القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 95
مرت حياتي دون أمنيَة
مرت حياتي دون أمنيَة / وتقلَّبت مَللا على ملل
حتى لقيتك ذات أمسية / فعرفت فيك مطالع الأمل
طافت بي الأيام واحدة / لم تلقني فرحاً ولا جزعا
وتمرّ فارغة وحاشدة / وقد استوت ضيقاً ومتّسعا
والعمر سارَ كأنه العدم / سقمي به عندي كعافيتي
فأذقتني ما لم يذقه فمٌ / من أي كاس كنت ساقيتي
ما هذه الدنيا التي اقتربت / فيها المنى والظلّ والثمر
تجتاز وامضة فمذ وثبت / وثب الهوى وتمهّل القدر
قدماك ما انتقلا على درج / حاشاك بل خطرا على ثبج
كسفينة خفّت على اللجج / نَشوى بما حملت من الفرَج
في مظلم متعرج كابِ / والليل تغزوني جحافله
دقّت يد النعمى على بابي / والعيش خابى النجم آفله
يا للمقادير الجسام ولي / من ظلمها صرخات مجنون
باكي الفؤاد مشرّد الأمل / وقف الزمان وبابه دوني
مزّقتِ ظلمة كل ديجور / وألنت ما قد كان منه عصَى
وفتحتِ مصراعيه للنور / ما كنت إلا ساحراً وعصا
ماء ضربت الصخر فانبجسا / وجرى الغداة زلاله العذب
أيقول دهري إن ما يبسا / هيهات يرجع عوده الرطب
صيّرت دعواه لتفنيدِ / وحطمته وهزمت حجّته
وأعدت ما قد جفّ من عودي / مخضوضراً وأقمت صعدته
يا من رأت طللاً كتمثالِ / يستعرض العمر الذي مرَّا
وكأنه في رسمه البالي / ندم الأسيف ودمعة حرَّى
ورد ذوى أو طائر صمتا / العمر مثل الظلّ منتقل
الناس لا يدرون من ومتى / والناس إن علموا فقد جهلوا
ما خطبهم في روضة حالت / أو صوّحت أفنانها الخُضُل
نزل الربيع بها فنضّرها / وأحالها بشبابه لحنا
ومشى الشتاء لها فغيّرها / وأحالها لفظاً بلا معنى
هذا حديث يشبه السِّحرا / هيهات أفرغ من روايته
شفق المغيب جعلته فجرا / وبدأت عمري من نهايته
إني لطيرٌ حائر باكِ / قد كانت الأحزان فلسفتي
ذابت حناناً يوم لقياك / وجرت أغاريداً على شفتي
يا من طويت عليه جارحتي / وسألت عنه الأنجم الزّهرا
وضربت في الصحراء أجنحتي / أستلهم الكثبان والقفرا
والماء أنهَل حيثما كانا / والبرق أتبَع حيثما لمعا
فأرى صفاء الود غيمانا / والمطلق المجهول ممتنعا
كلا ولا لغة له إلا الذي
كلا ولا لغة له إلا الذي / قد جال في عينيك أو عينيّا
أو لفظة جمدت على شفتيك من / فزَع كما ماتت على شفتيّا
أو حسرة مني إليك وحسرة / مرتدة من ناظريك إليّا
لا أنت نائيةٌ ولا أنا ناءِ / إني لديك مُقَيَّدٌ بوفائي
بعضُ الهَوى يُسدي كمِنَّةِ مُنعمٍ / وجميلُهُ دَينٌ رهينُ قضاء
ويقلُّ عُمر الدهر تَوفيَةً لما / أسدَيتِه بجمالكِ الوضَّاء
عُمر الزمان فِدى لساعةِ مُلتقًى / سمحت بها الأقدارُ ذاتَ مساء
أنتِ التي علَّمتِني معنى الحيا / ةِ حبيبةً ونجيَّةً وصديقا
أنكرتُ معناها بغيرِك واستوت / وتشابهت سعةً عليَّ وضيفا
وَوَددتُ لو غال الخلائقَ غائلٌ / مُفنٍ أو اشتعَل الصباحُ حريقا
وسلمتِ أنتِ فأنتِ أدناهم إلى / روحي وأبعدهُم عليَّ طريقا
لا تسألِيني عن غدٍ لا تسألي / فغداً أعودُ كما بدأتُ غريبا
هَتَكَ الستارَ مُقنَّعٌ حسناتُه / يخفين خلفَ ريائِهن الذِّيبا
كان التلاقي بيننا كَفَّارةً / للدهر عن آثامِه لِيَتوبا
فلتَذهَبِ الحسناتُ غيرَ كريمةٍ / سأَعُدُّهُنَّ على المتابِ ذنوبا
أرنو وحيداً للمكانِ الخالي / كأسي وكأسُك فارغانِ حِيالي
مرَّ المساء مُخَيّباً فتساءلا / وتَلَفَّتا لكِ في المساء التالي
حتى إذا مَلا تَرَقُّبَ عائدٍ / يُحيي وَيبعَثُ ميّتَ الآمال
بَكَيَاكِ بالحبَبِ الحزينِ وربّما / بكت الكؤوس على النديم السالي
أرنو إلى الصهباء غامَ شعاعُها / وامتدَّ نحو النفسِ ظلُّ جنابها
وكأنما روحي هناك حبيسةٌ / تطفو وتَرسُبُ في خطوطِ حَبابها
وكأن راهبةً هناك سجينةً / مغمورةً بدموعها وعذابها
ظلَّت تُقيم على الشموعِ صلاتها / حتى تلاشى النُّور في مِحرابها
كم ذكرياتٍ في الحياةِ عزيزةٍ / مَرَّت عليَّ فكنتِ أغلاهُنَّ
حتى إذا عَفتِ الصبابةُ وانقضى / ما بيننا أَقبَلتُ أسأَلهنَّ
وسألتُ عنك العمر ماضِيَه وحا / ضِرَه فكان العُمر أنتِ وهُنَّ
والله ما غدَر الزمانُ وإنما / هانَت عليكِ الذكرياتُ وهُنَّا
يا زهرةً عذراء تنشر عِطرَها / وتُذيعُ في جفنِ الضُّحى أحلامَها
لاقيتُها والريحُ تجمعُ شملَها / والسُّحبُ تجمع بَرقَها وغَمامَها
عانقتُها ظمآنَ أشربُ راحَها / واستقطرت قلبي لتملأ جامَها
فإذا الرياحُ نَزَعنَها عن خافقي / ضَمَّت على أنفاسِه أكمامَها
حُلمٌ كما لمع الشهابُ تَوارى / سَدَلَت عليه يد الزمانِ ستارا
وحبيسُ شَجوٍ في دمي أطلقتُه / متدفِّقاً وَدَعوتُه أشعارا
ووديعةٌ رَجَعت فما خطبي إذا / رُدَّ الذي كان الزمانُ أعارا
قد كان قلباً فاستحال على المدى / لحناً تَنَاقَلهُ الرُّواة فسارا
يا حِصنِي الغالي فقدتُك وانطوى / رُكني وأقفَرَ مَوئِلي ومَلاذي
نعطي ونأخُذ في الحديث ومُقلتي / مسحورةٌ بجمالك الأخَّاذ
والدهرُ يُغريني فأُعرِضُ لاهياً / فيَظَلُّ يَفتِنُني بتلكَ وهذي
والدهرُ يَهزِلُ والغرامُ يَجدُّ بي / ما كنتِ ساخرةً ولا أنا هاذي
هل كان عهدُك قبل تشتيت النَّوى / إلا مخالسةَ الخيالِ الطارقِ
إشراقةٌ وطغى عليها مَغرِبٌ / غيرانُ يَخطفُها كخطفِ السارقِ
أو لمعةٌ لم تَتَّئد ذهبت بها / دَكنَاءُ مدَّت كفّها من حالقِ
وكأن ثغرك والنوَى تَعدُو بنا / شَفَقٌ يلوحُ على نضيدِ زنابقِ
شفتاك في لُجِّ الخواطرِ لاحَتَا / كالشاطِئين وراءَ لُجٍّ ثائر
لهما إذا التقتا على أغرُودةٍ / خرساءَ في ظلِّ الجمالِ الساحر
إسعادُ ملهوفٍ ونجدةُ غارقٍ / وعناقُ أحبابٍ وعَودُ مسافر
وبراءةُ الملكِ المُتَوَّجِ حُسنُه / بجمالِ رحمنٍ وطيبةِ غافر
صَحِبَ الحياةَ فآدَهُ استصحابُها / ركبٌ على طُرُقِ الحياةِ كليلُ
خدعت ضلالاتُ الحياةِ تبيعها / والدَّربُ وَعرٌ والطريقُ طويل
فتلفَّتَ السارِي لعَلَّ لعينهِ / يبدو صباحٌ أو يلوحُ دليل
فبدا له نورٌ وأشرق منزلٌ / أَلِقٌ ورفَّت جنةٌ وخميل
لكِ في خيالي روضةٌ فينانةٌ / غَنَّى على أغصانِها شاديها
يَحمِي مغارسَها وَيَرعَى نبتها / راعٍ يُجَنِّبُها البِلَى ويقيها
فإذا النوى طالَت عليّ وشَفّني / جُرحي وعاد لمهجَتي يُدميها
نَسَقَ الخيالُ زهورَها وورودها / فقطفتُها وشَمَمتُ عِطرَكِ فيها
بعضُ الهوى فيه الدمارُ وإنما / بعضُ النفوسِ على الدّمارِ حِرَاصُ
فيكونُ فيه القيدُ وهو تَحرُّرٌ / ويكون فيه الموتُ وهو خَلاصُ
آمنتُ بالحبِّ القويّ وحتمِهِ / ما من هوايَ ولا هواكِ مَنَاص
إن كان داءً فالسّقامُ دواؤُه / أو كان ذنباً فالمَتَابُ قِصاص
أصبحتُ والدنيا وداعُ أحِبَّةٍ / ودموعُ خُلانٍ وحزنُ رِفاق
فسخِرتُ من صَرَخاتهم وبكائهم / لا دمعَ إلا الدمعُ في أحداقي
لا صوتَ إلا صوتُ حُبّك في دَمي / أُصغي له وأراه في أطواقي
متدفقاً مثل العُباب ومُزبداً / متفجراً كالسَّيل في أعماقي
ساهرتُ أحلامَ الظلام وكلُّها / أشباحُ هجر أو طيوفُ وَداع
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً / وإلى الفناء مَشَينَ جِدَّ سِراع
حتى إذا سَفَكَ الصباحُ دماءَه / وهوى قتيلُ الليلِ بعد صِراع
أبصرتُ في المرآةِ آخرَ قصّتي / ونَعَى بها نفسي إليّ الناعي
يا ربّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا / وهناك تُشرِقُ في الحِمَى والدُّورِ
ومن الشّموسِ دفينةٌ في خاطري / مخبوءةُ الأضواء طيَّ شعوري
وأُحِسُّ في نفسي نقاءَ سمائِها / أصفَى بِرَونقِها من البَلُّور
يا ربِّ أودعتَ الضّحى في مهجتي / وأنا الذي أشقَى بهذا النور
أيكون ذنبي أَن رفع
أيكون ذنبي أَن رفع / تُك وارتفعتُ إلى السماء
وعلى جناحك أو جنا / حي قد رقيتُ إلى الصفاء
إن كان حقاً أو خيا / لاً فهو وَثبٌ للضياء
وتحرُّرٌ مما جنا / ه طينُ آدم في الدماء
أيكونَ ذنبي أن جعل / تُك فوق عرشٍ من سناء
وجثوتُ في محراب قُد / سك عابداً هذا الرُّواء
أيكون ذنبي أنني / بك أحتمي من كل داء
وأراك عافيتي فأَض / رَعُ طالباً منك الشفاء
أيكون ذنبي أن أرا / ك لخاطري قَبَساً أضاء
وأُحسُّ وحيَك من علٍ / لي دون أهل الأرض جاء
أيكون ذنبي أن يُنا / طَ بك التعلُّلُ والرجاء
وإليك شكوى القلبِ نج / وى الروحِ أجمعَ والنداء
أيكون ذنبي أن حب / بَك لي من الدنيا وِقاء
فإذا رضيتِ فإن نع / متَها ونقمتها سواء
أيكون ذنبي أيّ ذن / ب صار لي إلا الوفاء
إنّي عشقتك ما طلب / تُ على محبَّتيَ الجزاء
مَن همُّه هَمّي سيح / مل مِن حبيبٍ ما يشاء
ولقد يُساء فما يَرى / مِن حُبِّه أحداً أساء
قد كان عندي عزّةٌ / بصبابتي وليَ احتماء
إن لانَ عُودي للخطو / بِ شَدَدتِ أزري باللقاء
أنسيت كيف نسيت يا / دنيا على الدنيا العفاء
يا لَلهوَى لا صُبح لي / إلا هواك ولا مساء
أَشوامخُ الأحلام وال / مثلِ الرقيقةِ كالهباء
يا ساعة الحسرات والعبرات
يا ساعة الحسرات والعبرات / أعَصَفتِ أم عَصَفَ الهوى بحياتي
ما مَهرَبي ملأ الجحيمُ مسالكي / وطَغى على سُبُلي وسَدَّ جهاتي
من أي حصنٍ قد نزعت كوامناً / من أدمعي استعصمن خلف ثباتي
حطمت من جبروتهن فقلن لي / أَزِفَ الفراق فقلتُ ويحك هاتي
أأموت ظمآناً وثغرك جدولي / وأبيت أشرب لهفتي وولوعي
جفَّت على شفتي الحياةُ وحُلمُها / وخيالُها من ذلك الينبوع
قد هدَّني جزعي عليك وأدّعي / أني غداةَ البَينِ غيرُ جَزوع
وأريد أُشبع ناظريَّ فأنثني / كي أستبينَك من خِلال دموعي
هان الردى لو أن قلبك دارِ / أأموت مغترباً وصدرُك داري
يا من رفعتِ بناء نفسي شاهقاً / متهلّلَ الجَنَبات بالأنوار
اليوم لي روحٌ كظلٍّ شاحبٍ / في هيكل متخاذل الأسوار
لو في الضلوع أجلتِ عينك أبصرت / مُنهارةً تبكي على منهار
لا تسألي عن ليلِ أمسِ وخطبه / وخذي جوابَك من شقيّ واجم
طالت مسافتُه عليَّ كأنها / أبدٌ غليظ القلب ليس براحم
وكأنني طفلٌ بها وخواطري / أرجوحةٌ في لجّها المتلاطم
عانيتُها والليلُ لعنةُ كافرٍ / وطويتُها والصبحُ دمعة نادم
اليوم منكِ عرفتُ سر وجودي
اليوم منكِ عرفتُ سر وجودي / وعرفتُ من معناك معنى العيد
ما كنت بالفاني وسرُّك حافظي / وبمقلتيك ضَمِنتُ كلَّ خلودي
الآن أعرف ما الحياة وطيبُها / وأقول للأيّام طبتِ فعودي
عاد الربيع على يديك وأشرقت / روحي وأورق في ربيعك عودي
البحر أسأله ويسألني
البحر أسأله ويسألني / ما فيه من ريٍّ لظامئه
متمرِّدٌ عاتٍ يضلِّلني / كَذِب السَّراب على شواطئه
كم جال في وهمي فأرَّقني / أربٌ وأين الفوزُ بالأرب
وسرى بأحلامي فعلَّقها / فوق السُّهى بلوامع الشهب
في يقظةٍ مني وفي وسنٍ / صَرحٌ بِذِروَتِهِنّ متَّحد
الفجرُ والسحر المخضَّبُ من / لَبِناته والقمةُ الأبدُ
واهاً لضافي الظلّ وارِفه / قضَّيت عمري في توهّمه
لما طلعت على مشارفه / أيقنتُ أني فوق سُلَّمه
ومن العجائب في الهوى اثنان / لم يضربا للحبِّ ميعادا
ومحيِّرُ الأفهام لحظان / قَرَآ كتابَهما وما كادا
سارا فمذ وقف الهوى وقفا / يتبادلان الشوقَ والشغفا
عرف الهوى أمراً وما عرفا / من ذلك الداعي الذي هتفا
قَدَرٌ على قدرٍ تلاقينا / كلُّ الذي أدري وتدرينا
أنّا أطعناه مُلبّينا / من أنت من أنا من يُنبِّينا
إن كنت عارفةً وواثقةً
إن كنت عارفةً وواثقةً / وبعمق هذا الحبِّ آمنتِ
فثقي بأنك قِبلتي أبداً / وصلاةُ روحي حيثما كنتِ
إن كان لي في الدهر أمنيةٌ / منشودةٌ أمنيَّتي أنتِ
لا حبَّ إلا حيث حلَّ ولا أرى
لا حبَّ إلا حيث حلَّ ولا أرى / لي غير ذلك موطناً ومقاما
وطني على طول الليالي دارُه / مهما نأى وهواي حيث أقاما
والأرضُ حين تضمُّنا مأهولةٌ / لحظاتها معمورةٌ أيّاما
لا فرق بين شَمالها وجنوبها / فهما لقلبي يحملان سلاما
وهما لعهدي حافظان وقلّما / حفظ الزمان لمهجتين ذماما
وإذا بكيتُ فقد بكيت مخافة / من أن يكون غرامُنا أحلاما
ولربما خطر النَّوى فبكيته / من قبل أن يأتي البعاد سجاما
همٌّ أناخ فما انجلى
همٌّ أناخ فما انجلى / وخلا مكانُك لا خلا
ليل الحياة وكان لي / لِي في الهواجس أطولا
كم لحظةٍ في الصدر نا / شبة كجزّاز الكلا
كالرمس فارغةٍ وإن / حفلت بإيحاشِ البِلى
في إِثر أخرى لم تكن / إلا كجرداء الفلا
بَرَّحنَ بي من وحشةٍ / وقتلتُهن تململا
وجُنِنَّ من قلقي عَلي / ك وكيف لي أن أعقلا
قد رِشنَ لي سهماً يُحا / ول من يقيني مقتلا
فتعرَّض الماضي الجمي / لُ بوجهه متهلِّلا
فلوى عناني فالتفت / تُ فلم أجد لي مَوئِلا
إلا دروعَ اليأس إن / نَ اليأسَ أيسر محمِلا
يقتادني فأردُّه / عن خاطري وأقول لا
يا هند إن يك قلبُك ال / وافي تغيَّرَ أو سلا
وحصدت آمالي فإن / نَ الموتَ أرحمُ منجلا
قالت لميكي سِر بنا
قالت لميكي سِر بنا / نمشي لحاجتنا الهُوَينَى
فأطاع مسروراً كعا / دته ولم يسأَل لأَينا
فيم السؤال وكل شَي / ءٍ طيّبٌ من أجلها
وبنفسه حبٌّ قُصارا / هُ الحياةُ بظلها
ماذا تغيّر عزّة / أو ذلّة في حبها
سارت وكلُّ متاعه / في أن يسير بقربها
يستاف نعلَيهَا ويأ / بى في الوجود مُنافسا
فإذا تخيَّل دانياً / من تربِها أو لامسا
يختال مِلءَ نُباحه / زَهواً ويخطر حارسا
عجباً له ولزهوه / ما يصنع الواهي الصغير
ما يصنع الناب الضعي / ف وما يُخيف ولا يُجير
لكن ميكي لا يبا / لي أن يموت فداءها
في وثبه هيهات يس / أل ما يكون وراءها
الأمر كلُّ الأمر أن / يغدو يدافع دونها
والنفس تُنكر في الضحي / يَة عقلها وجنونها
من ذلك الظلُّ الملا / زِم في الحياة وفي الطريق
المخلصُ الوافي إذا / عَزَّ المنادم والرفيق
من قلبُه صافٍ ودي / دنهُ الولاءُ المطلق
فكأنما فيه الولا / ء سجيَّةٌ تتدفق
وإذا أُسِيءَ فإن أس / مى الحبّ أن يُبدي رضاءه
والصفح عند ذوي القلو / بِ البيض من قبل الإِساءه
مهما نظرت له نظر / تُ إلى مَعِينٍ من حنان
يُفضي إليك بسرّه الذ / ذَنبُ الصغير ومقلتان
لا بأس إن هند جفت / وقست أليست ربَّتَه
أقصَتهُ ثم تلفَّتت / ترجو إلَيها أوبته
زجَرته أو نهرته أو / كفَّت على جُرمٍ يده
فهي التي لم تَنسَهُ / والأكل ملءُ المائده
وهو الذي في بعدها / لم يَألُهَا طولَ ارتقاب
يقظان ينتظر المآب / وَثَوَى يُرَاقب خَلفَ باب
هند التي اتَّخذته من / دون الخلائق إلفَها
بحثت عن الإِلف الصغي / ر فلم تجده خلفها
ميكي وما ميكي ومص / رعُه على الدنيا جديد
نفسٌ تذوب وصرخةٌ / تدوي هنالك من بعيد
وتلفَّتَت هندٌ لمو / ضعه تغالب وَجدهَا
لا شيءَ قد سارت برف / قته وترجعُ وحدها
خرجت به جذلانَ يض / حك مثلما ضحك الصباح
فكأنما خرجت به / ليُلاقيَ القَدَر المُتاح
سارت به صبحاً وعا / دت بالمواجع والدموع
يغدو الحزينُ على الأسى / وأشقُّ شَطرَيه الرجوع
يا ميَّةُ الحسناء هل يغزو الهوى
يا ميَّةُ الحسناء هل يغزو الهوى / قلبين ما كانا على ميعاد
لا شيءَ إلا أن ذُكرتِ فهزّني / طربٌ وبات على الحنين فؤادي
وظللتُ أحلم والتفتُّ لساعةٍ / تدنو إِليَّ بطيفك الميّاد
يا مَيَّ إني قد مُنيت بظلمةٍ / والليلُ يجثم فوق صدر الوادي
فأنرتِ لي قلبي وصرتُ كأنما / هذا السواد الجَهمُ غير سواد
ملكي ومحرابي وقد
ملكي ومحرابي وقد / س فؤادي المتبتل
لمن الجمال الفخم ير / فُل في الغلائل والحُلي
متألقاً في خاطري / متألقاً في المحفل
أقبل بما ولَّت به الد / دنيا وهاتِ وعلل
وابسط جناحك فوق قل / بينا الغداةَ وظلل
طِر حيث شئت فإن دنو / ت لناظري فتمهَّل
واهاً لهذي الطلعة الس / سَمراء عند المجتلي
بغلائل الأضواء وش / شَتها رِقاقُ الأَنمل
وشَّت بشاشتها نضا / رةُ وجهك المتهلّل
فكأن طفل الفجر نا / م على وسادة جدول
في أي روضٍ من رياضك أمرح
في أي روضٍ من رياضك أمرح / وبأيّ آلاءٍ لَدَيكِ أُسَبِّح
ثمرٌ على ثمرٍ وإن المُجتني / ليحار من عذب الجنى ما يطرح
بالشعر أم بالمقلتين معلَّقٌ / من ناظري وخواطري لا يبرح
تلك المحاسن في نُهاي جميعها / رفّافةٌ ومغرّداتٌ صُدَّحُ
فإذا غفوتُ فإِنني أُمسي بها / وعلى مغانيها الفواتن أُصبح
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي / بأنوثةٍ جبَّارة الطغيان
يا هند أين رجولتي وعزيمتي / في قرب وجه ساحرٍ فتَّان
وأنا حزينٌ ظامئٌ قد جدَّ لي / ورِدٌ وراء مَعِينه شفتان
إني لأقنع من ظلال أحبّتي
إني لأقنع من ظلال أحبّتي / بحنان أخت أو بكفّ مسلّم
وبجلسة طابت لدىّ بغرفة / حملت عبير الغائب المتوسّم
يا أخت هند خبّريها أنني / صبٌّ يعيش بمهجة المتألم
صبٌّ سئمت من الحياة بدونها / أنا لا أحبُّ إذا أنا لم أسأم
ومضى النهار ولا نهار لأنه / يمتدُّ عندي كالفراغ المظلم
يا دار هند إن أذنت تكلَّمي / يا دارها عيشي لهند واسلمي
فدمى الفداء لحبّ هندٍ وحدها / وأنا المقّصِرُ إن بذلت لها دمي
ولقد حلفت لها ودمعي شاهدٌ / أني فنيت علمت أم لم تعلمي
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها / دعها تمرّ كما بدت بجلالها
لا تنكرنَّ الشمس عند غروبها / أوَ مَا نعمت بِدِفئها وظلالها
إن كان فاتك مجدها رَأدَ الضُّحى / فاحمد لها ما كان من آصالها
قَسَت الحياة على الطّرِي
قَسَت الحياة على الطّرِي / دِ فقم بنا نَنعَى الحياه
وقسا الحبيب على الغري / بِ فلا الدموع ولا الصَّلاه
فرغ الحديث ومن رواه / طُوِي الكتاب فمن طواه
عجباً لهذا الحب من / بدء الزمان لمنتهاه
وقضائِه بين الذي / حفظ الوفاء ومن سلاه
قتلى الهوى لا يُذكرو / ن ولا حساب على الجناه
هي محنةٌ وزمان ضِيق
هي محنةٌ وزمان ضِيق / وتكشَّفَت عن لا صديق
جرَّبت أشواك الأذى / وبلوتُ أحجار الطريق
وكأنَّ أيّامي التي / من مصرع ليست تفيق
وكأنَّ موصول الضنى / يَمتاحُ من جُرحٍ عميق
زرعٌ على ظُلَلٍ فذا / أبداً لصاحبه رفيق
هذا الذي سَقَت الدمو / ع وذاك ما أبقى الحريق
يا من طلبت الشعر هاك تحيّتي
يا من طلبت الشعر هاك تحيّتي / وهواي يا روحي ويا ضوحيّتي
أيُرادُ تفصيلٌ لما عندي وكم / قلبٍ وموجز أمره في لفظة
لكن فنَّ الشعر وردُ أحبة / يُهدى فهاك قصيدتي بل وردتي
والشعر روضٌ يانعٌ وعبيره / سارٍ إلينا من عبير الجنَّة
وأراك روضة رقةٍ ومحاسنٍ / هل روضةٌ تهدي البيان لروضة
فإِليك يا أغلى عزيزٍ يا ابنتي / وأحبَّ من تصبو إليه مهجتي
تذكار والدك المحبّ وديعةً / فإذا ذكرت فهذه أمنيتي
والخطّ مثل الرسم إن يوماً نأى / رسمي فللأثر العزيز تلفّتي
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا / ومَنِ الخيالُ موسِّداً محمولا
يا همّ قلبي في صبا أيامه / وسهاد عيني في الليالي الأولى
عيناي كذّبتا وقلبي لم تدع / دقاتُه شكاً ولا تأويلا
يا أيها الملك العليل أفق تجد / مضناك بين العائدين عليلا
يوم المآب كم انتظرتك باكياً / وبعثتُ أحلامي إليك رسولا
خاطبت عنك فما تركت مخاطباً / وسألت حتى لم أدع مسؤولا
وغرقتُ في الأمل الجميل فلم أدع / متخيَّلاً عذباً ولا مأمولا
وبكيتُ من يأسي عليك فلم أذر / عند المحاجر مدمعاً مبذولا
وأسائل الزمن الخفيّ لعله / يشفي أواماً أواماً أو يبل غليلا
يا أيها الزمن الذي أسراره / لا تستطيع لها العقول وصولا
بالله قل أوَ ما وراءك لحظة / جمعت خليلاً هاجراً وخليلاً
هي لحظةٌ وهي الحياة ومن يعش / من بعدها يجد الحياة فضولا
مرَّ الظلام وأنت ملء خواطري / ودنا الصباح ولم أزل مشغولا
وأتى النهار على فتى أمسى بما / حمل النهار من الشؤون ملولا
وكذا الحياةُ تملُّ إن هي أقفرت / ممن يهوّن عِبئها المحمولا
كد على كدٍّ ولست ببالغ / إلا ضنى متتابعاً ونحولا
صدأ الحوادث بدّل الإشراق في / فكري وكدّر خاطري المصقولا
وتتابع الأنواء في أفق الصّبا / لم يُبق لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحة / مدت لنا ظل الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي / فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا
ويثور بي حبي فإن لفظٌ جرى / بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلت بنبعه أرد الهوى / فأذاقنيه محطماً ووبيلا
ما راعني ما ذقته وخشيت أن / ألقاك بالداء الدفين جهولا
فأشدّ ما عانى الفؤاد صبابةٌ / شبّت وظل دفينها مجهولا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025