المجموع : 302
قد كنتَ تبذُلُ لي كتابك مرةً
قد كنتَ تبذُلُ لي كتابك مرةً / فالآن فاكتُب لي إليكَ كِتابا
فأنا الزعيمُ عليك يا ابنَ محمدٍ / أنَّ الثواب يكون منك جَوابا
لا تشغلَنِّي بالعتاب فإن لي / شُغلاً بمدحك يُنْفدُ الأحقابا
قد أورقَ العودُ الذي أمّلْتُهُ / وحَلاَ جَناهُ لمُجتنيهِ وطابا
لي طيلسانٌ ليس يترك لي
لي طيلسانٌ ليس يترك لي / رَفْوي له مالاً ولا نَشَبا
طِرْبٌ تُغنِّي منه ناحيةٌ / وتشُقُّ أخرى جيبَها طربا
كيف السبيلُ إلى عِمارتهِ / وإذا عَمَرْتُ خرابَهُ خَرِبا
كان ابنُ حربٍ حين جادَ به / لا شك فيه يُريد بي الحَرَبا
وَلَهُ المحبِّ إلى الحبيبِ
وَلَهُ المحبِّ إلى الحبيبِ / ولَهُ المريضِ إلى الطبيبِ
بان الحبيبُ فبان عن / ك بلذَّتَيْ حُسنٍ وطيبِ
إنّي لَتُذْكِرني الحبي / بَ سوالفُ الرَّشأ الربيبِ
والبدرُ فوق الغصنِ وال / غصنُ الرطيبُ على الكثيبِ
عرِّجْ على ذكرِ الصدي / قِ وَعَدِّ عن ذكرِ الحبيبِ
كم مُكْثرٍ لي مُخْبِثٍ / ومُقِلِّ قولٍ لي مُطيبِ
هل بالديار سوى صَداكَ مُجيبُ
هل بالديار سوى صَداكَ مُجيبُ / أم هل بهِنَّ على بُكاكَ مُثيبُ
ومن العجائب أن تسائلَ دارَهمْ / عنهُمْ وقلبُكَ فيهِمُ مَجنوبُ
لا أقذَعُ السلطانَ في أيامه
لا أقذَعُ السلطانَ في أيامه / خوفاً لسطوته ومُرِّ عقابِهِ
وإذا الزمانُ أصَابَهُ بصروفِهِ / حاذرتُ رجعتَهُ ووشْكَ مَثابِهِ
وأعُدُّ لؤماً أن أهُمَّ بعَضَّهِ / إذ فلَّتِ الأيامُ من أنيابِهِ
تاللَّه أهجو من هجاهُ زمانُهُ / حَرُمَتْ مُواثَبَتِيهِ عندَ وثابِهِ
فليعلمِ الرؤساءُ أني راهبٌ / للشرّ والمرهوبُ من أسبابِهِ
طَبٌّ بأحكامِ الهجاءِ مُبصِّرٌ / أهلَ السَّفاهِ بزَيغهِ وصوابِهِ
حَرُمَ الهجاءُ على امرئٍ إلا امرَأً / وقَعَ الهجاءُ عليه من أضرابِهِ
أو طالباً قوتاً حماهُ قادرٌ / ظلماً حقوقَ طَعامِهِ وشرابِهِ
نفرٌ من الخلطاءِ والأصحابِ
نفرٌ من الخلطاءِ والأصحابِ / تجري مودَّتُهُمْ معَ الأنسابِ
مازلتُ بينهُمُ كأني نازلٌ / في منزل من صحّةٍ وشبابِ
أُكفَى وأُعفى غيرَ ما مُتجشِّمٍ / تعباً ولا نصباً من الأنصابِ
آثرتكُمْ بمودتي وتركتهُمْ / متغيِّظينَ عليَّ جِدَّ غِضابِ
حتى إذا ما جاش بحرُ المُشتري / لكُمُ ففاضَ وعبَّ أيَّ عُبابِ
وكَّلْتُمُ زُحَلاً بأمري وحدَهَ / وكذاك حقُّ الجاهل الخَيّابِ
أنا منْ أصابَتْهُ الصواعقُ بعدما / رجَّى حياً فيه حياةُ جنابِ
لِيُبَكِّني الأعداءُ إني رحمةٌ / لهُمُ فكيف تظنُّ بالأحبابِ
أَسخطتُ إخواني وأَخفقَ مطمعي / فبقيتُ بين الدُّورِ والأبوابِ
ماذا أقول لمن أُراجعُ بعدما / وحَّدتُكُمْ وكفرتُ بالأربابِ
تاللّه آملُ عدلَ شيءٍ بعدَكُمْ / أو أرتجي للظن يومَ صوابِ
فاز الورى من ريحكم بسحائبٍ / هطلت وفزتُ بسافياتِ ترابِ
قِدِم الأميرُ أخو الأمي
قِدِم الأميرُ أخو الأمي / رِ أبو الحسين المُصْعَبُ
فالأهلُ والسهلُ المرَي / عُ لوجهه والمَرْحَبُ
وعلى السعادة تُبتَنى / حُجْراتُهُ وتُطنَّبُ
مَلِكٌ أغرٌّ مُحجَّبٌ / معروفُهُ لا يُحجَبُ
يغدو بِعرْضٍ وافرٍ / يحميهِ مالٌ مُنْهَبُ
بدرٌ كأن البدرَ مق / روناً إليه كوكبُ
بحرٌ كأن البحر مق / روناً إليه مِذْنَبُ
سيفٌ له من كلّ نا / حيةٍ ووجهٍ مَضْربُ
ليثٌ لَهُ في كلِّ جا / رحةٍ وعضوٍ مخْلبُ
خُلِعَتْ عليه من المحا / سنِ خِلعةٌ لا تُسلَبُ
عَذُبَتْ خلائقُهُ فكا / دَ من العذوبة يُشرَبُ
وَهَبَتْ له كفٌّ وَهُو / بٌ كلَّ ما لا يُوهَبُ
عَضُدٌ لسيّدِنا وغي / ثٌ للورى يَتصبّبُ
في جُلَّنار وأختها دُبْسيَّةٍ
في جُلَّنار وأختها دُبْسيَّةٍ / يا ابن الوزير لعاتبٍ مُتعتَّبُ
أحضرتموني جُلَّنَارَ وأُحضرتْ / دبسيَّةُ الكبرى لغيريَ تُجنَبُ
فعتبتُ عتباً خلت فيه كفايةً / ثم انصرفت إلى التي هي أصوبُ
فكظمتُ بالإغْضاء كلَّ مُغِصَّةٍ / من ظُلمكم ووهبتُ ما لا يُوهَبُ
وظننت توبتكم نَصوحاً بعدها / ولقد يُخالَف من يَظُنُّ ويَحسبُ
فجرى عليَّ بظلمكم من خُرَّمٍ / يومٌ كما علم الإلهُ عَصْبصبُ
يومٌ يُسمَّى حين يكنى غيرُهُ / لا بل يُكَنَّى غيرُهُ ويُلَقَّبُ
وحَدَتْ شَمولٌ بالشَّمول لمعشر / غيري وفيما دون ذلك مَغْضبُ
ياسادتي مالي أذادُ عن التي / أبغي وأُسعَط بالتي أتجنَّبُ
أمشَاهدي يومَ الرَّفيهة تُحتمَى / ومشَاهدي يومَ الكريهة تُخْطَبُ
ذكَّرتموني بالتي أسديتُمُ / مثلاً لمثلي لا محالةَ يُضربُ
أَإِذا تكونُ كريهةٌ أُدعىَ لها / وإذا يحاسُ الحَيْسُ يُدعى جُندُبُ
لي صاحبٌ قد كنتُ آمُلُ نفعَهُ
لي صاحبٌ قد كنتُ آمُلُ نفعَهُ / سَبقتْ صواعقُهُ إليَّ صبيبَهُ
رجَّيْتُهُ للنائبات فساءني / حتى جعلتُ النائباتِ حسيبَهُ
ولَما سألتُ زمانَهُ إعناتَهُ / لكن سألتُ زمانه تأديبَهُ
وعسى معوِّجُهُ يكونُ ثِقَافَهُ / ولعلَّ مُمرضَهُ يكونُ طبيبَهُ
يا من بذلتُ له المحبةَ مخلصاً / في كلّ أحوالي وكنتُ حبيبَهُ
ورعيتُ ما يرعى ومِلتُ إلى الذي / وردَتْهُ همَّتُهُ فكنتُ شَريبَهُ
شاركتُهُ في جِدِّهِ ورأيتُهُ / في هزله كُفْئي فكنتُ لعيبَهُ
أيامَ نسرحُ في مَرَادٍ واحدٍ / للعلم تنتجعُ القلوبُ غريبَهُ
وكذاك نشرع في غديرٍ واحدٍ / يصف الصفاءُ لوارديهِ طِيبَهُ
أيسوؤُني مَنْ لم أكنْ لأسوءَهُ / ويُريبني من لم أكن لأُريبَهُ
ما هكذا يرعى الصديقُ صديقَهُ / ورفيقَهُ وشقيقَهُ ونسيبَهُ
أأقولُ شعراً لا يُعابُ شبِيهُهُ / فتكونَ أوّلَ عائبٍ تشبيبَهُ
ما كلُّ من يُعطَى نصيبَ بلاغةٍ / يُنسيهِ من رَعْيِ الصديقِ نصيبَهُ
أَنَفِسْتَ أن أمررتُ عند خصَاصةٍ / سببَ الثراءِ وما وردتُ قليبَهُ
إني أراك لدى الورود مُواثبي / وإذا بدا أمرٌ أراك عقيبَهُ
ولقد رَعَيْتَ الخِصبَ قبلي برهةً / ورعيتُ من مرعى المعاشِ جديبَهُ
فرأيتُ ذلك كلَّه لك تافهاً / وسخطتُ حظَّك واحتقرتُ رغيبَهُ
شهد الذي أبْديتَ أنك كاشحٌ / لكنَّ معرفتي تَرَى تكذيبَهُ
وإذا أرابَ الرأيُ من ذي هفوةٍ / ضمنتْ إنابةُ رأيهِ تأنيبَهُ
ولقد عَمِرْتُ أظنُّ أنك لو بدا / منّي مَعيبٌ لم تكن لِتَعيبَهُ
نُبِّئْتُ قوماً عابني سفهاؤُهُمْ / وشهدتَ مَحْفِلَهُمْ وكنتَ خطيبَهُ
عابوا وعبْتَ بغير حقٍّ منطقاً / لو طال رميُك لم تكن لتصيبَهُ
ونَكِرتُمُ أنْ كان صدرُ قصيدةٍ / ذِكرَايَ غُصْنَ مُنعَّمٍ وكثيبَهُ
فكأنكم لم تسمعوا بمُشَبِّهٍ / قبلي ولم تتعودوا تصويبَهُ
الآنَ حين طلعتُ كلَّ ثَنيَّةٍ / ووطئتُ أبكارَ الكلامِ وَثيبَهُ
يتعنّتُ المتعنِّتُون قصائدي / جَهلَ المرتِّبُ منطقي ترتيبَهُ
الآنَ حين زَأَرْتُ واستمع العدا / زأْري وأَنذرَ كَلْبُ شَرٍّ ذِيبَهُ
يتعرَّضُ المتعرضون عدواتي / حتى يُهِرَّ ليَ المُهِرُّ كَلِيبَهُ
الآن حين سبقتُ كلَّ مسابقٍ / فتركتُ أسرعَ جريهِ تقريبَهُ
يتكلَّف المتكلفون رياضتي / لِيُطِلْ بذاك مُعَجِّبٌ تعجيبَهُ
وَهَبِ القضاءَ كما قضيتَ ألم يكنْ / في محضِ شِعري ما يجيز ضريبَهُ
هلّا وقد ذُوِّقْتَ دَرَّ قريحتي / فذممتَ حَازِرَهُ حَمَدْتَ حليبَهُ
بل هبه عيباً لا يجوز ألم يكن / من حق خِلِّكَ أن تحوط مغيبَهُ
فتكونَ ثَمَّ نصيرَهُ وظهيرَهُ / وخصيم عَائِب شِعْرِهِ ومُجِيبَهُ
بل ما رضيتَ له بتركِك نصرَهُ / حتى نَعَبْتَ مع السَّفِيهِ نعيبَهُ
فَثَلَبْتَ معنى مُحسِنٍ وكلامَهُ / ثلباً جعلتَ كَبَدْيِهِ تعقيبَهُ
حتى كأنك قاصدٌ تعويقَهُ / عمَّا ابتغاهُ وطالبٌ تخييبَهُ
وأمَا ومابيني وبينَكَ إنَّهُ / عهدٌ رعيْتُ بعيدَهُ وقريبَهُ
لولا كراهةُ أن أملِّكَ شهوتي / قهرَ الصديقِ محبتي تلبيبَهُ
أو أن أجاوزَ بالعتاب حدودَهُ / فأكونَ عائبَ صاحبٍ ومَعيبَهُ
سيَّرتُ قافيةً إليك غريبةً / مَنْ سيَّرَتْهُ تضمّنتْ تغريبَهُ
ما كنتَ في بخس الجزاء بمشبهٍ
ما كنتَ في بخس الجزاء بمشبهٍ / إلا كَنِيَّك يا أبا أيوبِ
وأَراك أيضاً مثلَهُ في جودهِ / للراكبين بظهره المركوبِ
أصبحتَ كالجمل الذي لا يُرتجى / لجزاءِ عارفةٍ ولا تثويبِ
ما أنت في الأحياء بالحيّ الذي / يُطرى ولا بالميِّتِ المندوبِ
أبديتَ صفحة قسوةٍ وخشونةٍ / من دون تافِه نَيْلك المطلوبِ
فكأنك الينبوتُ في إبدائهِ / شوكاً يذودُ به عن الخرّوبِ
لو كان نائلكُ المُحجَّب نائلاً / لَعَذَرتُ مَنْعةَ بابك المحجوبِ
يا ضَيفَهُ أبشرْ فإنك غانمٌ / أجر الصيام وليس بالمكتوبِ
ولو استطاع لحَبْطِ أجرك حيلةً / لاحتال في ذاك احتيالَ أريبِ
وأراهُ سَخَّاه بصومك علمُهُ / أنْ ليس صومُ الكُره بالمحسوبِ
أو ظَنُّهُ أنْ لا صيامَ لضيفِه / مع رَتْعه في عرضه المسبوبِ
أيظنُّ غِيبتَهُ تُفطِّر صائماً / قُبحاً له ولظنِّه المكذوبِ
لا تحسبَنَّ على امرىءٍ في شتمِه / حُوباً فما في شتمه من حُوبِ
رَهِلُ المحاجر والجفون ترى له / وجهاً يؤكِّدُ قُبحَهُ بقُطوبِ
أبداً تراه راكعاً في ثَردةٍ / مأدومةٍ بإهالةِ المصلوبِ
مُتتابعَ الأسقام من تُخمَاتِهِ / لا يَشفِ ذاك الداء طبُّ طبيبِ
ومُصِّححُ الأضياف يَسلَمُ ضيفُهُ / من كل داءٍ غيرَ داء الذيبِ
يتنفّس الصُّعداء من كِظَّاتهِ / لا فارقَتْه زفرةُ المكروبِ
ياحسرتا لقصيدةٍ أغلقتُها / بمديحهِ وفتحتُها بنسيبِ
لأبدِّلنَّ مديحه قذْعاً له / ولأجعلنَّ بأمه تشبيبي
ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثَعْلَبا
ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثَعْلَبا / وأبى السماحةَ لؤمُهُ فاستكلبا
فترى غروراً ظاهراً من تحته / نَكدٌ فَقُبِّح شاهداً ومُغيَّبا
ولَشرُّ من جرَّبتَهُ في حاجةٍ / من لا تزال به مُعنَّىً مُتعبَا
من لا يبيعُك ما تريد ولا يرى / لك حُرمةً إن جئته مُستوهِبا
أيسيرُ مدحي في الأمير وكلُّهُ
أيسيرُ مدحي في الأمير وكلُّهُ / يا للرجال مُؤرَّجٌ بعتابِ
ما قلت قافيةً تخبِّر أنهُ / فيما يُثيب أثابني بثوابِ
ظنِّي لئن أنا دام لي حرمانُهُ / لألقَّبَنَّ بشاعرٍ كذابِ
يا بؤسَ للشعراءِ يسهرُ ليلُهمْ / ويُلقَّبون بأسوَأِ الألقابِ
نَصَبَتْ حبائلَ حسنها فاصْطَدْنَني
نَصَبَتْ حبائلَ حسنها فاصْطَدْنَني / ثم انتحتْ قلبي بنَبْلِ عذابِها
هل في الشريعة نصبُ صيدٍ حاصلٍ / للنَّبل ترشُقُه يدٌ بِصيابِها
صدٌّ وهجرانٌ وطولُ تعتُّبٍ / وأشدُّ منه ضنُّها بعتابِها
ما بالُها سيفاً عليَّ مسلَّطاً / ولقد أتيتُ محبتي من بابِها
يا ربِّ إنْ وجبَ العقابُ فوقِّها / بي من عقابِ ذنوبها وحسابِها
لَحظاتُ أجفانِ الحبيبْ
لَحظاتُ أجفانِ الحبيبْ / رُسُل القلوب إلى القلوبْ
والشوقُ يفعل بالعزاء / فعلَ الإنابة بالذنوبْ
لا والذي بجفائهِ / وَصَلَ المدامعَ بالنحيبْ
ما شفَّ جسمي في الهوى / إلا مراقبةُ الرقيبْ
سَهِّلْ حجابك أيها المحجوبُ
سَهِّلْ حجابك أيها المحجوبُ / واعلمْ بأنَّ النائبات تَنوبُ
وتَلقَّ إنعامَ الإله بشكرهِ / فأخو الجحودِ مُنَغَّصٌ مسلوبُ
لا ترضينَّ لمن أتاك بضدِّ ما / ترضى لنفسك إنَّ ذلك حُوبُ
وتَوقَّ ذمَّك إنَّ ما خُوِّلتَهُ / كطلوع شمسٍ حان منهُ غروبُ
الموتُ دون تفَرُّقِ الأحبابِ
الموتُ دون تفَرُّقِ الأحبابِ / وعذابُ نأيهمُ أشدُّ عذابِ
لم تُبْلَ مذ خُلقتْ نفوسُ ذوي الهوى / يوماً بمثل ترحُّلٍ وذَهابِ
بانوا بلُبِّكَ رائحين وخَلَّفوا / لك دمعةً موصولةَ التَّسكابِ
فسقاهُمُ نوءُ السّماك بما سَقوا / خدَّيكَ بالعبرات صوبَ سحابِ
أرْضَى بصورتهِ وصَدَّ فأغضَبَا
أرْضَى بصورتهِ وصَدَّ فأغضَبَا / فغدا المحبُّ منعَّماً ومعذَّبا
ياوجهَ من أهوى لقد أعْتَبتني / لو أن نائلَهُ الممنَّع أعتبا
ظبيٌ كأنَّ اللَّه كمَّل حسنَهُ / ليغيظ سِرْباً أوْ يُكايدَ رَبْرَبَا
خَنِث الدلال إذا تَبهنَس أوثَقَتْ / حركاتُه وإذ تكلَّم أطربا
ذو صورةٍ تحلو وتَحْسُنُ منظراً / ومَراشفٍ تصفو وتعذب مشربا
فإذا بدا للزَّاهدين ذوي التُّقَى / وَجَدَتْ هناك قلوبُهُمْ مُتَقلَّبا
مُتَوَشِّحٌ بِمعَاذتين يخيفُهُ / ما لا يُخاف وقد سبى مَنْ قد سبى
مُتَسَلِّحٌ للعين لا متزَيِّنٌ / إلا بما طبع الإله وركَّبا
قاس الملابِسَ والحُليَّ بوجهه / فرأى محاسن وجهه فتسلَّبا
أغناهُ ذاك الحسنُ عن تلك الحُلى / وكفاه ذاك الطِّيبُ أن يتطيَّبا
فغدا سليباً غير أن ملابساً / يَحْمينَه الأبصارَ أن يُتنَهَّبَا
ويقينَه بردَ الهواءِ وحرَّهُ / إن أصْرَدَ العَصْرَان أو إن ألهبا
يُكْسَى الثياب صيانَةً وحجابةً / وهو الحقيق بأن يصان ويحجبا
كالدرَّة الزهراء ألبِسَ لونُها / صَدفاً يُغَارُ عليه كي لا يَشْحَبَا
ومن العجائب أن يُرَى متعوِّذاً / من عين عاشِقِهِ أَلاَ فَتَعَجَّبَا
أيخافُ عَيْنَيْ من قُتلْتُ بحبِّهِ / قَلَبَ الحديثَ كما اشتهى أن يُقْلَبَا
لاقيت من صُدْغٍ عليه مُعَقْرَب / أفْعى تبرِّحُ بالفؤاد وعقربا
يكسوهُ صورة مخلبٍ فكأنما / يُنْحي على كبدي وقلبي مخلبا
إني لأرجو بالخليقةِ شِبْهَهُ / ممّا أحلَّ لنا الإله وطَيَّبَا
أو ما ترى فيما أباح محمدٌ / عما حماهُ من الخبائث مَرْغبا
لا سيما وقد اكتهلت وقد تَرى / ورع الإمام وبأْسَهُ المتهيَّبا
أضحتْ أمورُ الناسِ عند مصيرها / في كف من حامى وجاد وأدَّبَا
ديناً تكهَّل فاسْتقام صِراطُه / ومَعَاشَ دنيا للأنام تسبَّبا
اللَّه أكبرُ والنبيُّ محمدٌ / وابنُ الخليفةِ غالبٌ لن يُغلَبا
رُزق الإمامُ بِعَقْب هُلْكِ عدوِّهِ / ولداً أطاب به الإمام وأنجبا
صدقتْ بشارَتُهُ وأفلح فألُهُ / هَلَكَ العِدا ونجا الإمام وأَعقبا
أحيا لنا أملاً وأردى مَارقاً / قد كان لفَّفَ للفساد وألَّبا
لا زال من والى الإمام وَوُدَّهُ / يحيا ومن عاداه يلقى معطبا
للَّه من ولدٍ أتى وربيعُنا / مُسْتَحكمٌ وجَنَابُنَا قد أخصبا
ضحك الزمان إليه ضحْكَةَ قائلٍ / يا مرحباً بابن الخليفة مرحبا
فغدا ومولدُهُ بشيرٌ كلّهُ / بالنصر لم يكُ مثلُهُ لِيُكذَّبا
ذكرٌ أغرّ كأنَّ غرة وجهِهِ / رَأْيُ الإمام إذا أضاء الغيهبا
ضمن النجابة عنه يومَ وِلادِهِ / قمرٌ وشمسٌ أدَّياهُ وكوكبَا
وافى الإمام وقد أجدَّ رحيلُهُ / عَضُداً يعين على الخطوب ومنكبا
حقاً لقد نطقَ البشيرُ بيمنهِ / ولربما نطق البشير فأعربا
فألٌ لعمرك لم أَعِفْه ولم أَعِفْ / منه البريح ولا النَّطيحَ الأعضبا
ورأيتُهُ القُمْرِيَّ غرّد في ذُرىً / خضراء يانِعَةِ الجنَى لا الأخطبا
ما قُوبلَتْ رِجَلُ الملوك بمثلهِ / إلا ليملك مشرقاً أو مغربا
فَلْيُمْضِ عزمَتَهُ الإمامُ فإنه / قد هزَّ منها مَشْرَفِيَّاً مِقْضَبَا
فاليمنُ مقرونٌ به عونٌ له / ظِلٌّ عليه إذا الهَجيرُ تَلهَّبا
والليثُ في الهيجاء لابُس جُنَّةٍ / من نفسه تكفيه أن يتأهَّبا
واللّه واقيهِ الردى ومُسَهِّلٌ / ما قد رجا ومذَلِّلٌ ما استصعبا
هي فرصةٌ سنحت ونعمى أقبلت / وغنيمة أَزِفَتْ وصيد أَكثبا
وافى هزبرٌ بالحديقة مِسْحَلاً / وأظلَّ صقرٌ بالبسيطة أرنبا
وجد السنانُ منَ الطريدة مطعناً / ورأى الحسامُ من الضريبة مَضرِبا
لا يهلِكنَّ على الخليفة هالكٌ / قد أرْغَبَ الناسَ الإمامُ وأرهَبا
هو عَارِضٌ زَجلٌ فمن شاء الحيا / أرضى ومن شاء الصواعق أغضبا
ملك إذا اعتسف الملوك طريقَهم / في ملكهم ركب الطريق السَّبسَبَا
أعلاهُ طَوْلٌ أن يُرى متكبِّراً / وحماه عزٌّ أن يُرَى مُتَسَحِّبَا
نَمْتَاحُ منه حَاتميَّاً ماجداً / ونُثير منه هاشمياً قُلَّبَا
يهتزُّ حينَ يُهزُّ لَدْناً ناعماً / وإذا قَرَعتَ قرعت صلداً صُلَّبَا
ما زال قدماً عُرْفُهُ متوقَّعاً / لِعُفاته ونكيرُهُ مترقَّبا
والعفوُ منه سجيةٌ لكنَّه / يعفو إذا ما العفو كان الأَصْوبا
فإذا جَنَى جانٍ تَغَاضَتْ عَيْنُهُ / عن ذنبه فكأنه ما أذنبا
وإذا تتابع في الخيانة أهلُها / جَدع الأنُوف منَ الجباه فأَوْعبا
فأنا النذير به لغامِطِ نعمة / وأنا البشير بِهِ لِحُرٍّ أجدبا
يا ناظمي مِدَحَ الإمام وطالبي / نفحاتِ نائِلِه ذهبتم مذهبا
وافَى مَصابٌ من سَحَابٍ رِيَّهُ / ورأى سحابٌ في مَصَابٍ مَسْكَبا
أمَّا عِداه فما أصابوا مَهْرَبا / ومؤمِّلوه فقد أصابوا مطلبا
خطب السؤالَ إلى العُفاة ولم يكن / لو لا مكارمُه السؤال ليُخطبَا
ورمى نحور الخائنين بسهمهِ / وتِراسُهم قَدَرُ البقاءِ فما نبا
ومتى أراد اللَّهُ قصَّرَ مدةً / وإذا قضى فأراد أمراً عَقَّبا
وأقولُ قولَ مسدَّدٍ في زجرهِ / يقضي القضية لم يكن ليؤنَّبا
سيطول عمرُ إمامنا في غبطة / حتى يواكبَ من بنيه موكباً
مقلوبُ كنيتهِ يُخَبِّر أنه / سيُرى لسابِع سبعة غُرٍّ أبَا
حتى تراه في بنيه قد احتبى / فَيُخال يذبُلَ في الهضاب قد احتبى
ولقد أتاه مُبَشِّران بخمسةٍ / ردَّ الإلهُ على الإمام الغُيَّبا
ليرى الإمام تكهُّني وتَطَيُّبي / فلقد تكهَّن عبدُهُ وتطيَّبا
إني وجدت له فُؤُولاً جمَّةً / منه ولم أزجُر كغيري ثعلبا
حقُّ الخليفةِ أن أُطيلَ مديحَهُ / لكنني أوجزتُ لما أطنبا
طالت يداهُ على لساني فانتهتْ / تلك البلاغةُ فانتهَيْتُ وأَسْهَبا
اللَّه يعلمُ أنني
اللَّه يعلمُ أنني / يا سيدي أحيا بِقربِكْ
كَمِدٌ على ما فات منْ / ك فلا بُليتَ بيوم عَتبِكْ
وهواك شغلي عن سوا / كَ فليتني من شغل قلبِكْ
وصحابةٍ ناكوا القيانَ تَظَرُّفاً
وصحابةٍ ناكوا القيانَ تَظَرُّفاً / يوماً فنِكْتُ زَوامِراً ورقائبا
إني امرؤ إن لم يكن لي موضعٌ / في مَرْكبٍ يوماً ركِبت القاربا
قالت غُلالتُهُ القَصَبْ
قالت غُلالتُهُ القَصَبْ / لما تثنَّى وانتصَبْ
ما لي: جَنيتُ جنايةً؟ / حتى صُلبتُ على الخشبْ