المجموع : 210
ليلى الجميلة صاحبتني برهة
ليلى الجميلة صاحبتني برهة / ثم انتأت عني لغير معاد
كانت علاقتها على الايام بي / كعلاقة الارواح بالاجساد
يا صاحبي إني حزي
يا صاحبي إني حزي / ن في الحياة فسلني
وضللت في سيري الطري / ق إلى السرور فدلني
كان النعي يثير في الأرواح
كان النعي يثير في الأرواح / حزنا عميقا ما له من ماح
نبأ يسوء الصادقين سماعه / حبس اللسان اسى عن الافصاح
قد كان همسا ثم ذاع فلم تكن / اذن لتسمع غير رجع نواح
حم القضاء فان فيصل مانجا / من دائه عند القضاء الساحي
فبكى عليه الشعب من كبد له / حرى بكاء الثاكل الملواح
ان الألى عرفوا خلائق فيصل / ليست عليه عيونهم بشحاح
لم تبق عين ما بكت في موته / حزنا على خلق عفا وصلاح
حتى اذا جاؤا بنعشك احشدت / امم من الانحاء ملء الساح
كانت تحييه الدموع ذوارفا / اهلا بنعش السيد الجحجاح
سر ايها الروح المجرد جائبا / عرض السماء كسيد سياح
ما انت انيّ سرت الا سيد / في عالم الارواح والاشباح
او نم بقبرك مستريحا من ونى / او هي متانة فكرك السباح
في كل ناحية عليك مناحة / فيها الدموع مراقة بسماح
ان العيون اذا الرزية صرحت / عند البكاء كثيرة الالحاح
تملي نواح في المصاب عويلها / فتجيبهن على العويل نواحي
غازي تبوأ عرش فيصل اذ قضى / فالناس في حزن وفي افراح
من بعد ليل للفجيعة مظلم / قد لاح صبح بين الاوضاح
وكأنما التاج المكلل رأسه / نجم بدا للعين فوق صباح
للملك فيصل جاء قبل مؤسسا / يبني وغازي جاء للاصلاح
غازي لهذا الشعب مصباح الهدى / اكرم به للشعب من مصباح
ملك تحدر من ملوك جمة / عرب كما يرضى العلا اقحاح
فرحى بهذا الشبل داء معادلا / حزني على ذاك الهزبر الطاحي
فرح وحزن في فؤاد واحد / هذا لهذا فيه ليس بماح
قد كان فيصل دوحة قرشية / ولأنت شعبة اكرم الادواح
لا زال فينا ظل عرشك وارفا / اشدو به كالبلبل الصداح
اوتيته ملكا فاصلح شأنه / لا خير في ملك بلا اصلاح
اصلح ولا تحذر فخلفك امة / تفديك بالاموال والارواح
واعد لنا عهد الرشيد وما به / من سؤدد ضخم ومن افراح
لك في الصدور محبة مسطورة / من ذا محبر تلكم الالواح
حسب الألى قد ملكوك قيادهم / ما يقرأون بوجهك الوضاح
الشعب مقتدر اذا جندته / ان لا يكون فريسة التمساح
واذا الامور على الاعادي ابهمت / فالسيف لا يعيا عن الايضاح
ابعد دخيلا لم يكن من فعله / يوما اليه الشعب بالمرتاح
الشعب يأبى ان تكون بلاده / مرعى لكل بهيمة نطاح
الشعب مجروح فداو جراحه / ولتبق دامية عليّ جراحي
عالج صعوبات الامور بحكمة / فهي الطريق السمح للافلاح
لا زال قبر ضم رمة فيصل / كالروض منبت نرجس واقاح
كان الشباب يسرني
كان الشباب يسرني / اما المشيب فلا يسر
ما كان ينفع في شبا / بي صار في شيبي يضر
خطبت تؤبنك الدموع
خطبت تؤبنك الدموع / ومشت تشيعك الجموع
في موقف خطباؤه / عييت ولم تعي الدموع
العين ترسل دمعها / والدمع اكثره نجيع
ليس الدموع لدى الرزايا / غير أفئدة تميع
تحت الضلوع لهيب نا / ر ما تحمله الضلوع
اما الصدوع من الاسى / فلقد تكاثرت الصدوع
ماذا جرى حتى تهيّج / هكذا البلد الوديع
سر في سبيلك راشداً / واذهب كما ذهب الربيع
الشعب يمشي خاشعاً / وامامه النعش الرفيع
قد ميزتك رجاحة / في العقل والخلق الوسيع
وصنعت ما بلغت يدا / ك وحبذا منك الصنيع
والمرء ليس بفاعل / الا لما هو يستطيع
ان كان فيصل آفلا / فلنجله غازي طلوع
غازي زعيم الشعب فهو / لغير غازي لا يطيع
في وحدة عربية / للذود في دمها نزوع
في ليل حزني كانت الظلماء / عابسة تروع
فاذا مضى منه هزيع / جاء يخلفه هزيع
حتى اذا طلع الصبا / ح وقام ابيضه يشيع
ساءلت من ملك العرا / ق فقيل لي غازي القريع
ملك كأن التاج فو / ق جبينه نجم لموع
يا فرحتي بالتاج ان / التاج حق لا يضيع
اصل الزعامة فيصل / والاصل تتبعه الفروع
اشرع فان مهمة / الاصلاح اولها الشروع
وأمر فكل بني العرو / بة حين تأمرهم سميع
اهوى الصباح فانني
اهوى الصباح فانني / في ظله انسى اكتئابي
وكأنما هو قطعة / رجعت اليّ من الشباب
الروح لم تهبط علي
الروح لم تهبط علي / ي من المحل الأرفع
بل انها ليست سوى / جرثومة نشأت معي
لك في الحياة فلا تخف
لك في الحياة فلا تخف / من ان تفارقها ثبوت
ومن الطبيعة انت جز / ء والطبيعة لا تموت
لليائسين ارى طري
لليائسين ارى طري / قا للخلاص من الاذيه
اما الطريق فانه / لمن الحياة الى المنيه
اخشى على الانسان ان
اخشى على الانسان ان / يزداد بالانسان حقدا
فيكون قرداً في النها / ية مثلما قد كان قردا
ارنو الى زهر النجو
ارنو الى زهر النجو / م فلا يفارقني سروري
فكأنها حور من ال / جنات تسبح في غدري
من كان في سعة تسير وراءه
من كان في سعة تسير وراءه / اتباعه فكأنهم افياء
واذا الليالي غيرت سعد امرئ / يخفى الصديق وتظهر الاعداء
طعنوك يا وطني المفدى
طعنوك يا وطني المفدى / في الصدر حتى كدت تردى
والطاعنون بنوك أن / ت كَسوتهم لحماً وجلدا
من كل عاصمة الرشيد لاهلها
من كل عاصمة الرشيد لاهلها / لم يبق الا طيفها وخيالها
ديست باقدام ثقيل وطؤها / ارض العروبة سهلها وجبالها
الله للعصفور من
الله للعصفور من / بلواه ليس له مفر
في الجو صقر ذو أظا / فير وفوق الارض هر
ترجو من الدهر السلام وقلما
ترجو من الدهر السلام وقلما / يصفي لك الدهر الاثيم سلاما
متع حياتك وأغتنم لذاتها / من قبل ان تلقى المنون زؤاما
لهفي على شيخ العروبة احمد
لهفي على شيخ العروبة احمد / فلقد مضى بالسابقيه يقتدي
واختار من قبر بناه لنفسه / صرحا بجوف الارض غير ممرد
ما في استطاعته الحراك كأنه / متقيد فيه ولم يتقيد
لهفي على الشيخ الذي فجعت به / احزاب مصر على اختلاف المقصد
جلل من الاحداث جندل جهبذا / من يعرب فهو هوى الجلمد
بكت العروبة في الجزيرة كلها / حزنا على شيخ العروبة احمد
عقل العروبة قلبها ولسانها / وشهابها الهادي بليل أسود
خلت الكنانة من زكي بعدما / كان الزكي بها يروح ويغتدي
شيخ على كتب تخيرها له / عطف الشباب على الحسان الخرد
انقاد للموت الزؤام ومن يعش / عمرا طويلا لا ابالك ينقد
قد ذاق حلو العيش فيه ومره / والمر مثل الحلو للمتعود
كان الثمانون التي قد جازها / ترنو اليه بأعين المتهدد
من بعد ما دفنوه قد شبهته / لو صح تشبيهي بسيف مغمد
بالامس سيف الحق كان مجرداً / واليوم سيف الحق غير مجرد
انهد يصحبه دوي من عل / علم الى غير العلا لم يخلد
نعش تشيعه الى دار البلى / امم تعج فياله من مشهد
ودّت ملائكة السماء لو انها / دفنته في العيوق او في الفرقد
ولو اننا اسطعنا وفينا كثرة / كنا ردنا الموت عنه باليد
الكوكب الوقاد أمسى آفلا / فبمن اذا سرنا بليل نهتدي
قد كان في آفاقه متفرداً / يؤتى الهدي كالكوكب المتوقد
سكن الثرى والشمس ترسل فوقها / في كل صبح وابلا من عسجد
قد كان مبدؤه الذي اوصى به / يحتج ان لا يعتدي من يعتدي
حم القضاء فلا مرد له فيا / جسد الثقبل اهبطو يا نفس اصعدي
قد اصبح الصيداح من فلج به / في روضة الآداب غير مغرد
أرأيت كيف بساعة مشؤومة / نعم الحفير بأحمد وخلا الندى
ولقد شجتني النائحات عشية / يبكين نابغة كريم المحتد
سلك الألى عاشوا طويلا بيننا / نحو الردى متن الطريق الأبعد
يتوسد الميت الثرى ولو انه / منح الخيار ابى ولم يتوسد
الدهر يلقى الامر ممن فوقه / والدهر يقتل من يشاء ولا يدى
ما انت من ظفر المنون بمفلت / وإن ارتديت تطير ريش الهدهد
وهي المنون ينلن من أجسادها / من غير تعويض كفعل المبرد
ان الحياة ولا غضاضة ان عفت / كالشعر تجدر بالفتى المتجدد
يسعى الوضيع من الانام لبطنه / أما الرفيع فسعيه للسؤدد
لولا مفارقة الذين نخصهم / بالود كان الموت أعذب مورد
لا نفع في طول الحياة فانها / كالماء ان يمكث طويلا يفسد
أما الحياة فانها لشبيهة / بنسيج خيط في الوجود معقد
ولقد تمر على الكريم حوادث / حتى يود لو انه لم يولد
لو حيزت الجنات يوما حازها / ذو العلم قبل الزاهد المتهجد
من ذا يرى للمؤمنين بربهم / أن لا تكون سماؤهم بزبرجد
ما كنت قبل الموت الا سيداً / في الدار او في الحزب او في العهد
وجعلت تلهج بالمنون وأنه / حق فكان الداء شر ممهد
حتى وصلت الى الردى وثبا على / ان الطريق اليه غير معبد
لا يملكنك من غد بعد الردى / خوف فيوم الهالكين بلا غد
المرء بالآثار تحمد بعده / يحيا ولا يحيا اذا لم تحمد
فاذا ذكرت بها فانت مخلد / واذا نسيت فانت غير مخلد
طلعت من الافق الجديد عطارد
طلعت من الافق الجديد عطارد / للعاكفين على القديم تطارد
طلعت بليل غاسق فتألقت / والناس أما مؤمن أو جاحد
انظر اليها فهي تشبه ماسة / لمّاعة منها عليها شاهد
وكأن ما قد جد من أعدادها / في جيد دجلة والفرات قلائد
فيهن للآداب عرش قائم / رفعت من عزم الشباب سواعد
الفتح مكتوب بصفحة راية / في ظلها جيش الشباب يجاهد
ادبان هذا ناهض في ثورة / يبغي الحياة له وهذا جامد
نسبوا الى الادب الجديد مساوياً / واذا المساوى كلهن محامد
القوم اسرى لم يجرد نفسه / من قيدها في الالف الا واح
الشعر بالتقليد فيه هالك / والشعر بالتجديد فيه خالد
والشعر لو لا النقد يبقى ميتاً / والشعر لا يحييه الا الناقد
والشعر كالزهر النجوم طوالعاً / ينبيك عن اقدارهن الراص
الله للأحرار في آدابهم / ماذا من المتعصبين تكابد
الشعر ليس سوى شعور ثائر / اما الشعور فما عليه قواعد
الشعر بالمعنى يتم ولفظه / اما قوافيه فهن زوائد
ولقد يكون من الشباب معارض / ولقد يكون من الشيوخ معاضد
حلله تبصر نفس قارضه به / صوراً تقارب مرة وتباعد
اني اهنئ من فؤادي عصبة / جدت لها بعد النهوض عقائد
للشعر في فلق التجدد ثورة / وكأن شيطان التجدد مارد
حسنت نجوم في المجرة لمع / فكأنما تلك النجوم قصائد
وكأنما في كل بيت غادة / رود تجاذب تارة وتراود
انزل بواد للتجدد مزهر / قد صافحت فيه السيول جلامد
اهل القديم اذا ارادوا راحة / فلهم باودية الجمود مراقد
اما الجديد فاهله تطوى به / في الارض ابحار طمت وفدافد
ما ان يعيق الدهر عن جريانه / ان المصاب به عليه واحد
قد كان لي شعر وكنت احبه / وأذود عنه والمحب لذاذد
احنو عليه وهو طفل مثلما / يحنو على الولد الوحيد الوالد
فاذا ترنم او تبسم او حبا / يرنو الي عرفت ما هو قاصد
وأقوله في كبرة مني ولا / ادرى أاني هابط ام صاعد
واليوم اذ ذهب الشباب فحاجتي / هي ان يواريني بقبري اللاحد
اني على عهد الصبا في كبرتي / ابكي كما يبكي الفقيد الفاقد
الجرح يبرأ حين يلقي ضامداً / ويفز حين يعز ذاك الضامد
فاذا أملت فكل شيء صالح / واذا يئست فكل شيء فاسد
الشمس قد طلعت بوجه اروع
الشمس قد طلعت بوجه اروع / فوقفت مبهوتا لحسن المطلع
وجه كما تهوى الطبيعة سافر / ما ان عليه سوى السنى من برقع
في موكب فخم يزيد جلاله / لمع الاشعة في الفضاء الاوسع
هي في طريق عروجها وشعاعها / في كل ما تبدو له من موقع
بيضاء لولا ما بها من وخزة / لذاعة من حسنها لم اشبع
اني ادين بحسنها لا كالذي / املى عليه جهله ان لا يعي
مرت تعاورها الدهور وحسنها / ابداً جديد بالشباب الممتع
انظر اليها فهي تحكي غادة / ترنو اليه من المحل الارفع
ولقد بدت في خيلع من نورها / احسن بها لما بدت في الخيلع
تجري بلا تعب الى الغايات في / صمت على لقم الطريق المهيع
لا تحرم الارض الضياء فان جلت / عن موضع منها بدت في موضع
تمتد من شغف لها الانظار من / حسرى تكل من العياء وضلع
ظهرت على متن السحاب كأنها / نار تشب على كثيب اسفع
ولقد علتها وهي تبرح افقها / وطفاء حانية حنو المرضع
ودنا يطوف بها الغمام كمصطل / بالنار يذكي جمرها او مزمع
قد كان منها القرص احمر فاتحا / حتى اختفى في العارض المتجمع
اما الغيةم فتلك بعد تراكم / اخذته بين صدورها والاذرع
صور محببة وليس بمنكر / حوج الحياة الى الجمال الاروع
الشمس في طول النهار نجيتي / والشمس حيث ذهبت ذاهبة معي
وكأنما بيني وبين شعاعها / نسب قديم ما لأوله اعى
ما ذر قرن الشمس الا اهتز من / فرح فؤاد تحتويه اضلعي
الصبح لما ابيض من انوارها / اخنى على ضوء النجوم اللمع
والصبح بعد الليل يحكي ضوءه / املا لذيذا بعد يأس موجع
ولقد تيقظت العيون من الكرى / يلفظن احلام الكسالى الهجع
قد كان ليلا قد تضاعف دجوه / والليل يذكى الحزن في المتفجع
ثم انجلى متأخرا عما له / قد كان في طغيانه من موقع
وبدت عليه ذلة فكأنما / صفعته كف الصبح فوق الاخدع
ناديت فيه نجمه مستوقفاً / فمضى يخب كأنه لم يسمع
لا تحزني مما لقيت من الاذى / ما انت مني يا نجوم بأضيع
اما الحياة فانها لجميلة / بك يا ذكاء وان اقضت مضجعي
يا حبذا لو انني من بعدما / اردى يكون اليك يوما مرجعي
اني لارجو ان تطلي من عل / حتى تري عند النهاية مصرعي
لا ضير ان ابكى الدجى عيني فقد / مسح ابتسامك في النهاية ادمعي
اقلعت عن حب الحسان جميعها / الا هواك فلست عنه بمقلع
بالشمس في الافق البعيد تغزلي / لا بالعقيق ورامتين ولعلع
حول الحقيقة في الحياة طوافي
حول الحقيقة في الحياة طوافي / ولها برغم الكاشحين هتافي
خالفت فيها أهل عصري كلهم / متطرفا ولقد يطول خلافي
اني لقد شاهدتها في يقظتي / وسواي أبصرها بطرف غافي
تبدو وتخفي في زمان واحد / والناس إما مثبت أو نافي
حسناء ما قلمي الذي أرهفته / عمرا لوصف جمالها بالكافي
وقفت كما يقف الخيال بمشرف / ذمرتها من طرفها الخطاف
هي من عشقت على سماع حسنها / ما أشبه السموع بالشتاف
برزت حيال الشك سافرة وقد / لعب الجنوب بثوبها الهفهاف
برزت بثوب رق فوق قوامها / وانشق عن صدر وعن أكتاف
برزت كعابا في وشاح ضيق / عقدته معطوفا ودرع ضافي
برزت بوجه باسم وبأعين / وطف وفرع كالسخام غداف
السحر كل السحر في أنظارها / والسر كل السر في الأعطاف
ولقد ولعت بها لأول نظرة / ولقد تنشب حبها بشغافي
وعدوت مقتربا ومن ذا قادر / من غيرة فيه على إيقافي
فشهدت عن كثب بضاضة جسمها / وبياضه من ثوبها الشفاف
وهفت مبتهجا بها من بعدما / صافحتها فتبسمت لهتافي
الناس أعداء لها قد بالغوا / في نقدها وأنا الصديق الوافي
قد أزعجوها حين لم تحفل بهم / بالكذب من حقد وبالأرجاف
أحسن بذاك الوجه حين تبسمت / والثغر ذي الظلم النصيع الصفاي
قد غرني منها التبسم طاهرا / متى نسيت مكانتي ومطافي
وتباعدت عني ولم تنظر إلى / أسفي هناك ودمعي الذراف
كانت لعمري هفوة مني وما / أنا في سبيل الحب وحدي الهافي
فرجع منكر الفؤاد منكسا / للراس لا أرنو إلى أطرافي
الخير كل في قصد الفتى / والشر كل الشر في الإسراف
ما للطبيعة أول أو آخر / فكأنها بحر بغير ضفاف
أما السماء فليس غير طرافها / ولقد بنته فوق كل طراف
والدهر لم يك غير نهر هادر / والمرء ليس سوي حباب طافي
وإذا ترقبت الحباب وجدته / بعد الظهور يذوب في الرجاف
والأرض في جنب النجوم كذرة / بين الحصى والرمل في الأحقاف
لا شيء إلا والطبيعة أمه / لكنما كنه الطبيعة خافي
ما لي بأمر بدايتي ونهايتي / وحقيقتي والكون علم كاف
من أين قد جلب الزمان خميرتي / أو أين قد جبل الزمان جلافي
حي الطبيعة أوجدت أو أتلفت / ما إن هنالك خلفة وتنافى
ما أتلفت إلا لتوجد فائقا / ما أحكم الإيجاد في الاتلاف
الدهر يقضي ما يشاء قضاءه / من غير ما عدل ولا إجحاف
اما الحمام فلا أود دنوه / وان اغترفت من الحياة كفاني
أنحى على الحق المبين يهيته / ناس خلوا من شيمة الانصاف
ما زلت من فوق المنابر معلنا / بفمى له رغما عن الاناف
النشء للآراء غير مصوب / إلا إذا جاءت من الأسلاف
لا تحسب الأسلاف ماتوا فانتهوا / بل إنهم يحيون في الاخلاف
قد صوب المتعصبون سهامهم / لكنها طاشت عن الأهداف
إن الليالي أخلفتني وعدها / حتى برمت بذلك الاخلاف
والحادثات حربنني وجرحنني / فبقيت منبوذا بلا إسعاف
ليت الذي قسم الشؤون قضاؤه / قسم السعادة قسمة الإنصاف
ألما من الكاس الروية رنقها / ولكم غداة بها يطاف الصافي
أنا لست في الشعراء إلا بلبلا / يشدو على الليمون والصفصاف
ظنوا بأن الشعر ألفاظ لها / في النظم أوزان وبضع قوافي
والشعر ليس سوى شعور ثائر / في شكل نوح تارة وهتاف
ما إن يسمي في زمان شاعرا / من جاء بعد النكد بالسفاف