المجموع : 95
مرت حياتي دون أمنيَة
مرت حياتي دون أمنيَة / وتقلَّبت مَللا على ملل
حتى لقيتك ذات أمسية / فعرفت فيك مطالع الأمل
طافت بي الأيام واحدة / لم تلقني فرحاً ولا جزعا
وتمرّ فارغة وحاشدة / وقد استوت ضيقاً ومتّسعا
والعمر سارَ كأنه العدم / سقمي به عندي كعافيتي
فأذقتني ما لم يذقه فمٌ / من أي كاس كنت ساقيتي
ما هذه الدنيا التي اقتربت / فيها المنى والظلّ والثمر
تجتاز وامضة فمذ وثبت / وثب الهوى وتمهّل القدر
قدماك ما انتقلا على درج / حاشاك بل خطرا على ثبج
كسفينة خفّت على اللجج / نَشوى بما حملت من الفرَج
في مظلم متعرج كابِ / والليل تغزوني جحافله
دقّت يد النعمى على بابي / والعيش خابى النجم آفله
يا للمقادير الجسام ولي / من ظلمها صرخات مجنون
باكي الفؤاد مشرّد الأمل / وقف الزمان وبابه دوني
مزّقتِ ظلمة كل ديجور / وألنت ما قد كان منه عصَى
وفتحتِ مصراعيه للنور / ما كنت إلا ساحراً وعصا
ماء ضربت الصخر فانبجسا / وجرى الغداة زلاله العذب
أيقول دهري إن ما يبسا / هيهات يرجع عوده الرطب
صيّرت دعواه لتفنيدِ / وحطمته وهزمت حجّته
وأعدت ما قد جفّ من عودي / مخضوضراً وأقمت صعدته
يا من رأت طللاً كتمثالِ / يستعرض العمر الذي مرَّا
وكأنه في رسمه البالي / ندم الأسيف ودمعة حرَّى
ورد ذوى أو طائر صمتا / العمر مثل الظلّ منتقل
الناس لا يدرون من ومتى / والناس إن علموا فقد جهلوا
ما خطبهم في روضة حالت / أو صوّحت أفنانها الخُضُل
نزل الربيع بها فنضّرها / وأحالها بشبابه لحنا
ومشى الشتاء لها فغيّرها / وأحالها لفظاً بلا معنى
هذا حديث يشبه السِّحرا / هيهات أفرغ من روايته
شفق المغيب جعلته فجرا / وبدأت عمري من نهايته
إني لطيرٌ حائر باكِ / قد كانت الأحزان فلسفتي
ذابت حناناً يوم لقياك / وجرت أغاريداً على شفتي
يا من طويت عليه جارحتي / وسألت عنه الأنجم الزّهرا
وضربت في الصحراء أجنحتي / أستلهم الكثبان والقفرا
والماء أنهَل حيثما كانا / والبرق أتبَع حيثما لمعا
فأرى صفاء الود غيمانا / والمطلق المجهول ممتنعا
كلا ولا لغة له إلا الذي
كلا ولا لغة له إلا الذي / قد جال في عينيك أو عينيّا
أو لفظة جمدت على شفتيك من / فزَع كما ماتت على شفتيّا
أو حسرة مني إليك وحسرة / مرتدة من ناظريك إليّا
لا أنت نائيةٌ ولا أنا ناءِ / إني لديك مُقَيَّدٌ بوفائي
بعضُ الهَوى يُسدي كمِنَّةِ مُنعمٍ / وجميلُهُ دَينٌ رهينُ قضاء
ويقلُّ عُمر الدهر تَوفيَةً لما / أسدَيتِه بجمالكِ الوضَّاء
عُمر الزمان فِدى لساعةِ مُلتقًى / سمحت بها الأقدارُ ذاتَ مساء
أنتِ التي علَّمتِني معنى الحيا / ةِ حبيبةً ونجيَّةً وصديقا
أنكرتُ معناها بغيرِك واستوت / وتشابهت سعةً عليَّ وضيفا
وَوَددتُ لو غال الخلائقَ غائلٌ / مُفنٍ أو اشتعَل الصباحُ حريقا
وسلمتِ أنتِ فأنتِ أدناهم إلى / روحي وأبعدهُم عليَّ طريقا
لا تسألِيني عن غدٍ لا تسألي / فغداً أعودُ كما بدأتُ غريبا
هَتَكَ الستارَ مُقنَّعٌ حسناتُه / يخفين خلفَ ريائِهن الذِّيبا
كان التلاقي بيننا كَفَّارةً / للدهر عن آثامِه لِيَتوبا
فلتَذهَبِ الحسناتُ غيرَ كريمةٍ / سأَعُدُّهُنَّ على المتابِ ذنوبا
أرنو وحيداً للمكانِ الخالي / كأسي وكأسُك فارغانِ حِيالي
مرَّ المساء مُخَيّباً فتساءلا / وتَلَفَّتا لكِ في المساء التالي
حتى إذا مَلا تَرَقُّبَ عائدٍ / يُحيي وَيبعَثُ ميّتَ الآمال
بَكَيَاكِ بالحبَبِ الحزينِ وربّما / بكت الكؤوس على النديم السالي
أرنو إلى الصهباء غامَ شعاعُها / وامتدَّ نحو النفسِ ظلُّ جنابها
وكأنما روحي هناك حبيسةٌ / تطفو وتَرسُبُ في خطوطِ حَبابها
وكأن راهبةً هناك سجينةً / مغمورةً بدموعها وعذابها
ظلَّت تُقيم على الشموعِ صلاتها / حتى تلاشى النُّور في مِحرابها
كم ذكرياتٍ في الحياةِ عزيزةٍ / مَرَّت عليَّ فكنتِ أغلاهُنَّ
حتى إذا عَفتِ الصبابةُ وانقضى / ما بيننا أَقبَلتُ أسأَلهنَّ
وسألتُ عنك العمر ماضِيَه وحا / ضِرَه فكان العُمر أنتِ وهُنَّ
والله ما غدَر الزمانُ وإنما / هانَت عليكِ الذكرياتُ وهُنَّا
يا زهرةً عذراء تنشر عِطرَها / وتُذيعُ في جفنِ الضُّحى أحلامَها
لاقيتُها والريحُ تجمعُ شملَها / والسُّحبُ تجمع بَرقَها وغَمامَها
عانقتُها ظمآنَ أشربُ راحَها / واستقطرت قلبي لتملأ جامَها
فإذا الرياحُ نَزَعنَها عن خافقي / ضَمَّت على أنفاسِه أكمامَها
حُلمٌ كما لمع الشهابُ تَوارى / سَدَلَت عليه يد الزمانِ ستارا
وحبيسُ شَجوٍ في دمي أطلقتُه / متدفِّقاً وَدَعوتُه أشعارا
ووديعةٌ رَجَعت فما خطبي إذا / رُدَّ الذي كان الزمانُ أعارا
قد كان قلباً فاستحال على المدى / لحناً تَنَاقَلهُ الرُّواة فسارا
يا حِصنِي الغالي فقدتُك وانطوى / رُكني وأقفَرَ مَوئِلي ومَلاذي
نعطي ونأخُذ في الحديث ومُقلتي / مسحورةٌ بجمالك الأخَّاذ
والدهرُ يُغريني فأُعرِضُ لاهياً / فيَظَلُّ يَفتِنُني بتلكَ وهذي
والدهرُ يَهزِلُ والغرامُ يَجدُّ بي / ما كنتِ ساخرةً ولا أنا هاذي
هل كان عهدُك قبل تشتيت النَّوى / إلا مخالسةَ الخيالِ الطارقِ
إشراقةٌ وطغى عليها مَغرِبٌ / غيرانُ يَخطفُها كخطفِ السارقِ
أو لمعةٌ لم تَتَّئد ذهبت بها / دَكنَاءُ مدَّت كفّها من حالقِ
وكأن ثغرك والنوَى تَعدُو بنا / شَفَقٌ يلوحُ على نضيدِ زنابقِ
شفتاك في لُجِّ الخواطرِ لاحَتَا / كالشاطِئين وراءَ لُجٍّ ثائر
لهما إذا التقتا على أغرُودةٍ / خرساءَ في ظلِّ الجمالِ الساحر
إسعادُ ملهوفٍ ونجدةُ غارقٍ / وعناقُ أحبابٍ وعَودُ مسافر
وبراءةُ الملكِ المُتَوَّجِ حُسنُه / بجمالِ رحمنٍ وطيبةِ غافر
صَحِبَ الحياةَ فآدَهُ استصحابُها / ركبٌ على طُرُقِ الحياةِ كليلُ
خدعت ضلالاتُ الحياةِ تبيعها / والدَّربُ وَعرٌ والطريقُ طويل
فتلفَّتَ السارِي لعَلَّ لعينهِ / يبدو صباحٌ أو يلوحُ دليل
فبدا له نورٌ وأشرق منزلٌ / أَلِقٌ ورفَّت جنةٌ وخميل
لكِ في خيالي روضةٌ فينانةٌ / غَنَّى على أغصانِها شاديها
يَحمِي مغارسَها وَيَرعَى نبتها / راعٍ يُجَنِّبُها البِلَى ويقيها
فإذا النوى طالَت عليّ وشَفّني / جُرحي وعاد لمهجَتي يُدميها
نَسَقَ الخيالُ زهورَها وورودها / فقطفتُها وشَمَمتُ عِطرَكِ فيها
بعضُ الهوى فيه الدمارُ وإنما / بعضُ النفوسِ على الدّمارِ حِرَاصُ
فيكونُ فيه القيدُ وهو تَحرُّرٌ / ويكون فيه الموتُ وهو خَلاصُ
آمنتُ بالحبِّ القويّ وحتمِهِ / ما من هوايَ ولا هواكِ مَنَاص
إن كان داءً فالسّقامُ دواؤُه / أو كان ذنباً فالمَتَابُ قِصاص
أصبحتُ والدنيا وداعُ أحِبَّةٍ / ودموعُ خُلانٍ وحزنُ رِفاق
فسخِرتُ من صَرَخاتهم وبكائهم / لا دمعَ إلا الدمعُ في أحداقي
لا صوتَ إلا صوتُ حُبّك في دَمي / أُصغي له وأراه في أطواقي
متدفقاً مثل العُباب ومُزبداً / متفجراً كالسَّيل في أعماقي
ساهرتُ أحلامَ الظلام وكلُّها / أشباحُ هجر أو طيوفُ وَداع
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً / وإلى الفناء مَشَينَ جِدَّ سِراع
حتى إذا سَفَكَ الصباحُ دماءَه / وهوى قتيلُ الليلِ بعد صِراع
أبصرتُ في المرآةِ آخرَ قصّتي / ونَعَى بها نفسي إليّ الناعي
يا ربّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا / وهناك تُشرِقُ في الحِمَى والدُّورِ
ومن الشّموسِ دفينةٌ في خاطري / مخبوءةُ الأضواء طيَّ شعوري
وأُحِسُّ في نفسي نقاءَ سمائِها / أصفَى بِرَونقِها من البَلُّور
يا ربِّ أودعتَ الضّحى في مهجتي / وأنا الذي أشقَى بهذا النور
أيكون ذنبي أَن رفع
أيكون ذنبي أَن رفع / تُك وارتفعتُ إلى السماء
وعلى جناحك أو جنا / حي قد رقيتُ إلى الصفاء
إن كان حقاً أو خيا / لاً فهو وَثبٌ للضياء
وتحرُّرٌ مما جنا / ه طينُ آدم في الدماء
أيكونَ ذنبي أن جعل / تُك فوق عرشٍ من سناء
وجثوتُ في محراب قُد / سك عابداً هذا الرُّواء
أيكون ذنبي أنني / بك أحتمي من كل داء
وأراك عافيتي فأَض / رَعُ طالباً منك الشفاء
أيكون ذنبي أن أرا / ك لخاطري قَبَساً أضاء
وأُحسُّ وحيَك من علٍ / لي دون أهل الأرض جاء
أيكون ذنبي أن يُنا / طَ بك التعلُّلُ والرجاء
وإليك شكوى القلبِ نج / وى الروحِ أجمعَ والنداء
أيكون ذنبي أن حب / بَك لي من الدنيا وِقاء
فإذا رضيتِ فإن نع / متَها ونقمتها سواء
أيكون ذنبي أيّ ذن / ب صار لي إلا الوفاء
إنّي عشقتك ما طلب / تُ على محبَّتيَ الجزاء
مَن همُّه هَمّي سيح / مل مِن حبيبٍ ما يشاء
ولقد يُساء فما يَرى / مِن حُبِّه أحداً أساء
قد كان عندي عزّةٌ / بصبابتي وليَ احتماء
إن لانَ عُودي للخطو / بِ شَدَدتِ أزري باللقاء
أنسيت كيف نسيت يا / دنيا على الدنيا العفاء
يا لَلهوَى لا صُبح لي / إلا هواك ولا مساء
أَشوامخُ الأحلام وال / مثلِ الرقيقةِ كالهباء
يا ساعة الحسرات والعبرات
يا ساعة الحسرات والعبرات / أعَصَفتِ أم عَصَفَ الهوى بحياتي
ما مَهرَبي ملأ الجحيمُ مسالكي / وطَغى على سُبُلي وسَدَّ جهاتي
من أي حصنٍ قد نزعت كوامناً / من أدمعي استعصمن خلف ثباتي
حطمت من جبروتهن فقلن لي / أَزِفَ الفراق فقلتُ ويحك هاتي
أأموت ظمآناً وثغرك جدولي / وأبيت أشرب لهفتي وولوعي
جفَّت على شفتي الحياةُ وحُلمُها / وخيالُها من ذلك الينبوع
قد هدَّني جزعي عليك وأدّعي / أني غداةَ البَينِ غيرُ جَزوع
وأريد أُشبع ناظريَّ فأنثني / كي أستبينَك من خِلال دموعي
هان الردى لو أن قلبك دارِ / أأموت مغترباً وصدرُك داري
يا من رفعتِ بناء نفسي شاهقاً / متهلّلَ الجَنَبات بالأنوار
اليوم لي روحٌ كظلٍّ شاحبٍ / في هيكل متخاذل الأسوار
لو في الضلوع أجلتِ عينك أبصرت / مُنهارةً تبكي على منهار
لا تسألي عن ليلِ أمسِ وخطبه / وخذي جوابَك من شقيّ واجم
طالت مسافتُه عليَّ كأنها / أبدٌ غليظ القلب ليس براحم
وكأنني طفلٌ بها وخواطري / أرجوحةٌ في لجّها المتلاطم
عانيتُها والليلُ لعنةُ كافرٍ / وطويتُها والصبحُ دمعة نادم
اليوم منكِ عرفتُ سر وجودي
اليوم منكِ عرفتُ سر وجودي / وعرفتُ من معناك معنى العيد
ما كنت بالفاني وسرُّك حافظي / وبمقلتيك ضَمِنتُ كلَّ خلودي
الآن أعرف ما الحياة وطيبُها / وأقول للأيّام طبتِ فعودي
عاد الربيع على يديك وأشرقت / روحي وأورق في ربيعك عودي
البحر أسأله ويسألني
البحر أسأله ويسألني / ما فيه من ريٍّ لظامئه
متمرِّدٌ عاتٍ يضلِّلني / كَذِب السَّراب على شواطئه
كم جال في وهمي فأرَّقني / أربٌ وأين الفوزُ بالأرب
وسرى بأحلامي فعلَّقها / فوق السُّهى بلوامع الشهب
في يقظةٍ مني وفي وسنٍ / صَرحٌ بِذِروَتِهِنّ متَّحد
الفجرُ والسحر المخضَّبُ من / لَبِناته والقمةُ الأبدُ
واهاً لضافي الظلّ وارِفه / قضَّيت عمري في توهّمه
لما طلعت على مشارفه / أيقنتُ أني فوق سُلَّمه
ومن العجائب في الهوى اثنان / لم يضربا للحبِّ ميعادا
ومحيِّرُ الأفهام لحظان / قَرَآ كتابَهما وما كادا
سارا فمذ وقف الهوى وقفا / يتبادلان الشوقَ والشغفا
عرف الهوى أمراً وما عرفا / من ذلك الداعي الذي هتفا
قَدَرٌ على قدرٍ تلاقينا / كلُّ الذي أدري وتدرينا
أنّا أطعناه مُلبّينا / من أنت من أنا من يُنبِّينا
إن كنت عارفةً وواثقةً
إن كنت عارفةً وواثقةً / وبعمق هذا الحبِّ آمنتِ
فثقي بأنك قِبلتي أبداً / وصلاةُ روحي حيثما كنتِ
إن كان لي في الدهر أمنيةٌ / منشودةٌ أمنيَّتي أنتِ
لا حبَّ إلا حيث حلَّ ولا أرى
لا حبَّ إلا حيث حلَّ ولا أرى / لي غير ذلك موطناً ومقاما
وطني على طول الليالي دارُه / مهما نأى وهواي حيث أقاما
والأرضُ حين تضمُّنا مأهولةٌ / لحظاتها معمورةٌ أيّاما
لا فرق بين شَمالها وجنوبها / فهما لقلبي يحملان سلاما
وهما لعهدي حافظان وقلّما / حفظ الزمان لمهجتين ذماما
وإذا بكيتُ فقد بكيت مخافة / من أن يكون غرامُنا أحلاما
ولربما خطر النَّوى فبكيته / من قبل أن يأتي البعاد سجاما
همٌّ أناخ فما انجلى
همٌّ أناخ فما انجلى / وخلا مكانُك لا خلا
ليل الحياة وكان لي / لِي في الهواجس أطولا
كم لحظةٍ في الصدر نا / شبة كجزّاز الكلا
كالرمس فارغةٍ وإن / حفلت بإيحاشِ البِلى
في إِثر أخرى لم تكن / إلا كجرداء الفلا
بَرَّحنَ بي من وحشةٍ / وقتلتُهن تململا
وجُنِنَّ من قلقي عَلي / ك وكيف لي أن أعقلا
قد رِشنَ لي سهماً يُحا / ول من يقيني مقتلا
فتعرَّض الماضي الجمي / لُ بوجهه متهلِّلا
فلوى عناني فالتفت / تُ فلم أجد لي مَوئِلا
إلا دروعَ اليأس إن / نَ اليأسَ أيسر محمِلا
يقتادني فأردُّه / عن خاطري وأقول لا
يا هند إن يك قلبُك ال / وافي تغيَّرَ أو سلا
وحصدت آمالي فإن / نَ الموتَ أرحمُ منجلا
قالت لميكي سِر بنا
قالت لميكي سِر بنا / نمشي لحاجتنا الهُوَينَى
فأطاع مسروراً كعا / دته ولم يسأَل لأَينا
فيم السؤال وكل شَي / ءٍ طيّبٌ من أجلها
وبنفسه حبٌّ قُصارا / هُ الحياةُ بظلها
ماذا تغيّر عزّة / أو ذلّة في حبها
سارت وكلُّ متاعه / في أن يسير بقربها
يستاف نعلَيهَا ويأ / بى في الوجود مُنافسا
فإذا تخيَّل دانياً / من تربِها أو لامسا
يختال مِلءَ نُباحه / زَهواً ويخطر حارسا
عجباً له ولزهوه / ما يصنع الواهي الصغير
ما يصنع الناب الضعي / ف وما يُخيف ولا يُجير
لكن ميكي لا يبا / لي أن يموت فداءها
في وثبه هيهات يس / أل ما يكون وراءها
الأمر كلُّ الأمر أن / يغدو يدافع دونها
والنفس تُنكر في الضحي / يَة عقلها وجنونها
من ذلك الظلُّ الملا / زِم في الحياة وفي الطريق
المخلصُ الوافي إذا / عَزَّ المنادم والرفيق
من قلبُه صافٍ ودي / دنهُ الولاءُ المطلق
فكأنما فيه الولا / ء سجيَّةٌ تتدفق
وإذا أُسِيءَ فإن أس / مى الحبّ أن يُبدي رضاءه
والصفح عند ذوي القلو / بِ البيض من قبل الإِساءه
مهما نظرت له نظر / تُ إلى مَعِينٍ من حنان
يُفضي إليك بسرّه الذ / ذَنبُ الصغير ومقلتان
لا بأس إن هند جفت / وقست أليست ربَّتَه
أقصَتهُ ثم تلفَّتت / ترجو إلَيها أوبته
زجَرته أو نهرته أو / كفَّت على جُرمٍ يده
فهي التي لم تَنسَهُ / والأكل ملءُ المائده
وهو الذي في بعدها / لم يَألُهَا طولَ ارتقاب
يقظان ينتظر المآب / وَثَوَى يُرَاقب خَلفَ باب
هند التي اتَّخذته من / دون الخلائق إلفَها
بحثت عن الإِلف الصغي / ر فلم تجده خلفها
ميكي وما ميكي ومص / رعُه على الدنيا جديد
نفسٌ تذوب وصرخةٌ / تدوي هنالك من بعيد
وتلفَّتَت هندٌ لمو / ضعه تغالب وَجدهَا
لا شيءَ قد سارت برف / قته وترجعُ وحدها
خرجت به جذلانَ يض / حك مثلما ضحك الصباح
فكأنما خرجت به / ليُلاقيَ القَدَر المُتاح
سارت به صبحاً وعا / دت بالمواجع والدموع
يغدو الحزينُ على الأسى / وأشقُّ شَطرَيه الرجوع
يا ميَّةُ الحسناء هل يغزو الهوى
يا ميَّةُ الحسناء هل يغزو الهوى / قلبين ما كانا على ميعاد
لا شيءَ إلا أن ذُكرتِ فهزّني / طربٌ وبات على الحنين فؤادي
وظللتُ أحلم والتفتُّ لساعةٍ / تدنو إِليَّ بطيفك الميّاد
يا مَيَّ إني قد مُنيت بظلمةٍ / والليلُ يجثم فوق صدر الوادي
فأنرتِ لي قلبي وصرتُ كأنما / هذا السواد الجَهمُ غير سواد
ملكي ومحرابي وقد
ملكي ومحرابي وقد / س فؤادي المتبتل
لمن الجمال الفخم ير / فُل في الغلائل والحُلي
متألقاً في خاطري / متألقاً في المحفل
أقبل بما ولَّت به الد / دنيا وهاتِ وعلل
وابسط جناحك فوق قل / بينا الغداةَ وظلل
طِر حيث شئت فإن دنو / ت لناظري فتمهَّل
واهاً لهذي الطلعة الس / سَمراء عند المجتلي
بغلائل الأضواء وش / شَتها رِقاقُ الأَنمل
وشَّت بشاشتها نضا / رةُ وجهك المتهلّل
فكأن طفل الفجر نا / م على وسادة جدول
في أي روضٍ من رياضك أمرح
في أي روضٍ من رياضك أمرح / وبأيّ آلاءٍ لَدَيكِ أُسَبِّح
ثمرٌ على ثمرٍ وإن المُجتني / ليحار من عذب الجنى ما يطرح
بالشعر أم بالمقلتين معلَّقٌ / من ناظري وخواطري لا يبرح
تلك المحاسن في نُهاي جميعها / رفّافةٌ ومغرّداتٌ صُدَّحُ
فإذا غفوتُ فإِنني أُمسي بها / وعلى مغانيها الفواتن أُصبح
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي / بأنوثةٍ جبَّارة الطغيان
يا هند أين رجولتي وعزيمتي / في قرب وجه ساحرٍ فتَّان
وأنا حزينٌ ظامئٌ قد جدَّ لي / ورِدٌ وراء مَعِينه شفتان
إني لأقنع من ظلال أحبّتي
إني لأقنع من ظلال أحبّتي / بحنان أخت أو بكفّ مسلّم
وبجلسة طابت لدىّ بغرفة / حملت عبير الغائب المتوسّم
يا أخت هند خبّريها أنني / صبٌّ يعيش بمهجة المتألم
صبٌّ سئمت من الحياة بدونها / أنا لا أحبُّ إذا أنا لم أسأم
ومضى النهار ولا نهار لأنه / يمتدُّ عندي كالفراغ المظلم
يا دار هند إن أذنت تكلَّمي / يا دارها عيشي لهند واسلمي
فدمى الفداء لحبّ هندٍ وحدها / وأنا المقّصِرُ إن بذلت لها دمي
ولقد حلفت لها ودمعي شاهدٌ / أني فنيت علمت أم لم تعلمي
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها / دعها تمرّ كما بدت بجلالها
لا تنكرنَّ الشمس عند غروبها / أوَ مَا نعمت بِدِفئها وظلالها
إن كان فاتك مجدها رَأدَ الضُّحى / فاحمد لها ما كان من آصالها
قَسَت الحياة على الطّرِي
قَسَت الحياة على الطّرِي / دِ فقم بنا نَنعَى الحياه
وقسا الحبيب على الغري / بِ فلا الدموع ولا الصَّلاه
فرغ الحديث ومن رواه / طُوِي الكتاب فمن طواه
عجباً لهذا الحب من / بدء الزمان لمنتهاه
وقضائِه بين الذي / حفظ الوفاء ومن سلاه
قتلى الهوى لا يُذكرو / ن ولا حساب على الجناه
هي محنةٌ وزمان ضِيق
هي محنةٌ وزمان ضِيق / وتكشَّفَت عن لا صديق
جرَّبت أشواك الأذى / وبلوتُ أحجار الطريق
وكأنَّ أيّامي التي / من مصرع ليست تفيق
وكأنَّ موصول الضنى / يَمتاحُ من جُرحٍ عميق
زرعٌ على ظُلَلٍ فذا / أبداً لصاحبه رفيق
هذا الذي سَقَت الدمو / ع وذاك ما أبقى الحريق
يا من طلبت الشعر هاك تحيّتي
يا من طلبت الشعر هاك تحيّتي / وهواي يا روحي ويا ضوحيّتي
أيُرادُ تفصيلٌ لما عندي وكم / قلبٍ وموجز أمره في لفظة
لكن فنَّ الشعر وردُ أحبة / يُهدى فهاك قصيدتي بل وردتي
والشعر روضٌ يانعٌ وعبيره / سارٍ إلينا من عبير الجنَّة
وأراك روضة رقةٍ ومحاسنٍ / هل روضةٌ تهدي البيان لروضة
فإِليك يا أغلى عزيزٍ يا ابنتي / وأحبَّ من تصبو إليه مهجتي
تذكار والدك المحبّ وديعةً / فإذا ذكرت فهذه أمنيتي
والخطّ مثل الرسم إن يوماً نأى / رسمي فللأثر العزيز تلفّتي
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا / ومَنِ الخيالُ موسِّداً محمولا
يا همّ قلبي في صبا أيامه / وسهاد عيني في الليالي الأولى
عيناي كذّبتا وقلبي لم تدع / دقاتُه شكاً ولا تأويلا
يا أيها الملك العليل أفق تجد / مضناك بين العائدين عليلا
يوم المآب كم انتظرتك باكياً / وبعثتُ أحلامي إليك رسولا
خاطبت عنك فما تركت مخاطباً / وسألت حتى لم أدع مسؤولا
وغرقتُ في الأمل الجميل فلم أدع / متخيَّلاً عذباً ولا مأمولا
وبكيتُ من يأسي عليك فلم أذر / عند المحاجر مدمعاً مبذولا
وأسائل الزمن الخفيّ لعله / يشفي أواماً أواماً أو يبل غليلا
يا أيها الزمن الذي أسراره / لا تستطيع لها العقول وصولا
بالله قل أوَ ما وراءك لحظة / جمعت خليلاً هاجراً وخليلاً
هي لحظةٌ وهي الحياة ومن يعش / من بعدها يجد الحياة فضولا
مرَّ الظلام وأنت ملء خواطري / ودنا الصباح ولم أزل مشغولا
وأتى النهار على فتى أمسى بما / حمل النهار من الشؤون ملولا
وكذا الحياةُ تملُّ إن هي أقفرت / ممن يهوّن عِبئها المحمولا
كد على كدٍّ ولست ببالغ / إلا ضنى متتابعاً ونحولا
صدأ الحوادث بدّل الإشراق في / فكري وكدّر خاطري المصقولا
وتتابع الأنواء في أفق الصّبا / لم يُبق لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحة / مدت لنا ظل الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي / فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا
ويثور بي حبي فإن لفظٌ جرى / بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلت بنبعه أرد الهوى / فأذاقنيه محطماً ووبيلا
ما راعني ما ذقته وخشيت أن / ألقاك بالداء الدفين جهولا
فأشدّ ما عانى الفؤاد صبابةٌ / شبّت وظل دفينها مجهولا