من كان رمز كفاحنا وفخارنا / أمسى أثيما بل وايّ أثيم
قالوا تخلّص من مديحك أمسه / هيهات لست وإن هوى بلئيم
ماضيه ماضي أمتي فأمانتي / وكرامتي ذكراه بالتعظيم
والآن أذرف مدمعي لرثائه / حيّا فما ألقاه غير رميم
وأعاف ذكر زنيمة غالى بها / فهوى من العلياء أيّ زنيم
يا ابن الخصاصة حين تحسب عزة
يا ابن الخصاصة حين تحسب عزة / وابن الكفاح على المدى قهارا
في ظلمة الكوخ الحقير تشربت / روح لك النورا النبيل مرارا
فنشأت كالراعي الشفيق على الورى / تستلهم الآلام والأكدارا
وكدحت طفلا في الحقول وبعدها / في الليل تكدح دارسا صبارا
فإذا نبوغك في الطفولة ساطع / مثل الضحى نورا أغر ونارا
وإذا شبابك في فصاحة مدره / بهر الكبار وملك الإكبارا
وبعثت مندوبا لندوة أمة / قدرت نبوغا فيك لا يتوارى
دافعت فيها عن كرامة من هووا / في الرق واعتنقوا الأذى والعارا
ناديت لن تبقى الغداة حكومة / فخرا وزدت جلاله أعمارا
هيهات غير الحق يخلق قوة / هيهات مهما يخلب الأنظارا
لنطلق الأسرى وهم أخواننا / في الرق قد وجدوا الحياة يوارا
وبلغت أعلى منصب قد زدته / فخرا وزدت جلاله أعمارا
لولا التعصب في الجنوب أثاره / زعماؤه في حمقهم إعصارا
وأبوا سوى الحرب الأثيمة وحدها / ردّا وغير جموحهم أنصارا
فجعلت تحرير العبيد سياسة / وتخذت توحيد البلاد منارا
حتى إذا انتصرت جيوشك لم تعد / إلا زعيم بلادك الغفارا
وأخذت تبني من جديد حظّها / كالغيث يطلع في الربى النوارا
ويدا الرجاء من الرماد كأنه / بعث أعاد خلائقا وديارا
فإذا القضاء مهيئ لك مصرعا / واها له والنصر صار معارا
كلا وكلا ما قتلت لميتة / بل للخلود مكرّرا وجهارا
عمّدت بالدم أيها الفادي لنا / مثلا على الأدهار سوف تجارى
ما أن مظلوم وضحى ماجد / إلا وكنت له لظى وشرارا
ورآك في أحلامه ويقينه / أبدا فهمّ يصارع الجبّار
أهتزّ قربك كالزمان قصيدة
أهتزّ قربك كالزمان قصيدة / يا ليت قلبك كان يدرك ما بيا
وتنضدين قصيدتي كمشاعري / في حين تنتفض الحروف أغانيا
تجري أناملك الرشيقة فوقها / جري النسائم منعشات باليا
يا نبع إلهامي المنوّر دائما / ماذا سكبت بها غنى ومعانيا
في كل لفظ فوق ما حملته / ووهبته فصفا وجاوز روحيا
أتلو سطوري بعدما دبجتها / نبضات قلبي المرقصات خياليا
الباسمات وكنّ قبل بواكيا / والآسيات وكن قبل دواميا
والعاطرات من الجنان وما أرى / إلاك ينفحها العبير الغاليا
والشاعرات وكن أمس جوامدا / والمعجزات المخلدات الفانيا
والراويات من الرحيق عواطفا / نشوى وأحلاما تجدد ماضيا
هذي قصيدتي التي أنكرتها / من قبل عادت لي أحبّ رجائيا
عيدان عيد تحرّر وتفاؤل
عيدان عيد تحرّر وتفاؤل / جم وعيد كرامة لبلادي
بهما أتيه وإن نسيت وأهملت / صحفي وأسعد رغم طول بعادي
شأن المحب إذا جفاه حبيبه / جعل الحنين له عطور وداد
أوّاه من لهفي كأنّ خواطري / حرب عليّ ولسن من أولادي
فارقنني شوقا لمصر وفتنني / من بعدهنّ على البعاد أنادي
من مبلغ وطني الحبيب عواطفي / شتّى تزيد وفاتها تعدادي
كالنبت أغفل فاستثير تطلّعا / ونما ولم يقتله غبن أعادي
ومن النفوس رويّة من مائها / والجدب حول جذورها متمادي
ومن النفوس فقيرةٌ لا تغتني / أبدا وإن رويت فهنّ صوادي
ظمئي إلى وطني ظماء معذّب / فداه لا مستثمر متمادي
فارقته لما حرمت وفاءه / ومنعت من إرشاده برشادي
وجعلت منبري المعلى غربتي / مثل المنارة فوق كل سواد
في حين غصّ بماكرين تذبذوا / عمرا وما زالوا من الأسياد
حسبي ترعرعهم لأوثر غربتي / وشموخهم لأعيش في الأصفاد
ما كنت من يرضى الإهانة صاغرا / ونهايّ ي مجد وقلبي زادي
سأعيش في استقلال روحي نافيا / نفسي إذا ما خانني أندادي
وأفوت للتاريخ ذكري هاديا / إن فات هذا الجيل حق جهادي
بوركت جمهورية لم تمتهن / ما بين إقطاع وبين فساد
عنوانها الشورى ولب لبابها / صون الحقوق وعزّة الأفراد
أغلى تراثك وحدة وعدالة / بهما نمت وسمت أعز بلاد
فلتحفلي بهما وبعد فعيدي / ما شئت أو فدعي حلى الأعياد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025