المجموع : 25
أَنعى فَتىً كُلَّ الفَتى
أَنعى فَتىً كُلَّ الفَتى / أَنعى أَبا موسى النَدى
أَنعى إِلى قَمَرِ السَما / ءِ وَشَمسِها شَمسَ العُلا
إِنَّ النُجومَ بَكَت لَهُ / وَلِمَجدِهِ فيمَن بَكى
وَبَكى لَهُ ما بَينَ مُن / خَرِقِ الدَبورِ إِلى الصِبا
أَبلى رِداءَ شَبابِهِ / في حينِ جِدَّته البلى
أَلبَستني ثَوبَ الرَدى / وَسَلَبتَني طيبَ الكَرى
وَمَحَوتَ مِن ضوءِ النَها / رِ وَزِدتَ في ظُلَمِ الدُجى
كادَت عَلَيكَ جَوانِحي / تَنقَدُّ مِن حَرِّ الأَسى
وَتَنَفُّسٌ تَستَلُّهُ ال / أَحزانُ مِن تَحتِ الحَشا
شَبِعَ الثَرى مِن حُسنِ وَج / هِكَ لا هنا الشَبَعُ الثَرى
فِئَتان طاغِيَةٌ وَباغِيَةٌ
فِئَتان طاغِيَةٌ وَباغِيَةٌ / جَلَّت أُمورُهُما عَنِ الخَطبِ
قَد جاءَكُم بِالخَيلِ شارِيَةً / يَنقُلنَ نَحوَكُم رَحى الحَربِ
لَم يَبقَ إِلّا أَن تَدورَ بِكُم / قَد قامَ هاديها عَلى قُطبِ
وَكَأَنَّ صَوتَ الماءِ في حافاتِهِ
وَكَأَنَّ صَوتَ الماءِ في حافاتِهِ / زَجلُ القيانِ تُطارِحُ الأَصواتا
أَعطَيتَ مَروانَ الثَلا
أَعطَيتَ مَروانَ الثَلا / ثينَ الَّتي حَلَّت رعاثَه
وَأَبا النَضير وَإِنَّما / أَعطَيتَني مَعهُم ثَلاثَه
ما خانَني حَوكُ القَصي / دِ وَما اِتَّهَمتُ سِوى الحَداثَه
حُمِدَ السُرى وَتَصَرَّمَ الإِدلاجُ
حُمِدَ السُرى وَتَصَرَّمَ الإِدلاجُ / وَلِكُلِّ ضيقٍ شَديدَةٍ إِفراجُ
مَلكٌ أَبوهُ وَأُمُّهُ مِن نَبعَةٍ / مِنها سِراجُ الأُمَّةِ الوَهّاجُ
شَربا بِمَكَّةَ في رُبى بَطحائِها / ماءَ النُبُوَّةِ لَيسَ فيهِ مِزاجُ
مَلكٌ عَلى أَموالِهِ لِنَوالِهِ / سَطوٌ يَكونُ لَها بِهِ إِزعاجُ
خَيرُ البَرِيَّةِ لِلبَرِيّةِ مَن بِهِ / وَضُحَ الهُدى لِلنّاسِ وَالمِنهاجُ
غَلَبَ الرُقادُ عَلى جُفونِ المُسهَدِ
غَلَبَ الرُقادُ عَلى جُفونِ المُسهَدِ / وَغَرِقتُ في سَهرٍ وَلَيلٍ سَرمَدِ
قَد جَدَّ بي سَهَرٌ فَلَم أَرقُد لَهُ / وَالنَومُ يَلعَبُ في جُفونِ الرُقَّدِ
وَلَطالَما سَهِرَت بِحُبّي أَعيُنٌ / أُهدي السُهادَ لَها وَلَمّا أَسهَدِ
أَيّامَ أَرعى في رِياضِ بَطالَةٍ / وَردَ الصِبا مِنها الَّذي لَم يورَدِ
لَهوٌ يُساعِدُهُ الشَبابُ وَلَم أَجِد / بَعدَ الشَبيبَةِ في الهَوى مِن مُسعِدِ
ما الدَهرُ إِلّا الناشِئانِ تَوالِيا / يَومٌ يَروحُ لَنا وَيَومٌ يَغتَدي
فَالأَمسُ لَيسَ بِراجِعٍ لَكَ عَهدُهُ / وَاليَومُ لَيسَ بِمُدرِكٍ ما في الغَدِ
وَخَفيفَةِ الأَحشاءِ غَيرَ خَفيفَةٍ / مَجدولَةٍ جَدلَ العنانِ الأَجرَدِ
غَضِبَت عَلى أَردافِها أَعطافُها / فَالحَربُ بَينَ إِزارِها وَالمَجسَدِ
خالَفتُ فيها عاذِلاً لي ناصِحاً / وَرَشَدتُ إِذ خالَفتُ قَولَ المُرشِدِ
لَأَحمِلَنَّ مَآرِبي عيدِيَّةً / حَملاً لِحاجاتِ الفَتى المُتَوَرِّدِ
يَنشُرنَ نَقعَ القاعِ حينَ يَطَأنَهُ / وَيُطِرن أَفراخَ الحَصا بِالغَرقَدِ
أَأُقيمُ مُحتَمِلاً لِضيمِ حَوادِثٍ / مَعَ هِمّةٍ مَوصولَةٍ بِالفَرقَدِ
وَأَرى مَخايِلَ لَيسَ يُخلِفُ بَرقُها / لِلفَضلِ إِن رَعَدَت وَإِن لَم تَرعَدِ
لِلفَضلِ أَموالٌ أَطافَ بِها النَدى / حَتّى جَهِدنَ وَجودُهُ لَم يَجهَدِ
يا اِبنَ الرَبيعِ حَسَرتَ شُكري بِالَّذي / أَولَيتَني في عودِ أَمرِكَ وَالبَدي
أَوصَلتَني وَرَفَدتَني وَكِلاهُما / شَرَفٌ فَقَأتُ بِهِ عُيونَ الحُسَّدِ
وَوَصَفتَني عِندَ الخَليفَةِ غائِباً / وَأَذِنتَ لي فَشَهِدتُ أَفخَرَ مَشهَدِ
وَكَفَيتَني مِنَنَ الرِجالِ بِنائِلٍ / أَغنى يَدي عَن أَن تُمَدَّ إِلى يَدِ
نَعَرَ الشَبابُ بِرَبّةِ البُردِ
نَعَرَ الشَبابُ بِرَبّةِ البُردِ / فَمَضَت مُخالِفَةً عَنِ القَصدِ
سَلَّمتُ فَاِلتَفَتَ الصُدودُ بِها / ما كانَ يَنقُصُها مِنَ الرَدِّ
فَإِذا وَصَفتُ لَها مُواصلَتي / فَزَعت حَداثَتُها إِلى الصَدِّ
وَإِذا مَحاسِنُ وَجهِها نَطَقَت / أَثنى لَها خَدٌّ عَلى خَدِّ
إِنّي رَأَيتُ لَها مُواصلَةً / كَالسُمِّ تُفرِغُهُ عَلى الشَهدِ
فَإِذا أَخَذتَ بِعَهدِ ذِمَّتِها / لَعِبَ الصُدودُ بِذلِكَ العَهدِ
يا حُفرَةَ المَلكِ المُؤَمّلِ رِفدُهُ
يا حُفرَةَ المَلكِ المُؤَمّلِ رِفدُهُ / ما في ثَراكِ مِنَ النَدى وَالخَيرِ
لا زِلتِ في ظِلَّينِ ظِلِّ سَحابَةٍ / وَطفاءَ دانِيَةٍ وَظِلِّ حبورِ
وَسَقى الوَلي عَلى العِهادِ عِراصَ ما / والاكَ مِن قَبرٍ وَمِن مَقبورِ
يا يَومَ مَنصورٍ أَبَحت حِمى النَدى / وَفَجَعتَهُ بِوَلِيّهِ المَذكورِ
يا يَومَهُ أَعرَيتَ راحِلَةَ النَدى / مِن رَبِّها وَحُرِمتَ كُلَّ فَقيرِ
يا يَومَهُ ماذا صَنَعتَ بِمُرمِلٍ / يَرجو الغِنى وَمُكَبَّلٍ مَأسورِ
يا يَومَهُ لَو كُنتَ جِئتَ بِصَيحَةٍ / فَجَمَعتَ بَينَ الحَيِّ وَالمَقبورِ
لِلَّهِ أَوصالٌ تَقَسَّمُها البلى / في اللَحدِ بَينَ صَفائِحٍ وَصُخورِ
عَجَباً لِخَمسَةِ أَذرُعٍ في خَمسَةٍ / غَطَّت عَلى جَبَلٍ أَشَمَّ كَبيرِ
مَن كانَ يَملَأُ عَرضَ كُلِّ تَنوفَةٍ / وَأراهُ جولُ مُلَحَّدٍ مَخبورِ
ذَلَّت بِمَصرَعِهِ المَكارِمُ وَالنَدى / وَذُبابُ كُلِّ مُهَنَّدٍ مَأثورِ
أَفِلَت نُجومُ بَني زِيادٍ بَعدَما / طَلَعَت بِنورِ أَهلَّةٍ وَبُدورِ
لَولا بَقاءُ مُحَمَّدٍ لَتَصَدَّعَت / أَكبادُنا أَسَفاً عَلى مَنصورِ
أَبقى مَكارِمَ لا تَبيدُ صِفاتُها / وَمَضى لِوَقتِ حَمامِهِ المَقدورِ
أَصبَحتَ مَهجوراً بِحُفرَتِكَ الَّتي / بُدِّلتَها مِن قَصرِكَ المَعمورِ
بَلِيَت عِظامُكَ وَالصِفاحُ جَديدَةٌ / لَيسَ البِلى لِفِعالِكَ المَشهورِ
إِن كُنتَ ساكِنَ حُفرَةً فَلَقَد ترى / سَكناً لِعودَي مِنبَرٍ وَسَريرِ
يا راكِبَ العيسِ الَّتي
يا راكِبَ العيسِ الَّتي / أَفنى عَريكَتَها اِبتِكارُه
اِرحَل إِلى يَحيى وَأَي / قِن إِنَّ دارَ الجودِ دارُه
يَحيى اِمرُؤٌ تُرجى مَنا / فِعُه وَلا يُخشى ضرارُه
يَعفو عَنِ الذَنبِ العَظي / مِ وَلَيسَ يُعجِزُهُ اِنتِصارُه
صَفحاً عَنِ الباغي عَلَي / هِ وَقَد أَحاطَ بِهِ اِقتِدارُه
الخَيرُ يُبطئُ ذِكرهُ / وَالشَرُّ يَسبِقُهُ شَنارُهُ
أَصبَحتَ جارَ البَرمَكي / يِ وَلَيسَ يَخشى الدَهرَ جارُه
بَدرٌ يُشابِهُ لَيلهُ / في ضوءِ جَدواهُ نَهارُه
وَمَحاذِر لِلبَينِ قَد / وَقَعَ الَّذي يُخشى حِذارُه
ذَهَبَت مكارِمُ جَعفَرٍ وَفِعالُهُ
ذَهَبَت مكارِمُ جَعفَرٍ وَفِعالُهُ / في الناسِ مِثلَ مَذاهِبِ الشَمسِ
مَلِكٌ تَسوسُ لَهُ المَعالِي نَفسهُ / وَالعَقلُ خَيرُ سِياسَةِ النَفسِ
وَتَرى المُلوكَ إِذا رَأَيتَهُم / كُلٌّ بَعيدُ الصَوتِ وَالجَرسِ
فَإِذا تَراءاهُ المُلوكُ تَراجَعوا / جَهرَ الكَلامِ بِمَنطِقٍ هَمسِ
سادَ البَرامِكَ جَعفَرٌ وَهُمُ الأُلى / بَعدَ الخَليفَةِ سادَةُ الأُنسِ
ما ضَرَّ مَن قَصَد اِبنَ يَحيى راغِباً / بِالسَعدِ حَلَّ بِهِ أَمِ النَحسِ
وَغَريبَةٍ تَبكي غَريبَ مَحلَّةٍ
وَغَريبَةٍ تَبكي غَريبَ مَحلَّةٍ / وَقَفَت بِجانِبِ قَبرِهِ تَتفَجّعُ
وَتَقولُ وا ضرَّ الحَياةِ مَضى الَّذي / كُنّا نَضُرُّ بِهِ وَكُنّا نَنفَعُ
وَتَقولُ كَيفَ وَجَدتَ مَضجَعَكَ الَّذي / أَمسَيتَ فيهِ فَقَد نَبا بي المَضجَعُ
ما لي أَنيسٌ غَيرَ ذِكرِكَ ما خَلا / قَلباً يَئِنُّ وَشَأنُ عَينٍ تَدمَعُ
وَكَثيرَةُ العَبراتِ جلُّ بُكائِها / خطبٌ إِلَيهِ نَفسُها تَتَطَلَّعُ
وَتَرى شَواهِدها إِذا ما اِستَعبَرَت / تَصِفُ البُكاءَ وَعَينُها لا تَدمَعُ
ثَكلى ثَلاثاً ثُمَّ تَظهَرُ بَعدَها / عَينٌ مُكحَّلَةٌ وَجيدٌ أَتلَعُ
وَمَحاسِنٌ تَدعو إِلى اِستِطرافِها / مِنها السَوالِفُ وَالأَثيثُ الأَفرَعُ
فَإِذا نَظَرتَ إِلى اِستَجاعَةِ وُدِّها / أَيقَنتَ أَنَّ لَها هَوىً لا يَشبَعُ
تِلكَ الَّتي إِن أخرَت لا تُرتَجى / أَو أَقدَمَت فَلِمِثلِها لا يُفزَعُ
أَسعِد فُؤاداً دائِمَ الخَفقِ
أَسعِد فُؤاداً دائِمَ الخَفقِ / وَكَفاكَ ما أَلقى مِنَ العِشقِ
لا تَندُبَنَّ طُلولَ مَنزِلَةٍ / أَنحى عَلَيها الدَهرُ بِالمَحقِ
ضَحِكَت سُلَيمى عَن لَمى بَردٍ / مُتَهَلِّلٍ كَتَهَلُّلِ البَرقِ
يا مَن تُقَدِّمهُ المُلوكُ إِذا / رُفِعَت أَسِنَّتُها إِلى السَبقِ
كَم مِن يَدٍ لَكَ فَضلُ نِعمَتِها / مُتَقَسِّمٌ جارٍ عَلى الخَلقِ
لَم يَعرَ مِن مَعروفِها أَحَدٌ / يَبغي النَدى في الغَربِ وَالشَرقِ
أَصلَحتَ أَمرَ الشامَ مُحتَسِباً / وَرَتَقتَ ما فيها مِنَ الفَتقِ
ما كانَ يُدرَكُ بِالقِتالِ وَلا / بِالمالِ ما أَدرَكتَ بِالرِفقِ
ما زِلتَ تَدحَضُ كُلَّ باطِلَةٍ / حَتّى أَقَمتَهُم عَلى الحَقِّ
أَدرَكتَ ما فاتَ المُلوكَ فَما / بَلَغوكَ في فَتقٍ وَلا رَتقِ
كانوا أَرقّاءَ الطُغاةِ فَقَد / أَعتَقتَهُم مِن ذلِكَ الرِقِّ
يَغدو عَلَيهِم كُلَّ شارِقَةٍ / شَؤبوبُ مَوتٍ مُسبِلُ الوَدقِ
كَذبَت وِلايَتُهُم لِجِنسِهِم / وَفَضلتَ بِالأَقدامِ وَالصِدقِ
أَطفَأتَ نيرانَ الطُغاةِ وَقَد / ذَلَّ التَقِيُّ وَعَزَّ ذو الفِسقِ
مَنّى اِبنُ أَيلولٍ نَفيسَتَهُ / بَعدَ الأَمانِ أَماني الحُمقِ
جَعَلَ الظَلامَ دَليلَ غُدرَتِهِ / وَاِنتابَ فَوقَ مُوَثَّقِ الخَلقِ
فَخَرَقتَ رَأياً سدَّ مَذهَبُهُ / عَزمُ اِمرِئٍ ذي حِنكَةٍ خَرقِ
فَفَرى ذُبابَ السَيفِ مِن دَمِهِ / شَخباً يَجودُ بِهِ مِنَ الحَلقِ
ما بَينَ رَأيكَ إِذ تُقَسِّمُهُ / فَرقاً وَبَينَ المَوتِ مِن فَرقِ
يا بارِقاً حَلَبَ البَليخَ غَمامَهُ
يا بارِقاً حَلَبَ البَليخَ غَمامَهُ / لا زالَ مِنكَ عَلى البَليخِ سِجالُ
كَم لَيلَةٍ بِكَ لا أُراعي نَجمَها / قَصُرَت وأَرِدِيَةُ الظَلامِ طِوالُ
زَهَرَت رِياضُك في فَسيحٍ زاهِرٍ / عِطِرُ العَشِيِّ مُمسَّكِ الأَذيالِ
فَكَأَنَّ فارَ المِسكِ يَفتِقُ ريحهُ / في رَوضِكَ الغَدَواتُ وَالآصالُ
وَلَرُبَّ لابِسَةٍ قِناعَ تَحِيَّةٍ / حَوراءَ تَخطُبُ حُسنَها الآمالُ
يَصِفُ القَضيبُ عَلى الكَثيبِ قَوامها / وَلَها مِنَ البَدرِ المُنيرِ مِثالُ
كَسَتِ الحَداثَةُ طَرفَها وَلِسانَها / خَمراً وَماءُ شَبابِها مُختالُ
وَتَسَرَّعَت فيها سُلافَةُ لذَّةٍ / قَد جالَ فيها البارِدُ السِلسالُ
كَشَفَت قِناعَ السِرِّ دونَ حَديثِها / وَتَكَلَّمَت بِلِسانِها الجِربالُ
دِمَنٌ تَرَحَّلَتِ الدِيارُ بِتُربِها / وَتَحَوَّلَت بِنُجومِها الأَحوالُ
سَبَقَ القَضاءُ بِكُلِّ ما هُوَ كائِنٌ / فَليَجهَد المُتَصَرِّفُ المُحتالُ
إِنَّ الجَنوبَ تَهيجُني نَفحاتُها / وَيَحِنُّ قَلبي أَن تَهُبَّ شَمالُ
لا تَطلُبَنَّ العُذرَ مِنّي ظالِماً / فَبُكاءُ مِثلي في الرُسومِ ضَلالُ
يا دارَ سُعدى ما لِرَبعِكِ خاشِعاً
يا دارَ سُعدى ما لِرَبعِكِ خاشِعاً / حَلَّ البِلى بِطُلولِها فَأَحالَها
لا زالَتِ الأَنواءُ وَهيَ غَزيرَةٌ / تَسقي بِلادَكِ سَهلَها وَجِبالَها
سَقياً لِسُعدى ما أَلَذَّ حَديثَها / وَأَجَلَّ مَجلِسَها وَأَنعَمَ بالَها
أَيّامَ أَجرى في عنانِ مَشيئَتي / مَرَحاً تَجرُّ غِوايَتي أَذيالُها
وَمُدَرَّعينَ عَداوَةً لا أَتّقي / إِدبارَ ظنته وَلا إِقبالَها
ما زالَ يَحرُسُ حَيَّةَ في حجرِها / صَمّاءَ لَو عَلِقَت بِهِ لَهَوى لَها
وَلَو أَنَّ نابَيها أَصابا كَفَّهُ / ما ذاقَ مِن طَعمِ الحَياةِ بِلالَها
لَو قُلتُ قافِيَةً تَرَكتُ عَلى اِستِهِ / وَسماً يَراهُ بارِزاً مِن خالَها
مِن عُصبَةٍ تَعِبَت لِكَسبِ مَثالِبٍ / في المُخزِياتِ فَأَكثَرَت أَعمالَها
لَو فَضَّ لُؤمُها بِكُلِّ قَبيلَةٍ / مَلَأَ البِلادَ حُزونَها وَرِمالَها
يا رُبَّ قافِيَةٍ عَلِقَت مُتونها / حَتّى إِذا اِطَّرَدَت حَلَلَت عِقالَها
فَمَضت كَأَنَّ مُتونَها هِندِيَّة / كَالبَرقِ أَخلَصَت القُيون صِقالَها
ما مَدَّ يَحيى كَفّهُ لِكَريمَةٍ / بَعُدَت عَلى الآمالِ إِلّا نالَها
مَلِكٌ لَوَ اَنَّ الراسِياتِ بِحِلمِهِ / وُزِنَت شَوامِخُها إِذاً لا شالَها
الحِلمُ يَملُكُهُ لَدى سَطَواتِهِ / وَالجودُ يَملِكُ كَفَّهُ وَنَوالَها
لا يَلتَوي صَدرُ الأُمورِ وَوردُها / أَبَداً إِذا ما البَرمَكيّ أَجالَها
وَسَليلُ يَحيى جَعفَرٍ وَشَبيهُهُ / كَالنَعلِ تَحذو كَيفَ شِئتَ مِثالَها
ما زالَ بِالبَلَدِ الشَآمِ يَسوسُهُ / حَتّى رَوى فِتيانَهُ وَأَزالَها
أَحيا سَبيلَ الحَقِّ في أَطرافِها / وَأَماتَ باطِلَ أَمرِها وَضَلالَها
بَخِلَت عَلَيكَ بِوَصلِها جُمَلُ
بَخِلَت عَلَيكَ بِوَصلِها جُمَلُ / فَكَذاكَ جملٌ شَأنُها البُخلُ
وَإِلى اِبنِ مَنصورٍ تَجاذُبُنا / أَعناقُها فَتكفُّها الجَدلُ
مَلِكٌ يَفيضُ سِجالُ نائِلِه / أَبَداً فَلَيسَ يَغبّهُ سَجلُ
بَذَلَ الرِجالُ بِقَدرِ ما مَلَكَت / وَبِجودِ جودِ يَمينِهُ البَذلُ
فَلِغَيرِهِ الأَموالُ صامِتَةً / وَلَنا التَوَسُّعُ وَالنَدى الجَزلُ
فَضَلَت يَداهُ الفاخِرينَ مَعاً / فَلَهُ عَلى مَن فاخَرَ الفَضلُ
آمَنَ الزَمانُ وَريبهُ رَجُلٌ / في ظِلِّ راحَتِهِ لَهُ رَحلُ
ثِنتانِ يَختَلِبانِ زائِرَهُ / كَرَمٌ وَوَجهٌ ضاحِكٌ سَهلُ
لا مَجدَ نَعرِفُهُ وَلا كَرَمٌ / إِلّا وَمَنصورٌ لَهُ أَهلُ
رَدَّ السِباخَ نَدى يَدَيهِ وَأَهلُها
رَدَّ السِباخَ نَدى يَدَيهِ وَأَهلُها / مِنها بِمَنزِلَةِ السِماكِ الأَعزَلِ
قَد أَيقَنوا بِذَهابِها وَهَلاكِهم / وَالدَهرُ يوعِدُهُم بِيَومٍ أَعضَلِ
فَاِفتَكها لَهُم وَهُم مِن دَهرِهِم / بَينَ الجِرانِ وَبَينَ حَدِّ الكَلكَلِ
ما كانَ يُرجى غَيرُهُ لِفَكاكِها / يُرجى الكَريمُ لِكُلِّ خَطبٍ مُعضِلِ
وَتَنالُ مِنكَ بِجِدِّ مُقلَتِها
وَتَنالُ مِنكَ بِجِدِّ مُقلَتِها / ما لا يُنالُ بِجِدِّهِ النَصلُ
فَإِذا نَظَرتَ إِلى مَحاسِنِها / فَلِكُلِّ مَوضِعِ نَظرَةٍ قَتلُ
لا تَعذِلوني في مَديحي مَعشَراً
لا تَعذِلوني في مَديحي مَعشَراً / خَطَبوا المَديحَ إِلَيَّ بِالأَموالِ
يَتَزَحزَحونَ إِذا رَأَوني مُقبِلاً / عَن كُلِّ مُتَّكئٍ مِنَ الإِجلالِ
أَقلِل عِتابَ مَن اِستَرَبتَ بِوُدِّهِ
أَقلِل عِتابَ مَن اِستَرَبتَ بِوُدِّهِ / ما إِن تُنالُ مَوَدَّةٌ بِقِتالِ
وَكَأَنَّما التَدريجُ في بَطناتِها
وَكَأَنَّما التَدريجُ في بَطناتِها / أَمواجُ دجلَة في هُبوبِ الشَمأَلِ