القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَعْفَر الحِلّي الكل
المجموع : 49
نم يا عدوّ فَقَد نعمت قَرارا
نم يا عدوّ فَقَد نعمت قَرارا / قَد ماتَ مَن يَحشو فؤادك نارا
فَلطالما قَد بتّ خيفة بأسه / تَرعى النُجوم وَتكثر الأَفكارا
ترك النهار عَليك لَيلاً مُظلِما / وَأَصار لَيلك إِذ سَهرت نَهارا
فَاثبت لِشأنك لا تفر مَخافة / إِذ قَد كَفتك يَد الحَمام فرارا
عَثر الزَمان فَلا لَعاً بِمهذب / كَم قَد أَقالَ مِن الزِمان عثارا
فلَّ الرَدى مِن آل جعفر صارِماً / أَمضى مِن السَيف الصَقيل غرارا
بكر النَعي فَخال كُل مكوّن / طرقته داعية الفَنا إبكارا
فَأبان للدُنيا بذائع سره / شرا وَمِن فَمه أطار شرارا
رَنت العُيون لَهُ فَعدن خَواسئا / وَأَمدَت الأَيدي فَعدن قصارا
فَترى الأَنام لعظم ما قَد ساءَها / مِن فَقد محسنها تَجُول حَيارى
مَن لي بأن يدع النَعي كَلامه / فَلَقَد أَذابَ حَشا الهُدى اِستعبارا
وَلرب كاتم فرحة ألفيته / متشمتا يَتطلع الأَخبارا
ثلج الحَشا عطت حشاه ألم تكن / أَحشاؤه مِن قبل ذاكَ حرارا
وَاحرَّ قَلبي إِذ رَأَيت بَشاشة / بِوجوه قَوم كَم طَلاها قارا
تَأتي لِمَن يَروي حَديث وَفاته / فَتوجه الأَسماع وَالأَبصارا
الدَهر خوَّلها بِنعمى لَم تَكُن / طَلبت لَها خَولاً وَلا أنصارا
جار الزَمان وَيا لَهُ العُقبى بِما / أَسدى ألم يَعلم عَلى مَن جارا
تبت يَداه لَقد أَساءَ لِمحسن / أَندى الأَنام يَداً وَأَمنَع جارا
يا لَيت شعري هَل يَليق لِزائر / بلد الوصي وَهَل يَطيب مَزارا
مِن بَعد ما أَودى ابن جعفر الَّذي / أَورى بِجانحة الوَصي أَوارا
يا مَيتاً درت الأَنام بِأَنَّهُ / مَلأ النَواظر هَيبة وَوَقارا
ينمى لِجعفر وَالعَجيب لجعفر / إِني يَمد عَلى الأَنام بِحارا
مِن كُل وضاح الاسرة عيلم / وَيجير في الجَليَّ وَلَيسَ يجارا
وَرثوا المَكارم كابراً عَن كابر / بل كلهم كانوا بِها كِبارا
قُل لِلّذي يَرتاد أَزهار الهُدى / صل آل جعفر وَاقطف الأَزهارا
إِن جئت دارهم تجدها هالة / وَتَرى وُجوهَهم بِها أَقمارا
كشف الغِطاء أَبوهُم فَتبينت / لَهُم العُلوم وَإِن تَكُن أَسرارا
أَحيوا مَآثر جدهم لَما اِقتَفوا / آثاره لِيجددوا الآثارا
النازِلون مِن العلا الغرف الَّتي / كانوا لَها بِعلومهم عمارا
بَعَثوا إِلى الآفاق نور فَقاهة / لَم تَبقَ في أُفق الرَشاد غبارا
بَلغوا بمجدهم السما حَتّى لَقَد / تَخذوا الفَراقد وَالسهى سمارا
فَهُم الأُولى إن تَدعهم لملمة / بَذَلوا النُفوس وَفارَقوا الأَعمارا
وَلرب حادثة تعمُّ لوانها / وَردت وَتهتك لِلورى اِستارا
فَجلوا لها كالأسد توسع طردها / عَكسا وَفارط وَردها إصدارا
يا آل جعفر الذين بهديهم / كانوا لحائرة السَبيل منارا
وَالسالكين مِن العلوم بِمنهج / عَنهُ المعلم وَابن سينا حارا
فَلَنا بِمَهدي الأَنام سَليله / خلف بِهِ نَستَدفع الأَقدارا
مَولى يَهز إِلى النَوال مَعاطِفاً / مثل الغُصون إِذا اِكتَسَت نوارا
وَاستعبد الأَحرار بر يمينه / وَالبر قَد يستعبد الأَحرارا
قُل لِلّذي باراه خلفك فاتئد / هَيهات كَيفَ أَخو السَحاب يُباري
فَلتقبلوها كاعبا بكرا ومن / مثلي يَزف كَواعباً أَبكارا
يعيا الشَريف بِها وَإِن يَك مفلقا / وَتَعيد للعجمية المهيارا
يا عَين إن تغر العُيون فَغوري
يا عَين إن تغر العُيون فَغوري / وَاسق البطاح بِدَمعك المهمور
فَلَقَد فَجَعت بِنور آل محمد / وَالعَين يفجعها افتقاد النُور
عَصفت عَلى الشَرع الشَريف مُلمة / نَسفت قَواعد بَيته المَعمور
بكر النَعي إِلى الغري فراعَنا / بَل راعَ جانب حَيدر ببكور
فَتَرى الأَنام لِهَول ما قَد قالَهُ / مِن عاثر رُعباً وَمِن مَذعور
فَكَأن إِسرافيل بَكر معلما / وَكَأَنَّما قَد حانَ نَفخ الصُور
حلَّت بِها شم نكبة لَو أَنَّها / بثبير لانثلت عُروش ثَبير
قادَ الحمام أَميرها الصَعب الَّذي / مُذ كانَ ما اِنقادَت لِحُكم أَمير
وَتخاذَلَت عَنهُ وَلا مِن ذابل / يَثني وَلا مِن صارم مَشهور
وَغَدَت تَميل مِن الكَآبة أَرؤساً / لَم تَعطِ إِلا نَفثة المَصدور
يا آل هاشمٍ الذين سُيوفَهُم / لَم تَثنِ إِلا عَن دَم مَهدور
نسر المَنية كَيفَ انشب ظفره / فيكُم فاقلع راسي الاظفور
يا غلب غالب قَد عذرتك فَانثني / ما دفعك المَقدور بِالمَقدور
حي لَها شم قَد تَداعى سُوره / وَالحَي مطمعة بِدُون السُور
كَسر الزَمان جَناحَها فترعرعت / بِنهوضها كَترعرع المَكسور
أَودى أَخو العَزمات ناظم عقدها / فَتناجَت عَن لؤلؤ مَنثور
لَو أَنَّ بِنت طَريف تفقد مثله / ما عاتبت شَجراً عَلى الخابور
مِما أَصابَ فُؤادَها مِن مُحرق / يَبقى نَضير الدَوح غَير نَضير
أَعلي إِن الكَرخ بابنك كاظم / تَاللَه قَد ضاءَت بِأَكمَل نُور
وَتَرى قُلوص الزائرين بحيه / تَفري حَشا البيدا لِخَير مَزور
لَم يَلثم المَحزون ترب جَنابه / إِلا وَبَدل حُزنه بِسُرور
وَتَميت طلعته الدُجى لَكنه / يَحييه بِالتهليل وَالتَكبير
لَكن هذا الدَهر خافر ذمة / لَم يَرضه إِلا بوار الدور
أَردى بَنيك وَغالهم بعميدهم / مَن كانَ عزّ لو آئها المَنشور
فَلأعتبن عَلى حِماك وتربه / كَم قَد حَوى مِن عالم نَحرير
أَفدي الَّذي بلغ العُلا في مَجده / وَسمي السَها في علمه الإ كسير
ذا ميّت نشرته كف محمد / طوبى لَهُ مِن مَيت مَنشور
يَهني المَكارم إِن في آفاقها / قَمرين قَد خَلقا بِغير نَظير
فمحمد وعلي مِن أَكفائها / خلقا لَها وَكِلاهُما مِن نُور
الراقيان إِلى العُلى حَتّى لَقَد / نَفَذا وَراء حجابها المَستُور
عبرا عَلى نَهر المَجرة رفعة / وَتخطيا شعري السَما بِعُبور
يا سادة أَمن الأَنام بحبهم / في القبر صَولة منكر وَنَكير
أَنا في الخَطايا موقر لَكن أَرى / حُبي لَكُم ضَربا مِن التَكفير
يَشفى لديغ الجَهل بَين بُيوتكم / برقى التعلم لا رقى المَسحور
فَلتقبلوها مِن لِساني قالة / تُبدي لَكُم عُذري مِن التَقصير
إِن لَم أَجد بِنظامها فَمصابكم / بَقيت بِهِ الشعري بِغَير شُعور
انشر لِواك مؤيداً مَنصورا
انشر لِواك مؤيداً مَنصورا / حيا الآله لواءك المَنشورا
واقصر بخيلك يمنة أو يسرة / اللَه جارك لا تَرى مَحذورا
يا اِبن النَبي محمد وَسميه / طابت حجورك أَولاً وَأَخيرا
أَعطاك رَبك بسطة في دينه / فَاِنهض وَطهر أَرضه تَطهيرا
أَو لَيسَ سَيفك ذو الفَقار بِهِ ظماً / لا يَستَقي إِلا الدَم المَهدورا
ماذا اِنتِظارك بالألى جحدوا الهُدى / لَم لا تصيرهم هباً مَنثورا
عَدلوا عَن النَهج القَويم وَغادروا / قُرآن جدك خلفهم مَهجورا
وَصدور سمرك جوَّع لا تَبتَغي / إِلا كلاً وَمناحرا وَصدورا
يا وارث العَلياء مِن آبائه / ما زال ذكرك بَيننا مَنشورا
وَصل العِراق كتابكم فَتهللت / فرحا وَأَصبح مِن بها مَسرورا
فَكأنها قبل الكتاب وَنشره / كانَت ظَلاماً فَاستَحالَت نُورا
كَم سَيد لَكَ بِالعِراق يود أَن / يَلقاك لَو كانَ اللقا مَقدورا
وَأَما وَبيض ظباك وَهِيَ حُرية / أَن يَحلفوا قَسماً بِها مَبرورا
لَو لَم تقم بحدود مَكة حارِساً / ما حَج شَخص بَيتها المَعمورا
لَم يَخشَ قَد عَلى الشَريعة عادياً / وَظباك قَد ضربت عَلَيها سورا
عمرت دين اللَه بِالسَيف الَّذي / إِن سلَّ خرب للضلالة دُورا
ما قابلتك قَبيلة إِلّا اشتهت / عرج الضباع لَها تَكُون قُبورا
لَم تصبح الحَي العصاة بغارة / إِلا وَقَبلك قَد بَعثت نَذيرا
شاء الإِلَه بِأَن تَعيش مُعمرا / لما أَراد بخلقه تَعميرا
ملكاً كَبيراً عالِماً نَحريرا / أَسدا هصوراً سَيدا مَنصورا
اللَه أذهب عَنكُم الرجس الَّذي / يَخشى وَطهر بَيتكم تَطهيرا
تَهب العَطايا لِلوَفود وَلَم تَكُن / تَبغي جَزاء مِنهُم وَشكورا
متعاقبين كَأَنَّهُم قَد أَودَعوا / بِبلادكم كنزاً لَهُم مَذخورا
لو أَنت تُعطي الأَرض في أَطباقِها / مِن عَظم قَدرك لَم يَكُن تَبذيرا
أَهدي السلام مَع النَسيم السائر
أَهدي السلام مَع النَسيم السائر / لِأَخ تغلغل حبه بضمائري
وَأزف مالكة الثَنا لمهذب / وَرث النَجابة كابراً عَن كابر
يا أَيُّها المَولى الذي أَصفيته / وَدّي وَإِخلاصي وَصَفو سَرائري
يا هاشِماً وَرث العُلا مِن هاشم / فَسمى عَلى بادي الوَرى وَالحاضر
أَهوى لقاك وَبَيننا بَيداء لا / بِالخف نَقطَعها وَلا بِالحافر
وَتَهزني الذِكرى إِلَيك مَحبة / فَكَأن قَلبي في جَناحي طاير
أَدرك ثَراتك أَيُّها المَوتور
أَدرك ثَراتك أَيُّها المَوتور / فَلَكُم بِكُل يَد دَم مَهدور
عذبت دماءكم لِشارب علّها / وَصفت فَلا رنق وَلا تكدير
وَلسانها بِكَ يا اِبن أَحمَد هاتف / أَفهكذا تغضي وَأَنتَ غَيور
ما صارم إِلا وفي شَفراته / نَحر لآل محمد مَنحور
أَنتَ الولي لِمَن بظلم قَتّلوا / وَعَلى العِدى سُلطانك المَنصور
وَلو أَنك استأصلت كُل قبيلة / قتلا فَلا سرف وَلا تَبذير
خُذهُم فَسنة جَدكم ما بَينَهُم / منسية وَكِتابَكُم مَهجور
إن تحتقر قدر العِدى فلربما / قَد قارف الذنب الجَليل حَقير
أَو أَنَّهُم صغروا بجنبك همة / فَالقَوم جرمهم عَليك كَبير
فَأَبوا علي الحسن الزَكي بِأَن يَرى / مَثواه حَيث محمد مَقبور
وَاسأل بِيَوم الطف سَيفك إنَّهُ / قَد كلم الأَبطال فَهوَ خَبير
يَوم أَبوك السبط شمَّر غَيرة / لِلدين لَمّا أَن عناه دثور
وقَد اِستَغاثَت فيهِ ملة جَده / لَما تَداعى بَيتَها المَعمور
وَبِغَير أَمر اللَه قامَ مُحكَماً / بِالمُسلِمين يَزيد وَهُوَ أَمير
نَفسي الفِداء لِثائر في حَقه / كَاللَيث ذي الوَثبات حين يَثور
أَضحى يُقيم العَدل وَهوَ مهدم / وَيُجبِّر الإِسلام وَهوَ كَسير
وَيذكر الأَعداء بَطشة رَبِهم / لَو كانَ ثَمة يَنفَع التَذكير
وَعَلى قُلوبهم قَد اِنطَبَع الشَقا / لا الوَعظ يبلغها وَلا التَحذير
فَنضا اِبن حَيدر صارماً ما سلَّه / إلا وَسِلن مِن الدِماء بُحور
فَكَأن عزرائيل خط فرنده / وَبِهِ أَحاديث الحمام سُطور
دارَت حَماليق الكماة لخوفه / فَيدور شَخص المَوت حيث يَدور
وَاستيقَن القَوم البوار كَأَن اس / رافيل جاءَ وَفي يَديهِ الصور
فهوى عَلَيهُم مثل صاعقة السَما / فَالروس تسقط وَالنُفوس تَطير
لَم تثن عامله المسدد جَنة / كَالمَوت لَم يَحجزه يَوماً سُور
شاكي السِلاح لَدى ابن حَيدر أَعزَل / وَاللابس الدرع الدلاص حَسير
غَير أَن يَنفض لبدتيه كَأَنَّهُ / أَسد بآجام الرِماح هَصور
وَلصوته زجل الرعود تَطير بِا / لالباب دَمدمة لَهُ وَهَدير
قَد طاحَ قَلب الجَيش خَيفة بَأسهِ / وَإِنهاض مِنهُ جَناحَهُ المَكسور
بِأَبي أَبيّ الضَيم صال وَماله / إِلّا المثقف وَالحسام نَصير
وَبقلبه الهَم الَّذي لَو بَعضه / بثبير لَم يَثبت عَلَيهِ ثَبير
حزن عَلى الدين الحَنيف وَغربة / وَظما وَفقد أَحبة وَهَجير
حَتّى إِذا نَفذ القَضاء وَقَدر ال / مَحتوم فيهِ وَحَتم المَقدور
زجت لَهُ الأَقدار سَهم مَنية / فَهوى لقاً فاندك مِنهُ الطُور
وَتَعطل الفلك المدار كَأَنَّما / هُوَ قُطبه وَعَلَيهِ كانَ يَدور
وَهوَين ألوية الشَريعة نكّصا / وَتعطل التَهليل وَالتَكبير
وَالشَمس ناشرة الذَوائب ثاكل / وَالأَرض تَرجف وَالسَماء تَمور
بِأَبي القَتيل وَغَسله علق الدما / وَعَلَيهِ مِن أَرج الثَنا كافور
ظمآن يَعتلج الغليل بصدره / وَتبلُّ للخطي مِنهُ صُدور
وَتَحكَّمت بيض السُيوف بِجسمه / وَيح السُيوف فَحكمهن يَجور
وَغَدَت تَدوس الخَيل مِنهُ أَضالعا / سر النَبي بطَيِها مَستور
في فتية قَد أرخصوا لفدائه / أَرواح قُدس سومهن خَطير
ثاوين قَد زَهَت الرُبى بِدمائهم / فَكأنَّها نوارها المَمطور
رقدوا وَقَد سَقوا الثَرى فَكأنَّهم / نَدمان شُرب وَالدِماء خمور
هُم فتية خَطَبوا العُلا بِسيوفهم / وَلها النُفوس الغاليات مُهور
فَرحوا وَقَد نَعيت نُفوسَهُم لَهُم / فَكَأن لَهُم ناعي النُفوس بَشير
فَاستنشقوا النقع المثار كَأَنَّهُ / ندُّ المَجامر مِنهُ فاح عَبير
وَاستيقنوا بِالمَوت نيل مرامهم / فَالكل مِنهم ضاحك مَسرور
فَكأنَّما بيض الحُدود بواسماً / بيض الخُدود لَها ابتَسَمنَ ثُغور
وَكَأَنَّما سمر الرِماح مَوائِلا / سمر المِلاح يَزينهن سُفور
كسروا جُفون سُيوفهم وَتقحموا / بِالخَيل حَيث تَراكم الجَمهور
مِن كُل شَهم لَيسَ يَحذر قَتله / إِن لَم يَكُن بِنَجاته المَحذور
عاثوا بِآل أُمية فكأنهم / سرب البغاث يَعثن فيهِ صُقور
حَتّى إِذا شاءَ المهيمن قربهم / لِجواره وَجَرى القَضا المَسطور
رَكَضوا بِأَرجلهم إِلى شُرك الرَدى / وَسَعوا وكلٌّ سَعيه مَشكور
فَزَهَت بهم تِلكَ العراص كَأَنَّما / فيها ركدن أَهلة وَبدور
عارين طرَّزت الدِماء عَلَيهُم / حمر البُرود كَأَنَّهُن حَرير
وَثوا كُل يَشجي الغُيور حَنينها / لَو كانَ ما بَين العداة غيور
حرم لاحمد قَد هَتَكن ستورها / فهتكن مِن حرم الإِله ستور
كَم حرّة لَما أَحاط بِها العَدى / هَربت تَخف العدوَ وَهِيَ وَقور
وَالشَمس تَوقد بِالهَواجر نارَها / وَالأَرض يَغلي رَملَها وَيَفور
هَتفت غَداة الرَوع باسم كَفيلها / وَكَفيلها بِثَرى الطُفوف عَفير
كانَت بِحَيث سجافها تُبنى عَلى / نَهر المَجرة ما لَهُن عُبور
يَحمين بِالبيض البَواتر وَالقَناالس / سُمر الشَواجر وَالحماة حُضور
ما لا حظت عَين الهِلال خَيالَها / وَالشُهب تَخطف دُونَها وَتَغور
حَتّى النَسيم إِذا تَحظى نَحوَها / ألقاه في ظل الرِماح عثور
فَبَدا بِيَوم الغاضرية وَجهَها / كَالشَمس يَسترها السَنا وَالنُور
فَيَعود عنهاالوَهم وَهُوَ مقيد / وَيَرد عَنها الطَرف وَهُوَ حَسير
فَغَدت تَود لَو أَنَّها نَعيت وَلَم / يَنظر إِلَيها شامَت وَكَفور
وَسرت بِهن إِلى يَزيد نَجائب / بِالبيد تنجد تارة وَتَغور
حنت طلاح العَيس مسعدة لَها / وَبَكى الغَبيط لَها وَناحَ الكُور
نَزلت بِنا دَهياء أَدهَشَت الوَرى
نَزلت بِنا دَهياء أَدهَشَت الوَرى / وَرقت إِلى بَدر الهُدى فَتكورا
ما صالح إِلّا هلال هداية / إِن غابَ ضل أَخو الهُدى وَتَحَيرا
بَكَت المَكارم فَقده فَشجونها / مشتدة وَالدين منحل العُرى
قَلب الزَمان لَهُ المجن فخانه / وَاغتاله فاغتال مِنهُ غَضَنفَرا
يا صاحِبيّ تَنعما بِهنا الكرى / وَلي السهاد أِلا اعذلا أَو فاعذرا
أَودى أَبو الهادي فأَودى بِالحَشا / وَفؤادَها وَبِمُقلتيَّ وَبِالكَرى
لِلّه نَعش قَد سَرى بسكينة / عَنهُ اِنحطَطَن بَنات نَعش مُذ سَرى
مَشَت المَلائك خَلفه وَأَمينها / جبريل هلل مُذ رآه وَكبرا
دَفَنوه في جدث فَأَيقَن مِن رَأى / أن البُحور غَدَت تَغيض في الثَرى
يا راكِباً وَجناء انحلها السَرى / قَد راحَ يَخبط في الوهاد مشمرا
أَسرع هَديت وَدَع بصدرك حاجة / وَأعمد بعيسك قاصِداً أُم القُرى
عج لِلمَقام وَنح بِهِ مُتَعَلِقا / بِستوره إِن تَلقه مُتسترا
وَلَعَله قَد هَتِّكت أَستاره / مِما عَرى بَيت النُبوة ما عَرى
وَانع المَقامة وَالحَطيم وَزمزما / وَالبيت في أَركانه وَالمشعرا
قف حَيث معتلج البطاح فَكَم حَوَت / تِلكَ المَرابع مِن لَويٍّ قسورا
قُل فيهُم قدمات أَوطأ كَم قَرى / في الخَطب أَو قَل ماتَ ابذلكم قَرى
هدي المَسيح لَهُ بابهة بِها / أَربى عَلى كِسرى المَلاك وَقَيصَرا
كادَت تَعود الجاهلية بَعدَه / مِن فَترة في فَقده دَهَت الوَرى
لَكنما بَعث الإِلَه محمدا / بَين البَرية مُنذِرا وَمُبَشِرا
هُوَ مَصدر العلماء وَهوَ المُبتَدا / لَهُم فَكُن بِالفَضل عَنهُ مُخبِرا
مَلأ الصُدور مَهابة فَإِذا رَنى / طَرف العَدُّو لَهُ يَرد القهقرى
يَمشي لِكُل فَضيلة وَملمة / قَدما وَمشي القَوم كانَ إِلى وَرا
خشن بِذات اللَه لا خشن الرَدا / يُبدي إِلَيك خلاف ما قَد أَضمَرا
وَإِذا تَرى عرفانه وَمَقامه / شاهَدت رسطاليس وَالاسكَندرا
وَبنى عَلى ما أَسست أَسلافه / وَسِواه بدّل ما بَنوه وَغَيرا
متَمحض لِلّه في خَلواته / لَم يَغدو في لذاته مُتَسَتِرا
المُشتري جُمَل المَكارم وَالتُقى / وَإِذا تباع كَريمة أَو تُشتَرى
لا تندبنَّ سِوى مَناقب عزه / فَسوى مَناقبه حَديث مُفتَرى
لا تَسألن سِواه علماً أَو نَدىً / وَأَبيك كُل الصَيد في جَوف الفَرا
زَعم الحَسود بِأَن يُباري شَأوه / هَيهات ذا أَين الثَريا وَالثَرى
حلف السَماحة حينَ يَهبط واديا / وَأَخو الفَصاحة حينَ يرقى مِنبرا
مِن هَمه كِتمان كُل فَضيلة / فيهِ وَيَأبى اللَه حَتّى تَظهَرا
وَجَرى إِلى العَلياء جرية سابق / وَأَخوه كانَ مصليّاً لَما جَرى
إِن الحُسين نَشا لانف محمد / رَيحانة فيها الوُجود تَعطرا
لا يحسن النادي إِذا لم تلقه / كَاللَيث محتبياً بِهِ متصدرا
وَالذكر للهادي أَراه بِمنطقي / حسناً زَهى بِهما الوُجود وَأَزهَرا
نَشآ فقل يا غلة الصادي أَبردي / وَحلى محط الرحل يانوق السرى
سَقيا لتربة سيد فخرت عَلى الس / سَبع الشِداد وَحَقَها أَن تَفخَرا
قَد كانَ صالح وَالسِيادة ناقة / شاء الإِلَه بِمَوته أَن تُعقَرا
بُشرى العِراق فَفيك أَشرَق نُورَها
بُشرى العِراق فَفيك أَشرَق نُورَها / هِيَ جَنة الدُنيا وَأَنتَ وَزيرَها
دبرتها بِالرَأي وَهِيَ عَظيمة / لِسِواك لَيسَ بِممكن تَدبيرها
وَغَمزتها غَمز الكَمي قَناته / حَتّى اِستَقَمنَ كُعوبَها وَصُدورَها
سَكَّنت مِن ضَوضائِها وَلَكُم بِها / كانَت شَقاشق لا يقرّ هَديرها
وَإمام هذا العَصر إِذ وَلاكها / لا شَك أن مراده تَعميرها
فَخلى بِأَمنك جَوَها وَحلى بِيمنك / صُفوَها وَأضا بِوَجهك نُورَها
وَإِذا الثَنايا وَالثُغور طلعتها / ضَحكت ثَنيات العُلى وَثُغورَها
قَد سرَت فينا سيرة العَدل الَّتي / كانَت رِجال اللَه قَبل تَسيرها
أَمنت بِكَ الأَقطار حينَ حَكمتها / حَتّى اِصطَلحنَ بِغاثها وَصُقورَها
وَالبهم راتِعَة بِكُل خَميلة / وَالأَطلس السرحان لَيسَ يَضيرها
وَسِياسة الإِسلام أَنتَ خَبيرها / وَعَليمها وَسَميعها وَبَصيرها
قَد جئت مِن شعر النَبي بِطاقة / نَفح الخَلائق نَشرها وَعَبيرها
فَنشم نَشر المسك حينَ نَشمها / وَنَزور دار الخُلد حينَ نَزورها
هِيَ طاقَة الرَيحان شرف قَدرها / هادي الأَنام بَشيرها وَنَذيرها
إِن لَم تَصل بَلد الوَصي فَإنَّها / حِكم بِدا لِلعارفين ظُهورَها
إِن الوَصي مِن النَبي كَنَفسه / وَكَأَنَّما الشعرات مِنهُ صُدورَها
وَمَع التَأسف حينَ لَم نَحضر لَها / فَحُضور سَيدنا الوَصي حُضورَها
طوبى لِمَن حب ابن عَم محمد / فَبحبه لذنوبنا تَكفيرها
وَيَحيل قبح صَنيعنا حسناً كَما / قِطَع النحاس يَحيلها أَكسيرها
فَلنشكرنَ رِعاية الملك الَّذي / هُوَ ظل كُل المسلمين وَسُورَها
سُلطاننا الغازي الَّذي بِحسامه ال / أرض اطمَأَنت وَاستقمن أُمورَها
هَيهات أَن تخفي الطَوايح ملة / عَبد الحَميد وَليها وَنَصيرها
مازال يَحميها بِعَزمته كَما / يَحمي مخدرة الحجال غيورَها
بَحر لَهُ شَرع الإلَه مَوارد ال / عليا فَطابَ وَرودها وَصُدورَها
فَغَدا يَقل مِن الزَمان ثقاله / بيد خَفيف لِلعُلى تَشميرها
يا دَولة شأت الكَواكب رفعة / نظر الإِلَه لَها فَعز نَظيرها
بَيضاء أوّلها النَبي محمد / وَإِلى القِيامة يَستمدّ أَخيرَها
يُوصي بِها أَشياخَها لِشبابها / حفظاً وَيَعهد للصغير كَبيرها
متهلل بجمال يُوسف تاجَها / وَمُقبل قَدم النَبي سَريرها
هِيَ حبوة الملك الَّذي قَد دبر الد / دُنيا وَكانَ عَلى الهُدى تَدبيرها
لَو يَغمد الأَسياف عَنها ساعة / لا راب كُل موحد تَغييرها
قَد حلَّ قَسطنطين وَهِيَ بَعيدة / مِن دُونِها سَهل الفَلا وَوعورها
لَكن أَنعمه الجسام قَريبة / يَتعاقبان عشيها وَبكورها
كَالشَمس أَبعَد مِن يَديك مِن السَما / وَإِليك اَقرب من خَيالك نُورَها
قَد بَث جُند اللَه في أَقطارَها / فَهم لِغائبة الثُغور حضورها
فَإِذا سللن سُيوفَهُم في مَعرك / فَغمودهن مِن العصاة نُحورَها
وَإِذا شَرَعنَ رِماحهم في مَوقف / فَمقرّهن مِن البغاث صُدورَها
وَإِذا زَججن سِهامهم فَكأنها / أَطيار حَتف وَالقُلوب وكورها
آساد حَرب كَم أَثاروا عَثيرا / بِجياد خَيل لا يَخاف عُثورَها
العاديات الضابحات الموريا / ت القادِحات إِذا الكماة تغيرها
إِن وجهوها للعصاة وَدورها / نسفت بغارتها العصاة وَدَورَها
وَيدمرون الناكثين بذنبهم / إِن الذُنوب معجل تدميرها
ما قابلتهم دَولة إِلّا وَقَد / هَلكت وَكان إِلى الجَحيم مَصيرها
اللَه يَعلم كَيفَ يَبعَث مَيتها / وَبُطون ساغبة السِباع قُبورَها
حَمد المظفر دَولة نبوية / ما كانَ في الدول البعاد نَظيرها
مِن قاس فيها دَولة فَبرأيه / شرع صَحيحات العُيون وعورها
رُوح العَدو عَلى ذبابة سَيفه / مثل الذبابة كَيفَ شاء يَطيرها
وَلَكُم أَجار مِن الزَمان قَبائِلا / جارَت عَلَيها بِالسنين دُهورَها
وَلَو استجارَت فيهِ باكِية الحَيا / مِن ضَرب سَوط البَرق فَهوَ يُجيرها
وَلَجادَت السُحب الثقال بَدرَها / وَبها البَوارق لا يَشب سَعيرها
أَخويّ ما جاوَرت دارَكُما
أَخويّ ما جاوَرت دارَكُما / إِلا لجور نَوائب الدَهر
فَرقدت في أَمن كَسانحة ال / بَطحاء قَد أَمنت مِن الذُعر
وَنَصبت وَجهي نَحوَ بَيتِكُما / عِندَ الصَلاة وَواجب الذكر
وَالآن عِندي حاجة عَرضت / نَفت الرقاد وَأَقلَقَت فكري
لي في خَبايا البَيت زاوية / عادية العمرين وَالعُمر
وَكَأَن ظلمتها أَجار كَما / رَب البَرية ظُلمة القَبر
سيان إِن دَخل الضَرير بِها / أَو من يَقلب مقلة الصَقر
لا يَلقط الحُب الحمام بِها / وَالفار مَأمون مِن الهر
لَو تَسمحان بكوتين لَها / طَلعت عليَّ أَشعة الفَجر
وَغُنمتما مني الدُعا أَبَدا / وَرَبحتما بِالحَمد وَالشُكر
أَقبلت مُلتَمِساً محلّ قَرار
أَقبلت مُلتَمِساً محلّ قَرار / مَتأمِلاً للجار قَبل الدار
فَهَداني المَهدي لِخَير مَحلة / لِأماجد كانوا حماة الجار
أَبناء جَعفر عِندَ ساحة مَجدِهم / مثل النُجوم تَحف بِالأَقمار
يا طالب العلم اِغتَنم مِن علمهم / وُحز الغِنى يا طالب الدِينار
لَو كانَ جار أَبي دَواد حاضِرا / لَرَأى القُصور بِجاره عَن جاري
تَفدى العمارة بِالحويش واظفر ال / عَباس تَفدى في حَبيب الحار
كضم قائل لي لَم تركت جوارنا / وَعرفتنا خدماً مَدى الأَعمار
فَأَجبته إِن الجوار لعصمة / للمرء في الاحضار والأسفار
جار الفَتى عَبد الحسين كَأَنَّهُ / مُتعَلق بِالبَيت ذي الأَستار
كَم قَد حَباني عَنبرا هوَ عَنبر / وبخارة لَيسَت بِذات بخار
فَيمينه البَيضاء يمن لِلوَرى / وَيَساره لِلناس كَنز يَسار
فَإِذا تَكلم مجهرا في بابه / فَاللوح لَم يَحوج إِلى مسمار
وَانظم بأحمد ما استطعت مِن الثَنا / فَمديحه ضَرب مِن الأَذكار
كَم قَد حَباني قيمة لَو قوّمت / لازداد درهمها عَلى القنطار
وَالديك أثكله بخير دجاجة / قَد باتَ يَندبها عَلى الأَوكار
يا لَيتما جبر خلا مِن داره / أَو داره تَخلو من الدِيار
قد كُنت ثالثهم هناك وَلم أَكُن / لاثنين ثان اذهما في الغار
وَلَقَد كَتبت وَفكرتي مَشغولة / عَنكُم بنقل الجصّ وَالأحجار
طابوق داري وَالحجار جَميعه / في استا جابر المعمار
هَذي مَرابعهم فَيا سَعد أحبس
هَذي مَرابعهم فَيا سَعد أحبس / نَزه العُيون بِها وَرُوح الأَنفُس
عرج بِأنيقنا وَلَو تَعريسة / فَالحي خَير معرج وَمعرس
أترى الردينيات حول بُيوتهُم / هاتيك أَعطاف القدود الميس
وانظر أمامك ليس ذي بيض الظبا / لَكنها سُود العُيون النعس
وَاعرف فَما تِلكَ القسي وَنبلها / بَل تِلك دعج تَحت زج كالقسي
خلفي وفي غلس الظلام بقية / فَالوصل لَم يُدركه غير مغلس
وَاطرق أسود الحَي غَير مُراقب / فَالأسد أن تَرَ مِثلَها لَم تفرس
لِلّه كَم مِن لَيلة قَضيتها / لَهواً وَقَد هَجعت عُيون الحَرس
بِسَوافر لي عَن شُموس طلع / وَسَوانح لي عَن ظِباء كنس
وَنَديمي الرشأ الَّذي برضابه الش / شرب الحَلال ألذُ فيه وَاَحتَسي
عفت السلاف لِأَجل فيه وَربما / تَرك النَفيس لِأَجل حُبّ الأَنفُس
ساق تَشابه خَده وَسلافه / قل راحه هِيَ خَده أَو فاعكس
فكؤوسه تبدي شعاع خُدوده / وَخدوده تبدي شعاع الأكؤس
لَو تُبصر الرهبان شعلة خده / بَهتوا فَبين مسبح وَمقدس
وَإذاً لَباتوا عاكفين بحبه / وَنَسوا عكوفهم بِبَيت المَقدس
أَنا مِن دوائبه بِلَيل مظلم / وَمِن المَباسم في نَهار مُشمس
هُوَ فتنة العُشاق مَهما زارَهُم / شبت مَجامر فتنة في المَجلس
وَكَأَن شُعلة خَده بِلسانها / أَمرت قُلوب العاشقين أَلا أَقبسي
فَتهافتوا مثل الفراش وَإِنَّما / يَتهافتون عَلى ذَهاب الأَنفُس
ذو معطف نضر وَطرف أحور / وَمقبل خصر وَريق ألعس
بصحيفتي خديه لاحَت أَسطُر / مثل النُجوم تَرى وَلما تلمس
أَخشى إِذا لامَستها مِن لَحظه / فَأَعيد ذكر صحيفة المتلمس
إن يَنسَ سري أَو يذعه فسره / بِصَميم قَلبي ما أُذيع وَلا نسي
وَأَعير فيهِ عَواذلي عَيني عمٍ / وَسَماع ذي صَمم وَمَقول أَخرس
غطي عليَّ هَواه حَتّى أَنَّني / لَو دُست في جَمر الغَضا لَم أَحسس
يَنهلُّ مِنهُ الطل فَوقَ معندم / وَيَسيح مني الدَمع فَوقَ مورس
يَلقي عَلى وَجه الصَباح غَياهبا / إِن قالَ يا لَيل الذَوائب عسعس
وَاللَيل تذهب بِالتحسر نَفسه / إِن قالَ يا صُبح الجَبين تَنفس
يا مؤنسي بصبوحك اسق وَغنني / أَفديك مشن ساق مغن مؤنس
فَالشُرب لم يَصلح بِغَير تَغزل / كَالحَرب لَم تَلقح بِغَير تحمس
إن الزَمان أَتى بِوَجه باسم / مِن بعد ما وَلى بِوَجه معبس
وَلَكم أَساء وَفي زَفاف محمد / قَد جاءَ مُعتَذِراً فَقُلنا ما مسي
هذا محمد المجلي سابقاً / مَن رامَ لمح غباره فليأيس
مَن ذا يُسابق المعيا فكره / قَد فاتَ في الحلبات عن أقليدس
مَولى خَفَقن عَلَيهِ الوية العُلى / مَنشورة عذباتها لَم تنكس
لَم أَدرِ أَينَ ترفعت أَطرافها / تِلكَ الكُعوب عَلى الجَواري الكنس
رفت إِلَيهِ عَقيلة مِن أَهله / وَلَهُ قَد أَدخرت كعلق منفس
لَولاه لَم يَعثر عَلى كفو لَها / وَلو أَنَّها قَعدت بسن العنس
مِن معشر يابي الهَوان وَليدهم / شمّ أُنوفهم كِرام الأَنفُس
نَهدي التَهاني للحسين فيمنه / نعم النَعيم لَنا بِيَوم الأبؤس
العامر الدين الحنيف بفكرة / خلقت لتجديد الرُسوم الدرس
وَكَم اِستَعاذ بِهِ الهُدى فَاعاذه / مِن شر شَيطان رَجيم مبلس
كم دلَّس ابن طماعة فاحاره / عظة بِها تَأديب كل مدلس
في مَجلس فيهِ الشَريف قَد اِحتَبى / حَتّى كَأَن محمداً في المجلس
وَكَأَنَّما يُوحي إِلَيهِ فَلم يَقُل / بِالدين مثل سِواه محض تهجس
يَبدو جمال محمد بجبينه / حلو شمائله اشم المعطس
فتعده العلماء عقد جمانها / وَتعده الرؤساء تاج الأَروس
قَد أَسس الدين الحنيف وَشاده / لِلّه أَي مشيد وَمؤسس
لَم تَدر مَهما كَفه اِنبَجَسَت نَدى / هِيَ أَم شآبيب الحَيا المتبجش
بَل دُون نائله الحَيا إِذا ربما / حَبس الحَيا وَنَواله لَم يَحبس
وَالمُزن تعبس إِن همت وَتباين / ما بَين وَجه ضاحك وَمعبِّس
حاشا لتربته تنال وَهَل يَد / تَدنو إِلى الفلك الرَفيع الأَطلس
كَم مِن أَسير في هبات أكفه / فرغت جَوامعه وَكَم عار كسي
ذُو عفة وَنجابة واصابة / وَتعبد وتهجد وتقدس
وَخفيف طَبع في جشوبة مأكل / وَلطيف جسم في خشونة ملبس
فليهنأ العافون إن نواله / كَنز المقل ورأس مال المفلس
وَلَكُم محاريب الظَلام قَد اِنجَلَت / مِنهُ بقد كَالهِلال مقوس
وَتغير مِنهُ عَلى سهيل غرة / سَلبت أَشعتها ثِياب الحندس
هذا التقي الندب مِن حَسناته / فَاِنظُر لَها وَعَلَيهِ سائِرها قس
الطَيب الأَخلاق غَير مذمم / وَالطاهر الأَعراق غير مدنس
إن تحل فاكهة الغروس فإنما / طيب الفَواكه فرع طَيب المغرس
قَد عاهَد الإِحسان فَهوَ فَريضة / تَعقيبها مِنهُ اِعتِذارات المسي
ما زالَ محروس الفَنا لَكنما / أَمواله عَن آمل لم تحرس
وَعَلَيهِ أَردية الكَمال مذالة / يَختال مِنها بِالطراز الأَنفس
كَم جاهل يَلقى الوَرى متحنكاً
كَم جاهل يَلقى الوَرى متحنكاً / خدع العَوام بكثرة التَلبيس
يا مرسلاً فَضل العَمامة خدعة / أَصبَحت ذا فَضل عَلى ابليس
فَكأنه ذَنب لكلب أَبيض / أَو ذَيل نجم كاسف مَنحوس
خشَّنت ثَوبك كَي تَنعم زَوجة / لَبست بزهدك حلية الطاووس
وَقضَيت عمرك باحتياج مدلس / وَنساك مثرية مِن التَدليس
إِن كانَ كُل مقدس هوَ هَكَذا / يا رَب فاحفظنا مِن التَقديس
يا مَن لَهُ ذلت جَبابرة العِدى
يا مَن لَهُ ذلت جَبابرة العِدى / وَاطاعه داني الوَرى وَالقاصي
لَكَ بَيعة في عُنق كُل موحد / هِيَ لا تَزال وَلات حينَ مَناص
وَجَميع حَبات القُلوب كَحبة / وَفدت عَلَيك بِسورة الإِخلاص
مرنا فأمرك في العراق مطاع
مرنا فأمرك في العراق مطاع / أَنتَ الزَعيم وَكُلُنا أَتباع
قُل إِنشآء فإن نطقت توجهت / مِنا لَكَ الأَبصار وَالأَسماع
علم الوزارة فَوقَ رَأسك خافق / لَولاه تاه المُسلِمون وَضاعوا
أَعطاكها مَولى الأَنام لِأَنَّها / عبء لغيرك لَم يَكُن يَسطاع
سَيف بكفك لا تقي مِن بَأسه / جنن المَغافر لاولا الأدراع
يصل الرِقاب وَيَنثَني بحبالها / قَطعاً فسيفك واصل قطاع
فَإِذا حَللت بمعشر آراؤهم / مَعوجة عدلتهم وَأَطاعوا
حتى لو أَنك بِالفُؤاد تحله / لتعدلت مِن خَوفك الأَضلاع
ضحكت بِمقدمك الغري وَروضت / بِندى يَديك أَباطح وَتلاع
وَكَأن طفل النَبت في مَهد الربى / أرواه مِن ثَدي الغَمام رضاع
أَهلاً بغرتك الشَريفة قَد بَدَت / فَسَمى لَها بِحمى الوَصي شعاع
سلمت بِالبُشرى فَقُلنا مَرحَبا / لا كدَّر التَسليم مِنكَ وداع
وَبقاع سيدنا وصي محمد / كادَت تُجيبك لَو نَطَقن بقاع
درت الخطوب بِأَنك ابن جلاً لَها / وَلثغر كل ثَنية طلاع
بيديك مِن أَجم البحار مشطب / يمضي مضاء السَيف وَهوَ يراع
يقمعن رَأس الضد منهُ رَسائل / كَصَواعق الأَزمات وَهِيَ رقاع
إِن صبحت حيّ العَدو سُطوره / فَقَد اِنمَحى حُصن لَهُم وَقِلاع
كَم قَدت جامحة الفصاحة مِثلَما / قَيدت بِفَضل زمامها المطواع
لَكَ سرفرقان إذعت مَصونه / وَيَطيب سر العلم حين يذاع
وَتَركت آيات الكِتاب سَوافِراً / لَيسَت عَلَيها برقع وَقِناع
لَو أَن ذا الكشاف عِندك حاضر / لَغَدا لسرك عِندَهُ إِيداع
أَقسَمت باسمك وَهوَ سر نافع / يَرقى بِهِ صل الرَدى اللساع
لَو كُنت تَجلس حَيث أَنتَ لَشيدت / لَكَ في السَماء مَنازل وَرباع
وَجَلست فيها وَالنُجوم أسرة / لَكَ وَالمَجرة حَولَها انطاع
أَولست أَنتَ الجَوهر الفَرد الَّذي / مِن دُونه الأَجناس وَالأَنواع
يا أَيُّها الملك العَزيز أَلا استمع / مدحا بِهن تَشنف الأَسماع
أَنفقت سُوق الشعر بَعدَ كساده / حتى غَدا بِكَ يَشتري وَيُباع
وَالفَخر لي إِن كلت صاعك بِالثَنا / إِذ لَيسَ يَفقد لِلعَزيز صواع
ظَعن القطين مِن الغَميم وَوَدعوا
ظَعن القطين مِن الغَميم وَوَدعوا / فَسَرى الفؤاد مَع الحَمول يشيع
ديت رسم ديارهم لَو يَسمَع / يا رَسم لا رسمتك ريح زَعزع
وَسرت بِليل في عراصك خروع /
تَرك الحَشا قَلبي وملَّ الأَضلُعا / وَسَرى يَخف وَراء أَهلك مُسرِعا
يا ربع مذ تركوك قَلبي وَدَّعا / وَلم أَلف صَدري مِن فُؤادي بلقعا
إِلا وَأَنتَ مِن الأَحبة بلقع /
طفحت دموعي وَالبُحور لَها عَنت / وَلسبق مجراها السَوابق إِذ عَنت
وَمذ المَدامع بِالسِباق تَبينت / جارى السَحاب مَدامِعي بِكَ فَاِنثَنَت
جون السَحائب وَهِيَ حَسرى ضلَّع /
إِن لَم تَقف فيكَ الرَواعد رجحا / فَلَقد تَرَكت مدامعي بِكَ دلحا
يا رَسم لا اِنفك فيك مبرحا / لا يَمحك الهتن الملث فَقَد مَحا
صَبري دثورك مُذ محتك الأَربع /
اليمن فيك وَأَنتَ واد أَيمَن / يَهوى إِزديارك مَشأم أَو ميمن
بِكَ قَد قَصرن مَع الأَحبة أَزمن / ما مرّ يَومك وَهوَ سَعد أَيمن
حَتّى تَبدل وَهوَ نكد أَشنَع /
كانوا وَكُنت وَجنح لَيلك نير / بِمنارهم وَبهم جَنابك مزهر
وَلانت إِذ تُمسي وَربعك مقفر / شروى الزَمان يَضيء صبح مُسفر
فيهِ فَيشفعه ظَلام اَسفَع /
شرك الصبا قَد كانَ فيكَ يَفيدني / بلقا المَها فَأصيدها وَتصيدني
أَحظى بِهن وَلا رَقيب يودني / لِلّه دَهرك وَالضلال يَقودني
بيد الهَوى وَأَنا الحرون فاتبع /
أَيام أَسهر بِالمدام وَزينبا / وَأَبيت في بَرد الهَنا متجلبا
وَكَأَنني لَست الشُموس المصعبا / يَقتادني سكر الصَبابة وَالصبا
وَيصيح بي داعي الغَرام فاسمع /
بان الشَباب وَكانَ ظَني لَم يَبن / حَتّى كَأَن قَناة قَدي لَم تَلن
أَشكو وَأَعلم بِالشكاية لَم تَعن / دَهري تَقوض راحِلاً ما عَيب مِن
عُقباه إِلا أَنَّهُ لا يَرجع /
حارَبت فيكَ أَحبة وَأَعاديا / وَتَركتَني طاوي الحَشاشة صاديا
فَلَكم وَقَفت عَلى ثراك مُنادياً / يا أَيُّها الوادي أَجلك واديا
وَأَعز إِلا في حِماك وَاخضَع /
ما خلت أن دُروس رَسمك متلفي / وَمحمِّلي ما لم أَطق وَمكلفي
أَمشي بِأَرضك إِذ أزورك محتفي / وَأسوف تربك صاغِراً وأذل في
تلكَ الربى وَأَنا العَزيز فأخضع /
قَد كُنت وَالبيدا إِلَيك مجابة / خَبَباً وَدَعوى الوَفد فيكَ مجابة
وَعَلَيك كانَت في العُيون مَهابة / أَسفاً عَلى مَغناك إِذ هُوَ غابة
وَعَلى طَريقك وَهوَ الحب مهيع /
أَهلوك أَبهة لَهم وَحمية / وَأنوفهم عَن أَن تضام أَبية
كانوا وَارضك فيهم محمية / أَيام أَنجم قعضب درية
في غَير مطلع أَوجها لا تَطلع /
كُنت الثَرى وَعَلى ضراغم تحتوي / وَلخوف أَهليك القبائل تَنزوي
فَالزرق تَنب في الصُدور فَتلتوي / وَالسمر تُورد في الوَريد فَترتوي
وَالبيض تشرع في الوَتين فَتشرع /
لَم تَطمع العَرب الغزاة بِهم وَهَل / لِعَدوهم دُون المَنية مِن مَهل
فَالسابغات لَهم إِذا اِشتَدَ الوَهل /
وَالسابِقات اللاحِقات كَأَنَّها ال / عقبان تَردي بِالشكيم وَتمرع
فَلَكم وَكَم نَزهت طَرفي في الحِمى / وَزَهَوت في عَطفيَّ ما بَينَ الدُمى
فَعَسى يَعود زَماننا وَلعلما / ذاكَ الزَمان هُوَ الزَمان كَأَنَّما
قيظ الخطوب بِهِ رَبيع مَمرع /
زَمَن مَباسم لَهوه مَشهوره / وَبِهِ أَحاديث الهَوى مَأثوره
فَحسانه مثل المَها مَذعورة / وَكأنَّما هُوَ رَوضة مَمطورة
أَو مُزنة في عارض لا تقلع /
لِلّه بَرق لاحَ لي متأججا / تَرك الدُجى كَالصُبح حينَ تَبلجا
وَلِأَنَّني لَم أَستَطع لي مَنهَجا / قَد قُلت لِلبَرق الَّذي شَقَ الدُجى
فَكَأنَّ زنجياً هناك يَجدَّع /
يا برق خُذ نَبأ نَكابد ثقله / سَيَنوء فيكَ فلم تَطق لِتقلَّه
يا بَرق إِني بِالغري مَوله / يا بَرق أَن جئت الغري فَقُل لَهُ
أَتراك تَدري مَن بِأَرضك مودع /
فيكَ الَّذي علم المغيَّب عِندَه / وَبِفَيضه رَبّ السَماء أَمَده
تَاللَه لَم يَك فيكَ حَيدَر وَحدَه / فيكَ اِبن عمران الكليم وَبَعده
عيسى يَقفيهِ وَأَحمَد يَتبع /
بَل فيك لَو تَدري الشعاع المنعكس / مِن نُور طَلعته الأَشعة تقتبس
بك ياغريّ تبوأت روح القدس /
بَل فيكَ جبريل وَميكال واس / رافيل والملأ المقدس أجمَع
فيكَ الوُجود ثبوته وَزَواله / فيكَ الزَمان كماله وَجماله
فيك امرء ما في الوجود مثاله / بَل فيكَ نُور اللَه جلَّ جَلاله
لِذَوي البَصائر يَستشف فَيَلمَع /
فِيكَ المَهذب ساكن فيكَ الزَكي / فيكَ الَّذي هوَ نَفسه نَفس النَبي
فيكَ العلى بَل فيكَ لَو تَدري عَلي / فيكَ الإِمام المُرتَضى فيكَ الوَصي
المُجتَبى فيكَ الإِمام الأَنزَع /
القائد الصَعب الحرون إِذا طَغى / وَمبدّد الجَيش اللهام إِذا بَغى
مَن لَم يَزل درع المَلاحم مُفرِغاً / وَالضارب الهام المقنع في الوَغى
بِالخَوف للبهم الكماة يَقنَع /
للشرك كدَّر كُل ذي عَيش هَني / وَأَهار مِنهُم بِالمذرب ما بَني
حَيث الظبا لطلا الضَياغم تَنثَني / وَالسَمهرية تَستَقيم وَتَنحني
فَكأنَّها بَينَ الأَضالع أَضلع /
المخصب الربع الَّذي يَسع المَلا / أَيام لا ماء يَروق وَلا كَلا
مَأوى الأَنام بِعامهم إِن أَمحَلا / وَالمترع الحَوض المدعدع حَيث لا
حَوض يَفيض وَلا قَليب يَترع /
مَردي الكَتائب إِذ قُريش تَحزبوا / وَأَخوا الحَرايب يَوم جدّل مَرحب
وَمبيد عَمرو وَهوَ لَيث أَغضَب / وَمبدد الأَبطال حينَ تَأَلبوا
وَمفرق الأَحزاب حينَ تَجمعوا /
تَلقاه إِن صَعد المَنابر صادِعا / بِالحَق يَنطق بِالهداية بارِعا
هوَ بَحر علم لَيسَ يَصدر شارِعاً / وَالحبر يَصدع بِالمَواعظ خاشِعا
حَتّى تَكاد لَها القُلوب تَصدع /
ما زالَ عَن طيب التَلذذ مغضيا / طاوي الحَشاشة بِالتُقى متغذيا
وَعَن الزلال بِدَمعه مترويا / حَتّى إِذا استعر الوَغى متلظيا
كَرع النَجيع بِغلة لا تَنقع /
يَروي مهنده وَيَمكث صادياً / حَتّى يَبيد نَواصِباً وَأَعاديا
تَلقاه في الهَيجاء لَيثاً عاديا / متجلبباً ثَوباً مِن الدَم قانيا
يَعلوه مِن نَقع المَلاحم بُرقع /
تَهدي نَوافح رُشده العرف الشَذي / يَهدي بِهِ حافي الوَرى وَالمحتذي
وَلَهُ وَإن لَم يَرن ذو طَرف قَذي / زهد المَسيح وَهَيبة الدَهر الَّذي
أَودى بِهِ كسرى وَقَوم تبع /
هذا المكسر جَمع عباد الوَثن / هَذا الَّذي هوَ مبتدا خبر السنن
هذا هوَ السر المميز بِالعلن / هذا ضَمير العالم المَوجود عَن
عَدم وَسرّ وجوده المستودع /
هذا الَّذي أَردى الطغات لجهلها / هذا مفرقها مبدد شملها
هذا الَّذي بَسط البِلاد بِأَهلِها / هذا الأمانة لا يَقوم بحملها
خَلقاء هابِطة وَأَطلَس أَرفَع /
عرضت عَلى الأَشياء حينَ وُجودها / فَأَبَت لتحمل ما يَنوء بِجيدها
وَلعظمها خَطراً وَثقل عُهودها / تَأَبى الجِبال الشم عَن تَقليدها
وَتضج تَيهاء وَتشفق برقع /
أَما النُجوم الغُرّ فَهِيَ صِفاته / وَالغادِيات المعصرات هِباته
وَالنيرات كَسَتهما سَطعاته / هوَ ذَلِكَ النُور الَّذي لَمعاته
كانَت بِبَهجة آدم تَتَطلع /
فَأَبو البَرية فيهِ ثقف ميله / وَدَعى بِهِ نوح فَانضب سَيله
وَنَجى بهِ مُوسى الكَليم وَخَيله / وَشهاب مُوسى حينَ أَظلم لَيله
رَفعت له لِأَلاؤه تَتشعشع /
لِلّه درك أَي فَخر لَم تحز / أَم أَي مكرمة إِلَيها لَم تَجز
يا مَن لَهُ تَتَفجَر الأَرض الجرز / يا مَن لَهُ رُدَت ذكاء وَلَم يَفز
بِنَظيرها مِن قَبل ألا يُوشع /
يا مَن بِكُل عويصة هُوَ ممتحن / عَن وَجه أَحمَد طالَما كَشف المحن
يا صارِماً لَم يَنب شفرته المجن / يا هازم الأَحزاب لا يَثنيهِ عَن
خَوض الحَمام مدجج ومدرع /
عَجبت مَلائكة الجَليل لعجزِها / عَمّا فَعَلت بِخَيبر وَبحرزها
يا حامي الأَحساب حافظ عزّها / يا قالع الباب الَّتي عَن هَزها
عَجزت أَكف أَربعون وَأَربَع /
أَنتَ السَبيل إِذا تَفَرَقَت السُبل / وَلَكَ اِتَبَعت وَعَن وَلائك لَم أَحل
أَخشى إِذا قُلت الغلو فَلم أَقُل /
لَولا حُدوثك قُلت إِنكَ جاعل ال / أَرواح في الأَشباح وَالمستنزع
لَكَ في الغري عَلى ضَريحك قُبة / هِيَ للملا بَل لِلمَلائك كَعبة
أَينَ الضراح فَما لِعال رُتبة / ما العالم العَلوي إِلّا تُربة
فيها لجثتك الشَريفة مَوضع /
عَن سُور حوزتك الوَرى لَم تنفذ / وَبِغَير طاعتك القَضا لَم يَأخذ
وَالدَهر مره بِما تَشاء يَنفذ / ما الدَهر إِلا عَبدك القن الَّذي
بِنُفوذ أَمرك في البَرية مُولع /
أَنا فيّ سحبان الفَصاحة يَقتَدي / وَعلت عَلى قس ابن ساعدة يَدي
لَكنني مَع طُول صَعدة مذودي / أَنا في مَديحك الكن لا أَهتدي
وَأَنا الخَطيب الهزبري المصقع /
غادَرت سحبان الفَصاحة باقلا / وَتَركت أَرطاليس غرا جاهِلا
حَيرَتني ماذا تراني قائِلا / أَأَقول فيكَ سميدع كلّا وَلا
حاشا لمثلك أَن يقال سَميدع /
أَنتَ الصِراط المُستَقيم وَسالم / من رام نَهجك وَالمنكب نادم
فَلأَنت في الدُنيا إِمام قائم / بَل أَنتَ في يَوم القِيامة حاكم
بَينَ البَرية شافع وَمُشفع /
لَكَ عَزمة لَم تَبق عَزمة عازم / تَغنيك عَن يَزنية أَو صارم
وَلِذا لكنت وَكُنت أَبدع ناظم / وَجَهلت فيكَ وَكُنت أَحذق عالم
اغرار عَزمك أَم حسامك أَقطع /
جلت صِفاتك أَن تَنال لِواصف / يا حكم سلمان وَدَعوة آصف
مَعناك لَم يَكشف لَدي بِكاشف / وَفَقدت مَعرِفَتي فَلَست بِعارف
هَل فَضل علمك أَم جَنابك أَوسَع /
اَشني المغالي في هَواك وَاكره / وَأَخو التقشف لَست أَقبل عذره
يا مَن عَلَينا اللَه أَشكل أَمره / لي فيكَ معتقد سَأكشف سره
فَليصغ أَرباب النُهى وَليَسمعوا /
يَهدي بِهِ حرّ الأَنام وَعبدها / وَبِهِ يَرد مِن الخُصوم ألدها
كَم ذا أَرددها وَيَصعب رَدها / هِيَ نَفثة المَصدور يُطفي بَردَها
حَر الصَبابة فَاعذلوني أَو دَعوا /
لَولاه ما عُرِف الإِلَه وَلا عُبِد / وَلِواء أَحمَد في النُبوة ما عُقد
وَلأجل حَيدر عالم الدُنيا وُجد /
وَاللَه لَولا حَيدر ما كانَت الد / دنيا وَلا جَمع البَرية مجمع
رَفعت بِهِ الأَفلاك لَما أنشأت / وَالأَرض فيهِ تَمهدت وَتَوطأت
هذا الَّذي عَنهُ المَثاني أَنبأت / مِن أَجلِهِ خلق الزَمان وَضوأَت
شُهب كنسن وَجنَّ لَيل أَدرَع /
أَنا في اِعتِقادي ذُو دَليل قاطع / لَم يَدفعوه بِمقتض أَو مانع
إِن الوَصي بِرغم كُل منازع / علم الغُيوب لَديهِ غَير مدافع
وَالصُبح أَبيض مسفر لا يَدفع /
فَيَوم محشرنا إِلَيهِ مآبنا / وَنَعيمنا في أَمره وَعقابنا
وَعَلَيهِ يَعرض في السؤال جَوابنا / وَإِلَيهِ في يَوم المعاد حِسابنا
وَهوَ الملاذ لَنا غَدا وَالمفزع /
أَهوى عَليا وَاعتقدت وَلاءه / وَأحبُّ أَرباب الحجى أَبناءه
يِا من يكاشرني وَيَكتم داءه / هذا اِعتِقادي قَد كَشفت غِطاءه
سَيضر معتقداً لَهُ أَو يَنفَع /
بَينت مُعتقدي وَلَم أَكُ أَنثَني / عَنهُ وَعَن عَبد الحَميد أَنا غَني
وَرَّى فَقال مَقال غَير مُبين / وَرَأَيت دين الإعتزال وَإِنَّني
أَهوى لِحُبك كُلُ مَن يَتَشيع /
يا نَفس أَحمَد أَنتَ ذالي معقل / وَإِلَيكَ اَفزَع إِن دَهاني معضل
بِهَواك رَبع حَشاشتي مُتَأهل / يا مَن لَهُ في رُبع قَلبي مَنزل
نعم المُراد الرَحب وَالمستربع /
أَنسى هَواك أبا الحُسين وَبَهجَتي / وَولاك في يَوم الحِساب محجَتي
أَصبَحت مِنهمكاً وَذكرك لَهجَتي / أَهواك حَتّى في حَشاشة مُهجَتي
نار تَشب عَلى هَواك وَتلدَغ /
رَقد الخَلي وَمُقلَتي لَم ترقد / وَيَمر لَيلي وَهوَ لَيل مسهَّد
أَبكي وَفَقد أَحبتي لَم أَقصد / وَلَقَد بَكَيت لِفَقد آل محمد
بِالطف حَتّى كُل عُضو مدمع /
شُهب السَماء تَكدرت وَتَغورت / وَالشَمس مِنها أَظلَمت وَتَكوَرَت
حَيث الخُيول عَلى اِبن فاطِمة جَرَت / عَقرت بَنات الأَعوجية هَل دَرَت
ما يُستَباح بِها وَماذا يصنَع /
أَبكَت أُمية في الطُفوف محمداً / إِذ أَسلَمَت فيها بِنيه إِلى الرَدى
وَسرت بزين العابدين مصفدا / وَحَريم آل محمد بين العِدى
نَهبا تُقاسمه اللئام الوُضَّع /
خَدر النِساء لَهُ العَدو قَد اِختَرَق / وَلَها الطَليق اِبن الطَليق قَد استَرَق
قَد سَيرت نَحو الزَنيم عَلى حَنق / تِلكَ الظَعائن كَالإِماء مَتى يَسق
يعنف بِهن وَبِالسِياط تَقنع /
تِلكَ الرُؤوس عَلى الرِماح تَقنها / بِدمائِها نَهلت وَمِنها علها
حفت بِها تِلكَ الظَعائن وَلها / مِن فَوق أَقتاب الجَمال يَشلها
لَكع عَلى حنق وَعَبد اَكوَع /
لَم أَنسَ زين العابدين إِذا اِمتَحَن / بِسقامه وَبثقل جامعة قرن
كَلا وَلا أَنسى نساه عَلى البَدَن /
مثل السَبايا بَل أَذل يَشق مِن / هن الخِمار وَيستباح البرقع
قَد أَصبَحت خيم الإِمامة موقدا / وَبَنو النَبي عَلى ظمى وَردوا الرَدى
مِنهُم قَتيل لا يُسام لَهُ الفِدا / فَمصفد في قَيده لا يُفتدى
وَكَريمة تُسبى وَقَرط يَنزع /
لَم أَنسَ منعفر الجَبين عَلى يَد / متوسداً في جندل مُتَوقد
في شَكل مَسلوب الحَياة مجرد / متلفعاً حمر الثِياب وَفي غَد
بِالخضر مِن فَردوسه يَتلفع /
أَبدى لَهُ الدين الحَنيف شُجونه / مُذ حَز شَمر نَحره وَوتينه
لَم أَنس مِن تَحت الخُيول أَنينه / تَطأ السَنابك صَدره وَجَبينه
وَالأَرض تَرجف خيفة وَتضعضع /
لِمصَابه فلك السَماء متشاغل / عَن جَريه وَالدَمع مِنهُ هاطل
وَالبَدر مِن نُور المَهابة عاطل / وَالشَمس ناشرة الذَوائب ثاكل
وَالدَهر مَشقوق الرِداء مقنع /
هَذي أُمية حقدها مِنها شفي / في قَتل مَن هُوَ لِلوَرى اللطف الخَفي
أَسَفي وَهَل يُجدي لَدي تَأسفي / لَهفي عَلى تِلكَ الدِماء تُراق في
أَيدي أُمية عُنوة وَتضيع /
كَم لَيلة ظَلماء بِالفَرَح اِنجَلَت
كَم لَيلة ظَلماء بِالفَرَح اِنجَلَت / وَبِها مِن الآلام أَفئِدة خَلَت
بِغَريرة فيها الصَبابة قَد حلت / بَيضاء ناعِمَة الشَبيبة أَقبَلَت
تَثني بِنَشوة دلها أَعطافَها /
عَلمتك أنك قَد أَضر بِكَ الجَوى / وَقَوامها يصبيك لا بان اللَوى
فأتَتك مُنعشة المَجاسد وَالقوى / تَطأ الحَرير وَلو تَطيق أَولو الهَوى
فَرَشت لَها فَوق الحَرير شَفافَها /
يا مُسقماً ما غَير زَورتها دَوًا / يَشفيه أَو غَير الرضاب لَهُ رِوى
وَطَوى مِن الهَجر الضلوع عَلى جَوى / يَهنيك إِن العامرية عَن هَوى
أَلفت حِماك وَنافرت أُلافَها /
فَلطالما قاسَيت أَوجَع غلة / مِن ظبية تَوليك قَبل بجفلة
بُشراك فَلتسعد هَواك بِطفلة / طرقتك زائِرة بِأَسعَد لَيلة
قَد كادَ يَرفَع نُورها أَسدافَها /
زُفت إِلَيك سَلافة شَهدية / مِن ثَغرِها وَسوالفا مجلية
وَحَكت أَحاديثاً لَدَيك شَهية / وَجَلت بِأَنمل فضة ذَهَبية
خَضبت بِلَون مدامها أَطرافَها /
صَرف المدام غَدَت تَفوح بِندها / بيد الَّتي سَبت الغُصون بِقدها
وَجَناتها زَهرت بِحمرة وَردها / فَاشرب عَلى الوَرد الندي بخدها
صَهباء مُقلتها تُدير سلافها /
وَأَسهر لحانات لَديك أَسيرة / وَإِفادة فيها السلاف مديرة
لِتَنال مِن ذا الدن خَير ذَخيرة / وَتمل عَيشك ناعِماً بِغَريرة
كَالريم أَرهف خصرها أَرهافها /
أَفبَعد أَيام يَطيب بِها الهَوى / وَلَدي أَسمطة السُرور عَلى الخَوى
أَمسي وَغُصن الدَهر أَسرَع ما التَوى / وَبمسقط العلمين شائقة الهَوى
ضَرَبوا عَلى مثل المَهاة سجافها /
رَتعت بذياك الجَناب كَأَنَّها / عَيناء وَالعَينا تَحامَت عَينَها
لا فَرق ما بَين المَهاة وَبَينَها / نَشَأَت مَع الآرام إِلّا أَنَّها
لا شيحها تَرعى وَلا خَدرافها /
بَرَزَت بِقَد كَالمثقف صائب / وَبِسود أَحداق كَزرق محارب
فَاستهدفتك وَأَنتَ أَخشَن جانب / ثَعلية لَكن لَها مِن حاجب
قَوس غَدَت أَهل الهَوى أَهدافَها /
حَيت مَنازل ذي الأَراكة مزنة / يَزهو بِها عُود وَتعشب دُمنة
كَم ذا تَنالك مِن أَميمة محنة / وَبِذي الأَراكة ربعها لَك جَنة
غيد الظِباء تَفيأت ألفافَها /
وَرَدت مِن الوَادي بأعَذب مَشرَب / وَتقلبت في الربع خَير تَقلب
في مَنزل عَطر المَلاعب طَيب / ألفته فَارتبعت بِأَطيب مَلعَب
مِنهُ وَكانَ لِطيبه مصطافَها /
نَفحاته بَكرت إِلَي فَانعشت / مِنا مَفاصل بِالصَبابة أَرعَشَت
وَأَظن مِن عَيني لفرقتها عشت / أَرجَت بِرياها رَباه وَقَد مَشَت
عُطري البُرود فَضوعت أَخفافَها /
أَقرى الظِبا قَلبي فُلان هَشاشة / لِنُزولها فيهِ وَزاد بَشاشة
وَأَرى السِهام لِجانبيَّ مراشة / يا ربع شَوقي هَل تَضيف حَشاشة
نَزلت ظِباك بِربعها فَأَضافها /
يا ربع كَم أَنحوك أَصحب بدنها / حاف طَويت ربي البِلاد وَحُزنَها
وَمُذ المَطايا لِلقَفار طَويَنَها / ديست بِأَخفاف المطي لِأَنَّها
شَوقاً إِلَيك تَقدمت أَخفافَها /
لا تَطردن ضَيفاً لِأَهلك انزلوا / نزلوهم وَعَن الهَوى لَم يَعدِلَوا
يا لَيتَ أن أَهل المَنازل أَمحَلوا / حَيتك مِن نوء الثريا حفل
حَلبت عَلَيك يَد الصبا أَخلافَها /
ميزن في أَرجاك سُحب أَغدَقَت / فيها الرِياض وَكُل ناهِلَة سَقَت
لا تَكذب الراجي إِذا ما أَبرَقَت / مِن كُل صادِقَة المخيلة حلقت
مِن نَحو نَجد وَاِغتَديت مَطافَها /
زُفَت دَفيف نَعائم قَد حملت / بَرد الحَيا وَإِلى جَنابك أَرقَلَت
وَشَذاك يُرشدها فَإِن هِيَ أَثقَلَت / طارَت بِأَجنِحَة النَسيم وَأَقبَلَت
تَحدو الرُعود ثِقالَها وَخفافَها /
نَجدية ظَعَنت تُريد عراقَها / فَأَتَتَ وَحادي الشَوق نحوك ساقَها
بمقيلك المَطلوب يا مشتاقَها / قَد حللت كف البُروق نِطاقَها
فَغَدَت تريق بِعقوتيك نِطافَها /
وَغَدا الظَلام بِبَرقِها مُتَجَلِيا / وَبودقها نَبت الربى متحليا
وَطفاء يَلمَع مِن جَوانبها الضِيا / نَثَرَت عَلَيك عَشية بَرد الحَيا
نَثر اللئالئ فَارقت أَصدافَها /
ربع بِهِ اِستَنشَقَت مِسكاً هائجا / مِن نَشر صَحب سارَ في ظلما دجى
نادَيت وَالتهيام في سَلمى حجى / أَمشببا بِالغيد زِدني مازِجا
في وَصف مَجلس أنسنا أَوصافَها /
هُوَ مَجلس فيهِ عَن الصَد اِنثَنَت / سَلمى وَمِن بَعد التَباعُد لي دَنَت
وَتَكلمت لَكن لمجلسنا عَنَت / هُوَ تُحفة الدُنيا لَنا قَد حَسنت
فيهِ بريعان الهَوى أَتحافَها /
ماسَت مَعاطفها فَمسن جَوانبي / طَرَباً وَما علم الوشاة بِها وَبي
وَمُذ اِضطربنا خَوف علم مَراقب / جلت المدام لَنا فَقُلت لِصاحِبي
مَنَحتك ساقية الطَلا اسعافَها /
بَرزَت لَنا تَهفو بِسُود غَدائر / ذَهَبت بِأَفكار لَنا وَبَصائر
وَتَرنمت فَاِهتَزَ كُل مسامر / وَشَدَت وَقَد أَرخَت ثَلاث ضَفائر
بِيَد الدَلال فاطرَبَت أُلافها /
إِن واعَدَت إِني أَزورَك في غَد / أمتك زائِرَة بِأَصدَق مَوعد
أَو بَشَرَت بِسُرور كُل مُوحد / صَدقتك بِالبُشرى فَعرس محمد
عيد عَلى الدُنيا أَدار سلافها /
عُرس بِهِ البَرَكات فينا أَعرست / وَجبالها مِن بَعد زُلزال رَسَت
مَهما وُجوه الحاسدين تَعبست / ضَحكت بِها الدُنيا سُروراً وَاِكتَسَت
لِلزَهر مِن حبراتها أَفوافها /
لِلّه مِن فَرَح يَسر بِهِ الوَرى / وَالمَجد أَضحى فيهِ مُرتَفع الذَرى
إِن تَمس عَين الخَصم بائِنَة الكَرى / فَاليَوم قَرَت عَين هاشم في الثَرى
وَسَقتهُ أَنواء السُرور نِطافَها /
أَيام أُنس حازَ مِن أَلطافها / عمر العُلا ومعدّ مِن أَسلافها
وَشذا الهَنا ساقَت إِلى آنافها / وَسرت إِلى أَبناء عَبد منافها
نَفحات بشر أَطرَبَت من سافَها /
وَكَنانة أَمسَت بِعيد مُطرب / وَبَنو أَبي الحَمرا وَأَبطُن يَعرب
وَتصافَحوا طرا مِن اِبن أَو أَب / وَصلتهم البُشرى بِعُرس مهذب
أَحيت مَآثر مَجده أَسلافها /
وَبِهِ المَكارم أَصبَحَت بِتجدد / وَدَنى مِن الأَفراح كُل مبعد
وَسَعى المبشر في حَديث مسند / ينميه عَن مَهدي آل محمد
هَذا الَّذي نَعشت يَداه ضعافها /
لِلناس قَد رفع الإِلَه سَماءَها / في جَده وَالأَرض مدّ وَطاءَها
لا تَبكين مِن الهداة فَناءَها / وَرث الأَئمة علمها وَإباءَها
وَصلاحَها وَسَماحَها وَعَفافها /
ذا عالم عَدم العَوالم نَده / بِالحلم وَالعلم الإِلَه أَمده
وَمِن السَما الأَملاك أَمَت قَصده / يَتدارس الملأ المُقدس عِندَه
حُكماً بَهَرن مِن الوَرى عرّافها /
لَو جئت مَحمود النَقيبة آمِلا / لَوَجَدت أن مِن البُحور أَنامِلا
يا رَكب مَكة ذا أَلا أَقدم نازِلا / رَب القُدور الراسِيات مواثِلا
كَالبرك أَرحب مالنا أَجوافَها /
فَإِذا الجوار لِنارها أَوقدنَها / غَضت فَأَلقَت في المَواقد سمنها
هِيَ كِالحَمائم لا تبارح وَكنها / هَدارة تَحتَ الدُجى فَكأَنَها
تَدعو بِحي عَلى القرى أَضيافَها /
وَإِذا رَكائب كُل فَج بَيتت / بِحماه مُثقلة الخفاف تَشتَتَت
أَولاد آدم في نَداه تَقوتت / وَلو أن يَأجوجاً وَماجوجا أَتَت
مَغناه تَلتَمس القَرى لأضافها /
فَعَليك عَين الفَخر مِن شَغف سَهَت / وَرِياض علم اللَه فيكَ قَد اِزدَهَت
وَبِكَ المَلائك لِلاله تَوجَهَت / يا مَن مَكارم شَيبة الحَمد اِنتَهَت
إرثا إِلَيهِ وَزادَها أَضعافَها /
زَعَمت عَباشمة القَديم وَغَيرَها / إِن قَد سَمَت فيكُم وَماكس كبرَها
وَمُذ القَبائل قَد تَبدى فَخرَها / عَلمت قُريشٌ إِن قَومك خَيرَها
كَرماً وَإِن مَنَعتهم أَنصافَها /
شَهدت بِأَنَكُم الكِرام مَواطن / لِرهانكم وَالخَصم فيها وَاهن
أتناست الطلقاء حينَ تَوازَنوا / مِن اعتقوها بِالمحول وَراهَنوا
في السَبق حَتّى اِستَعبدوا أَشرافَها /
سَلها من انعش في المحول نحولها / وَنَسَت بِهِ تِلكَ السِنين محولها
إِن أَنكَرَت شَرَفاً يَقصر طُولَها / بِالراحلين بِها وَقَد أَخذوا لَها
عَهد الأَمان فَسَل بِهم ايلافَها /
قَد صَكَّ مِن قَوم الضَلال جباهها / فيكُم وَما أَغنى هنالك جاهَها
أَتذمكم مِن قلة أَفواهها / فيكُم أَعَز المُؤمنين إلهها
وَكَفى بِواحد جَمعكم آلافها /
أَعقبتمُ سقم الهِداية صحة / إِذ لَم تَزل فيها القُلوب أَشحة
وَبِكُم عَقيب الضيق نالَت فسحة / وَاليَوم إِن شكت الشَريعة قرحة
فَسِواك لَيسَ بِمدمل أَقرافَها /
عَلمتك ذا علم بِها وَعَليمها / وَترد مِنها لِلحَياة رَميمها
فَاستنجدت بِكَ كي تَعيد قَديمها / فَحَميت حوزتها وَصُنت حَريمها
وَحَفظت بيضتها وَحَطَت سجافها /
حَظيت بِكَ الأَيام آية حظوة / وَاستبدلت ظلماء في صَحوة
وَأَخذت صُحف المكرمات بِقوة / يا اِبن النَبي وَتِلكَ أَكرَم دَعوة
طَرَباً تَهز لَها العُلى أَعطافَها /
يا سَيداً رَفع الشَريعة قَدرَها / فَسَمَت بِهِ وَعَلى القَديم أقرَّها
أَدرتك حَيث اِستكشفت بِكَ ضرها / أَنتَ الَّذي اِرتَضع النبوة درها
وَلَهُ الإِمامة مَهدت أَكنافَها /
يا مسبل الكَف الَّتي مِن فَيضِها / رتع الوَرى لا مِن سَحائب قيضها
فَلطيب أَنفاس نباهي ببعضها / مِن حل دارك ظَن تربة أَرضها
كافورة قُدسية فَاستافها /
جَمَعت مَفازتها النجابة وَالنُهى / وَالعلم وَالفَضل المضاعف حُسنَها
من حل فيها جَنة قَد ظَنَها / وَنعم هِيَ الفَردوس إِلّا أَنَّها
رضوان بشراك خازن أَلطافها /
يَدعو العفاة ألا ادخَلوا في جَنَتي / وَخُذوا الَّذي أملتم مِن رَحمَتي
أَعلمتها يا مَن فِداؤك مُهجَتي / هِيَ ساحة الشَرَف المقدسة الَّتي
ولدت بِها مِنكَ العُلى أَشرافها /
حَسنوا وُجوهاً كهلهم وَصبيهم / فَأَضاء فيها كَالصَباح عَشيهم
لِلّه والدة المشكر سَعيهم / وَلدتهم علماء يَكشف هَديهم
عَن ذي القُلوب الغافِلات غلافها /
قَسَماً لَهُم كَلِمات آدم مُذ غَوى / وَطَغى السَفين بِهم لِنوح فِاِستَوى
وَهِيَ الَّتي لَمَعت عَلى وَادي طَوى / شَفوا طِباعاً لا تَميل مَع الهَوى
مِن حَيث طَهر رَبهم شفافها /
يا سارياً وَالدَهر غَيّر سمته / لغريم فَقر لا يُبارح بَيته
هَلا أَبا موسى المغيث قصدته / فَإِذا بجعفرها اِرتَفدت وَجدته
فراج كُل عَظيمة كشافها /
أَو جئت وَضاح الجَبين عشية / وَتَرى تحيط بِهِ الوُجوه بَهية
لَرَأَيت مِنهُم هالة قَمَرية / قَمر تَوسط دارة قُدسية
جَمع الكَمال عَلى النُهى أَطرافَها /
لَو طاوَلَته العارفون بِطُوله / لَأبان عَجزهم باسفل رجله
هَذا الَّذي شَهد العَدو بِفَضله / لَولا اِكتِساب الحاسِدين بِنَعله
شَرَفاً لَقالَ المَجد طَأ آنافها /
فَهباته تَدعو العفاة إِلى هُنا / فَتجوز حَتّى تَختشي كبر الفَنا
وَلِأَنه غَيث الأَرامل في الدنى / حَيث التفت وَجدت السنة الثَنا
وَالمَدح تَعلق في علاه هتافها /
فَبِرَأيهِ عقد الضَلالة حلَّها / وَبِهِ رَقاب الظالِمين أذلها
بَسطت بِهِ الدُنيا وَأحكم أَهلَها / وَسَع الوَرى حلماً وَأدّب جَهلَها
غَضَباً فَآمن خَوفَها وَأَخافَها /
فَإِذا صَرَخت وَجدته المستصرِخا / وَأَخا الإِغاثة بِالشَدايد وَالرَخا
هَذا الَّذي اِتخذ السَماح لَهُ أَخا / هوَ سَيد الكُرَماء إِن ذكر السَخا
وَأَخو المَكارم إِن غَدَت أَحلافها /
فَبحلمه خفَّت جِبال تهامة / وَبنيله لَم نخش وَقع مَلامة
وَنَداه بخل كُل رَب كَرامة / لا قلت أَنمله ضُروع غَمامة
فَمن الغَمائم ما ذممت جفافها /
وَلربما بَرق السَحاب وَاَرعَدا / وَمَضى وَلم يبلل لِناهله صَدى
فَلذاك كُل سَحابة لن أَحمَدا / وَحَمدت أَنمله لِأَن لَها النَدى
طَبع تَنيلك دائِما إسعافها /
لَكَ يا اِبن جَعفر تشخص الآماق
لَكَ يا اِبن جَعفر تشخص الآماق / وَيَردها مِن خَوفك الإطراق
أَدعو وَملء جَوانحي أَشواق / يا مَن بِغُرة وَجهِهِ الإِشراق
زَهَرت بِنُور جَمالك الآفاق /
لا بُد مَن عاداك يَقرع سنه / نَدَماً وَيُبصر كذب ما قَد ظَنه
قَسماً بِحبك وَالَّذي قَد سَنه / لَم أَخشَ مِن نار الجَحيم لِأَنَّهُ
مَن نارَ حُبك في الحَشا إِحراق /
يا مَن زَكَى أَصلاً وَطابَ نَباته / وَحَكَت هبات المعصرات هِباته
هَذا مَقامك قَد سَمَت هضباته / فاقَ الأَماكن كُلَها عتباته
فلثمنها الأَفواه وَالأَحداق /
بُشرى العِراق فَقَد زَهَت وَتَباشَرَت / أَقطارها وَلَها الأَباعد هاجرت
مُوسى بن جعفر في العراق أَما درت / فَإِذا أَقاليم البِلاد تَفاخَرَت
يا قامة الرَشأ المهفهف ميلي
يا قامة الرَشأ المهفهف ميلي / بِظماي مِنك لِموضع التَقبيل
فَلَقد زَهَوت بِأدعج وَمزجج / وَمفلج وَمضرج وأسيل
رَشاء أَطلَّ دَمي وَفي وَجَناته / وَبَنانه أَثر الدَم المَطلول
يا قاتلي بِاللَحظ أَول مَرة / أَجهز بِثانية عَلى المَقتول
مثّل فَديتك بي وَلو بك مثَّلوا / شَمس الضُحى لَم أَرض بِالتَمثيل
فَالظُلم مِنكَ عليّ غَير مذمم / وَالصَبر مني عَنكَ غَير جَميل
رَوض الجِنان بِوجنَتيك فَهَل لَنا / أَن نَجتني مِن وَردها المَطلول
وَلماك ري العاشقين فَهَل جَرى / ضَرب بَريقك أَم ضريب شمول
يَهنيك يَا غَنج اللحاظ تَلفتي / مَهما مَرَرت وَزفرتي وَعويلي
أَملي وَسوء لي مِن جَمالك لَفتة / يا خَير آمالي وَأَكرَم سولي
لام العذار بِعارضيك أَعلني / ما خِلتُ تِلكَ اللام لِلتعليل
وَبَنون حاجبك الخَفيفة مبتل / قَلبي بِهم في الغَرام ثَقيل
أَتلو صَحايف وَجنتيك وَأَنتَ في / سكر الصبا لَم تَدر بِالإِنجيل
أفهل نظمت لئالئا من أدمعي / سمطين حول رضابك المعسول
وَرأيت سحر تغزلي بك فاتنا / فجعلته في طرفك المكحول
أَشكو إِلى عَينيك من سقمي بها / شكوى عَليل في الهَوى لعليل
فعليك من ليل الصدود شباهة / لكنها في خصرك المهزول
ويلاه من بلوى الموشح إنه / لخفيف طبع مبتلٍ بثقيل
لا يُنكر الخالون فَرط صَبابَتي / فَالداء لَم يُؤلم سِوى المَعلول
لي حاجة عِندَ البَخيل بِنيله / ما أَصعب الحاجات عِندَ بَخيل
وَاحبه وَهوَ الملول وَمَن رَأى / غَيري يَهيم جَوى بِحُب ملول
أَكذا الحَبي أبثه الشكوى الَّتي / يَرثي العَدو لَها وَلا يُرثي لي
وَيصم عَني سُمعة وَأَنا الَّذي / لَم أَصغِ فيهِ إِلى مَلام عَذولي
مِن مُنصفي مِن ناشيء لي عِنده / دين يِسوّفه بليّ مطول
إِني اِختَبرت بَني الوَرى فَرأيتهم / إِن الوَفاء بِهم أَقل قَليل
وَأَرى بِأَجيال الزَمان تَنازلا / وَأَشد مِنها في التَنازل جيلي
لا عولت نَفسي عَليهم إِنَّني / بَعد الآله عَلى الرضا تَعويلي
مَولى يَلوذ الخائفون بِظله / وَالآملون تَفوز بِالمأمول
خلق الآلِه يَمينه مَبسوطة / لِلبَطش وَالتَنويل وَالتَقبيل
يا مَن حمى دين النَبي بِفكرة / تَمضي مضاء الصارم المَصقول
ما زلت تَنطق بِالصَواب كَأَنَّما / يُوحي إِلَيك لِسان جبرائيل
شابهت أَهليك الكرام بِمجدهم / وَالشبل أَشبَه في أسود الغيل
شَيدت مَجدَهُم وَفُزت بِعزهم / ضُعفاً وَهُم كانوا أَعز قَبيل
بُشرى الغري فَإِنَّها بِكَ أَصبَحَت / وَجَنابَها في المَحل غَير محيل
فكأنَّها مصر وَأَنتَ خَصيبها / وَيَداك تُعرب عَن مَجاري النيل
لِلّه بَيتك فَهوَ كَعبة أَنعم / تَسعى العفاة لَهُ بِكُل سَبيل
وَيَمين إِسماعيل ثلثها الوَرى / فَكَأَنَها هِيَ حَجر إِسماعيل
السَيد الراقي إِلى الرتب الَّتي / يَنحط عَنها طائر التَخييل
نُور الإِمامة في أسرة وَجهه / يَزهو كَنور ذباله القنديل
صَدر الشَريعة في محافلها الَّتي / عَقدت لِكسب العلم وَالتحصيل
ذُو فطنة لَو عشرها بَين الوَرى / أَغنَتهم عَن خلق عَشر عُقول
رد الفُروع إِلى الأُصول وَإِنَّهُ / فرع سمى شَرفاً بِخَير أُصول
مِن دَوحة الشَرف المقدسة الَّتي / تَسقى بِصوب الوَحي وَالتَنزيل
وَلَقد أَحبته العلى وأحبها / كَبثينة فيما مَضى وَجَميل
وَالدين لاذ بظل سُلطان الوَرى / فَغَدا بِظل مِن حِماه ظَليل
بَلغ الضراح بِعزمة قجرية / تَرك العَزيز بِها أَذل ذَليل
فَأكفه سر الحَيا وَلسيفه / يَوم الكَريهة سرّ عزرائيل
يَهتز دست الملك شَوقاً لاسمه / وَإِلَيهِ يَبسم جَوهَر الإِكليل
نَضى ثياب الحُزن عَن متسربل / بِالفضل أَولى الناس بِالتَفضيل
وَكَساه مِن تُحف الجِنان بِخلعة / بَيضاء قَد نسجت بِغَير مَثيل
كَبد الكَليم تَطلعت مِن جَيبه / وَيَشك فيها آل إِسرائيل
تاج الرياسة عَنكُم لا يَنقل
تاج الرياسة عَنكُم لا يَنقل / نصل يُسل لَكُم وَيغمد منصل
مُتناوبين عَلى الإِمارة بَينَكُم / هَذا يُقيم بِها وَذَلِكَ يَرحَل
لَم يَجذب الثاني بِطرف زَمامها / حَتّى يَسلمها إِلَيهِ الأَول
كَشَوارع الأعلام يَصعد واحد / وَالفَتح يَصحبه وآخر يَنزل
لَم يَخل مِن أَنواركم أُفق العُلى / شَمس تَشع لَكُم وَبَدر يَأفل
وَسَريركم راسي القَوائم ثابت / ما دامَ رَضوى بِالوُجود وَيذبل
تَتَحدَث الدُنيا بِفَضل مَن اِغتَدى / مِنكُم ووارثه أَجل وَأَفضَل
إِن يَمضِ عَصر مُحمَد فَأَميركُم / عَبد العَزيز لَهُ الزَمان المُقبل
مَلك حَباه اللَه رُتبة عَمه / وَبِوَجهه سَعد العُلى يَتَهلل
لَبس العُلى فَحلى عَلى أَعطافه / ثَوب لَه قَبل الشَباب مفصل
بَرد يَقول اللَه فيهِ مُبارك / لَم تبل جدته وَلا يَتبدل
ما ضرّ نَجداً وَالسَرير بِحاله / وَأَميرَها ذاكَ الأَمير الأَول
رَحل الأَمير مُحمَد لِجِنانه / وَمَكانه الملك المعم المخول
عَبد العَزيز وَما لِنجد مثله / لِلناس يَحكم بِالكِتاب وَيَعدل
سَيف تقلده هُوَ السَيف الَّذي / وَافاه مِن آبائه يَتنقل
يُوصي بِهِ الماضي لِنيته إِلى / مِن بَعدِهِ فَيَقوم فيهِ وَيَفضل
وَلَقد أَرادَ اللَه جلَّ بِأَنَّها / عَن آل عَبد اللَه لا تَتحول
فَاليَوم قامَ بِعبئها الملك الَّذي / سَهل العَسير بِهِ وَخف المثقل
همم لَهُ مِن عَمه مَوروثة / يَنهضن فيهِ وَكُل صَعب يَسهل
مَأمون آل رَشيد مَنصور اللوى / مَهديها وَأَمينها المتوكل
إِن يُعط فَهوَ سَحاب جود مُمطر / أَويَسطو فَهوَ هَزبر غاب مشبل
متكفل نَجدا وَمَن سَكَنوا بِها / وَاللَه فَوقَهُم هوَ المتكفل
نَجد وَدُون حدودها بيض الظبا / وَبَنات أَعوج وَالرِماح الذبَّل
مِن مَد مِن أَقصى البِلاد لَها يَدا / طارَت أَنامله وَحزَّ المفصل
وَبِها ذَوات الزند إِن هِيَ أَرعدَت / فَلرعدها شمّ الجبال تَزلزل
أَو أَمطَرَت مَطرت وَبَالا للعدى / فكأنه برَدُ السَماء المُنزل
وَلَها عَقارب لا يَعيش لَديغها / مِن خلف أَميال تَنوش فَتقتل
لا تَبغ نَجدا يا عَدو فإن في / مَلساء صخرتها تَزل الأَرجل
إِن أَمحَل اللَه البِلاد فَحايل / مِن حُسن سيرة أَهلِها لا تمحل
أَعَزيز هَذا المصر لِلقدر اصطبر / فَالصَبر أَيمَن في الخطوب وَأجمل
ما ماتَ عم قُمت أَنتَ مَكانه / وَعَلَيك قَبل اليَوم كانَ يُعوِّل
إِن المَنية لِلبرية غاية / وَاللَه يَحكم ما يَشاء وَيَفعل
مَن كانَ وَالده كمتعب لَم يَضق / ذرعاً وَهاجس قَلبه لا يُشغل
قَد كُنت قدما للعلا مترشحا / وَإِلَيك مِن زَمَن تُشير الأَنمل
وَالملك مِن فَضل الإِله ممهدا / لَك شمَّر جُند وَأَنت الموئل
وَبَنو عُبيد هُم عشيرتك الَّتي / فيها تَصول إِذا أَثير القَسطل
هذا حمود وَإِنَّهُ السَيف الَّذي / يرضيك إِن تُنضيه وَهُوَ الفَيصل
تَتَبرك الأُمراء في آرائه / إِن المُجرب رَأيه لا يخطل
شَيخ العشيرة لا يسد مسده / أَحد وَفي آرائه لا يَعجل
الخَيل كثر وَالجِياد قَليلة / ما كُل مَرسون أَعزّ محجل
قَد أَيقظته يَد التجارب فَهوَ لا / يَدع العُيون بِنومها تَتَمهل
كَالأَطلس السرحان إِن تَغفل لَهُ / عَين فأخري عِندَهُ لا تَغفل
يُبدي النَصيحة لِلأَمير بِجهده / لَم يخف مَشورة وَلا يَتعلل
ما كانَ للامراء مِن تَقديمه / قَد كانَ مِنكَ كَما يراد وَأَجمل
أَو لَم يَكُن لحمود إِلا ماجد / لَكفاه مكرمة بِها يَتوصل
وَإِذا دَعَوت بِسالم وَسَألته / حَوباه مِنهُ فَإِنَّهُ لا يَبخَل
هُم أَهل بَيت لَيسَ يجحَد فَضلهم / بَدأوا قَديماً بِالجَميل وَأَكمَلوا
فَلترعهم نَفسي فِداك فَإِنَّهُم / أَوفى وَأَشفى لِلغليل وَأَوصل
خُذها مِن الحلي أَطيب حلة / مِنها يَلوح لَكَ الطِراز الأَول
لي يا أَمير عليك حَق مَودة / تَدني البَعيد وَإِن تنائى المَنزل
مالي سِوى الحُب القَديم وَسيلة / وَالحُب أَحسن ما بِهِ يَتوَسل
فَعَلَيكُم مِني التَحية وَالدعا / ما دامَ ذكركم الجَميل يُرتل
لَكَ بِالفَصاحة مقول
لَكَ بِالفَصاحة مقول / أَمضى مِن السَّيف الصَّقيل
وَبكفك القلم الحَقي / ر يَجيء بِالمَعنى الجَليل
أَهديت لي الكلم الَّذي / مِنهُ تَحير ذووا العُقول
فيها أَجبت نَشائِداً / لي مثل نيران الخَليل
فَالحَمد لِلّه الَّذي / يُعطي الكَثير مِن القَليل
قِف بِالمَنازل سائِلاً ما بالها
قِف بِالمَنازل سائِلاً ما بالها / ذَهبت بشاشتها وَغيّر حالَها
عَهدي بِها أَندى المَنازل مَرتَعا / فَعَلى مَ قوِّض ضَحوة نزالها
أَعلي إِن خلت الديار غَضاضة / أن تَرتَوي بِمدامِعي أَطلالها
سرت الظَعائن بِالحِسان وَليتها / وَقَفت لِشَكوى العاشقين جِمالُها
يا عَين دمنة جيرَتي وَلهانة / مِن يَوم شَدت لِلرَحيل رحالها
فَعَليك أَن تَذري فَضاها لجة / لِيَروق ما حلها وَيورق ضالها
غضي فَمالك في المفاوز مَسرح / مِن بَعد ما بَعدت عَريب وَآلها
وَلتكثري نَظَراً بِآفاق العُلى / فَلَقَد تَغيَّب في التُراب هلالها
وَلتسعدي يا عَين ملة أَحمَد / فلقَد تَوارى حُسنَها وَجَمالها
صرخ النَعي فَما تَرى مِن بُقعة / إلا اِضطَرَبن سُهولَها وَجبالها
نادى بِأَكناف الغري بِأَنَّهُ / قَد ماتَ حامل ثقلها وَثمالها
فَكَأَنَّما شَفَتاه كن كَنانة / رَميت فَلم تَخط القلُوب نبالها
أَو قَد قَضى شَيخ الشَريعة جَعفر / قوّال كُل فَضيلة فعّالها
لِمَن المشالة وَالرِقاب تقلها / عظمت مَهابتها وَعز جَلالَها
مَستورة بِجَلالها ما أَن بَدَت / إلا وَطالَ مِن الوَرى أَعوالها
قُدسية يَدمي المَحاجر حلها / وَيُذيب حاشية الصفا ترحالها
لادَ الوَرى بِيَمينها وَشمالها / نعم المَلاذ يَمينها وَشمالها
زفت زَفيف نعامة وَوَراءَها / صَرخت حذار الطائِحات رثالها
أَرفق بِنَفسك ما سؤالك نافع / بَل رُبما غَط النُفوس سؤالها
ذا جَعفر المفضال في أَعواده / وَيح الأَنام إِذا قَضى مفضالها
هَذا الَّذي فيهِ الشَريعة أَيدت / وَبِهِ اِستَبان حرامُها وَحَلالُها
أَو ما رَأَيت الشُهب كَيفَ تَهافَتَت / وَالأَرض أَفزَع أَهلَها زلزالها
فَكَأَنَّما الخَضرا تَزلزل قُطبَها / وَكَأَنَّما الغَبرا نَسَفنَ جِبالَها
ذا صاحب الكَف الَّتي ديم الحَيا / تَمتار مِنها وَالأَنام عِيالها
وَيح الأَرامل وَالعفاة فَقَد مَشَت / طوع الحَمام نساؤُها وَرِجالها
كانَت وَكانَ وِبالها في راحة / حَتّى اِستَقَل فَعادَ وَهوَ وَبالها
تَأتي وُفود العلم باب جلاله / فَيَطول فيهِ جَوابها وَسؤالها
يَتشاجرون بِكُل مُشكلة فان / أَعيَت يَرد لرأيهِ أشكالها
عَجَباً لِأَشطان الرَدى وَوَثاقها / حَيث اِستَقادَ لحكمه رئبالها
لَولا التَقي اِبن التَقي محمد / عَين الشَريعة ما رَقى تهمالها
المزدهي بِجَديد أَثواب العُلى / وَعَلى سِواه مَعارة اسمالها
يَلقى العفاة بغرة غَرا إِذا / غر السَحائب ما اِنغَمَرن سجالها
بِيَديهِ أَرزاق الوَرى فَكأنه / ميكالها وَيَمينه مكيالَها
آباؤه العرب الجحا جحة الأولى / وَسمت لِأَول مَورد آبالها
حمت الشَريعة في ظباً هندية / تَسقى بِمنهل النَجيع صقالَها
تَخفي النَعائم في خَوافي خَيلِها / وَالحتف يَطلع إِن طَلَعنَ رعالها
لَم يكنزوا إلا الفَخار وَمثله / وَذوو المَطامع كنزها أَموالها
زَهر الزَمان بحسنهم فكأنما / هوَ جَنة وَكَأنَّما هُم خالها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025