المجموع : 73
عُثمانُ إِنَّكَ قَد أَتَيتَ مُوَفَّقاً
عُثمانُ إِنَّكَ قَد أَتَيتَ مُوَفَّقاً / شَروى سَمِيِّكَ جامِعِ التَنزيلِ
جَمَّعتَ أَشتاتَ القَريضِ وَزِدتَهُ / حُسناً بِهَذا الشَرحِ وَالتَذييلِ
وَجَلَوتَ مِرآةَ العَروضِ صَقيلَةً / لِلنيلِ فَاِستَوجَبتَ شُكرَ النيلِ
شَيخانِ قَد خَبَرا الوُجودَ وَأَدرَكا
شَيخانِ قَد خَبَرا الوُجودَ وَأَدرَكا / ما فيهِ مِن عِلَلٍ وَمِن أَسبابِ
وَاِستَبطَنا الأَشياءَ حَتّى طالَعا / وَجهَ الحَقيقَةِ مِن وَراءِ حِجابِ
خَمسونَ عاماً في الجِهادِ كِلاهُما / شاكي اليَراعَةِ طاهِرُ الجِلبابِ
لا تَعجَبوا اِن خَضَّبا قَلَمَيهِما / وَبَياضُ شَيبِهِما بِغَيرِ خِضابِ
فَلِكُلِّ حُسنٍ حِليَةٌ يُزهى بِها / وَأَرى اليَراعَةَ حِليَةَ الكُتّابِ
إِنّي نَظَرتُ إِلى اليَراعَةِ في يَدي / فَحَسِبتُها في القَدرِ عودَ ثِقابِ
وَنَظَرتُها تَنقَضُّ مِن كَفَّيهِما / فَوقَ الطُروسِ فَخِلتُها كَشِهابِ
يُزهى مُدَجَّجُنا بِرُمحٍ واحِدٍ / وَأَراهُما لا يُزهَيانِ بِغابِ
مُتَواضِعانِ وَلا أَرى مُتَكَبِّراً / غَيرَ الجَهولِ مُدَنَّساً بِالعابِ
يَتَجاذَبُ القُطرانِ مِن فَضلَيهِما / ذَيلَ الفَخارِ وَلَيسَ ذا بِعُجابِ
فَهُما هُنا عَلَمانِ مِن أَعلامِنا / وَهُما هُنالِكَ نُخبَةُ الأَنجابِ
جازا مَدى السَبعينَ لَم يَتَوانَيا / عَن وَصلِ حَمدٍ وَاِجتِنابِ سِبابِ
نَسَباهُما قَلَماهُما فَليَسحَبا / ذَيلاً عَلى الأَحسابِ وَالأَنسابِ
قَلَمانِ مَشروعانِ في شِقَّيهِما / وَحيٌ يُفيضُ عَلى أُولي الأَلبابِ
مُتَسانِدانِ إِذا الخُطوبُ تَأَلَّبَت / مُتَعانِقانِ تَعانُقَ الأَحبابِ
نَفَحاتُ آذارٍ إِذا لَم يُظلَما / فَإِذا هُما ظُلِما فَلَفحَةُ آبِ
ما سَوَّدا بَيضاءَ إِلّا بَيَّضا / بِالكاتِبَينِ صَحيفَةَ الإِعجابِ
لِلمَقصِدِ الأَسمى لَدى حَرَمِ النُهى / رَفَعا قِباباً حوجِزَت بِقِبابِ
خَطّا بِمُقتَطَفِ العُلومِ بَدائِعاً / وَرَوائِعاً بَقِيَت عَلى الأَحقابِ
جاءا لَنا مِن كُلِّ عِلمٍ نافِعٍ / أَو كُلِّ فَنٍّ مُمتِعٍ بِلُبابِ
في كُلِّ لَفظٍ حِكمَةٌ مَجلُوَّةٌ / وَبِكُلِّ سَطرٍ مَهبِطٌ لِصَوابِ
فَاللَفظُ فيهِ مُقَوَّمٌ بِصَحيفَةٍ / وَالسَطرُ فيهِ مُقَوَّمٌ بِكِتابِ
داني القُطوفِ كَريمَةٌ أَفياؤُهُ / عَذبُ الوُرودِ مُفَتَّحُ الأَبوابِ
ذُلُلٌ مَسالِكُهُ فَأَنّى جِئتَهُ / أَلفَيتَ نَفسَكَ في فَسيحِ رِحابِ
تَتَسابَقُ الأَقلامُ فيهِ وَلا تَرى / مِن عاثِرٍ فيها وَلا مِن نابي
كَم مِن يَراعَةِ كاتِبٍ جالَت بِهِ / وَلُعابُها في الطِرسِ حُلوُ رُضابِ
كَم مِن سُؤالٍ فيهِ كانَ جَوابُهُ / اِلهامَ نابِغَةٍ وَفَصلَ خِطابِ
كَم فيهِ مِن نَهرٍ جَرى بِطَريقَةٍ / تَرِدُ النُهى مِنهُ أَلَذَّ شَرابِ
وَقَفَت سُقاةُ الفَضلِ في جَنَباتِهِ / تُروي النُفوسَ بِمُترَعِ الأَكوابِ
ماذا أَعُدُّ وَهَذِهِ آياتُهُ / في العَدِّ تُعجِزُ أَمهَرَ الحُسّابِ
قَد نُسِّقَت وَتَآلَفَت فَكَأَنَّها / في الحُسنِ مِثلَ تَآلُفِ الأَحزابِ
وَتَرى تَهافُتَنا عَلَيهِ وَحِرصَنا / فَتَخالُ فيهِ مَقاعِدَ النُوّابِ
يا ثَروَةَ القُرّاءِ مِن عِلمٍ وَمِن / فَضلٍ وَمِن حِكَمٍ وَمِن آدابِ
الشَرقُ أَثبَتَ يَومَ عيدِكَ أَنَّهُ / مازالَ في رِيٍّ وَخِصبِ جَنابِ
عادَت سَماءُ الفَضلِ فيهِ فَأَطلَعَت / زُهراً مِنَ الأَعلامِ وَالأَقطابِ
العِلمُ شَرقِيٌّ تَغافَلَ أَهلُهُ / عَنهُ فَعاقَبَهُم بِطولِ غِيابِ
وَتَنَبَّهوا لِمُصابِهِم فَتَضَرَّعوا / فَعَفا وَعاوَدَهُم بِغَيرِ عِتابِ
فَتَذَوَّقوا طَعمَ الحَياةِ وَأَدرَكوا / ما في الجَهالَةِ مِن أَذىً وَتَبابِ
العِلمُ في البَأساءِ مُزنَةُ رَحمَةٍ / وَالجَهلُ في النَعماءِ سَوطُ عَذابِ
وَلَعَلَّ وِردَ العِلمِ مالَم يَرعَهُ / ساقٍ مِنَ الأَخلاقِ وِردُ سَرابِ
إِنّي قَرَأتُكَ في الكُهولَةِ وَالصِبا / وَمَلَأتُ مِن ثَمَرِ العُقولِ وِطابي
وَأَتَيتُ أَقضي بَعضَ ما أَولَيتَني / وَأَقولُ فيكَ الحَقَّ غَيرَ مُحابي
لَو كُنتُ في عَهدِ الفُتُوَّةِ لَم أَزَل / لَوَهبتُ لِلشَيخَينِ بُردَ شَبابي
لَكِنَّني أَبلَيتُهُ وَطَوَيتُهُ / وَتَخِذتُ مِن نَسجِ المَشيبِ ثِيابي
وَأَرى رِكابي حينَ شابَت لِمَّتي / يَحتَثُّها سَفَرٌ بِغَيرِ إِيابِ
يَعقوبُ إِنَّكَ قَد كَبِرتَ وَلَم تَزَل / في العِلمِ لا تَزدادُ غَيرَ تَصابي
لاحَت بِرَأسِكَ هِزَّةٌ وَلَعَلَّها / مِن وَقعِ فِكرِكَ لا مِنَ الأَعصابِ
فِكرٌ سَريعٌ كَرُّهُ مُتَدَفِّعٌ / كَتَدَفُّعِ الأَمواجِ فَوقَ عُبابِ
لا يَستَقِرُّ وَلا يُحَدِّثُ نَفسَهُ / أَن يَنثَني عَن جَيئَةٍ وَذَهابِ
أَو أَنَّها طَرَبٌ بِنَفسِكَ كُلَّما / وُفِّقتَ في بَحثٍ وَكَشفِ نِقابِ
أَو أَنَّها اِستِنكارُ ما شاهَدتَهُ / في الناسِ مِن لَهوٍ وَسوءِ مَآبِ
لَم يُلهِكَ الإِثراءُ عَن طَلَبِ العُلا / بِالجِدِّ لا بِتَصَيُّدِ الأَلقابِ
لَكَ في سَبيلِ العِلمِ أَجرُ مُجاهِدٍ / وَالصَبرُ أَجرُ مُلازِمِ المِحرابِ
وَإِلَيكَ مِن جُهدِ المُقِلِّ قَصيدَةً / يُغنيكَ موجَزُها عَنِ الإِسهابِ
لَولا السَقامُ وَما أُكابِدُ مِن أَسىً / لَلَحِقتُ في هَذا المَجالِ صِحابي
يا ساكِنَ البَيتِ الزُجا
يا ساكِنَ البَيتِ الزُجا / جِ هَبِلتَ لا تَرمِ الحُصونا
أَرَأَيتَ قَبلَكَ عارِياً / يَبغي نِزالَ الدارِعينا
لا تَعجَبوا فَمَليكُكُم لَعِبَت بِهِ
لا تَعجَبوا فَمَليكُكُم لَعِبَت بِهِ / أَيدي البِطانَةِ وَهوَ في تَضليلِ
إِنّي أَراهُ كَأَنَّهُ في رُقعَةِ ال / شِطرَنجِ أَو في قاعَةِ التَمثيلِ
عَطَّلتَ فَنَّ الكَهرَباءِ فَلَم نَجِد
عَطَّلتَ فَنَّ الكَهرَباءِ فَلَم نَجِد / شَيئاً يَعوقُ مَسيرَها إِلّاكا
تَسري عَلى وَجهِ البَسيطَةِ لَحظَةً / فَتَجوبُها وَتَحارُ في أَحشاكا
يا صارِماً أَنِفَ الثَواءَ بِغِمدِهِ
يا صارِماً أَنِفَ الثَواءَ بِغِمدِهِ / وَأَبى القَرارَ أَلا تَزالُ صَقيلا
فَالبيضُ تَصدَأُ في الجُفونِ إِذا ثَوَت / وَالماءُ يَأسُنُ إِن أَقامَ طَويلا
أَهلاً بِمَولايَ الرَئيسِ وَلَيسَ مِن / شَرَفِ الرِئاسَةِ أَن أَراكَ وَكيلا
فَاِطرَح مَعاذيرَ السُكوتِ وَقُل لَنا / هَلّا وَجَدتَ إِلى الكَلامِ سَبيلا
وَاِضرِب عَلى الوَتَرِ الَّذي اِهتَزَّت لَهُ / أَعطافُنا زَمَناً وَغَنِّ النيلا
وَاِردُد عَلى مُلكِ القَريضِ جَمالَهُ / تَصنَع بِصاحِبِكَ القَديمِ جَميلا
مازالَ يَرجو أَن يُقالَ عِثارُهُ / حَتّى أَقالَ اللَهُ إِسماعيلا
مُلِكَت عَلَيَّ مَذاهِبي
مُلِكَت عَلَيَّ مَذاهِبي / وَعَصانِيَ الطَبعُ السَليمُ
وَجَفا يُراعي الصاحِبا / نِ فَلا النَثيرُ وَلا النَظيمُ
أَشقى وَأَكتُمُ شِقوَتي / وَاللَهُ بي وَبِها عَليمُ
حَلِمَ الأَديمُ وَما الَّذي / أَرجو وَقَد حَلِمَ الأَديمُ
لا مِصرُ تُنصِفُني وَلا / أَنا عَن مَوَدَّتِها أَريمُ
وَإِذا تَحَوَّلَ بائِسٌ / عَن رَبعِها فَأَنا المُقيمُ
فيها صَحِبتُكَ وَاِصطَفَي / تُكَ أَيُّها الخِلُّ الحَميمُ
أَنا مَن عَرَفتَ وَمَن خَبَر / تَ وَمَن مَوَدَّتُهُ تَدومُ
لِلَّهِ ذَيّاكَ الجِوا / رُ وَذَلِكَ العَيشُ الرَخيمُ
بِالجانِبِ الغَربِيِّ فَو / قَ النيلِ وَالدُنيا نَعيمُ
أَيّامَ يَعرِفُنا السُرو / رُ بِها وَتُنكِرُنا الهُمومُ
أَيّامَ نَلهو بِالظِبا / ءِ وَفي مَسارِحِها نَهيمُ
لا أَنتَ تُصغي لِلعَذو / لِ وَلا أُبالي مَن يَلومُ
لِلَّهِ أَندِيَةٌ لَنا / قَد زانَها الخُلُقُ الكَريمُ
لَم يَغشَها وَغدٌ وَلَم / يَنزِل بِساحَتِها لَئيمُ
تَمشي الخَلاعَةُ في نَوا / حيها تُراقِبُها الحُلومُ
لَهوٌ كَما شاءَ الصِبا / وَحِجاً كَما شاءَ الحَكيمُ
وَمُدامَةٌ يَسعى بِها / مُتَأَدِّبٌ وَيَطوفُ ريمُ
يَجري عَلى كاساتِها / أُنسٌ يَخِفُّ لَهُ الحَليمُ
لا تَشتَكي مِنّا وَلا / يَشكو عَواقِبَها النَديمُ
وَالنيلُ مِرآةٌ تَنَف / فَسَ في صَحيفَتِها النَسيمُ
سَلَبَ السَماءَ نُجومَها / فَهَوَت بِلُجَّتِهِ تَعومُ
نُشِرَت عَلَيهِ غِلالَةٌ / بَيضاءُ حاكَتها الغُيومُ
شَفَّت لِأَعيُنِنا سِوى / ما شابَهُ مِنها الأَديمُ
وَكَأَنَّنا فَوقَ السَما / ءِ وَتَحتَنا ذاكَ السَديمُ
تَجري الحَوادِثُ حَيثُ تَج / ري لا نُضامُ وَلا نَضيمُ
لا الصُبحُ يُزعِجُنا بِأَن / باءِ الزَمانِ وَلا الصَريمُ
يا لَيتَ شِعري كَيفَ أَن / تَ وَكَيفَ حالُكَ يا زَعيمُ
أَمّا أَنا فَكَما أَنا / أَبلى كَما يَبلى الرَديمُ
لا خِلَّ بَعدَكَ مُؤنِسٌ / نَفسي وَلا قَلبٌ رَحيمُ
كادَ الزَمانُ لَنا وَلا / عَجَبٌ إِذا كادَ الغَريمُ
أَمسى اِحتَواكَ الزَمهَري / رُ وَظَلَّ يَصهَرُني الجَحيمُ
فَشَرابُكَ الماءُ الشُنا / نُ وَشُربِىَ الماءُ الحَميمُ
وَمُناكَ لَو طَلَعَت ذُكا / ءُ عَلَيكَ في يَومٍ يَصومُ
وَمُنايَ لَو مُحِقَت ذُكا / ءُ وَغالَها لَيلٌ بَهيمُ
فَبَلِيَّتي الحَرُّ الأَلي / مُ وَخَطبُكَ القُرُّ الأَليمُ
فَكَأَنَّني فِرعَونُ مِص / رَ وَأَنتَ شَيطانٌ رَجيمُ
فَاِبعَث إِلَيَّ بِنَفحَةٍ / بَرَداً بِها يَحدو الهَزيمُ
أَبعَث إِلَيكَ بِلَفحَةٍ / حَرّى بِها تَجري السَمومُ
أَمّا تَحِيَّتُنا إِلَي / كَ فَسَوفَ يَشرَحُها الرَقيمُ
وافى كِتابُكَ يَزدَري
وافى كِتابُكَ يَزدَري / بِالدُرِّ أَو بِالجَوهَرِ
فَقَرَأتُ فيهِ رِسالَةً / مُزِجَت بِذَوبِ السُكَّرِ
أَجرَيتَ في أَثنائِها / نَهرَ اِنسِجامِ الكَوثَرِ
وَفَرَطتَ بَينَ سُطورِها / مَنظومَ تاجِ القَيصَرِ
وَخَبَأتَ في أَلفاظِها / مِن كُلِّ مَعنىً مُسكِرِ
فَتَرى المَعاني الفارِسِي / يَةَ في مَغاني الأَسطُرِ
كَالغانِياتِ تَقَنَّعَت / خَوفَ المُريبِ المُجتَري
مَعنىً أَلَذُّ مِنَ الشَما / تَةِ بِالعَدُوِّ المُدبِرِ
أَو مِن عِتابٍ بَينَ مَح / بوبٍ وَحِبٍّ مُعذِرِ
أَو فَترَةٍ أَضاعَها ال / قامِرُ عِندَ المَيسِرِ
أَو مَجلِسٍ لِلخَمرِ مَع / قودٍ بِيَومٍ مُمطِرِ
تِسعونَ بَيتاً شِدتَها / فَوقَ سِنانِ السَمهَري
وَالسَمهَرِيُّ قَلَمٌ / في كَفِّ لَيثٍ قَسوَرِ
أَفَتى القَوافي كَيفَ أَن / تَ فَقَد أَطَلتَ تَحَسُّري
أَتُرى أَراكَ أَمِ اللِقا / ءُ يَكونُ يَومَ المَحشَرِ
ما كانَ ظَنّي أَن تَعي / شَ أَيا لَئيمَ المَكسِرِ
وَلَقَد قُذِفتَ إِلى الجَحي / مِ وَبِئسَ عُقبى المُنكَرِ
تَاللَهِ لَو أَصبَحتَ أَف / لاطونَ تِلكَ الأَعصُرِ
وَغَدا أَبُقراطَ بِبا / بِكَ كَالعَديمِ المُعسِرِ
وَبَرَعتَ جالينوسَ أَو / لُقمانَ بَينَ الحُضَّرِ
ما كُنتَ إِلّا تافِهَ ال / آدابِ عِندَ المَعشَرِ
غُفرانَكَ اللَهُمَّ إِن / ني مِن ظُلامَتِهِ بَري
سَوَّيتَهُ كَالكَركَدَن / نِ وَجاءَنا كَالأَخدَري
وَجهٌ وَلا وَجهُ الخُطو / بِ وَقامَةٌ لَم تُشبَرِ
وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ مِث / لَ لِسانِهِ لَم يُبتَرِ
كَم باتَ يَلتَحِمُ العُرو / ضَ وَجاءَ بِالأَمرِ الفَري
فَاِفعَل بِهِ اللَهُمَّ كَال / نَمروذِ فَهوَ بِها حَري
وَاِنزِل عَلَيهِ السُخطَ إِن / أَمسى وَلَم يَستَغفِرِ
فَهوَ الَّذي اِبتَدَعَ الرِبا / وَأَقامَ رُكنَ الفُجَّرِ
وَأَقامَ دينَ عِبادَةِ ال / دينارِ بَينَ الأَظهُرِ
وَلَقَد عَجِبتُ لِبُخلِهِ / وَلِكَفِّهِ المُستَحجِرِ
لا يَصرِفُ السُحتوتَ إِل / لا وَهوَ غَيرُ مُخَيَّرِ
لَو أَنَّ في إِمكانِهِ / عَيشاً بِغَيرِ تَضَوُّرِ
لَاِختارَ سَدَّ الفَتحَتَي / نِ وَقالَ يا جَيبُ اِحذَرِ
يا شاعِرَ الشَرقِ اِتَّئِد
يا شاعِرَ الشَرقِ اِتَّئِد / ماذا تُحاوِلُ بَعدَ ذاك
هَذي النُجومُ نَظَمتَها / دُرَرَ القَريضِ وَما كَفاك
وَالبَدرُ قَد عَلَّمتَهُ / أَدَبَ المُثولِ إِذا رَآك
وَسَمَوتَ في أُفُقِ السُعو / دِ فَكِدتَ تَعثُرُ بِالسِماك
وَحَباكَ عَبّاسُ المَحا / مِدَ بِالمَواهِبِ وَاِصطَفاك
وَدَعَتكَ مِصرُ رَسولَها / لِلغَربِ مُذ عَرَفَت عُلاك
فَاِرحَل وَعُد بِوَديعَةِ ال / رَحمَنِ أَنتَ وَصاحِباك
وَجَدوا السَبيلَ إِلى التَقاطُعِ بَينَنا
وَجَدوا السَبيلَ إِلى التَقاطُعِ بَينَنا / وَالسَمعُ يَملِكُهُ الكَذوبُ الحاذِقُ
لا تَجعَلي الواشينَ رُسلَكِ في الهَوى / فَلَأَصدَقُ الرُسُلِ الجَمادُ الناطِقُ
يا جاكُ إِنَّكَ في زَمانِكَ واحِدٌ
يا جاكُ إِنَّكَ في زَمانِكَ واحِدٌ / وَلِكُلِّ عَصرٍ واحِدٌ لا يُلحَقُ
إِنَّ الأُلى قَد عاصَروكَ وَفاتَهُم / أَن يَسمَعوكَ كَأَنَّهُم لَم يُخلَقوا
قَد جاءَ موسى بِالعَصا وَأَتَيتَنا / بِالعودِ يَشدو في يَدَيكَ وَيَنطِقُ
فَإِذا اِرتَجَلتَ لَنا الغِناءَ فَكُلُّنا / مُهَجٌ تَسيلُ وَأَنفُسٌ تَتَحَرَّقُ
فَمُطالِبٌ بِإِعادَةٍ وَمَطالِبٌ / بِزِيادَةٍ وَمُهَلِّلٌ وَمُصَفِّقُ
تَتَسابَقُ الأَسماعُ صَوبَكَ كُلَّما / غَنَّيتَها شَوقاً إِلَيكَ وَتُعنِقُ
وَتَوَدُّ أَفئِدَةٌ هَتَكتَ شَغافَها / لَو أَنَّها بِذُيولِها تَتَعَلَّقُ
خُلُقٌ كَما شاءَ الجَليسُ وَشيمَةٌ / يَذكو بِها صَدرُ النَدِيِّ وَيَعبَقُ
وَمُروءَةٌ لَو أَنَّها قَد قُسِّمَت / بَينَ اليَهودِ لَأَحسَنوا وَتَصَدَّقوا
يا مَن خَلَقتَ الدَمعَ لُط
يا مَن خَلَقتَ الدَمعَ لُط / فاً مِنكَ بِالباكي الحَزين
بارِك لِعَبدِكَ في الدُمو / عِ فَإِنَّها نِعمَ المُعين
هَذا الظَلامُ أَثارَ كامِنَ دائي
هَذا الظَلامُ أَثارَ كامِنَ دائي / يا ساقِيَيَّ عَلَيَّ بِالصَهباءِ
بِالكاسِ أَو بِالطاسِ أَو بِاِثنَيهِما / أَو بِالدِنانِ فَإِنَّ فيهِ شِفائي
مَشمولَةٌ لَولا التُقى لَعَجِبتُ مِن / تَحريمِها وَالذَنبُ لِلقُدَماءِ
قَرِبوا الصَلاةَ وَهُم سُكارى بَعدَما / نَزَلَ الكِتابُ بِحِكمَةٍ وَجَلاءِ
يا زَوجَةَ اِبنِ المُزنِ يا أُختَ الهَنا / يا ضَرَّةَ الأَحزانِ في الأَحشاءِ
يا طِبَّ جالينوسَ في أَنواعِهِ / ما لي أَراكِ كَثيرَةِ الأَعداءِ
عَصَروكِ مِن خَدَّي سُهَيلٍ خُلسَةً / ثُمَّ اِختَبَأتِ بِمُهجَةِ الظَلماءِ
فَلَبِثتِ فيها قَبلَ نوحٍ حِقبَةً / وَتَداوَلَتكِ أَنامِلُ الآناءِ
حَتّى أَتاحَ اللَهُ أَن تَتَجَمَّلي / بِيَدِ الكَريمِ وَراحَةِ الأُدَباءِ
يا صاحِبي كَيفَ النُزوعُ عَنِ الطِلا / وَلَقَد بُليتُ مِنَ الهُمومِ بِداءِ
وَاللَيلُ أَرشَدَهُ أَبوهُ لِشِقوَتي / وَكَذا البَنونُ عَلى هَوى الآباءِ
أَلَّفتُ بَينَ اِبنِ السَحابِ وَبَينَها / فَرَأَيتُ صِحَّةَ ما حَكاهُ الطائي
صَعُبَت وَراضَ المَزجُ سَيِّئَ خُلقِها / فَتَعَلَّمَت مِن حُسنِ خُلقِ الماءِ
مَرَّت كَعُمرِ الوَردِ بَينا أَجتَلي
مَرَّت كَعُمرِ الوَردِ بَينا أَجتَلي / اِصباحَها إِذ آذَنَت بِرَواحِ
لَم أَقضِ مِن حَقِّ المُدامِ وَلَم أَقُم / في الشارِبينَ بِواجِبِ الأَقداحِ
وَالزَهرُ يَحتَثُّ الكُؤوسَ بِلَحظِهِ / وَيَشوبُها بِأَريجِهِ الفَيّاحِ
أَخشى عَواقِبَها وَأَغبِطُ شَربَها / وَأُجيدُ مِدحَتَها مَعَ المُدّاحِ
وَأَميلُ مِن طَرَبٍ إِذا مالَت بِهِم / فَاِعجَب لِنَشوانِ الجَوانِحِ صاحي
أَستَغفِرُ اللَهَ العَظيمَ فَإِنَّني / أَفسَدتُ في ذاكَ النَهارِ صَلاحي
ما لي أَرى بَحرَ السِيا
ما لي أَرى بَحرَ السِيا / سَةِ لا يَني جَزراً وَمَدّا
وَأَرى الصَحائِفَ أَيبَسَت / ما بَينَنا أَخذاً وَرَدّا
هَذا يَرى رَأيَ العَمي / دِ وَذا يَعُدُّ عَلَيهِ عَدّا
وَأَرى الوِزارَةَ تَجتَني / مِن مُرِّ هَذا العَيشِ شُهدا
نامَت بِمِصرَ وَأَيقَظَت / لِحَوادِثِ الأَيّامِ سَعدا
فَطَرَحتُها وَسَأَلتُ عَن / هُ فَقيلَ لي لَم يَألُ جُهدا
يا سَعدُ أَنتَ مَسيحُها / فَاِجعَل لِهَذا المَوتِ حَدّا
يا سَعدُ إِنَّ بِمِصرَ أَي / تاماً تُؤَمِّلُ فيكَ سَعدا
قَد قامَ بَينَهُمُ وَبَي / نَ العِلمِ ضيقُ الحالِ سَدّا
ما زِلتُ أَرجو أَن أَرا / كَ أَباً وَأَن أَلقاكَ جَدّا
حَتّى غَدَوتَ أَباً لَهُ / أَضحَت عِيالُ القُطرِ وُلدا
فَاِردُد لَنا عَهدَ الإِما / مِ وَكُن بِنا الرَجُلَ المُفَدّى
أَنا لا أَلومُ المُستَشا / رَ إِذا تَعَلَّلَ أَو تَصَدّى
فَسَبيلُهُ أَن يَستَبِد / دَ وَشَأنُنا أَن نَستَعِدّا
هِيَ سُنَّةُ المُحتَلِّ في / كُلِّ العُصورِ وَما تَعَدّى
شَبَحاً أَرى أَم ذاكَ طَيفُ خَيالِ
شَبَحاً أَرى أَم ذاكَ طَيفُ خَيالِ / لا بَل فَتاةٌ بِالعَراءِ حِيالي
أَمسَت بِمَدرَجَةِ الخُطوبِ فَما لَها / راعٍ هُناكَ وَما لَها مِن والي
حَسرى تَكادُ تُعيدُ فَحمَةَ لَيلِها / ناراً بِأَنّاتٍ ذَكَينَ طِوالِ
ما خَطبُها عَجَباً وَما خَطبي بِها / ما لي أُشاطِرُها الوَجيعَةَ ما لي
دانَيتُها وَلِصَوتِها في مَسمَعي / وَقعُ النِبالِ عَطَفنَ إِثرَ نِبالِ
وَسَأَلتُها مَن أَنتِ وَهيَ كَأَنَّها / رَسمٌ عَلى طَلَلٍ مِنَ الأَطلالِ
فَتَمَلمَلَت جَزَعاً وَقالَت حامِلٌ / لَم تَدرِ طَعمَ الغَمضِ مُنذُ لَيالي
قَد ماتَ والِدُها وَماتَت أُمُّها / وَمَضى الحِمامُ بِعَمِّها وَالخالِ
وَإِلى هُنا حَبَسَ الحَياءُ لِسانَها / وَجَرى البُكاءُ بِدَمعِها الهَطّالِ
فَعَلِمتُ ما تُخفي الفَتاةُ وَإِنَّما / يَحنو عَلى أَمثالِها أَمثالي
وَوَقَفتُ أَنظُرُها كَأَنّي عابِدٌ / في هَيكَلٍ يَرنو إِلى تِمثالِ
وَرَأَيتُ آياتِ الجَمالِ تَكَفَّلَت / بِزَوالِهِنَّ فَوادِحُ الأَثقالِ
لا شَيءَ أَفعَلُ في النُفوسِ كَقامَةٍ / هَيفاءَ رَوَّعَها الأَسى بِهُزالِ
أَو غادَةٍ كانَت تُريكَ إِذا بَدَت / شَمسَ النَهارِ فَأَصبَحَت كَالآلِ
قُلتُ اِنهَضي قالَت أَيَنهَضُ مَيِّتٌ / مِن قَبرِهِ وَيَسيرُ شَنٌّ بالي
فَحَمَلتُ هَيكَلَ عَظمِها وَكَأَنَّني / حُمِّلتُ حينَ حَمَلتُ عودَ خِلالِ
وَطَفِقتُ أَنتَهِبُ الخُطا مُتَيَمِّماً / بِاللَيلِ دارَ رِعايَةِ الأَطفالِ
أَمشي وَأَحمِلُ بائِسَينِ فَطارِقٌ / بابَ الحَياةِ وَمُؤذِنٌ بِزَوالِ
أَبكيهِما وَكَأَنَّما أَنا ثالِثٌ / لَهُما مِنَ الإِشفاقِ وَالإِعوالِ
وَطَرَقتُ بابَ الدارِ لا مُتَهَيِّباً / أَحَداً وَلا مُتَرَقِّباً لِسُؤالِ
طَرقَ المُسافِرِ آبَ مِن أَسفارِهِ / أَو طَرقَ رَبِّ الدارِ غَيرَ مُبالي
وَإِذا بِأَصواتٍ تَصيحُ أَلا اِفتَحوا / دَقّاتُ مَرضى مُدلِجينَ عِجالِ
وَإِذا بِأَيدٍ طاهِراتٍ عُوِّدَت / صُنعَ الجَميلِ تَطَوَّعَت في الحالِ
جاءَت تُسابِقُ في المَبَرَّةِ بَعضُها / بَعضاً لِوَجهِ اللَهِ لا لِلمالِ
فَتَناوَلَت بِالرِفقِ ما أَنا حامِلٌ / كَالأُمِّ تَكلَأُ طِفلَها وَتُوالي
وَإِذا الطَبيبُ مُشَمِّرٌ وَإِذا بِها / فَوقَ الوَسائِدِ في مَكانٍ عالي
جاءوا بِأَنواعِ الدَواءِ وَطَوَّفوا / بِسَريرِ ضَيفَتِهِم كَبَعضِ الآلِ
وَجَثا الطَبيبُ يَجُسُّ نَبضاً خافِتاً / وَيَرودُ مَكمَنَ دائِها القَتّالِ
لَم يَدرِ حينَ دَنا لِيَبلُوَ قَلبَها / دَقّاتِ قَلبٍ أَم دَبيبَ نِمالِ
وَدَّعتُها وَتَرَكتُها في أَهلِها / وَخَرَجتُ مُنشَرِحاً رَضِيَّ البالِ
وَعَجَزتُ عَن شُكرِ الَّذينَ تَجَرَّدوا / لِلباقِياتِ وَصالِحِ الأَعمالِ
لَم يُخجِلوها بِالسُؤالِ عَنِ اِسمِها / تِلكَ المُروءَةُ وَالشُعورُ العالي
خَيرُ الصَنائِعِ في الأَنامِ صَنيعَةٌ / تَنبو بِحامِلِها عَنِ الإِذلالِ
وَإِذا النَوالُ أَتى وَلَم يُهرَق لَهُ / ماءُ الوُجوهِ فَذاكَ خَيرُ نَوالِ
مَن جادَ مِن بَعدِ السُؤالِ فَإِنَّهُ / وَهوَ الجَوادُ يُعَدُّ في البُخّالِ
لِلَّهِ دَرُّهُمُ فَكَم مِن بائِسٍ / جَمِّ الوَجيعَةِ سَيِّئِ الأَحوالِ
تَرمي بِهِ الدُنيا فَمِن جوعٍ إِلى / عُريٍ إِلى سُقمٍ إِلى إِقلالِ
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ واجِفٌ / نَفسٌ مُرَوَّعَةٌ وَجَيبٌ خالي
لَم يَدرِ ناظِرُهُ أَعُرياناً يَرى / أَم كاسِياً في تِلكُمُ الأَسمالِ
فَكَأَنَّ ناحِلَ جِسمِهِ في ثَوبِهِ / خَلفَ الخُروقِ يُطِلُّ مِن غِربالِ
يا بَردُ فَاِحمِل قَد ظَفِرتَ بِأَعزَلٍ / يا حَرُّ تِلكَ فَريسَةِ المُغتالِ
يا عَينُ سُحّي يا قُلوبُ تَفَطَّري / يا نَفسُ رِقّي يا مُروءَةُ والي
لَولاهُمُ لَقَضى عَلَيهِ شَقاؤُهُ / وَخَلا المَجالُ لِخاطِفِ الآجالِ
لَولاهُمُ كانَ الرَدى وَقفاً عَلى / نَفسِ الفَقيرِ ثَقيلَةَ الأَحمالِ
لِلَّهِ دَرُّ الساهِرينَ عَلى الأُلى / سَهِروا مِنَ الأَوجاعِ وَالأَوجالِ
القائِمينَ بِخَيرِ ما جاءَت بِهِ / مَدَنِيَّةُ الأَديانِ وَالأَجيالِ
أَهلِ اليَتيمِ وَكَهفِهِ وَحُماتِهِ / وَرَبيعِ أَهلِ البُؤسِ وَالإِمحالِ
لا تُهمِلوا في الصالِحاتِ فَإِنَّكُم / لا تَجهَلونَ عَواقِبَ الإِهمالِ
إِنّي أَرى فُقَراءَكُم في حاجَةٍ / لَو تَعلَمونَ لِقائِلٍ فَعّالِ
فَتَسابَقوا الخَيراتِ فَهيَ أَمامَكُم / مَيدانُ سَبقٍ لِلجَوادِ النالِ
وَالمُحسِنونَ لَهُم عَلى إِحسانِهِم / يَومَ الإِثابَةِ عَشرَةُ الأَمثالِ
وَجَزاءُ رَبِّ المُحسِنينَ يَجِلُّ عَن / عَدٍّ وَعَن وَزنٍ وَعَن مِكيالِ
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي / في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً / يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ
لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً / يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي
كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ / بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ
إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً / طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى / بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
ما البابِلِيَّةُ في صَفاءِ مِزاجِها / وَالشَربُ بَينَ تَنافُسٍ وَسِباقِ
وَالشَمسُ تَبدو في الكُئوسِ وَتَختَفي / وَالبَدرُ يُشرِقُ مِن جَبينِ الساقي
بِأَلَذَّ مِن خُلُقٍ كَريمٍ طاهِرٍ / قَد مازَجَتهُ سَلامَةُ الأَذواقِ
فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً / فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ
فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا / عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ
وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً / بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ
وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ / تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ
لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ / ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ
كَم عالِمٍ مَدَّ العُلومَ حَبائِلاً / لِوَقيعَةٍ وَقَطيعَةٍ وَفِراقِ
وَفَقيهِ قَومٍ ظَلَّ يَرصُدُ فِقهَهُ / لِمَكيدَةٍ أَو مُستَحَلِّ طَلاقِ
يَمشي وَقَد نُصِبَت عَلَيهِ عِمامَةٌ / كَالبُرجِ لَكِن فَوقَ تَلِّ نِفاقِ
يَدعونَهُ عِندَ الشِقاقِ وَما دَرَوا / أَنَّ الَّذي يَدعونَ خِدنُ شِقاقِ
وَطَبيبِ قَومٍ قَد أَحَلَّ لِطِبِّهِ / ما لا تُحِلُّ شَريعَةُ الخَلّاقِ
قَتَلَ الأَجِنَّةَ في البُطونِ وَتارَةً / جَمَعَ الدَوانِقَ مِن دَمٍ مُهراقِ
أَغلى وَأَثمَنُ مِن تَجارِبِ عِلمِهِ / يَومَ الفَخارِ تَجارِبُ الحَلّاقِ
وَمُهَندِسٍ لِلنيلِ باتَ بِكَفِّهِ / مِفتاحُ رِزقِ العامِلِ المِطراقِ
تَندى وَتَيبَسُ لِلخَلائِقِ كَفُّهُ / بِالماءِ طَوعَ الأَصفَرِ البَرّاقِ
لا شَيءَ يَلوي مِن هَواهُ فَحَدُّهُ / في السَلبِ حَدُّ الخائِنِ السَرّاقِ
وَأَديبِ قَومٍ تَستَحِقُّ يَمينُهُ / قَطعَ الأَنامِلِ أَو لَظى الإِحراقِ
يَلهو وَيَلعَبُ بِالعُقولِ بَيانُهُ / فَكَأَنَّهُ في السِحرِ رُقيَةُ راقي
في كَفِّهِ قَلَمٌ يَمُجُّ لُعابُهُ / سُمّاً وَيَنفِثُهُ عَلى الأَوراقِ
يَرِدُ الحَقائِقَ وَهيَ بيضٌ نُصَّعٌ / قُدسِيَّةٌ عُلوِيَّةُ الإِشراقِ
فَيَرُدُّها سوداً عَلى جَنَباتِها / مِن ظُلمَةَ التَمويهِ أَلفُ نِطاقِ
عَرِيَت عَنِ الحَقِّ المُطَهَّرِ نَفسُهُ / فَحَياتُهُ ثِقلٌ عَلى الأَعناقِ
لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَومَهُ / بِبَيانِهِ وَيَراعِهِ السَبّاقِ
مَن لي بِتَربِيَةِ النِساءِ فَإِنَّها / في الشَرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها / أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا / بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى / شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
أَنا لا أَقولُ دَعوا النِساءَ سَوافِراً / بَينَ الرِجالِ يَجُلنَ في الأَسواقِ
يَدرُجنَ حَيثُ أَرَدنَ لا مِن وازِعٍ / يَحذَرنَ رِقبَتَهُ وَلا مِن واقي
يَفعَلنَ أَفعالَ الرِجالِ لِواهِياً / عَن واجِباتِ نَواعِسِ الأَحداقِ
في دورِهِنَّ شُؤونُهُنَّ كَثيرَةٌ / كَشُؤونِ رَبِّ السَيفِ وَالمِزراقِ
كَلّا وَلا أَدعوكُمُ أَن تُسرِفوا / في الحَجبِ وَالتَضييقِ وَالإِرهاقِ
لَيسَت نِساؤُكُمُ حُلىً وَجَواهِراً / خَوفَ الضَياعِ تُصانُ في الأَحقاقِ
لَيسَت نِساؤُكُمُ أَثاثاً يُقتَنى / في الدورِ بَينَ مَخادِعٍ وَطِباقِ
تَتَشَكَّلُ الأَزمانُ في أَدوارِها / دُوَلاً وَهُنَّ عَلى الجُمودِ بَواقي
فَتَوَسَّطوا في الحالَتَينِ وَأَنصِفوا / فَالشَرُّ في التَقييدِ وَالإِطلاقِ
رَبّوا البَناتِ عَلى الفَضيلَةِ إِنَّها / في المَوقِفَينِ لَهُنَّ خَيرُ وَثاقِ
وَعَلَيكُمُ أَن تَستَبينَ بَناتُكُم / نورَ الهُدى وَعَلى الحَياءِ الباقي
كَم تَحتَ أَذيالِ الظَلامِ مُتَيَّمُ
كَم تَحتَ أَذيالِ الظَلامِ مُتَيَّمُ / دامي الفُؤادِ وَلَيلُهُ لا يَعلَمُ
ما أَنتَ في دُنياكَ أَوَّلُ عاشِقٍ / راميهِ لا يَحنو وَلا يَتَرَحَّمُ
أَهرَمتَني يا لَيلُ في شَرخِ الصِبا / كَم فيكَ ساعاتٍ تُشيبُ وَتُهرِمُ
لا أَنتَ تَقصُرُ لي وَلا أَنا مُقصِرٌ / أَتعَبتَني وَتَعِبتَ هَل مَن يَحكُمُ
لِلَّهِ مَوقِفُنا وَقَد ناجَيتُها / بِعَظيمِ ما يُخفى الفُؤادُ وَيَكتُمُ
قالَت مَنِ الشاكي تُسائِلُ سِربَها / عَنّي وَمَن هَذا الَّذي يَتَظَلَّمُ
فَأَجَبنَها وَعَجِبنَ كَيفَ تَجاهَلَت / هُوَ ذَلِكَ المُتَوَجِّعُ المُتَأَلِّمُ
أَنا مَن عَرَفتِ وَمَن جَهِلتِ وَمَن لَهُ / لَولا عُيونُكِ حُجَّةٌ لا تُفحَمُ
أَسلَمتُ نَفسي لِلهَوى وَأَظُنُّها / مِمّا يُجَشِّمُها الهَوى لا تَسلَمُ
وَأَتَيتُ يَحدو بي الرَجاءُ وَمَن أَتى / مُتَحَرِّماً بِفِنائِكُم لا يُحرَمُ
أَشكو لِذاتِ الخالِ ما صَنَعَت بِنا / تِلكَ العُيونُ وَما جَناهُ المِعصَمُ
لا السَهمُ يَرفُقُ بِالجَريحِ وَلا الهَوى / يُبقي عَلَيهِ وَلا الصَبابَةُ تَرحَمُ
لَو تَنظُرينَ إِلَيهِ في جَوفِ الدُجى / مُتَمَلمِلاً مِن هَولِ ما يَتَجَشَّمُ
يَمشي إِلى كَنَفِ الفِراشِ مُحاذِراً / وَجِلاً يُؤَخِّرُ رِجلَهُ وَيُقَدِّمُ
يَرمي الفِراشَ بِناظِرَيهِ وَيَنثَني / جَزِعاً وَيُقدِمُ بَعدَ ذاكَ وَيُحجِمُ
فَكَأَنَّهُ وَاليَأسُ يُنشِفُ نَفسَهُ / لِلقَتلِ فَوقَ فِراشِهِ يَتَقَدَّمُ
رُشِقَت بِهِ في كُلِّ جَنبٍ مُديَةٌ / وَاِنسابَ فيهِ بِكُلِّ رُكنٍ أَرقَمُ
فَكَأَنَّهُ في هَولِهِ وَسَعيرِهِ / وادٍ قَدِ اِطَّلَعَت عَلَيهِ جَهَنَّمُ
هَذا وَحَقِّكَ بَعضُ ما كابَدتُهُ / مِن ناظِرَيكَ وَما كَتَمتُكَ أَعظَمُ
قالوا أَهَذا أَنتَ وَيحَكَ فَاِتَّئِد / حَتّامَ تُنجِدُ في الغَرامِ وَتُتهِمُ
كَم نَفثَةٍ لَكَ تَستَثيرُ بِها الهَوى / هاروتُ في أَثنائِها يَتَكَلَّمُ
إِنّا سَمِعنا عَنكَ ما قَد رابَنا / وَأَطالَ فيكَ وَفي هَواكَ اللُوَّمُ
فَاِذهَب بِسِحرِكَ قَد عَرَفتُكَ وَاِقتَصِد / فيما تُزَيِّنُ لِلحِسانِ وَتوهِمُ
أَصغَت إِلى قَولِ الوُشاةِ فَأَسرَفَت / في هَجرِها وَجَنَت عَلَيَّ وَأَجرَموا
حَتّى إِذا يَئِسَ الطَبيبُ وَجاءَها / أَنّي تَلِفتُ تَنَدَّمَت وَتَنَدَّموا
وَأَتَت تَعودُ مَريضَها لا بَل أَتَت / مِنّي تُشَيِّعُ راحِلاً لَو تَعلَمُ
أَقسَمتُ بِالعَبّاسِ إِنّي صادِقٌ / فَمُريهِمُ بِجَلالِهِ أَن يُقسِموا
مَلِكٌ عَدَوتُ عَلى الزَمانِ بِحَولِهِ / وَغَدَوتُ في آلائِهِ أَتَنَعَّمُ
النَجمُ مِن حُرّاسِهِ وَالدَهرُ مِن / خُدّامِهِ وَهوَ العَزيزُ المُنعِمُ
هَلَّلتُ حينَ رَأَيتُ رَكبَكَ سالِماً / وَرَأَيتُ عَبّاساً بِهِ يَتَبَسَّمُ
وَحَمِدتُ رَبّي حينَ حَلَّ عَرينَهُ / مُتَجَدِّدَ العَزَماتِ ذاكَ الضَيغَمُ
خَفَقَت قُلوبُ المُسلِمينَ وَأَشفَقَت / دارُ الخِلافَةِ وَالمَليكُ الأَعظَمُ
وَدَعا لَكَ البَيتُ الحَرامُ فَأَمَّنَت / بَطحاءُ مَكَّةَ وَالحَطيمُ وَزَمزَمُ
وَدَوى بِمِصرَ لَكَ الدُعاءُ فَنيلُها / وَسُهولُها وَفَصيحُها وَالأَعجَمُ
وَمَشى الصَغيرُ إِلى الكَبيرِ مُسائِلاً / يَتَسَقَّطُ الأَخبارَ أَو يَتَنَسَّمُ
حَتّى اِطمَأَنَّت بِالشِفاءِ نُفوسُهُم / وَطَلَعتَ بِالسَعدِ العَميمِ عَلَيهِمُ
مَولايَ أُمَّتُكَ الوَديعَةُ أَصبَحَت / وَعُرا المَوَدَّةِ بَينَها تَتَفَصَّمُ
نادى بِها القِبطِيُّ مِلءَ لَهاتِهِ / أَن لا سَلامَ وَضاقَ فيها المُسلِمُ
وَهمٌ أَغارَ عَلى النُهى وَأَضَلَّها / فَجَرى الغَبِيُّ وَأَقصَرَ المُتَعَلِّمُ
فَهِموا مِنَ الأَديانِ ما لا يَرتَضي / دينٌ وَلا يَرضى بِهِ مَن يَفهَمُ
ماذا دَها قِبطِيَّ مِصرَ فَصَدَّهُ / عَن وُدِّ مُسلِمِها وَماذا يَنقِمُ
وَعَلامَ يَخشى المُسلِمينَ وَكَيدَهُم / وَالمُسلِمونَ عَنِ المَكايِدِ نُوَّمُ
قَد ضَمَّنا أَلَمُ الحَياةِ وَكُلُّنا / يَشكو فَنَحنُ عَلى السَواءِ وَأَنتُمُ
إِنّي ضَمينُ المُسلِمينَ جَميعُهُم / أَن يُخلِصوا لَكُم إِذا أَخلَصتُمُ
رَبِّ الأَريكَةِ إِنَّنا في حاجَةٍ / لِجَميلِ رَأيِكَ وَالحَوادِثُ حُوَّمُ
فَأَفِض عَلَينا مِن سَمائِكَ حِكمَةً / تَأسو القُلوبَ فَإِنَّ رَأيَكَ أَحكَمُ
وَاِجمَع شَتاتَ العُنصُرَينِ بِعَزمَةٍ / تَأتي عَلى هَذا الخِلافِ وَتَحسِمُ
فَكِلاهُما لِعَزيزِ عَرشِكَ مُخلِصٌ / وَكِلاهُما بِرِضاكَ صَبٌّ مُغرَمُ
هَذا صَبِيٌّ هائِمٌ
هَذا صَبِيٌّ هائِمٌ / تَحتَ الظَلامِ هُيامَ حائِر
أَبلى الشَقاءُ جَديدَهُ / وَتَقَلَّمَت مِنهُ الأَظافِر
فَاُنظُر إِلى أَسمالِهِ / لَم يَبقَ مِنها ما يُظاهِر
هُوَ لا يُريدُ فِراقَها / خَوفَ القَوارِسِ والهَواجِر
لَكِنَّها قَد فارَقَت / هُ فِراقَ مَعذورٍ وَعاذِر
إِنّي أَعُدُّ ضُلوعَهُ / مِن تَحتِها وَاللَيلُ عاكِر
أَبصَرتُ هَيكَلَ عَظمِهِ / فَذَكَرتُ سُكّانَ المَقابِر
فَكَأَنَّما هُوَ مَيِّتٌ / أَحياهُ عيسى بَعدَ عازَر
قَد كانَ يَهدِمُهُ النَسي / مُ وَكادَ تَدروهُ الأَعاصِر
وَتَراهُ مِن فَرطِ الهُزا / لِ تَكادُ تَثقِبُهُ المَواطِر
عَجَباً أَيَفرِسُهُ الطَوى / في قَلبِ حاضِرَةِ الحَواضِر
وَتَغولُهُ البُؤسى وَطَر / فُ رِعايَةِ الأَطفالِ ساهِر
كَم مِثلِهِ تَحتَ الدُجى / أَسوانَ بادي الضُرِّ طائِر
خَزيانَ يَخرُجُ في الظَلا / مِ خُروجَ خُفّاشِ المَغاوِر
مُتَلَفِّعاً جِلبابَهُ / مُتَرَقِّباً مَعروفَ عابِر
يَقذى بِرُؤيَتِهِ فَلا / تَلوي عَلَيهِ عَينُ ناظِر
قَعَدَت شُعوبُ الشَرقِ عَن
قَعَدَت شُعوبُ الشَرقِ عَن / كَسبِ المَحامِدِ وَالمَفاخِر
فَوَنَت وَفي شَرعِ التَنا / حُرِ مَن وَنى لا شَكَّ خاسِر
تَمشي الشُعوبُ لِقَصدِها / قُدُماً وَشَعبُ النيلِ آخِر
كَم في الكِنانَةِ مِن فَتىً / نَدبٍ وَكَم في الشَأمِ قادِر
لَكِنَّهُم لَم يُرزَقوا / رَأياً وَلَم يَرِدوا المَخاطِر
هَذا يَطيرُ مَعَ الخَيا / لِ وَذاكَ يَرتَجِلُ النَوادِر
جَهِلوا الحَياةَ وَما الحَيا / ةُ لِغَيرِ كَدّاحٍ مُغامِر
يَجتابُ أَجوازَ القِفا / رِ وَيَمتَطي مَتنَ الزَواخِر
لا يَستَشيرُ سِوى العَزي / مَةِ في المَوارِدِ وَالمَصادِر
يَرمي وَراءَ الباقِيا / تِ بِنَفسِهِ رَميَ المُقامِر
ما هَدَّ عَزمَ القادِري / نَ بِمِصرَ إِلّا قَولُ باكِر
كَم ذا نُحيلُ عَلى غَدٍ / وَغَدٌ مَصيرَ اليَومِ صائِر
خَوَتِ الدِيارُ فَلا اِختِرا / عَ وَلا اِقتِصادَ وَلا ذَخائِر
دَع ما يُجَشِّمُها الجُمو / دُ وَما يَجُرُّ مِنَ الجَرائِر
في الإِقتِصادِ حَياتُنا / وَبَقاؤُنا رَغمَ المُكابِر
تَربو بِهِ فينا المَصا / نِعُ وَالمَزارِعُ وَالمَتاجِر
سَل حِشمَتاً عَنهُ فَهَ / ذا حِشمَتٌ في الجَمعِ حاضِر
أَحيا الصِناعَةَ وَالتِجا / رَةَ مِثلَما أَحيا الضَمائِر