القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 210
ليلى الجميلة صاحبتني برهة
ليلى الجميلة صاحبتني برهة / ثم انتأت عني لغير معاد
كانت علاقتها على الايام بي / كعلاقة الارواح بالاجساد
يا صاحبي إني حزي
يا صاحبي إني حزي / ن في الحياة فسلني
وضللت في سيري الطري / ق إلى السرور فدلني
كان النعي يثير في الأرواح
كان النعي يثير في الأرواح / حزنا عميقا ما له من ماح
نبأ يسوء الصادقين سماعه / حبس اللسان اسى عن الافصاح
قد كان همسا ثم ذاع فلم تكن / اذن لتسمع غير رجع نواح
حم القضاء فان فيصل مانجا / من دائه عند القضاء الساحي
فبكى عليه الشعب من كبد له / حرى بكاء الثاكل الملواح
ان الألى عرفوا خلائق فيصل / ليست عليه عيونهم بشحاح
لم تبق عين ما بكت في موته / حزنا على خلق عفا وصلاح
حتى اذا جاؤا بنعشك احشدت / امم من الانحاء ملء الساح
كانت تحييه الدموع ذوارفا / اهلا بنعش السيد الجحجاح
سر ايها الروح المجرد جائبا / عرض السماء كسيد سياح
ما انت انيّ سرت الا سيد / في عالم الارواح والاشباح
او نم بقبرك مستريحا من ونى / او هي متانة فكرك السباح
في كل ناحية عليك مناحة / فيها الدموع مراقة بسماح
ان العيون اذا الرزية صرحت / عند البكاء كثيرة الالحاح
تملي نواح في المصاب عويلها / فتجيبهن على العويل نواحي
غازي تبوأ عرش فيصل اذ قضى / فالناس في حزن وفي افراح
من بعد ليل للفجيعة مظلم / قد لاح صبح بين الاوضاح
وكأنما التاج المكلل رأسه / نجم بدا للعين فوق صباح
للملك فيصل جاء قبل مؤسسا / يبني وغازي جاء للاصلاح
غازي لهذا الشعب مصباح الهدى / اكرم به للشعب من مصباح
ملك تحدر من ملوك جمة / عرب كما يرضى العلا اقحاح
فرحى بهذا الشبل داء معادلا / حزني على ذاك الهزبر الطاحي
فرح وحزن في فؤاد واحد / هذا لهذا فيه ليس بماح
قد كان فيصل دوحة قرشية / ولأنت شعبة اكرم الادواح
لا زال فينا ظل عرشك وارفا / اشدو به كالبلبل الصداح
اوتيته ملكا فاصلح شأنه / لا خير في ملك بلا اصلاح
اصلح ولا تحذر فخلفك امة / تفديك بالاموال والارواح
واعد لنا عهد الرشيد وما به / من سؤدد ضخم ومن افراح
لك في الصدور محبة مسطورة / من ذا محبر تلكم الالواح
حسب الألى قد ملكوك قيادهم / ما يقرأون بوجهك الوضاح
الشعب مقتدر اذا جندته / ان لا يكون فريسة التمساح
واذا الامور على الاعادي ابهمت / فالسيف لا يعيا عن الايضاح
ابعد دخيلا لم يكن من فعله / يوما اليه الشعب بالمرتاح
الشعب يأبى ان تكون بلاده / مرعى لكل بهيمة نطاح
الشعب مجروح فداو جراحه / ولتبق دامية عليّ جراحي
عالج صعوبات الامور بحكمة / فهي الطريق السمح للافلاح
لا زال قبر ضم رمة فيصل / كالروض منبت نرجس واقاح
كان الشباب يسرني
كان الشباب يسرني / اما المشيب فلا يسر
ما كان ينفع في شبا / بي صار في شيبي يضر
خطبت تؤبنك الدموع
خطبت تؤبنك الدموع / ومشت تشيعك الجموع
في موقف خطباؤه / عييت ولم تعي الدموع
العين ترسل دمعها / والدمع اكثره نجيع
ليس الدموع لدى الرزايا / غير أفئدة تميع
تحت الضلوع لهيب نا / ر ما تحمله الضلوع
اما الصدوع من الاسى / فلقد تكاثرت الصدوع
ماذا جرى حتى تهيّج / هكذا البلد الوديع
سر في سبيلك راشداً / واذهب كما ذهب الربيع
الشعب يمشي خاشعاً / وامامه النعش الرفيع
قد ميزتك رجاحة / في العقل والخلق الوسيع
وصنعت ما بلغت يدا / ك وحبذا منك الصنيع
والمرء ليس بفاعل / الا لما هو يستطيع
ان كان فيصل آفلا / فلنجله غازي طلوع
غازي زعيم الشعب فهو / لغير غازي لا يطيع
في وحدة عربية / للذود في دمها نزوع
في ليل حزني كانت الظلماء / عابسة تروع
فاذا مضى منه هزيع / جاء يخلفه هزيع
حتى اذا طلع الصبا / ح وقام ابيضه يشيع
ساءلت من ملك العرا / ق فقيل لي غازي القريع
ملك كأن التاج فو / ق جبينه نجم لموع
يا فرحتي بالتاج ان / التاج حق لا يضيع
اصل الزعامة فيصل / والاصل تتبعه الفروع
اشرع فان مهمة / الاصلاح اولها الشروع
وأمر فكل بني العرو / بة حين تأمرهم سميع
اهوى الصباح فانني
اهوى الصباح فانني / في ظله انسى اكتئابي
وكأنما هو قطعة / رجعت اليّ من الشباب
الروح لم تهبط علي
الروح لم تهبط علي / ي من المحل الأرفع
بل انها ليست سوى / جرثومة نشأت معي
لك في الحياة فلا تخف
لك في الحياة فلا تخف / من ان تفارقها ثبوت
ومن الطبيعة انت جز / ء والطبيعة لا تموت
لليائسين ارى طري
لليائسين ارى طري / قا للخلاص من الاذيه
اما الطريق فانه / لمن الحياة الى المنيه
اخشى على الانسان ان
اخشى على الانسان ان / يزداد بالانسان حقدا
فيكون قرداً في النها / ية مثلما قد كان قردا
ارنو الى زهر النجو
ارنو الى زهر النجو / م فلا يفارقني سروري
فكأنها حور من ال / جنات تسبح في غدري
من كان في سعة تسير وراءه
من كان في سعة تسير وراءه / اتباعه فكأنهم افياء
واذا الليالي غيرت سعد امرئ / يخفى الصديق وتظهر الاعداء
طعنوك يا وطني المفدى
طعنوك يا وطني المفدى / في الصدر حتى كدت تردى
والطاعنون بنوك أن / ت كَسوتهم لحماً وجلدا
من كل عاصمة الرشيد لاهلها
من كل عاصمة الرشيد لاهلها / لم يبق الا طيفها وخيالها
ديست باقدام ثقيل وطؤها / ارض العروبة سهلها وجبالها
الله للعصفور من
الله للعصفور من / بلواه ليس له مفر
في الجو صقر ذو أظا / فير وفوق الارض هر
ترجو من الدهر السلام وقلما
ترجو من الدهر السلام وقلما / يصفي لك الدهر الاثيم سلاما
متع حياتك وأغتنم لذاتها / من قبل ان تلقى المنون زؤاما
لهفي على شيخ العروبة احمد
لهفي على شيخ العروبة احمد / فلقد مضى بالسابقيه يقتدي
واختار من قبر بناه لنفسه / صرحا بجوف الارض غير ممرد
ما في استطاعته الحراك كأنه / متقيد فيه ولم يتقيد
لهفي على الشيخ الذي فجعت به / احزاب مصر على اختلاف المقصد
جلل من الاحداث جندل جهبذا / من يعرب فهو هوى الجلمد
بكت العروبة في الجزيرة كلها / حزنا على شيخ العروبة احمد
عقل العروبة قلبها ولسانها / وشهابها الهادي بليل أسود
خلت الكنانة من زكي بعدما / كان الزكي بها يروح ويغتدي
شيخ على كتب تخيرها له / عطف الشباب على الحسان الخرد
انقاد للموت الزؤام ومن يعش / عمرا طويلا لا ابالك ينقد
قد ذاق حلو العيش فيه ومره / والمر مثل الحلو للمتعود
كان الثمانون التي قد جازها / ترنو اليه بأعين المتهدد
من بعد ما دفنوه قد شبهته / لو صح تشبيهي بسيف مغمد
بالامس سيف الحق كان مجرداً / واليوم سيف الحق غير مجرد
انهد يصحبه دوي من عل / علم الى غير العلا لم يخلد
نعش تشيعه الى دار البلى / امم تعج فياله من مشهد
ودّت ملائكة السماء لو انها / دفنته في العيوق او في الفرقد
ولو اننا اسطعنا وفينا كثرة / كنا ردنا الموت عنه باليد
الكوكب الوقاد أمسى آفلا / فبمن اذا سرنا بليل نهتدي
قد كان في آفاقه متفرداً / يؤتى الهدي كالكوكب المتوقد
سكن الثرى والشمس ترسل فوقها / في كل صبح وابلا من عسجد
قد كان مبدؤه الذي اوصى به / يحتج ان لا يعتدي من يعتدي
حم القضاء فلا مرد له فيا / جسد الثقبل اهبطو يا نفس اصعدي
قد اصبح الصيداح من فلج به / في روضة الآداب غير مغرد
أرأيت كيف بساعة مشؤومة / نعم الحفير بأحمد وخلا الندى
ولقد شجتني النائحات عشية / يبكين نابغة كريم المحتد
سلك الألى عاشوا طويلا بيننا / نحو الردى متن الطريق الأبعد
يتوسد الميت الثرى ولو انه / منح الخيار ابى ولم يتوسد
الدهر يلقى الامر ممن فوقه / والدهر يقتل من يشاء ولا يدى
ما انت من ظفر المنون بمفلت / وإن ارتديت تطير ريش الهدهد
وهي المنون ينلن من أجسادها / من غير تعويض كفعل المبرد
ان الحياة ولا غضاضة ان عفت / كالشعر تجدر بالفتى المتجدد
يسعى الوضيع من الانام لبطنه / أما الرفيع فسعيه للسؤدد
لولا مفارقة الذين نخصهم / بالود كان الموت أعذب مورد
لا نفع في طول الحياة فانها / كالماء ان يمكث طويلا يفسد
أما الحياة فانها لشبيهة / بنسيج خيط في الوجود معقد
ولقد تمر على الكريم حوادث / حتى يود لو انه لم يولد
لو حيزت الجنات يوما حازها / ذو العلم قبل الزاهد المتهجد
من ذا يرى للمؤمنين بربهم / أن لا تكون سماؤهم بزبرجد
ما كنت قبل الموت الا سيداً / في الدار او في الحزب او في العهد
وجعلت تلهج بالمنون وأنه / حق فكان الداء شر ممهد
حتى وصلت الى الردى وثبا على / ان الطريق اليه غير معبد
لا يملكنك من غد بعد الردى / خوف فيوم الهالكين بلا غد
المرء بالآثار تحمد بعده / يحيا ولا يحيا اذا لم تحمد
فاذا ذكرت بها فانت مخلد / واذا نسيت فانت غير مخلد
طلعت من الافق الجديد عطارد
طلعت من الافق الجديد عطارد / للعاكفين على القديم تطارد
طلعت بليل غاسق فتألقت / والناس أما مؤمن أو جاحد
انظر اليها فهي تشبه ماسة / لمّاعة منها عليها شاهد
وكأن ما قد جد من أعدادها / في جيد دجلة والفرات قلائد
فيهن للآداب عرش قائم / رفعت من عزم الشباب سواعد
الفتح مكتوب بصفحة راية / في ظلها جيش الشباب يجاهد
ادبان هذا ناهض في ثورة / يبغي الحياة له وهذا جامد
نسبوا الى الادب الجديد مساوياً / واذا المساوى كلهن محامد
القوم اسرى لم يجرد نفسه / من قيدها في الالف الا واح
الشعر بالتقليد فيه هالك / والشعر بالتجديد فيه خالد
والشعر لو لا النقد يبقى ميتاً / والشعر لا يحييه الا الناقد
والشعر كالزهر النجوم طوالعاً / ينبيك عن اقدارهن الراص
الله للأحرار في آدابهم / ماذا من المتعصبين تكابد
الشعر ليس سوى شعور ثائر / اما الشعور فما عليه قواعد
الشعر بالمعنى يتم ولفظه / اما قوافيه فهن زوائد
ولقد يكون من الشباب معارض / ولقد يكون من الشيوخ معاضد
حلله تبصر نفس قارضه به / صوراً تقارب مرة وتباعد
اني اهنئ من فؤادي عصبة / جدت لها بعد النهوض عقائد
للشعر في فلق التجدد ثورة / وكأن شيطان التجدد مارد
حسنت نجوم في المجرة لمع / فكأنما تلك النجوم قصائد
وكأنما في كل بيت غادة / رود تجاذب تارة وتراود
انزل بواد للتجدد مزهر / قد صافحت فيه السيول جلامد
اهل القديم اذا ارادوا راحة / فلهم باودية الجمود مراقد
اما الجديد فاهله تطوى به / في الارض ابحار طمت وفدافد
ما ان يعيق الدهر عن جريانه / ان المصاب به عليه واحد
قد كان لي شعر وكنت احبه / وأذود عنه والمحب لذاذد
احنو عليه وهو طفل مثلما / يحنو على الولد الوحيد الوالد
فاذا ترنم او تبسم او حبا / يرنو الي عرفت ما هو قاصد
وأقوله في كبرة مني ولا / ادرى أاني هابط ام صاعد
واليوم اذ ذهب الشباب فحاجتي / هي ان يواريني بقبري اللاحد
اني على عهد الصبا في كبرتي / ابكي كما يبكي الفقيد الفاقد
الجرح يبرأ حين يلقي ضامداً / ويفز حين يعز ذاك الضامد
فاذا أملت فكل شيء صالح / واذا يئست فكل شيء فاسد
الشمس قد طلعت بوجه اروع
الشمس قد طلعت بوجه اروع / فوقفت مبهوتا لحسن المطلع
وجه كما تهوى الطبيعة سافر / ما ان عليه سوى السنى من برقع
في موكب فخم يزيد جلاله / لمع الاشعة في الفضاء الاوسع
هي في طريق عروجها وشعاعها / في كل ما تبدو له من موقع
بيضاء لولا ما بها من وخزة / لذاعة من حسنها لم اشبع
اني ادين بحسنها لا كالذي / املى عليه جهله ان لا يعي
مرت تعاورها الدهور وحسنها / ابداً جديد بالشباب الممتع
انظر اليها فهي تحكي غادة / ترنو اليه من المحل الارفع
ولقد بدت في خيلع من نورها / احسن بها لما بدت في الخيلع
تجري بلا تعب الى الغايات في / صمت على لقم الطريق المهيع
لا تحرم الارض الضياء فان جلت / عن موضع منها بدت في موضع
تمتد من شغف لها الانظار من / حسرى تكل من العياء وضلع
ظهرت على متن السحاب كأنها / نار تشب على كثيب اسفع
ولقد علتها وهي تبرح افقها / وطفاء حانية حنو المرضع
ودنا يطوف بها الغمام كمصطل / بالنار يذكي جمرها او مزمع
قد كان منها القرص احمر فاتحا / حتى اختفى في العارض المتجمع
اما الغيةم فتلك بعد تراكم / اخذته بين صدورها والاذرع
صور محببة وليس بمنكر / حوج الحياة الى الجمال الاروع
الشمس في طول النهار نجيتي / والشمس حيث ذهبت ذاهبة معي
وكأنما بيني وبين شعاعها / نسب قديم ما لأوله اعى
ما ذر قرن الشمس الا اهتز من / فرح فؤاد تحتويه اضلعي
الصبح لما ابيض من انوارها / اخنى على ضوء النجوم اللمع
والصبح بعد الليل يحكي ضوءه / املا لذيذا بعد يأس موجع
ولقد تيقظت العيون من الكرى / يلفظن احلام الكسالى الهجع
قد كان ليلا قد تضاعف دجوه / والليل يذكى الحزن في المتفجع
ثم انجلى متأخرا عما له / قد كان في طغيانه من موقع
وبدت عليه ذلة فكأنما / صفعته كف الصبح فوق الاخدع
ناديت فيه نجمه مستوقفاً / فمضى يخب كأنه لم يسمع
لا تحزني مما لقيت من الاذى / ما انت مني يا نجوم بأضيع
اما الحياة فانها لجميلة / بك يا ذكاء وان اقضت مضجعي
يا حبذا لو انني من بعدما / اردى يكون اليك يوما مرجعي
اني لارجو ان تطلي من عل / حتى تري عند النهاية مصرعي
لا ضير ان ابكى الدجى عيني فقد / مسح ابتسامك في النهاية ادمعي
اقلعت عن حب الحسان جميعها / الا هواك فلست عنه بمقلع
بالشمس في الافق البعيد تغزلي / لا بالعقيق ورامتين ولعلع
حول الحقيقة في الحياة طوافي
حول الحقيقة في الحياة طوافي / ولها برغم الكاشحين هتافي
خالفت فيها أهل عصري كلهم / متطرفا ولقد يطول خلافي
اني لقد شاهدتها في يقظتي / وسواي أبصرها بطرف غافي
تبدو وتخفي في زمان واحد / والناس إما مثبت أو نافي
حسناء ما قلمي الذي أرهفته / عمرا لوصف جمالها بالكافي
وقفت كما يقف الخيال بمشرف / ذمرتها من طرفها الخطاف
هي من عشقت على سماع حسنها / ما أشبه السموع بالشتاف
برزت حيال الشك سافرة وقد / لعب الجنوب بثوبها الهفهاف
برزت بثوب رق فوق قوامها / وانشق عن صدر وعن أكتاف
برزت كعابا في وشاح ضيق / عقدته معطوفا ودرع ضافي
برزت بوجه باسم وبأعين / وطف وفرع كالسخام غداف
السحر كل السحر في أنظارها / والسر كل السر في الأعطاف
ولقد ولعت بها لأول نظرة / ولقد تنشب حبها بشغافي
وعدوت مقتربا ومن ذا قادر / من غيرة فيه على إيقافي
فشهدت عن كثب بضاضة جسمها / وبياضه من ثوبها الشفاف
وهفت مبتهجا بها من بعدما / صافحتها فتبسمت لهتافي
الناس أعداء لها قد بالغوا / في نقدها وأنا الصديق الوافي
قد أزعجوها حين لم تحفل بهم / بالكذب من حقد وبالأرجاف
أحسن بذاك الوجه حين تبسمت / والثغر ذي الظلم النصيع الصفاي
قد غرني منها التبسم طاهرا / متى نسيت مكانتي ومطافي
وتباعدت عني ولم تنظر إلى / أسفي هناك ودمعي الذراف
كانت لعمري هفوة مني وما / أنا في سبيل الحب وحدي الهافي
فرجع منكر الفؤاد منكسا / للراس لا أرنو إلى أطرافي
الخير كل في قصد الفتى / والشر كل الشر في الإسراف
ما للطبيعة أول أو آخر / فكأنها بحر بغير ضفاف
أما السماء فليس غير طرافها / ولقد بنته فوق كل طراف
والدهر لم يك غير نهر هادر / والمرء ليس سوي حباب طافي
وإذا ترقبت الحباب وجدته / بعد الظهور يذوب في الرجاف
والأرض في جنب النجوم كذرة / بين الحصى والرمل في الأحقاف
لا شيء إلا والطبيعة أمه / لكنما كنه الطبيعة خافي
ما لي بأمر بدايتي ونهايتي / وحقيقتي والكون علم كاف
من أين قد جلب الزمان خميرتي / أو أين قد جبل الزمان جلافي
حي الطبيعة أوجدت أو أتلفت / ما إن هنالك خلفة وتنافى
ما أتلفت إلا لتوجد فائقا / ما أحكم الإيجاد في الاتلاف
الدهر يقضي ما يشاء قضاءه / من غير ما عدل ولا إجحاف
اما الحمام فلا أود دنوه / وان اغترفت من الحياة كفاني
أنحى على الحق المبين يهيته / ناس خلوا من شيمة الانصاف
ما زلت من فوق المنابر معلنا / بفمى له رغما عن الاناف
النشء للآراء غير مصوب / إلا إذا جاءت من الأسلاف
لا تحسب الأسلاف ماتوا فانتهوا / بل إنهم يحيون في الاخلاف
قد صوب المتعصبون سهامهم / لكنها طاشت عن الأهداف
إن الليالي أخلفتني وعدها / حتى برمت بذلك الاخلاف
والحادثات حربنني وجرحنني / فبقيت منبوذا بلا إسعاف
ليت الذي قسم الشؤون قضاؤه / قسم السعادة قسمة الإنصاف
ألما من الكاس الروية رنقها / ولكم غداة بها يطاف الصافي
أنا لست في الشعراء إلا بلبلا / يشدو على الليمون والصفصاف
ظنوا بأن الشعر ألفاظ لها / في النظم أوزان وبضع قوافي
والشعر ليس سوى شعور ثائر / في شكل نوح تارة وهتاف
ما إن يسمي في زمان شاعرا / من جاء بعد النكد بالسفاف

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025