المجموع : 49
نم يا عدوّ فَقَد نعمت قَرارا
نم يا عدوّ فَقَد نعمت قَرارا / قَد ماتَ مَن يَحشو فؤادك نارا
فَلطالما قَد بتّ خيفة بأسه / تَرعى النُجوم وَتكثر الأَفكارا
ترك النهار عَليك لَيلاً مُظلِما / وَأَصار لَيلك إِذ سَهرت نَهارا
فَاثبت لِشأنك لا تفر مَخافة / إِذ قَد كَفتك يَد الحَمام فرارا
عَثر الزَمان فَلا لَعاً بِمهذب / كَم قَد أَقالَ مِن الزِمان عثارا
فلَّ الرَدى مِن آل جعفر صارِماً / أَمضى مِن السَيف الصَقيل غرارا
بكر النَعي فَخال كُل مكوّن / طرقته داعية الفَنا إبكارا
فَأبان للدُنيا بذائع سره / شرا وَمِن فَمه أطار شرارا
رَنت العُيون لَهُ فَعدن خَواسئا / وَأَمدَت الأَيدي فَعدن قصارا
فَترى الأَنام لعظم ما قَد ساءَها / مِن فَقد محسنها تَجُول حَيارى
مَن لي بأن يدع النَعي كَلامه / فَلَقَد أَذابَ حَشا الهُدى اِستعبارا
وَلرب كاتم فرحة ألفيته / متشمتا يَتطلع الأَخبارا
ثلج الحَشا عطت حشاه ألم تكن / أَحشاؤه مِن قبل ذاكَ حرارا
وَاحرَّ قَلبي إِذ رَأَيت بَشاشة / بِوجوه قَوم كَم طَلاها قارا
تَأتي لِمَن يَروي حَديث وَفاته / فَتوجه الأَسماع وَالأَبصارا
الدَهر خوَّلها بِنعمى لَم تَكُن / طَلبت لَها خَولاً وَلا أنصارا
جار الزَمان وَيا لَهُ العُقبى بِما / أَسدى ألم يَعلم عَلى مَن جارا
تبت يَداه لَقد أَساءَ لِمحسن / أَندى الأَنام يَداً وَأَمنَع جارا
يا لَيت شعري هَل يَليق لِزائر / بلد الوصي وَهَل يَطيب مَزارا
مِن بَعد ما أَودى ابن جعفر الَّذي / أَورى بِجانحة الوَصي أَوارا
يا مَيتاً درت الأَنام بِأَنَّهُ / مَلأ النَواظر هَيبة وَوَقارا
ينمى لِجعفر وَالعَجيب لجعفر / إِني يَمد عَلى الأَنام بِحارا
مِن كُل وضاح الاسرة عيلم / وَيجير في الجَليَّ وَلَيسَ يجارا
وَرثوا المَكارم كابراً عَن كابر / بل كلهم كانوا بِها كِبارا
قُل لِلّذي يَرتاد أَزهار الهُدى / صل آل جعفر وَاقطف الأَزهارا
إِن جئت دارهم تجدها هالة / وَتَرى وُجوهَهم بِها أَقمارا
كشف الغِطاء أَبوهُم فَتبينت / لَهُم العُلوم وَإِن تَكُن أَسرارا
أَحيوا مَآثر جدهم لَما اِقتَفوا / آثاره لِيجددوا الآثارا
النازِلون مِن العلا الغرف الَّتي / كانوا لَها بِعلومهم عمارا
بَعَثوا إِلى الآفاق نور فَقاهة / لَم تَبقَ في أُفق الرَشاد غبارا
بَلغوا بمجدهم السما حَتّى لَقَد / تَخذوا الفَراقد وَالسهى سمارا
فَهُم الأُولى إن تَدعهم لملمة / بَذَلوا النُفوس وَفارَقوا الأَعمارا
وَلرب حادثة تعمُّ لوانها / وَردت وَتهتك لِلورى اِستارا
فَجلوا لها كالأسد توسع طردها / عَكسا وَفارط وَردها إصدارا
يا آل جعفر الذين بهديهم / كانوا لحائرة السَبيل منارا
وَالسالكين مِن العلوم بِمنهج / عَنهُ المعلم وَابن سينا حارا
فَلَنا بِمَهدي الأَنام سَليله / خلف بِهِ نَستَدفع الأَقدارا
مَولى يَهز إِلى النَوال مَعاطِفاً / مثل الغُصون إِذا اِكتَسَت نوارا
وَاستعبد الأَحرار بر يمينه / وَالبر قَد يستعبد الأَحرارا
قُل لِلّذي باراه خلفك فاتئد / هَيهات كَيفَ أَخو السَحاب يُباري
فَلتقبلوها كاعبا بكرا ومن / مثلي يَزف كَواعباً أَبكارا
يعيا الشَريف بِها وَإِن يَك مفلقا / وَتَعيد للعجمية المهيارا
يا عَين إن تغر العُيون فَغوري
يا عَين إن تغر العُيون فَغوري / وَاسق البطاح بِدَمعك المهمور
فَلَقَد فَجَعت بِنور آل محمد / وَالعَين يفجعها افتقاد النُور
عَصفت عَلى الشَرع الشَريف مُلمة / نَسفت قَواعد بَيته المَعمور
بكر النَعي إِلى الغري فراعَنا / بَل راعَ جانب حَيدر ببكور
فَتَرى الأَنام لِهَول ما قَد قالَهُ / مِن عاثر رُعباً وَمِن مَذعور
فَكَأن إِسرافيل بَكر معلما / وَكَأَنَّما قَد حانَ نَفخ الصُور
حلَّت بِها شم نكبة لَو أَنَّها / بثبير لانثلت عُروش ثَبير
قادَ الحمام أَميرها الصَعب الَّذي / مُذ كانَ ما اِنقادَت لِحُكم أَمير
وَتخاذَلَت عَنهُ وَلا مِن ذابل / يَثني وَلا مِن صارم مَشهور
وَغَدَت تَميل مِن الكَآبة أَرؤساً / لَم تَعطِ إِلا نَفثة المَصدور
يا آل هاشمٍ الذين سُيوفَهُم / لَم تَثنِ إِلا عَن دَم مَهدور
نسر المَنية كَيفَ انشب ظفره / فيكُم فاقلع راسي الاظفور
يا غلب غالب قَد عذرتك فَانثني / ما دفعك المَقدور بِالمَقدور
حي لَها شم قَد تَداعى سُوره / وَالحَي مطمعة بِدُون السُور
كَسر الزَمان جَناحَها فترعرعت / بِنهوضها كَترعرع المَكسور
أَودى أَخو العَزمات ناظم عقدها / فَتناجَت عَن لؤلؤ مَنثور
لَو أَنَّ بِنت طَريف تفقد مثله / ما عاتبت شَجراً عَلى الخابور
مِما أَصابَ فُؤادَها مِن مُحرق / يَبقى نَضير الدَوح غَير نَضير
أَعلي إِن الكَرخ بابنك كاظم / تَاللَه قَد ضاءَت بِأَكمَل نُور
وَتَرى قُلوص الزائرين بحيه / تَفري حَشا البيدا لِخَير مَزور
لَم يَلثم المَحزون ترب جَنابه / إِلا وَبَدل حُزنه بِسُرور
وَتَميت طلعته الدُجى لَكنه / يَحييه بِالتهليل وَالتَكبير
لَكن هذا الدَهر خافر ذمة / لَم يَرضه إِلا بوار الدور
أَردى بَنيك وَغالهم بعميدهم / مَن كانَ عزّ لو آئها المَنشور
فَلأعتبن عَلى حِماك وتربه / كَم قَد حَوى مِن عالم نَحرير
أَفدي الَّذي بلغ العُلا في مَجده / وَسمي السَها في علمه الإ كسير
ذا ميّت نشرته كف محمد / طوبى لَهُ مِن مَيت مَنشور
يَهني المَكارم إِن في آفاقها / قَمرين قَد خَلقا بِغير نَظير
فمحمد وعلي مِن أَكفائها / خلقا لَها وَكِلاهُما مِن نُور
الراقيان إِلى العُلى حَتّى لَقَد / نَفَذا وَراء حجابها المَستُور
عبرا عَلى نَهر المَجرة رفعة / وَتخطيا شعري السَما بِعُبور
يا سادة أَمن الأَنام بحبهم / في القبر صَولة منكر وَنَكير
أَنا في الخَطايا موقر لَكن أَرى / حُبي لَكُم ضَربا مِن التَكفير
يَشفى لديغ الجَهل بَين بُيوتكم / برقى التعلم لا رقى المَسحور
فَلتقبلوها مِن لِساني قالة / تُبدي لَكُم عُذري مِن التَقصير
إِن لَم أَجد بِنظامها فَمصابكم / بَقيت بِهِ الشعري بِغَير شُعور
انشر لِواك مؤيداً مَنصورا
انشر لِواك مؤيداً مَنصورا / حيا الآله لواءك المَنشورا
واقصر بخيلك يمنة أو يسرة / اللَه جارك لا تَرى مَحذورا
يا اِبن النَبي محمد وَسميه / طابت حجورك أَولاً وَأَخيرا
أَعطاك رَبك بسطة في دينه / فَاِنهض وَطهر أَرضه تَطهيرا
أَو لَيسَ سَيفك ذو الفَقار بِهِ ظماً / لا يَستَقي إِلا الدَم المَهدورا
ماذا اِنتِظارك بالألى جحدوا الهُدى / لَم لا تصيرهم هباً مَنثورا
عَدلوا عَن النَهج القَويم وَغادروا / قُرآن جدك خلفهم مَهجورا
وَصدور سمرك جوَّع لا تَبتَغي / إِلا كلاً وَمناحرا وَصدورا
يا وارث العَلياء مِن آبائه / ما زال ذكرك بَيننا مَنشورا
وَصل العِراق كتابكم فَتهللت / فرحا وَأَصبح مِن بها مَسرورا
فَكأنها قبل الكتاب وَنشره / كانَت ظَلاماً فَاستَحالَت نُورا
كَم سَيد لَكَ بِالعِراق يود أَن / يَلقاك لَو كانَ اللقا مَقدورا
وَأَما وَبيض ظباك وَهِيَ حُرية / أَن يَحلفوا قَسماً بِها مَبرورا
لَو لَم تقم بحدود مَكة حارِساً / ما حَج شَخص بَيتها المَعمورا
لَم يَخشَ قَد عَلى الشَريعة عادياً / وَظباك قَد ضربت عَلَيها سورا
عمرت دين اللَه بِالسَيف الَّذي / إِن سلَّ خرب للضلالة دُورا
ما قابلتك قَبيلة إِلّا اشتهت / عرج الضباع لَها تَكُون قُبورا
لَم تصبح الحَي العصاة بغارة / إِلا وَقَبلك قَد بَعثت نَذيرا
شاء الإِلَه بِأَن تَعيش مُعمرا / لما أَراد بخلقه تَعميرا
ملكاً كَبيراً عالِماً نَحريرا / أَسدا هصوراً سَيدا مَنصورا
اللَه أذهب عَنكُم الرجس الَّذي / يَخشى وَطهر بَيتكم تَطهيرا
تَهب العَطايا لِلوَفود وَلَم تَكُن / تَبغي جَزاء مِنهُم وَشكورا
متعاقبين كَأَنَّهُم قَد أَودَعوا / بِبلادكم كنزاً لَهُم مَذخورا
لو أَنت تُعطي الأَرض في أَطباقِها / مِن عَظم قَدرك لَم يَكُن تَبذيرا
أَهدي السلام مَع النَسيم السائر
أَهدي السلام مَع النَسيم السائر / لِأَخ تغلغل حبه بضمائري
وَأزف مالكة الثَنا لمهذب / وَرث النَجابة كابراً عَن كابر
يا أَيُّها المَولى الذي أَصفيته / وَدّي وَإِخلاصي وَصَفو سَرائري
يا هاشِماً وَرث العُلا مِن هاشم / فَسمى عَلى بادي الوَرى وَالحاضر
أَهوى لقاك وَبَيننا بَيداء لا / بِالخف نَقطَعها وَلا بِالحافر
وَتَهزني الذِكرى إِلَيك مَحبة / فَكَأن قَلبي في جَناحي طاير
أَدرك ثَراتك أَيُّها المَوتور
أَدرك ثَراتك أَيُّها المَوتور / فَلَكُم بِكُل يَد دَم مَهدور
عذبت دماءكم لِشارب علّها / وَصفت فَلا رنق وَلا تكدير
وَلسانها بِكَ يا اِبن أَحمَد هاتف / أَفهكذا تغضي وَأَنتَ غَيور
ما صارم إِلا وفي شَفراته / نَحر لآل محمد مَنحور
أَنتَ الولي لِمَن بظلم قَتّلوا / وَعَلى العِدى سُلطانك المَنصور
وَلو أَنك استأصلت كُل قبيلة / قتلا فَلا سرف وَلا تَبذير
خُذهُم فَسنة جَدكم ما بَينَهُم / منسية وَكِتابَكُم مَهجور
إن تحتقر قدر العِدى فلربما / قَد قارف الذنب الجَليل حَقير
أَو أَنَّهُم صغروا بجنبك همة / فَالقَوم جرمهم عَليك كَبير
فَأَبوا علي الحسن الزَكي بِأَن يَرى / مَثواه حَيث محمد مَقبور
وَاسأل بِيَوم الطف سَيفك إنَّهُ / قَد كلم الأَبطال فَهوَ خَبير
يَوم أَبوك السبط شمَّر غَيرة / لِلدين لَمّا أَن عناه دثور
وقَد اِستَغاثَت فيهِ ملة جَده / لَما تَداعى بَيتَها المَعمور
وَبِغَير أَمر اللَه قامَ مُحكَماً / بِالمُسلِمين يَزيد وَهُوَ أَمير
نَفسي الفِداء لِثائر في حَقه / كَاللَيث ذي الوَثبات حين يَثور
أَضحى يُقيم العَدل وَهوَ مهدم / وَيُجبِّر الإِسلام وَهوَ كَسير
وَيذكر الأَعداء بَطشة رَبِهم / لَو كانَ ثَمة يَنفَع التَذكير
وَعَلى قُلوبهم قَد اِنطَبَع الشَقا / لا الوَعظ يبلغها وَلا التَحذير
فَنضا اِبن حَيدر صارماً ما سلَّه / إلا وَسِلن مِن الدِماء بُحور
فَكَأن عزرائيل خط فرنده / وَبِهِ أَحاديث الحمام سُطور
دارَت حَماليق الكماة لخوفه / فَيدور شَخص المَوت حيث يَدور
وَاستيقَن القَوم البوار كَأَن اس / رافيل جاءَ وَفي يَديهِ الصور
فهوى عَلَيهُم مثل صاعقة السَما / فَالروس تسقط وَالنُفوس تَطير
لَم تثن عامله المسدد جَنة / كَالمَوت لَم يَحجزه يَوماً سُور
شاكي السِلاح لَدى ابن حَيدر أَعزَل / وَاللابس الدرع الدلاص حَسير
غَير أَن يَنفض لبدتيه كَأَنَّهُ / أَسد بآجام الرِماح هَصور
وَلصوته زجل الرعود تَطير بِا / لالباب دَمدمة لَهُ وَهَدير
قَد طاحَ قَلب الجَيش خَيفة بَأسهِ / وَإِنهاض مِنهُ جَناحَهُ المَكسور
بِأَبي أَبيّ الضَيم صال وَماله / إِلّا المثقف وَالحسام نَصير
وَبقلبه الهَم الَّذي لَو بَعضه / بثبير لَم يَثبت عَلَيهِ ثَبير
حزن عَلى الدين الحَنيف وَغربة / وَظما وَفقد أَحبة وَهَجير
حَتّى إِذا نَفذ القَضاء وَقَدر ال / مَحتوم فيهِ وَحَتم المَقدور
زجت لَهُ الأَقدار سَهم مَنية / فَهوى لقاً فاندك مِنهُ الطُور
وَتَعطل الفلك المدار كَأَنَّما / هُوَ قُطبه وَعَلَيهِ كانَ يَدور
وَهوَين ألوية الشَريعة نكّصا / وَتعطل التَهليل وَالتَكبير
وَالشَمس ناشرة الذَوائب ثاكل / وَالأَرض تَرجف وَالسَماء تَمور
بِأَبي القَتيل وَغَسله علق الدما / وَعَلَيهِ مِن أَرج الثَنا كافور
ظمآن يَعتلج الغليل بصدره / وَتبلُّ للخطي مِنهُ صُدور
وَتَحكَّمت بيض السُيوف بِجسمه / وَيح السُيوف فَحكمهن يَجور
وَغَدَت تَدوس الخَيل مِنهُ أَضالعا / سر النَبي بطَيِها مَستور
في فتية قَد أرخصوا لفدائه / أَرواح قُدس سومهن خَطير
ثاوين قَد زَهَت الرُبى بِدمائهم / فَكأنَّها نوارها المَمطور
رقدوا وَقَد سَقوا الثَرى فَكأنَّهم / نَدمان شُرب وَالدِماء خمور
هُم فتية خَطَبوا العُلا بِسيوفهم / وَلها النُفوس الغاليات مُهور
فَرحوا وَقَد نَعيت نُفوسَهُم لَهُم / فَكَأن لَهُم ناعي النُفوس بَشير
فَاستنشقوا النقع المثار كَأَنَّهُ / ندُّ المَجامر مِنهُ فاح عَبير
وَاستيقنوا بِالمَوت نيل مرامهم / فَالكل مِنهم ضاحك مَسرور
فَكأنَّما بيض الحُدود بواسماً / بيض الخُدود لَها ابتَسَمنَ ثُغور
وَكَأَنَّما سمر الرِماح مَوائِلا / سمر المِلاح يَزينهن سُفور
كسروا جُفون سُيوفهم وَتقحموا / بِالخَيل حَيث تَراكم الجَمهور
مِن كُل شَهم لَيسَ يَحذر قَتله / إِن لَم يَكُن بِنَجاته المَحذور
عاثوا بِآل أُمية فكأنهم / سرب البغاث يَعثن فيهِ صُقور
حَتّى إِذا شاءَ المهيمن قربهم / لِجواره وَجَرى القَضا المَسطور
رَكَضوا بِأَرجلهم إِلى شُرك الرَدى / وَسَعوا وكلٌّ سَعيه مَشكور
فَزَهَت بهم تِلكَ العراص كَأَنَّما / فيها ركدن أَهلة وَبدور
عارين طرَّزت الدِماء عَلَيهُم / حمر البُرود كَأَنَّهُن حَرير
وَثوا كُل يَشجي الغُيور حَنينها / لَو كانَ ما بَين العداة غيور
حرم لاحمد قَد هَتَكن ستورها / فهتكن مِن حرم الإِله ستور
كَم حرّة لَما أَحاط بِها العَدى / هَربت تَخف العدوَ وَهِيَ وَقور
وَالشَمس تَوقد بِالهَواجر نارَها / وَالأَرض يَغلي رَملَها وَيَفور
هَتفت غَداة الرَوع باسم كَفيلها / وَكَفيلها بِثَرى الطُفوف عَفير
كانَت بِحَيث سجافها تُبنى عَلى / نَهر المَجرة ما لَهُن عُبور
يَحمين بِالبيض البَواتر وَالقَناالس / سُمر الشَواجر وَالحماة حُضور
ما لا حظت عَين الهِلال خَيالَها / وَالشُهب تَخطف دُونَها وَتَغور
حَتّى النَسيم إِذا تَحظى نَحوَها / ألقاه في ظل الرِماح عثور
فَبَدا بِيَوم الغاضرية وَجهَها / كَالشَمس يَسترها السَنا وَالنُور
فَيَعود عنهاالوَهم وَهُوَ مقيد / وَيَرد عَنها الطَرف وَهُوَ حَسير
فَغَدت تَود لَو أَنَّها نَعيت وَلَم / يَنظر إِلَيها شامَت وَكَفور
وَسرت بِهن إِلى يَزيد نَجائب / بِالبيد تنجد تارة وَتَغور
حنت طلاح العَيس مسعدة لَها / وَبَكى الغَبيط لَها وَناحَ الكُور
نَزلت بِنا دَهياء أَدهَشَت الوَرى
نَزلت بِنا دَهياء أَدهَشَت الوَرى / وَرقت إِلى بَدر الهُدى فَتكورا
ما صالح إِلّا هلال هداية / إِن غابَ ضل أَخو الهُدى وَتَحَيرا
بَكَت المَكارم فَقده فَشجونها / مشتدة وَالدين منحل العُرى
قَلب الزَمان لَهُ المجن فخانه / وَاغتاله فاغتال مِنهُ غَضَنفَرا
يا صاحِبيّ تَنعما بِهنا الكرى / وَلي السهاد أِلا اعذلا أَو فاعذرا
أَودى أَبو الهادي فأَودى بِالحَشا / وَفؤادَها وَبِمُقلتيَّ وَبِالكَرى
لِلّه نَعش قَد سَرى بسكينة / عَنهُ اِنحطَطَن بَنات نَعش مُذ سَرى
مَشَت المَلائك خَلفه وَأَمينها / جبريل هلل مُذ رآه وَكبرا
دَفَنوه في جدث فَأَيقَن مِن رَأى / أن البُحور غَدَت تَغيض في الثَرى
يا راكِباً وَجناء انحلها السَرى / قَد راحَ يَخبط في الوهاد مشمرا
أَسرع هَديت وَدَع بصدرك حاجة / وَأعمد بعيسك قاصِداً أُم القُرى
عج لِلمَقام وَنح بِهِ مُتَعَلِقا / بِستوره إِن تَلقه مُتسترا
وَلَعَله قَد هَتِّكت أَستاره / مِما عَرى بَيت النُبوة ما عَرى
وَانع المَقامة وَالحَطيم وَزمزما / وَالبيت في أَركانه وَالمشعرا
قف حَيث معتلج البطاح فَكَم حَوَت / تِلكَ المَرابع مِن لَويٍّ قسورا
قُل فيهُم قدمات أَوطأ كَم قَرى / في الخَطب أَو قَل ماتَ ابذلكم قَرى
هدي المَسيح لَهُ بابهة بِها / أَربى عَلى كِسرى المَلاك وَقَيصَرا
كادَت تَعود الجاهلية بَعدَه / مِن فَترة في فَقده دَهَت الوَرى
لَكنما بَعث الإِلَه محمدا / بَين البَرية مُنذِرا وَمُبَشِرا
هُوَ مَصدر العلماء وَهوَ المُبتَدا / لَهُم فَكُن بِالفَضل عَنهُ مُخبِرا
مَلأ الصُدور مَهابة فَإِذا رَنى / طَرف العَدُّو لَهُ يَرد القهقرى
يَمشي لِكُل فَضيلة وَملمة / قَدما وَمشي القَوم كانَ إِلى وَرا
خشن بِذات اللَه لا خشن الرَدا / يُبدي إِلَيك خلاف ما قَد أَضمَرا
وَإِذا تَرى عرفانه وَمَقامه / شاهَدت رسطاليس وَالاسكَندرا
وَبنى عَلى ما أَسست أَسلافه / وَسِواه بدّل ما بَنوه وَغَيرا
متَمحض لِلّه في خَلواته / لَم يَغدو في لذاته مُتَسَتِرا
المُشتري جُمَل المَكارم وَالتُقى / وَإِذا تباع كَريمة أَو تُشتَرى
لا تندبنَّ سِوى مَناقب عزه / فَسوى مَناقبه حَديث مُفتَرى
لا تَسألن سِواه علماً أَو نَدىً / وَأَبيك كُل الصَيد في جَوف الفَرا
زَعم الحَسود بِأَن يُباري شَأوه / هَيهات ذا أَين الثَريا وَالثَرى
حلف السَماحة حينَ يَهبط واديا / وَأَخو الفَصاحة حينَ يرقى مِنبرا
مِن هَمه كِتمان كُل فَضيلة / فيهِ وَيَأبى اللَه حَتّى تَظهَرا
وَجَرى إِلى العَلياء جرية سابق / وَأَخوه كانَ مصليّاً لَما جَرى
إِن الحُسين نَشا لانف محمد / رَيحانة فيها الوُجود تَعطرا
لا يحسن النادي إِذا لم تلقه / كَاللَيث محتبياً بِهِ متصدرا
وَالذكر للهادي أَراه بِمنطقي / حسناً زَهى بِهما الوُجود وَأَزهَرا
نَشآ فقل يا غلة الصادي أَبردي / وَحلى محط الرحل يانوق السرى
سَقيا لتربة سيد فخرت عَلى الس / سَبع الشِداد وَحَقَها أَن تَفخَرا
قَد كانَ صالح وَالسِيادة ناقة / شاء الإِلَه بِمَوته أَن تُعقَرا
بُشرى العِراق فَفيك أَشرَق نُورَها
بُشرى العِراق فَفيك أَشرَق نُورَها / هِيَ جَنة الدُنيا وَأَنتَ وَزيرَها
دبرتها بِالرَأي وَهِيَ عَظيمة / لِسِواك لَيسَ بِممكن تَدبيرها
وَغَمزتها غَمز الكَمي قَناته / حَتّى اِستَقَمنَ كُعوبَها وَصُدورَها
سَكَّنت مِن ضَوضائِها وَلَكُم بِها / كانَت شَقاشق لا يقرّ هَديرها
وَإمام هذا العَصر إِذ وَلاكها / لا شَك أن مراده تَعميرها
فَخلى بِأَمنك جَوَها وَحلى بِيمنك / صُفوَها وَأضا بِوَجهك نُورَها
وَإِذا الثَنايا وَالثُغور طلعتها / ضَحكت ثَنيات العُلى وَثُغورَها
قَد سرَت فينا سيرة العَدل الَّتي / كانَت رِجال اللَه قَبل تَسيرها
أَمنت بِكَ الأَقطار حينَ حَكمتها / حَتّى اِصطَلحنَ بِغاثها وَصُقورَها
وَالبهم راتِعَة بِكُل خَميلة / وَالأَطلس السرحان لَيسَ يَضيرها
وَسِياسة الإِسلام أَنتَ خَبيرها / وَعَليمها وَسَميعها وَبَصيرها
قَد جئت مِن شعر النَبي بِطاقة / نَفح الخَلائق نَشرها وَعَبيرها
فَنشم نَشر المسك حينَ نَشمها / وَنَزور دار الخُلد حينَ نَزورها
هِيَ طاقَة الرَيحان شرف قَدرها / هادي الأَنام بَشيرها وَنَذيرها
إِن لَم تَصل بَلد الوَصي فَإنَّها / حِكم بِدا لِلعارفين ظُهورَها
إِن الوَصي مِن النَبي كَنَفسه / وَكَأَنَّما الشعرات مِنهُ صُدورَها
وَمَع التَأسف حينَ لَم نَحضر لَها / فَحُضور سَيدنا الوَصي حُضورَها
طوبى لِمَن حب ابن عَم محمد / فَبحبه لذنوبنا تَكفيرها
وَيَحيل قبح صَنيعنا حسناً كَما / قِطَع النحاس يَحيلها أَكسيرها
فَلنشكرنَ رِعاية الملك الَّذي / هُوَ ظل كُل المسلمين وَسُورَها
سُلطاننا الغازي الَّذي بِحسامه ال / أرض اطمَأَنت وَاستقمن أُمورَها
هَيهات أَن تخفي الطَوايح ملة / عَبد الحَميد وَليها وَنَصيرها
مازال يَحميها بِعَزمته كَما / يَحمي مخدرة الحجال غيورَها
بَحر لَهُ شَرع الإلَه مَوارد ال / عليا فَطابَ وَرودها وَصُدورَها
فَغَدا يَقل مِن الزَمان ثقاله / بيد خَفيف لِلعُلى تَشميرها
يا دَولة شأت الكَواكب رفعة / نظر الإِلَه لَها فَعز نَظيرها
بَيضاء أوّلها النَبي محمد / وَإِلى القِيامة يَستمدّ أَخيرَها
يُوصي بِها أَشياخَها لِشبابها / حفظاً وَيَعهد للصغير كَبيرها
متهلل بجمال يُوسف تاجَها / وَمُقبل قَدم النَبي سَريرها
هِيَ حبوة الملك الَّذي قَد دبر الد / دُنيا وَكانَ عَلى الهُدى تَدبيرها
لَو يَغمد الأَسياف عَنها ساعة / لا راب كُل موحد تَغييرها
قَد حلَّ قَسطنطين وَهِيَ بَعيدة / مِن دُونِها سَهل الفَلا وَوعورها
لَكن أَنعمه الجسام قَريبة / يَتعاقبان عشيها وَبكورها
كَالشَمس أَبعَد مِن يَديك مِن السَما / وَإِليك اَقرب من خَيالك نُورَها
قَد بَث جُند اللَه في أَقطارَها / فَهم لِغائبة الثُغور حضورها
فَإِذا سللن سُيوفَهُم في مَعرك / فَغمودهن مِن العصاة نُحورَها
وَإِذا شَرَعنَ رِماحهم في مَوقف / فَمقرّهن مِن البغاث صُدورَها
وَإِذا زَججن سِهامهم فَكأنها / أَطيار حَتف وَالقُلوب وكورها
آساد حَرب كَم أَثاروا عَثيرا / بِجياد خَيل لا يَخاف عُثورَها
العاديات الضابحات الموريا / ت القادِحات إِذا الكماة تغيرها
إِن وجهوها للعصاة وَدورها / نسفت بغارتها العصاة وَدَورَها
وَيدمرون الناكثين بذنبهم / إِن الذُنوب معجل تدميرها
ما قابلتهم دَولة إِلّا وَقَد / هَلكت وَكان إِلى الجَحيم مَصيرها
اللَه يَعلم كَيفَ يَبعَث مَيتها / وَبُطون ساغبة السِباع قُبورَها
حَمد المظفر دَولة نبوية / ما كانَ في الدول البعاد نَظيرها
مِن قاس فيها دَولة فَبرأيه / شرع صَحيحات العُيون وعورها
رُوح العَدو عَلى ذبابة سَيفه / مثل الذبابة كَيفَ شاء يَطيرها
وَلَكُم أَجار مِن الزَمان قَبائِلا / جارَت عَلَيها بِالسنين دُهورَها
وَلَو استجارَت فيهِ باكِية الحَيا / مِن ضَرب سَوط البَرق فَهوَ يُجيرها
وَلَجادَت السُحب الثقال بَدرَها / وَبها البَوارق لا يَشب سَعيرها
أَخويّ ما جاوَرت دارَكُما
أَخويّ ما جاوَرت دارَكُما / إِلا لجور نَوائب الدَهر
فَرقدت في أَمن كَسانحة ال / بَطحاء قَد أَمنت مِن الذُعر
وَنَصبت وَجهي نَحوَ بَيتِكُما / عِندَ الصَلاة وَواجب الذكر
وَالآن عِندي حاجة عَرضت / نَفت الرقاد وَأَقلَقَت فكري
لي في خَبايا البَيت زاوية / عادية العمرين وَالعُمر
وَكَأَن ظلمتها أَجار كَما / رَب البَرية ظُلمة القَبر
سيان إِن دَخل الضَرير بِها / أَو من يَقلب مقلة الصَقر
لا يَلقط الحُب الحمام بِها / وَالفار مَأمون مِن الهر
لَو تَسمحان بكوتين لَها / طَلعت عليَّ أَشعة الفَجر
وَغُنمتما مني الدُعا أَبَدا / وَرَبحتما بِالحَمد وَالشُكر
أَقبلت مُلتَمِساً محلّ قَرار
أَقبلت مُلتَمِساً محلّ قَرار / مَتأمِلاً للجار قَبل الدار
فَهَداني المَهدي لِخَير مَحلة / لِأماجد كانوا حماة الجار
أَبناء جَعفر عِندَ ساحة مَجدِهم / مثل النُجوم تَحف بِالأَقمار
يا طالب العلم اِغتَنم مِن علمهم / وُحز الغِنى يا طالب الدِينار
لَو كانَ جار أَبي دَواد حاضِرا / لَرَأى القُصور بِجاره عَن جاري
تَفدى العمارة بِالحويش واظفر ال / عَباس تَفدى في حَبيب الحار
كضم قائل لي لَم تركت جوارنا / وَعرفتنا خدماً مَدى الأَعمار
فَأَجبته إِن الجوار لعصمة / للمرء في الاحضار والأسفار
جار الفَتى عَبد الحسين كَأَنَّهُ / مُتعَلق بِالبَيت ذي الأَستار
كَم قَد حَباني عَنبرا هوَ عَنبر / وبخارة لَيسَت بِذات بخار
فَيمينه البَيضاء يمن لِلوَرى / وَيَساره لِلناس كَنز يَسار
فَإِذا تَكلم مجهرا في بابه / فَاللوح لَم يَحوج إِلى مسمار
وَانظم بأحمد ما استطعت مِن الثَنا / فَمديحه ضَرب مِن الأَذكار
كَم قَد حَباني قيمة لَو قوّمت / لازداد درهمها عَلى القنطار
وَالديك أثكله بخير دجاجة / قَد باتَ يَندبها عَلى الأَوكار
يا لَيتما جبر خلا مِن داره / أَو داره تَخلو من الدِيار
قد كُنت ثالثهم هناك وَلم أَكُن / لاثنين ثان اذهما في الغار
وَلَقَد كَتبت وَفكرتي مَشغولة / عَنكُم بنقل الجصّ وَالأحجار
طابوق داري وَالحجار جَميعه / في استا جابر المعمار
هَذي مَرابعهم فَيا سَعد أحبس
هَذي مَرابعهم فَيا سَعد أحبس / نَزه العُيون بِها وَرُوح الأَنفُس
عرج بِأنيقنا وَلَو تَعريسة / فَالحي خَير معرج وَمعرس
أترى الردينيات حول بُيوتهُم / هاتيك أَعطاف القدود الميس
وانظر أمامك ليس ذي بيض الظبا / لَكنها سُود العُيون النعس
وَاعرف فَما تِلكَ القسي وَنبلها / بَل تِلك دعج تَحت زج كالقسي
خلفي وفي غلس الظلام بقية / فَالوصل لَم يُدركه غير مغلس
وَاطرق أسود الحَي غَير مُراقب / فَالأسد أن تَرَ مِثلَها لَم تفرس
لِلّه كَم مِن لَيلة قَضيتها / لَهواً وَقَد هَجعت عُيون الحَرس
بِسَوافر لي عَن شُموس طلع / وَسَوانح لي عَن ظِباء كنس
وَنَديمي الرشأ الَّذي برضابه الش / شرب الحَلال ألذُ فيه وَاَحتَسي
عفت السلاف لِأَجل فيه وَربما / تَرك النَفيس لِأَجل حُبّ الأَنفُس
ساق تَشابه خَده وَسلافه / قل راحه هِيَ خَده أَو فاعكس
فكؤوسه تبدي شعاع خُدوده / وَخدوده تبدي شعاع الأكؤس
لَو تُبصر الرهبان شعلة خده / بَهتوا فَبين مسبح وَمقدس
وَإذاً لَباتوا عاكفين بحبه / وَنَسوا عكوفهم بِبَيت المَقدس
أَنا مِن دوائبه بِلَيل مظلم / وَمِن المَباسم في نَهار مُشمس
هُوَ فتنة العُشاق مَهما زارَهُم / شبت مَجامر فتنة في المَجلس
وَكَأَن شُعلة خَده بِلسانها / أَمرت قُلوب العاشقين أَلا أَقبسي
فَتهافتوا مثل الفراش وَإِنَّما / يَتهافتون عَلى ذَهاب الأَنفُس
ذو معطف نضر وَطرف أحور / وَمقبل خصر وَريق ألعس
بصحيفتي خديه لاحَت أَسطُر / مثل النُجوم تَرى وَلما تلمس
أَخشى إِذا لامَستها مِن لَحظه / فَأَعيد ذكر صحيفة المتلمس
إن يَنسَ سري أَو يذعه فسره / بِصَميم قَلبي ما أُذيع وَلا نسي
وَأَعير فيهِ عَواذلي عَيني عمٍ / وَسَماع ذي صَمم وَمَقول أَخرس
غطي عليَّ هَواه حَتّى أَنَّني / لَو دُست في جَمر الغَضا لَم أَحسس
يَنهلُّ مِنهُ الطل فَوقَ معندم / وَيَسيح مني الدَمع فَوقَ مورس
يَلقي عَلى وَجه الصَباح غَياهبا / إِن قالَ يا لَيل الذَوائب عسعس
وَاللَيل تذهب بِالتحسر نَفسه / إِن قالَ يا صُبح الجَبين تَنفس
يا مؤنسي بصبوحك اسق وَغنني / أَفديك مشن ساق مغن مؤنس
فَالشُرب لم يَصلح بِغَير تَغزل / كَالحَرب لَم تَلقح بِغَير تحمس
إن الزَمان أَتى بِوَجه باسم / مِن بعد ما وَلى بِوَجه معبس
وَلَكم أَساء وَفي زَفاف محمد / قَد جاءَ مُعتَذِراً فَقُلنا ما مسي
هذا محمد المجلي سابقاً / مَن رامَ لمح غباره فليأيس
مَن ذا يُسابق المعيا فكره / قَد فاتَ في الحلبات عن أقليدس
مَولى خَفَقن عَلَيهِ الوية العُلى / مَنشورة عذباتها لَم تنكس
لَم أَدرِ أَينَ ترفعت أَطرافها / تِلكَ الكُعوب عَلى الجَواري الكنس
رفت إِلَيهِ عَقيلة مِن أَهله / وَلَهُ قَد أَدخرت كعلق منفس
لَولاه لَم يَعثر عَلى كفو لَها / وَلو أَنَّها قَعدت بسن العنس
مِن معشر يابي الهَوان وَليدهم / شمّ أُنوفهم كِرام الأَنفُس
نَهدي التَهاني للحسين فيمنه / نعم النَعيم لَنا بِيَوم الأبؤس
العامر الدين الحنيف بفكرة / خلقت لتجديد الرُسوم الدرس
وَكَم اِستَعاذ بِهِ الهُدى فَاعاذه / مِن شر شَيطان رَجيم مبلس
كم دلَّس ابن طماعة فاحاره / عظة بِها تَأديب كل مدلس
في مَجلس فيهِ الشَريف قَد اِحتَبى / حَتّى كَأَن محمداً في المجلس
وَكَأَنَّما يُوحي إِلَيهِ فَلم يَقُل / بِالدين مثل سِواه محض تهجس
يَبدو جمال محمد بجبينه / حلو شمائله اشم المعطس
فتعده العلماء عقد جمانها / وَتعده الرؤساء تاج الأَروس
قَد أَسس الدين الحنيف وَشاده / لِلّه أَي مشيد وَمؤسس
لَم تَدر مَهما كَفه اِنبَجَسَت نَدى / هِيَ أَم شآبيب الحَيا المتبجش
بَل دُون نائله الحَيا إِذا ربما / حَبس الحَيا وَنَواله لَم يَحبس
وَالمُزن تعبس إِن همت وَتباين / ما بَين وَجه ضاحك وَمعبِّس
حاشا لتربته تنال وَهَل يَد / تَدنو إِلى الفلك الرَفيع الأَطلس
كَم مِن أَسير في هبات أكفه / فرغت جَوامعه وَكَم عار كسي
ذُو عفة وَنجابة واصابة / وَتعبد وتهجد وتقدس
وَخفيف طَبع في جشوبة مأكل / وَلطيف جسم في خشونة ملبس
فليهنأ العافون إن نواله / كَنز المقل ورأس مال المفلس
وَلَكُم محاريب الظَلام قَد اِنجَلَت / مِنهُ بقد كَالهِلال مقوس
وَتغير مِنهُ عَلى سهيل غرة / سَلبت أَشعتها ثِياب الحندس
هذا التقي الندب مِن حَسناته / فَاِنظُر لَها وَعَلَيهِ سائِرها قس
الطَيب الأَخلاق غَير مذمم / وَالطاهر الأَعراق غير مدنس
إن تحل فاكهة الغروس فإنما / طيب الفَواكه فرع طَيب المغرس
قَد عاهَد الإِحسان فَهوَ فَريضة / تَعقيبها مِنهُ اِعتِذارات المسي
ما زالَ محروس الفَنا لَكنما / أَمواله عَن آمل لم تحرس
وَعَلَيهِ أَردية الكَمال مذالة / يَختال مِنها بِالطراز الأَنفس
كَم جاهل يَلقى الوَرى متحنكاً
كَم جاهل يَلقى الوَرى متحنكاً / خدع العَوام بكثرة التَلبيس
يا مرسلاً فَضل العَمامة خدعة / أَصبَحت ذا فَضل عَلى ابليس
فَكأنه ذَنب لكلب أَبيض / أَو ذَيل نجم كاسف مَنحوس
خشَّنت ثَوبك كَي تَنعم زَوجة / لَبست بزهدك حلية الطاووس
وَقضَيت عمرك باحتياج مدلس / وَنساك مثرية مِن التَدليس
إِن كانَ كُل مقدس هوَ هَكَذا / يا رَب فاحفظنا مِن التَقديس
يا مَن لَهُ ذلت جَبابرة العِدى
يا مَن لَهُ ذلت جَبابرة العِدى / وَاطاعه داني الوَرى وَالقاصي
لَكَ بَيعة في عُنق كُل موحد / هِيَ لا تَزال وَلات حينَ مَناص
وَجَميع حَبات القُلوب كَحبة / وَفدت عَلَيك بِسورة الإِخلاص
مرنا فأمرك في العراق مطاع
مرنا فأمرك في العراق مطاع / أَنتَ الزَعيم وَكُلُنا أَتباع
قُل إِنشآء فإن نطقت توجهت / مِنا لَكَ الأَبصار وَالأَسماع
علم الوزارة فَوقَ رَأسك خافق / لَولاه تاه المُسلِمون وَضاعوا
أَعطاكها مَولى الأَنام لِأَنَّها / عبء لغيرك لَم يَكُن يَسطاع
سَيف بكفك لا تقي مِن بَأسه / جنن المَغافر لاولا الأدراع
يصل الرِقاب وَيَنثَني بحبالها / قَطعاً فسيفك واصل قطاع
فَإِذا حَللت بمعشر آراؤهم / مَعوجة عدلتهم وَأَطاعوا
حتى لو أَنك بِالفُؤاد تحله / لتعدلت مِن خَوفك الأَضلاع
ضحكت بِمقدمك الغري وَروضت / بِندى يَديك أَباطح وَتلاع
وَكَأن طفل النَبت في مَهد الربى / أرواه مِن ثَدي الغَمام رضاع
أَهلاً بغرتك الشَريفة قَد بَدَت / فَسَمى لَها بِحمى الوَصي شعاع
سلمت بِالبُشرى فَقُلنا مَرحَبا / لا كدَّر التَسليم مِنكَ وداع
وَبقاع سيدنا وصي محمد / كادَت تُجيبك لَو نَطَقن بقاع
درت الخطوب بِأَنك ابن جلاً لَها / وَلثغر كل ثَنية طلاع
بيديك مِن أَجم البحار مشطب / يمضي مضاء السَيف وَهوَ يراع
يقمعن رَأس الضد منهُ رَسائل / كَصَواعق الأَزمات وَهِيَ رقاع
إِن صبحت حيّ العَدو سُطوره / فَقَد اِنمَحى حُصن لَهُم وَقِلاع
كَم قَدت جامحة الفصاحة مِثلَما / قَيدت بِفَضل زمامها المطواع
لَكَ سرفرقان إذعت مَصونه / وَيَطيب سر العلم حين يذاع
وَتَركت آيات الكِتاب سَوافِراً / لَيسَت عَلَيها برقع وَقِناع
لَو أَن ذا الكشاف عِندك حاضر / لَغَدا لسرك عِندَهُ إِيداع
أَقسَمت باسمك وَهوَ سر نافع / يَرقى بِهِ صل الرَدى اللساع
لَو كُنت تَجلس حَيث أَنتَ لَشيدت / لَكَ في السَماء مَنازل وَرباع
وَجَلست فيها وَالنُجوم أسرة / لَكَ وَالمَجرة حَولَها انطاع
أَولست أَنتَ الجَوهر الفَرد الَّذي / مِن دُونه الأَجناس وَالأَنواع
يا أَيُّها الملك العَزيز أَلا استمع / مدحا بِهن تَشنف الأَسماع
أَنفقت سُوق الشعر بَعدَ كساده / حتى غَدا بِكَ يَشتري وَيُباع
وَالفَخر لي إِن كلت صاعك بِالثَنا / إِذ لَيسَ يَفقد لِلعَزيز صواع
ظَعن القطين مِن الغَميم وَوَدعوا
ظَعن القطين مِن الغَميم وَوَدعوا / فَسَرى الفؤاد مَع الحَمول يشيع
ديت رسم ديارهم لَو يَسمَع / يا رَسم لا رسمتك ريح زَعزع
وَسرت بِليل في عراصك خروع /
تَرك الحَشا قَلبي وملَّ الأَضلُعا / وَسَرى يَخف وَراء أَهلك مُسرِعا
يا ربع مذ تركوك قَلبي وَدَّعا / وَلم أَلف صَدري مِن فُؤادي بلقعا
إِلا وَأَنتَ مِن الأَحبة بلقع /
طفحت دموعي وَالبُحور لَها عَنت / وَلسبق مجراها السَوابق إِذ عَنت
وَمذ المَدامع بِالسِباق تَبينت / جارى السَحاب مَدامِعي بِكَ فَاِنثَنَت
جون السَحائب وَهِيَ حَسرى ضلَّع /
إِن لَم تَقف فيكَ الرَواعد رجحا / فَلَقد تَرَكت مدامعي بِكَ دلحا
يا رَسم لا اِنفك فيك مبرحا / لا يَمحك الهتن الملث فَقَد مَحا
صَبري دثورك مُذ محتك الأَربع /
اليمن فيك وَأَنتَ واد أَيمَن / يَهوى إِزديارك مَشأم أَو ميمن
بِكَ قَد قَصرن مَع الأَحبة أَزمن / ما مرّ يَومك وَهوَ سَعد أَيمن
حَتّى تَبدل وَهوَ نكد أَشنَع /
كانوا وَكُنت وَجنح لَيلك نير / بِمنارهم وَبهم جَنابك مزهر
وَلانت إِذ تُمسي وَربعك مقفر / شروى الزَمان يَضيء صبح مُسفر
فيهِ فَيشفعه ظَلام اَسفَع /
شرك الصبا قَد كانَ فيكَ يَفيدني / بلقا المَها فَأصيدها وَتصيدني
أَحظى بِهن وَلا رَقيب يودني / لِلّه دَهرك وَالضلال يَقودني
بيد الهَوى وَأَنا الحرون فاتبع /
أَيام أَسهر بِالمدام وَزينبا / وَأَبيت في بَرد الهَنا متجلبا
وَكَأَنني لَست الشُموس المصعبا / يَقتادني سكر الصَبابة وَالصبا
وَيصيح بي داعي الغَرام فاسمع /
بان الشَباب وَكانَ ظَني لَم يَبن / حَتّى كَأَن قَناة قَدي لَم تَلن
أَشكو وَأَعلم بِالشكاية لَم تَعن / دَهري تَقوض راحِلاً ما عَيب مِن
عُقباه إِلا أَنَّهُ لا يَرجع /
حارَبت فيكَ أَحبة وَأَعاديا / وَتَركتَني طاوي الحَشاشة صاديا
فَلَكم وَقَفت عَلى ثراك مُنادياً / يا أَيُّها الوادي أَجلك واديا
وَأَعز إِلا في حِماك وَاخضَع /
ما خلت أن دُروس رَسمك متلفي / وَمحمِّلي ما لم أَطق وَمكلفي
أَمشي بِأَرضك إِذ أزورك محتفي / وَأسوف تربك صاغِراً وأذل في
تلكَ الربى وَأَنا العَزيز فأخضع /
قَد كُنت وَالبيدا إِلَيك مجابة / خَبَباً وَدَعوى الوَفد فيكَ مجابة
وَعَلَيك كانَت في العُيون مَهابة / أَسفاً عَلى مَغناك إِذ هُوَ غابة
وَعَلى طَريقك وَهوَ الحب مهيع /
أَهلوك أَبهة لَهم وَحمية / وَأنوفهم عَن أَن تضام أَبية
كانوا وَارضك فيهم محمية / أَيام أَنجم قعضب درية
في غَير مطلع أَوجها لا تَطلع /
كُنت الثَرى وَعَلى ضراغم تحتوي / وَلخوف أَهليك القبائل تَنزوي
فَالزرق تَنب في الصُدور فَتلتوي / وَالسمر تُورد في الوَريد فَترتوي
وَالبيض تشرع في الوَتين فَتشرع /
لَم تَطمع العَرب الغزاة بِهم وَهَل / لِعَدوهم دُون المَنية مِن مَهل
فَالسابغات لَهم إِذا اِشتَدَ الوَهل /
وَالسابِقات اللاحِقات كَأَنَّها ال / عقبان تَردي بِالشكيم وَتمرع
فَلَكم وَكَم نَزهت طَرفي في الحِمى / وَزَهَوت في عَطفيَّ ما بَينَ الدُمى
فَعَسى يَعود زَماننا وَلعلما / ذاكَ الزَمان هُوَ الزَمان كَأَنَّما
قيظ الخطوب بِهِ رَبيع مَمرع /
زَمَن مَباسم لَهوه مَشهوره / وَبِهِ أَحاديث الهَوى مَأثوره
فَحسانه مثل المَها مَذعورة / وَكأنَّما هُوَ رَوضة مَمطورة
أَو مُزنة في عارض لا تقلع /
لِلّه بَرق لاحَ لي متأججا / تَرك الدُجى كَالصُبح حينَ تَبلجا
وَلِأَنَّني لَم أَستَطع لي مَنهَجا / قَد قُلت لِلبَرق الَّذي شَقَ الدُجى
فَكَأنَّ زنجياً هناك يَجدَّع /
يا برق خُذ نَبأ نَكابد ثقله / سَيَنوء فيكَ فلم تَطق لِتقلَّه
يا بَرق إِني بِالغري مَوله / يا بَرق أَن جئت الغري فَقُل لَهُ
أَتراك تَدري مَن بِأَرضك مودع /
فيكَ الَّذي علم المغيَّب عِندَه / وَبِفَيضه رَبّ السَماء أَمَده
تَاللَه لَم يَك فيكَ حَيدَر وَحدَه / فيكَ اِبن عمران الكليم وَبَعده
عيسى يَقفيهِ وَأَحمَد يَتبع /
بَل فيك لَو تَدري الشعاع المنعكس / مِن نُور طَلعته الأَشعة تقتبس
بك ياغريّ تبوأت روح القدس /
بَل فيكَ جبريل وَميكال واس / رافيل والملأ المقدس أجمَع
فيكَ الوُجود ثبوته وَزَواله / فيكَ الزَمان كماله وَجماله
فيك امرء ما في الوجود مثاله / بَل فيكَ نُور اللَه جلَّ جَلاله
لِذَوي البَصائر يَستشف فَيَلمَع /
فِيكَ المَهذب ساكن فيكَ الزَكي / فيكَ الَّذي هوَ نَفسه نَفس النَبي
فيكَ العلى بَل فيكَ لَو تَدري عَلي / فيكَ الإِمام المُرتَضى فيكَ الوَصي
المُجتَبى فيكَ الإِمام الأَنزَع /
القائد الصَعب الحرون إِذا طَغى / وَمبدّد الجَيش اللهام إِذا بَغى
مَن لَم يَزل درع المَلاحم مُفرِغاً / وَالضارب الهام المقنع في الوَغى
بِالخَوف للبهم الكماة يَقنَع /
للشرك كدَّر كُل ذي عَيش هَني / وَأَهار مِنهُم بِالمذرب ما بَني
حَيث الظبا لطلا الضَياغم تَنثَني / وَالسَمهرية تَستَقيم وَتَنحني
فَكأنَّها بَينَ الأَضالع أَضلع /
المخصب الربع الَّذي يَسع المَلا / أَيام لا ماء يَروق وَلا كَلا
مَأوى الأَنام بِعامهم إِن أَمحَلا / وَالمترع الحَوض المدعدع حَيث لا
حَوض يَفيض وَلا قَليب يَترع /
مَردي الكَتائب إِذ قُريش تَحزبوا / وَأَخوا الحَرايب يَوم جدّل مَرحب
وَمبيد عَمرو وَهوَ لَيث أَغضَب / وَمبدد الأَبطال حينَ تَأَلبوا
وَمفرق الأَحزاب حينَ تَجمعوا /
تَلقاه إِن صَعد المَنابر صادِعا / بِالحَق يَنطق بِالهداية بارِعا
هوَ بَحر علم لَيسَ يَصدر شارِعاً / وَالحبر يَصدع بِالمَواعظ خاشِعا
حَتّى تَكاد لَها القُلوب تَصدع /
ما زالَ عَن طيب التَلذذ مغضيا / طاوي الحَشاشة بِالتُقى متغذيا
وَعَن الزلال بِدَمعه مترويا / حَتّى إِذا استعر الوَغى متلظيا
كَرع النَجيع بِغلة لا تَنقع /
يَروي مهنده وَيَمكث صادياً / حَتّى يَبيد نَواصِباً وَأَعاديا
تَلقاه في الهَيجاء لَيثاً عاديا / متجلبباً ثَوباً مِن الدَم قانيا
يَعلوه مِن نَقع المَلاحم بُرقع /
تَهدي نَوافح رُشده العرف الشَذي / يَهدي بِهِ حافي الوَرى وَالمحتذي
وَلَهُ وَإن لَم يَرن ذو طَرف قَذي / زهد المَسيح وَهَيبة الدَهر الَّذي
أَودى بِهِ كسرى وَقَوم تبع /
هذا المكسر جَمع عباد الوَثن / هَذا الَّذي هوَ مبتدا خبر السنن
هذا هوَ السر المميز بِالعلن / هذا ضَمير العالم المَوجود عَن
عَدم وَسرّ وجوده المستودع /
هذا الَّذي أَردى الطغات لجهلها / هذا مفرقها مبدد شملها
هذا الَّذي بَسط البِلاد بِأَهلِها / هذا الأمانة لا يَقوم بحملها
خَلقاء هابِطة وَأَطلَس أَرفَع /
عرضت عَلى الأَشياء حينَ وُجودها / فَأَبَت لتحمل ما يَنوء بِجيدها
وَلعظمها خَطراً وَثقل عُهودها / تَأَبى الجِبال الشم عَن تَقليدها
وَتضج تَيهاء وَتشفق برقع /
أَما النُجوم الغُرّ فَهِيَ صِفاته / وَالغادِيات المعصرات هِباته
وَالنيرات كَسَتهما سَطعاته / هوَ ذَلِكَ النُور الَّذي لَمعاته
كانَت بِبَهجة آدم تَتَطلع /
فَأَبو البَرية فيهِ ثقف ميله / وَدَعى بِهِ نوح فَانضب سَيله
وَنَجى بهِ مُوسى الكَليم وَخَيله / وَشهاب مُوسى حينَ أَظلم لَيله
رَفعت له لِأَلاؤه تَتشعشع /
لِلّه درك أَي فَخر لَم تحز / أَم أَي مكرمة إِلَيها لَم تَجز
يا مَن لَهُ تَتَفجَر الأَرض الجرز / يا مَن لَهُ رُدَت ذكاء وَلَم يَفز
بِنَظيرها مِن قَبل ألا يُوشع /
يا مَن بِكُل عويصة هُوَ ممتحن / عَن وَجه أَحمَد طالَما كَشف المحن
يا صارِماً لَم يَنب شفرته المجن / يا هازم الأَحزاب لا يَثنيهِ عَن
خَوض الحَمام مدجج ومدرع /
عَجبت مَلائكة الجَليل لعجزِها / عَمّا فَعَلت بِخَيبر وَبحرزها
يا حامي الأَحساب حافظ عزّها / يا قالع الباب الَّتي عَن هَزها
عَجزت أَكف أَربعون وَأَربَع /
أَنتَ السَبيل إِذا تَفَرَقَت السُبل / وَلَكَ اِتَبَعت وَعَن وَلائك لَم أَحل
أَخشى إِذا قُلت الغلو فَلم أَقُل /
لَولا حُدوثك قُلت إِنكَ جاعل ال / أَرواح في الأَشباح وَالمستنزع
لَكَ في الغري عَلى ضَريحك قُبة / هِيَ للملا بَل لِلمَلائك كَعبة
أَينَ الضراح فَما لِعال رُتبة / ما العالم العَلوي إِلّا تُربة
فيها لجثتك الشَريفة مَوضع /
عَن سُور حوزتك الوَرى لَم تنفذ / وَبِغَير طاعتك القَضا لَم يَأخذ
وَالدَهر مره بِما تَشاء يَنفذ / ما الدَهر إِلا عَبدك القن الَّذي
بِنُفوذ أَمرك في البَرية مُولع /
أَنا فيّ سحبان الفَصاحة يَقتَدي / وَعلت عَلى قس ابن ساعدة يَدي
لَكنني مَع طُول صَعدة مذودي / أَنا في مَديحك الكن لا أَهتدي
وَأَنا الخَطيب الهزبري المصقع /
غادَرت سحبان الفَصاحة باقلا / وَتَركت أَرطاليس غرا جاهِلا
حَيرَتني ماذا تراني قائِلا / أَأَقول فيكَ سميدع كلّا وَلا
حاشا لمثلك أَن يقال سَميدع /
أَنتَ الصِراط المُستَقيم وَسالم / من رام نَهجك وَالمنكب نادم
فَلأَنت في الدُنيا إِمام قائم / بَل أَنتَ في يَوم القِيامة حاكم
بَينَ البَرية شافع وَمُشفع /
لَكَ عَزمة لَم تَبق عَزمة عازم / تَغنيك عَن يَزنية أَو صارم
وَلِذا لكنت وَكُنت أَبدع ناظم / وَجَهلت فيكَ وَكُنت أَحذق عالم
اغرار عَزمك أَم حسامك أَقطع /
جلت صِفاتك أَن تَنال لِواصف / يا حكم سلمان وَدَعوة آصف
مَعناك لَم يَكشف لَدي بِكاشف / وَفَقدت مَعرِفَتي فَلَست بِعارف
هَل فَضل علمك أَم جَنابك أَوسَع /
اَشني المغالي في هَواك وَاكره / وَأَخو التقشف لَست أَقبل عذره
يا مَن عَلَينا اللَه أَشكل أَمره / لي فيكَ معتقد سَأكشف سره
فَليصغ أَرباب النُهى وَليَسمعوا /
يَهدي بِهِ حرّ الأَنام وَعبدها / وَبِهِ يَرد مِن الخُصوم ألدها
كَم ذا أَرددها وَيَصعب رَدها / هِيَ نَفثة المَصدور يُطفي بَردَها
حَر الصَبابة فَاعذلوني أَو دَعوا /
لَولاه ما عُرِف الإِلَه وَلا عُبِد / وَلِواء أَحمَد في النُبوة ما عُقد
وَلأجل حَيدر عالم الدُنيا وُجد /
وَاللَه لَولا حَيدر ما كانَت الد / دنيا وَلا جَمع البَرية مجمع
رَفعت بِهِ الأَفلاك لَما أنشأت / وَالأَرض فيهِ تَمهدت وَتَوطأت
هذا الَّذي عَنهُ المَثاني أَنبأت / مِن أَجلِهِ خلق الزَمان وَضوأَت
شُهب كنسن وَجنَّ لَيل أَدرَع /
أَنا في اِعتِقادي ذُو دَليل قاطع / لَم يَدفعوه بِمقتض أَو مانع
إِن الوَصي بِرغم كُل منازع / علم الغُيوب لَديهِ غَير مدافع
وَالصُبح أَبيض مسفر لا يَدفع /
فَيَوم محشرنا إِلَيهِ مآبنا / وَنَعيمنا في أَمره وَعقابنا
وَعَلَيهِ يَعرض في السؤال جَوابنا / وَإِلَيهِ في يَوم المعاد حِسابنا
وَهوَ الملاذ لَنا غَدا وَالمفزع /
أَهوى عَليا وَاعتقدت وَلاءه / وَأحبُّ أَرباب الحجى أَبناءه
يِا من يكاشرني وَيَكتم داءه / هذا اِعتِقادي قَد كَشفت غِطاءه
سَيضر معتقداً لَهُ أَو يَنفَع /
بَينت مُعتقدي وَلَم أَكُ أَنثَني / عَنهُ وَعَن عَبد الحَميد أَنا غَني
وَرَّى فَقال مَقال غَير مُبين / وَرَأَيت دين الإعتزال وَإِنَّني
أَهوى لِحُبك كُلُ مَن يَتَشيع /
يا نَفس أَحمَد أَنتَ ذالي معقل / وَإِلَيكَ اَفزَع إِن دَهاني معضل
بِهَواك رَبع حَشاشتي مُتَأهل / يا مَن لَهُ في رُبع قَلبي مَنزل
نعم المُراد الرَحب وَالمستربع /
أَنسى هَواك أبا الحُسين وَبَهجَتي / وَولاك في يَوم الحِساب محجَتي
أَصبَحت مِنهمكاً وَذكرك لَهجَتي / أَهواك حَتّى في حَشاشة مُهجَتي
نار تَشب عَلى هَواك وَتلدَغ /
رَقد الخَلي وَمُقلَتي لَم ترقد / وَيَمر لَيلي وَهوَ لَيل مسهَّد
أَبكي وَفَقد أَحبتي لَم أَقصد / وَلَقَد بَكَيت لِفَقد آل محمد
بِالطف حَتّى كُل عُضو مدمع /
شُهب السَماء تَكدرت وَتَغورت / وَالشَمس مِنها أَظلَمت وَتَكوَرَت
حَيث الخُيول عَلى اِبن فاطِمة جَرَت / عَقرت بَنات الأَعوجية هَل دَرَت
ما يُستَباح بِها وَماذا يصنَع /
أَبكَت أُمية في الطُفوف محمداً / إِذ أَسلَمَت فيها بِنيه إِلى الرَدى
وَسرت بزين العابدين مصفدا / وَحَريم آل محمد بين العِدى
نَهبا تُقاسمه اللئام الوُضَّع /
خَدر النِساء لَهُ العَدو قَد اِختَرَق / وَلَها الطَليق اِبن الطَليق قَد استَرَق
قَد سَيرت نَحو الزَنيم عَلى حَنق / تِلكَ الظَعائن كَالإِماء مَتى يَسق
يعنف بِهن وَبِالسِياط تَقنع /
تِلكَ الرُؤوس عَلى الرِماح تَقنها / بِدمائِها نَهلت وَمِنها علها
حفت بِها تِلكَ الظَعائن وَلها / مِن فَوق أَقتاب الجَمال يَشلها
لَكع عَلى حنق وَعَبد اَكوَع /
لَم أَنسَ زين العابدين إِذا اِمتَحَن / بِسقامه وَبثقل جامعة قرن
كَلا وَلا أَنسى نساه عَلى البَدَن /
مثل السَبايا بَل أَذل يَشق مِن / هن الخِمار وَيستباح البرقع
قَد أَصبَحت خيم الإِمامة موقدا / وَبَنو النَبي عَلى ظمى وَردوا الرَدى
مِنهُم قَتيل لا يُسام لَهُ الفِدا / فَمصفد في قَيده لا يُفتدى
وَكَريمة تُسبى وَقَرط يَنزع /
لَم أَنسَ منعفر الجَبين عَلى يَد / متوسداً في جندل مُتَوقد
في شَكل مَسلوب الحَياة مجرد / متلفعاً حمر الثِياب وَفي غَد
بِالخضر مِن فَردوسه يَتلفع /
أَبدى لَهُ الدين الحَنيف شُجونه / مُذ حَز شَمر نَحره وَوتينه
لَم أَنس مِن تَحت الخُيول أَنينه / تَطأ السَنابك صَدره وَجَبينه
وَالأَرض تَرجف خيفة وَتضعضع /
لِمصَابه فلك السَماء متشاغل / عَن جَريه وَالدَمع مِنهُ هاطل
وَالبَدر مِن نُور المَهابة عاطل / وَالشَمس ناشرة الذَوائب ثاكل
وَالدَهر مَشقوق الرِداء مقنع /
هَذي أُمية حقدها مِنها شفي / في قَتل مَن هُوَ لِلوَرى اللطف الخَفي
أَسَفي وَهَل يُجدي لَدي تَأسفي / لَهفي عَلى تِلكَ الدِماء تُراق في
أَيدي أُمية عُنوة وَتضيع /
كَم لَيلة ظَلماء بِالفَرَح اِنجَلَت
كَم لَيلة ظَلماء بِالفَرَح اِنجَلَت / وَبِها مِن الآلام أَفئِدة خَلَت
بِغَريرة فيها الصَبابة قَد حلت / بَيضاء ناعِمَة الشَبيبة أَقبَلَت
تَثني بِنَشوة دلها أَعطافَها /
عَلمتك أنك قَد أَضر بِكَ الجَوى / وَقَوامها يصبيك لا بان اللَوى
فأتَتك مُنعشة المَجاسد وَالقوى / تَطأ الحَرير وَلو تَطيق أَولو الهَوى
فَرَشت لَها فَوق الحَرير شَفافَها /
يا مُسقماً ما غَير زَورتها دَوًا / يَشفيه أَو غَير الرضاب لَهُ رِوى
وَطَوى مِن الهَجر الضلوع عَلى جَوى / يَهنيك إِن العامرية عَن هَوى
أَلفت حِماك وَنافرت أُلافَها /
فَلطالما قاسَيت أَوجَع غلة / مِن ظبية تَوليك قَبل بجفلة
بُشراك فَلتسعد هَواك بِطفلة / طرقتك زائِرة بِأَسعَد لَيلة
قَد كادَ يَرفَع نُورها أَسدافَها /
زُفت إِلَيك سَلافة شَهدية / مِن ثَغرِها وَسوالفا مجلية
وَحَكت أَحاديثاً لَدَيك شَهية / وَجَلت بِأَنمل فضة ذَهَبية
خَضبت بِلَون مدامها أَطرافَها /
صَرف المدام غَدَت تَفوح بِندها / بيد الَّتي سَبت الغُصون بِقدها
وَجَناتها زَهرت بِحمرة وَردها / فَاشرب عَلى الوَرد الندي بخدها
صَهباء مُقلتها تُدير سلافها /
وَأَسهر لحانات لَديك أَسيرة / وَإِفادة فيها السلاف مديرة
لِتَنال مِن ذا الدن خَير ذَخيرة / وَتمل عَيشك ناعِماً بِغَريرة
كَالريم أَرهف خصرها أَرهافها /
أَفبَعد أَيام يَطيب بِها الهَوى / وَلَدي أَسمطة السُرور عَلى الخَوى
أَمسي وَغُصن الدَهر أَسرَع ما التَوى / وَبمسقط العلمين شائقة الهَوى
ضَرَبوا عَلى مثل المَهاة سجافها /
رَتعت بذياك الجَناب كَأَنَّها / عَيناء وَالعَينا تَحامَت عَينَها
لا فَرق ما بَين المَهاة وَبَينَها / نَشَأَت مَع الآرام إِلّا أَنَّها
لا شيحها تَرعى وَلا خَدرافها /
بَرَزَت بِقَد كَالمثقف صائب / وَبِسود أَحداق كَزرق محارب
فَاستهدفتك وَأَنتَ أَخشَن جانب / ثَعلية لَكن لَها مِن حاجب
قَوس غَدَت أَهل الهَوى أَهدافَها /
حَيت مَنازل ذي الأَراكة مزنة / يَزهو بِها عُود وَتعشب دُمنة
كَم ذا تَنالك مِن أَميمة محنة / وَبِذي الأَراكة ربعها لَك جَنة
غيد الظِباء تَفيأت ألفافَها /
وَرَدت مِن الوَادي بأعَذب مَشرَب / وَتقلبت في الربع خَير تَقلب
في مَنزل عَطر المَلاعب طَيب / ألفته فَارتبعت بِأَطيب مَلعَب
مِنهُ وَكانَ لِطيبه مصطافَها /
نَفحاته بَكرت إِلَي فَانعشت / مِنا مَفاصل بِالصَبابة أَرعَشَت
وَأَظن مِن عَيني لفرقتها عشت / أَرجَت بِرياها رَباه وَقَد مَشَت
عُطري البُرود فَضوعت أَخفافَها /
أَقرى الظِبا قَلبي فُلان هَشاشة / لِنُزولها فيهِ وَزاد بَشاشة
وَأَرى السِهام لِجانبيَّ مراشة / يا ربع شَوقي هَل تَضيف حَشاشة
نَزلت ظِباك بِربعها فَأَضافها /
يا ربع كَم أَنحوك أَصحب بدنها / حاف طَويت ربي البِلاد وَحُزنَها
وَمُذ المَطايا لِلقَفار طَويَنَها / ديست بِأَخفاف المطي لِأَنَّها
شَوقاً إِلَيك تَقدمت أَخفافَها /
لا تَطردن ضَيفاً لِأَهلك انزلوا / نزلوهم وَعَن الهَوى لَم يَعدِلَوا
يا لَيتَ أن أَهل المَنازل أَمحَلوا / حَيتك مِن نوء الثريا حفل
حَلبت عَلَيك يَد الصبا أَخلافَها /
ميزن في أَرجاك سُحب أَغدَقَت / فيها الرِياض وَكُل ناهِلَة سَقَت
لا تَكذب الراجي إِذا ما أَبرَقَت / مِن كُل صادِقَة المخيلة حلقت
مِن نَحو نَجد وَاِغتَديت مَطافَها /
زُفَت دَفيف نَعائم قَد حملت / بَرد الحَيا وَإِلى جَنابك أَرقَلَت
وَشَذاك يُرشدها فَإِن هِيَ أَثقَلَت / طارَت بِأَجنِحَة النَسيم وَأَقبَلَت
تَحدو الرُعود ثِقالَها وَخفافَها /
نَجدية ظَعَنت تُريد عراقَها / فَأَتَتَ وَحادي الشَوق نحوك ساقَها
بمقيلك المَطلوب يا مشتاقَها / قَد حللت كف البُروق نِطاقَها
فَغَدَت تريق بِعقوتيك نِطافَها /
وَغَدا الظَلام بِبَرقِها مُتَجَلِيا / وَبودقها نَبت الربى متحليا
وَطفاء يَلمَع مِن جَوانبها الضِيا / نَثَرَت عَلَيك عَشية بَرد الحَيا
نَثر اللئالئ فَارقت أَصدافَها /
ربع بِهِ اِستَنشَقَت مِسكاً هائجا / مِن نَشر صَحب سارَ في ظلما دجى
نادَيت وَالتهيام في سَلمى حجى / أَمشببا بِالغيد زِدني مازِجا
في وَصف مَجلس أنسنا أَوصافَها /
هُوَ مَجلس فيهِ عَن الصَد اِنثَنَت / سَلمى وَمِن بَعد التَباعُد لي دَنَت
وَتَكلمت لَكن لمجلسنا عَنَت / هُوَ تُحفة الدُنيا لَنا قَد حَسنت
فيهِ بريعان الهَوى أَتحافَها /
ماسَت مَعاطفها فَمسن جَوانبي / طَرَباً وَما علم الوشاة بِها وَبي
وَمُذ اِضطربنا خَوف علم مَراقب / جلت المدام لَنا فَقُلت لِصاحِبي
مَنَحتك ساقية الطَلا اسعافَها /
بَرزَت لَنا تَهفو بِسُود غَدائر / ذَهَبت بِأَفكار لَنا وَبَصائر
وَتَرنمت فَاِهتَزَ كُل مسامر / وَشَدَت وَقَد أَرخَت ثَلاث ضَفائر
بِيَد الدَلال فاطرَبَت أُلافها /
إِن واعَدَت إِني أَزورَك في غَد / أمتك زائِرَة بِأَصدَق مَوعد
أَو بَشَرَت بِسُرور كُل مُوحد / صَدقتك بِالبُشرى فَعرس محمد
عيد عَلى الدُنيا أَدار سلافها /
عُرس بِهِ البَرَكات فينا أَعرست / وَجبالها مِن بَعد زُلزال رَسَت
مَهما وُجوه الحاسدين تَعبست / ضَحكت بِها الدُنيا سُروراً وَاِكتَسَت
لِلزَهر مِن حبراتها أَفوافها /
لِلّه مِن فَرَح يَسر بِهِ الوَرى / وَالمَجد أَضحى فيهِ مُرتَفع الذَرى
إِن تَمس عَين الخَصم بائِنَة الكَرى / فَاليَوم قَرَت عَين هاشم في الثَرى
وَسَقتهُ أَنواء السُرور نِطافَها /
أَيام أُنس حازَ مِن أَلطافها / عمر العُلا ومعدّ مِن أَسلافها
وَشذا الهَنا ساقَت إِلى آنافها / وَسرت إِلى أَبناء عَبد منافها
نَفحات بشر أَطرَبَت من سافَها /
وَكَنانة أَمسَت بِعيد مُطرب / وَبَنو أَبي الحَمرا وَأَبطُن يَعرب
وَتصافَحوا طرا مِن اِبن أَو أَب / وَصلتهم البُشرى بِعُرس مهذب
أَحيت مَآثر مَجده أَسلافها /
وَبِهِ المَكارم أَصبَحَت بِتجدد / وَدَنى مِن الأَفراح كُل مبعد
وَسَعى المبشر في حَديث مسند / ينميه عَن مَهدي آل محمد
هَذا الَّذي نَعشت يَداه ضعافها /
لِلناس قَد رفع الإِلَه سَماءَها / في جَده وَالأَرض مدّ وَطاءَها
لا تَبكين مِن الهداة فَناءَها / وَرث الأَئمة علمها وَإباءَها
وَصلاحَها وَسَماحَها وَعَفافها /
ذا عالم عَدم العَوالم نَده / بِالحلم وَالعلم الإِلَه أَمده
وَمِن السَما الأَملاك أَمَت قَصده / يَتدارس الملأ المُقدس عِندَه
حُكماً بَهَرن مِن الوَرى عرّافها /
لَو جئت مَحمود النَقيبة آمِلا / لَوَجَدت أن مِن البُحور أَنامِلا
يا رَكب مَكة ذا أَلا أَقدم نازِلا / رَب القُدور الراسِيات مواثِلا
كَالبرك أَرحب مالنا أَجوافَها /
فَإِذا الجوار لِنارها أَوقدنَها / غَضت فَأَلقَت في المَواقد سمنها
هِيَ كِالحَمائم لا تبارح وَكنها / هَدارة تَحتَ الدُجى فَكأَنَها
تَدعو بِحي عَلى القرى أَضيافَها /
وَإِذا رَكائب كُل فَج بَيتت / بِحماه مُثقلة الخفاف تَشتَتَت
أَولاد آدم في نَداه تَقوتت / وَلو أن يَأجوجاً وَماجوجا أَتَت
مَغناه تَلتَمس القَرى لأضافها /
فَعَليك عَين الفَخر مِن شَغف سَهَت / وَرِياض علم اللَه فيكَ قَد اِزدَهَت
وَبِكَ المَلائك لِلاله تَوجَهَت / يا مَن مَكارم شَيبة الحَمد اِنتَهَت
إرثا إِلَيهِ وَزادَها أَضعافَها /
زَعَمت عَباشمة القَديم وَغَيرَها / إِن قَد سَمَت فيكُم وَماكس كبرَها
وَمُذ القَبائل قَد تَبدى فَخرَها / عَلمت قُريشٌ إِن قَومك خَيرَها
كَرماً وَإِن مَنَعتهم أَنصافَها /
شَهدت بِأَنَكُم الكِرام مَواطن / لِرهانكم وَالخَصم فيها وَاهن
أتناست الطلقاء حينَ تَوازَنوا / مِن اعتقوها بِالمحول وَراهَنوا
في السَبق حَتّى اِستَعبدوا أَشرافَها /
سَلها من انعش في المحول نحولها / وَنَسَت بِهِ تِلكَ السِنين محولها
إِن أَنكَرَت شَرَفاً يَقصر طُولَها / بِالراحلين بِها وَقَد أَخذوا لَها
عَهد الأَمان فَسَل بِهم ايلافَها /
قَد صَكَّ مِن قَوم الضَلال جباهها / فيكُم وَما أَغنى هنالك جاهَها
أَتذمكم مِن قلة أَفواهها / فيكُم أَعَز المُؤمنين إلهها
وَكَفى بِواحد جَمعكم آلافها /
أَعقبتمُ سقم الهِداية صحة / إِذ لَم تَزل فيها القُلوب أَشحة
وَبِكُم عَقيب الضيق نالَت فسحة / وَاليَوم إِن شكت الشَريعة قرحة
فَسِواك لَيسَ بِمدمل أَقرافَها /
عَلمتك ذا علم بِها وَعَليمها / وَترد مِنها لِلحَياة رَميمها
فَاستنجدت بِكَ كي تَعيد قَديمها / فَحَميت حوزتها وَصُنت حَريمها
وَحَفظت بيضتها وَحَطَت سجافها /
حَظيت بِكَ الأَيام آية حظوة / وَاستبدلت ظلماء في صَحوة
وَأَخذت صُحف المكرمات بِقوة / يا اِبن النَبي وَتِلكَ أَكرَم دَعوة
طَرَباً تَهز لَها العُلى أَعطافَها /
يا سَيداً رَفع الشَريعة قَدرَها / فَسَمَت بِهِ وَعَلى القَديم أقرَّها
أَدرتك حَيث اِستكشفت بِكَ ضرها / أَنتَ الَّذي اِرتَضع النبوة درها
وَلَهُ الإِمامة مَهدت أَكنافَها /
يا مسبل الكَف الَّتي مِن فَيضِها / رتع الوَرى لا مِن سَحائب قيضها
فَلطيب أَنفاس نباهي ببعضها / مِن حل دارك ظَن تربة أَرضها
كافورة قُدسية فَاستافها /
جَمَعت مَفازتها النجابة وَالنُهى / وَالعلم وَالفَضل المضاعف حُسنَها
من حل فيها جَنة قَد ظَنَها / وَنعم هِيَ الفَردوس إِلّا أَنَّها
رضوان بشراك خازن أَلطافها /
يَدعو العفاة ألا ادخَلوا في جَنَتي / وَخُذوا الَّذي أملتم مِن رَحمَتي
أَعلمتها يا مَن فِداؤك مُهجَتي / هِيَ ساحة الشَرَف المقدسة الَّتي
ولدت بِها مِنكَ العُلى أَشرافها /
حَسنوا وُجوهاً كهلهم وَصبيهم / فَأَضاء فيها كَالصَباح عَشيهم
لِلّه والدة المشكر سَعيهم / وَلدتهم علماء يَكشف هَديهم
عَن ذي القُلوب الغافِلات غلافها /
قَسَماً لَهُم كَلِمات آدم مُذ غَوى / وَطَغى السَفين بِهم لِنوح فِاِستَوى
وَهِيَ الَّتي لَمَعت عَلى وَادي طَوى / شَفوا طِباعاً لا تَميل مَع الهَوى
مِن حَيث طَهر رَبهم شفافها /
يا سارياً وَالدَهر غَيّر سمته / لغريم فَقر لا يُبارح بَيته
هَلا أَبا موسى المغيث قصدته / فَإِذا بجعفرها اِرتَفدت وَجدته
فراج كُل عَظيمة كشافها /
أَو جئت وَضاح الجَبين عشية / وَتَرى تحيط بِهِ الوُجوه بَهية
لَرَأَيت مِنهُم هالة قَمَرية / قَمر تَوسط دارة قُدسية
جَمع الكَمال عَلى النُهى أَطرافَها /
لَو طاوَلَته العارفون بِطُوله / لَأبان عَجزهم باسفل رجله
هَذا الَّذي شَهد العَدو بِفَضله / لَولا اِكتِساب الحاسِدين بِنَعله
شَرَفاً لَقالَ المَجد طَأ آنافها /
فَهباته تَدعو العفاة إِلى هُنا / فَتجوز حَتّى تَختشي كبر الفَنا
وَلِأَنه غَيث الأَرامل في الدنى / حَيث التفت وَجدت السنة الثَنا
وَالمَدح تَعلق في علاه هتافها /
فَبِرَأيهِ عقد الضَلالة حلَّها / وَبِهِ رَقاب الظالِمين أذلها
بَسطت بِهِ الدُنيا وَأحكم أَهلَها / وَسَع الوَرى حلماً وَأدّب جَهلَها
غَضَباً فَآمن خَوفَها وَأَخافَها /
فَإِذا صَرَخت وَجدته المستصرِخا / وَأَخا الإِغاثة بِالشَدايد وَالرَخا
هَذا الَّذي اِتخذ السَماح لَهُ أَخا / هوَ سَيد الكُرَماء إِن ذكر السَخا
وَأَخو المَكارم إِن غَدَت أَحلافها /
فَبحلمه خفَّت جِبال تهامة / وَبنيله لَم نخش وَقع مَلامة
وَنَداه بخل كُل رَب كَرامة / لا قلت أَنمله ضُروع غَمامة
فَمن الغَمائم ما ذممت جفافها /
وَلربما بَرق السَحاب وَاَرعَدا / وَمَضى وَلم يبلل لِناهله صَدى
فَلذاك كُل سَحابة لن أَحمَدا / وَحَمدت أَنمله لِأَن لَها النَدى
طَبع تَنيلك دائِما إسعافها /
لَكَ يا اِبن جَعفر تشخص الآماق
لَكَ يا اِبن جَعفر تشخص الآماق / وَيَردها مِن خَوفك الإطراق
أَدعو وَملء جَوانحي أَشواق / يا مَن بِغُرة وَجهِهِ الإِشراق
زَهَرت بِنُور جَمالك الآفاق /
لا بُد مَن عاداك يَقرع سنه / نَدَماً وَيُبصر كذب ما قَد ظَنه
قَسماً بِحبك وَالَّذي قَد سَنه / لَم أَخشَ مِن نار الجَحيم لِأَنَّهُ
مَن نارَ حُبك في الحَشا إِحراق /
يا مَن زَكَى أَصلاً وَطابَ نَباته / وَحَكَت هبات المعصرات هِباته
هَذا مَقامك قَد سَمَت هضباته / فاقَ الأَماكن كُلَها عتباته
فلثمنها الأَفواه وَالأَحداق /
بُشرى العِراق فَقَد زَهَت وَتَباشَرَت / أَقطارها وَلَها الأَباعد هاجرت
مُوسى بن جعفر في العراق أَما درت / فَإِذا أَقاليم البِلاد تَفاخَرَت
يا قامة الرَشأ المهفهف ميلي
يا قامة الرَشأ المهفهف ميلي / بِظماي مِنك لِموضع التَقبيل
فَلَقد زَهَوت بِأدعج وَمزجج / وَمفلج وَمضرج وأسيل
رَشاء أَطلَّ دَمي وَفي وَجَناته / وَبَنانه أَثر الدَم المَطلول
يا قاتلي بِاللَحظ أَول مَرة / أَجهز بِثانية عَلى المَقتول
مثّل فَديتك بي وَلو بك مثَّلوا / شَمس الضُحى لَم أَرض بِالتَمثيل
فَالظُلم مِنكَ عليّ غَير مذمم / وَالصَبر مني عَنكَ غَير جَميل
رَوض الجِنان بِوجنَتيك فَهَل لَنا / أَن نَجتني مِن وَردها المَطلول
وَلماك ري العاشقين فَهَل جَرى / ضَرب بَريقك أَم ضريب شمول
يَهنيك يَا غَنج اللحاظ تَلفتي / مَهما مَرَرت وَزفرتي وَعويلي
أَملي وَسوء لي مِن جَمالك لَفتة / يا خَير آمالي وَأَكرَم سولي
لام العذار بِعارضيك أَعلني / ما خِلتُ تِلكَ اللام لِلتعليل
وَبَنون حاجبك الخَفيفة مبتل / قَلبي بِهم في الغَرام ثَقيل
أَتلو صَحايف وَجنتيك وَأَنتَ في / سكر الصبا لَم تَدر بِالإِنجيل
أفهل نظمت لئالئا من أدمعي / سمطين حول رضابك المعسول
وَرأيت سحر تغزلي بك فاتنا / فجعلته في طرفك المكحول
أَشكو إِلى عَينيك من سقمي بها / شكوى عَليل في الهَوى لعليل
فعليك من ليل الصدود شباهة / لكنها في خصرك المهزول
ويلاه من بلوى الموشح إنه / لخفيف طبع مبتلٍ بثقيل
لا يُنكر الخالون فَرط صَبابَتي / فَالداء لَم يُؤلم سِوى المَعلول
لي حاجة عِندَ البَخيل بِنيله / ما أَصعب الحاجات عِندَ بَخيل
وَاحبه وَهوَ الملول وَمَن رَأى / غَيري يَهيم جَوى بِحُب ملول
أَكذا الحَبي أبثه الشكوى الَّتي / يَرثي العَدو لَها وَلا يُرثي لي
وَيصم عَني سُمعة وَأَنا الَّذي / لَم أَصغِ فيهِ إِلى مَلام عَذولي
مِن مُنصفي مِن ناشيء لي عِنده / دين يِسوّفه بليّ مطول
إِني اِختَبرت بَني الوَرى فَرأيتهم / إِن الوَفاء بِهم أَقل قَليل
وَأَرى بِأَجيال الزَمان تَنازلا / وَأَشد مِنها في التَنازل جيلي
لا عولت نَفسي عَليهم إِنَّني / بَعد الآله عَلى الرضا تَعويلي
مَولى يَلوذ الخائفون بِظله / وَالآملون تَفوز بِالمأمول
خلق الآلِه يَمينه مَبسوطة / لِلبَطش وَالتَنويل وَالتَقبيل
يا مَن حمى دين النَبي بِفكرة / تَمضي مضاء الصارم المَصقول
ما زلت تَنطق بِالصَواب كَأَنَّما / يُوحي إِلَيك لِسان جبرائيل
شابهت أَهليك الكرام بِمجدهم / وَالشبل أَشبَه في أسود الغيل
شَيدت مَجدَهُم وَفُزت بِعزهم / ضُعفاً وَهُم كانوا أَعز قَبيل
بُشرى الغري فَإِنَّها بِكَ أَصبَحَت / وَجَنابَها في المَحل غَير محيل
فكأنَّها مصر وَأَنتَ خَصيبها / وَيَداك تُعرب عَن مَجاري النيل
لِلّه بَيتك فَهوَ كَعبة أَنعم / تَسعى العفاة لَهُ بِكُل سَبيل
وَيَمين إِسماعيل ثلثها الوَرى / فَكَأَنَها هِيَ حَجر إِسماعيل
السَيد الراقي إِلى الرتب الَّتي / يَنحط عَنها طائر التَخييل
نُور الإِمامة في أسرة وَجهه / يَزهو كَنور ذباله القنديل
صَدر الشَريعة في محافلها الَّتي / عَقدت لِكسب العلم وَالتحصيل
ذُو فطنة لَو عشرها بَين الوَرى / أَغنَتهم عَن خلق عَشر عُقول
رد الفُروع إِلى الأُصول وَإِنَّهُ / فرع سمى شَرفاً بِخَير أُصول
مِن دَوحة الشَرف المقدسة الَّتي / تَسقى بِصوب الوَحي وَالتَنزيل
وَلَقد أَحبته العلى وأحبها / كَبثينة فيما مَضى وَجَميل
وَالدين لاذ بظل سُلطان الوَرى / فَغَدا بِظل مِن حِماه ظَليل
بَلغ الضراح بِعزمة قجرية / تَرك العَزيز بِها أَذل ذَليل
فَأكفه سر الحَيا وَلسيفه / يَوم الكَريهة سرّ عزرائيل
يَهتز دست الملك شَوقاً لاسمه / وَإِلَيهِ يَبسم جَوهَر الإِكليل
نَضى ثياب الحُزن عَن متسربل / بِالفضل أَولى الناس بِالتَفضيل
وَكَساه مِن تُحف الجِنان بِخلعة / بَيضاء قَد نسجت بِغَير مَثيل
كَبد الكَليم تَطلعت مِن جَيبه / وَيَشك فيها آل إِسرائيل
تاج الرياسة عَنكُم لا يَنقل
تاج الرياسة عَنكُم لا يَنقل / نصل يُسل لَكُم وَيغمد منصل
مُتناوبين عَلى الإِمارة بَينَكُم / هَذا يُقيم بِها وَذَلِكَ يَرحَل
لَم يَجذب الثاني بِطرف زَمامها / حَتّى يَسلمها إِلَيهِ الأَول
كَشَوارع الأعلام يَصعد واحد / وَالفَتح يَصحبه وآخر يَنزل
لَم يَخل مِن أَنواركم أُفق العُلى / شَمس تَشع لَكُم وَبَدر يَأفل
وَسَريركم راسي القَوائم ثابت / ما دامَ رَضوى بِالوُجود وَيذبل
تَتَحدَث الدُنيا بِفَضل مَن اِغتَدى / مِنكُم ووارثه أَجل وَأَفضَل
إِن يَمضِ عَصر مُحمَد فَأَميركُم / عَبد العَزيز لَهُ الزَمان المُقبل
مَلك حَباه اللَه رُتبة عَمه / وَبِوَجهه سَعد العُلى يَتَهلل
لَبس العُلى فَحلى عَلى أَعطافه / ثَوب لَه قَبل الشَباب مفصل
بَرد يَقول اللَه فيهِ مُبارك / لَم تبل جدته وَلا يَتبدل
ما ضرّ نَجداً وَالسَرير بِحاله / وَأَميرَها ذاكَ الأَمير الأَول
رَحل الأَمير مُحمَد لِجِنانه / وَمَكانه الملك المعم المخول
عَبد العَزيز وَما لِنجد مثله / لِلناس يَحكم بِالكِتاب وَيَعدل
سَيف تقلده هُوَ السَيف الَّذي / وَافاه مِن آبائه يَتنقل
يُوصي بِهِ الماضي لِنيته إِلى / مِن بَعدِهِ فَيَقوم فيهِ وَيَفضل
وَلَقد أَرادَ اللَه جلَّ بِأَنَّها / عَن آل عَبد اللَه لا تَتحول
فَاليَوم قامَ بِعبئها الملك الَّذي / سَهل العَسير بِهِ وَخف المثقل
همم لَهُ مِن عَمه مَوروثة / يَنهضن فيهِ وَكُل صَعب يَسهل
مَأمون آل رَشيد مَنصور اللوى / مَهديها وَأَمينها المتوكل
إِن يُعط فَهوَ سَحاب جود مُمطر / أَويَسطو فَهوَ هَزبر غاب مشبل
متكفل نَجدا وَمَن سَكَنوا بِها / وَاللَه فَوقَهُم هوَ المتكفل
نَجد وَدُون حدودها بيض الظبا / وَبَنات أَعوج وَالرِماح الذبَّل
مِن مَد مِن أَقصى البِلاد لَها يَدا / طارَت أَنامله وَحزَّ المفصل
وَبِها ذَوات الزند إِن هِيَ أَرعدَت / فَلرعدها شمّ الجبال تَزلزل
أَو أَمطَرَت مَطرت وَبَالا للعدى / فكأنه برَدُ السَماء المُنزل
وَلَها عَقارب لا يَعيش لَديغها / مِن خلف أَميال تَنوش فَتقتل
لا تَبغ نَجدا يا عَدو فإن في / مَلساء صخرتها تَزل الأَرجل
إِن أَمحَل اللَه البِلاد فَحايل / مِن حُسن سيرة أَهلِها لا تمحل
أَعَزيز هَذا المصر لِلقدر اصطبر / فَالصَبر أَيمَن في الخطوب وَأجمل
ما ماتَ عم قُمت أَنتَ مَكانه / وَعَلَيك قَبل اليَوم كانَ يُعوِّل
إِن المَنية لِلبرية غاية / وَاللَه يَحكم ما يَشاء وَيَفعل
مَن كانَ وَالده كمتعب لَم يَضق / ذرعاً وَهاجس قَلبه لا يُشغل
قَد كُنت قدما للعلا مترشحا / وَإِلَيك مِن زَمَن تُشير الأَنمل
وَالملك مِن فَضل الإِله ممهدا / لَك شمَّر جُند وَأَنت الموئل
وَبَنو عُبيد هُم عشيرتك الَّتي / فيها تَصول إِذا أَثير القَسطل
هذا حمود وَإِنَّهُ السَيف الَّذي / يرضيك إِن تُنضيه وَهُوَ الفَيصل
تَتَبرك الأُمراء في آرائه / إِن المُجرب رَأيه لا يخطل
شَيخ العشيرة لا يسد مسده / أَحد وَفي آرائه لا يَعجل
الخَيل كثر وَالجِياد قَليلة / ما كُل مَرسون أَعزّ محجل
قَد أَيقظته يَد التجارب فَهوَ لا / يَدع العُيون بِنومها تَتَمهل
كَالأَطلس السرحان إِن تَغفل لَهُ / عَين فأخري عِندَهُ لا تَغفل
يُبدي النَصيحة لِلأَمير بِجهده / لَم يخف مَشورة وَلا يَتعلل
ما كانَ للامراء مِن تَقديمه / قَد كانَ مِنكَ كَما يراد وَأَجمل
أَو لَم يَكُن لحمود إِلا ماجد / لَكفاه مكرمة بِها يَتوصل
وَإِذا دَعَوت بِسالم وَسَألته / حَوباه مِنهُ فَإِنَّهُ لا يَبخَل
هُم أَهل بَيت لَيسَ يجحَد فَضلهم / بَدأوا قَديماً بِالجَميل وَأَكمَلوا
فَلترعهم نَفسي فِداك فَإِنَّهُم / أَوفى وَأَشفى لِلغليل وَأَوصل
خُذها مِن الحلي أَطيب حلة / مِنها يَلوح لَكَ الطِراز الأَول
لي يا أَمير عليك حَق مَودة / تَدني البَعيد وَإِن تنائى المَنزل
مالي سِوى الحُب القَديم وَسيلة / وَالحُب أَحسن ما بِهِ يَتوَسل
فَعَلَيكُم مِني التَحية وَالدعا / ما دامَ ذكركم الجَميل يُرتل
لَكَ بِالفَصاحة مقول
لَكَ بِالفَصاحة مقول / أَمضى مِن السَّيف الصَّقيل
وَبكفك القلم الحَقي / ر يَجيء بِالمَعنى الجَليل
أَهديت لي الكلم الَّذي / مِنهُ تَحير ذووا العُقول
فيها أَجبت نَشائِداً / لي مثل نيران الخَليل
فَالحَمد لِلّه الَّذي / يُعطي الكَثير مِن القَليل
قِف بِالمَنازل سائِلاً ما بالها
قِف بِالمَنازل سائِلاً ما بالها / ذَهبت بشاشتها وَغيّر حالَها
عَهدي بِها أَندى المَنازل مَرتَعا / فَعَلى مَ قوِّض ضَحوة نزالها
أَعلي إِن خلت الديار غَضاضة / أن تَرتَوي بِمدامِعي أَطلالها
سرت الظَعائن بِالحِسان وَليتها / وَقَفت لِشَكوى العاشقين جِمالُها
يا عَين دمنة جيرَتي وَلهانة / مِن يَوم شَدت لِلرَحيل رحالها
فَعَليك أَن تَذري فَضاها لجة / لِيَروق ما حلها وَيورق ضالها
غضي فَمالك في المفاوز مَسرح / مِن بَعد ما بَعدت عَريب وَآلها
وَلتكثري نَظَراً بِآفاق العُلى / فَلَقَد تَغيَّب في التُراب هلالها
وَلتسعدي يا عَين ملة أَحمَد / فلقَد تَوارى حُسنَها وَجَمالها
صرخ النَعي فَما تَرى مِن بُقعة / إلا اِضطَرَبن سُهولَها وَجبالها
نادى بِأَكناف الغري بِأَنَّهُ / قَد ماتَ حامل ثقلها وَثمالها
فَكَأَنَّما شَفَتاه كن كَنانة / رَميت فَلم تَخط القلُوب نبالها
أَو قَد قَضى شَيخ الشَريعة جَعفر / قوّال كُل فَضيلة فعّالها
لِمَن المشالة وَالرِقاب تقلها / عظمت مَهابتها وَعز جَلالَها
مَستورة بِجَلالها ما أَن بَدَت / إلا وَطالَ مِن الوَرى أَعوالها
قُدسية يَدمي المَحاجر حلها / وَيُذيب حاشية الصفا ترحالها
لادَ الوَرى بِيَمينها وَشمالها / نعم المَلاذ يَمينها وَشمالها
زفت زَفيف نعامة وَوَراءَها / صَرخت حذار الطائِحات رثالها
أَرفق بِنَفسك ما سؤالك نافع / بَل رُبما غَط النُفوس سؤالها
ذا جَعفر المفضال في أَعواده / وَيح الأَنام إِذا قَضى مفضالها
هَذا الَّذي فيهِ الشَريعة أَيدت / وَبِهِ اِستَبان حرامُها وَحَلالُها
أَو ما رَأَيت الشُهب كَيفَ تَهافَتَت / وَالأَرض أَفزَع أَهلَها زلزالها
فَكَأَنَّما الخَضرا تَزلزل قُطبَها / وَكَأَنَّما الغَبرا نَسَفنَ جِبالَها
ذا صاحب الكَف الَّتي ديم الحَيا / تَمتار مِنها وَالأَنام عِيالها
وَيح الأَرامل وَالعفاة فَقَد مَشَت / طوع الحَمام نساؤُها وَرِجالها
كانَت وَكانَ وِبالها في راحة / حَتّى اِستَقَل فَعادَ وَهوَ وَبالها
تَأتي وُفود العلم باب جلاله / فَيَطول فيهِ جَوابها وَسؤالها
يَتشاجرون بِكُل مُشكلة فان / أَعيَت يَرد لرأيهِ أشكالها
عَجَباً لِأَشطان الرَدى وَوَثاقها / حَيث اِستَقادَ لحكمه رئبالها
لَولا التَقي اِبن التَقي محمد / عَين الشَريعة ما رَقى تهمالها
المزدهي بِجَديد أَثواب العُلى / وَعَلى سِواه مَعارة اسمالها
يَلقى العفاة بغرة غَرا إِذا / غر السَحائب ما اِنغَمَرن سجالها
بِيَديهِ أَرزاق الوَرى فَكأنه / ميكالها وَيَمينه مكيالَها
آباؤه العرب الجحا جحة الأولى / وَسمت لِأَول مَورد آبالها
حمت الشَريعة في ظباً هندية / تَسقى بِمنهل النَجيع صقالَها
تَخفي النَعائم في خَوافي خَيلِها / وَالحتف يَطلع إِن طَلَعنَ رعالها
لَم يكنزوا إلا الفَخار وَمثله / وَذوو المَطامع كنزها أَموالها
زَهر الزَمان بحسنهم فكأنما / هوَ جَنة وَكَأنَّما هُم خالها