القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 48
لو كنتَ حاضر طرفِهِ وفؤادِهِ
لو كنتَ حاضر طرفِهِ وفؤادِهِ / أشْفَقْتَ من زَفَراتِهِ وسُهادِهِ
قد كانَ يرجو أن يلمّ ببرئِه / لو أنَّ طيفك كانَ من عوَّاده
عذَّبتَ طرفي بالسُّهاد ولم تبُت / إلاَّ وطرفك في لذيذ رقاده
ما لي أُعَذِّب في هواكَ حشاشتي / وأذودُ حرَّ القلب عن إبراده
وإذا أخَذْتَ بما يبوحُ به الجوَى / أخذ الجوى إذ ذاك في إيقاده
هذا الغرامُ وما مرادك بعده / ممَّا يحولُ جفاك دون مراده
من كنت أستصفي الحياةَ لقربه / أصْبَحْتُ أرتقبُ الرَّدى لبعاده
أطلقتُ بعدكم الدُّموع وإنْ أكنْ / فيكم أسيرَ الحبّ في أقياده
ولقدْ سَدَدْتُ عن العَذول مسامعي / ورأيتُ أنَّ الرَّأي غير سداده
يا مَن يلوم على الهوى أهل الهوى / كيف اقتناءُ الصَّبر بعد نفاذه
هل أنتَ يومَ البين من شهدائهِ / أم أنتَ يومَ الجزع من أشهاده
مَن ذا يُجيرك من لواحظ سربه / ويفكُّ قلبك من يدي صيَّاده
يا ربع بلّ لك الأوام متيَّمٌ / إنْ جَفَّ ناظره بماءِ فؤاده
حَكَمْت بما حكم الغرامُ بأهلِهِ / آرامُه فقَضَتْ على آساده
وكأَنَّما كانت لذائذنا بها / روضاً جَنَيْتُ الغضّ من أوراده
لم أنسَ عهدكِ يا أُميمة باللّوى / فسقى الغمام العهد صوب عهاده
أيَّام أصطبحُ المراشف عذبةً / ويفوزُ رائد لذَّةٍ بمراده
حيثُ الشَّبابُ قشيبةٌ أبراده / إذ كنتُ أرفلُ منه في أبراده
ومضرَّج الوَجَنات من دمِ عاشقٍ / يسطو بذابل أسْمَرٍ ميَّاده
عاطَيْتُهُ ممَّا يَمُجُّ لُعابُهُ / صَهْباء تكْشِفُ عن صميمِ فؤاده
يصفو بها عيشُ النَّديم كأَنَّما / أخَذَتْ عليه العهد من أنكاده
حتَّى إذا ألقى الظَّلام رداءه / واستلَّ سيف الصُّبح من أغماده
قلتُ اسمحنْ لي ما بخلت بزورةٍ / وهل المحبّ بها على ميعاده
لا ذاقَ ريقك بعد ذلك إنْ صحا / أو كانَ يعثر غيّه برشاده
فَسَدَتْ معاملة الحسان لمَفْرِقٍ / نَزَلَ البياضُ به مكان سواده
وثنى المشيب من الشَّباب عنانه / عن ودِّ زينبه وعشق سعاده
ونفاسة الصّمصام في إفرنده / لا في نفاسة غمده ونجاده
سالمت أيَّامي فقال لي العُلى / إنْ كانَ عاداك الزَّمان فعاده
ولقد يعزُّ على المعالي أنْ ترى / مثلي بهذا الدهر طوع قياده
صافيتُ أخلاقي الأَبيَّة دونه / فلينطو أبداً على أحقاده
وأنا القويُّ على شدائد بطشه / عاندته فرَغِمْتُ أنفَ عناده
وأراه يمكر بي ويحسَبُ أنَّه / يضطرُّني يوماً إلى أوغاده
هيهات قد تربَّت يداك فدون ما / قد رامَ هذا الدهر خرط قتاده
ولمنْ أراد من الأَكارم بغية / ألفى أبا سلمان فوقَ مراده
بأسٌ يذوب له الحديد ونائلٌ / كالعارض المنهلّ في إرفاده
النَّاس مغتنمون في إبراقه / طوراً ومحترزون من إرعاده
مستنزل الإِحسان صادق وعده / ومزلزل الأَركان في إيعاده
حسدت مناقبه الكواكبُ في العُلى / حتَّى رأيت البدر من حسَّاده
أمَّا العيال عليه فهي أماجد / والمجد لا ينفكُّ عن أمجاده
يتطفَّلون على موائد فضله / يتبرَّكون بمائه وبزاده
طرب الشَّمائل كلَّما استجديته / طرب الشّجاع لحربه وجلاده
ولربَّما أجرى اليراعَ فلاحَ لي / بيض الأَيادي من سواد مداده
لله أبلجُ من ذؤابة هاشمٍ / لا زالَ حزبُ الله من أجناده
عقل الحوادث أقْلَعَتْ لهياجها / فكأَنَّها مصفودة بصفاده
لمَ لا يُؤَمَّل للإِغاثة كلّها / من كانَ قطب الغوث من أجداده
لحق الكرام الأَوَّلين ولم يزل / في حَلْبَة النجباء سبق جواده
فكأنَّما انتقب الصَّباح إذا بدا / إقبالهُ منه على وفَّاده
لا تعجبوا لجمال آل محمَّد / نورُ النَّبيّ سرى إلى أولاده
بيتٌ قواعده قواعدُ يَذْبُلٍ / يَتَعَثَّرُ الحدثان في أوتاده
أطواد مجد في العُلى لم ينزلوا / إلاَّ على الشرُفات من أطواده
من كلِّ بحرٍ يستفاض نواله / يا فوزَ من قد راحَ من روَّاده
قد تستمدّ العارفون وإنَّما / استمدادها بالفيض من إمداده
يا أهل ذا البيت الرَّفيع عماده / وانحطَّت الملوان دون عماده
أروي لكم خبر الثناء وطالما / أَوْقَفْت راويه على إسناده
مستعبد الحرّ الكريم بفضله / لا حرَّ في الدُّنيا مع استعباده
شاركت أبناء الرجال بما حَوَتْ / يمناكَ بين طريفه وتلاده
وإذا تفرَّدَ في الزَّمان مهذّب / ألفيتكَ المعدودَ من أفراده
روضي ذوى ولوى الرَّجاء بعوده / فليجر منك الماء في أعواده
يفديك من ملكت يمينُك رقَّه / ورآك ملجأ قصدِهِ ومراده
منع الوصول إلى ذراك بعيده / لا زلت أنْتَ العيد في أعياده
والحظّ يصلد في يديَّ زناده / إنِّي أُعيذُك من صُلود زناده
يا مَن نَعِمْتُ به وأَيَّة نعمة / وسَعِدْتُ بين النَّاس في إسعاده
تاجرت في شعري إليك وإنَّما / نَفَقَ القريض لديك بعد كساده
ومن الكلام إذا نظرتَ جواهرٌ / يجبى إلى مَن كانَ من نقَّاده
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ / فَلْيَسْعَ ساقينا بكأس عقاره
وليشربنَّ الرَّاح ناشد لذَّة / لم يُلفِها إلاَّ لدى أزهاره
يا أيُّها الندماء دونكم الَّتي / تشفي نجيَّ الهمِّ بعد بواره
صفراء صافية تزيل بصفوها / ما كابدَ الإِنسان من أكداره
يسعى بها أحوى أغنُّ كأَنَّه / ريمُ الفلاة بجيده ونفاره
في مجلسٍ بزغَتْ شموسُ مرامه / وجلى لنا فيه سنا أقماره
لله ما فعلَ السُّرور بموطنٍ / تجري كُمَيْتُ الرَّاح في مضماره
أمبادرَ اللّذّات أَيَّةَ آية / أجرى بسعي منادمٍ وبداره
خذها إذا اكْتَسَتِ الكؤوس بصبغها / خلع الوَقُورُ بها ثياب وقاره
ومورد الوَجَنات إنْ حيَّيْتَه / حيّى بوجنته وآس عذاره
ظبيٌ أُسودُ الغاب من قُتَلائِه / وصوارم الأَلحاظ من أنصاره
قمرٌ إذا ما لاحَ ضوءُ جبينه / أَصلى فؤادَ الصَّبِّ جذوةَ ناره
ويقول ثائر من أُبيدَ بلحظه / من آخذٌ يا للرجال بثاره
إنِّي لأعْلَمُ أَنَّه في ريقه / ما راح يسقي الرَّاح في مِسْطاره
فرشَ الرَّبيعُ لنا خمائِلَ سُنْدُسٍ / خضرٍ تَفوحُ برنده وعراره
شكراً لآثار الغَمام بروضهِ / فَلَهُ اليدُ البيضاءُ في آثاره
روضٌ محاسنُ أَرضِه كسمائه / وشروقُ بهجة ليله كنهاره
فاشرب على النَّغمات من أطياره / فكأَنَّها النغماتُ من أوتاره
تتراقَصُ الأَغصان من طربٍ به / ما بينَ شدوِ حمامه وهزاره
لا تنكروا ميلَ الغصونِ فإنَّما / هذي الغصونُ شَرِبْنَ من أنهاره
وإذا أَتى فصلُ الرَّبيع فبادروا / لتناهب اللّذّات في آذاره
فكأَنَّه وَجْه الخرائد مسفراً / كلّ الجمال يلوحُ في أسفاره
وتَنَزَّهوا في كلّ روضٍ معشبٍ / لا سيَّما بالغضِّ من نوَّاره
ولقد أسَرَّ لي النَّسيم أَريجَه / خبراً رواه العِطر عن عَطَّاره
فإذا تَنَفَّستِ الصّبا باحتْ بما / كتمته بالأَنفاس من أسراره
يا حبَّذا زمنٌ يزيدك بهجةً / يحكي عليَّ القدر باستيثاره
متهلّل للوافدين كأَنَّه / روضٌ سقاه الغيث من مدراره
فتعطَّرَتْ أنفاسه وتبرَّجت / أزهاره في وَبْلِهِ وقطاره
نَشَرَتْ محاسنُ طيّه من بعد ما / سَحَبَ السَّحاب عليه فضلَ إزاره
ذاكَ النَّقيب له مناقبُ جَمَّةٌ / عَدَدَ النُّجوم يَلُحْنَ من آثاره
بأبي الشَّريف الهاشميّ فإنَّه / سادَ الأنامَ بمجده وفخاره
زاكي العناصر طيِّبٌ من طيِّبٍ / فَرْعٌ رسول الله أَصْلُ نجاره
نورُ النُّبوَّة ساطعٌ من وجهه / أوَ ما نرى ما لاحَ من أنواره
عذب النوال لسائليه وإنَّه / كالشّهد تجنيه يدا مشتاره
تيَّار ذاك البحر يعذُبُ ماؤه / فاغرفْ نميرَ الماء من تيَّاره
كرِّرْ حديثك لي بمدْح ممجَّدٍ / يحلو إلى الأَسماع في تكراره
إنْ أَمْتَدِحْهُ بألفِ ألف قصيدةٍ / لم أَبْلُغِ المعشار من معشاره
جَرَّدْته لوَ انَّ الدهر حازَ أمانه / ما جارَ معتدياً على أحراره
هو رحمةٌ نزلتْ على أخياره / وهو الخيار المصطفى لخياره
فَلَقَدْ تعالى في علوِّ مقامه / حتَّى رأيت البدر من أنظاره
أَمِنَ المخوفَ من الزَّمان كأَنّما / أخَذَ العهودَ عليه من أخطاره
اليُمن كوَّن واليسارُ كلاهما / في الدَّهر طوع يمينه ويساره
أميسّر الأَمر العسير أَعِدْ إلى / عبدٍ يراكَ اليسر في إعساره
نظراً تريه به السَّعادة كلَّها / يا مَن يراه السَّعد في أنظاره
مستحضر فيك المديح وحاضرٌ / منك الغنى أبداً مع استحضاره
يا سيِّداً لا زال في إحسانه / من فضله بلجينه ونضاره
أوليته منك المكارم فاجتنى / ثمرات غرسِ يديك من أفكاره
فلكم غرستَ من الجميل مغارساً / كانَ الثناء عليك من أثماره
واقْبَلْ من الدَّاعي لمجدك عُمْرَهُ / ما يستقلّ لديك من أشعاره
وَرَدَ السُّرورُ وطافَ بحانِها
وَرَدَ السُّرورُ وطافَ بحانِها / مَن كانَ صاحبَها ومن أَخدانِها
جُلِيَتْ فكان من الحَباب نِثارها / وقلائد العِقيان نظم جمانها
والصُّبحُ قد سَفَرتْ محاسِنُه لنا / وشجون وُرقِ الدَّوح من أشجانها
تُملي على فَنَنِ الغصون فنونَها / ورقاءُ قد صَدَحَتْ على أَفنانها
وتجيد أوتار القيان لحونها / فاشرب على النغمات من ألحانها
وانظر إلى الأَزهار كيف يروقها / إشراقُ بهجتها وطيبُ زمانها
وعلى اتّفاق الحُسنَ من أشكالها / وَقَعَ الخلافُ فكان من ألوانها
يَهَبُ النَّسيمُ عبيرَها من روضةٍ / لا زال طفل الطّلّ في أحضانها
يا حبَّذا زَمنٌ على عهد الصبا / ومواسم اللذَّات في إبّانها
حيث الهوى وطرٌ وأبيات الحمى / أَقمارُ مطْلَعِها وجُوهُ حِسانها
ويُديرُ بدرٍ التِّمِّ في غَسَق الدُّجى / كأساً حصى الياقوت من تيجانها
لله أوقاتُ السُّرور وساعة / تجري كميتُ الرَّاح في ميدانها
ضَمِنَتْ لنا الأَفراحَ كأسُ مدامةٍ / وَفَت المسرَّة برهة بضمانها
ويروقها ذاك الحَبابُ فَعَقْدُهُ / من نَظْم لؤْلؤِها ومن مرجانها
مِسْكِيَّةُ النفحات يسْطعُ طيبها / ما افتضَّ ربّ الحان ختم دنانها
في مجلسٍ دارت به أقداحُها / فكأَنَّها الأَفلاكُ في دورانها
يا طالب اللّذّات حسبُكَ لذَّة / ما سال في الأَقداح من ذوبانها
باكِرْ صَبوحَك ما استَطَعْتَ وعُجْ إلى / كأسِ الطلا واحرصْ على ندمانها
وإذا سََرحتَ إلى الرِّياض فنَلْ إذَنْ / من رَوحها أرَجاً ومن رَيْحانها
ومُوَرَّدِ الوَجَنات جنَّةُ وَجْهِهِ / تَصلى بأحشائي لظى نيرانها
ومهفهفٍ ذي طلعةٍ قَمَرِيَّةٍ / أَجْني ثمارَ الحُسن من بستانها
ما زالَ تَفْعَلُ بالعقول لحاظه / ما تفعلُ الصَّهباءُ في نشوانها
يَسقي فأَشربُ من لمَاه وكأسُه / ما يُنعِشُ الأَرواح في جثمانها
يشفي مريض القلب من أَلم الجوى / ولذا تَقَرُّ النَّفسُ من هيمانها
ويبلُّ غلَّةَ وامقٍ مستغرم / بالرّيّ من صادي الحشا ظمآنها
تَسْتَحْسِنُ الأَبصار ما بُليت به / وبَلِيَّةُ العشَّاق باستحسانها
إنَّ النقيب القادريّ لعوذتي / من حادث الدُّنيا ومن عدوانها
شهمٌ تذلّ المال عزَّةُ نفسه / ومنزّل الأَموال دار هوانها
السّيّد السَّنَدُ الرَّفيعُ مكانه / حيث النجوم وحيث سعد قرانها
الطاهر البَرّ الرَّؤوف بأُمَّةٍ / اللهُ وفَّقها إلى إيمانها
كم حُجَّةٍ قد أَنبأَتك بفضله / قام الدليل بها على برهانها
الباسطُ الأَيدي لكلِّ مؤمِّل / وجداول الإِحسان فيض بنانها
تزِنُ الرِّجال عوارفُ ومعارفٌ / يتميّز الرّجحان في ميزانها
قل للمُفاخرِ سادةً قرشيَّةً / ما أَنتَ يوم الفخر من فرسانها
فهُمُ الجبال الرَّاسيات وإنَّهم / بين الجبال الشّمّ شم رعانها
بَنَت المباني في العُلى آباؤه / من قبله فبَنى على بنيانها
ما زلتُ أُبصرُ منك كلّ أبيَّةٍ / ما كانَ غيرك آخذاً بعنانها
حتَّى إذا بلَغَتْ سماوات العُلى / رَفَقَتْكَ حينئذٍ على كيوانها
نفسٌ لعمرك في النفوس زكيَّةً / الله فضَّلها على أَقرانها
ما فوق أيديه لذي شرفٍ يدٌ / لا في سماحتها ولا إحسانها
كم من يدٍ لكَ في الجميل ونِعمةٍ / تَسْتَغْرِقُ العافين في طوفانها
فالسَّعْدُ والإِقبالُ من خُدَّامها / والعالم العلويُّ من أَعوانها
ذاتٌ مطهَّرة ومجدٌ باذخٌ / في سِرِّها لطف وفي إعلانها
لله فيه سريرةٌ نبويّةٌ / عَرَفَتْ جميعُ الخلق رفعة شانها
نشرت صحائف فضله بين الورى / فقرأت سطر المجد من عنوانها
إنِّي لأَشكُرُ من جميلك نِعمةً / وأَعوذُ بالرَّحمن من كفرانها
أُلْبِسْتُها منك الجميل صنايعاً / سطعت بطيب الشُّكر من أردانها
ها أنتَ في الأَشْرافِ واحد عصرها / ونجيبُ عنصرها رضيعُ لبانها
إلاَّ تَنَلْ قومٌ عُلاك فإنَّهم / طالوا وما بلغوا رفيع مكانها
أَوْ عُدَّت الأَعيان من نُقبائها / ما كنتَ إلاَّ العَينَ من أَعيانها
إنَّ القوافي في مديحك لم تزلْ / تُثني عليك بلفظها ولسانها
كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما / صفراءَ قبلَ المزج تحكي العَنْدَما
شمسٌ إذا جُلِيَتْ بكفٍّ أطْلَعَتْ / منها الحباب على الندامى أنجما
هذي أُوَيْقات السرور فلا تَدَعْ / فُرَصَ السرور من الزمان فربَّما
أو ما ترى فصل الربيع وطيبه / والزهر في الأكمام كيف تبسَّما
وامزِج معتقةَ الدنان فإنَّني / أهوى المزاج بريق معسول اللمى
ومهفهف الأعطاف يرنو لحظُه / فإخاله يَسْتَلُّ سيفاً مخذما
لولا محاسن جنَّةٍ في وجهه / ما شاهد المشتاقُ فيه جهنّما
أو كانَ يمنحني زلال رضابه / ما بتُّ أشكو من صبابته الظما
ويلاه من شرع الغرام من الَّذي / جعلَ الوصالَ من الحبيب محرَّما
ولرب ليلٍ زارني في جنحه / وعصى الوشاة به وخالف لوّما
قصّيت أهنأ عيشة من وصْلِهِ / حتَّى أنار صباحُهُ وتصرَّما
إنَّ العيون النُّجل أوْرَثْنَ الرَّدى / قلبي وأرشَقْنَ الخواطر أسْهُما
وتوقُّد النيران في وجناته / أوقَدْنَ في الأحشاء شوقاً مضرما
أمعنِّفَ المشتاق في أشجانه / إيَّاك تعذل بالهوى مستغربا
قد كانَ لي قلبٌ يطيعك بالهوى / لكنّما سَلَبوه غزلان الحمى
وبمهجتي الظبي الغرير فإنَّني / حكّمته في مهجتي فتحكّما
أهوى التشبب بالملاح ولم يزل / قلبي بمحمود الفعال متيَّما
العالمُ المبدي العجاب بعلمه / والمبهر الأفهام حيث تكلّما
تلقى الأنام عيال بيت علومه / فترى قعوداً ترتجيه وقوّما
هذا تراه مُؤَمِّلاً يرجو الندى / من راحتيه وذا أتى متعلّما
فيرد هذا فائزاً من فضله / فيما يروم وذاك عنه معلما
لم ألْقَ أغْزَرَ نائلاً من كفِّهِ / وأُرَقَّ قلباً بالضعيف وأرحما
إنْ جئتَهُ بمسائلٍ ووسائلٍ / أضحى لقصدك مكرماً أو مفهما
جمع المفاخر والمحامد كلها / وأباد بالكرم المشوفَ المُعْلَما
ولكم أتيتُ لبابه في حاجة / فوجَدْتُ ساحته الغنى والمغنما
فقصدت أفْوَدَ من قَصَدْتُ من الورى / وأتيتُ أبْرَكَ من أتيت ميمَّما
وأتيتُه فوجدْتُ حصناً مانعاً / ووردته فرأيت بحراً قد طمى
كم قد أنال مُؤَمِّلاً من رِفْدهِ / وأغاثَ ملهوفاً وأغنى معدما
وشهدْتُ قرماً بالكمال متَوَّجاً / ورأيت ليثاً بالفخار معمّما
بطلٌ أعزَّ الجارَ في إكرامه / وأهانَ في كرمِ اليمين الدرهما
بأبي فتىً مذ كانَ طفلاً راضعاً / فاضت أناملُ راحتيه تكرُّما
شادت فضائله مقاماً في العلى / سامٍ على طول المدى لن يُهْدَما
متبسمٌ للوافدين لبابه / والغيث إنْ قَصَد الهُطولَ تبَسَّما
ما فاض نائله وفاض بعلمه / إلاَّ التقطَتْ الدُّرَّ منه توأما
كم مشكلات أُوضِحَتْ بذكائه / وأبانَ في تقريره ما أبهما
ما زال مذ شم النسيم حلاحلاً / أمسى بحب الفضل صباً مغرما
يعزى إلى بيت الرسول محمد / والى النبيّ الهاشميّ إذا انتمى
يوم النوال يكون بحراً زاخراً / ولدى العلوم تراه حَبْراً مفعما
قسراً على كيد المعاند قد علا / وبرغم أنفِ الحاسدين لقد سما
الله أوْدَعَ في سريرة ذاته / من قبل هذا جوهراً لن يقسما
قل للذي يبغي وصول كماله / هيهات إنَّك لست من يصل السما
أحلى من العسل الجنيّ فكاهة / وتراه يوم الجد مرًّا علقما
مثل الأُسود الضاريات إذا سطا / والمرسلات الذاريات إذا همى
كم راح زنديق يروم نزاله / فرأى سيوف الحق عنه فأحجما
وأتى عليه بكلّ برهان بدا / لو كانَ في جنح الدجى ما أظلما
فهو الَّذي نهدى به في ديننا / ونرى طريق الرشد فيه من العمى
يا سيّداً حاز العلوم بأسرها / حتَّى غدا عَلَمَ الأنام وأعلما
فليهنك المجدُ الَّذي بُلِّغْتَه / لو أنْصفوك لكنتَ فيه مقدّما
فلقد بلغت اليوم أرفعَ منصب / أضحى على أعدائك فيه مأتما
ما نلت إلاَّ ما جنابك أهْلُهُ / فابقَ على أبدِ الزمان مكرَّما
واسأل ودادَك من جوانح أخرس / لو كانَ يستطيع الكلام تكلَّما
هَلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ
هَلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ / وسأَلْتَه مُسْتكشفاً عن حالِهِ
أَودى بمهجته هواك ولم يَدَعْ / منه الضَّنى إلاَّ رسوم خياله
الله في كبد تذوب ومدمع / أهرَقْتَ صَوْبَ مصُونه ومذاله
وحشاشة تورى عليك وناظر / ممَّن دعا لوبالها ووباله
أتظُنُّه يسلو هواك على النَّوى / تالله ما خطر السُّلُوُّ بباله
عذراً إليك فلو بدا لك ما به / ما كنتَ إلاَّ أنتَ من عذَّاله
وَيْلي من الحيِّ المراق له دمي / في غاب ضيغمه كناس غزاله
هذا يصول بطرفه وبقَدِّه / صولات ذاك برمحه ونصاله
من كلِّ معتقل قناة قوامه / والطَّعنُ كلُّ الطَّعنِ من عسَّاله
رامٍ يسدِّدُ سَهْمَه ويريشه / أَحشايَ من أَغراض وقع نباله
مرَّت ممسَّكة الصّبا فتنفَّست / عن ورد وجنته ومسكة خاله
ولكم جرى بيني وبين رضابه / ما كانَ عند السكر من جرياله
لا تعذلنَّ على الهوى أهل الهوى / ودع المشوق كما علمت بحاله
أمَّا رحيل تصبُّري وتجلُّدي / فغداةَ جدّ الرّكب في ترحاله
إنْ تنشدا قلبي وعهدكما به / صاع العزيز فإنَّه برحاله
يا أيُّها الحادي أما بك رأْفةً / بالرّكب منحطّ القوى لكلاله
عجت المطيّ لمنزلٍ مستوبلٍ / حتَّى وَقَفْتُ به على أطلاله
ولقد سأَلتَ فما أجابك رَبْعه / فعلامَ تُكثِرُ بعدَها بسؤاله
سحب النَّسيمُ على ثراك إذا سرى / أرَجاً يفوح المسك من أذياله
يا دارَنا وسقاك من صوب الحيا / ما إنْ يصوب الرّيَّ صبّ سجاله
سقياً لعهدك بالغميم وإنْ مضى / وتصرَّمَتْ أوقاته بظلاله
قد كنتُ أَعلمُ أنَّ عيشك لم يدم / وبَصُرْتُ قبل دوامه بزواله
قستُ الأُمور بمثلها فعَرَفْتُها / ولقد يُقاس الشَّيء في أمثاله
وتَقَلُّبي في النائبات أباحني / نَظَراً إلى غاياته ومآله
أنَّى تفوزُ بما تُحاولُ همَّتي / والدَّهر مُلْتَفِتٌ إلى أنذاله
وأَرى المُهذَّبَ في الزَّمان معذَّباً / في النَّاس في أقواله وفعاله
لا كانَ هذا الدَّهر من مُتمرِّدٍ / ماذا يلاقي الحرُّ من أهواله
سَعِدَ الشَّقيُّ بعيشه في جهله / وأخو الكمال معذَّبٌ بكماله
وأنا الَّذي قهر الزَّمان بصبره / جلداً على الأَرزاء من أنكاله
ما زلت ندب الأَكرمين وإنْ يكنْ / قلَّ الكريمُ النَّدبُ في أجياله
لله دَرُّ أبي جميل إنَّه / بَهَرَ العقول جميلُهُ بجماله
جَبَلٌ منيعٌ لا منال لفخره / قَصُرَتْ يد الآمال دون مناله
لا تعدلنَّ به الأَنام بأَسرِها / شتَّان بين تلوله وجباله
فَلَكٌ تَدورُ به شموسُ مناقبٍ / يُشْرِقْنَ بين جماله وجلاله
فَسَلِ النُّجومَ الزّهرَ وهي طوالعٌ / هلْ كُنَّ غير خلاله وخصاله
متوقّلٌ جبل الأُبوَّة لم يزلْ / في القُلَّة القعساء وطء نعاله
فمَضَتْ عزائمه على آماله / وقَضَتْ مكارمه على أمواله
طود توقّره الحلومُ وباذخٌ / لا يطمع الحدثان في زلزاله
حسبُ المكارم أنَّه من أَهْلِها / من بعد أَصحاب النّبيّ وآله
أَصْبَحْتُ أَعذر من يتيه بمدحه / عذر المليح بتيهه ودلاله
فكأَنَّما اغْتَبَقَ القريضُ بذكره / كأْس الشّمول تَرَقْرَقَتْ بشماله
يرتاح للجدوى فيطرب أَنْ يُرى / وَهَّاب غرّ المال قبل سؤاله
وإذا انتقدت بني الزَّمان وَجَدْتَه / رَجُلَ الزَّمان وواحداً برجاله
هو شرعة الظَّامي إذا اتَّقَدَ الظَّما / أَظما ولم أَفْقِدْ نَميرَ زلاله
وأنا الغريقُ من الجميل بزاخر / يكفي القليل النزر من أوشاله
في كلِّ ليلٍ حالكٍ من حادث / إنِّي لمرتقبٌ طلوع هلاله
لا غروَ أَنْ أُكفى به عن غيره / هَلْ كنتُ إلاَّ من أقلِّ عياله
فكأَنَّه للناس أجمَعِها أَبٌ / يحنو لرأْفته على أطفاله
ولقد أَقولُ لمنْ أراد نِضالَه / ما أَنتَ يومَ الرَّوع من أبطاله
في كلّ معترك لمشتجر القنا / ضاقت فسيحاتُ الخُطا بمجاله
كالعارضِ المنهلِّ يومَ نواله / والصَّارم المنسلّ يوم نزاله
بأَبي القَؤول الفاعل القرم الَّذي / تجنى ثمار الصّدق من أقواله
إنِّي نَعِمْتُ بجاهه وبماله / تَعسَ البخيل بجاهه وبماله
شَمِلَتْني الأَلطاف منه بساعةٍ / قبَّلْتُ ظهرَ يمينه وشماله
لا زالَ يُقْبِلُ بالعطاء عليَّ من / أفضاله أبداً ومن إقباله
متتابع النعماء جلَّ مآربي / فيه ومعظم ثروتي من ماله
ومحمِّلي بالفضل شكراً سرَّني / أنِّي أكونُ اليوم من حمَّاله
عقلَ القريض لسانه عن غيره / ورأى لساني فيه حلَّ عقاله
والفضل يعرفه ذووه وإنَّما / عَرفَ الفتى من كانَ من أشكاله
نسجت يداه من الثناء ملابساً / لا تنسج الدُّنيا على منواله
لك بالمعالي رُتبة تختارُها
لك بالمعالي رُتبة تختارُها / فافخر فأَنتَ فخارُنا وفخارُها
يا ساعدَ الدِّين القويم وباعَه / لَحَظَتْكَ من عين العُلى أنظارها
لله أَيَّةُ رفعةٍ بُلّغْتَها / قَرَّتْ وليس بغيرك استقرارها
في ذروة الشَّرف الرَّفيع مقامها / وعلى أهاضيب العُلى أوكارها
فلتَهْنَ فيك شريعة قد أصبَحتْ / وعليك ما بين الأَنام مدارها
ولقد ملأْتَ الكون في نور الهدى / كالشَّمس قد ملأَ الفضا أنوارها
وكشفْتَ من سرِّ العلوم غوامضاً / لولاك ما انكشَفَتْ لنا أسرارها
يا دوحةَ الفضل الَّذي لا يجتنى / إلاَّ بنائل جوده أَثمارها
الله أكبر أَنت أكبر قدوة / لم تعرف الثقلات ما مقدارها
ولتسمُ فيك المسلمون كما سمتْ / في جدّه عدنانُها ونزارها
من حيث أنَّ لسانه صمصامُها ال / ماضي وإنَّ يراعَهُ خطَّارُها
فردٌ بمثل كماله ونواله / لم تسمح الدُّنيا ولا أعصارها
دنياً بها انقرض الكرام فأَذنبت / فكأنَّما بوجوده استغفارها
وكأَنَّما اعتذرت إلى أبنائها / فيه وقد قُبِلَتْ به أعذارها
أَمُؤمّلاً نَيْلَ الغنى بأَكُفِّه / يُغنيك عن تلك الأَكُفِّ نضارها
بَسَطَتْ مكارمُه أَنامِلَ راحةٍ / تجري على وُفَّاده أنهارها
أَحرارنا فيما تنيل عبيدُها / وعبيدُه من سيبه أحرارها
هاتيك شِنْشِنَة وقد عُرِفَتْ به / لم تقضِ إلاَّ بالنَّدى أوطارها
كم روضةٍ بالفضل باكرها الحيا / فزهتْ بوابل جوده أزهارها
هو دِيمةٌ لم تنقطع أنواؤها / وسحابةٌ لم تنقشعْ أمطارها
أحيا ربوعَ العلم بعد دروسها / عِلْماً وقد رَجَعَتْ لها أعمارها
وكذا القوافي الغرّ بعد كسادها / رَبحَتْ بسوق عكاظه تجارها
حَمَلَتْ جميل ثنائه ركبانها / وتحدَّثت بصنيعهِ سمَّارها
ورَوَتْ عن المجد الأَثيل رواتها / وتواتَرَتْ عن صحَّة أخبارها
فضلٌ يسير بكلِّ أرضٍ ذكرُه / وكذا النجوم أَجلُّها سيَّارُها
وله التصانيف الحسان وإنَّها / قد أسفَرَتْ عن فضله أسفارها
هي كالرِّياض تفتَّحت أزهارها / أو كالحِسان تفكَّكتْ أزرارها
تبدي من المخفيّ ما يُعيي الورى / وتحير عند بروزها أفكارها
لا زالَ خائضُ ليلها في ثاقب / من فكرة حتَّى استبان نهارها
مصبوبة من لفظه بعبارة / يحلو لسامع لفظها تكرارها
لو كانَ مالُكَ مثل عِلْمكَ لاغتدت / من مالِكَ الأَرضون أو أقطارها
ولقد شملت المسلمين بنعمةٍ / كُفَّار نعمةِ ربِّها كُفَّارها
قرَّتْ عيونُ الدِّين فيك وإنَّما / حُسَّاد فضلك لا يقرّ قرارها
راموا الوصول إلى سعاد سعودها / فنَأَتْ بهم عنهم وشطَّ مزارها
تختار لذَّات الكمال على الهوى / تلك المشقَّة قلَّ مَنْ يختارها
فإذا نثرتَ فأَنتَ أَبلغُ ناثِرٍ / نظَّام لؤلؤ حكمةٍ نثَّارها
رسائلٌ أين الصّبا من لفظها / الشَّافي وأَين أريجُها وعَرارُها
خَطٌّ كليلاتِ السُّعود تراوَحَتْ / فيها بطيب نسيمها أَسحارها
هل تدري أيّ رويّة لك في الحجى / ومن العجيب فديتك استحضارها
تأتي كسَيْل المزن حيث دعوتها / وكجُودِ كفّك وافرٌ مدرارها
فلكم دجوت دُجنَّةً من مُشْكِلٍ / ينجابُ فيك ظلامُها وأُوارها
وجَلَيْتَ فيه من العلوم عرائساً / فأتاك من ملك الزَّمان نثارها
قد زدتَ فيها رفعةً وتواضعاً / وأرى الرِّجال يَشينُها استكبارها
إنَّ الرَّزانةَ في النُّفوس ولم تطش / نفسٌ وقار الرَّاسيات وقارها
إنْ كنتَ مفتخراً بلبس علامةٍ / فعُلاك يا شرف الوجود فخارها
صِيغَتْ لعِزّك سيِّدي من جوهر / حيث الجواهر أَنتَ أَنتَ بحارها
فكأَنَّما من صَدرِك استخراجها / أَو من جمالك أشْرَقتْ أنوارها
لا زالَ يأخذ بالنواظر نورها / لكنْ بأحشاء الحواسد نارها
إنَّ العناية أَقْبَلَتْ بجميع ما / تهوى عليك وهذه آثارها
قتلت عداك بلوغُها وكأَنَّها / قتلى العيون فلبس يُدركُ ثارها
وكفاك إقرار العداة بما به / قَرَّ الولاة ولم يفد إنكارها
ولقد خَلَقْتَ سماء كلّ فضيلةٍ / طَلَعَتْ على آفاقها أقمارها
هل في العراق ومن عليه ومن له / منها وليس لأَلْفِهِمْ معشارها
ولقد سَتَرْتَ على عوادي بلدةٍ / لولاك لم يستر وحقّك عارها
يا قطبَ دائرة الرئاسة والعلى / أضحى يدور لأمره دوارها
لحقت سوابقك الأُلى فسبقتهم / بسوابقٍ ما شقَّ قط غبارها
خذها تغيظ الحاسدين قصيدةً / ما ملَّ فيك أبا الثنا إكثارها
لا زالت الأَيَّام توليك المنى / وجرتْ على ما تشتهي أقدارها
عيدي بيوم شفائِكم لسقامي
عيدي بيوم شفائِكم لسقامي / إنْ تَعطفوا يوماً فذاك مرامي
يا خلَّةً أرعى ذِمام ودادهم / ولو انهم نقضوا عهود ذمامي
رعياً لأيام خَلَوْنَ بقُربهم / لم أسلُها بتعاقب الأيام
يا أيها الريَّان من ماءٍ بها / هل موردٌ لغليل قلبي الظامي
فلقد طوَيْتُ على هواك جوانحي / وعَصيْتُ فيك ملامة اللوام
فاستبق من دنف الفؤاد بقيةً / لولاك ما ملك الزمان زمامي
هلاّ سمحتَ بزورة فَوَجدْتها / مقرونةً بالرحب والإكرام
حيّ الربوع النازلين بذي الغضا / وسقيت ذاك الحيّ صوب غمام
ظعنوا فما أبقَوا لمسلوب الحشى / إلاَّ توقُّد لوعة وغرام
من كلِّ أحوى ما تلفَّتَ طرْفُه / إلاَّ ادَّكرْتُ تَلَفُّتَ الآرام
يا حادي الأظعان يزعجها النوى / فتخذ خدّ فدافد ومرامي
بالله إنْ يمَّمْتَ ذيّاك الحمى / بلِّغ أُميمَ تحيَّتي وسلامي
مذ غابَ عن عينيَّ نورُ شموسهم / ما ذاقت الأَجفان طيب منام
ما للحمَام أهاجَ لي برح الأَسى / هذا الحمَام يروم جلب حمامي
يتلو صبابات الهُيام بوجده / أَترى هيام الورق مثل هيامي
قمْ يا نديم وعاطنيها قرقفاً / فالعيش بين منادم ومدام
راح إذا لَمَعَتْ بكأسٍ خِلْتَها / برقاً تألَّقَ من خلال غمام
تتراقَصُ الكاساتُ في إقبالها / كتراقُصِ الأَرواح بالأَجسام
جَمَحَتْ بنا خيلُ المسرَّة برهةً / والعيشُ كالغصن الرَّطيب النَّامي
أيَّام مرجعُها علينا مُنيتي / إنَّ المنى كوساوس الأَحلام
أَمُواعد الأَجفان منه بزورةٍ / ما كانَ ذاك المزن غير جهام
فاشفع زيارتك الَّتي قد زرتني / واللَّيل قد أرخى سدول ظلام
لما أَلمَّ يُميط لي سُجُفَ الدُّجى / وفَقَدْتُ في وجدانه آلامي
ورَمَتْ لواحِظُه نِصالَ صَبابةٍ / ها قد أصابَ القلبَ ذاك الرَّامي
لا غروَ إنْ هام الفؤاد به جوًى / إنَّ الغرام مُوَكَّلٌ بهيامي
أنَّى تصيَّدني الغزالُ فريسةً / عَهدي الغزال فريسة الضرغام
أهوى على حبّ الجَمال تغزُّلي / وعلى مديح أبي الثناء نظامي
مفتي العراقين الَّذي بعلومِهِ / قد فاخرت بغدادُ أرضَ الشَّام
أين السَّحائب من مكارم أُنْمُلٍ / في المكرُمات ينابع الإِكرام
إنْ شحَّ هطَّالُ السَّحاب بغيثه / فسحابه في كلّ وقت هامي
لا زالَ من لين العريكةِ باسماً / كتبسُّم الأَزهار بالأَكمام
يفترُّ في وجه المؤَمّل ثغره / وكذا افترار البارق البسَّام
ما بين منطقه العجيب وقلبه / صدرٌ يفيض ببحر علمٍ طامي
أحيا به الله الشَّريعة والهدى / وأقام فيه شعائر الإِسلام
يجدي العباد بنانُه وبيانُه / دُرَّين دُرَّ ندًى ودرَّ كلام
حِكَمٌ على أهل العقول يبثّها / متقونة الأَوضاع والأَحكام
ويريك في أَلفاظه وكلامه / سِحْرَ العقول وحيرةَ الأَفهام
كم أعرَبَتْ أَلفاظُه عن حاله / يوماً فأَعْجَمَ منطقَ الأَعْجام
ولقد أدار على الورى جام الحجى / فالناس صرعى راحَ ذاك الجام
من كلّ مكرمةٍ وكلّ فضيلةٍ / قد حلَّ منها في محلٍّ سامي
تمَّت به حسن المعالي والعلى / ومحاسن الأَشياء بالإِتمام
من ذا يهنِّي الوافدين بسيِّدٍ / جُبِلَتْ سجيَّتُه على الإِكرام
ويقولُ نائله لطالب فضله / حُيِّيت بين أكارمٍ وكرام
ولربَّ رأي بالأُمور مجرّبٍ / تغني مضاربه عن الصَّمصام
قدَّ الحوادث غاربٌ من حدِّه / فكأَنَّه في الخطب حدُّ حسام
والله ما فتك الكميُّ برمحه / يوماً كفتك يديه بالأَقلام
وطوائف لم يُفْحَموا في مَبحثٍ / ذاقت لديه مرارةَ الإِفحام
ببلاغةٍ وبراعةٍ قُسِّيَّةٍ / وقَعَتْ على الأَغيار وقع سهام
إنْ يحسُدوك الجاهلون على النهى / لا تحسُدُ الكرماءَ غيرُ لئام
ولقد تفاخرت فيك سادات الورى / أَنتَ افتخار السَّادة الأَعلام
يا كعبةً قد جئتُ أَبغي حجّها / فأَخذتُ شعري أهبة الإِحرام
عام بك للعيد وجهك عيده / فليفتخر فيها على الأَعوام
لم أرضَ منك وإنْ بَذَلْتَ جوائزاً / لكنْ رضاؤك مطلبي ومرامي
نَزَلوا بحيثُ السّفْحُ من نُعمانِ
نَزَلوا بحيثُ السّفْحُ من نُعمانِ / حيثُ الهوى وملاعبُ الغزلانِ
هامَ الفؤاد بهم وزادَ صبابةً / يا شدَّ ما يلقى من الهَيَمان
يا لَيتهم عَلموا على بعدِ النوى / ماذا أُلاقي بَعدهم وأُعاني
كيفَ السلوُّ ولي فؤادٌ مُغرمٌ / في مَعزلٍ مني عن السُّلوان
أصْبو إلى وادي العقيق وأدفعي / لشبيهةُ وأبيك بالعِقيان
وبمهجتي نارٌ تشبُّ من الجوى / إنّ الجوى لمهيُّجُ النيران
لا تُكثرا عذلي فإنَّ مسامعي / صُمَّت عن اللاّحي إذا يلحاني
يا صاحبيّ ترَفَّقا إنِّي أرى / فيما أُعاني غيرَ ما تَريان
هذا الفُؤاد وهذه أعلاقُه / ضاق الغرام به عن الكتمان
فعلَ ادِّكاري بي لأيام مضَتْ / ما تفعل الصهباءُ بالنشوان
أيامَ كنتُ لَهوْتُ في زمن الصبا / وطرِبْتُ بين مثالثٍ ومثاني
أيامَ نادمْتُ البدور طوالعاً / والشمسُ تُشرق من بروج دنان
راحٌ إذا علَّ النديمُ بكاسها / ما للهموم عليه من سلطان
بَرَزتْ لنا منها السُّقاة بقَرفٍ / قد كلِّلت بالدُّر والمرجان
ويُديرها أحوى أغنَّ إذا رنا / سَحرَ العقول بناظرٍ وسْنان
ومُهفهفِ الأعطافِ خِلْتُ قوامَه / من خَوْط بانٍ يا له من بان
في روضةٍ تزهو بمنهلّ الحيا / بتنوُّعِ الأشكال والألوان
وتأرَّجَتْ فيها بأنفاس الصِّبا / زهر الرُّبا بالرَّوْح والرَّيحان
تتَرنَّم الأوتار في نَغماتها / من غير ألفاظٍ أتَتْ لمعاني
فكأنَّما تلك القِيانُ حمائمٌ / تُملي عليك غرائب الألحان
زمن الشبيبة مُذْ فَقدْتُك لم أجِدْ / للَّهو عندي والهوى بمكان
فارقتُ مذ فارقتُ عَصْرك أوجهاً / طَلعَتْ علينا كالبدور حسان
تسطو على العشاق من لحظاتها / بصوارمٍ مشحوذة وسِنان
وصَحَوتُ من شكر الشباب وغيّةِ / وأرَحْتُ من قد لامني ولحاني
وعَرَفتُ إذ حلَّ المشيبُ بعارضي / أنَّ الهوى سَببٌ لكلّ هوان
كانَ النسيبُ شقيقَ روحي والهوى / في مهجتي وقراره بجنابي
فهجرتُه هجرَ الخليلِ خَليلَه / من بعد ما قد حَلَّني وجَفاني
وأخَذتُ أُنشِدُ في الثناء قصائدي / بالسيّد السَنَد العظيم الشان
قَلَّدْتُه غُرُر الثناء قلائداً / ما لم تكنْ لقلائد العقيان
أشفي الصُّدور بمدحِه ومديحُهُ / كالماء يَنْقعُ غُلَّة الظمآن
إنَّ المناقبَ والمعاليَ كلَّها / بِعَليّ هذا العالم الإنساني
وإذا تَعرَّضْنا لجودِ يمينه / عَرَضتْ لنا بالعارض الهتَّان
شَمِلتْ مكارمُه العُفاة فلم تجد / إلاَّ غريقاً منه بالإحسان
مُتفرِّدٌ بالمجد واحدُ عصرِه / ما في الرِّجال لمجدِه من ثان
إنْ عُدَّتِ الأعيان من ساداتها / أبصَرتْ عينَ أولئك الأعيان
هذا النقيب الهاشميُّ ويا له / إنسانُ عين العزِّ من إنسان
هذا عليُّ القَدْرِ وابنُ علائِه / المنتمي شَرفاً إلى عَدنان
كم شنَّفَتْ أذناً مناقبُه الَّتي / تُلِيَت محاسنُها بكلّ لسان
وإذا شَهِدتْ جمالَه وجلالَه / أبصَرتْ ما لا تسمع الأذُنان
لو يدَّعي فيه الفخارُ مُفاخرٌ / ما احتاج يومئذٍ إلى برهان
حازوا الرئاسة والسيادة والعلى / أبناء عبد القادر الكيلاني
شيخُ الطريقة والحقيقة مقتدى / لقمان عمَّا جاءَ عن لقمان
كُشِفَتِ له الأسرار وهي غوامضٌ / دَقَّتْ على الأفكار والأذهان
غَوثُ الصَّريخ المستجير ببابه / لا مُعرضٌ عنهُ ولا متواني
مُذْ فاز حيًّا في كرامة ربّه / ومن الكرامة فاز بالرضوان
ومن المواهب لا يزال مريدهُ / يعطي مزيد الأمن والإيمان
من زارَ مرقده الشريفَ أمدَّه / بالرُّوح من إمداده الروحاني
لا يستطيع الملحدون بزَعمِهم / إنكارَ ما شَهِدتْ به الثقلان
وإذا الفتى شَمِلَتْه منه عناية / أغْنت عن الأنصار والأعوان
هو قطب دائرة يدور مدارها / أبد الزمان ومنتهى الدَوَران
بعوارفٍ ومعارفٍ ولطائفٍ / تُجلى القلوب بها من الأدران
مولاي أنتَ وأَنْتَ غاية مطلبي / وإليك منتجعي وعنك بياني
قد حُزت من شهر الصيام ثوابَه / وغَنِمتَ فيه الأجر من رمضان
فليَهْنَك العيدُ السَّعيدُ بعَوْده / واسلم ودُم فينا أبا سلمان
ما ودَّع الصبُّ المشوقُ وما قلى
ما ودَّع الصبُّ المشوقُ وما قلى / رشأً أغنَّ من السوانح أكحلا
يرنو فيُرْسِلُ من سهامِ لِحاظِه / سَهماً يصادف من مَشوقٍ مقتلا
خُذ ما تراه هم المتيَّمِ في الهوى / خَبَرُ الصبابة مجملاً ومفصّلا
ما آمن الواشي بآيةِ صَبْوَتي / حتَّى رأى دمعي بحبّك مرسلا
لا زال يكثر بالملامة عاذلي / إنَّ المتيَّمَ بالمرمَة مُبتلى
كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي / الداءُ دائي والسقام سقامي
جَسدٌ تعوَّدَه الضنى وحشاشة / مُلِئَت بلاعج صبوة وغرام
حتَّى إذا حار الطبيب بعلَّتي / وقف القياس بها على الإيهام
لم يدر ما مرض الفؤاد وما الَّذي / أخْفَيْتُه عنه من الآلام
قد أنْحَلَتْ جسمي بتذكار الغضا / نارُ الغضا وتشَبَّثَتْ بعظامي
من لي بأيام الغُوَير وحبّذا / أيام ذاك الربع من أيّام
أيام لم أقطع بها صلة الهوى / فكأنما هو من ذوي الأرحام
في روضة رضعت أفاويق الحيا / وهمى عليها المستهلّ الهامي
غنّاء إن غنَّتْ حمائمُ دَوْحها / رَقَصَتْ لها الأغصان بالأكمام
أصغي إلى نَغَم القيان وأرتوي / من ريق ممتزج بريق الجام
وإذا أخَذْتُ الكأس قلت لصاحبي / العيش في دنياك كأس مدام
أيّام كنتُ أمِنتُ طارقة النوى / وظنِنْتُ أن الدهر من خدامي
مرَّتْ كما مرَّ الخيال من الكرى / ما أشبهَ الأيام بالأحلام
لله أرْبُعُنا الَّتي في رامة / كانت أجلّ مطالبي ومرامي
يا مسرح من وادي الحمى / هل عودة يا مسرح الآرام
لي فيك مُنْيَة عاشق ذي صبوة / معلومة وتهتّكٍ وهيام
لما رأتْ نوق التَرَحُّلِ قد دَنَتْ / ورأتْ على صرف النوى أقدامي
نثَرت عليَّ من المدامع لؤلؤاً / أبهى وأبهجَ من بديع نظامي
إن لامني فيك العذول جهالة / فالصبّ في شُغُلٍ عن اللّوّام
كم ليلةٍ قد بتُّ بَعْدَكَ في جَوىً / أرعى نجوم اللَّيل رعي سوام
أرجو الصباح ولا صباح كأنه / كرمٌ يرجّى من أكُفِّ لئام
ما كانَ أطيبَ من مواصلة الكرى / لو يَسْمَحَ النائي بطيف منام
هَطَلَتْ لأرْبُعك الدوارس عبرتي / فكأنها يا ميُّ صَوْبَ غمام
وبَلَلْتُ من تلك الرّسوم أُوامها / هذا وما بلَّ البكاء أوامي
تلك المواقف لم يكنْ تَذكارها / في القلبِ يا ظمياءُ غيرَ ضرام
وأكادُ أقطعُ حَسرةً وتلهُّفاً / منِّي على أيَّامها إبهامي
بالله يا نَسَمات نجدٍ بلِّغي / دارَ السَّلام تحيَّتي وسلامي
وأخلَّةً حَلَفَ الزَّمان بأنَّهم / وَجْهُ الزَّمان وغُرَّة الأَيَّام
أَقْسَمتُ إنَّ القلب لا يسلوهم / وبَرَرْتُ بالأَيمان والأَقسام
قومٌ رُميتُ بسهمِ بَينٍ منهم / فأَصابَ هذا القلبَ ذاكَ الرَّامي
هل ترجعنَّ الدَّارُ ثمَّة بعدهم / والرّبعُ ربعي والخيام خيامي
وأرى سناءَ أبي الثناء كأَنَّه / صبحٌ تَبَلَّجَ من خلال ظلام
قَرمٌ له في الفضل أوفر قسمة / والفضل كالأَرزاق في الأَقسام
فَخرَتْ شريعَتُنا بمفْخَر سيِّدٍ / فخر الشَّرائع فيه والأَحكام
إنَّ الَّذي آوى إليه من الورى / آوى إلى عَلَم من الأَعلام
جبلٌ أظلّ على الأَنام ولم يكنْ / قُلَلُ الجبال الشُّمِّ كالآكام
وله وإنْ رَغِمَتْ أُنوفٌ شمخٌ / مجدٌ إذا عُدَّ الأَماجد سامي
من قاسه بسواه من أقرانه / قاسَ النُّضار لجله برغام
إنْ أَبْصَرَتْ عيناك حين يجادل ال / الخصمَ الألدَّ وحان حينُ خصام
فهناكَ تُبْصِرُ هيبةً نبويَّةً / تضع الرؤوس مواضع الأَقدام
ببلاغةٍ مقرونةٍ بفصاحةٍ / ترمي فصيح القوم بالإِعجام
تَقِفُ العقولُ حواسراً من دُونها / ما بين إقدامٍ إلى إحجام
من كلّ مشكلة يحيّر فهمُها / دقَّت على الأَفكار والأَفهام
عذراءَ ما كشفت لغير جنابه / من قبل عن مُرط لها ولثام
ولقد رأيتُ لسانه مع أنَّه / كالشهد أَمضى من شفير حسام
ولقد رأيتُ جنانه كلسانه / وكلاهما إذ ذاك كالصّمصام
حُجَجٌ يروع بهنَّ من أفكاره / بَرَزَتْ بروز الأُسْدِ من آجام
حازَ النِّهاية في الفضائل كلّها / حتَّى من الإِحسان والإِكرام
لو لامسَ الصَّخرَ الأَصمَّ تفجَّرت / من كفِّه بسوابغ الإِنعام
رِدْ ذلك البَحر الخضمَّ فإنَّه / وأبيك بحرٌ بالمكارم طامي
سلْ ما تشاء تَنَلْ مرامك كلَّه / عن كشف إبهام ونيل حطام
وابشِرْ بمترعة الغدير بمائها / إنْ شِمْتَ بارق ثغره البسَّام
أَقلامه افْتَخَرَتْ على سُمُر القنا / فرأيت كلّ الفخر للأقلام
خطٌّ يَسُرُّ الناظرين ولم يزلْ / في العين أحسن من عذار غلام
وكأَنَّما نظم النجوم قلائداً / في الكتب مشرقة مدى الأَيَّام
فيها لمنْ طلب الحقيقة موردٌ / يشفي الصُّدور بها ويروي الظَّامي
ما أَظْهَرَ الباري حقيقةَ فضله / إلاَّ ليظهر قُوَّةَ الإِسلام
الله أكبر أَنْتَ أكبر آيةٍ / ظَهَرَتْ بأَكبر آية لأنام
أَرْضَيْتَ أَقوامَ الهُدى وبَعَثْتَ في / ذاك الرّضى غيظاً إلى أَقوام
بِمَباحِثٍ للحقِّ في ميدانها / إحجامُ كلّ سميدع مقدام
ولكم عدَدتُ لكَ الجميل ولَذَّ لي / خطِّي غداة عَدَدْتها وكلامي
أنَّى أعدُّ وإن رقمت محاسناً / كنهاية الأَعداد والأَرقام
لكن رأيت لك المديح مثوبةً / فمَحَوْتُ في إثباتها آثامي
لك في قلوب المؤمنين محبَّةً / مُزِجَتْ مع الأَرواح في الأَجسام
شكراً لأنْعُمك السَّوالف إنَّها / رَفَعَتْ برغم الحاسدين مقامي
إنِّي عَقَدْتُ بذيلِ فضلك همَّةً / إنْ حلَّتِ الأَيَّام عَقدَ ذمامي
إنْ تسألنْ عنِّي فإني لم أزلْ / بمشقَّة الإِنجاد والإِتْهام
أَصبحتُ كالجمل الذَّلول تقودُني / هذي النوى قسراً بغير زمام
يا أيُّها القمر المني
يا أيُّها القمر المني / رُ وأيُّها الغصنُ الرَّطيبُ
إنِّي لأَعْجبُ من هواك / وإنَّه أمرٌ عجيب
تدمى بعبرَتِها العيون / به وتحترق القلوب
ما لي دَعَوْتُك أَنْ تصيخ / فلا تصيخ ولا تجيب
إنْ كانَ ذنبي أنَّني / أهوى هواك فلا أَتوب
يا بدرُ ما نالَ الأُفولُ / مناه منك ولا الغروب
زُرني إذا غفل الرَّقيب / وربَّما غفل الرَّقيبُ
واعْطِفْ على مُضنًى يُراعُ / إذا جَفَوْتَ ويستريب
صبٍّ بمهجته أُصيبَ / فدمْعُه أبداً صبيب
هل تدري ما تحت الضّلوع / فإنَّها كبدٌ تذوب
ويلاه كيفَ أَصابَني / من ليس لي منه نصيب
عجز الطَّبيب وأيُّ داءٍ / في الفؤاد له وجيب
كيفَ الدَّواء من الهوى / في الحبِّ إنْ عجز الطَّبيب
من كانَ علَّتَه الحبيبُ / فما له إلاَّ الحبيب
هذا محلُّ العلم والإفتاءِ
هذا محلُّ العلم والإفتاءِ / تأوي إليه أكابرُ العلماء
دارٌ حوت من كلِّ شهمٍ حائزٍ / بأسَ الحديد ورقَّةَ الصهباء
فيها العوارف والمعارف والتقى / وفكاهة الظرفاء والأدباء
أين النجوم الزهر من ألفاظهم / ووجوههم كالروضة الغنَّاء
لله دار ما خلت من فاضلٍ / أبداً ولا من سادة نجباء
ولقد يحلُّ أبو الثناء بصَدْرِها / يحكي حلول الشَّمس في الجوزاء
مفتي العراقين الَّذي بعلومه / يرقى لأعلى رتبة قعساء
لو أسمع الحجَر الأصمَّ بوعظه / لتفجَّرت صماؤه بالماء
للعلم والآداب شيَّد داره / ولكل ذي فضل من الفضلاء
تسري بمرآها الهموم فأرخوا / دار تسرّ بها عيون الرائي
قُلْ مثلَما قد قال عبدُ الباقي
قُلْ مثلَما قد قال عبدُ الباقي / في نَعْتِ عِتْرَةِ صَفْوَةِ الخلاّق
أو فاسترحْ وأرِحْ لسانك واتخذ / للنطق من صمت أجلّ نطاق
إنَّ اللسان لمضغةٌ ما لم تفه / بالطيّبات تُلاك بالأشداق
أوَ ما تراه قد أتى بأوابدٍ / تفنى بنو الدنيا وهنَّ بواقي
حِكمٌ على الألباب يُشْرِقُ نورها / لله دَرُّك حكمة الإشراق
تُشجي وتُطربُ أنفساً وجوارحاً / فكأنَّهنَّ صوارمُ الأحداق
ولقد أدار على العقول سلافةً / ما لا تدور به أكُفُّ الساقي
عن بهجة المعشوق يسفر حسنها / ولواعج المشتاق في العشَّاق
قد عانَقَتْ أشرافَ آل محمد / فكأنَّها الأطواق في الأعناق
فكأنَّها هَبَّتْ صَباً في روضةٍ / فتأرَّجَتْ بنسيمها الخفَّاق
رقَّتْ فكادتْ أنْ تسيل بلطفها / حتَّى من الأَقلام والأَوراق
وبما غَدَتْ تُملي ثناءً طيِّباً / عن طيِّبٍ في الأَصل والأَعراق
لُدِغَتْ أُميَّةُ منه أفعى تنفث ال / سّمّ الزّعاف وما لها من راقِ
كَلِمٌ ولا وخزات أطراف القنا / يَلْمَعْنَ عن صَوْب الدم المهراق
من كلِّ قافية بثاقب فكره / يفتضُّها عَذْرَا بغير صداق
طوبى له في النشأتين لقد حوى / نعمَ الذَّخيرة والثناء الباقي
فالله يجزيه بها خير الجَزا / ويَقيه شرًّا ما له من واقِ
إنَّ الممالك في صدارة أحمد
إنَّ الممالك في صدارة أحمد / أَضْحَتْ بطيبِ مَسَرَّةٍ وهناء
ضحكت به دار السَّعادة بعدما / أَبكَتْ عليه أَعْيُنَ الزوراء
للدولة العلياء في سلطانها / أَرّخ تصدّر مدحت العلياء
فَتَنَ الأنام بطَرْفِه وبجيدِه
فَتَنَ الأنام بطَرْفِه وبجيدِه / وأبى الهوى إلاَّ تَلافَ عَميده
مُتَمنِّعٌ وَعدَ المشوقِ بزَورةٍ / يا ليته ممَّن يفي بوعوده
أنَّى أفوزُ بطارق من طيفه / ما دام هذا الطيف في تسهيده
رَشأٌ يصولُ بحدِّ صارم ناظر / وقَفَتْ أسودُ الغاب عند حدوده
فليَحْذَر الصَّمصام من لحظاته / والصَعدة السمراء من أملوده
تاالله ما يحيي المتيَّم وصله / إلاَّ مميت سلوّه بصدوده
شهدت محاسنه بجهل عذوله / وأقام حجّة حسنة بشهوده
ولكم عَصَيْتُ مفنِّداً في حبّه / ورأيتُ عكس الرأي في تفنيده
وأقول إذ نَبَتَ العذار بخدِّه / وَرَد الربيع فمرحباً بوروده
ولقد ظفِرْتُ به برغم عواذلي / وضمَمْتُه ولَثِمْتُ وَرْدَ خدوده
وشكوْتُه حَرَّ الفؤاد من الجوى / شوقاً إليه فجاد في تبريده
في مجلس عَبِقَت أرائج ندّه / وتنفَّسَتْ فيه مباخر عوده
واللَّيل يرفل باسوداد ردائه / والرَّوضِ يزهر باخضرار بروده
ويدير شمس الراح في غسق الدجى / قمرٌ تَطلَّع من بروج سعوده
والنَّجْمُ يرقبه بعين رقيبه / والبَدْر يلحظه بلحظ حسوده
والزّقُّ تصْرَعُه السُّقاة وربَّما / قَطَعتْ يدُ الندمان حبلَ وريده
حتَّى رأيتُ يَسْقُط فوقَنا / في نثر لؤلؤه ونظم عقوده
وتفتَّح النّوارُ في أكمامه / فكأنَّما النَّوار أوْجُهُ غيده
وإذا القيان تجاوَبَتْ بلُحونها / طَرب الحمامُ فَلَجَّ في تغريده
سَفَرَت محاسِنُ زهر روض زاهر / وتمايَلَتْ إذ ذاك هيف قدوده
والبان يركع فالنسيم إذا سرى / وصَلَ النسيمُ ركوعَه بسجوده
إن تَنْهَبوا اللّذّات قبل فواتها / وهَبَ الزمان شقيَّه لسعيده
ودعاكمُ داعي الصَّبوح وإنَّه / ليقوم سيفُ الصُّبح في تأييده
أوَ ما ترون الأقحوان وضحكَه / من حَضّ داعيكم ومن تأكيده
وشقائق النُّعمان كيفَ تَضَرَّجتْ / بدَمٍ فظنَّ الكرمُ من عنقوده
يا قومُ قد خُلِقَ السُّرورُ إذا انقضى / فخذوا بكأس الراح في تجديده
يومٌ به سلمان وافى مقبلاً / قد كانَ للمشتاق أكبرَ عيده
قَرَّتْ به عين المفارق طلعةً / قمْريَّة بحضوره وشهوده
في فقدِه فَقِدَ السرور وإنَّما / وُجِدَ السرور جميعُه بوجوده
وتَولَّدَ الفَرح المقيمُ لأهْلهِ / وأجادَ طيبَ العيش في توليده
فكأنَّه فَلَقُ الصَّباح إذا بدا / في رفع رايته وخفق بنوده
فالسعدُ والإقبالُ من خُدّامه / لا بل هما في الرقّ بعض عبيده
ظَفِرَتْ يدي منه بأكرم ماجدٍ / نظمت قوافي الشعر في تمجيده
ما زال مجتهداً بكلّ صنيعةٍ / يدعو الكريمُ بها إلى تقليده
المال ما مَلَكتْه راحةُ كفِّه / فَدَعَتْه شيمتُه إلى تبديده
تُغني مواهبه الحطام تكَرُّماً / نَشْراً لذكر ثنائه وحميده
إنِّي لأذكره وأُنْشدُ مَدْحَه / وأميلُ مَيْل الغصن عند نشيده
ومشيد أبْنِية المفاخر والعلى / تسمو بيوت المجد في تشييده
إنْ عَدَّتِ النَّاس الفخار فإنَّه / إنسانُ مقلته وبيت قصيده
الله أكرمَ آل بيتِ محمدٍ / حيث اصطفاهم من كرام عبيده
حازوا من الشرف الرفيع أبِيَّهُ / فهمُ ولاةُ طريفه وتليده
وإذا تَورَّثَ والدٌ منهمْ عُلىً / لا يورثُ العلياءَ غيرَ وليده
ما للبنين الغُرِّ من آبائه / أم أين للآباء مثل جدوده
نفسي الفداءُ له وقلَّ له الفدى / من كانَ للإحسان غارس عوده
الله يَعلمُ والبريَّةُ كلُّها / أنِّي أفوز بعزّه وبجوده
أقبلت إقبال السحاب تباشرت / زهر الرُّبا ببروقه ورعوده
قد غبتَ عن بغداد غَيْبَة حاضرٍ / في فكر صاحبه وقلب ودوده
وإذا طَلَعتْ على الأحبَّة بعدها / فمُوفَّقٌ كلُّ إلى مقصوده
يا من يَسُرُّ الأنجبين قدومُه / كسروره بضيوفه ووفوده
فلقد ركِبْتَ الوَعَر غير مقصَّرٍ / وقَطَعْتَ يومئذٍ فدافد بيده
ولقد تَعِبْتَ فخذ لنفسك راحةً / واطلق عنان الأُنس من تقييده
واسرح من اللَّذات في مُتَنَزَّهٍ / خَلَطَ الغرامُ ظِباءه بأسوده
ما لي أُفارقُ كلَّ يومٌ صاحباً
ما لي أُفارقُ كلَّ يومٌ صاحباً / صَدَعَتْ به رَيْب المَنون صفاتا
وأَرى أحبَّائي تَفَرَّق جمعُهم / وتشتَّتوا بيد الرَّدى أشتاتا
وخَلَتْ ديار الأَكرمين وأصبَحَتْ / فيها عظام الأَنجبين رفاتا
ودعا التُّقى ناعٍ يخفّض نعيَه / منَّا الرُّؤوس ويرفع الأَصواتا
ولقد أصمَّ مسامعي بعدك والتقى / وانبَتَّ حبلُ الآملين بتاتا
يا أَطْيَبَ القوم الَّذين ألِفْتُهم / في الناجبين خلائقاً وذواتا
لو كنتُ أُدرِكُ بالأَسى ما فاتني / قد كنتُ أُدرِكُ بالأَسى ما فاتا
ولقَد سئِمْتُ من الحياة ومَلَّني / طولُ الثواء فلا أُريد حياتا
من بعد ما زال الأَمين وأنَّه / كانَ الجبال الرَّاسيات ثباتا
وفَقَدْتُ منه فرائداً وفوائداً / ومكارماً ومغانماً وهباتا
ونظرتُ في الأَحياء نظرةَ عارفٍ / من بعده فوَجَدْتُها أمواتا
ومَليحَةٍ أخَذَتْ فُؤادي كلّه
ومَليحَةٍ أخَذَتْ فُؤادي كلّه / وجَرَتْ بحكمِ غرامِها الأَقْدارُ
فتَّانة باللّحظ ساحرة به / ومن اللّواحظ فاتنٌ سحَّارُ
خَفَرَتْ غداةَ البين ذمَّة وامقٍ / سُلِبَ القرارَ فما لديه قرارُ
وَدَّعْتُها يوم الرَّحيل وفي الحشا / نارٌ وفي وَجَناتها أنوارُ
والرَّكبُ مُلْتمِسٌ نوًى بغريرةٍ / تُرمى لها الأَنجاد والأَغوار
بمدامعٍ باحتْ بأَسرار الهوى / للعاذلين وللهوى أسرارُ
لا ينْكُرنَّ المستهام دموعه / ممَّا يَجنّ فإنَّها إقرار
وخَلَتْ لها في الرّقمتين منازل / كانت تلوح لنا بها أَقمار
يا دارها جادتك ساجمة الحيا / وجَرَتْ عليكِ سيولها الأَمطار
أَأُميمُ ما لي كلّ آنٍ مرَّ بي / وهواك تستهوي ليَ الأَفكار
أُمسي وأُصبحُ والجوى ذاك الجوى / واللَّيل ليلٌ والنهَّار نهار
لا أستفيقُ من الخمار وكيفَ لي / بالصَّحْو منه وثغرك الخمَّار
أَتنفّس الصّعداء يبعث عبرتي / لهفٌ عليك كما تُشَبُّ النَّار
إنْ كانَ غاضَ الصَّبر بعد فراقها / منِّي فهاتيك الدُّموع غزار
إنِّي لأَطربْ في إعادة ذكرها / ما أَطْرَبتْ نغماتها الأَوطار
ما لي على جند الهوى من ناصرٍ / عزَّ الغرام وذلَّت الأَنصار
ليستْ تقالُ لديه عثرة مغرمٍ / حتَّى كأَنَّ ذنوبها استغفار
كم قَدْ أَلينُ لمن قسا بصدودِهِ
كم قَدْ أَلينُ لمن قسا بصدودِهِ / حتَّى ظَنَنْتُ فؤادَه جلمودا
ولَكَمْ أَسَلْتَ من العُيون مدامعاً / وأَهَجْتَ من حَرِّ الغرام وقودا
كبدٌ تذوبُ وحسرةٌ لا تنقضي / ودموعُ طَرفٍ يأْلَفُ التسهيدا
أَنكرتَ معرفتي على عهد النوى / ومَنَحْتَني بَعدَ الوصال صدودا
أَخْلَقْتَ صبري بَعدَ بُعدك بالنوى / وكَسَوْتَني ثوبَ السّقام جديدا
لولا العيون النجل ما عرف النوى / من كانَ صبًّا في هواك عميدا
ولقد أرى نارَ الزَّفير ولا أرى / يوماً لنيران الفؤاد خمودا
فالموقرات بريّها وقطارها / والحاملات بوارقاً ورعودا
تهمي النَّدى وتريكَ كلّ عشيَّةٍ / سَحَبَتْ على زهر الرِّياض برودا
ما زلتُ أحْمدُ للمسير عواقباً / حتَّى حَلَلْتُ مقامك المحمودا
طالَعْتُ في وجه السَّعيد محمَّد / فرأَيْتُ طالع مجتديه سعيدا
قابَلْتُ أحداثَ النحوس بسَعْدِهِ / فأَعادَ هاتيك النحوس سعودا
وزَجَرْتُ طير السَّعد يهتُفُ باسمه / ورأيتُ منه الطَّالع المسعودا
أقْرَرتُ عينَ المجد فيك مدائحاً / وأغَظْتُ فيك معانداً وحسودا
وإذا نظرتَ إلى سناه ومجده / لنَظَرتَ من فلق الصَّباح عمودا
ما زالَ يولينا الجميل بفضله / كرماً يَسرُّ الآملين وجودا
وإذا استَمَحتُ به النَّوال وجدْتُه / غَيثاً يسِحُّ ومنهلاً مورودا
ولقد مدحتُ الماجدينَ فلا أرى / إلاَّ مديحاً مقنعاً ومفيدا
لا فارَقتْ عينايَ طَلْعَتَك الَّتي / مَدَّتْ علينا ظِلَّكَ الممدودا
سادات أبناء الزَّمان بأسرهم / وَرِثوا المكارمَ طارفاً وتليدا
تَفني مكارمُه الحطامَ ويَقْتَني / ذكراً يُخَلَّد في الثَّناء خلودا
فلَقَدْ رَقَيْتُ بها لأرفع رُتبةٍ / فبَلغت أسباب السَّماء صعودا
ويُريك إنْ ضلَّتْ عقولُ أُولي النهى / رأياً يريك به الصَّواب سديدا
أخَذوا بناصية المفاخر والعلى / وتسَنَّموها قُوَّماً وقعودا
وتَخالُهم عند العطاء غمائماً / وتَظنّهم يوم اللقاء أُسودا
إنِّي لأشكر من جميلك ما به / أكْبَتُّ من بعد الحسود حسودا
هذا الذكاء ولا مزيد على الَّذي / أبْصَرتُ منك لمن أراد مزيدا
أبَتِ المحاسنُ والمكارم في النَّدى / إلاَّ بقاءً بعدهم وخلودا
أخَذوا المذاهبَ في الجميل فلم نجِدْ / إلاَّ مُقَلِّدهم به تقليدا
قَلَّدْتَني نِعماً أنوءُ بحملِها / فنَظَمْتُ فيك قلائداً وعقودا
لا زِلْتَ لي عيداً أُشاهد عَوْده / حتَّى أُلاقي يوميَ الموعودا
لله والدةُ المليك وما بَنَتْ
لله والدةُ المليك وما بَنَتْ / من جامعٍ رَحبِ الفناء مُنَمْنَمِ
للراكعين الساجدين لقد زها / سمة التقى للناظر المتوسّم
ترجو من الله الكريم مثوبةً / أجْرُ المثيب على الجميل المنعم
إذ غَيَّرَتْه وقدَّرَتْه بحكمةٍ / وكذا يراد من البناء المحكم
أخَذَتْ بتوسعةٍ له وأعانها / نظرُ الرَّديف وخدمة المستخدم
فيه الإمام أبو حنيفة من له / زهر المناقب مثل زهر الأنجم
أخَذَتْ علومَ أصولها وفروعها / عنه الأئمةُ في الزمان الأقدام
قد عمَّرتْهُ وشيَّدتْهُ وجَدَّدتْ / تاريخَ مسجدِ للإمامِ الأعظم
أَرأَيتَ مثلي في الهوى
أَرأَيتَ مثلي في الهوى / ظمآنَ لا يروى بماءِ
يهوى معانقةَ الظُّبا / ويخاف أحداق الظِّباء
تلك العيون الرَّاميات / جوانحي مضَّ الرماء
تحيي النفوس وإنَّها / لمبيحةٌ سفكَ الدماء
إنِّي بذلت مدامعي / لمقتّرٍ لي بالعطاء
من بعدِ ما فاء الحبيبُ / من الوصال إلى الجفاء
يا ممرضي بجفوته / لا تَرْكَنَنَّ إلى شفائي
كيفَ الشِّفاء من الغرام / وقد غدا دائي دوائي
لو كانَ يبقى من أُحِبُّ / لكنتُ أطمع بالبقاء

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025